أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - ملاحقة القرآن للواقع الاجتماعى















المزيد.....

ملاحقة القرآن للواقع الاجتماعى


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 5269 - 2016 / 8 / 29 - 02:54
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ملاحقة القرآن للواقع الاجتماعى
طلعت رضوان
فى المصحف الحالى (والمعترف به فى المؤسسات الرسمية والمُـتداول بين المسلمين) آيات عديدة نزلتْ لتــُـعالج بعض تصرفات العرب المُـستهجنة ، مثل دخول البيوت بدون استئذان، وهو ما جاء فى الآيتيْن 27، 28 من سورة النور. ورغم أن الآيتيْن نصـّـتا على عدم الدخول فى حالة عدم وجود أهل البيت ((فإنْ لم تجدوا فيها أحدًا فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم)) فإنّ الآية التالية مباشرة أجازتْ حق دخول البيوت غير المسكونة فنصـّـتْ على ((ليس عليكم جـُـناح أنْ تدخلوا بيوتــًـا غير مسكونة فيها متاع لكم)) (النور/29) وكتب السيوطى فى تفسيره لأسباب نزول تلك الآية ((أخرج ابن أبى حاتم عن مقاتل بن حيان قال : لما نزلتْ آية الاستئذان فى البيوت، قال أبوبكر: يا رسول الله فكيف بتجار قريش الذين يختلفون بين مكة والمدينة والشام ، ولهم بيوت معلومة على الطريق، فكيف يستأذنون ويـُـسلمون وليس بها سكان؟ وبسبب هذا السؤال نزلتْ الآية رقم29من سورة النور. وبغض النظر عن اختلاف المعنى بينها وبين الآيتيْن السابقتيْن فى نفس السورة، وبغض النظر عن دخول بيوت الآخرين فى عدم وجودهم، وبغض النظر عن استباحة ما هو موجود فى تلك البيوت بالنص على ((فيها متاع لكم)) بغض النظر عن كل ذلك ، فالمهم هو أنّ القرآن كان يـُـلاحق ما يحدث على أرض الواقع، والأهم من ذلك أنّ العرب (خاصة أتباع محمد) كانوا يطرحون أسئلة غاية فى البساطة ولكنهم لا يملكون (أو هكذا هو المُـفترض) القدرة على التصرف من تلقاء أنفسهم، كأنما عقولهم مـُـحنــّـطة، والأدق أنهم بلا عقول.
وعن أسباب نزول ((أحسب الناس أنْ يـُـتركوا أنْ يقولوا آمنا وهم لايـُـفتنون. ولقد فتنا الذين من قبلهم.. إلخ (العنكبوت/ 2، 3) أخرج ابن أبى حاتم عن الشعبى قوله أنّ تلك الآيات نزلتْ فى أناس كانوا بمكة، وقد أقروا بالإسلام ، فكتب إليهم أصحاب رسول الله من المدينة أنه لا يقبل منكم حتى تـُـهاجروا عامدين إلى المدينة، فتبعهم (المشركون) فردوهم، فنزلتْ هذه الآيات . فكتبوا إليهم أنه قد نزل فيكم كذا وكذا فقالوا : نخرج فإنْ اتبعنا أحد قاتلناه ، فخرجوا فاتبعهم (المشركون) فقاتلوهم، فمنهم من قـُـتل ومن من نجا. وهكذا فإنّ القرآن كان يلاحق الواقع.
وعن أسباب نزول آية ((ادعوهم لآبائهم هوأقسط عند الله.. إلخ)) (الأحزاب/5) أخرج البخارى عن ابن عمر قال: ما كنا ندعو زيد بن حارثة إلاّ زيد بن محمد حتى نزل القرآن.
ثم تتوالى الأحداث بزواج النبى من زينب بنت جحش بعد تطليقها من زيد ، رغم أنّ النبى هوالذى زوّج زينب لزيد . وعن تلك الدراما الإنسانية أخرج الطبرانى بسند صحيح عن قتادة الذى قال : خطب النبى زينب وهو يـُـريدها لزيد ، فظنتْ (زينب) أنه يـُريدها لنفسه. فلما علمتْ أنه يُـريدها لزيد أبتْ (= رفضتْ) فأنزل الله ((وما كان لمؤمن ولامؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرًا أنْ يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضلّ ضلالا مبينــًـا)) (الأحزاب/36) فلما سمعتْ زينب الآية رضيتْ وسلــّـمتْ (الأدق رضختْ لحكم السماء) وأخرج ابن جرير عن طريق عكرمة عن ابن عباس أنه قال : خطب رسول الله زينب بنت جحش لزيد بن حارثة، فاستنكفتْ منه وقالت: أنا خير منه حسبـًـا، فأنزل الله الآية المذكورة. بينما أخرج ابن أبى حاتم عن ابن زيد قال: نزلتْ فى أم كلثوم بنت عقبة بن أبى معيط ، وكانت أول امرأة هاجرت من النساء فوهبتْ نفسها للنبى فزوّجها زيد بن حارثة فسخطتْ هى وأخوها الذى قال : إنما أردنا رسول الله فزوّجنا عبده فنزلت الآية المذكورة.
وأعتقد أنّ كلام ابن زيد غير دقيق ، حيث أنّ أم كلثوم نزلتْ بشأنها آية أخرى ومختلفة تمامًـا وهى آية ((وامرأة مؤمنة إنْ وهبتْ نفسها للنبى إنْ أراد النبى أنْ يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين)) (الأحزاب/50) أما زواج النبى من زينب وتطليقها من زوجها (زيد) فينطبق عليه آية ((وتـُـخفى فى نفسك ما الله مُـبديه.. فلما قضى زيد منها وطرًا زوجناكها.. إلخ)) (الأحزاب/37) وعن تلك الآية أخرج البخارى عن أنس أنها نزلتْ فى بنت جحش وزيد بن حارثة. وأخرج الحاكم عن أنس أنه قال: جاء زيد بن حارثة يشكو رسول الله من زينب بنت جحش، فقال النبى: أمسك عليك أهلك ، فنزلتْ الآية المذكورة. وأخرج مسلم وأحمد والنسائى : لما انقضتْ عدة زينب قال رسول الله لزيد: اذهب فاذكرها علىّ (أى يُـحـدّثها بشأنه) فانطلق فأخبرها.. فقالتْ إنها ستنصاع لأوامر ربها.
وبعد زواج النبى من زينب يأتى الفصل الأخير فى تلك الدراما الإنسانية، حيث أخرج الترمذى عن عائشة أنها قالت: لما تزوّج النبى زينب قال الناس: ((تزوّج حليلة ابنه)) فأنزل الله ((ما كان محمد أبا أحد.. إلخ)) (الأحزاب/40) وهكذا نزل الستار عن المشهد الأخير فى تلك الدراما التى انتهتْ بتحريم التبنى. وأعتقد أنّ تلك الدراما الإنسانية تستوجب الملاحظات التالية :
أولا: إذا كان الهدف من تطليق زينب بنت جحش وزواجها من النبى، هو تحريم التبنى (كما يقول الإسلاميون بحجة عدم اختلاط الأنساب) فلماذا لم يتزوّج النبى من زينب قبل أنْ يخطبها لزيد بن حارثة؟ وهذا السؤال يخرج من أحشائه سؤال آخر: كيف غابتْ فكرة (تحريم التبنى) عن الوحى (الإلهى)؟ ولماذا جاء هذا التحريم بعد زواج النبى من زينب وتطليقها من زيد؟
ثانيـًـا : النص القرآنى صريح فى أنّ النبى كان يرغب فى زينب (بعد زواجها من زيد) وهو ما عبـّـرتْ عنه الصياغة الدقيقة فى آية ((وتُـخفى فى نفسك ما الله مُـبديه وتخشى الناس والله أحق أنْ تخشاه.. إلخ)) أى أنّ (الله) هو الذى شجـّـع نبيه على تلبية رغبته ، لذلك أردفتْ الآية (وبدون فواصل) : ((فلما قضى زيد منها وطرًا زوجناكها))
ثالثــّـا : ما مغزى أنْ يأتى اسم الرسول بعد اسم (الله) مباشرة فى كثير من الآيات ؟ مثل ((وما كان لمؤمن ولامؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرًا.. إلخ)) (الأحزاب/36) ألا يعنى ذلك أنّ صفات وقدرات (الله) هى ذاتها صفات وقدرات نبيه؟ وإذا كان الأمر كذلك فكيف يتم التوفيق بين هذا المعنى، وما ورد فى القرآن عن أنّ النبى واحد من البشر؟ ومن أمثلة ذلك ((قل سبحان ربى هل كنتُ إلاّ بشرًا رسولا)) (الإسراء/93) و((قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلىّ)) (الكهف/110) ومن الأحاديث (الصحيحة) قول النبى ((إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون، فإذا نسيت فذكرونى)) وقالت عائشة عنه ((ما كان إلاّ بشرًا من البشر، يغسل ثوبه ويحلب شاته ويخدم نفسه)) ورغم ذلك فإنّ القرآن به آيات عديدة منحتْ النبى صفات ربه ، خاصة فى مسألة الطاعة، ومن بينها : آل عمران/32، 132والنساء/13، 14، 59، 69، 80 (ومع ملاحظة أنّ تلك الآيات فى سورة واحدة) والأنفال/24، 46 والتوبة/71 والنور/52، 54 والأحزاب/71 ووصل الأمر لدرجة قبول كل ما يأتى به الرسول والأخذ به والابتعاد عن كل ما نهى عنه وهوما عبـّـرتْ عنه آية ((وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا)) (الحشر/7) وهى الآية التى تبدأ بشرح توزيع فيىء الغنائم بعد المعارك (الحربية) وتوزيع الأنصبة يكون ((لله وللرسول)) كما ورد فى سورة الأنفال. وهنا يبدو التلازم الصريح بين الله ونبيه حتى فى توزيع الغنائم. وإذا ردّ واحد من الأصوليين وقال إنّ المقصود ب (الله) فى هذه الأية أنّ حصة الفيىء تـُـوزّع على الفقراء والمساكين ، فإنّ الآية نفسها تــُـكذبه حيث أردفتْ وباستخدام واو العطف ((ولذى القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل)) ومعنى ذلك أنّ النبى سوف يحصل على حصتيْن ، حصة له وحصة لله.
ونظرًا لهذا التلازم بين الله ونبيه كان من الطبيعى أنْ تنزل آية زواجه من زينب بنت جحش وتطليقها من زوجها. حدث هذا رغم أنّ النبى (بعد أنْ وهبته زوجته الأولى خديجة العبد زيد) وقف أمام أهل قريش وأمسك بيد زيد وقال ((إنّ زيدًا ابنه وارثــًـا ومورّثــًـا)) ولما بلغ زيد سن الزواج اختار له النبى بنت عمته زينب بنت جحش. ولكن زينب قالت: لا أتزوّجه أبدًا. فنزلتْ الآية رقم36 من سورة الأحزاب، فرضيتْ زينب بهذا الزوج ((طاعة لأمر الله ورسوله)) وبعد الزواج وفق رواية الطبرى (ج3- ص42 وما بعدها) أنّ الرسول جاء يطلب زيدًا وعلى باب زينب ستر من شعر، فرفعتْ الريح الستر فانكشف عنها وهى فى حجرتها حاسرة فوقع اعجابها فى قلب الرسول. وبعد أنْ حكتْ زينب لزوجها عن تلك الزيارة وأنّ النبى رفض الدخول، فإنّ زيدًا قابل الرسول وقال له : يا رسول الله بلغنى أنك جئتَ منزلى ، فهلا دخلتَ بأبى أنت وأمى. ثم أضاف : فأفارقها؟ فسأله النبى: أرابك منها شىء؟ قال زيد: ما رابنى منها شىء ولا رأيتُ إلاّ خيرًا ولكنها تتعظم علىّ لشرفها وأنّ فيها كبرًا وتؤذينى بلسانها)) فى هذا المشهد يبرز سؤال : لماذا قال زيد ((أفارقها؟)) وهل تلك الجملة التى كتبها المؤرخون كانت ضرورية فى إطار الحبكة الدرامية؟
وبعد أنْ نزل الأمر السماوى بتطليق زينب من زوجها لتتزوّج من النبى، أراد النبى أنْ يـُـمهد الأمر لعائشة وقال لها إنّ الوحى أمره بزواجه من بنت عمته (زينب بنت جحش) ولكن عائشة بمجرد أنْ سمعت كلامه تملــّـكتها الغيرة فقالت بغضب ((إنى أرى ربك يسارع فى هواك)) (د. عائشة عبدالرحمن- سيدات بيت النبوة- دارالريان للتراث- مطابع الشروق- عام 1987- ص277 ومن 335- 353) وأعتقد أنّ قصة زواج النبى من زينب بأمر السماء ، بقدر ما هى توكيد على ملاحقة القرآن للواقع ، بقدر ما فيها من عن عناصر الدراما التى يتجاهلها المُـبدعون.
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا تختلف الأنظمة فى الدفاع عن مواطنيها ؟
- متتالية أسباب النزول
- لماذا غفر الله لوحشى ولم يغفر لأم النبى ؟
- هل النص الدينى سابق على الواقع أم العكس؟
- مغزى تجاورضريح محمد بن أبى بكروضريح مارجرجس
- ما حقيقة موقف سارتر من الصهيونية ؟
- العلاقة بين المجتمع والنص الدينى
- نوال السعداوى والقمنى والفاشية الدينية
- حملة التضامن مع سيد القمنى
- إحنا المصريين بنتكلم مصرى
- أهمية الاحتفال بذكرى ميلاد فرج فوده
- شخصية اليهودى المُتدين والنزعة العدوانية
- هل يوجد فرق بين لفظ العرب ولفظ (الأعراب)؟
- تضامن ناهض حتر
- الملياردير فى منظومة الفساد إبداعيًا
- بخصوص الحملة ضد الإسلاميين المجرمين
- الدولة الاستبدادية والمؤسسات الكهنوتية
- التطبيق العملى للإيمان بالحضارلة المصرية
- هل عرفت مصر القديمة ألعاب القوى؟
- هل سيدخل غير المسلمين الجنة ؟


المزيد.....




- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - ملاحقة القرآن للواقع الاجتماعى