أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - شادي الشماوي - الثورة الثقافية فى الصين ...الفنّ و الثقافة ... المعارضة و الصراع ... و المضيّ بالثورة نحو الشيوعية- لبوب أفاكيان – الفصل الخامس من كتاب - الصراع الطبقي و مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتوريّة البروليتاريا : الثورة الثقافيّة البرولتاريّة الكبرى قمّة ما بلغته الإنسانيّة فى تقّدّمها صوب الشيوعيّة















المزيد.....



الثورة الثقافية فى الصين ...الفنّ و الثقافة ... المعارضة و الصراع ... و المضيّ بالثورة نحو الشيوعية- لبوب أفاكيان – الفصل الخامس من كتاب - الصراع الطبقي و مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتوريّة البروليتاريا : الثورة الثقافيّة البرولتاريّة الكبرى قمّة ما بلغته الإنسانيّة فى تقّدّمها صوب الشيوعيّة


شادي الشماوي

الحوار المتمدن-العدد: 5270 - 2016 / 8 / 30 - 23:40
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    




– الفصل الخامس من كتاب - الصراع الطبقي و مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتوريّة البروليتاريا : الثورة الثقافيّة البرولتاريّة الكبرى قمّة ما بلغته الإنسانيّة فى تقّدّمها صوب الشيوعيّة


الماويّة : نظريّة و ممارسة
عدد 24 / ماي 2016
شادي الشماوي


بمناسبة الذكرى الخمسين للثورة الثقافيّة البروليتارية الكبرى التى ألهمت و لا تزال تُلهم عبر العالم قاطبة ملايين الشيوعيين الثوريين و الجماهير الشعبيّة التوّاقين لتحرير الإنسانيّة و تشييد عالم آخر ضروري و ممكن ، عالم شيوعي ، و مساهمة منّا فى مزيد التعريف بهذه الثورة و رفع رايتها الحمراء ، أتممنا صياغة فصول أضفناها إلى أخرى سبق نشرها لتأليف هذا الكتاب الذى ننشر اليوم.

فهرس كتاب :

" الصراع الطبقي و مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتوريّة البروليتاريا :
الثورة الثقافيّة البروليتاريا الكبرى قمّة ما بلغته الإنسانيّة فى تقدّمها صوب الشيوعيّة "

تمهيد

الفصل الأوّل :

عشر سنوات من التقدم العاصف ( مجلّة " عالم نربحه " عدد 7 ).

الفصل الثانى :

تعميقا لفهم بعض القضايا الحيوية المتعلّقة بالثورة الثقافية.( شادي الشماوي )

الفصل الثالث :


فهم الخطوط التحريفية التي واجهها الشيوعيون الماويون إبّان الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى

1- لمزيد فهم الخط اللين بياوي كأحد الخطين التحريفيين الذين هزمهما الخط الثوري الماوي أثناء الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى .( شادي الشماوي)

2- من صين ماو الإشتراكية إلى صين دنك الرأسمالية: برنامج دنك الذى طبق فى الصين بعد إنقلاب 1976 يميط اللثام حتى أكثر عن الخطّ التحريفي الذى ناضل ضدّه الشيوعيو ن الماويون.( شادي الشماوي)

الفصل الرابع :

مقتطفات من أقوال الرئيس ماو تسى تونغ بصدد الثورة الثقافية . (شادي الشماوي)
الفصل الخامس :

الثورة الثقافية فى الصين...الفنّ والثقافة...المعارضة والصراع...والمضيّ بالثورة نحو الشيوعية (بوب أفاكيان)
خاتمة الكتاب
ملاحق (3) : 1- قرار ال16 نقطة.
2 - ماو تسى تونغ يحلّل الثورة الثقافية .
3- الرئيس ماو تسى تونغ يناقش مظاهر البيروقراطية.

المراجع الأساسية المعتمد
أدبيات إضافية متوفّرة على الأنترنت
فهارس كتب شادي الشماوي
========================================================

تمهيد :


فى المجتمع الإشتراكي كمرحلة إنتقالية من الرأسمالية إلى الشيوعية و فى ظل دكتاتورية البروليتاريا و فى ظروف علم خمسينات القرن العشرين و ستيناته و الردّة التحريفية فى الإتحاد السوفياتي و عقب دراسة تجارب دكتاتورية البروليتاريا العالمية ، كان الشيوعيّون الماويون يجتهدون لتجنيب الصين المصير الذى آل إليه الإتحاد السوفياتي و يخطّون طريقا جديدا لبناء الإشتراكية مستفيدين من التجارب السابقة و كانوا يتوقّعون أن : " فى مثل هذه المرحلة ، علينا أن نكون على استعداد لخوض صراعات عظيمة فى جوانب عدّة ستختلف فيها أشكال الصراع عن تلك التى استعملت فى الماضى."( ماو تسى تونغ )

ومثلما شرح ذلك ماو تسى تونغ فى خطاب له أمام البعثة العسكرية الألبانية فى غرّة ماي 1967 ، سعى الشيوعيون الماويون منذ أواخر الخمسينات و بداية الستّينات لإيجاد طريقة و وسيلة فعالة بما فيه الكفاية لمكافحة الجانب الأسود داخل الحزب و الدولة - التحريفيون - و لم يسعفهم فى ذلك تاريخ الحركة الشيوعية العالمية بتجاربه المتنوّعة . و مع تطوّر الصراع الطبقي فى الصين و النهوض الجماهيري للدفاع عن المكاسب الإشتراكية و تطوّر النظرية الماوية لمواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا ، تكشفت و تجلّت الوسيلة و الطريقة الجديدة كلّ الجدّة و المثرية أيّما إثراء لعلم الثورة البروليتارية العالمية : الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى .

و يمكن إجمال أهم ركائز نظرية مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا مثلما طوّرتها الماوية كمرحلة ثالثة فى تطوّر علم الشيوعيّة فى الآتى ذكره : فى المجتمع الإشتراكي بما هو مجتمع طبقي إنتقالي من الرأسمالية إلى الشيوعية و إن تمّ بالأساس تحويل الملكية إلى ملكية إشتراكية يتواصل وجود الطبقات والتناقضات الطبقية و الصراع الطبقي و إمكانيّة حصول ردّة من الداخل واردة حقيقة بإعتبار تواصل صراع الطريقين الرأسمالي و الإشتراكي طوال المرحلة الإشتراكية المديدة فعلا كمرحلة إنتقالية من الرأسمالية إلى الشيوعية ؛ و يتركّز الصراع الطبقي و الصراع بين الطريقين صلب الحزب الشيوعي بإعتباره محور المجتمع الإشتراكي. و يتّخذ شكل صراع خطين رهانه طبيعة الحزب و الدولة و إن ظلّ الخطّ الشيوعي الثوري منتصرا ظلّت طبيعتهما بروليتاريّة و متى إنتصرت التحريفيّة ، حدث تحوّل نوعي و بلغت البرجوازية السلطة و صارا برجوازيين و أعيد تركيز الرأسمالية. و من هنا لزاما على الشيوعيين أن يخوضوا بلا إنقطاع ، كي يبقى الحزب و تبقى الدولة بروليتاريين ، نضالا لا هوادة فيه ضد القاعدة المادية- إنتاج صغير وحق برجوازي و تقسيم العمل قادة / قواعد و التناقض بين العمل الفكري و العمل اليدوي و بين العمّال و الفلاّحين و بين الريف و المدينة...- و البنية الفوقية – و منها التقاليد و الأفكار البرجوازية المنغرسة لقرون- اللّذان يولّدان الرأسمالية بإستمرار و من أجل تثوير علاقات الإنتاج ( الموقع من العمل و الموقع من توزيع الثروة بعد تحويل الملكية ) والبنية الفوقية لتغيير نظرة الناس للعالم حتى تصبح بروليتاريّة شيوعية و للتقدّم صوب العالم الشيوعي .

و الذين يقفون دون تثوير المجتمع بإتّجاه المجتمع الخالي من الطبقات و يسعون لإيقافه و توسيع علاقات الإنتاج و الأفكار البرجوازية جزئيّا ثمّ لإعادة تركيز الرأسمالية عبر البلاد كافة هم فى صفوف الحزب أتباع الطريق الرأسمالي التحريفيين الذين كمهمّة يجب الإطاحة بهم و ذلك بوسيلة جديدة طوّرتها الماويّة هي الثورات الثقافية البروليتارية الكبرى ، من الأسفل عن طريق إستنهاض الجماهيراالشعبية لتستعيد أجزاء السلطة التى إستولى عليها التحريفيّون و لترفع من وعيها الطبقي من خلال الممارسة فتغدو قادرة على كشف التحريفيّين و الإطاحة بهم دون تردد و تغيير العالم بإتجاه بلوغ العالم الشيوعي.

هنا لسائل أن يسأل لماذا لم يتم ببساطة طرد التحريفيّين من الحزب دفعة واحدة و لا حاجة إلى هذه النظرية الماوية و هذا الصراع الدائم ( وهو رأي يشيعه الخوجيّون جميعا ) ؟

و الجواب هو أن تاريخ الصراع الطبقي للبرولياتاريا علمنا أن الطرد ليس الحلّ الأمثل . فمثلا طرد ستالين من طرد و مع ذلك حدث الإنقلاب التحريفي بقيادة من يعتبر من مساعديه المقرّبين و لم يفهم الشعب السوفياتي ما حصل و قطاعات كبيرة منه هلّلت للتغيير . و طرد أنور خوجا من طرد و مع ذلك جاء مساعده و عضده الأيمن راميز عاليا ليقود إعادة تركيز الرأسمالية بفجاجة و سادت البلبلة صفوف العمّال و الفلّاحين و المثقّفين...

هذا من ناحية أمّا من ناحية ثانية فماو ينظر إلى المسألة على أنّها صراع طبقيّ و عليه بالتالي أن يخوض الصراع الطبقي بالأساس و يأتى الطرد كأحد الإجراءات التى لا تعوّض الصراع السياسي و بالفعل طرد من الحزب أو المناصب الحزبيّة و الحكومية خلال الثورة الثقافية ليوتشاوشى – خروتشوف الصين الأوّل – و دنك سياو بينغ لمرتين – خروتشوف الصين الثاني- ضمن ما يناهز ال3 بالمائة من المطرودين و مع ذلك تمكّن التحريفيّون من مختلف المستويات السفلى و المتوسّطة و العليا من الضغط بوسائل متنوّعة و التآمر لإرجاع عدد من المطرودين. و بعد الإنقلاب فى 1976 أعادوا الإعتبار لمن أسموهم ضحايا الثورة الثقافية و وضعوا دنك على رأس الحزب و الدولة .

و من الأكيد أن عملية الصراع ضد التحريفيين لم تكن يسيرة فالأوراق كانت مختلطة و الأوضاع معقّدة بل فى منتهى التعقيد أحيانا فالتحريفيّون أنفسهم ما كانوا ليعلنوا أنّهم معادين صراحة للخطّ الثوري الماوي . بالعكس كانوا يقدّمون برامجهم و أفكارهم على أنّها الأفكار الماويّة و كانوا يعتمدون تكتيكات خبيثة نلمح إلى إثنين منها أمسيا معروفين خلال الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى والأوّل هو توسيع الهدف و الهجوم على الكلّ لحماية مجموعة قليلة و الثاني هو رفع راية الماويّة لإسقاطها أي إدعاء العمل وفق الخطّ الماوي فى حين يمارس نقيضه. و هذه ليست خيالات، هذه وقائع صراع طبقي محتدم مداره من سينتصر الطريق الإشتراكي أم الطريق الرأسمالي وهي معارك كما سنرى شرسة حقيقة .

و فضلا عن ذلك و تأسيسا على كون تناقضات المجتمع الإشتراكي ذاتها تفرز بإستمرار الرأسماليّة و التحريفيّة و كون ما يدور من صراع طبقي يتمحور على هدف السلطة وهل يتظلّ الصين إشتراكية أم سيعاد تركيز الرأسمالية بها مع صعود التحريفية و بالتالي صعود البرجوازية الجديدة للسلطة ،على عادته الثوريّة المنطلقة من الفهم العميق للخط الجماهيري و إعتبار الشعب و الشعب وحده هو صانع تاريخ العالم، إستنهض الخطّ الماوي الذى كان سائدا داخل الحزب الشيوعي الصيني إلى 1976 الجماهير لتصنع التاريخ متصدّية للتحريفيّة وماسكة بزمام المجتمع و سلطة توجيهه على الأصعدة كافة و رافعة وعيها و مغيّرة نظرتها للعالم فيتقدّم المجتمع على الطريق المؤدى للمجتمع العالمي الخالي من الطبقات ، الشيوعية المثل الأعلى المستقبلي .

و فى السجال الذى سنخوض هذه المرّة ضد أصحاب و أنصار التحريفية المعاصرة و الخوجيين وتحديدا بصدد الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى كأحد ركائز نظريّة مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا ، حجر الزاوية فى الماوية ، فى سجالنا هذا سنلجأ الى استشهادات متعدّدة قد تثقل على من لم يتعوّد هذا النوع من المقالات و لكن عذرنا هو أن غايتنا من هذه الاستشهادات مزدوجة فأوّلا ، أقدمنا على ما أقدمنا عليه اجلاءا للحقيقة فى أدق تفاصيلها ( والحقيقة وحدها الثورية) و ثانيا ، توفيرا لمادة وثائقية قد يفتقدها العديد من الرفاق و الرفيقات و من يبحث عن الحقيقة .

و قناعتنا راسخة بأنّه لما ينفض الغبارالذى ذرّه التحريفيّون المعاصرون و الخوجيّون على الماركسية – اللينينية -الماوية ستدرك الثوريّات و يدرك الثوريّون أنّه لن توجد حركة ثورية دون علم الشيوعية و قمم تطوّره المستمرّ و لن تنجز ثورة ديمقراطية جديدة تمهّد للثورة الاشتراكية و تقودها الطبقة العاملة عبر حزبها الشيوعي.

-----------------------------------------

إستخلاص الدروس من التجربة السوفياتية لتشييد تجربة أرقى :

لن نتوسّع هنا فى هذه المسألة و إنّما لنوفّر مادة فهم تمهيدي سنعمد إلى مقتطف طويل نسبيا من واحدة من الوثائق التاريخية ذات الدلالة الفائقة ألا وهي" شيوعية خروشوف المزيّفة و الدروس التاريخية التى تقدمها للعالم " المؤرخ فى 14 تموز 1964 ، قبل سنتين تقريبا من إندلاع الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى. و هذه الوثيقة هي " الجواب " الصيني التاسع على الرسالة السوفياتية التى يعود تاريخها إلى 14 تموز(يوليو) 1963، وهي واحدة من نصوص الجدال الكبير ضد التحريفية السوفياتية / البرجوازية الجديدة التى إنقلبت و على رأسها خروشوف على الخط الثوري للحزب و الدولة السوفياتيّين فحولّتهما من حزب و دولة بروليتاريّين إلى حزب و دولة برجوازيين.

و تجدر الإشارة هنا إلى أن الخوجّيين بجميع أصنافهم ناشري الجهل لم يذكروا هذه الوثائق الماويّة و لم يتعرّضوا لها لا بالتحليل و لا بالنقد ( خوجا يحول وجهته فى 1979 و يهاجم ماو هجوما مسعورا مزوّرا الحقائق ومفتريا على القائد البروليتاري العالمي الإفتراء كلّه قالبا الوقائع رأسا على عقب مدّعيا أنّ ماو لم يناضل ضد التحريفيّة المعاصرة ، كلّ هذا بعد أن كان يرفع ماو إلى السماء ! ) رغم عرضها لبعض النظريّات التى طوّرها ماو و تصريحها بلا لفّ و دوران مثلا أن ماو " أغنى و طوّر النظريّة الماركسية اللينينية حول دكتاتورية البروليتاريا..." كما سنلمس فى الوثيقة التى نضع مقتطفات منها بين أيديكم :

" إن السير إلى الأمام نحو الشيوعية معناه التقدّم نحو إزالة كلّ الطبقات و الفوارق الطبقيّة . و لا يمكن تصوّر مجتمع شيوعي يُبقى على أيّ من الطبقات ناهيك عن طبقات مستغِلّة . و الحال أنّ خروشوف يدعم نوعا جديدا من البرجوازية ، بإعادة نظام الإستغلال و توسيعه و تعجيل الإستقطاب الطبقي فى الإتحاد السوفياتي . و أصبحت الآن شريحة برجوازية منعمة بالإمتيازات فى وضع معارض للشعب السوفياتي تحتلّ مركز السيطرة فى الحزب و الحكومة و فى الدوائر الإقتصادية والثقافية وغيرها. فهل يجد المرء ذرة من الشيوعية فى كلّ هذا ؟ ...

إنّ السير قُدما نحو الشيوعية يعنى العمل على رفع الوعي السياسي الشيوعي لدى الجماهير الشعبية بصورة دائمة. و لا يمكن تصوّر مجتمع شيوعي تطغى فيه الأفكار البرجوازيّة . و الحال أنّ خروشوف يعمل بحمية لإنعاش الإيديولوجيا البرجوازية فى الإتّحاد السوفياتي و يتصرّف تماما كمبشّر بالثقافة الأمريكيّة المتفسّخة.

وهو بترويجه للحافز المادي يحوّل جميع العلاقات بين البشر إلى علاقات ماليّة و ينمّى الفرديّة و الأنانيّة . و أصبح العمل الجسماني نتيجة لفعله محتقرا من جديد ، و أصبحت المتعة و العبث على حساب عمل الآخرين عملا مشرفا . إنّ الأخلاق الإجتماعيّة و العادات التى يشجّعها خروشوف أصبحت بعيدة جدا عن الشيوعيّة...

إنّ " شيوعية " خروشوف هي فى جوهرها لون من ألوان الإشتراكيّة البرجوازيّة . و هو لا يعتبر أنّ الشيوعية هي إزالة الطبقات و الفوارق الطبقيّة تماما ، بل على العكس فهو يصف الشيوعية بأنّها "صحن بمتناول الجميع مليئ بمنتجات العمل الجسماني و الروحي ". و بالنسبة إليه لم يعد نضال الطبقة العاملة من أجل الشيوعية نضالا من أجل التحرّر الكامل للطبقة العاملة نفسها و لجميع البشرية ، بل العكس فهو يصفه بإعتباره نضالا من أجل صحن جيد من " الغولاش " ( البطاطا و اللحم ). لم يبق فى قلب خروشوف من أثر للشيوعية العلمية ، بل لا يوجد فيه إلاّ صورة مجتمع برجوازي سوقي ...

و ليس من شيء عجيب غير مألوف فى شيوعيّة كهذه . إنّها ببساطة إسم جديد للرأسمالية .

فمن السهل إذن أن نفهم لماذا تحظى " شيوعية " خروشوف بتقدير الإمبريالية و الرأسمال الإحتكاري . صرّح وزير الخارجيّة الأمريكيّة دين راسك : "... بقدر ما يحتلّ الغولاش و البنطلون الثانى و ما شابه ذلك من مسائل من مكانة أكثر أهمّية فى الإتحاد السوفياتي بقدر ما تظهر ، على ما أعتقد ، من تأثيرات معتدلة ..."

بودنا أن ننصح السادة الإمبرياليين بألاّ يفرحوا قبل الأوان ! و ذلك لأنّ أيّة خدمة تقدّمها عصابة خروشوف التحريفيّة لن يكون بمقدورها حماية الإمبريالية من نهايتها الحتميّة . إنّ العصابة التحريفية المسيطرة تعاني نفس المرض الذى تعانيه العصابة الإمبريالية المسيطرة ، فهما متعارضتان تعارضا لا لقاء فيه مع الجماهير الشعبية التى تشكل أكثر من 90 بالمائة من سكّان العالم ، لذا فإنّهما ضعيفتان و عاجزتان و نمران من ورق . إنّ عصبة خروشوف التحريفيّة تشبه صنما من الطين لا يمكنها أن تصون نفسها من الذوبان أثناء عبور النهر ، إذن كيف يمكنها أن تمنح الإمبريالية عمرا أطول ؟...

هل مجتمعنا اليوم نظيف لا شائبة فيه ؟ كلاّ ! ما زالت الطبقات موجودة ، وما زال الصراع الطبقي موجودا ، وما زالت هنالك الطبقات الرجعيّة التى أطيح بها عن الحكم و التى تتآمر للعودة ، و ما زالت فى بلادنا نشاطات تمارسها العناصر البرجوازية القديمة و الجديدة ، و هجمات مسعورة يشنّها المختلسون و المرتشون و المتحلّلون. وهنالك أيضا حالات تفسخ فى عدد قليل من المنظمات القاعدية ، و بالإضافة لهذا يبذل هؤلاء المتفسّخون وسعهم لإيجاد حماة و عملاء لهم فى الهيئات القياديّة الأعلى . لهذا علينا ألاّ نقلّل بأيّ قدر كان من يقضتنا إزاء هذه الظواهر ، بل علينا أن نكون منتبهين تماما ...

كيف يمكن تدارك عودة الرأسمالية ؟ لقد وضع الرفيق ماو تسى تونغ حول هذه المسألة مجموعة من النظريّات و السياسات بعد تلخيص الخبرات العمليّة لدكتاتوريّة البروليتاريا فى الصين و بعد دراسة الخبرات الإيجابيّة و السلبيّة للأقطار الأخرى ، لا سيما الإتحاد السوفياتي ، وفقا للمبادئ الأساسية للماركسية - اللينينية ، و هكذا أغنى و طوّر النظرية الماركسية-اللينينية حول دكتاتورية البروليتاريا .

إنّ المحتوى الأساسي للنظريّات و السياسات التى قدمها الرفيق ماو تسى تونغ فى هذا الصدد هو كما يلى :

1- من الضروري تطبيق القانون الماركسي-اللينيني حول وحدة الأضداد على دراسة المجتمع الإشتراكي . إنّ قانون التناقض فى كلّ الأشياء ، أي قانون وحدة الأضداد ،هو القانون الأساسي للديالكتيك المادي . و يعمل هذا القانون فى كلّ مكان سواء فى عالم الطبيعيّات أو فى المجتمع الإنساني أو فى الفكر الإنساني . إنّ الأضداد فى أيّ تناقض ما تتّحد بعضها مع بعض و تتصارع بعضها مع بعض ، و هذا ما يدفع الأشياء إلى الحركة و التغيّر . و المجتمع الإشتراكي لا يشذّ عن هذا ...

2- إنّ المجتمع الإشتراكي يستمرّ لفترة تاريخيّة طويلة جدّا ، و الطبقات و الصراع الطبقي يستمران فى هذا المجتمع ، و الصراع لم يزل يدور بين طريق الإشتراكيّة و طريق الرأسماليّة . إنّ الثورة الإشتراكية فى الجبهة الإقتصاديّة ( فى ملكية وسائل الإنتاج ) وحدها ليست كافية ، و لا يمكن تدعيمها أيضا . لهذا لا بدّ من وجود ثورة إشتراكية شاملة فى الجبهتين السياسية و الإيديولوجية .

وهذا يحتاج إلى فترة طويلة من الزمن لكي يتقرّر أيّ من الإشتراكيّة و الرأسماليّة ستنتصر على الأخرى فى الجبهتين المذكورتين . و سوف لا تكفى عدّة عقود من الزمن ، و النصر يحتاج إلى مدّة تمتدّ من قرن إلى عدّة قرون . و فيما يتعلّق بمسألة الجهود يكون من الأفضل إعتبار المهام أصعب بدلا من إعتبارها سهلة . و التفكير و العمل بهذا الشكل سوف يكونان أكثر نفعا و أقلّ ضررا . و كلّ من يعجز عن رؤية هذا أو عن تقديره تقديرا تاما سوف يرتكب أخطاء عظيمة و هائلة . و من الضروري خلال الفترة التاريخيّة للإشتراكيّة التمسّك بدكتاتورية البروليتاريا و مواصلة الثورة الإشتراكية حتّى النهاية إذا ما أريد سدّ الطريق أمام عودة الرأسمالية ، و دفع البناء الإشتراكي إلى الأمام ، و خلق الظروف للإنتقال إلى الشيوعية .

3- إنّ الطبقة العاملة تقود دكتاتوريّة البروليتاريا على أساس التحالف بين العمّال و الفلاّحين . و هذا يعنى مباشرة دكتاتوريّة البروليتاريا ، بواسطة الطبقة العاملة و الشعب تحت قيادتها ، على الطبقات الرجعيّة و على الأفراد الرجعيّين و العناصر التى تعارض التحويل الإشتراكي و البناء الإشتراكي ، و تمارس المركزيّة الديمقراطيّة بين صفوف الشعب. إنّ ديمقراطيّتنا هي أوسع ديمقراطية ، و يستحيل إيجاد مثلها فى أيّ دولة برجوازية .

4- من الضروري فى الثورة الإشتراكيّة و البناء الإشتراكي معا الإلتزام بخطّ الجماهير ، و إستنهاض الجماهير بشجاعة و تطوير حركة الجماهير على نطاق واسع ...

5- من الضروري ، سواء فى الثورة الإشتراكيّة أو البناء الإشتراكي ، حل مسألة : من يعتمد عليه ، و من يُكسب و من يعارض . وعلى البروليتاريا و طليعتها أن تجريا تحليلا طبقيّا للمجتمع الإشتراكي و أن تعتمدا على القوى المعتمد عليها فعلا و التى تسلك الطريق الإشتراكي بحزم ، و أن تكسبا كلّ الحلفاء الذين يمكن كسبهم ، و أن تتّحدا مع جماهير الشعب التى تشكل أكثر من خمسة و تسعين بالمئة من السكان ، فى نضال مشترك ضد أعداء الإشتراكية ...

قال الرفيق ماو تسى تونغ على ضوء الدروس التاريخية لدكتاتورية البروليتاريا : إنّ النضال الطبقي و النضال من أجل الإنتاج و التجارب العلمية هي الحركات الثورية الثلاث العظمى لبناء بلد إشتراكي قوي ، و هذه الحركات ضمان كاف لأن يتجنّب الشيوعيّون البيروقراطيّة و يتحصّنوا ضد التحريفيّة و الجمود العقائدي ، و أن يظلّوا أقوياء لا يغلبون إلى الأبد إنّها ضمان يعتمد عليه فى أن تصبح البروليتاريا قادرة على الإتّحاد مع الجماهير الواسعة من الشغيلة لتحقيق دكتاتوريّة ديمقراطيّة . و إذا سنح ، فى غياب هذه الحركات ، للملاكين العقاريين و الفلاّحين الأغنياء و المعادين للثورة و العناصر السيّئة و غيرهم من الشياطين بالخروج من مخابئهم و مباشرة نشاطهم بينما تغمض ملاكاتنا أعينها عن كلّ هذا و يعجز كثير منها حتّى عن التمييز بين العدو و بين أنفسنا ، و يتعاون مع العدو و يصبح فاسدا منحط الأخلاق ، و إذا إنجرت ملاكاتنا هكذا إلى معسكر العدو ، أو إذا تمكّن العدوّ من التسلّل إلى صفوفنا ، و إذا تُرك عدد كبير من عمّالنا و فلاّحينا و مثقّفينا بدون قدرة على الدفاع عن نفسه فى وجه التكتيكات الليّنة و الشديدة التى يمارسها العدوّ ، فسوف لا يمضى وقت طويل حتى تحدث بلا شك ّ، بعد عدّة سنوات أو عقد من الزمن أو عدّة عقود على الأكثر ، عودة معادية للثورة على نطاق البلد ، وحتىّ يصبح الحزب الماركسي- اللينيني بالتأكيد حزبا تحريفيا أو حزبا فاشستيا و تغيّر الصين قاطبة لونها ".

لقد أوضح الرفيق ماو تسى تونغ أنّه علينا ، بغرض التأكّد من عدم تغيير حزبنا و بلدنا للونهما ، ألاّ يكون لنا خط صحيح و سياسات صحيحة فحسب ، بل أن ندرّب و نربّي ملايين من الخلف لمواصلة قضية البروليتاريا الثورية.

إنّ مسألة تدريب الخلف لقضية البروليتاريا الثوريّة هي ، فى التحليل النهائي ، مسألة ما إذا كان هناك فى المستقبل من يواصلون العمل للقضيّة الماركسية-اللينينية الثوريّة التى بدأها الجيل القديم من الثوريّين البروليتاريين أم لا ؟ و هل تظلّ قيادة حزبنا و دولتنا فى المستقبل فى أيادي الثوريّين البروليتاريّين أم لا ؟ و هل يواصل خلفنا السير على الطريق الصحيح الذى رسمته الماركسية-اللينينية أم لا ؟ أو بمعنى آخر ، هل يمكننا أن نحول بنجاح دون ظهور تحريفيّة خروشوف فى الصين أم لا ؟ إنّ هذه ، بإختصار ، مسألة بالغة الأهمّية ، مسألة حياة أو موت لحزبنا و بلادنا. إنّها مسألة ذات أهمّية أساسيّة لقضيّة البروليتاريا الثوريّة لمئة أو ألف سنة و حتى لعشرة آلاف سنة . إن المتنبّئين الإمبرياليّين و قد إرتكزوا إلى التغيّرات التى حدثت فى الإتّحاد السوفياتي يعلّقون آمالهم فى " التحوّل السلمي " على الجيل الثالث أو الرابع للحزب الشيوعي الصيني.علينا أن نحطّم و نبدّد هذه التنبّؤات الإمبريالية. وعلينا ، من منظماتنا العليا إلى الدنيا ، أن نعتني دائما فى كلّ مكان بتدريب و تربية الخلف للقضيّة الثوريّة ."

(ستوارد شرام ، " الماركسية - اللينينية أمام مشاكل الثورة فى العالم غير الأوروبي "، دار الحقيقة ، بيروت ، 1988).

" ما هي الشروط اللازمة التى يجب أن تتوفر فى هذا الخلف لقضية البرولتاريا الثورية ؟

يجب أن يكونوا ماركسيين- لينينيين حقيقيّين ، لا محرّفين مثل خروشوف الذى يلتحف فقط بثوب الماركسية اللينينية .

يجب أن يكونوا ثوريّين يخدمون بكلّ أمانة و إخلاص الأغلبيّة الساحقة من الناس فى الصين و فى العالم أجمع ، لا مثل خروشوف الذى يخدم مصالح حفنة من أفراد الفئة البرجوازية صاحبة الإمتيازات فى بلاده ، و يخدم أيضا مصالح الإمبريالية و الرجعيّة على الصعيد الدولي .

يجب أن يكونوا سياسيّين بروليتاريّين قادرين على الإتّحاد مع الأغلبيّة الساحقة من الناس و العمل معها. يجب عليهم ، فضلا عن الإتّحاد مع من يوافقونهم فى الرأي ، أن يحسنوا الإتّحاد مع من يختلفون معهم فى الرأي ، بل و مع الذين عارضوهم فى الماضي و قد برهن الواقع على خطئهم بعد ذلك. و لكن يجب أن يحذروا على وجه الخصوص من أصحاب المطامع الشخصيّة و المتآمرين من أمثال خروشوف و أن يسدّوا الطريق على أمثال هذه العناصر السيّئة من إغتصاب قيادة الحزب و الحكومة من جميع المستويات .

يجب أن يكونوا نماذجا فى تطبيق مركزيّة الحزب الديمقراطيّة ، و أن يُجيدوا أسلوب القيادة القائم على مبدأ " من الجماهير و إلى الجماهير" ، و يجب أن يعوّدوا أنفسهم على الأسلوب الديمقراطي بحيث يحسنون الإستماع إلى آراء الجماهير . و لا يجوز أن يكونوا متجبّرين مثل خروشوف فينقضون مركزيّة الحزب الديمقراطية ، و يشنّون الهجمات المفاجئة على الرفاق أو يتصرّفون بصورة تعسفيّة و دكتاتوريّة .

يجب أن يكونوا متواضعين متروّين و أن يتدرّعوا ضد الغرور و التهوّر ، يجب أن يكونوا مشبعين بروح النقد الذاتي و لديهم الشجاعة على إصلاح النقائص و الأخطاء فى العمل. ولا يجوز لهم أبدا أن يكونوا مثل خروشوف، يتستّرون على أخطائهم فيدّعون أن كلّ الفضل يعود إليهم وحدهم و يعزون كلّ الأخطاء إلى الآخرين.

إنّ الخلف الصالح لقضية البروليتاريا الثوريّة ينشأ فى الكفاح الجماهيري ، و يترعرع و ينصقل فى العواصف العاتية للثورة . فينبغى إختيار الكوادر و الحكم عليهم و إختيار و تربية خلف منهم فى غمرة الكفاح الجماهيري الطويل .

( " حول شيوعية خروشوف المزيّفة و الدّروس التاريخية التى تقدمها للعالم " ، ص 294-296 من " مقتطفات من أقوال الرئيس ماو تسى تونغ " ).


------------------------------------------------------------


التحريفيون المعاصرون السوفيات و الصينيّون و الخوجيّون يلتقون فى الموقف المعادي للثورة الثقافية البروليتارية الكبرى قمّة ما بلغته تجارب دكتاتورية البروليتاريا عالميّا فى سيرها نحو الشيوعية :

وفق التسلسل التاريخي :

1/ إفتراءات تحريفية سوفياتية :

و يوفّر لنا كتاب للتحريفيّين السوفيات فيه يهاجمون بشراسة ما بعدها شراسة الماويّة و ماو تسى تونغ :
" نقد المفاهيم النظرية لماو تسى تونغ "( دار التقدم ، الترجمة الى العربية ، 1974) ، يوفّر لنا مادّة كثيفة فى منتهى الدّلالة لن نقتطف منها سوى هذه الفقرات تجنّبا للاطالة :

- الإيديولوجية الماويّة هي إيديولوجية المغامرة السياسية و الديماغوجية و العنف و الإرهاب الجماعي . و من البديهي أنّه لا معنى لها بدون عبادة الفرد . و عن طريقها نجح أتباع ماوتسي تونغ فى إغتصاب السلطة فى الحزب و الدولة خلال "الثورة الثقافية ". (ص226 )

- قام الماويّون بهجوم حقيقيّ على الحزب الشيوعي الصيني – فقضوا على كلّ الهيئات القياديّة المنتخبة للحزب الشيوعي الصيني من أعلى إلى أسفل ، و حطم كلّ الهيكل التنظيمي للحزب ...و وجهت ضربة قاسية لكلّ القوى السليمة فى الحزب و أبعد عن النشاط السياسي و خضع للتطهير و الإضطهاد و التشهير مجموعات كبيرة من قادة الحزب و الدولة البارزين و الشخصيات العسكرية و المناضلين القدماء فى الثورة الصينية... .فاستبعد من الحزب ليوتشاوتشى... .( ص 222-221)

- أنصار ماو تسى تونغ إضطرّوا أن يقيموا فى كلّ مكان إشرافا عسكريّا و أن يستخدموا الجيش إلى أقصى حدّ لتنظيم الإنتاج . ( المصدر السابق ، ص218)

- و لا ندهش إذا إنتشرت على نطاق واسع الإهانات و التشهير و الإعتقالات و الضرب و الإصابات الجسديّة و غير ذلك من أبشع أساليب العنف ضد ضحايا " الثورة الثقافية " و كثيرا ما يتحوّل إلى قصاص عرفي و قتل و صدامات دموية واسعة النطاق .( ص214)

2 / إعترافات خوجية :

- كان التحريفيّون السوفيات يعلقون آمالا كبيرة على أصحابهم التحريفيّين الصينيّين و الآن و قد تلقى هؤلاء ضربة ، يتّخذ السوفيات بشكل مفتوح الدفاع عنهم و ينادونهم الى الإنتفاض ضد ماو . هذا صراع حد الموت. ( أنور خوجا ، " ملاحظات حول الصين " ج1، ص 341 ، بالفرنسيّة )

- فى هذه المرحلة ، تكتيك الخروتشوفيّين الذين أطاحوا بخروتشوف و الذين يدّعون عدم مناقشتنا ، بهذه الخدع ، هو السعي بالتأكيد الى إعانة أصحابهم التحريفيّين الصينيّين للعمل بهدوء أكبر لتنظيم افتكاك السلطة فى الصين بغية القضاء على ماو أو تحييده و ذلك لأن فى وضع ثوري كان التحريفيّون الصينيّون سيفتضحون كما حصل بالفعل . [ فى الوضع الثوري الذى خلقته الثورة الثقافية البرواليتارية الكبرى تمّ فعلا فضح التحريفيّين و نزع السلطة التى اغتصبوها لوضعها بين يدي شيوعيّين مخلصين وهو ما لم يقع لا فى الاتّحاد السوفياتي و لا فى ألبانيا و من هنا البعد التاريخي العالمي لهذه الثورة . الإضافة لنا ] .

الآن و قد كشف ماوتسى تونغ و الحزب الشيوعي الصيني عندهم الخونة التحريفيّين و مؤامرتهم فإنّ التحريفيّين المعاصرين و على رأسهم السوفيات، مع حلفائهم الأوفياء الامبرياليين الأمريكيين يقومون بحملة معادية للصين ، و معادية للماركسية و معادية للينينية لأن رفاقهم الصينيّون وقع كشفهم و عزلهم فآمالهم فى إفتكاك السلطة فى الصين ذهبت أدراج الرياح . فى مؤتمرهم ذهب التحريفيّون السوفيات والمجريّون الخ حتى الى الدفاع العلني عن أمثالهم الذين سحقوا فى بيكين. يجب اعتبار هذا انتصارا لا فحسب بالنسبة للصين و لكن أيضا بالنسبة لنا و بالنسبة الى الحركة الشيوعية العالمية . (" ملاحظات..." ، ص 336-337)

هذه ليست تخمينات خوجية و إنّما وقائع فرضت ذاتها فهي حملة عالميّة و هي محتويات مداولات مؤتمرات وهي دفاع علني عن التحريفيّين الصينيّين و رمزهم ليوتشاوشى الملقب صينيا ب" خروتشوف الصين ".

3 / تشويهات تحريفيّة صينيّة :

و سنة 1980 يتقدّم دنك سياو بينغ مهندس الانقلاب التحريفي فى الصين سنة 1976 كالطاووس ليفصح عن موقفه الحقيقي من الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى فى كتاب " ماوتسى تونغ : سيرة حياة – تقييم – ذكريات "؛ دار النشر باللغات الأجنبية ، بيكين1989 :
1- " "الثورة الثقافية " ...كانت خطأ "(ص107)
2 - خطأ جسيما (ص109)
3- و خطأ مريعا (ص111) لأنّها " قد وجهت الضربات الى الكوادر القياديين على كافة المستويات الذين قدموا مساهمات للثورة و يتحلون بخبرات عملية و منهم الرفيق ليوتشاوشى ".

و يعيد التحريفيّون الصينيون الاعتبار لليوتشاوشى و يربطوا علاقات صداقة متينة مع التحريفيّين السوفيات منذ إغتصابهم للسلطة وإعادة تركيز الرأسمالية فى الصين.

4 / ردّة خوجية :

و حين إرتدّ أنور خوجا تنكّر لما سبق و أن أكّده و لوقائع و أحداث الصراع الطبقى فى الصين وشروحات ماو للبعثة العسكرية الألبانية منذ 1967 ، شنّ شأنه شأن جميع التحريفيّين المعاصرين هجوما شرسا على الماوية فى كتاب لاحق حمل عنوان " الإمبريالية و الثورة " وضعه أواخر السبعينات ، بعد وفاة ماو و الإنقلاب التحريفي فى الصين سنة 1976 ، و ممّا ورد فيه :

- فى نظرنا بإعتبار أنّ هذه الثورة الثقافية لم تقع قيادتها من طرف الحزب و إنّما كانت بمثابة إنفجار فوضوي ناتج عن نداء وجهه ماو تسى تونغ يسقط عنها طابعها الثوريّ . لقد مكّن نفوذ ماو فى الصين من إثارة ملايين الشبّان غير المنظّمين من طلبة و تلاميذ إتّجهوا نحو بيكين ، نحو لجان الحزب و السلطة و فقاموا بحلّها ، و كان يقال إنّ هؤلاء الشبّان يمثّلون فى الصين " الايديولوجيا البروليتارية " و هم الذين يرسمون للحزب و البروليتاريا الطريق" الصحيح" . ( طبعة باللغة الفرنسية ، ص411) .

- لقد كانت هذه الوضعيّة الخطيرة نتيجة لمفاهيم ماو تسى تونغ القديمة المعادية للماركسية ، فهو كان يقلّل من شأن الدور القيادي للبروليتاريا و يبالغ فى تقدير دورالشبيبة فى الثورة... و هكذا أبقيت الطبقة العاملة جانبا و فى العديد من الحالات وقفت ضد الحرس الأحمر بل وصلت إلى حدّ التصادم معهم . إنّ رفاقنا الذين كانوا وقتئذ فى الصين شاهدوا بأمّ عينهم عمّال المصانع يحاربون ضد الشبان . لقد صار الحزب مفكّكا و تمّت تصفيته . و لم يكن فى أيّ حال من الأحوال حزب الشيوعيّين و لا البروليتاريا . لقد كانت هذه الوضعيّة خطيرة جدّا .

- لقد أكّد سير الأحداث أنّ الثورة الثقافيّة البروليتاريّة لم تكن ثورة و أنّها لم تكن كبرى و لا ثقافيّة و بالخصوص لم تكن بروليتاريّة البتّة ، إنّها لم تكن سوى إنقلاب داخل القصر على المستوى الصينيّ من أجل تصفية حفنة من الرجعيّين الذين كانوا قد إستولوا على السلطة . و بالطبع كانت الثورة مخادعة . إنّها قضت فى نفس الوقت على الحزب الشيوعي الصيني و على التنظيمات الجماهيريّة و أغرقت الصين فى فوضى جديدة . لقد قاد هذه الثورة عناصر غير ماركسيّة ( أو بالتحديد الأربعة ) الذين بدورهم سوف يقضى عليهم عن طريق إنقلاب عسكري من قبل عناصر أخرى معادية للماركسيّة و فاشيّة (ص413) .

5 / ترديد أفكار تحريفيّة سوفياتيّة وخوجيّة :

و قد وقع الردّ على هذه التشويهات التى لا أساس لها من الصحّة من قبل الشيوعيّين الأصيلين عبر العالم وفى الوطن العربي أتت تنظيمات و أحزاب تدعى الشيوعيّة لتكرّر كالببّغاء الأفكار الخوجيّة التى نهلها أنور خوجا من معين التحريفيّة السوفياتيّة و الصينيّة . و نحن نساهم فى التصدّى الآن جزئيّا حسب ما يسمح به المجال للتحريفيّة بأصنافها و تزويرها للحقائق و بالمناسبة ذاتها نعرض قدر الإمكان فى هذا الحيّز التاريخ و الممارسات و التنظيرات الثوريّة للماوية لينال كلّ ذى حقّ حقّه .

-------------------------------------------------

و ينطوى كتابنا الذى يتطرّق لأكثر الثورات فى ظلّ دكتاتوريّة البروليتاريا جماهيريّة و إمتدادا زمنياّ - عشر سنوات - ووعيا بروليتاريا فى تاريخ العالم على أربعة فصول : فصل أوّل يقدّم ترجمة لعرض تاريخي للعشر سنوات التى هزّت الصين و العالم هزّا نهدف من ورائه إعطاء فكرة عامة عن الحدث الجلل لمن لم يطّلع على وثائق تتناول هذه الثورة و توفير تذكير سريع لمن يكون قد درس المسألة سابقا و فصل ثاني يعمّق فهم بعض المسائل الهامّة المتصلة بهذه الثورة و فصل ثالث غايته فهم الخطوط التحريفية التى واجهها الشيوعيّون الماويّون فى خضمّ الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى وفصل رابع جمعنا فيه أهمّ الأقوال التاريخية لماو تسى تونغ خلال تلك الفترة و فصل خامس تشخّص فيه بعض الأخطاء التى إقترفها الماويّون فى خضم تلك الثورة العظيمة على أكثر من مستوى وهو موضوع ما حظي بالبحث مليّا كما ينبغى من طرف شقّ من الماويين ، أنصار الخلاصة الجديدة للشيوعية .

-------------------------------------------------------------------------------------------------------

الفصل الخامس

الثورة الثقافية فى الصين ...الفنّ و الثقافة ... المعارضة و الصراع ... و المضيّ بالثورة نحو الشيوعية
بوب أفاكيان ، رئيس الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية
Revolution #258 (February 5, 2012)
http://revcom.us/a/260/avakian-on-cultural-revolution-in-china-en.html

كلمة الناشر : فى العدد 258 من جريدة " الثورة " ( 5 فيفري 2012 ) نشرنا " تيم تيبوى و حكم الغبن" وهو جزء من لقاء صحفي هام جرى حديثا مع بوب آفاكيان ، رئيس الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية . و نتطلّع فى المستقبل إلى نشر الأجزاء الأخرى من اللقاء الصحفي ، و اللقاء الصحفي برمّته. و فى هذا العدد نعيد نشر جزء من لقاء صحفي آخر مع بوب آفاكيان أجري فى 2004 و قد أذيع فى الأصل ضمن برنامج مايكل سلايت " ما رواء الظواهر" على موجات إذاعة ك. ب. أن.ك فى لوس أنجليس، فى 29 جويلية 2005. و لأجل نشره هنا ، أدخلت عليه بعض التعديلات . و فى أماكن أضيفت فقرات موجزة توضيحيّة بين معقّفين كما أضيفت عناوين فرعيّة.
-----------------
مايكل سلايت :
لنتعمّق فى الثورة الثقافيّة [ فى الصين من أواسط ستّينات القرن الماضي إلى أواسط السبعينات منه ] . لقد قدت الشيوعيّين عبر العالم للقتال من أجل فهم دلالة الثورة الثقافيّة و للدفاع عنها كخطّ تمايز ، و من أجل رؤيتها كأرقى نقطة فى الصراع الطبقي فى تاريخ الإنسانية ، أرقى نقطة بلغها الصراع الطبقي فى تاريخ الإنسانيّة. و هذا ليس بالضبط ما يردّده الفكر السائد اليوم ، ليس بالضبط ما يوجد على رفوف المكتبات. من الممكن أن تعثروا على 70 كتابا عن كيف – و من الممكن أن تستمعوا إلى أناس أعمارهم 32 سنة يتحدّثون عن كيف - أنّ الثورة الثقافية حطّمت مستقبلهم المهني ، و أنّه كان ينتظرهم مستقبل مهني بارز عند ما كانت سنّهم سنتين. لكن ذلك أثّر على الناس تأثيرا كبيرا. هناك موسيقيّون كانوا فى السابق من اشدّ أنصار الثورة الثقافيّة حماسة يستمعون الآن إلى هذه الروايات من الناس العاديّين و من فنّانين قادمين من الصين ، مثلا و هم يقولون : " لقد ضللت الطريق ، لم أفهم كلّ ما حدث لأنّنى لم أفهم العذاب الذى عاشه الناس ". و مع ذلك ، هناك ، تصوّروا ، الأشكال الثقافية الشعبيّة ،" الكمان الأحمر "، وهو شريط لا علاقة له بالصين غير أنّه يتضمّن مشهدا أظهر فيه الحرس الأحمر و هم يكسرون الأبواب و يطردون الناس من ديارهم ، بحثا عن هذا الكمان الأحمر الذى يريدون تحطيمه. و كان هذا يرمز إلى حرّية الفنّ و حرّية الإبداع . و هناك " وداعا صاحبتى " وهو شريط هام و هام جدّا – أعرف كثيرا من أصدقائي و كثيرا من المثقّفين الذين شاهدوا هذا الفلم ، مرّتين أو ثلاث مرّات ، و إعتبروه فعلا رمزا لما كان خاطئا و كيف أنّ الثورة الثقافية لم تكن تقدّما بالنسبة للإنسانيّة و إنّما شيئا كان عمليّا جزءا من القمع، لا سيما قمع المثقّفين و الفنّانين.
أردت أن أسألك عن هذا فلنتحدّث عن مسألة حرّية الفكر . و أعتقد أنّها مرتبطة بمسألة المعارضة لكن يمكن أن نتطرّق إلى كلّ مسألة على حدة . و أعتقد فعلا أن هذه الفكرة – كلّ ما كنت تقوله طوال الوقت ، و أحد أسباب إثارتي هذا السؤال حول الحزب - و كلّ شيء آخر بمعنى الشروع فى التركيز و أشياء من هذا القبيل – هو أنّك قد تحدثت فى السابق عن الحاجة فعليّا و ببساطة إلى نهوض شامل ، هائل لإبداع صلب الشعب و صلب الحزب و صلب الشيوعيّين ، هذا التطبيق الخلاّق المستمرّ، و الماركسية بما هي علم حيويّ تنجز ذلك فى الواقع.
حينما كنت تقول ذلك ، كنت بالذات أفكّر فى أنّه من المنعش سماع هذا الأمر لأنّه يبعث فينا إحساسا بما عليه علمنا . إنّه يطلق العنان لمزيد الإبداع ، عندما يتمّ إستيعابه ، و يطلق العنان لأكبر إبداع ممكن . بيد أنّه هناك ما هو شائع أو الأفكار السائدة أي عمليّا هناك هذا التطوّر الحاسم فى الصراع الطبقي ، والتطوّر الحاسم فى علم الماركسية – اللينينية - الماوية و مع ذلك يصوّر على أنّه قمع لحرّية الفنّ و الفكر.
بوب أفاكيان :
حسنا. مرّة أخرى ، أكره أن أبدو كالقرص المشروخ ، لكن هذه مسألة معقّدة و مشكل معقّد كانت الثورة الثقافيّة تبحث عن معالجته و كانت تعالجه. و مجدّدا علينا أن ننزّل هذا ضمن ما كان يحدث فى تطوّر الثورة الصينية و ليس رؤيته من الزاوية التى ينظر منها عديد الناس فى هذا المجتمع. إنّهم لا يفهمون الديناميكية الفعليّة – لماذا كانت هذه الثورات ضرورّية بداية و ما هي الأرضيّة التى إنطلقت منها ، و ما هي التناقضات التى واجهتها عندما ظهرت. و لبعض الناس فكرة عن هذا. فقد كان الشعب الصينيّ فقيرا و إذا قرأ أناس من جيلنا روايات بار لبوك ، أدركوا معنى الحياة الفظيعة للفلاّحين و فهموا لماذا كانوا يرغبون فى القضاء على هذا الإضطهاد و ما إلى ذلك. لكن عددا كبيرا من الناس يجهلون حتى ذلك ، لا سيما الآن. ليس لديهم فهم واقعي لما كانت عليه الصين و لماذا كانت ثمّة حاجة إلى الثورة و كيف كان لهذه الثورة أن تنجز.
هذا مشكل . و لم يكن على الثوريّين أن يتجاوزوا كافة الأفق المخيف أو واقع الهيمنة الإمبريالية و قبر الصين فقط بل كان عليهم كذلك تجاوز تاريخ مديد من الإقطاعيّة و إستغلال جماهير الفلاّحين و مئات – و فعليّا آلاف السنين- جرى خلالها تفقير و إستغلال الغالبية الساحقة من الناس بيأس. و المجتمع الذى يعيشون فيه تهيمن عليه الإمبريالية و بحكم بقايا الإقطاعيّة ، لم يكن متقدّما تقنيّا ، أو كان متقدّما تقنيّا ( فحسب) فى أماكن معيّنة. و كان الجزء الكبير من البلاد و الشعب يرزح تحت وطأة تخلّف مهول.
و هكذا إنطلقوا من هنا و حاولوا إحداث طفرات بمعنى تجاوز فقر الجماهير الشعبية و إضطهادها. و بلغوا السلطة فى 1949، و بالضبط بعد سنة ، دفعوا إلى حرب مع الولايات المتّحدة فى كوريا ، حرب خلالها كان ماك أرثور يقول : لننقل الحرب إلى الصين. و كان هذا مصدر خلاف كبير له مع ترومان. أراد المضي بالحرب إلى الصين و عبور الحدود و ليس فقط الإقتراب من الحدود و إنّما عبورها و الإطاحة بالثورة الصينية. (1)
و لذا بالكاد كان لديهم الوقت للإحتفال و تعزيز الإنتصار ، دفعوا دفعا إلى المعركة مع هذه القوّة الإمبريالية الجبّارة التى كانت بالضبط على الأبواب. ثمّ قاتلوا بصلابة الولايات المتّحدة و فعلا ألحقوا بها الهزيمة هي التى دخلت الحرب بأهداف معيّنة فوجدت نفسها غارقة فيها و يعود الفضل فى ذلك ، فى جزء كبير منه ، إلى المشاركة الصينية فى تلك الحرب.
على هذا النحو كان الأمر. و بعد ذلك حاولوا النهوض بالبلاد الفقيرة و المتخلّفة و التى هيمنت عليها الإمبريالية بحيث كانت هناك لافتة على باب حديقة شنغاي كتب عليها " ممنوع على الكلاب و الصينيّين" . و هذا مثال ساطع آخر و معبّر عن كيف كانت حياة الشعب الصيني حتى فى المدن و حتّى بالنسبة للطبقات الأوفر تعليما ، مثلا.
و مثلما أشرت إليه سابقا ،[ بعد إنتصار الثورة عام 1949 ] عاد الكثير من الصينيّين إلى الصين و كان العديد الآخرين فى الصين من المثقّفين و غيرهم متحّمسين للغاية للمجتمع الجديد الذى كان يولد و يطمح إلى تجاوز هذا الوضع برمّته ، وضع شدّ الصين إلى أسفل و التخلّف و الإمبرياليّون ينهشون فيها و كان الشعب الصيني و كانت الأمّة الصينيّة تستعدّ للوقوف على قدميها وللوقوف فى وجه السيطرة عليها من قبل قوى أجنبية و ما إلى ذلك.
تناقضات الطريق الإشتراكي فى الصين و تحدّياته
و وسط هذا يقع تناقض ضمن أناس كثر. ما أودّ التعبير عنه هو ما ادركه ماو تسى تونغ من أنّ " الإشتراكية وحدها بوسعها إنقاذ الصين " وهو تعبير متناقض عمليّا لأنّه يصرّح بأنّه دون سلوك الطريق الإشتراكي ، ليس بإمكان الصين تخطّى الفقر و الهيمنة الإمبريالية و بالتالى هو الطريق الوحيد لإنقاذ الصين. وهو يعنى أنّ عددا كبيرا من الناس – لهذا أقول إنّه متناقض- لم يكونوا قد كُسبوا للنظرة الشيوعية يساندون الثورة و يساندون حتى المضيّ على الطريق الإشتراكي لأنّه من الصحيح انّه موضوعيّا لم يكن هناك أيّ طريق آخر للقضاء على التخلّف و الهيمنة الإمبريالية.
من جهة ، نجد جانبا إيجابيّا فى ذلك. يلتحق عدد كبير من الناس بمن فيهم فئة برجوازية بحماس بالطريق الإشتراكي لكونه يمثّل بالنسبة للصين المخرج. لكن من جهة أخرى ، يأتون إليها حاملين وجهة نظر قوميّة أو وجهة نظر برجوازية بصورة أعمّ. إنّهم يريدون أن تتبوّأ الصين مكانتها الحقيقة فى العالم و لا يريدون أن يدوسها الأجانب و ما إلى ذلك. وهو أمر بالتأكيد مشروع و يمكن التوحّد معه غير أنّه متناقض.
و قد وجدت هذه الظاهرة ، ليس فقط خارج الحزب ، و لكن و إلى درجة كبيرة جدّا داخله فى الصين. فقد إلتحق الكثير من الناس بالحزب الشيوعي الصيني لشتّى الأسباب. و لم يتحوّلوا بالضرورة تماما ، إيديولوجيا إلى شيوعيّين فى نظرتهم للعالم ، تقودهم فعلا الفكرة الشاملة لبلوغ عالم شيوعي. و لم يصبحوا أمميّين أي يقوموا بذلك كجزء من الثورة العالميّة بأسرها و يقدّمون التضحيات من أجل تلك الثورة العالميّة عند الضرورة و إنّما كانوا يقومون بالثورة من وجهة نظر كون هذا هو الطريق الوحيد الذى يخوّل للصين الوقوف على قديمها و تبوّأ موقعها الذى تستحقّ عالميّا. و قد وجد هؤلاء الناس فى الحزب لمدّة طويلة . و كان العديد منهم من قدامي المسيرة الكبرى و قدّموا تضحيات بطوليّة إلاّ أنّهم لم يقطعوا أبدا حقّا و تماما مع النظرة البرجوازية ليلتحقوا بالنظرة الشيوعية ، وهي تشمل بالتأكيد فكرة أنّه يجب ان تطيح الصين بالهيمنة الأجنبيّة و بالفقر و التخلّف فى الريف و الإقطاعية ، و أكثر من ذلك تشمل المضيّ إلى أبعد من ذلك.
و هذا مشكل من المشاكل والتناقضات الموجودة و المميّزة للصراع صلب الحزب الشيوعي الصيني منذ البداية. و علاوة على ذلك ، ثمّة بعد آخر كلّيا هو أنّ لكلّ شخص آثار الرحم الذى منه خرج ، إن أمكن القول. فالمجتمع الجديد خرج من رحم المجتمع القديم فى الصين و بالتالى كان يحمل آثاره من اللامساواة و ما إلى ذلك.
القطع مع النموذج السوفياتي و تجاوزه :
و يسترسل بوب آفاكيان قائلا :
و صحيح فى بعد آخر أيضا أنّ الثورة الصينية كانت جزءا من الحركة الشيوعيّة العالميّة و ضمنها كان الإتّحاد السوفياتي نموذجا لكيفية القيام بالثورة و كيفية بناء الإشتراكية. حسنا. من المهمّ – و هذا تناقض آخر- أنّ ماو قد قطع مع جزء من هذا. فى سبيل إنجاز الثورة فى الصين ، كان عليهم أن يقطعوا مع النموذج السوفياتي المتمثّل فى فكرة تركيز القوى فى المدن ، بالإعتماد على الطبقة العاملة ، و إفتكاك السلطة فى المدن و ثمّ بسط النفوذ على الريف.
و كانت المقاربة الصينية التى صاغها ماو ، عقب عدّة هزائم و بعض التراجعات الجدّية و المجازر التى تعرّضوا لها عند محاولة القيام بالثورة إنطلاقا من المدن و قد سحقتهم قوات الحكومة المركزية ، أو قوى تشان كاي تشاك (2) ، هي أن يقوموا بالثورة فى النهاية بالطريقة العكسية ، أي أن ينطلقوا من الريف لأنّه متخلّف و بالإمكان شنّ حرب الأنصار فى الريف حيث تعيش أغلبية السكّان و التقدّم فى الأخير لإفتكاك السلطة فى المدن. و كان ذلك عكس ما أنجز فى روسيا. و الآن من الصحيح أنّ فى روسيا ، كان غالبية السكّان يعيشون فى الريف ، لكنّ المجتمع كان مختلفا نوعيّا عن المجتمع الصني. و لم تتوفّر لديهم حقّا إمكانية خوض حرب انصار و الإنطلاق من الريف فى روسيا على النحو الذى جري العمل به فى الصين. لذلك بالضبط هنا كان على ماو تسى تونغ أن يقطع مع النموذج السوفياتي و يشيّد نموذجا جديدا لكيفيّة إنجاز الثورة فى الصين و فى البلدان المشابهة بشكل أعمّ للصين.
لكن حينما بلغوا السلطة فعليّا و وجب عليهم بناء الإشتراكية ، كان الإتّحاد السوفياتي قائما و وفّر لهم قدرا من المساندة و المساعدة الماديّة للقيام بذلك و لم يكن يوجد أيّ نموذج آخر. و لم يتفطّنوا فى البداية إلى أنّ لنموذج الإتّحاد السوفياتي مشاكله ، و إلى أنّه لم يكن بالضرورة قابلا للسحب على الظروف الملموسة للصين. فتشديد الإتحاد السوفياتي فى ظلّ ستالين على تطوير الصناعة الثقيلة ، كما تعلمون ، على حساب الفلاحة و نحوها ، كان مشكل أكبر حتّى بالنسبة للصين منه فى الإتّحاد السوفياتي ، و لو أنّه تسبّب فى مشاكل حقيقية هناك. (3) و عند نقطة معيّنة ، مرّة أخرى ، مثلما فعل عند إنجاز الثورة ، توصّل ماو بعد ما يناهز العقد من الزمن من تجربة بناء الإشتراكية فى الصين ، إلى أنّ هذا النموذج السوفياتي ينطوي على عديد المشاكل و منها كما تعلمون ، تشديده على الصناعة الثقيلة. و ليس هذا هو طريق جعل الفلاّحين عمليّا يسلكون الطريق الإشتراكي ، بالتضحية بكلّ شيء فقط لتطوّر تطويرا إحادي الجانب الصناعة الثقيلة و هلمجرّا.
كان ماو يحاول أن يقطع مع هذا النموذج و هذا هو الجوهر الحقيقي للقفزة الكبرى إلى الأمام المفترى عليها كثيرا(4). و إضافة على ذلك ،عندما سعى ماو تسى تونغ إلى القطع مع هذا النموذج و عدم البقاء تحت جناح السوفيت ، صار السوفيات ضدّه و دعموا أناس فى الحزب الشيوعي كانوا يريدون إن لم تكن الإطاحة به فإجباره على العودة إلى ظلّ النموذج السوفياتي و الهيمنة السوفياتية و بالفعل سحب السوفيات مساعدتهم و مخطّطاتهم و تقنييهم إلخ بالضبط لمّا كان الصينيون يحاولن إنجاز قفزة فى إقتصادهم.
كان ماو ينحت هذا الطريق إلى الإشتراكية ، مثلما فعل من قبل، بالنسبة لطريق بلوغ السلطة. و الآن و السلطة بأيديهم يحاول نحت طريق مغاير إلى الإشتراكية غير أنّه يتضارب ليس فقط مع الإتّحاد السوفياتي بل أيضا مع قسم هام من الحزب الصيني . فمن جهة ، لم يقطع العديد منهم مع ما أسماه ماركس تجاوز افق الحقّ البرجوازي. إنّهم لا زالوا فعلا يفكّرون فقط على غرار ما طرحه دنك سياو بينغ عقب وصوله على السلطة ، فى كيفية جعل الصين بلدا قويّا ، حتّى و إن عني ذلك عن طريق الرأسمالية ؟ و لم يكونوا يفكّرون حقّا فى كيفيّة بلوغ الشيوعيّة كجزء من الصراع العالمي الشامل.
هذه ظاهرة و ظاهرة اخرى هي أن الكثير من الناس ، إلى درجة محاولتهم بناء الإشتراكية ، يقومون بذلك وفق النموذج السوفياتي ، و بطرق الإتّحاد السوفياتي ( التى تحدّثنا عنها ). و كان ماو يحاول فهم كيفيّة القطع مع هذا و كيفية تشييد إشتراكية تجلب الجماهير عن وعي إلى السيرورة. مثلا ، نقد ماو ستالين حينما كان فى بدايات الستّينات يعلّق على بعض كتاباته حول الإشتراكية و قال إنّ ستالين يتحدّث كثيرا عن التقنية و الأمور التقنية و لا يتحدّث كفاية عن الجماهير ؛ يتحدّث كثيرا عن الكوادر و الإداريّين و المثقّفين و لا يتحدّث عن الجماهير و لا يتحدّث كفاية عن الوعي.
بهذه الطرق ايضا، كان يعمل على القتال من أجل نموذج إشتراكي مغاير يجلب الجماهير فعلا بأعداد أوفر و بوعي متزايد إلى السيرورة . ثمّ فى قمّة هذا ، لم يشهد النظام التعليمي و لم تشهد الثقافة – وكلّ البنية الفوقية كما نصفها – تغييرا نسبة للمجتمع القديم. و الكثير من الناس ، حتّى ضمن الحزب الشيوعي لم يلاحظوا المشكل مع الثقافة التقليديّة الصينيّة ، حتّى وهي تحمل مضمونا إقطاعيّا ، إلى درجة كبيرة ، و حتّى وهي تعيد دون نقد أو تتبنّى أشياء واردة من البلدان الإمبريالية التى هيمنت على الصين. لذا كان ماو يقول كيف نقطع مع هذا القالب الذى لن يؤدّي بنا إلى حيث نحتاج أن نذهب بمعنى بناء الإشتراكية فى الصين؟
إنّه ضد الذين ليسوا حقّا جدّ متحمسين لتغيير المجتمع بأسره ، بمعنى التخلّص من علاقات اللامساواة و الإنقسامات الإضطهادية ، بل يريدون فحسب بناء بلد قويّ. إنّه ضد الذين على درجة تفكيرهم فى ذلك ، يعتقدون فى ما قام به الإتّحاد السوفياتي فى ظلّ ستالين ( و ما كان الإتّحاد السوفياتي فى ظلّ خروتشوف يدخل عليه من تعديلات (5) لكنّه لا يزال يحمل بعض مظاهر هذه الطريقة فى بناء الإقتصاد). وهو ضد كافة الثقافة و البنية الفوقيّة التى لا تزال تعزّز العلاقات القديمة من الماضى. و حاول بعدّة وسائل.
أقول إنّ " ماو" و بالطبع لم يكن لوحده ، لكن بصفة هامة ، حتّى نكون صرحاء ، كان وحده فعديد القادة فى الحزب لم يعترفوا حتى بهذه التناقضات و لم يروا أنّها ستجرّهم إلى مكان آخر مختلف عن الذى يريدون الذهاب إليه و فى النهاية سيجرّهم إلى العودة إلى شكل من أشكال الرأسمالية . لذا، إلى حدّ كبير لم يكن القادة الآخرون يملكون ذلك الوعي . ماو هو الذى كان بالأساس يصرّح بأنّه : ينبغى أن نقطع مع هذا و ننجز شيئا مغايرا هنا.
و حاول أشياء مثل الشروع فى حركات تربية إشتراكية ، عبر قنوات الحزب لرفع مستوى نظرة أعضاء الحزب و الجماهير بصورة أشمل قصد إدراك لماذا يحتاجون إلى بناء الإشتراكية فى الصين و ما يعنيه ذلك و علاقة ذلك بتغيير العلاقات الإقتصادية بين الناس فى الإنتاج ، و العلاقات الإجتماعية بين الرجال و النساء و أوجه متنوّعة من اللامساواة الإجتماعية التى يجب تجاوزها هي و الهياكل السياسية و الثقافية. و إن مضى بذلك بعيدا فإنّه لم يبلغ قلب أو جذور المشكل المتمثّل فى وجود كلّ هذه القوى التى تأخذ الصين نحو الرأسمالية، و لو بطريقة مختلفة إختلافا طفيفا أي مزيج من نسخ ما كان أقيم فى البلدان الإمبريالية و ما أقيم فى الإتحاد السوفياتي – وفى ظرف الصين ، تكرار ذلك سيفضى إلى عودة الرأسمالية ، مثلما أقرّ ماو بصورة متصاعدة بذلك.
هذا كلّه يمثّل الخلفية – سبب تعّمقى فى الكثير من التفاصيل – وهذه هي خلفيّة الحاجة إلى الثورة الثقافية. و فى بداية هذه الثورة قال ماو إنّنا حاولنا بطرق متنوّعة معالجة هذا المشكل ، مشكل كوننا نتراجع نحو الطريق الرأسمالي وهو يقصد النظام السوفياتي الذى نقده و جزء من نقد ماو له يخصّ أنّه يتضمّن إدارة الفرد الواحد للمصانع ، عوض جلب العمّال بصفة متصاعدة إلى الإدارة و مهام مشابهة أخرى و إلى تطوير التكنولوجيا و التخطيط للتكنولوجيا و للإنتاج . إنّهم ببساطة و فى الأساس يلتصقون بالعلاقات القديمة ، فى إطار ملكية الدولة و هم أساسا يعيدون إنتاج ذات العلاقات فى ذلك الإطار. كان ذلك مشكلا كبيرا فى النموذج الإشتراكي السوفياتي. و كان ماو بصفة متصاعدة يدرك هذا. و كان السوفيات يقومون بأشياء أخرى شائعة فى المجتمع الرأسمالي من مثل تحفيز الناس بالعمل بالتقطيع و بهبات إضافية ، بدلا من محاولة تحفيزهم إيديولوجيا للرفع من الإنتاج لأجل التقدّم بالثورة فى الصين و مساندة الثورة عبر العالم.
لذا يقول ماو إنّه علينا أن نكنس هذه المواد و قد حاولوا القيام بذلك عبر قنوات الحزب ، عبر أشياء مثل حركة التربية الإشتراكية و لم يكلّل جهدهم بالنجاح بحكم هيكلة الحزب و قيادته حيث كانت أغلبية القيادة تنظر على الإشتراكية كمجرّد وسيلة تقود فى الواقع إلى الإبتعاد عن الإشتراكية. و من ثمّة إن تمّ الأمرعبر قنوات الحزب، فإنّه ببساطة سينتهى إلى الذهاب إلى لا مكان و ينتهى لسخرية الأقدار إلى تعزيز ما لدينا بعد. هناك حاجة إلى شيء مختلف راديكاليا للقطع مع هذا- لتغيير ما يجري فى الإقتصاد و تغيير ما يجرى فى كيفية إتّخاذ القرار فى المجتمع ، و تغيير الثقافة و تفكير الناس. و من هنا جاء قول ماو إنّه أخيرا قد وجدنا طريقة و وسيلة فى الثورة الثقافية ، طريقة عبرها مثلما صاغ ذلك يمكن للجماهير أن تفضح و تنقد جانبنا الأسود ، جانبنا السلبي ، جماهيريّا و من الأسفل.
الثورة الثقافية : أهدافها ، وسائلها و تناقضاتها :
و يسترسل بوب آفاكيان قائلا :
و هذا فعلا ما كانوا يعدّون له بالثورة الثقافية – وسبب شرحي لكلّ تلك الخلفية هو أنّ ماو كان يسعى لمعالجة تحدّى ضخم و عسير حقّا : القطع مع طريق للمضيّ فى طريق آخر. و حتّى وإن ظلّ المجتمع ، بالمعنى العام ، إشتراكيّا ، فإنّه كان بسرعة كبيرة يتّجه نحو الرأسمالية بفعل جميع تلك التيّارات التى كنت أتحدّث عنها. و إعترف ماو بأنّه إن لم يتمّ القطع مع ذلك فى مرحلة ما ، فإنّ سيرورة الجاذبيّة تقريبا ستجعلهم يتراجعون إلى الطريق الرأسمالي.
هذا هو كلّ ما كان يعدّ للقيام به حقّا و قد أقرّ بأنّ للقيام بذلك لا يمكن التعويل على ذات قنوات الحزب التى صارت نوعا ما متخشّبة و متكلّسة مع الطرق القديمة لنظرة ما تعنيه الفكرة البرجوازيّة لجعل الصين بلدا قويّا لا غير يلعب دوره الشرعي عالميّا - و إلى حدّ كبير تفكير أي إمرء فى الإشتراكية وفق النموذج السوفياتي الذى كان ينطوي على أشياء عديدة وُرثت عمليّا عن الرأسمالية.
وإذن لن يعالج المشكل عبر قنوات الحزب. هذا ما إعترف به ماو و كان ينتظر نهوضا كما قال ، من الأسفل ، و جماهيريّا. و هنا تأتى ظاهرة الشباب الذى هو عادة القوّة الراغبة فى نقد كلّ شيء و تحدّيه و ليس فقط التمسّك بالتقاليد. فوقع إطلاق العنان للحرس الأحمر ، كما تعلمون، ليتحدّوا فعلا هذا التوجّه بأسره ، بما فى ذلك تحدّى قادة الحزب و هياكله التى كانت تمثّل آليّة إنجاز الأمور بهذا الإتّجاه الذى كما إعترف ماو سيعيد تركيز الرأسمالية، بسبب خليط الأسباب التى ناقشت. هذا ما كانوا يسعون لإنجازه مستهدفين تغيير طريقة إدارة المجتمع لتشريك الجماهير و تغيير كيفية تقديم العناية الصحّية . و كلّها مواضيع جرى القتال المرير حولها أثناء الثورة الثقافية . و فى مجال الثقافة ، شرع فى وضع الجماهير الشعبية كأبطال و حتى أهمّ المضامين الثورية على الركح ، بدلا من المواضيع الإقطاعية القديمة و الأباطرة و مختلف وجوه الطبقات العليا.
التمرّدات الجماهيرية ، النضالات الثورية ،التجاوزات و الرؤية الأوسع
و يسترسل بوب آفاكيان قائلا:
هذا ما أرادوا القيام به و أعتقد أنّ فى الكثير من الروايات المريعة التى كنّا نسمع عنها حول الثورة الثقافية بعض الواقع فى ما يصفه الناس وهو يمثّل تجاوزات. بيد أنّ هذه الروايات المريعة تعكس أيضا نظرة غاية فى إحادية الجانب حيث ترفع فئة قليلة ذات إمتيازات كبيرة فى المجتمع مصالحها و حاجياتها فوق الشأن العام الذى كان يهمّ جماهير الشعب فى المجتمع ككلّ. و أعنى بهذه المقارنة أنّ بعض الناس يشتكون : حسنا ، فرض على المثقّفين الذهاب إلى الريف خلال الثورة الثقافية ، لكن لا أحد سأل أبدا الفلاّحين الذين يشكّلون 80 إلى 90 بالمائة من السكّان إن كانوا يرغبون فى البقاء فى الريف. فقط يفترض أنّهم سيكونون هناك ، ينتجون الغذاء و لوازم الثياب و ما إلى ذلك، بينما يوجد آخرون فى المدن ، يتمتّعون بحياة ذات إمتيازات أكثر ، لا سيما إن كانوا من هذه الفئات غير البروليتاريّة.
هذا جانب من الصورة . و أعتقد أنّه وُجدت تجاوزات. لقد علّق ماو على تمرّد فلاّحين فى الصين ذهب و أجرى بحثا فى شأنه فى عشرينات القرن الماضي ، فى بداية السيرورة الثورية، و إتخذ الموقف التالي : الفلاّحون بصدد التمرّد متحدّين كافة السلط القديمة و مطيحين بها و كان بعض الناس يقولون، آه إنّه امر فظيع ، إنّه يتجاوز الحدود. فقال أنظروا فى الأساس بمستطاعنا إمّا أن نحاول أن نكون على رأس هذه الحركة و نقودها و إمّا أن نقف على الجانب و نحرّك أيدينا و ننقدها و إمّا نقف فى طريقها و نصدّها. و أضاف إلى ذلك ، إذا كان من اللازم تصحيح ما هو خاطئ ، فإنّه بطريق الحتم ستوجد تجاوزات ، حين تنهض الجماهير لتصحّح ما هو خاطئ و إلاّ فلن تتمّ عمليّة التصحيح . إذا شرعتم فى صبّ الماء البارد و نقد و محاولة دفع الأشياء إلى أسفل بمجرّد حصول تجاوزات ، فإنّ الأشياء لن تتجاوز أبدا الحدود المقبولة و إذا لم تخرج الأشياء عن الحدود المقبولة ، فإنّه لن تحصل تغييرات جوهريّة. و يمكن أن يسحب هذا الكلام على الثورة الثقافية.
وُجدت تجاوزات ، قال ماو لإدغار سنو ، عندما أقام معه لقاءا صحفيّا سنة 1971، إنّه مستاء جدّا من بعض التجاوزات التى حصلت و بعض الطرق المستعملة فى خوض الصراع بصورة غير مبدئية. و كان مستاءا أيضا من الكتلوية التى تطوّرت ضمن الحرس الأحمر عوض توحيد أوسع صفوف الشعب حول المواضيع العامة للثورة الثقافية مثلما حاولت عرضها. لقد شبّت نزاعات كتلوية و طفقوا يتحاربون. أحيانا يتحاربون بأتمّ معنى الكلمة بالأسلحة الناريّة حول من هي القوّة الثوريّة لوحدها بينما القوى الأخرى معادية للثورة. و تعرفون أنّه مع إستيائه و حتى تعبيره عن إستيائه من بعض ما حدث ، فإنّه إعترف بأنّ بعض المبادئ كانت بصدد النشوء و بأنّه إن لم يجرى نهوض جماهيري ، لن تزاح الأشياء من الطريق حيث تقع و أنّهم سيعودون بسرعة إلى الرأسمالية لجميع الأسباب المشار إليها آنفا. لكن مع النهوض الجماهيري ، تحدث تجاوزات. ثمّ سعى ماو تسى تونغ إلى تصحيح الوضع.
و لم يكن ذلك باليسير. أوّلا لأنّ سير المجتمع ليس مثل الكاريكاتور الذى يصوّرونه و كأنّ شخصا يجلس على كرسي و يسيّر كافة الشؤون بضغطة زرّ فيتحكّم فى كلّ شيء. المسألة مسألة تمرّد. يتعلّق الأمر بصراع ثوريّ. أعنى كانوا يطيحون بالقيادة القائمة فى مدينة شنغاي عبر نهوض مليون شخص ، و عوّضوها بمركز قيادة ثوري ، لجنة ثورية ضمّت الكثيرين من الجماهير التى إنتفضت و ضمنهم الحرس الأحمر بما فيهم ليس فقط الطلبة ، بل أيضا عمّال فى المدينة وفلاّحون من الريف حول شنغاي. فكانت فعلا ثورة حقيقيّة ، و الثورات الحقيقيّة ليست واضحة و نظيفة.
لقد أصدروا توجيهات عملت على تقديم خطوط عريضة عامة للصراع بما فى ذلك تضييق النطاق على الناس الذين وقع تحديدهم كأعداء على حفنة فى الحزب الذين كما صاغ ذلك ماو ، فى السلطة ، أتباع الطريق الرأسمالي ، و أنّ فى صفوف المثقّفين و فى الجامعات ، عليهم أن يرسموا خطوط تمايز بين حفنة من الطغاة الأكاديميين الذين كانوا يحاولون التحكّم فى الناس و فرض المعايير الإقطاعيّة و البرجوازيّة القديمة ، و عدد أوسع من المثقفين الذين تربّوا فى المجتمع القديم و لهم الكثير من نظرة ذلك المجتمع لكنّهم أصدقاء الثورة و يجب كسبهم حتّى و إن وجدت تناقضات هناك. لذا وضع ماو خطوطا عامة لمحاولة التعاطي مع فهمه أنّه ستوجد حتما تجاوزات.
لكن التمرّد شمل مئات الملايين من الناس. و إلتحق به الكثيرون، و عن قصد دفعوه إلى التجاوزات من أجل تخريبه. و الموجودون فى القمّة أرادوا حرف النضال عن ذواتهم و عن السياسات و الخطوط التى يمثلونها، وشجّعوا على الكتلوية و إستهدف دفعهم للتجاوزات تشويه التمرّد حتى ينبروا ليقولوا أنظروا لقد خرج عن نطاق السيطرة و علينا أن نضع له حدّا.
هذه هي تعقيدات المسألة. و لا شكّ لدي فى وجود من وقعوا ضحايا للثورة الثقافية. وهو أمر تقريبا حتميّ فى مثل هذه الحالات ، ما لا يعنى أنّه جيّد. مثلما قلت ، كان ماو مستاءا من بعض هذه الأمور. لكن ، من ناحية أخرى ، إذا كانت هناك ثورة جماهيريّة للقطع مع المجتمع بشكل أتمّ نحو الطريق الإشتراكي و الحيلولة دون العودة إلى الرأسمالية – وهو ما قاموا به- و حتّى لإعادة هيكلة عامة للحزب و تثويره فى المسار- وهو ما قاموا به أيضا. لقد علّقوا فى الأساس الحزب و حلّوه ثمّ أعادوا تنظيمه على قاعدة تشريك الجماهير فى نقد أعضاء الحزب و حتّى عقد إجتماعات نقد جماهيريّة حيث تتمّ إعادة تشكيل الحزب كجزء من الإجتماعات الجماهيرية أين تصدح الجماهير بنقد الحزب و تقييم أعضائه. و هذا أمر لم يسبق له مثيل فى أي مجتمع ، بديهيّا ، بما فى ذلك المجتمع الإشتراكي. و قد إرتكبت عدّة أخطاء. هذا بُعد من أبعاد المسألة.
قضايا الفن و الثقافة ، مسائل وجهة النظر و المنهج
ويسترسل بوب آفاكيان ليقول :
و من الأبعاد الأخرى ، بعض الأخطاء فى الفهم و المنهج لدى قادة الحركة – و ربّما لدى ماو إلى درجة معيّنة، لكن بصورة خاصّة لدى أناس مثل تشانغ تشنغ و آخرين الذين صبّوا جهدا كبيرا لتقديم هذه الأعمال الثقافية الثورية كنماذج ، وهي حقّا مكاسب طبقية –عالمية فى مضمونها الثوري و كذلك فى نوعيتها الفنية : الباليهات و اوبيرا بيكين إلخ. لكن أعتقد أنّه كانت لديهم توجّهات نحو التصلّب و الدغمائية و لم يفهموا تمام الفهم الفرق بين ما يفيده بالضرورة خلق أعمال ثقافية نموذجية و ما ينبغى أن يكون تعبيرا فنّيا اوسع وهو قد يتّخذ الكثير من الأشكال المختلفة و ليس فقط لا يمكن بل ينبغى أن يتلقّى المساعدة بالطريقة ذاتها و بذات درجة الدقّة الضروريّة لأجل إنتاج الأعمال الثقافيّة النموذجيّة غير المسبوقة تماما.
وثمّة حاجة لفهم جدليّ اكثر و هنا محاولتى التفكير فى الأمر ، لأنّنى لم أبحث فيه بحثا تاما و نحتاج إلى تعلّم الكثير منه ، لذا أودّ أن أشدّد على هذا – لكن لدى نزعة للتفكير فى أنّه من الضروري أن يوجد فهم جدلي أفضل للعلاقة الجدليّة بين بعض الأعمال التى قادتها و وجهتها فى تفاصيل دقيقة و بطريقة مدروسة ،المستويات العليا ، مستنهضة الفنّانين فى هذه السيرورة ، و أشياء أخرى أين يسمح بالمزيد من التعبير عن مزيد من الإبداع و التجريب ، و يسمح بالكثير من هذا ثمّ يدرس بعمق لرؤية ما الذى أنتج من إيجابي و التعلّم من مختلف محاولات نضال الناس لإنتاج شيء جديد يكون له عمليّا مضمون ثوريّ او حتّى لن يحتاج إليه إلاّ كجزء من الخليط الذى يمكن التعلّم منه و نقده ، و تقرير ما الذى كانوا يرغبون في رفع رايته و ترويجه شعبيّا و ما لم يكونوا يرغبون فى رفع رايته و ترويجه شعبيّا. أعتقد أنّه تعلّم المزيد ينتظرنا.
و هناك بعد ثالث لهذا. هناك عنصر حتّى لدى ماو ، و قد نقدت هذا و هو محلّ جدال لكنّنى أنقد شيئا كنت أشرت إليه فى أعمال مختلفة كتبتها أو فى خطاباتى لا سيما فى عمل عنوانه " كسب العالم ... " (6) ، هناك نزعة نحو قدر من القوميّة. و هذا يشمل طرقا تمّ تدريب المثقّفين و الفنّانين عليها و الذين تأثّروا بالثقافة الغربية أو كان لهم إهتمام بها. وُجد نوع من الموقف الإنعزالي تجاهها. فمن شعارات ماو أنّه : يجب جعل الماضي يخدم الحاضر و جعل الأشياء الأجنبيّة تخدم الصين. حسنا. فى رايى هذا و خاصّة الجزء الثاني منه ، ليس بالضبط الطريقة المثلى لطرح المسألة. لا يتعلّق الأمر بالصين و بالأشياء الأجنبيّة ، إنّها مسألة – مهما كان البلد مصدر الفنّ - ما هو مضمونه الموضوعي؟ هل هو بالأساس تقدّمي أم هو بالأساس رجعي؟ هل هو ثوري؟ أم هو معادي للثورة ؟ هل يساعد على دفع الأمور فى إتّجاه تغيير المجتمع نحو الشيوعيّة أم يساعد على دفع الأشياء إلى الوراء و يقيم حواجزا أمامها ؟ أعتقد أنّ هذه الصيغة و إن إنطوت على أشياء صحيحة – عدم رفض كلّ شيء أجنبي – فإنّها تنطوى على مظهر غير صحيح تماما و متأثّر بقدر من القوميّة ، أكثر منه متأثّر بنظرة أمميّة تامة فى ما يتعلّق حتى بمسألة الثقافة.
مايكل سلايت :
لقد أدّي ذلك إلى نوع من الموقف الغريب إزاء الجاز أليس كذلك؟
بوب آفاكيان :
نعم إزاء الجاز و الروكنرول. لم يفهموا المظهر الإيجابي لهما. بالطبع ثمّة كمّ هائل ممّا لا أهمّية له فى الروكنرول بوجه خاص. لم يفهموا حقّا ما هو الجاز كظاهرة فى الولايات المتّحدة و ببساطة أنكروه بنظرة إحادية الجانب . و كذلك بنظرة إحادية الجانب أنكروا الروكنرول ، فى حين أنّه فى جوانب عدّة كان يحتوى على دفعة شديدة إيجابيّة جدّا وقتها، فى الستّينات و أواخر الستّينات فى الولايات المتّحدة . كان تعبيرا عن روح تمرّد و حتى برزت أعمال فنّية أكثر وعيا طبقيّا و إن كانت لها نواقصها. لذا أعتقد أنّ ذلك مرتبط بما كان كذلك جزء ممّا أرى أنّه طريقة جعل بعض المثقّفين فى الصين لا سيما أولئك الذين لهم ربّما نزعات أكبر نحو الإهتمام بالثقافة الغربية ، أعداء أو إضطهادهم بطرق ما كان يجب أن يحدث.
لكن هذه محاولة تفكير من جانبي . علينا أن نبحث فيها بمزيد من العمق. ما أحاول القيام به هو تقديم خلفيّة لضرورة الثورة الثقافيّة فى المصاف الأوّل ، و ما كان الثوريّون يسعون لإنجازه بفضلها و لماذا لم يكن ذلك مشروعا فحسب و إنّما أيضا ضروريّا و هاما للغاية و لماذا و كيف أفرز كلّ هذه الأشياء الجديدة. فقد نشرت الرعاية الصحّية فى الريف . و جرى تشريك جماهير الشعب التى لم تشارك أبدا من قبل فى المجال العلمي ، فى التجارب و البحوث العلمّية ، و حتى فى النظريّة العلميّة إلى جانب العلماء ، و حصلت ذات أنواع التغييرات فى التعليم و ذات أنواع التغييرات فى مواقع العمل حيث أطاحوا بإدارة الرجل الواحد و شرعوا فعليّا فى تشريك الإداريّين و المديرين و التقنيّين ، لجزء من الوقت ، و ليس على أساس متساوي تماما ، لكن لجزء من الوقت ، فى العمل المنتج ، و صار بعض العمّال المنتجين يشاركون فى مجالات اخرى و كُرّست عوض إدارة الرجل الواحد إدارة لجنة ثوريّة جمعت ممثّلين عن العمّال و عن الإدارة و العاملين التقنيّين و كوادر الحزب.
و هكذا تحقّقت مكاسب هائلة ، بما فى ذلك فى مجال الفنّ ، و مجال التعليم و المجال الفكري الواسع. لقد قرأت مقالات من ذلك الزمن فى الصين ، عن الفيزياء ، و النظريّات الفيزيائيّة ، التى كانت تعالج طبيعة المادة و الحركة – كيفية فهم مسألة حركة المادة فى مختلف الأشكال التى تتّخذها و ليس فحسب فى الأشياء اليوميّة لكن على أساس بناء فيزيائي نظريّ أكثر.
نشأت أشياء عظيمة . لم يكن زمن إطفاء الأضواء فى المجال الفكري . و مع ذلك ، لم تخلُ من نواقص و أكيد انّ هناك من الناس من وقع قمعهم فى هذا الخضمّ و هذا ضمن المعادلة أيضا.
دور الفنّ و الفنّان و علاقتهما بالدولة
مايكل سلايت :
أودّ أن نواصل مع هذا الموضوع . قبل أن أمرّ عمليّا إلى مسالة مزيد الحديث عن الحرّية الفكريّة و الفنّية و المعارضة كضرورة فى المجتمع المستقبلي، أردت ان أتناول بالحديث شيئا ما دور الفنّانين بصفة خاصة. تعلم أنّ ذلك مهمّ لأنّه قبل سنوات عشر ، كنت أجريت حوارا صحفيّا مع هيلي جريما ، المخرج السينمائي الذى أخرج سنكوفا و بوش ماما. إنّه مخرج أثيوبي أقام هنا لفترة طويلة من الزمن. وهو نوعا ما ملمّ بالموضوع فقد تعلّم النظريّة الثوريّة عبر العالم و قد تأثّر بالغ التأثّر بالثورة الثقافيّة . و ممّا قدّم فكرة أنّ دور الفنّان فى المجتمع الإشتراكي هو أن يكون – إن لم تخننى الذاكرة – بإستمرار معارضا لجهاز الدولة. و كان يرى أنّ الثورة الثقافيّة مضت بعيدا لكن ليس بما فيه الكفاية لأنّها عمليّا لم تخترق الطريق – و أنّ الفنّانين راوحوا مكانهم.
ثمّ فى المدّة الأخيرة ، إغتنمت فرصة إجراء حوار صحفيّ و تمضية بعض الوقت مع نغوجي وا تينغو ، الكاتب الكييني ، و كانت لديه بعض الأفكار حول طبيعة الفنّ و العلاقة بين الفنّ و الدولة فى أيّ مجتمع كان . و من الأشياء التى حدّثنى عنها أنّه ثمّة جزء محافظ فى الدولة بمعنى أنّه يحاول على الدوام إنقاذ نفسه و الحفاظ على سلطته و أنّ الفنّ فعلا من الجهة الأخرى شيء دائم التغيّر. و الأمر هكذا دائما – يختلف الفنّ عن ذلك بأنّه يحاول على الدوام أن يمسك بالأشياء فى تغيّرها. إنّه قائم على كيفيّة تطوّر الأشياء ، كيفيّة تحرّكها و ما هو جوهريّ و ليس ما هو بالضبط عادة. لذا يرى هذين الشيئين على أنّهما فى تناقض مع بعضهما البعض و يقول إنّ الفنّان فعلا ينبغى بإستمرار أن يسائل الدولة. للفنّان دور- نظرته كفنّان للمجتمع هي أنّ للفنّان دور إثارة المزيد من الأسئلة أكثر من تقديمه اجوبة ، وهو أمر يشعرنا بأنّه يجب أن يكون مزروعا فى أيّ مجتمع. و كنت أتساءل كيف يتماشي ذلك مع نظرتك للإشتراكية و دور الفنّ و مسألة حرّية الفنّ و المعارضة.
بوب آفاكيان :
أعتقد إنطلاقا ممّا تصفه أنّه بإختصار هناك جانب من الحقيقة فى ذلك لكن هذا وجه إحادي الجانب ، هو فقط جانب من الصورة . قبل حوالي 15 سنة ، ألقيت خطابا عنوانه " نهاية مرحلة – بداية مرحلة جديدة " ( 7 ) و ملخّصا بالأساس ما ورد فيه أقول إنّه مع إعادة تركيز الرأسمالية فى الصين ، إثر ذات النتيجة لسوء الحظّ فى الإتحاد السوفياتي ، وصلنا إلى نهاية مرحلة معيّنة بدأت بكمونة باريس ، تقريبا ، و إنتهت بهزيمة الثورة الصينية و إعادة تركيز الرأسمالية هناك. و الآن علينا أن نتجمّع من جديد و نلخّص بعمق دروسها ، الإيجابية منها و السلبية ، و نمضي قدما فى أوضاع جديدة حيث لم تعد توجد بلدان إشتراكية ، مؤقتا. و فى نهاية الخطاب ، أردت ترسيخ جملة من المبادئ التى إعتقدت أنّه ينبغى أن يطبّقها حزب فى قيادة مجتمع إشتراكي. و مبدأ من تلك المبادئ هو أن يكون الحزب حزبا فى السلطة و طليعة النضال ضد تلك الأجزاء من السلطة التى تقف فى طريق مواصلة الثورة. و أعتقد فعلا أنّ هذا طريقة أصحّ و إطارا أو تشبيها أصحّ لكيفية تقييم دور الفنّ بصورة خاصة فى مجتمع إشتراكي . بكلمات أخرى ، عاقدا مقارنة ، أرى أنّ الفنّ يتعيّن أن لا ينقد فقط الدولة الإشتراكية ، بل يجب أيضا أن ينقد تلك الأشياء فى المجتمع – بما فيها الدولة و الحزب و القيادة – التى تمثّل بالفعل القديم و من اللازم كنسها. و ليس بالضرورة ما هو كلاسيكيّا رأسماليّ لكن ما صار يمثّل حاجزا بعد أن كان يمثّل تقدّما - لأنّ كلّ شيء ، بما فى ذلك الإشتراكية ، يتقدّم عبر مراحل و بالحفر بشكل أعمق فى أرض القديم و إجتثاثه على أتمّ وجه. و من هنا الأشياء التى كانت تمثّل تقدّما فى مرحلة ما يمكن أن تصبح عراقيلا أو حتّى تعيد الأمور إلى الوراء ، إذا ما إستمرّت.
و من ثمّة أعتقد أنّ الفنّ يحتاج إلى نقد كلّ تلك الأشياء . لكنّه يحتاج أيضا إلى أن يرفع راية و حتّى نعم أن يمدح و ينشر شعبيّا تلك الأشياء التى تمثّل طريق التقدّم ، بما فيها تلك الأشياء الخاصة بالدولة. فالدولة فى المجتمع الإشتراكي ليست ذات الدولة فى المجتمع الرأسمالي. إنّها دولة تكرّس فى مظاهرها الأساسيّة – طالما أنّها حقّا دولة إشتراكية – مصالح الجماهير الشعبيّة ، و تسهّل لها و توجد لها الإطار الذى يمكّنها من مواصلة الثورة و الدفاع عنها ضد أعدائها، من داخل البلاد و ضد الإمبرياليين و القوى الأخرى التى ستهاجمها و تحاول أن تغرق ذلك المجتمع الجديد فى حمام دم من خارج البلاد. و طابع الدولة مختلف و طالما أنّ مظهرها الجوهري يقوم بهذه الأشياء – فهي تمثّل حكم البروليتاريا و تشرّك بصفة متصاعدة البروليتاريا و الجماهير الشعبية العريضة عن وعي فى سيرورة صنع القرار و فى تطوير سياسات مواصلة الثورة – و حيثما يظلّ ذلك هو المظهر الرئيسي ، يجب مساندة هذه الأشياء و مدحها. لكن حتّى ضمن ذلك ، حتّى فى هذه الحالة ، ستوجد عدّة طرق تتضمّن أخطاء و أخرى تستحيل إلى عراقيل ، طرقا قد تمضى عملّيا وفقها سياسات الحكومة و سياسات الحزب و أعمال الدولة ، ضد مصالح الجماهير الشعبية - و ليس فقط بالمعنى الضيّق ، بل بالمعنى الأكثر جوهرية حتى ، بمعنى الذهاب ضد التقدّم صوب الشيوعية ما يمثّل فعلا عراقيلا. وهذا ما يجب نقده.
و أعتقد أنّ هناك حقيقة فى فكرة أنّ الفنّانين ينحون نحو الإتيان بالجديد – و إن لم يكن هذا صحيح بصورة شاملة. فبعض الفنّانين يقدّمون ذات الأشياء القديمة بشكل متكرّر ، و خاصة أشياء يبحث مضمونها عن تعزيز أو إعادة تركيز القديم ، وهي ليست مجدّدة عادة. أحيانا حتى ذلك جيّد فنّيا و غالبا ليس كذلك. لكن حسب رأيى هناك شيء من الحقيقة بخصوص وجود الفنّ المجدّد وهو ينحو نحو تحريك الأمور و يتناول الأشياء من زوايا جديدة و يطرح المشاكل بطريقة مختلفة أو عمليّا يسلّط الضوء على مشاكل لم يتمّ الإقرار بها فى مجالات اخرى أو لدى أناس أكثر مشاركة مباشرة فى سياسات المجتمع. برأيى أنّه ينبغى توفير حرية كبيرة للفنّانين للقيام بذلك. و أرى أيضا أن من مسؤوليّتهم و جزء ممّا يترتّب عليهم الإضطلاع به هو النظر فى هذه الأشياء التى تجسّد مصالح الشعب فى تلك الدولة. و عليهم أن ينشروا شعبيّا و يساندوا ذلك لأنّه سيوجد كثير من الناس الذين سيرغبون فى الإطاحة بتلك الدولة و تحطيمها. و أعتقد أنّه ليس هناك وضوح كاف فى فهم الإختلاف الجوهري – حتى مع كلّ التناقضات المعنيّة التى سعيت لتناولها - الإختلاف لجوهري بين دولة بروليتارية ، دولة فى مجتمع إشتراكي و دولة برجوازية موجودة هناك لقمع الجماهير و تعزيز الظروف التى يتمّ فيها إستغلالها ، كأساس عام لهذا المجتمع ، و التى تهاجم بخبث أيّة محاولات تمرّد ضدّها ، ناهيك عن الإطاحة بالنظام برمّته.
من المهمّ رسم خطّ تمايز – وثمّ عندما نقرّ بهذا التمايز الجوهري ، حالئذ كما نقول نقسم الدولة الإشتراكية إلى قسمين. الأجزاء التى تجسّد و تمثّل مصالح الجماهير فى القيام بالثورة و مواصلتها صوب الشيوعية و الأجزاء التى غدت قديمة أو تقف فى طريق تلك المواصلة ؟ مدح الجانب الأوّل و الترويج له شعبيّا و نقد الآخر و تعبئة الشعب و تشجيعه على النضال ضدّه.
الثورة ، القيادة ، سلطة الدولة ، هدف الشيوعية ، و أهمية المعارضة و الصراع – اللبّ الصلب و المرونة
مايكل سلايت :
من الأشياء التى جعلتك تقف ضد الكثير من التجربة الماضية للمجتمعات الإشتراكية و المفكرين الماركسيين و غيرهم ، هي نقطة السماح بالمعارضة و ليس فقط السماح بهذا النوع من ساحة الإكتشاف ضمن العاملين بالأفكار و ضمن الفنّانين و غيرهم ، لكن عملياّ التحدّث عن ضرورة وجود ذلك. لماذا تعتقدون أنّ ذلك ضروريّ و ليس فقط شيء مسموح به؟
بوب آفاكيان :
أنا بصدد البحث فى مسألة كيف يمكن أن يوجد ذلك داخل الحزب و العلاقة بين أن يوجد داخل الحزب و فى المجتمع الإشتراكي عموما ، و كيف القيام بذلك دون فقدان اللبّ الجوهري و ما نحتاج إليه للمسك الفعلي بسلطة الدولة حينما نحصل عليها ، و من أجل المضي نحو الشيوعية عوض العودة إلى الوراء نحو الرأسمالية. و هكذا بالنسبة لى هذا موضوع أشتغل عليه كثيرا وهو تناقض صعب جدّا.
لكن للردّ مباشرة على سؤالك أقول إنّ الحاجة إلى ذلك تعزى إلى كوننا نريد تحرير الناس تحريرا تاما – و ماركس قد قال إنّ الثورة الشيوعية تعنى الإنتقال من ما نسمّيه نحن الماويّون ، بصيغة مختصرة " الأربعة كلّ" ، أي الإنتقال من إلغاء كلّ الإختلافات الطبقية ( أو أظنّ أنّه قال حرفيا " الإختلافات الطبقية عموما " لكن لا فرق) و إلغاء كلّ علاقات انتاج و كلّ العلاقات الإقتصاديّة التى تقوم عليها الإختلافات الطبقيّة ؛ و تغيير أو إلغاء كلّ العلاقات الإجتماعية القديمة التى تناسب مع علاقات الإنتاج هذه - مثل العلاقات بين الرجال و النساء - و تثوير كلّ العلاقات التى تتناسب مع العلاقات الإجتماعية هذه. لذا لو نظرنا إلى هذه " الأربعة كلّ " ، كما نسمّيهاو الهدف هو بلوغ هذه " الأربعة كلّ" ، عندئذ لا يمكن القيام بهذا إلاّ من قبل الجماهير الشعبيّة بأعداد متزايدة و بوعي مضطلعة بمهمّة فهم العالم كما هو و فى حركته و تطوّره و كما يمكن فعلا تغييره لمصلحتها و تغييره. فإن كنّا نفهم على هذا النحو ما نصبو إليه و كيف سينشأ جوهريّا – و ليس من طرف ثلّة من الناس يجمّعون الجميع فى وحدات و يسيّرونهم على طريق مستقيم فى صفوف متلاصقة - عندئذ نفهم أن السيرورة تحتاج الكثير و الكثير. الإشتراكية كما أرتئيها ، و حتى بدرجة معيّنة الحزب الذى أرتئيه ، تزخر بالإضطرابات و تتسبّب لقادتها فى صداع هائل ، لأنّه ستكون لدينا كافة أنواع المواد المتناثرة فى كافة الإتّجاهات بينما علينا أن نمسك باللبّ موحّدا و لا نتخلّى عن كلّ شيء.
لقد دارت محادثة بينى وبين فنّان و شاعر شهير و كنت أحاول أن أصف هذه الأشياء التى أعرض هنا – ما أنا بصدد معالجته و تطبيقه على الفنون و أشياء كثيرة اخرى – و فى النهاية قال لى فكرة أظنّها نافذة و جيّدة جدّا : يبدو لى أن ما تتحدّث عنه هو لبّ صلب مع الكثير من المرونة. فقلت نعم ، هذا جيّد جدّا فقد وضع فى صيغة واحدة ما كنت أبحث عنه.
لكن كيف نبقى على لبّ صلب حتى لا نفقد الثورة ؟ دعونى أوضّح . نحتاج إلى طليعة ، نحتاج إلى حزب لقيادة ثورة و ليكون فى موقع اللبّ من المجتمع الجديد. حينما نصل إلى هناك لن نعيد السلطة و لن نضع السلطة فى المزاد العلني و لا حتّى للإنتخابات. لن ننظّم إنتخابات لنقرّر ما إذا كان يجب أن نعود إلى المجتمع القديم . فى نظري ، يجب سنّ هذا فى دستور. بكلمات أخرى ، سيركز الدستور : هذا مجتمع إشتراكي يتّجه نحو الشيوعيّة و سيتعيّن دور الحزب فى علاقة بذلك و حقوق جماهير الشعب و دورها فى القيام بذلك جوهري- بما فى ذلك كما أراه ، تنظيم بعض الإنتخابات على المستويات المحلّية و بعض مظاهر الإنتخابات من النطاق المحلّي إلى النطاق الوطني وهي إنتخابات يتنازع فيها فى إطار التقدّم من الإشتراكية إلى الشيوعية ، محدّدين بمعنى جوهري ( و ليس فى كلّ الجزئيات) ما يعنيه ذلك أساسا و ما لا يعنيه فى دستور ، و فى قوانين ، أنّ الجماهير الشعبية هي ذاتها و بصورة متصاعدة تصيغها و تقرّر بشأنها.(8)
لكنّنا لن نقول مجرّد : " حسنا ، سنحصل على الإشتراكية ثمّ سنعيدها إلى الرأسماليين و سنرى إن كان الشعب سيريد الإشتراكية من جديد. إذا قمنا بذلك لماذا أزعجنا أنفسنا للقيام بالثورة. فكّروا فى كلّ ما تحدّثنا عنه آنفا، و كلّ ما تتعيّن مواجهته. إذا إتّخذنا مثل هذا الموقف ، لا حاجة إلى أن نتقدّم و نقود أيّ شيء لأنّنا لسنا جدّيين. القيام بالثورة سيرورة ملتوية و مواصلة الطريق نحو الشيوعية و مساندة الثورة العالميّة فى وجه كلّ ما سيتمّ رمينا به ، ستكون مهمّة غاية فى الصعوبة و سيرورة ملتوية ، و ينبغى أن يكون لدينا لبّ من الذين يدركون ذلك ، حتّى مع التوسيع المستمرّ لذلك اللبّ. لقد تقدّمت – و حين أقول" تقدمت " لا أعنى الإشهار لنفسى بل هو ما أفكّر فيه و ابحث فيه - بانّ هناك أربعة أشياء على هذا اللبّ أن ينجزها، أربعة أهداف . علينا أن نحافظ على السلطة و فى نفس الوقت ، علينا أن نجعل تلك السلطة جديرة بالحفاظ عليها. والأهداف الأربعة التى أتحدّث عنها هي :
أوّلا ، يجب على اللبّ أن يمسك السلطة و يقود الجماهير الشعبيّة كي لا تعود إلى المجتمع القديم - ليس أن يمسك كلّ شيء بيديه هو ، لكن ينبغى أن يكون مصمّما على المسك بالسلطة و تعبئة القوى فى المجتمع التى يمكن كسبها فى أيّ زمن معطى لرؤية أنّه يجب المسك بالسلطة و التمسّك بالإتّجاه الثوري إلى الأمام.
ثانيا، يجب بإستمرار أن يقع توسيع صفوف هذا اللبّ ، لذا لسنا بصدد الحديث عن مجرّد القلّة النسبيّة ذاتها – حتّى إن كنّا نتحدّث عن مئات الآلاف او الملايين ، فهي القسم الصغير نسبيّا ذاته من السكّان مقارنة ببلد مثل هذا البلد. لكن هل تتوسّع صفوفها بإستمرار بشكل أمواج تجلب إليها أكثر أناسا ليكونا جزءا من لبّ هذه السيرورة.
ثالثا ، أن يسترشد اللبّ بإستمرار بهدف التحرّك الممكن إلى حيث لن نعود فى حاجة إلى ذلك اللبّ ، لأنّ الإختلافات التى تجعل منه ضروريّا قد جري تجاوزها.
و رابعا ، أن يوجد اللبّ فى كلّ نقطة على الطريق المرونة القصوى الممكنة دون تحطيم ذلك اللبّ.
هذا ما أبحث فيه فى علاقة بهذه السيرورة . و بالنسبة إليّ ، هذا أبعد مدى من جعل جميع الناس يمشون فى تشكيلات متراصة و لو أنّ هناك أوضاع قد تفرض علينا القيام بذلك – حينما نكون عرضة لهجوم عسكري ، علينا أن نرصّ صفوفنا. لكن عموما، أري أنّه سيرورة هائجة مائجة إن شئنا ، حيث يذهب الناس فى إتّجاهات مختلفة و مسؤوليّة القيادة ، مسؤوليّة اللبّ القيادي ، هي مثلما أشرت إلى ذلك أعلاه ، محاولة إحتضان كلّ ذلك – بمعنى الإحتضان و ليس بمعنى الضغط و الخنق- مبقيا عليه متّجها صوب المكان الذى يحتاج إلى المضيّ إليه و جالبا أكثر فأكثر أناسا إلى السيرورة للقيام بذلك.
إذا نظرنا إلى الأمر من هذه الزاوية ، فإنّه مضطرب جدّا. و أعتقد أنّه نوعا ما على الحزب أن يشبه ذلك أي أنّه ينبغى تطبيق مبدأ " اللبّ الصلب مع الكثير من المرونة " حتى على الحزب و قد بحثت فى المسألة : هل يمكن فعلا أن يوجد صراع فكري و فنّي و إبداعي و صراع و تجريب فى مجتمع إشتراكي عموما ، إذا لم يوجد صراع داخل الحزب كلبّ لهذا المجتمع؟ لا أظنّ أنّ ذلك ممكن. إذا لم يوجد ذلك بالحزب فالمجتمع ذاته سيختنق. ستوجد الكثير من النمطيّة مصدرها الحزب الذى سيكون له تأثير كبير و لذا سيتّجه نحو خنق و قمع ذلك الإبداع و الصراع. و عليه ، كيف نحصل على لبّ صلب و مرونة حتّى صلب الحزب عموما ، حول السياسات لكن أيضا مطبّقا على الفنون و المجال الفكري بالمعنى الواسع إلخ؟ و لعقد مقارنة إنطلاقا من الفيزياء هنا ، حتى لبّ صلب – تعلمون أنّ كلّ شيء تناقض و مهما كان المستوى الذى تذهبون إليه فهو تناقض- لذا فاللبّ الصلب فى معنى معيّن بداخله هو أيضا مرونة. ذلك أنّه إذا تمّ الشدّ أكثر من اللازم للبّ، إن جاز التعبير، مواصلة لذات الإستعارة – فلن توجد أيّة حياة فيه و لن توجد مرونة.
الأمر متحرّك ، مضطرب. من جهة ، لن نعيد السلطة إلى البرجوازية و لن نضعها حتى للإنتخاب ، و من جهة أخرى ، لن نمضي جميعنا فى وحدات مباشرة على الطريق ، لكن ستوجد شتّى أنواع الصراعات الهائلة ، بما فى ذلك فى صفوف الذين يريدون العودة إلى الرأسمالية معبّرين عن أفكارهم بقوّة. سنراقب المستغلّين و نضيّق على نشاطهم السياسي و نعاقب الذين تبيّن عبر سيرورة قانونيّة معلنة أنّهم معادون للثورة ، بمعنى أنّهم يقومون فعلا بعمليّات تخريب ، أو ما نسميه الآن " الإرهاب " ضد المجتمع الجديد ( مفجّرين أماكنا و قاتلين بشرا أو تبيّن عمليّا و ليس بمعنى غير واضح ، أنّهم يتآمرون للقيام بذلك. و أعتقد أنّنا نحتاج إلى دستور و قوانين و إجراءات للتعامل مع هؤلاء. لكن أبعد من ذلك ، فى مجال الأفكار ، حتى أفكار الذين يحاججون بأنّ الرأسمالية أفضل من الإشتراكية نحتاج إلى وجودها و الذين يريدون الدفاع عن هذه الأفكار يجب أن يسمح لهم بذلك حتى تتمكّن الجماهير من تمحّص هذه المسائل.
ويترتب علينا أن نهزمها فى مجال الأفكار مثلما فى مجال الممارسة العمليّة. و الآن بالذات ، نقوم بذلك بلا هوادة . موقفنا الآن هو إذا كان هناك إنسان يودّ الدفاع عن الرأسمالية فليأت الجميع و لنقم نقاشا. لا نستطيع الحصول على هؤلاء لنقيم معهم نقاشا رغم دعواتنا المتكرّرة ! هذا ما يحزّ فى نفسنا. موقفى إذن هو : نعم يكون قد جرى تغيير الأشياء عندما نكون قد بلغنا المجتمع الإشتراكي وهناك ظروف جديدة و سنكون فى موقع اللبّ من قيادة جماهير الشعب. هذه مسؤوليّتنا. لكن لا ينبغى أن نكون مع ذلك أقلّ قلقا لحصول هذه النقاشات لدراسة هذه الأمور ولإشراك المزيد من الناس فى دراستها. لماذا علينا بالتالى أن نخشى ذلك فى المستقبل فى حين أنّنا الآن لا نخشاه ؟ الآن نرحّب به ، لماذا لن نرحّب به حينها ؟
سأقول لك ، كما أرتئي ذلك ، يسبّب لي صداعا لأنّنى أستطيع أن ألمس مدى صعوبة الإبقاء على كلّ هذا على طريق التقدّم الذى نحتاج المضيّ عليه. إلاّ أنّه إذا لم ننو المخاطرة بذلك ، ليس بوسعنا المضيّ إلى حيث نريد المضيّ.
الهوامش :
(1) بدأت الحرب الكورية فى 25 جوان 1950 و إنتهت فى 27 جويلية 1953. كان الجنرال دوغلاس ماك أرتور على رأس القيادة العامة للأمم المتحدة فى الحرب الكورية من 1950 إلى 1951. و قد عزله من القيادة الرئيس الأمريكي هاري س. ترومان فى أفريل 1951.
(2) تشان كاي تشاك جنرال مسنود من طرف الولايات المتّحدة ، قاد الكيومنتانغ ( حزب قومي ) ضد القوى الثوريّة الشيوعيّة منذ تقريبا 1927. و إستمرّت حرب التحرير عبر مراحل مختلفة و عادة معقّدة ، و فى الختام ، إنتهت بإنتصار 1 أكتوبر 1949.
(3) أنظروا " حول الشيوعية ، القيادة ، ستالين و تجربة المجتمع الإشتراكي " ، مقتطف من حوار صحفي أجراه مايكل سلايت مع بوب آفاكيان عام 2005. و قد نشر المقتطف فى جريدة " الثورة " عدد 168 ، 21 جوان 2009.
revcom.us/avakian/on_communism-en.html.
(4) أنظروا " إنّنا نصحح المعلومات ... حول القفزة الكبرى إلى الأمام ( 1958-1960)" على الأنترنت
thisiscommunism.org
(5) نيكيتا خروتشاف كان على رأس الإتحاد السوفياتي منذ 1956 و إعادة تركيز الرأسمالية إلى 1964.
(6) " كسب العالم : واجب البروليتاريا العالمية ..." ، خطاب ألقاه بوب آفاكيان عام 1981. و قد نشر فى مجلّة " الثورة " عدد 50 . أنظروا
revcom.us/bob_avakian/conquerworld/
(7) " نهاية مرحلة – بداية مرحلة جديدة " لبوب آفاكيان نشر فى مجلّة " الثورة " نهاية 1990. وهو متوفّر على الأنترنت و رابطه :
bobavakian.net/articles/end_beginning.pdf.
(8) فى علاقة بهذا ، أنظروا " دستور للجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا ( مشروع مسودّة) " للحزب الشيوعي الثوري ، منشورات الحزب الشيوعي الثوري 2010 ، أنظروا
revcom.us/socialistconstitution/
==============================================================================



#شادي_الشماوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تعميقا لفهم بعض القضايا الحيويّة المتعلّقة بالثورة الثقافية ...
- عشرسنوات من التقدّم العاصف – الفصل الأوّل من كتاب - الصراع ا ...
- إضطهاد النساء فى أفغانستان و النظام الذى ركّزه الغرب
- قتل بالسيف فى بنغلاداش : حملة الأصوليين الإسلاميين لإستعباد ...
- خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي ( بريكسيت ) صدمة للنظام ال ...
- الإنتخابات الأمريكية 2 : ترامب و كلينتون وجهان لسياسة برجواز ...
- لكن كيف نعرف من الذى يقول الحقيقة بشأن الشيوعية ؟ - من ملاحق ...
- الخلاصة الجديدة للشيوعية : التوّجه و المنهج و المقاربة الجوه ...
- بستّ طُرق يحاولون خداعكم فى ما يتّصل بالثورة الثقافية فى الص ...
- تمهيد الكتاب 24-الصراع الطبقي و مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتور ...
- حاجة ملحّة : رفع راية الخلاصة الجديدة للشيوعية لبوب أفاكيان ...
- هذا نداء إستعجالي لغرّة ماي ! لا وقت نضيّعه ! عالم مغاير جذر ...
- نحو مرحلة جديدة من الثورة الشيوعية - الفصل الخامس من كتاب -. ...
- الثورة الثقافيّة : أعمق تقدّم فى السير نحو تحرير الإنسان إلى ...
- الإنتخابات الأمريكية : مزيد الإضطهاد والجرائم ضد الإنسانيّة ...
- الثورة الصينية بقيادة ماو تسى تونغ : ربع الإنسانيّة يتسلّق م ...
- ثورة أكتوبر 1917 : المكاسب و الأخطاء - الفصل الثالث من كتاب ...
- بناء النضال من أجل تحريرالنساء - بيان لمجموعة الشيوعيين الثو ...
- 8 مارس اليوم العالمي للمرأة : تنظيم النساء ضد الإضطهاد و الإ ...
- 8 مارس 2016 : - هل يمكن لهذا النظام أن يتخلّص من أو يسير دون ...


المزيد.....




- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري
- باي باي كهربا.. ساعات الفقدان في الجمهورية الجديدة والمقامة ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - شادي الشماوي - الثورة الثقافية فى الصين ...الفنّ و الثقافة ... المعارضة و الصراع ... و المضيّ بالثورة نحو الشيوعية- لبوب أفاكيان – الفصل الخامس من كتاب - الصراع الطبقي و مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتوريّة البروليتاريا : الثورة الثقافيّة البرولتاريّة الكبرى قمّة ما بلغته الإنسانيّة فى تقّدّمها صوب الشيوعيّة