أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود عباس - لو أن بشار الأسد - 1/2














المزيد.....

لو أن بشار الأسد - 1/2


محمود عباس

الحوار المتمدن-العدد: 5274 - 2016 / 9 / 3 - 10:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


النهج المرضي الذي اتبعه بشار الأسد، فاقم به مع حاشية والده، من مآسي الشعوب السورية، وكذلك من سمعة الشعب العربي، وكانت نتيجة تصرفه هذا وقوعه في مستنقع الضياع، وتحوله من رئيس دولة إلى خادم مطيع للقوى الإقليمية بقيادة الدول الكبرى، وعليه بدأ العالم يتعامل معه معاملة حارس ليلي لا أكثر، ويتوضح هذا عندما دعاه وزير الدفاع الروسي إلى مقر قواته على الساحل السوري لمقابلته، وبدت المقابلة كأن أحد رؤساء مربعاته الأمنية يحقق مع أحد معارضي نظام حكمه، وكان مستكانا أمام الوزير كما تستكين أجهزته القمعية مطالبي الحرية في سوريا السجن. ومهما طغى وتبجح على الشعب، فهو الآن في نظر العالم جميعا؛ وليس فقط في نظر الشعب السوري، مجرم حرب، وقاتل الأطفال.
كان بإمكانه أن يكون سيد الدولة السورية، لو أبدى قليلا من التعامل الحضاري مع الشعب الآمن، لكنه برعونته أسقط ذاته في خانة خادم مستكين ولأقرب الدول إليه. يتحرك مسلوب الإرادة، يُأمر حسب أجندات من استعان بهم لإبادة الشعوب السورية، ويحارب حسبما تقتضي مصالحهم، لقد أضاع الشعب السوري وأضاع ذاته وطائفته. على الأغلب هو وحاشيته يدركون أن آثار فعله هذا ستنعكس سلبا على طائفته لاحقا، كالأخذ بالثأر وإن مرت عليها عقود. وهذا لم يقتصر على سنة سوريا، بل كل السنة وفي أية بقعة من بقاع الأرض كانوا، كما فعل هو في جرّ الجهاديين من الفريقين ليذيقوا أشد المآسي والكوارث للشعب السوري الآمن.
لو كان (وكلمة لو الآن لم تعد سارية المفعول بحكم التقادم وبمسافات ضوئية) بشار الأسد على قدر من الوعي الحضاري، لاختار منطق الحوار الذي كان سيقربه من مناوئيه السياسيين، ومن الشباب الثوري، الذين كانت الحرية والانفتاح على العالم الحضاري بأبسط نماذجهما كافية لإرضائهم، لكن وللأسف انتهج طريق الإجرام وحرق الأخضر واليابس حلاً، لم يكن تدمير سوريا له بذي بال طالما هناك أصوات ترتفع مطالبة بالحرية وكسر الانغلاق، وهذا بمفهوم بشار كان يعني زوال سلطته.
وما يدهش متوسط الذكاء، أنه شاهدٌ على تجربة أسياده في الحقبة السوفيتية، ولم يتعظ بها، وكأنه أذكى منهم، رغم إيمانه النظري والعملي بسيادتهم. ولم يبدِ أي ميل نحو الاستفادة من انتقالهم السلمي إلى الحرية والانفتاح، ويعلم جيدا، أن أسياده من تلك الحقبة لا يزالون أصحاب السلطة الفعلية في تلك الدول، ولكن من وراء الستار. بالرغم من توحد الألمانيتين لا زالت ألمانيا الشرقية هي نفسها ضمنا، وإن تغير شكلها الخارجي، ناهيكم عن بقية دول المنظومة السوفيتية السابقة. قد يكون تأكدنا مشكوك فيه فيما إذا اعتبر طبيب العيون نفسه أذكى منهم، إلا أن الوقائع تبدي ما تأكد لدينا.
لا يوجد أي مبرر ما قامت به مربعاته الأمنية من العمليات الإجرامية، في بدايات الثورة السورية، كالتمثيل بجثث أطفال حلموا بالحرية التي تلقوها عن طريق شبكات التواصل الاجتماعي، وكذلك بجثث آبائهم الذين كانت طموحاتهم لا تتجاوز الظفر بواقع حضاري إنساني. وكان الأولى برجل، قيل على لسانه في السنة الأولى من وراثته لعرش والده أنه يطمح إلى تطبيق ما عايشه في العالم الحضاري، وذلك بحكم مقارنته بين ما لامسه عمليا في الخارج من تقدير للقيم الإنسانية، وما كان عليه والده في سوريا. لو طبق ما أفصح عنه لكان كافيا أن يمحي جنايات والده، ويظفر بخلود الذكر كقائد أعاد الاعتبار الحضاري والإنساني لسوريا وشعبها بعدما أفسدها والده بكليتها. ولكن جرى عليه المثل القائل "لا تسقط التفاحة بعيدة عن شجرتها".
أوصل بشار الأسد، وبحقد وخباثة مستشاري والده ومربعاته الأمنية، سوريا إلى ما عليها الآن، فلم يعد لديه وطن يحكمه، ولا الشعب السوري قادر على رؤيته، وحتى المقربين منه، والمحاطين به، لا يرون فيه سوى رئيس، غارق في الإجرام. لقد راكم هذا الغارق في الإجرام على طائفته الثارات، ورغم ادعاءات المغدورين بهم حول تبرئة طائفة هذا الرئيس، لن تنقذها، وفي أول فرصة يظفر بها المغدورون بهم ستضرم نار الثأر والانتقام. ودفعُ الثمن واقعٌ عاجلا كان أم آجلا، فبشار الأسد وحاشيته هم المذنبون فيما ستلحق بالطائفة لاحقا. بسجية الإجرام حكموا على طائفتهم بالإعدام قبل إعدامهم للشعوب السورية. والحقيقة ليست فيما يقال في العلن وفي إعلامه، بل ما ترسخت في اللاشعور البشري السوري، السني السوري أولا ومعهم عموم السنة في عالمها الواسع. والصور النمطية المتشكلة في ذهنية طائفته وفي ذهنية السوريين على العموم لا تنم عن نسيان الحاصل وما يحصل الآن. في الجانب الآخر المعارضة التكفيرية الافتراضية لا تقل صيتها عن بشار وحاشيته؛ وهذا كافٍ حين يتم ذكرهم وذكر سوريا اليوم وفي جميع بقاع العالم أن تعكس صور الإجرام، والرعب والإرهاب لدى السامع، ويتصفان ببؤرة الإجرام والشر، أما ذكر اسم الشعب السوري في الجهة المقابلة تحضر إلى الأذهان صور التشرد والهجرة والبؤس ممزوجة بشعور الحزن والألم، لقد ترسخ، ما حصلت وتحصل لسوريا الآن، في الأذهان وعلى مدى الدهور، مثلها مثل المجازر التي دخلت التاريخ بصفحات مكتوبة بيد المستبدين، وبمداد من دماء الشعوب الآمنة، والشباب الطامح للحرية.
محصلة ما جرى قبل خمس سنوات وإلى الآن أوصلت سوريا إلى أيام الانتداب، لتتداول الدول قضيتها بمعزل عنها، وفي معظم الأحيان لم يتجاوز حضور ممثليها أو تواجدهم، في جميع المؤتمرات السابقة وحتى آخرها في جنيف، عن سوية مسرحيات هزيلة مقرفة، وخاصة الأخيرة، والتي ترأسها الشلة العنصرية والحاقدة على الشعوب والأديان السورية غير السنية البعثية، المتشكلة في مؤتمر الرياض، لتكون على مقياس شريحة سلطة بشار الأسد الفاجرة، وكانت غايتها تضييع الوقت وإلهاءهم بمباحثات سذاجة؛ ليتوصلوا في النهاية إلى قرار مفاده العمل على وقف نزيف الدم السوري (يا لها من قرار!)...

يتبع ...


د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
[email protected]
29/8/2016م



#محمود_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصور النمطية المعيقة للعرب والكرد - 2/4
- الصور النمطية المعيقة للعرب والكرد - 1/4
- جنيف مرت من الحسكة إلى جرابلس
- الشخصية الكردية - 2/2
- بيان بصدد الحوار العربي-الكردي المقام من قبل مركز حرمون (صال ...
- الشخصية الكردية - 1/2
- القضية الكردية في سان بطرسبورغ
- رمزية سان بطرسبورغ
- احتمالات مصير غربي كردستان -2
- احتمالات مصير غربي كردستان
- إسلام من يتبع داعش والقاعدة
- الانقلاب التركي كردياً
- مصداقية الباحث العربي محمد جمال باروت مثالاً - الجزء الثامن
- امرأة ستقود العالم - 2/2
- امرأة ستقود العالم - 1/2
- الحزب الثالث الأمريكي - 2/2
- الحزب الأمريكي الثالث - 1/2
- شيفرة دي مستورا - 3/3
- شيفرة دي مستورا - 2/3
- شفرة دي مستورا - 1/2


المزيد.....




- أوروبا ومخاطر المواجهة المباشرة مع روسيا
- ماذا نعرف عن المحور الذي يسعى -لتدمير إسرائيل-؟
- من الساحل الشرقي وحتى الغربي موجة الاحتجاجات في الجامعات الأ ...
- إصلاح البنية التحتية في ألمانيا .. من يتحمل التكلفة؟
- -السنوار في شوارع غزة-.. عائلات الرهائن الإسرائيليين تهاجم ح ...
- شولتس يوضح الخط الأحمر الذي لا يريد -الناتو- تجاوزه في الصرا ...
- إسرائيليون يعثرون على حطام صاروخ إيراني في النقب (صورة)
- جوارب إلكترونية -تنهي- عذاب تقرحات القدم لدى مرضى السكري
- جنرال بولندي يقدر نقص العسكريين في القوات الأوكرانية بـ 200 ...
- رئيسة المفوضية الأوروبية: انتصار روسيا سيكتب تاريخا جديدا لل ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود عباس - لو أن بشار الأسد - 1/2