أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد السعدنى - حوار الغضب والأمل مع شباب 25/30














المزيد.....

حوار الغضب والأمل مع شباب 25/30


محمد السعدنى

الحوار المتمدن-العدد: 5268 - 2016 / 8 / 28 - 13:46
المحور: الادب والفن
    


قالت : تعال إليّ
واصعد ذلك الدرج الصغير
قلت : القيود تشدّني
والخطو مضنى لا يسير
مهما بلغت فلست أبلغ ما بلغت
وقد أخور ....
هكذا تحدث أمل دنقل فى قصيدته "قالت" من ديوان "مقتل القمر" وهى قصيدة تحمل عذابات الشاعر المتطلع فى بداياته حين تهيب أن يصعد الدرج الصغير إذ كان يعرف أنه درج مراوغ مثل مشوار حياته وخبراته الحيرى فى محراب محبوبة عصية على كل المخلصين، إنها "مصر الوطن"، ولما عز عليه الوصول إليها، فاكتفى عنها بمن سواها، لكنه عاش يحلم بها ولها فاقترب وذاق واكتوى وعرف أنها لاسواها، وماعداها بدائل تجسد المعنى ولا تنفيه. لقد خشى أن تخور قواه إذا ما أخذه الدرج المراوغ إلى حيث أخذ الجبل سيزيف يحمل صخرته المقدسة حتى حافته فإذا مااقترب سقطت الصخرة إلى السفح وعاد كرة أخرى من حيث ابتدا، وهو يعرف أن القيود تشده، قيود الفكرة وبعد الشقة ووجودية الحالة وعبث المحاولة، فالخطو مضن وهو صعب لايسير، وهو يعرف مسبقاً مهما بلغ فليس بالغ مالعله بالغه من تواصل على البعد واحساس بالقرب رغم بعاد وتناء. هو لايرفض اللقيا رغم علمه باستحالته، ذلك أن الدرج وهو رمز الحاجز والسياج عندما ينهض فى وجه الطموح ويحول دون الاكتمال، وهو الذى دائما مافرضته الظروف على الشعراء والأوفياء من أبنائها والناسكين فى محرابها والسالكين متيمين فى بحور عيونها، فالدرج كما يقول أمل:
درج صغير
غير أنّ طريقه .. بلا مصير
فدعي مكاني للأسى
وامضي إلى غدك الأمير
فالعمر أقصر من طموحي ...
وهنا تتجلى تضحية الشاعر الذى يترك مكانه للأسى فى رومانسية قليلاً ماغلفت أشعار أمل فى عنفوانه ونضوجه، رومانسية دافعها أمل فى غد يريدها أن ترفل فى إمارته مدركاً أن طموحه قد لايدركه على مدى عمر هو مهما يطول قصير.
........
قالت : سأنزل
قلت : يا معبودتي لا تنزلي لي
قالت : سأنزل
قلت : خطوك منته في المستحيل
ما نحن ملتقيان
رغم توحّد الأمل النبيل
وياله من نفاد صبر لايعول على أمل ولو بصيص محتمل، مانحن ملتقيان رغم توحد الأمل النبيل وأن خطوك منته فى المستحيل فلا تنزلى، وكأنه يصادر حتى على احتمال اللقاء، فلا هو صعد إليها الدرج الصغير ولا وافقها على النزول إليه. حملته مخاوفه وهواجسه ونفاد صبره فى رؤية عدمية لم تسمح إلا للتشاؤم.
هكذا وقريب من هذا المعنى وفى أمسية حول أشعار أمل دنقل حادثنى زمرة كبيرة من شباب 25/30 عن قصيدته المحيرة "قالت" وحاولوا تفسيرها على هذا المحمل بما يخدم قنوطهم ويأسهم ويعبر عن إحباطهم وصدمتهم ومفارقتهم لواقع قالوا أنهم يرفضوه إذ استبعدهم وهمشهم ورفضهم وكذب عليهم وسخر منهم وصادر أحلامهم وضربهم بعنف وصادر حريتهم، رغم أن تضحياتهم هى من مهدت لهذا النظام وصوله للحكم، فارقوا مصر بالخطى لكنها أبداً فى قلوبهم وعقولهم، ولايتصورون أن اللقاء يمكن أن يكون قريباً فى ظل هذه الظروف الضاغطة عليهم.
فتحت الأعمال الكاملة لأمل دنقل، وأكملت معهم نفس القصيدة حيث انتهى الشاعر على خلاف ماتوقعنا فيما ابتدا، فمن حيث فارقها فاقداً أمل التلاقى والوصال نزلت هى إليه، وقرأت عليهم كلماته:
نزلت تدقّ على السكون
رنين ناقوس ثقيل
وعيوننا متشابكات في أسى الماضي الطويل
تخطو إليّ
وخطوها ما ضلّ يوما عن سبيل
وبكى العناق
ولم أجد إلاّ الصدى
إلاّ الصدى
وكما ترى فالأبيات تشرح نفسها إذ أبت مصر إلا أن تنزل إليه هذا الدرج المراوغ تدق ناقوساً ثقيلاً يوقظ السكون وخطت إليه فى ثبات لايعرف كيف يضل السبيل وبكى العناق، ورغم أنه لم يجد إلا الصدى فلعل هذا ما يمكن أن يصحى الضمائر والبصائر والعقول. والمعنى أنه إذا ماخاصمتم مصر فهى لن تخاصمكم ولسوف تسعى إليكم، اعطوها الفرصة واصبروا قليلاً. ثم لماذا توقفتم أمام ديوانه الملغز "مقتل القمر" والعنوان يوحى بالاستحالة والخروج على قانون الطبيعة. ولماذا لم تتوقفوا عند "البكاء بين يدى زرقاء اليمامة" والكعكة الحجرية" و"لاتصالح" وسفر التكوين وسفر الخروج والجنوبى وأوراق الغرفة 8، وخطاب غير تاريخى على قبر صلاح الدين، والضحك فى دقيقة الحداد. لتروا الإصرار والعزم والمقاومة والإرادة والتحدى والإستجابة والأمل، وجميعها قيم تحتاجونها زاداً لطريق طويل فى عيون الوطن. ولماذا لاتقرءوا معى كلماته:
آه .. ما اقسى الجدار
عندما ينهض فى وجه الشروق
ربما ننفق كل العمر .. كى ننقب ثغرة
ليمر النور للأجيال .. مرة
ربما لو لم يكن هذا الجدار ..
ما عرفنا قيمة الضوء الطليق .
قالوا وأين ذلك الضوء الطليق وقد أغلقوا أمام عيوننا كل السبل، قلت هكذا يأخذكم نزق الثوار بعيداً وربما لديكم مبرراتكم، لكن كونوا على ثقة أننا جميعاً فى مفترق طرق، فلاتسمحوا لرعونة البعض أن تجعلنا نتنكب السبيل، نعم لدينا أخطاء وأحيانا خطايا ونحن لاننكرها لكن لديكم أيضاً شطحات وغضبات لاتدعوها تأخذكم بعيداً واتركوا لأنفسكم فرصة للحوار فهى مدخل للوصول لقواسم مشتركة يمكن البدأ منها والبناء عليها، لاتتركوا للغضب أن يحكم خطاكم فيأخذكم بعيداً عن الصورة وعن الفعل والمشاركة، لاتسمحوا للظروف أن تضعكم فى خصومة مع الدولة فالأفضل أن تكونوا طرفاً معها فى حوار، فأنتم مستقبل هذا الوطن وكونوا على ثقة أن مصر لاتعدم رجالها وفرسانها وشبابها، وأنتم فى المقدمة منهم، فاستعدوا لعود حميد وتبوءوا مكانكم تحت شمس الوطن. بعدها بعدة أيام وفى أحد الصباحات الباكرة بينما أدخل بسيارتى الجامعة تقاطعت مع طابور التربية العسكرية، وقعت عينى على عدد منهم بملابس التدريب العسكرية، كانوا فى حماس باد وهم يتدربون وتملأ صيحاتهم المكان، ولا أنسى كيف حملت إلىّ نظراتهم الحماس والرضا والإمتنان. ووجدتنى أردد داخلى ما سبق أن قلته لهم: هكذا، ساعة الجد أبداً لاتغيب الجياد الأصيلة.



#محمد_السعدنى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإيكونوميست وأخواتها: تاريخ من الترصد والمغالطة
- اللامنتمى يحلم بالمستحيل: إحالة إلى عصام حجى
- من شبه الدولة إلى الدولة الراسخة - 2
- من شبه الدولة إلى الدولة الراسخة
- سيادة الرئيس: إعادة هندسة الدولة أو الكارثة
- فى عمق الأزمة: فارق كبير بين التسويق والتسوئ
- متى تحلق الصقور فى سمائنا ياسيادة الرئيس؟
- تيران وصنافير: توقيت خاطئ وممارسات مخجلة
- كلاب الحراسة الجدد
- بشأن قواعد اللعبة: كلام للرئيس
- العم سيد حجاب: إلّاك
- مصر بين مراهقة الداخل وترصد الخارج
- لاهوت القوة وصناعة الفوضى
- مصر وإفريقيا: الصورة والإطار
- مهام الرئيس وتوجهاته لايحددها الفاشيون
- الشباب والدولة: الفيل والعميان
- د. حسين مؤنس وإدارة عموم الزير
- مجلس النواب وبيان الحكومة
- مصر فى حرب وجود فانتبهوا: كلام للشعب ونوابه
- السعودية - إيران: فخ أمريكى


المزيد.....




- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد السعدنى - حوار الغضب والأمل مع شباب 25/30