أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - الفيس بووك وحياتنا الأجتماعية ... أزمة أم حل؟














المزيد.....

الفيس بووك وحياتنا الأجتماعية ... أزمة أم حل؟


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5270 - 2016 / 8 / 30 - 05:13
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الفيس بووك وحياتنا الأجتماعية ... أزمة أم حل؟

الكثير يدرك جيدا أن هناك أنقلاب كبير في حياتنا الأجتماعية مع الذات والأخر حدث أو حدث نتيجة غزو مواقع التواصل الأجتماعي متعددة الأنواع ومتجددة الأفكار دون أن نستطيع أن نمنع أنفسنا الانخراط المذهل والتفصيلي فيها، فهي من جهة تشعرنا في رغبة عارمة في الأهتمام بالتواصل مع الأخرين بهدف والغالب بدون هدف ومن جهة أخرى ترضي في ذواتنا الميل الطبيعي لمعرفة تفاصيل حياة الأخرين أو مشاركتهم أي بصريح العبارة أرضاء حب التطفل الطفولي في وجداننا العميق، قد يكون الحال في المجتمعات العربية والمسلمة والمتخلفة أشد وطأة عما في مجتمعات أخرى وذلك يعود تقديرا إلى أرتداد إنعكاسي لحالة الكبت والحرمان الذي تعاني منه هذه المجتمعات والفهم الغير منطقي لوجود مواقع التواصل.
من الناحية النفسية يؤشر هذا الانخراط العجيب إلى حقيقتين مهمتين تتعلق بالفرد فردا وبالفرد مجتمعا:
• وجود ظاهرة مواقع التواصل وأنشغال الجميع بها يمثل تعبيرا عن أحتجاج ورفض للواقع المعاش بكل أزماته وإشكالياته وخطوطه الحمر والسود، وبالتالي فهي تمثل تفريغ لشحنات الغضب وإراحة للضمير الفردي المهزوم أمام عقد المجتمع الدينية والفكرية والسياسية، وبذلك تحولت هذه المواقع إلى حلول للهروب من مشاكلنا بأتجاه أن تكون على لائحة النسيان ولو لفترة وبذلك تساهم في زيادة التوتر النفسي والكسل الحقيقي عن البحث عن حلول حقيقية.
• الحقيقة الثانية أن المجتمع عامة يعاني من أختناق في قضية أستيعاب أفكار ومشاكل ورؤى عاجز أن يفهمها المجتمع أو يعترف بها، لذا نرى أن الفرد الأجتماعي يحاول التخلص من رؤية المجتمع والأنتماء لمجتمع أفتراضي يعوض فيه حالة الإهمال، فتراه يثرثر كثيرا ويقضي من الوقت الكثير في سبيل الإنغماس في مجتمع هو يصنعه ويختاره بناء على متطلباته النفسية، فهو مثلا يختار الفئة العمرية والنمط الفكري والتوجه الثقافي والموضوع ومقدار الحرية اللازمة ونوع العلاقات السائدة في عالمه الأفتراضي ، وهذا مما لا يستطيع أن يفعله في الواقع الحقيقي.
في القضيتين هنا يبحث عن متنفس عن حرية مفقودة وعن محاولة ورغبة أما في الهروب من واقع غير قادر على أن يفهمه ككائن محتاج ومتجدد في طلب الحاجة، أو ليعبر عن رفضه الكامل أن يتقيد بما في واقعه من قوانين وأنظمة وقيم لم تعد تتلائم معه أو مع حدود قدرته الذاتية، فهو يذهب أحيانا بل وغالبا في مدى أوسع مما تتطلبه الحرية الشخصية من شروط، وقد يقع في الكثير من المحذورات التي يظن أنها تعبير عن الحرية فيقع فريسة أوهام وأحلام لا تتحقق، فتزداد مشاكله النفسية عمقا وتتأثر مزاجياته بالتقلبات النوعية داخل العلاقة التي ينشئها في عالمه الأفتراضي، ولكن في الجانب الأخر من الصورة فمواقع التواصل فعلا منحت الكثير من روادها الشعور بالراحة النفسية لوجود طرف أخر يسمع ويفسر ويتشارك مما يشعر الإنسان المأزوم أنه ليس بوحيد ولا مغترب في عالم عريض طويل.
من الناحية الأجتماعية وما يتعلق منها بعلم الأجتماع بشقيه الشخصي والأسري نرى أن لشيوع ظاهرة الانشغال بمواقع التواصل تأثير حقيقي على شكلية العلاقات الأجتماعية، وهذا التأثير وتحت ضغط الأفراط في الأهتمام به تحول إلى شكل مدمر من الأثار على علاقات الأسرة والعلاقات البينية في علاقة الأسرة مع الأخر، كانت مشكلة المجتمعات الغير صناعية والتي تتميز بتقلدية الأنماط التواصلية فيها تتمثل في وقت الفراغ وكيفية الاستفادة منه، مثلا نجد في المجتمع العراقي وخاصة في مجتمعات المدن القريبة من القرية أو في الأطراف والضواحي الأقل خدمات وأهتمام في هامش المدن الكبيرة، تنتشر ظاهرة المقاهي العامة والتجمعات الشعبية التي تجمع أنواع متعددة من الناس فقط للثرثرة وقضاء الوقت، الآن حل الفيس بووك ومواقع التواصل محل المقاهي والدواوين وحتى حل محل الزيارات الأهلية والعائلية وبذلك حطم الأهم من نوعية العلاقات الأسرية وقلل من نسبة التواصل الفعلي بين الإنسان وأهله وأسرته.
إذن تحولت مواقع التواصل هذه في بعض جوانبها إلى حل بل إلى حلول كثيرة منها ما هو علمي ومعرفي وأختصر للكثير من الناس الوقت والنفقة ومشقة البحث عن المعلومة، وكذلك وجد حلا مناسبا لحالات كثيرة من حالات الشعور بالغربة أو الافتقاد إلى مشارك أجتماعي أو متفهم لحاجات فردية يمكن معالجتها من خلال الشعور بوجود أخر مستمع ومتجاوب مما يساهم في تبديد حالة الخوف والقلق الفردي، أيضا في الجانب الأخر شكل للكثير أزمة حقيقية وهي أزمة الإدمان وأزمة الثقة وأزمة الإشاعة وأزمة التأثير السلبي لبعض الأفكار التي لا تتناسب مع الوعي والقدرة العقلية على التحمل الطبيعي، ساهمت أيضا مواقع التواصيل في أهتزاز وزعزعة الكثير من القيم والعقائد والأراء، كما ساهمت في تخطي الكثير من العقبات التي كانت تعترض وصول الأفكار والنتاج الأدبي والمعرفي للأخر حتى تحولت هذه المواقع إلى مكتبات وأكاديميات حقيقية تنشر المعرفة وتساهم في حركة التحولات والأنتقال من دائرة المغلق المحرم إلى دائرة كل شيء مباح.
نحن اليوم في أزمة حقيقية ومع واقع يحتاج أيضا إلى تطوير الوعي بأهمية مواقع التواصل والأستفادة القصوى من الجوانب الإيجابية فيه، وأيضا علينا أن نمارس ككتاب ومشاركين في دور حيوي في قيادة المجتمع في تحولاته والتنبيه على قدرة هذه المواقع على رسم صورة سياسية وفكرية في ذهن المشتركين وتوجيهها نحو مسائل أكثر أهمية وإلحاح بدل أن تترك للقضايا الأقل أهمية أن تستنزف وقت الإنسان واهتمامه، أيضا نحن بحاجة إلى دراسات أكاديمية علمية لدراسة الظاهرة والتقليل من الخسائر المحتملة والأكيدة من وجود الظاهرة في الجانبين الأجتماعي والنفسي ومحاولة البحث عن حلول أكثر أهمية وأشد قدرة على تجاوز الواقع الإشكالي الأجتماعي والنفسي.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مفهوم الدين وحقيقة الديانة
- قصص شعريه
- حوار حاد في خرم الرأس _ قصة قصيرة
- قراءة نقدية فقهية وقانونية في محتويات قانون العفو الذي تم ال ...
- قراءة نقدية فقهية وقانونية في محتويات قانون العفو الذي تم ال ...
- الواقع العربي اليوم وقبل ربيعه الأسود ح2
- الواقع العربي اليوم وقبل ربيعه الأسود ح1
- ظهور الإسلام السياسي هو أزمة دين أم أزمة سياسة؟.ح2
- ظهور الإسلام السياسي هو أزمة دين أم أزمة سياسة؟.ح1
- مدخل نظري لمفهوم إعادة تدعيم المجتمع
- نظرية الدولة الدينية بين حكم النص وبين دور الوعي الديني
- من قضايا التنوير الفكري وأصول العمل فيها
- الخوف والقسوة والإرهاب الفكري والسياسي ودوره في بسط ثقافة ال ...
- مقهى عبد ننه ... قراءة في تأريخ مدينة يسكنها وهج السياسة ويت ...
- الحاكمية السياسية في الإسلام ... وهم القراءة وتخريج بلا مخرج ...
- الحاكمية السياسية في الإسلام ... وهم القراءة وتخريج بلا مخرج ...
- الحاكمية السياسية في الإسلام ... وهم القراءة وتخريج بلا مخرج ...
- قالها ومضى
- الحق بين الله ورجل الدين
- المعرفة الدينية وإشكالياتها التأريخية وأثرها في فشل الإنسان ...


المزيد.....




- -الطلاب على استعداد لوضع حياتهم المهنية على المحكّ من أجل ف ...
- امتداد الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جدي ...
- توجيه الاتهام إلى خمسة مراهقين في أستراليا إثر عمليات لمكافح ...
- علييف: لن نزود كييف بالسلاح رغم مناشداتها
- بعد 48 ساعة من الحر الشديد.. الأرصاد المصرية تكشف تطورات مهم ...
- مشكلة فنية تؤدي إلى إغلاق المجال الجوي لجنوب النرويج وتأخير ...
- رئيس الأركان البريطاني: الضربات الروسية للأهداف البعيدة في أ ...
- تركيا.. أحكام بالسجن المطوّل على المدانين بالتسبب بحادث قطار ...
- عواصف رملية تضرب عدة مناطق في روسيا (فيديو)
- لوكاشينكو يحذر أوكرانيا من زوالها كدولة إن لم تقدم على التفا ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - الفيس بووك وحياتنا الأجتماعية ... أزمة أم حل؟