أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نادية محمود - معاقبة الطفل سارق المناديل الورقية، وترك لصوص الدولة!














المزيد.....

معاقبة الطفل سارق المناديل الورقية، وترك لصوص الدولة!


نادية محمود

الحوار المتمدن-العدد: 5269 - 2016 / 8 / 29 - 02:49
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


سطور عن العلاقة بين الدولة والطبقة في العراق
من الواضح ان ترتيب العلاقة الجديدة بين الدولة والطبقات في المجتمع يأخذ شكلا بالغ الوقاحة وسافر الوحشية بشكل لم تكن له سابقة. يظهر هذا في فحوى علاقة الدولة بالطبقات الفقيرة، وعلاقة الدولة بالطبقة البرجوازية. ففي الوقت الذي يتعرض طفل من الطبقات الفقيرة الى عقوبة السجن لمدة عام كامل لسرقته 4 علب من المناديل الورقية، في الاسبوع المنصرم، لم يحاكم احد من الطبقة البرجوازية الحاكمة على سرقة المليارات على امتداد 13 عاما. لقد اثارت محاكمة الطفل الغضب الشديد على هذه الطبقة الحاكمة.
ان هذا الامر ليس صدفة بكل تأكيد. ان هذا يعكس حقيقة محتوى علاقة الطبقة البرجوازية مع الدولة، وعلاقة الدولة مع الطبقة البرجوازية. ففي الوقت الذي تكون فيه الدولة غفورة رحيمة مع سراق الطبقة البرجوازية، الا انها شديدة العقاب مع اي فرد من الطبقات الفقيرة. ان هذه يؤكد صحة تحليل ماركس وانجلس ولينين لمسالة الدولة وعلاقتها بالطبقات. فالدولة كما يعرفها هؤلاء القادة الشيوعيون بأنها اداة قمع، اداة لاستخدام العنف من اجل فرض هيمنتها على المجتمع. يعرف لينين الدولة بأنها "نوع خاص من تنظيم القوة. هي تنظيم للعنف بقصد قمع طبقة من الطبقات".
ان ماهو مهم الاشارة اليه هو ان هنالك سمة خاصة ميزت علاقة الطبقة والدولة في العراق بعد 2003 جاءت من حقيقة كيفية تأسيس دولة ما بعد 2003. فرغم انه عادة، وتاريخيا، وعلى امتداد عصور، تؤسس الطبقات المالكة "دولا لها" لتسود ولتفرض هيمنتها سيطرتها وسيادتها على المجتمع عبر اداة الدولة ذاتها. الا انه بالنظر الى ما جرى في العراق بعد 2003 يمكن التوصل الى ان البرجوازية لم تؤسس دولتها بنفسها ولنفسها، بل قامت الولايات المتحدة بتوليد "دولة" في العراق بطريقة قيصرية، بعد شن حرب، وتحطيم الدولة السابقة، احتاجت معها الى تشكيل طبقة لحمايتها، طبقة من المستفيدين منها ليقوموا بالدفاع عن وتثبيت دعائم الدولة الجديدة.
من هنا، كانت الطبقة البرجوازية، طبقة ضرورية واساسية لمشروع اعادة انشاء دولة في العراق. وبالتاكيد لم تعدم الولايات المتحدة ايجاد اشخاصا واحزابا سياسية لهذا الدور. فقد عملت الحكومة الاميركية على جلب زعماء الاحزاب البرجوازية الاسلامية الشيعية والسنية والقومية (المعارضة للنظام انذاك) بالدرجة الاساس الى السلطة، والذين كانوا قد طرحوا أنفسهم بديلا للنظام، ليشكلوا دولة العراق "الجديد"، لملأ الفراغ السياسي الذي اعقب اسقاط النظام. من جهتهم، ادرك الاخيرون فرصتهم التاريخية بوضع ايديهم في ايدي المحتل سيتيح لهم موقع في الدولة الجاري تشكيلها، يتيح لهم الوصول الى السلطة والقوة والثروة والتي تركت لبرهة من الزمن بدون صاحب، وبدون مسؤول مع الاطاحة بنظام البعث.
لذلك، ونظرا لحاجة "الدولة" الجديدة لطبقة تدافع عنها، اصبح مغفور للطبقة الجديدة التي تمسك بمقاليد الحكم، فسادها، ونهبها وسرقتها ثروات المجتمع بشكل متواصل دون حسيب او رقيب، دون قضاء، ودون قانون. فالقانون والقضاء يصيبه الخرس امام سرقة المليارات من قبل هذه الطبقة، ولكنه صوته يلعلع حين يتعلق بامر طفل يمد يده على اربع علب مناديل ورقية. 13 عاما مضت على تـاسيس طبقة برجوازية جديدة، اكتنزت المليارات من الدولارات وتتفاخر بسرقاتها وفسادها ونهبها على شاشات التلفاز وبدون ادنى حياء، وذلك بسبب وفقط بسبب تواجدها وامساكها واخضاعها مؤسسات الدولة لها، بل هي تبتلع مؤسسات الدولة، وتتصرف بها كما لو كانت هي الحدائق الخلفية لمنازلهم.
أفراد هذه الطبقة يسيطرون على البرلمان، يحتلون مواقع وزارية، يشكلون ميشليات كلما خطر لهم الرغبة بذلك، لا احد يردعهم، يقومون باعمال فساد لم يبزهم فيها الا دولتين اثنين او ثلاث في العالم. لا قضاء يستطيع ان يقاضيهم، واي قضاء؟ ان القضاة شركاء معهم. لذلك، النتيجة الطبيعية ان لا احد من شركاء هذه الطبقة البرجوازية يمكن ان يتحمل او يتقبل ان يتعرض احد منهم الى المحاسبة. لان ذلك سيفسد العقد غير المكتوب لهذه الطبقة التي انتفعت من وجودها بسبب وجودها في الدولة. من هنا، الدفاع عن "مؤسستهم" مؤسسة البرلمان امام اتهامات العبيدي، وعدم قبولهم بمحاكمة السراق، كما جرت محاكمة ذلك الطفل، يعني الدفاع عن دولتهم، مظلتهم التي يستظلون بها وتحميهم من الحساب والعقاب، مصدر عيشهم واثرائهم.
ان معاقبة طفل بالسجن لمدة عام كامل على سرقة مناديل ورقية، بدلا من استخدام اساليب تربوية معه، وترك السراق الحقيقيين الذين يسرقون ملايين ومليارات الدولارات من الطبقة المالكة والمتحكمة والغنية في الهواء الطلق، محتمين بمؤسسات الدولة، بشرطتها، وبقانونها، وبقضائها وميلشياتها، يعني ان هذه الدولة وهذه الطبقة، اللذان يكادان ان يصبحا شيئا واحدا، لن تحسن "اخلاقها"، او " تعدل من سيرها. بل يجب اسقاطهما معا. ولن يسقطهما احد غير الطبقة العاملة والجماهير المحرومة نفسها، وليس من سبيل امام الطبقة العاملة والجماهير الواسعة من اجل الحفاظ على امن وحياة الجماهير، وتوفر مستلزمات حياتها، بحيث لا يضطر طفل الى ان يبيع مناديل ورقية او حتى ان يخطر في باله سرقة مناديل ورقية. ان اولئك الذين دفعوا باطفال الى السرقة هم الذين يجب محاكمتهم بل وازاحتهم من سدة الحكم وبشكل تام.



#نادية_محمود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هي فوضى! سياسة المحاصصة = سياسة اللا محاسبة!
- عمال النفط والحشد الشعبي..
- الفرح قضية سياسية! الاهوار بين الفرح الشعبي والغضب الاسلامي ...
- الانقلاب العسكري وصراع -المحاصصة- في تركيا!
- ما العمل لوقف نزيف الدم بين قطبي الطائفية والارهاب!
- خروج بريطانيا من الاتحاد الاوربي: حرية رأس المال وتقييد العم ...
- سعداء بتحرير الفلوجة من داعش، ولكن!
- -الحرس الثوري العراقي- ومرحلة مابعد داعش!
- بعض النقاط والاسئلة حول التقرير الختامي لمؤتمر الحقوق والحري ...
- -برلمان- لومبين وشقاوات!
- في اليوم الاول من ايار، ماذا تقول الطبقة العاملة في العراق؟
- دولة شيزوفيرنيا!
- عمار الحكيم.. و.. -أحبك مثل اخوي-!
- هي السياسة ذاتها: المحاصصة!
- التظاهرات في مفترق طرق، ومهامنا!
- مشكلتهم ومشكلتنا! الحكومة لا تصلح، فماذا نحن فاعلون؟
- تعيين الوزراء في العراق ب-ارسال سيرته الذاتية واجراء مقابلة- ...
- من -الاصلاحات- الى حكومة - تكنوقراط- الى - الكتلة العابرة-!
- من -الموزائيك العراقي- الى -الكتلة التاريخية-!
- التغيير من الاعلى والتغيير من الاسفل!


المزيد.....




- كاميرا مراقبة ترصد لحظة اختناق طفل.. شاهد رد فعل موظفة مطعم ...
- أردوغان وهنية يلتقيان في تركيا السبت.. والأول يُعلق: ما سنتح ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا القصف الإسرائيلي
- الدفاع الروسية تكشف خسائر أوكرانيا خلال آخر أسبوع للعملية ال ...
- بعد أن قالت إن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة.. أستاذة جا ...
- واشنطن تؤكد: لا دولة فلسطينية إلا بمفاوضات مباشرة مع إسرائيل ...
- بينس: لن أؤيد ترامب وبالتأكيد لن أصوت لبايدن (فيديو)
- أهالي رفح والنازحون إليها: نناشد العالم حماية المدنيين في أك ...
- جامعة كولومبيا تفصل ابنة النائبة الأمريكية إلهان عمر
- مجموعة السبع تستنكر -العدد غير المقبول من المدنيين- الذين قت ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نادية محمود - معاقبة الطفل سارق المناديل الورقية، وترك لصوص الدولة!