أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الكبير الداديسي - الجداريات تنزل التشكيل من برجه العاجي إلى الشوارع بآسفي















المزيد.....

الجداريات تنزل التشكيل من برجه العاجي إلى الشوارع بآسفي


الكبير الداديسي
ناقد وروائي

(Lekbir Eddadissi)


الحوار المتمدن-العدد: 5280 - 2016 / 9 / 9 - 09:24
المحور: الادب والفن
    


إلى عهد قريب كان تزيين واجهات المنازل في المدن المغربية يكاد يقتصر على بعض النقوش، الزخارف ، المنمنمات، والفسيفياء.. أو النقش على المواد التقليدية كالجبس ، الخشب ـ الزليج، وترك الجدران صماء أقصى ما قد تظفر به طلاؤها بلون واحد حسب المدن... لكن المتجول في هذه المدن اليوم لا بد أن يلاحظ إقبال المغاربة على تزيين الجدران برسومات ، وملء بعض الفضاءات العمومية بأشكال هندسية أو منحوتات، دون أن يستثني من ذلك الشوارع وحتى الأزقة الضيقة في المدن الذي غدت مزينة بجداريات ورسومات فنية تأسر الألباب في الكثير من الأحيان . مما أصبح يفرض وقفة للكتابة عن الظاهرة ، مناقشتها ولفت الأنظار إليها...
قبل الحديث عن هذه الجداريات لا بد من الإشارة إلى كثرة وتعدد تعاريف لفظ الجدارية . فمن الباحثين من يمططها ليدخل فيها كل ما يرسم على الأسقف، والأرضيات والجدران ، واللوحات الكبيرة مهما كانت المواد المدرجة في تركيبتها ، ومهما كان هدفها سواء كانت مرسومة أو منسوجة، مرسومة مباشرة على الجدار أو معلقة عليه، بل هنا من يدرج ضمن الجداريات الإعلانات واللوحات الإشهارية التي تعلق على الحيطان أو تعرض في الشاشات و في الشوارع... لكننا منذ البداية نوضح أننا سنقصر مفهوم الجدارية على ما يرسم على الجدران فقط ويحولها من جدران صماء إلى لوحات تنبض بالحياة بهدف فني ودون السعي لتحقيق ربح مادي أو الترويج لمنتوج أو خدمة، أو شخصية... وتجعل المشاهد يستمتع بلوحات دونما حاجة للذهاب إلى المعارض والصالونات أو ورشات الرسم... ويكفيه التردد على بعض الساحات والميادين العامة أو على واجهات المباني او الفنادق أو الحوائط ليستمتع بما أبدعته أنامل الفنانين .
و ظاهرة الرسم على الجدران قديمة جدا إذ لا زال التاريخ إلى اليوم يحفظ الكثير من الجداريات الفرعونية،، الصينية، الإغريقية، الرومانية، التي خلدت فيها تلك الحضارات بعض عاداتها وانتصاراتها ، والكثير مما يتعلق بحياتها الدينية والدنيوية قبل أن تستغل الجداريات لأغراض دينية لتزيين المعابد والكنائس كما تجلى في الفن المسيحي والقوطي ، لكنها في ثقافتنا المغربية، العربية عامة، تعد حديثة العهد ، وتعد مدينة أصيلة من المدن السباقة إلى تزيين جدرانها بلوحات من توقيع فنانين محليين وعالميين ...
واليوم أصبحت الظاهرة عامة في كل المدن المغربية، تحاول كل مدينة أن تعكس من خلال تلك الجداريات خصائص من هويتها وتبليغ بعض الرسائل الثقافية والجمالية...
وعند التجول في مدينة آسفي ( حوالي 250 كلم جنوبي الدار البيضاء) يدرك المتجول مدى انتشار الجداريات في كل أحياء المدينة، انطلقت الظاهرة ببعض الحملات التحسييسية بأهمية الحفاظ على البيئة في التسعينيات بمساهمة جمعيات محلية وبمشاركة طلاب المدارس الذين وجدوا في الجداريات فضاءات لكشف بعض مواهبهم في مشاهد طبيعية (أنهار ، جبال، حدائق ، أشجار، طيور...) مرفوقة بدعوات للحفاظ على البيئة ، وجعل المدينة نظيفة ولا زالت إلى اليوم بعض تلك اللوحات تقارع فسوة تقلبات المناخ في بعض الشوارع ...
لكن مع مطلع الألفية الثالثة انضاف هواة تزيين جدران المدينة بلوحات الألتراس وعشاق الفريق الكروي الأول بالمدينة احتفالا بصعود فريقهم لقسم الأضواء خلال الموسم الكروي 2003/2004 ، فانبرت أنامل الفنانين للتعبير عن تعلقهم بفريقهم عبر لوحات تدفق بحب و عشق الفريق المفضل على الجدران .
https://www.youtube.com/watch?v=EVZTtoIy3dY

لكن الملاحظ في السنوات الأخيرة استقدام فنانين محترفين للبصم على جداريات فنية راقية، حرص بعضها على إبراز خصوصية المدينة بالتركيز على البحر وما يتعلق به من سمك وفواكه البحر خاصة القرش باعتباره رمزا للمدينة ولفريقها ، أو جعل الأسماك رموزا لرسائل يريد المرسل تبليغها للمتلقي .


شيء جميل جدا أن يخلد فنانو المدينة خصوصية مدينتهم أو بعضا من الخصوصية المغربية في النسيج أو الحلي والمأكولات كرسم بعض الأواني المستعملة في الطبخ من كؤوس وأباريق وغيرها من الأدوات التي تستعمل في تهيئ الشاي المشروب الأكثر استعمالا في المغرب.
دون نسيان التركيز على الطاجين أيقونة المائدة المغربية والذي دخلت به المدينة موسوعة كينيز من خلال بناء و إعداد أكبر طاجين في العالم .
ورغم التركيز على الهوية المحلية والوطنية في عدد من الجداريات بمدينة آسفي فقد حظي الفن التجريدي بالجداريات العملاقة في المدينة مثل تلك الجدارية التي تتوسط ساحة محمد الخامس القلب النابض للمدينة الجديدة وهي عبارة عن لوحة ممتدة على واجهتي عمارتين كبيرتين تقدم طفلا يدير دوامة طبيرة وقد تعلق بها طفل آخر على علو شاهق يحيط بهما السحب والطائرات .وتبدو أسفلهما مدينة عصرية بعماراتها البيضاء العالية .

كما كان للموروث الشعبي والثراث الإنساني حضور في ريشة فناني الجداريات بتصوير الفروسية والفرس، فتم تشكيل جداريات كثيرة لمواسم التبوريدة في عدة أماكن من المدينة يحضر فيها الموروث الشعبي من حيث طقوس حفلات التبوريدة والخيام المغربية بألوانها ومعتقداتها ، ولم يكتف الفنانون على الفروسية التقليدية كما هي في الواقع المغربي بل ألفيانا عددا منهم سعى إلى إدخال لمسات فنية تحيل الجدارية إلى أدب الفروسة العالمي والسخرية منه بشكل يتداخل فيه مهرجان من الألوان والموسيقى يذكر بدون كيشوت دي لا مانشا مثلما كان الحال في الجدارية التي تقف في شارع الحسن الثاني على مقربة من مدار الجريفات

وإذا كانت تلك الرسوم أقرب إلى التجريدية فقد تضمنت بعض الإحالات على ما هو تراثي وتاريخي، ومنها ما أشار إلى تأثير التكنولوجيا على الإنسان مثل تلك الصورة التي تواجه كل زائر لشارع علال بن ناصر على جدار الاتحاد المغربي للشغل حيث صورة ضخمة تمتد أفقيا ،لتقدم وجها بشريا وقد غدا نصفها إليكترونيا يتطاير من اللهب نحو كوكب يبدو خاليا من مظاهر الحياة فيما ظل الشعر في النصف الإنساني يهفو نحو الأزهار.

وأمام تعدد الجداريات في مدينة آسفي سنحاول تقريب بعضها في فيديو مبسط دون أن ننسى أن هذه الحركة الفنية في المدينة لم تقتصر على الرسم بل تعدته للنحت والتشكيل. إذ تقف في المدينة اليوم أعمال شاهدة على الحركة الفنية الفتية. ففي ملتقى ساحة الاستقلال يقف مجسم سفينة راع 2 تؤرخ للرحلة العالمية المشهودة ، ووسط ساحة محمد الخامس يتربع أكبر طاجين في العالم أيقونة المدينة ، و داخل مدينة الثقافة و الفنون انتصب شبل من أشبال أسود الأطلس ، دون أن ننسى تحفة محمد الخامس بلباسه المغربي على حصانه الأبيض الرابض وسط قصر البلدية يحي كل زائر .



#الكبير_الداديسي (هاشتاغ)       Lekbir_Eddadissi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نظام التفاهة Médiocratie
- الجزء 2 : التناص الدني والغرائبية في رواية (عذراء وولي وساحر ...
- أزمة الجنس بين الخطيئة والتطهير في رواية عذراء وولي وساحر (ج ...
- هروب طالبة مهندسة وعودتها إلى حضن أسرتها يشعل شبكات التواصل ...
- المغرب يعود رسميا للاتحاد الإفريقي
- هل يستنجد الاتحاد الإفريقي بالمغرب بعد أزمة الجزائر المالية
- ليلة القدر بين العادة والعبادة في المغرب العربي
- قانون التقاعد يُسقط القناع عن النقابات في المغرب
- الترمضينة أو سكيزوفرينية رمضان
- عندما تستطيع يسارية فعل ما عجز عنه الحزب والنقابة
- الإنتاجية بين كرم رمضان والأجر مقابل العمل
- رمضان وجنون التسوق بالمغرب أو عندما تبيض الطيور أكبر من حجمه ...
- ألعاب استمتعنا بها وحرم منها أبناؤنا
- الروائيات العربيات يحلن العلاقة الحميمية ضربا من العنف والعذ ...
- في ظل غياب اهتمام الدولة بالمتقاعدين المغاربة يكرمون بعضهم ا ...
- الملتقى الدولي للسرد بآسفي حول تمثلاث العنف في السرد
- نقابة تدعو إلى معاقبة حكومة بن كيران عبر صناديق الاقتراع
- أخيرا أصبح للبنان رئيس في البرازيل والعبرة لمن يعتبر
- عندما تتحول الانتخابات لضرب من المعاناة
- أليس فيكم رشيد مختار يكيف زمن الامتحانات مع رمضان


المزيد.....




- منها متحف اللوفر..نظرة على المشهد الفني والثقافي المزدهر في ...
- مصر.. الفنانة غادة عبد الرازق تصدم مذيعة على الهواء: أنا مري ...
- شاهد: فيل هارب من السيرك يعرقل حركة المرور في ولاية مونتانا ...
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- مايكل دوغلاس يطلب قتله في فيلم -الرجل النملة والدبور: كوانتم ...
- تسارع وتيرة محاكمة ترمب في قضية -الممثلة الإباحية-
- فيديو يحبس الأنفاس لفيل ضخم هارب من السيرك يتجول بشوارع إحدى ...
- بعد تكذيب الرواية الإسرائيلية.. ماذا نعرف عن الطفلة الفلسطين ...
- ترامب يثير جدلا بطلب غير عادى في قضية الممثلة الإباحية
- فنان مصري مشهور ينفعل على شخص في عزاء شيرين سيف النصر


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الكبير الداديسي - الجداريات تنزل التشكيل من برجه العاجي إلى الشوارع بآسفي