أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - عبدالوهاب خضر - الكذابون فى الحزب الحاكم















المزيد.....


الكذابون فى الحزب الحاكم


عبدالوهاب خضر

الحوار المتمدن-العدد: 1408 - 2005 / 12 / 23 - 11:22
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


فى إفتتاح الدورة البرلمانية الجديدة القى الرئيس المصرى حسنى مبارك كلمة أمام أعضاء مجلسى الشعب والشورى فى بداية هذا الاسبوع أعاد خلالها التأكيد على ضرورة إقامة مجتمع عصري يعزز التعددية، ويحمي حقوق المواطنين وحرياتهم الأساسية، ويرسّخ المشاركة والمواطنة والمساواة في الحقوق والواجبات، ويناهض كل أشكال التمييز والتفرقة، وينشر قيم التسامح بين مسلميه وأقباطه، ويتمسك بأن الدين لله والوطن للجميع، ويحاصر الغلو والتطرف ويحترم قضايا المرأة ويدعم المجتمع المدني ويعلي حقوق الإنسان.
ومع إحترامى لهذه الامنيات التى يسمعها المواطن المصرى كثيرا خلال ربع قرن من حكم مبارك رئيس الحزب الوطنى الديمقراطى ورئيس الجمهورية وسط حالة الطوارئ والفساد وارتفاع الاسعار والبلطجة والتزوير والانهيار الاقتصادى والسياسى للبلاد الا اننى متاكد من أن هذا الكلام هو نفس الوعود التى يتلقاها المواطن كل يوم , وتسير فى نفس اتجاه الحلول المسكنة والسياسات المتناقضة لرجال الحكم فى بلدنا الغالية مصر .
و كعادته فاز الحزب الحاكم بأغلبية "مزعومة" فى إنتخابات مجلس الشعب التى أنتهت مؤخرا , وسط جو مشحون بأحداث كذب وبلطجة ورشاوى وتزوير وجداول انتخابية معيبة وتدخلات غير مسبوقة من أجهزة الامن فى منع الناخبيين من الدخول الى صناديق الاقتراع والتى فضحها قضاة مصر , واستمرار الحصار للمعارضة الشرعية , وظواهر اخرى عاشها الجميع لحظة بلحظة حتى أكدت اللجنة المستقلة لمراقبة الانتخابات ان احداث العنف أفسدت العملية الانتخابية, وأشار تقريرها الى ان نسبة المشاركة لم تتعد 8% من مجموع المسجلين في كشوف الناخبين وهذا يكشف كذب قيادات الحزب الحاكم ومنم مثل صفوت الشريف وكمال الشاذلى وجمال مبارك الذين قالوا بأن نسبة المشاركة عالية وانهم ينتمون الى حزب الاغلبية حتى جعلوا مصر أشبه بالطائرة المخطوفة التى يحاصرها الموت من كل الاتجاهات .. فماذا يحدث ؟
وعلى الرغم من هذا الكذب والحديث عن الاغلبية الشعبية الكاسحة نقرأ تصريحا تصريحا لصفوت الشريف الامين العام للحزب الحاكم يناقض فيه نفسه فهو لا يمانع فيه من دخول المستقليين الى الحزب الوطنى والمعروف أنه بعد ظهور نتائج الانتخابات فإن عدداً كبيراً من المستقلين يسارع بالانضمام للحزب الوطنى حتى يصبح حزب " الاغلبية " وهو الامر الذى يعتبر خيانة للناخبيين , ففى انتخابات 1990 نجح 177 من المستقلين انضم منهم 130 للحزب الوطنى، وفى انتخابات 1995 نجح 112 مرشحاً مستقلاً انضم معظمهم للحزب الوطنى، (100 مرشح)، وفى انتخابات 2000 نجح 244 من المستقلين انضم منهم 207 للحزب الوطنى. وفى هذه الانتخابات فقد كانت المرة الأولى منذ عام 1976 والتى لا يحصل فيها الحزب الوطنى الحاكم على الأغلبية بواسطة المرشحين على قائمته الرسمية فقط !
ومنذ نشأة الحزب الوطنى الديمقراطى عام 1978 حيث حل محل حزب مصر العربى الاشتراكى الذى تطور عن منبر الوسط، ضمن منابر ثلاثة سمح لها بالعمل فى إطار تنظيم الاتحاد الاشتراكى الذى كان قائماً آنذاك, وهو يكذب على الجماهير ويدعى الجماهيرية الواسعة التى فضحها حزب التجمع فى تقاريره السياسية مؤكدا أن الحديث عن ميلاد جديد للحزب هو تكرار للأقوال التى ترددت فى مؤتمرات الحزب السابقة ، سواء المؤتمر الرابع ( يوليو 1986) حيث اقر الحزب تعديل نظامه الأساسى وخصص جلساته لمناقشة الخطة الخمسية التى كانت فى مرحلة الاعداد ، وفى المؤتمر الخامس (1989) ركز المؤتمر على مناقشة قضية البطالة ، وفى المؤتمر السادس (1992) نشر أنه "تمت عملية إعادة بناء الهيكل التنظيمى للحزب .. والتى تجلت بوضوح فى التطور التنظيمى الذى شهده هذا المؤتمر .. مما يدل على وعى قيادته بحتمية الاستمرار فى التطوير والاستفادة من امكاناته التنظيمية للتحول إلى حزب يمارس وظائفه وليس مجرد حزب يتولى الحكم" . وفى المؤتمر السابع ( يوليو 1998) بصفة خاصة والذى عقد تحت شعار " التنمية ومستقبل مصر " قيل أن المؤتمر قام بـ " تحديد هويته الفكرية " ورسم مسار العمل الوطنى فى المرحلة المقبلة و" استند الى أسلوب الانتخاب فى اختيار قيادته " و" حدوث تطور نوعى فى أداء الحزب .. واستيعاب أكبر قدر من الأجيال الشابة فى محاولة لضخ دماء جديدة فى جسم الحزب .. ومجموعة المناقشات والممارسات التى شهدها المؤتمر لاتشكل فى مجملها تغييرا فى شكل وطبيعة الحزب قدر ما تعكس نوعا من التطور الإيجابى بإتجاه الفاعلية والتكيف مع متطلبات مقتضيات المرحلة الراهنة " كما قال قادة الحزب وصحفييه .
ثم اختار الحزب الوطنى لمؤتمره الثامن شعار " فكر جديد " .. ومراجعة ورقة المبادئ الأساسية تكشف عن عدم وجود أى فكر جديد من أى نوع , فالورقة تعتمد السياسات الاقتصادية والاجتماعية القائمة ،وتتحدى الرأى العام عندما تقول " يؤكد الحزب على أهمية مواصلة مسيرة الديمقراطية من خلال تعزيز احترام الدستور وسيادة القانون والحريات العامة ، والتأكيد على مبادئ الشفافية والمساءلة فى العمل العام وحرية الصحافة والاعلام وتشجيع المشاركة السياسية بأشكالها ومستوياتها المختلفة ، والحفاظ على الحقوق السياسية للعمال والفلاحين " ، فممارسات الحزب والحكم قبل المؤتمر وبعده نقيض تام لكل هذه الادعاءات.
وأكد المؤتمر الثامن للحزب الوطنى الديمقراطى غياب الديمقراطية الداخلية , فرئيس الحزب هو صاحب القرار الوحيد تقريبا ، فبالإضافة إلى أن له سلطة الاشراف والتوجيه لجميع تشكيلات الحزب ومستوياته ، فالرئيس يختص بترشيح الأمين العام واختيار الأمناء العامين المساعدين وتحديد إختصاصهم وإضافة خمسة أعضاء للأمانة العامة وإختيار أعضاء هيئة مكتب الأمانة العامة وإعادة تشكيل المكتب السياسى والأمانة العامة واختيار أمناء الأمانات المركزية واختيار ممثلى الهيئة البرلمانية للحزب فى مجلسى الشعب والشورى واختيار رئيس وأعضاء أمانة القيم والشئون القانونية ودعوة المؤتمر السنوى للحزب والمؤتمر العام للانعقاد ودعوة المكتب السياسى للإجتماع ، واعتماد الهيكل التنظيمى واساليب العمل التى تضعها الأمانة العامة ، ولرئيس الحزب أن يختار نائبا له أوأكثر ويحدد اختصاصاتهم ،ويتشكل المكتب السياسى من رئيس الحزب ونوابه ( المعينين من قبل الرئيس) ورئيس الوزراء ( معين من قبل الرئيس ) ورئيسا مجلسى الشعب والشورى والأمين العام للحزب ( يعينه رئيس الحزب ) وثمانية أعضاء آخرون يختارهم المؤتمر العام ( بناء على ترشيح رئيس الحزب ) والمكتب السياسى لايجتمع عادة إلا مرة واحدة أو مرتين طوال الفترة بين المؤتمرين رغم أن النظام الداخلى ينص على اجتماعه كل ستة أشهر , وربما تكون أهم نتائج المؤتمر تولى جمال مبارك ( نجل الرئيس ) مسئولية لجنة السياسات ، وهى لجنة تم إستحداثها ، ومنحت إختصاصات واسعة بحيث يمكن القول أن هذه اللجنة إبتلعت اختصاصات الحزب كله السياسية والتنظيمية وذلك طبقا للمادة 46 من النظام الداخلى , فأين الديمقراطية التى يتحدث عنها قيادات الحزب الحاكم .
والكارثة الكبرى التى تهدد الحزب الوطنى ويتستر خلفها ويزعم أنه حزب جماهيرى وديمقراطى هى رئاسة الرئيس مبارك للحزب لتندمج بذلك كل مؤسسات الدولة فى الحزب , والامر لا يقتصر عند هذا الحد فإن هناك بعض التناقضات والملاحظات فى تصريحات مبارك منذ توليه السلطة ورئاسة الحزب الوطنى تكشف الاكاذيب التى نتحدث عنها على لسان " رب البيت " وتقدم شخصية الرئيس الحقيقية للجماهير ففى يومه الأول للرئاسة كان الرئيس مبارك رئيس الحزب الوطنى الديمقراطى الحالى يرتدي بدلته العسكرية , ولم تكن المشكلة هنا فقط أو في الطريقة التي جاء بها إلى السلطة وفقا لرؤية بعض المحلليين السياسيين , ولكنها كانت في أنه جاء من خارج إطار السياسة (كما قال محمد حسنين هيكل في محاضرته " المستقبل الآن " في الجامعة الأمريكية), وقال الرئيس نفسه في أيامه الأولي : " أنا مش محترف سياسة " وأنا مش بتاع سياسة " وفي أسوان : " أنا أتعلمت الديمقراطية في الجيش " , " الكفن مالوش جيوب ", وعندما اقترح البعض تحديد عدد فترات الرئاسة بفترتين في الدستور كما كانت قبل 79 قال : " يعمل ايه الرئيس بمدتين كفاية مدة واحدة ". وبعد مرور عقدين من الزمن تقريبا سأل مذيع CNN الرئيس : متي ستتقاعد ؟ " فأجابه : " مازال أمامي أجندة كبيرة ", وفي تصريح للواشنطن بوست في يونيو 2000: " ديموقراطية الانتخابات المباشرة لا تصلح للمصريين, نحن نفهمهم اكثر منكم " (كان في مصر برلمان سنة 1866 قبل دول أوروبية عديدة وكان فيها دستور شبه علماني حرره الشعب في 1923, وكان فيها شارع سياسي وتجربة ليبرالية قبل 52 انجزت كل ما يفخر به المصريون وخاصة الدولة المصرية والشارع السياسي) . في زيارة لواشنطن وفي مقابلة تليفزيونية صرح الرئيس : " أنا لا اجد من يصلح نائب للرئيس ", فعلقت المذيعة : " لكنك كنت نائبا للرئيس " , فرد : " السادات كان محظوظا " وفي زيارة اخرى لواشنطن في 2002 قال : " لدينا كل أنواع الديموقراطية " وعلق توماس فريد مان في النيويورك تايمز : " في السوبر ماركت لديك كل أنواع الديموقراطية ماعدا الديموقراطية الأصلية " مرارا خلال الانتقاضة الثانية كان الرئيس يقول : " لا توجد فرصة للسلام في وجود شارون فهو رجل حرب وضرب " , وبعد غزو العراق قال أمام طلبة جامعة الإسكندرية : " شارون رجل سلام " !!
هذا عن كلام الرئيس أما عن سلطاته فهى واسعة ومع ذلك نسمع تصريحات من نوعية : نحن دولة المؤسسات والديمقراطية والشورى , ولا أحد فوق القانون ثم نصطدم بما ينص عليه دستور جمهورية مصر العربية الذى يجعل من الرئيس الرجل الاوحد وصاحب القرار الاول الاخير فهو القائد الأعلى للقوات المسلحة ويعين وزير الدفاع وأعضاء هيئة الأركان وقادة الأسلحة والقطاعات المختلفة, وله الحق أن يعين أو لا يعين نائبا للرئيس الذي يصبح بدوره الرئيس القادم بشكل مؤكد ويصرف النظر عن الشكليات, ويعين رئيس الوزراء ويقيله وقتما شاء دون النظر إلى نتائج الانتخابات الشكلية للبرلمان, وبعض الوزراء يتبعونه بشكل مباشر مثل الدفاع والخارجية والإعلام والداخلية, يرأس ما يسمي بالحزب الحاكم, يحل البرلمان ويدعو إلى الانتخابات وقتما شاء, وهو الذي يدعوه للانعقاد ويعين عشرة أعضاء في الغرفة الأولي ونصف الأعضاء في الغرفة الثانية, يرأس المجلس الأعلى للقضاء, والمجلس الأعلى للشرطة, ويعين النائب العام, وشيخ الأزهر والمفتي, والمحافظين ونوابهم, ورؤساء وأعضاء مجالس إدارات الشركات الحكومية والقطاع العام والقطاع العام ذي الصفة الخاصة, ورؤساء تحرير الصحف, والهيئات بأنواعها مثل قناة السويس والسكك الحديدية والنقل والبريد والاتصالات والبترول والبنوك العامة والمخابرات العامة وجهاز مباحث أمن الدولة, ويعتمد تعيين السفراء, وأحكام المحاكم الاستثنائية بكافة أنواعها, وله الحق في تحويل أي قضية إلى أي قضاء أو حفظ التحقيق والتقاضي أيا كان بدواعي الأمن القومي دون تفسير, ويملك تعطيل الدستور والقوانين وإصدار قرارات لها قوة القانون طبقا للمادة 73 من الدستور (أعلنت أحكام الطوارئ منذ ربع قرن وحتى الآن ) ويتخذ منفردا قرارات التسليح دون الخضوع لأي مراجعة أو شفافية , وله الحق الدستوري والفعلي أن يحكم أي وقت يريد !!.. ولا نستطيع بعد ذلك أن نتحدث عن الاصلاحات والديمقراطية والحرية فى ظل هذه الصلاحيات غير العادية , فالدستور يمنح سلطات مطلقة لرئيس الجمهورية . وحالة الطوارئ معلنة بصفة دائمة منذ 24 عاماً ، أي أن الرئيس مبارك لم يحكم مصر يوما واحدا في ظل أوضاع عادية واعتمد بصورة مطلقة علي حالة الطوارئ المعلنة منذ 6 أكتوبر 1981 ، والاعتقالات التي طالت عشرات الآلاف ، والتعذيب في المعتقلات والسجون وأقسام الشرطة ، وتزوير الانتخابات العامة والاستفتاءات ، ومصادرة الحق في التظاهر والإضراب والاعتصام وعقد المؤتمرات ، والسيطرة علي أجهزة الاعلام والصحافة القومية ، وفرض قوانين تقيد استقلال النقابات المهنية والعمالية والجمعيات الأهلية ، وفرض الحصار علي تأسيس الأحزاب وحركتها ونشاطها ، وإصدار قوانين جديدة تضاف إلي سلسلة القوانين الموروثة التي تنتهك الحريات العامة وحقوق الإنسان .. ولا عزاء للديمقراطية التى يكذبون علينا بها ! , وهكذا بدأ المجتمع في التدهور وخرج منه اكثر من ثلث تنظيمات التطرف علي مستوي العالم, ويعيش 17.5 مليون مواطن في 1100 حي عشوائي وفيه 2 مليون طفل وطفلة شوارع و 10 مليون مريض نفسي, فوق كل ذلك 2.4 مليون موظف يعملون في أجهزة الأمن إذا أضفنا وزارة الحكم المحلي ضمن 6 مليون موظف تقريبا في الحكومة مع مليون في قطاع الأعمال وعدد المتعاونين ضعف هذا الرقم تقديريا ولكن الأرقام السابقة كلها موثقة, ولابد في مجتمع كهذا أن يصبح مجالا للعنف والحقد وقنبلة فوضي متزايدة يوميا دون مشروع سياسي إنساني ومستقبلي من أي نوع.. ثم بعد ذلك يكذبون علينا ويتكلمون عن تعديلات مفصلة للمادة 76 من الدستور وانتخابات رئاسية عبارة عن ديكور ساخر فى مسرحية هزلية .
وكانت النتيجة الحتمية لهذا الخلل السياسى والكذب غير المسبوق هو انهيار الحياة الاقتصادية والاجتماعية وأخطر ظاهرة يعانى منها الناس هذه الايام هى فشل السياسات الحالية فى حل ازمة يعانى منها كل مواطن وهى الاجور والاسعار وهذا ما يؤكده الباحث الاقتصادى المتميز سامح عبود حيث يؤكد أن مجموع ما يحصل عليه المواطنون من دخول فى أى دولة يطلق عليه الناتج المحلي الإجمالي، وهو بنقسم فى أى مجتمع رأسمالى إلى قسمين كبيرين أحدهما يطلق عليه عوائد التملك، و هو الذى يحصل عليه ملاك الثروة فى شكل فوائد على أموالهم أو أرباح من مشاريعهم أو ريع من عقاراتهم ، والقسم الثانى ويطلق عليه عوائد العمل وهى الأجور التى يحصل عليها العاملين بأجر ، فحتي عام 1989 كان أصحاب حقوق العمل يحصلون علي 48.5% من الناتج المحلي الإجمالي، والنسبة الباقية كانت تذهب للفئة الأخرى، أي حوالي 51.5%، وفي منتصف التسعينيات تغير الوضع وأصبح أصحاب حقوق العمل يحصلون علي 28.6% من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 71.4 % للفئة الأخرى. وهكذا فالاحصائيات تشير إلى أنه منذ تولى مبارك الحكم تضخم حجم عوائد التملك بشكل متزايد حيث أرتفعت من 62% عام 1986 إلى 71% عام 1993، وهى الآن فى عام 2005 تقترب من 80% ، لو ارتفعت بنفس المعدل فأنها ستصل عام 2011 إلى 86%، و فى نفس الوقت تضاءل حجم عائد العمل أى الأجور حبث انخفضت من 38% إلى 29%خلال نفس الفترة، و قد وصلت الآن عام 2005 إلى 20% لو انخفضت بنفس المعدل فأنها ستصل عام 2011 إلى 14%.
نستنتج من كل تلك الاحصائيات أن نظام مبارك وسياسات الحزب الوطنى الحاكم منحازة لملاك الثروة ضد العاملين بأجر ، ففى عهد مبارك تزايد تركز الثروة الاجتماعية و الدخل على نحو مطرد فى يد القلة الرأسمالية المتضائلة حجما باستمرار، فى حين تزايد على نحو مطرد إفقار الغالبية العمالية من تلك الثروة و تضاءل نصيبها من الناتج المحلي الإجمالي، و هى المتضخمة حجما باستمرار، إلا أن سوء توزيع الناتج المحلي الإجمالي لا يتوقف عند هذا الحد فمبلاحظة توزيع الأجور بين العاملين بأجر سنجد أن كبار رجال الإدارة فى فطاع الأعمال العام وكبار رجال الدولة يحوزون على النسبة الأكبر من عائد العمل (الأجور) ، فالفرق بين الحد الأدنى للأجور والحد الأقصى للأجور قد تضخم جدا فى عهد مبارك، ففى حين تحصل غالبية العاملين بأجر على أجور لا تتجاوز 300 جنية شهريا، فإن يوسف عبد الرحمن وكيل وزارة الزراعة كان يحصل بمفرده على ربع مليون جنيه شهريا بشكل رسمى،و فى حين بسدد العاملين بأجر نصيبهم من الضرائب من المنبع ، يتهرب ملاك الثروة من إلتزاماتهم الضريبية يشتى الطرق.

ويشر الباحث الاقتصادى أنه إذا كان العامل يحصل على دخله بالأجر فأنه يستهلكه وفق الأسعار فى السوق، فيلاحظ جميعا كمستهلكين الخلل القائم بين الأجور والأسعار، ففى حين تنمو الأجور بمعدلات بطيئة ترتفع الأسعار بمعدلات صاروخية، وهذا معناه انخفاض الأجر الحقيقى للعامل، فجنيه أول الثمانينات الذى كان يمكنه توفير وجبة فقيرة للعامل وأسرته، أصبح لا يكفى لشراء وجبة فقيرة لفرد واحد، و هذا ما نلاحظه جميعا، إلا أن الاحصائيات تشير إلى تراجع معدل النمو في الأجور الحقيقية خلال السنوات الخمس عشر الأخيرة حينما بدء هذا المعدل في التراجع، فبعد أن كان 5.9% بالقطاع الحكومي في الفترة من 86 وحتى 1991، ثم أصبح بالسالب ( - 1 % ) في الفترة من 1997 وحتى 1998، ثم ( - 2.3 % ) في 98/1999. فقد انفلت عيار التضخم أى المتوسط فى ارتفاع الأسعار فى السوق بكل المقاييس وأصبحت الأسعار ترتفع من يوم إلى آخر وليس بالأسبوع أو الشهر ، و فى حين تعلن الحكومة أن التضخم لا يتجاوز 6 % ، يقول صندوق النقد الدولى أنه بحدود 10% ،و لاشك أننا نلاحظ أن تكاليف المعيشة في تصاعد مستمر، فقد ارتفعت في المناطق الحضرية من عام 84/85 وحتى عام 2000/2001 بنسبة 12.5% سنوياً وفى الريف بنسبة 11.7% سنوياً وهذا يعنى أن السلع والخدمات التى كانت قيمتها 100 جنيه أصبحت قيمتها 657 جنيه في الحضر و583 جنيه في الريف، و إذا كان التضخم وهو متوسط الارتفاع فى الأسعار يصل إلىما بين 6% إلى 10% سنويا، فإن متوسطات الأجور لا ترتفع بنفس النسبة، هذا ما تؤكده الاحصائيات، وهذا معناه إفقار متزايد للعاملين بأجر وانخفاض فى مستوى معيشتهم فى عهد مبارك وحزبه الوطنى الذى لا يرعى مصالح محدودى الدخل كما تدعى أجهزة إعلامه.

ولم تقتصر سياسات الحزب الحاكم على الاجور والاسعار بل كانت المحصلة النهائية لهذه السياسات هو تراجع التنمية من 3ر6 % في 82/1983 في بداية عهد الرئيس مبارك إلي 4ر2% في 2002/2003 طبقا للأرقام الرسمية ، وإلي 8ر1% في 2002/2003 طبقا لتقديرات أخري .

وفى الوقت الذى يكذب فيه قيادات الحزب الحاكم حول الاصلاح السياسى غير المسبوق تؤكد الارقام الدين الخارجي لمصر ارتفع من أقل من خمسة مليارات دولار سنة 1975 لتصل إلي 2ر30 مليار دولار في آخر مارس الماضي ( 2005) . وزاد الدين الداخلي من 11 مليار جنيه في يونيه 1981 إلي 471 مليار جنيه في مارس 2005 . أي أن إجمالي الدين الداخلي والخارجي وصل إلي 5ر646 مليار جنيه ، وهو يوازي 116% من ناتج عمل المصريين خلال سنة وشهرين دون أن ينالوا من هذا الناتج أي شئ إلا الكفاف ومالايكفي لحياة البشر حياة إنسانية ، وأصبح كل مصري مديناً بمبلغ 9170 جنيها ! وارتفع العجز في الموازنة العامة إلي أكثر من 54 مليار دولار ، وكذلك العجز في الميزان التجاري . وأثمر هذا التدهور في الاقتصاد المصري ، ثبات أجور 5 ملايين و670 ألف موظف مصري وانخفاض قيمتها الحقيقية نتيجة لارتفاع نسبة التضخم إلي 25% وزيادة الأسعار . وانضم إلي جيوش العاطلين 2 مليون من خريجي الجامعات والمعاهد العليا والمتوسطة والباحثين عن العمل بصفة عامة وذلك طبقا للبيانات الحكومية ، بينما تقدرهم الاحصاءات غير الرسمية بما يتراوح بين 3 ملايين و5 ملايين شخص . وقد ارتفعت نسبة البطالة من قوة العمل المصرية من 5% عام 81/1982 إلي 10% عام 2003 /2004 ( التقديرات الرسمية ) ، بينما تقدرها مصادر أخري ب 15% و25%.. وارتفعت نسب الفقر وأصبح 43% من المصريين يعيشون تحت خط الفقر .
كذابون من " ساسهم حتى رأسهم " كما يقول المثل الشعبى الشهير , وهكذا تقول الجماهير وتؤكده الاوضاع التنظيمية فى حزبهم الوهمى الكذاب .



#عبدالوهاب_خضر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تفاصيل مناورات الإخوان والأمريكان وخطة تخريب مصر
- صح النوم .. تزوير الانتخابات المصرية بدأ منذ ربع قرن
- ليالى الفقر فى المحلة
- الوجه الحقيقى لأمريكا
- كنت مع الزعيم خالد محى الدين
- إلى أهالى قطور : تعالوا نقاوم الفساد والجوع والفقر والمرض
- أسرار التوتر العمالى الخطير على الحدود المصرية السودانية
- تحالف اليسارالمصرى من أجل العدل والحرية والتقدم
- برنامج إنقاذ مصر
- مشاهد من علاقتى مع صاحبة الجلالة
- يا رئيس إمبارح .. ورئيس دلوقتى
- يا بلدنا لا تنامى
- العدد الثانى لنشرة حزب التجمع حول الانتخابات الرئاسية فى مصر
- العدد الاول لنشرة حزب التجمع حول الانتخابات الرئاسية فى مصر
- لماذا قاطع حزب التجمع إنتخابات الرئاسة فى مصر ؟؟
- معلومات جديدة وخطيرة عن د. سيد القمنى وتنظيم القاعدة
- أكبر خسارة سياسية للطبقة العاملة المصرية
- عايزين قانون أطول من أحمد نظيف و أجمل من هيفاء وهبى
- إكتب على كل الكراريس ... شعب مصر ضد التوريث
- د. رفعت السعيد: الحكم يدوس بأقدامه على مصالح الشعب المصرى


المزيد.....




- شاهد رد مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي عن مقتل أطفال ...
- مصادر تكشف لـCNN كيف وجد بايدن حليفا -جمهوريا- غير متوقع خلا ...
- إيطاليا تحذر من تفشي فيروس قاتل في أوروبا وتطالب بخطة لمكافح ...
- في اليوم العالمي للملاريا، خبراء يحذرون من زيادة انتشارالمرض ...
- لماذا تحتفظ قطر بمكتب حماس على أراضيها؟
- 3 قتلى على الأقل في غارة إسرائيلية استهدفت منزلًا في رفح
- الولايات المتحدة تبحث مسألة انسحاب قواتها من النيجر
- مدينة إيطالية شهيرة تعتزم حظر المثلجات والبيتزا بعد منتصف ال ...
- كيف نحمي أنفسنا من الإصابة بسرطانات الجلد؟
- واشنطن ترسل وفدا إلى النيجر لإجراء مباحثات مباشرة بشأن انسحا ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - عبدالوهاب خضر - الكذابون فى الحزب الحاكم