أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - حوار الواقع والقرآن















المزيد.....

حوار الواقع والقرآن


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 5277 - 2016 / 9 / 6 - 23:24
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


حوار الواقع والقرآن
طلعت رضوان
كلــّـما تمعنتُ فى كتب تفسير القرآن ، وعرفتُ أسباب نزول العديد من الآيات ، كلــّـما ظهرتْ شمس الحقيقة التى كشفتْ المستور، وأنّ الاشتباك الجدلى بين محمد ومعاصريه، كان السبب فى نزول الآيات التى تدخلتْ فى الحوار، من ذلك ما رواه السيوطى عن أسباب نزول آية ((ولقد خلقنا السموات والأرض وما بينهما فى ستة أيام وما مسنا من لغوب)) (سورة ق/38) عن هذه الآية أخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس قال : إنّ اليهود أتتْ (= أتوا) رسول الله وسألوه عن خلق السماوات والأرض فقال : خلق الله الأرض يوم الأحد والإثنين ، وخلق الجبال يوم الثلاثاء وما فيهنّ من منافع ، وخلق يوم الأربعاء الشجر والماء والمدائن والعمران والخراب، وخلق يوم الخميس السماء، وخلق يوم الجمعة النجوم والشمس والملائكة إلى ثلاث ساعات بقينَ منه : فخلق فى أول ساعة الآجال حتى يموت من مات ، وفى الساعة الثانية ألقى الآفة عن كل شىء مما ينتفع به الناس ، وفى الساعة الثالثة خلق آدم وأسكنه الجنة وأمر إبليس بالسجود له وأخرجه منها فى آخر ساعة. فقالت اليهود (الأدق لغويـًـا قال اليهود) ثمّ ماذا يا محمد؟ قال : ثـمّ استوى على العرش، قالوا : قد أصبتَ لو أتممتَ وقلتَ ثمّ استراح . فغضب النبى غضبـًـا شديدًا فنزلتْ الآية المذكورة وتلتها آية ((فاصبر على ما يقولون)) (ق/39) وأخرج ابن جرير عن طريق عمروبن قيس الملائى عن ابن عباس قال : قالوا يا رسول الله لو خوّفتنا فنزلتْ آية ((نحن أعلم بما يقولون.. فذكــّـر بالقرآن من يخاف وعيد)) (ق/45) وهذا النص يستوجب الملاحظات التالية :
أولا: إنّ الآيات المذكورة نزلتْ (بعد) الحوار الذى دار بين النبى واليهود ، أى أنها لم تنزل قبل هذا الحوار.
ثانيــًـا : رغم أنّ الآيات وردتْ فى سورة واحدة ، إلاّ أنها (كما فى المصحف الحالى) وردتْ (مُـتفرّقة) رغم أنها تتناول حالة (واحدة) فلماذا لم يرد ترتيبها مُـتسلسلا فى آية واحدة ؟
ثالثــًـا : إنّ الآية الأولى (رقم38) نزلتْ بعد أنْ قال اليهود للنبى : أصبتَ لو أتممتَ وقلتَ أنّ الله استراح، فغضب النبى غضبـًـا شديدًا.. وبعدها مباشرة تعبير فنزلتْ الآية. ومع ملاحظة أنّ مفسرى القرآن والذين كتبوا تفاصيل ذلك الحوار، لم يذكروا : هل نزلتْ الآية فى نفس الوقت الذى دار فيه الحوار، أم بعد ذلك ؟ ولم يذكروا لماذا جاءتْ الآيات (فى المصحف) مُـتفرّقة.
رابعـًـا : يغلب على الرواية التى حكاها ابن عباس الطابع الميتافيزيقى ، حيث أنه سرد تفاصيل أيام (الخلق) وحـدّد نوعية (الخلق) فى كل يوم وكأنه كان فى مكان وزمان المشهد الذى تمـّـتْ فيه عملية (الخلق) وفق تتابع الأيام كما روى.
خامسًـا : لماذا قال اليهود للنبى (لو خوّفتنا) ؟ ولما لم يذكر ابن عباس سبب هذه الكلمة؟ خاصة أنّ التوراة والقرآن مُـتطابقان فى مسألة (الخلق) والاختلاف الوحيد بين (استراح) فى التوراة و(استوى على العرش) فى القرآن.
ويتواصل الحوار بين اليهود ومحمد ، حيث نزلتْ آية ((هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض وإذ أنتم أجنة فى بطون أمهاتكم فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى)) (النجم/32) وعن أسباب نزول هذه الآية ، أخرج الواحدى والطبرانى وابن المُـنذر وابن أبى حاتم عن ثابت بن الحارث قال : كانت اليهود (الأدق لغويـًـا) كان اليهود يقولون إذا هلك لهم صبى صغير، فهو (صـدّيق) فبلغ ذلك النبى فقال : كذبتْ اليهود ، ما من نسمة (مكتوبة هكذا) يخلقه (مكتوبة هكذا) الله فى بطن أمه، إلاّ ويعلم أنه شقى أو سعيد ، فأنزل الله الآية المذكورة. وملاحظاتى هى :
أولا: غلبة الطابع الميتافيزيقى على المُـتحاوين : اليهود يزعمون أنّ الطفل لو مات صغيرًا ، فهو (صـدّيق) مع ملاحظة أنّ كلمة (صـدّيق) فى التراث اليهودى تعنى ((بعض الملوك والأنبياء وحتى الشعراء يعتبرون من الصديقين))
ثانيـًـا : كان رد النبى هو تكذيب اليهود ، وأنّ الله هو العالم بما فى بطن الأم : هل هو شقى أو سعيد. وهذا المثال (وغيره كثير) يؤكد أنّ الميتافيزيقا اليهودية كانت تـُـقابلها ميتافيزيقا إسلامية.
وعن أسباب نزول آية ((ألم يأن (أى يئن) للذين آمنوا أنْ تخشع قلوبهم لذكر الله.. إلى فاسقون)) (الحديد/16) عن هذه الآية كتب السيوطى : أخرج ابن شيبه فى المُـصنف عن آخرين أنّ أصحاب النبى ظهر فيهم المزاح والضحك ، فنزلتْ الآية المذكورة. وأخرج ابن أبى حاتم عن مقاتل بن حبان قال : كان أصحاب النبى قد أخذوا فى شىء من المزاح ، فأنزل الله الآية المذكورة . وأخرج عن السدى عن القاسم قال : ملّ أصحاب النبى ملة، فقالوا : حدثنا يا رسول الله. فأنزل الله ((نحن نقص عليك أحسن القصص)) (يوسف/3) ثمّ ملوا ملة فقالوا : حدثنا يا رسول الله، فأنزل الله الآية رقم16 من سورة الحديد التى أوجبتْ على المؤمنين ((أنْ تخشع قلوبهم لذكر الله)) وبالتالى فإنّ تلك الآية كانتْ ردًا على (المؤمنين) من أصحاب النبى الذين كانوا يميلون إلى الضحك والمزاح ، أثناء تلاوة بعض آيات القرآن ، وأكثر من ذلك كانوا يشعرون بالملل أثناء التلاوة ، وهو المقصود من تعبير (ملوا ملة) فكانت النتيجة أنْ عاتبهم الله ، لأنهم يتشبـّـهون بمن سبقوهم ، وذلك وفق نص الآية ((ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقستْ قلوبهم وكثير منهم فاسقون)) أى أنّ من يضحك أو يمزح فهو فاسق.
وعن أسباب نزول آية ((لا تجد قومـًـا يؤمنون بالله.. إلخ)) (المجادلة/22) كتب السيوطى عن أسباب نزولها : أخرج ابن أبى حاتم عن ابن شوذب قال : نزلتْ هذه الآية فى أبى عبيدة بن الجراح حين قتل أباه يوم بدر. وأخرجه الطبرانى والحاكم فى المُـستدرك قال : جعل والد أبى عبيدة بن الجراح يتصدى أبى عبيدة يوم بدر، وجعل أبوعبيدة يحيد عنه ، فلما قصده أبوعبيدة قتله فنزلتْ الآية المذكورة. وأخرج ابن المُـنذر عن ابن جريج قال : حدث أنّ أبا قحافة (والد أبى بكر الصديق) سبّ النبى فقتله أبوبكر، فذكر ذلك للنبى فقال : أفعلتَ يا أبا بكر؟ فقال : والله لو كان السيف قريبـًـا منى لضربته به فنزلتْ الآية المذكورة. وملاحظاتى هى :
أولا: تعدد أسباب النزول : مرة أنها نزلتْ فى أبى عبيدة بن الجراح الذى قتل أباه ، ومرة ثانية أنها نزلتْ بسبب أنّ والد أبى بكر الصديق سبّ النبى، فقتله ابنه (أبوبكر) الذى صار خليفة المسلمين الأول.
ثانيـًـا : التناقض فى رواية ابن جريج ، حيث ذكر فى بداية حديثه أنّ أبا بكر قتل والده ، ومع ذلك فإنه كتب فى نهاية الحديث أنّ أبا بكر قال للنبى : والله لو كان السيف قريبـًـا منى لضربته به. فكيف يمكن التوفيق بين القول الأول : أنّ القتل قد وقع بالفعل ، والقول الثانى : لو كان السيف قريبـًـا منى لضربته ؟ فلماذا هذه البلبلة وهذا الالتباس ، خاصة أنّ الراوى شخص واحد؟ وفى فقرة واحدة؟ ولماذا لم يـُـعلــّـق السيوطى على هذا التناقض؟
ثالثــًـا : بغض النظر عن هذا الالتباس ، فإنّ أبا بكر (حتى ولو لم يقتل والده) فإنه تمنى قتله عندما ذكر للرسول حكاية السيف لضرب والده به. أما أبوعبيدة بن الجراح ، فإنّ الرواية ليس فيها أى لبس، حيث أنه قتل والده يوم بدر.
رابعـًـا : إنّ المعارك التى خاضها النبى ضد (المشركين) خاصة المعارك الأولى (مثل بدر) شهدتْ ظاهرة اجتراء الأبناء على آبائهم لدرجة استباحة دمائهم ، أى أنه فى سبيل تدعيم الدولة التى كان محمد ينشدها ، تمّ تدمير الروابط الأسرية ، ليس بين أبناء العمومة فقط ، وإنما بين الابن وأبيه.
خامسـًـا : لماذا لم يكن هناك سبيل آخر (من أجل تدعيم الدعوة المحمدية) غير القتل ، حتى بين ذوى الأرحام ؟ وكان الجلالان (جلال الدين السيوطى وجلال الدين المحلى) أكثر دقة عندما شرحا كلمة (يحادون) فى آية ((إنّ الذين يـُـحادون)) أى يـُـخالفون الله ورسوله أولئك فى الأذلين المغلوبين. وكتب الله فى اللوح المحفوظ أو قضى ((لأغلبنّ أنا ورسلى)) بالحجة أو السيف . ومن حاد الله ورسوله ولو كانوا (أى المحادون) آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم (كما جاء فى نهاية الآية) بل يقصدون بالسوء ويقاتلونهم على الإيمان كما وقع لجماعة من الصحابة، فأولئك يـُـدخلهم (الله) جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها.. أما الذين حاربوا الرسول فأولئك حزب الشيطان . أما حزب الله فهم المفلحون، الفائزون)) (تفسير الجلاليْن لآية المجادلة- مطابع الشمرلى- بتصريح من مشيخة الأزهر- برقم 330 بتاريخ 15/7/1979) إذن فإنّ تفسير الجلاليْن مُـتسق تمامًـا مع الآية حيث أنّ معنى ((لاتجد قومًـا يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله)) أى يخالفون الله ورسوله (ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم..إلخ)
وهذه الآية دليل على أنّ القرآن كان يتحاور مع الواقع ، فتنزل الآيات لتأييد موقف النبى وأصحابه كما فعل أبوبكر عندما قتل والده.
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل سرق الصبى الفجل ؟
- الشخصية الأفريقية والأدب الأفريقى
- القومية المصرية ومرحلة ما قبل يوليو1952
- هل كذب شاعر الر سول فى شهادته ضد عائشة ؟
- أثر الواقع الاجتماعى على النص القرآنى
- لماذا اختلفتْ برلمانات مصر بعد يوليو1952؟
- رد على السيد ماسنسن بشأن القومية المصرية
- هل الواقع أفرز النص أم العكس ؟
- من أفرز الآخر : الواقع أم النص ؟
- ملاحقة القرآن للواقع (2)
- لماذا تجاهل النقاد مسرح اللامعقول لتوفيق الحكيم؟
- لماذا وقف القرآن مع الوثنية وليس مع المسيحية
- ملاحقة القرآن للواقع الاجتماعى
- لماذا تختلف الأنظمة فى الدفاع عن مواطنيها ؟
- متتالية أسباب النزول
- لماذا غفر الله لوحشى ولم يغفر لأم النبى ؟
- هل النص الدينى سابق على الواقع أم العكس؟
- مغزى تجاورضريح محمد بن أبى بكروضريح مارجرجس
- ما حقيقة موقف سارتر من الصهيونية ؟
- العلاقة بين المجتمع والنص الدينى


المزيد.....




- رفع الأذان للمرة الأولى في مقر إقامة رئيس وزراء اسكتلندا.. و ...
- رفح.. صلاة الجمعة على ركام المساجد
- المسجد الأقصى.. الجمعة الثالثة من رمضان
- “من غير زن وصداع مع” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على نا ...
- فيديو خاص:كيف تسير رحلة أهالي الضفة إلى المسجد الأقصى؟
- الشريعة والحياة في رمضان- سمات المنافقين ودورهم الهدّام من ع ...
- أول مرة في التاريخ.. رفع الأذان في بيت هذا الوزير!
- أول مرة في تاريخ الـ-بوت هاوس-.. رفع الأذان في بيت الوزير ال ...
- قصة تعود إلى 2015.. علاقة -داعش- و-الإخوان- بهجوم موسكو
- صلاة الجمعة الثالثة من شهر رمضان.. الاحتلال يعيق وصول المواط ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - حوار الواقع والقرآن