أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - بوابة التمدن - فاطمة ناعوت - يا شيخَ الطيور.... سلامات














المزيد.....

يا شيخَ الطيور.... سلامات


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 5277 - 2016 / 9 / 6 - 23:28
المحور: بوابة التمدن
    


===============

اتصلتُ به بالأمس، فجاءني صوتُه واهنًا مثل عصفور هزيلٍ يرتجف. جاءني صوتُه شجيًّا مثل مالك الحزين يُغنّي مذبوحًا أغنيةً أخيرة. جاءني صوتُه زاهدًا مثل صوفيّ يتقرّبُ إلى الله بالتَخلّي، مثل راهبٍ عازف عن الحياة لا يرجو إلا وجهَ السماء. جاءني صوتُه عذبًا مثل وتر ڤيولين حزين يملأ فضاءَ الصمت حياةً وشجوًا.
"اُخرجْ من ذاتِك تظهرْ/ وابعدْ عن نفسِك تكبُرْ/ وتخطَّ الحدَّ الفاصلَ/ ما بين العرضِ وبين الجوهرْ/ فاذا ما اجتزتَ الهُوةْ/ واتحدتْ فيكَ القوةْ/ واتّسقَ المَخبرُ والمظهرْ/ فهنالك أرضُكَ تُثمرْ/ وسماؤك ليلًا أبدًا تُقمِرْ/ وهنالكَ تأتيكَ جميعُ الأسماءْ/ وهنالكَ يصفو النبعُ/ ويحلو الماءْ/ وتداعبُ كفُّ الخُضرةِ/ وجهَ الصحراءْ/ وهنالكَ لا تُغلَبُ أو تُقهَرْ/ اُخرجْ من ذاتِكَ تظهرْ/ اخرجْ من ذاتِكَ/ فالذاتُ نقابْ/ والليلُ القابعُ في جنبيكَ حجابْ/ ولكي لا تبقى محجوبًا/ ولكي لا تحيا مغلوبًا/ لا تستسلمْ لظلامٍ يطويكَ/ واستجلِ النورَ الكامنَ فيكْ/ واستنفرْ أبهى طاقاتِكَ/ فسجونُ العالمِ/ كلِّ العالمْ/ لا شيءَ/ إنْ لم تَسْجن ذاتَك في ذاتِك/ إنْ لم تُسْجَن ذاتُكَ/ في ذاتِكَ/ اخرجْ من ذاتِكَ/ سِرًّا/ أو جهرًا.”
قائلُ هذا الكلام الصوفيّ الرقراق كقطر المطر، يرقد الآن على فراش المرض. والمرضُ، كما تعرفونه، أحمقُ قليلُ الحكمة، لا يُميّز بين شاعر رقيق، وبين طاغية صفيق. يحملُ جسدَه المعتلَّ سريرٌ باردٌ في مستشفى العبور، التابع للتأمين الصحيّ. يرقدُ عازفًا عن كل ما يتقاتل فيه النفعيون الصغار. يرقدُ، يُدثّره صمتٌ، إلا من رجع صدى أغنياته التي ملأت الدنيا حبًّا وجمالا وعشقًا في الله وفي خلق الله. يرقد وحيدًا دون سند إلا جبلاً شاهقًا من القصائد الجميلة التي علّمتنا. يرقدُ رهيَن فراشٍ خشنٍ ترفعه آلافُ الأيادي التي مدينةٌ لهذا المعلّم والشاعر الكبير. يرقدُ دون ونيس إلا ممالكَ راسخةً من التلاميذ الذين تعلّموا منه المحبة وبشاشة الوجه ورحابة القلب والسموّ، وأنا أولى تلميذاته، تعلّمتُ من أشعاره، أن أخرج من ذاتي لأقف على الحافة، وأعيش في منزلة بين منزلتين.
آلافُ الأميال تفصلني عن أبي الروحي وأستاذي شيخ الشعراء الأستاذ محمد محمد الشهاوي، فقاتل اللهُ الأسفارَ والمسافات وفروق التواقيت. أنبأني صوتُه الواهنُ أنه يستكثرُ سنواتٍ وعقودًا عاشها، ولا يرغب في ازدياد. فأخبرتُه أننا نرغبُ ومصرُ ترغب ولا تريد أن تفقد دُرَّها الأشرق، الذي بخيلُ الزمان لا يعوّضه. أخبرني بامتنان عن سيول المحبة التي تُمطره من صوب المثقفين والمؤسسات الثقافية منذ رقد رقدته. وأخبرني بأن الكاتب حلمي النمنم، وزير الثقافة، على تواصل دائم معه ووعد بتسخير كافة إمكانات وزارة الثقافة لعلاج الشاعر الكبير، رهن طلبه. لكنه نسي أن الشعراءَ لا يطلبون.
في مقالي هذا أخاطبُ الكاتب التنويري، حلمي النمنم، الذي حمل مشعل طه حسين ومَن سبقه من حملة مشاعل النور، أخاطبُ الكاتب الذي تعلّمنا من دراساته وكتبه كيف نُقيّم تجربة الإخوان الظلامية لنضعهم في الخانة التي تليق بهم كجماعة هادمة للأوطان والعقول والأفئدة. أخاطب العقل والقلم، وليس المنصب الذي يشغله ذلك العقل وذاك القلم. أرجو سرعة التدخل لإنقاذ تلك القامة الأدبية والإنسانية العالية، الشاعر الكبير محمد الشهاوي. أرجو أن يأمر (الكاتب) الوزير، بسرعة نقل (الشاعر) المريض، إلى مستشفى يليق به، وبأن يأمر بعلاج شيخنا الشاعر النبيل على نفقة الدولة لقاء ما قدّم لمصر وللحراك الثقافي والأدبي. الشاعرُ لن يطلب، فاطلبوا أنتم منه.
اللهم مدّ يد الشفاء العاجل لهذا الشاعر الصوفي الكبير من أجل مصر ومن أجلنا.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شايلوك البرلمان المصري
- وصفات سحرية للقتل الشرعي
- سلامٌ عليك أيها الفارس
- توضيح الواضح في فوضى التعريفات
- اسم الصليب عليكِ!
- يومي الأول بالمدرسة
- خرج م الطابور يا خروف!
- احنا آسفين يا مُغير
- فانتازيا
- من أجل صليب وجرس
- لماذا لا يرفع المسيحيون علينا دعاوى ازدراء أديان؟!
- نأخذ من كل -رجلا- قبيلة
- كيف يتصيدنا المحتسبون؟
- النبات لا يخون
- ثم تولوا إلى الظل
- قطعة سكر واحدة
- كيف يتصيّدُنا الُمحتسبون؟
- ڤان ليو …. صائد الجميلات والفرسان
- لماذا الساخر؟
- !احنا آسفين يا مُغير


المزيد.....




- فرنسا: الجمعية الوطنية تصادق على قانون يمنع التمييز على أساس ...
- مقتل 45 شخصا على الأقل في سقوط حافلة من على جسر في جنوب إفري ...
- جنرال أمريكي يوضح سبب عدم تزويد إسرائيل بكل الأسلحة التي طلب ...
- شاهد: إفطار مجاني للصائمين في طهران خلال شهر رمضان
- لافروف عن سيناريو -بوليتيكو- لعزل روسيا.. -ليحلموا.. ليس في ...
- روسيا تصنع غواصات نووية من جيل جديد
- الدفاع الأمريكية تكشف عن محادثات أولية بشأن تمويل -قوة لحفظ ...
- الجزائر تعلن إجلاء 45 طفلا فلسطينيا و6 جزائريين جرحى عبر مطا ...
- لافروف: الغرب يحاول إقناعنا بعدم ضلوع أوكرانيا في هجوم -كروك ...
- Vivo تكشف عن أحد أفضل الهواتف القابلة للطي (فيديو)


المزيد.....

- خط زوال / رمضان بوشارب
- عينُ الاختلاف - نصوص شعرية / محمد الهلالي
- مذكرات فاروق الشرع - الرواية المفقودة / فاروق الشرع
- صحيفة الحب وجود والوجود معرفة , العدد 9 / ريبر هبون
- صحيفة الحب وجود والوجود معرفة ,, العدد 8 / ريبر هبون
- صحيفة الحب وجود والوجود معرفة العدد 7 / ريبر هبون
- صحيفة الحب وجود والوجود معرفة الالكترونية , العدد 6 / ريبر هبون
- صحيفة الحب وجود والوجود معرفة , العدد 5 / ريبر هبون
- صحيفة الحب وجود والوجود معرفة العدد 4 / ريبر هبون
- صحيفة الحب وجود والوجود معرفة , العدد 2 / ريبر هبون


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - بوابة التمدن - فاطمة ناعوت - يا شيخَ الطيور.... سلامات