أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوسف الصفار - هوس النوستالجيا














المزيد.....

هوس النوستالجيا


يوسف الصفار

الحوار المتمدن-العدد: 5270 - 2016 / 8 / 30 - 20:00
المحور: الادب والفن
    


قصة قصيرة
هوس النوستالجيا
الرجل الكهل انتج صيغ فاشلة لحياته وهو في أوآخر سنين حياته ضحكت عليه الافاعي والخنازير . ولأنه كان رومانسيا متطرفا . لوثت حياته مفاهيم النبل والصدق والإ يثار في زمن اركانه المخاتلة والنكران .
السبب حب الايام الخوالي . الذي ضيعه بفعل سياسات زمن المقت والكبت والحرمان ..
كتب اليها رسالة نصية بين فيها لوعة الذكرى والم الايام . .. تجاوزته وخاتلته وغافلته .. يبدوا انها رمته في متاهات النسيان ..
تمكنت منه كآبة هذا النكران .. فتوجه رغم كبر السن نحوا العربدة والمجون .. صديقه مندهشا سأله عن سر هذا الجنون ونصحه بمراجعة اقرب طبيب ..لكنه لم يطق صبرا فكتب اخرى فيها شيء من القسوة والمهادنة ( انت غمامة بيضاء . لاتبرق . لاترعد . لا تمطر.. تحولت الى شيء لم يعد لي ) وحينما لم تستجب له عاوده الحنين فكتب لها متوسلا ( اردتك ان تعتلي بيّ عرش السعادة وتزيلي برؤيتك مرارة الايام الغابرة واللاحقة )
اتصلت به ضاحكة , مقهقة .. ساخرة من كل ما كان وكل ما سيكون .. ارعبه مستقبل الشوق الوئيد وانتابه فزع رهيب وتحركت فيه جذوة الشوق فكتب لها مصرا ( يا آنية الحب .. كيف السبيل اليك .. ليس امامي غير الموت البطيء .. يزحف الى شعاب المدن الخاوية وأنت من رؤى الماضي .. تسخرين وتقهقهين فتزيدي من عذاباتي )
رن الهاتف النقال حاملاً معه كل شتائم الزمان .. فبان على وجهه الوعد والوعيد .. لكن الفاشل العنيد تحدث اليها باصرار : الذي يدهشني ليس قسوتك عليّ ولكن قسوتك على نفسك ..ردت عليه بلا مبالات قيها غضب مكنون ( انه امر كان مفروضا لم يعد له وجود ) رد عليها بغصة الولهان .. سجين ينتظر تنفيذ حكم الاعدام : يا ماكنة الانجاب اين منك تلك اليافعة الشفافة ..المغناج .. العذبة واهبة الحب .. رابطة الازمان ..الشغوفة بالاحلام ..
استنكرت باصرار عليه هذه الرومانسية الفجة وبينت له انها واقعية لاتعيش الخيال وسنين العمر تجاوزتها الاحلام وطلبت منه ان ينسى الذي كان ..
كتب لها متألماً ( يا زهرتي الجميلة امتص رحيقك رجل السلطة الولهان فآثرت رغباتك على حبك المكنون .. هذا القنفذ المذعور اطلق سهام جسده علىّ فاصابني بمقتل .. دنسك واغتالني .. راغ في جسدك واستعذب جراحات جسدي )
استشاطت غضبا ... وبعثت له رسالة نصية تطلب منه التوقف عن هذا الهذيان وخرف آخر الاعمار
صديقه نصحه ان يتوقف عن هذا اللغط ويضع حداً لمحاولاته البائسة وبين له انه ينفخ في قربة مثقوبة ولما كان صديقه يعرف المدى الذي ستوصل اليه رومانسية الرجل الخائب اقترح عليه ان يكتب رواية ( الحب في زمن المفخخات ) تناغما مع رواية ماركيز ( الحب في زمن الكوليرا ) .لكن الرجل الكهل اللجوج لايعرف المستحيل رغم تلقيه شتائم يعجز عنها اللسان .. فتحول نقاشه مع حبيبته الى مايشبه الفلسفة بعد عجز الشعر بإتيان ما يرغبه في عالم الاحزمة الناسفة وسياسات العناد .. فسر لها كيف احد الفلاسفة كان يسخر من مقولة الجنس اللطيف على النساء ..
اجابته وبصورة ادهشته .. معنى ان يكون واقعيا وكيف عليه الاستثمار في مجالات التجارة والربح السريع ولكونه مثقفا عليه ان يولج مجالات السياسة ... فكلاهما متداخلان في عصر الفساد والطغيان هذا , وكيف عليه ان يستمرأ الضحك على ا لذقون و يتلهى بطقوس الادعية والعبادات .. وبهذا سوف لا يشعر بالخذلان , ويركز على ما ينفعه في اواخر عمره الذي اضاعه في الثقافة وقراءة الاشعار وهددته بالقانون فيما اذا تمادى بهذا الهذيان واكدت له بصرامة , انها سوف تجعله يزحف على ركبتيه متوسلا .. وتقضي على ما تبقى له من رومانسية هوجاء ..
أخذه ذهول ليس بالحسبان . تكدست عنده المرارات وتضخمت المعاناة وتسآئل مع نفسه .. هل من المعقول ان تكون هي نفسها .. تلك الصغيرة التي علمها دروس الحب والرياضيات فازهرت و اينعت ليقطفها الغريب و يحولها الى نموذج يعجز عنه اللسان ..
الرجل العنيد لم يستكين فكتب لها رسالة تفوح منها منها رائحة الاستسلام . ( تشتمين الرومانسية حبيبتي ..انها ليس كلمة تقال ..هي فعل الالهام والتمتع بروعة الشروق و الغروب .. انها لوحات يرسمها الفنانون واشعار وجنون ..وموسيقى كونية .. كل منا له مرضه حبيبتي .. مرضي هذه الرومانسية .. ومرضك واقعيتك وخلاصنا الوحيد يكمن في موتنا السريع .. لنستريح من اغتصاب المشاعر والاوطان ..)
قرأت الرسالة .. وكررتها لفك متاهاتها اخذتها غفوة وهي تشاهد المسلسل التركي ( على مر الزمان ) فراودتها احلام التفجيرات والمفخخات المتلاحقة في كل شارع وبستان والموت في الازقة والوديان وهي تتقلب على اريكتها اتتها رؤيا لرجل كهل نقل الى المستشفى وهوفي آخر مراحل الخرف فمات متأثراً بجراح الحب والخذلان ..



#يوسف_الصفار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سبينوزا و مفهوم الديمقراطية
- اغتيال الثقافة
- حينما تسقط الثقافة
- اخرج من اللعبة ياولدي22
- أخرج من اللعبة ياولدي1/2
- العقل الغيبي والعقل العلمي
- المحقق والدلال
- الثنائيات وازمة ضمير
- التاريخ والرؤية الاحادية
- نوستالوجيا المسلم وبداهة الغرب
- صباح تموزي
- 14 تموز والصناعات الثقيلة ..الاسكندرية نموذجا ً
- انفجار الكرادة والتحليلات المتضاربة
- الله في الميزان
- موروث شعبي , تعنت فقهي واضطراب سياسي
- اللامنتمي الثوري
- الاعلام والرؤية العوراء
- الدين والاخلاق
- داعش والكائن الخرافي
- الفلسفة والانسان 4/4


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوسف الصفار - هوس النوستالجيا