أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - مفهوم الدين وحقيقة الديانة














المزيد.....

مفهوم الدين وحقيقة الديانة


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5268 - 2016 / 8 / 28 - 02:46
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الدين والديانة

الدين كمفهوم معرفي فكري هو نموذج واحد لمدلول واحد بطبيعة واحدة وإن أختلفت تفاصيل الدين وتنوعت أهدافه، فهو يمثل في غالب الأحيان وبشكل أعم خطاب تحريضي لأليات العقل والتعقل في تبني فعل معقول وممكن ذاتي لمنهج ما أو لتشكيل رؤية محددة وواضحة وعملية للتعامل مع الذات والأخر بكل ما تعني كلمة أخر من عمق، فهو من حيث تعريفه العام ومن حيث أنه محدد بكونه خطاب عقلي لا يمكن أن يكون إلا عبارة عن منظومة لغوية حرفية وأحيانا صوتية، تترجم خطوط الفكرة وتتعامل مع منظومة متقابلة قادرة على الاستيعاب والتجريب ببسط الفكرة واقعا، أما الطقوسيات والعبادات فلا أظن يمكنها أن تكون جزء من فكرة الدين بل من الوسائل والمسائل المستصحبة، فهي بحسيتها وماديتها تخرج من الدين ليس بمعنى أنها زائدة بل بمعنى أن هناك فصل حقيقي ما بين الفكرة وأدواتها.
الدين مجموعة مركبة ومتناسقة من أفكار مجزأة ولكنها بالمجموع تعط لوحة كاملة ترسم في العقل البشري بصمة "فعل" ولكنها ليس بالضرورة أن تكون العصا لهذا العقل "الضرير"، وحتى العصا أحيانا لا تستخدم فقط لمن فقد البصر حصرا فقد تكون مسند للتوكؤ أو قد تكون جزء من ظاهرة أجتماعية أو قد يكون لها مأرب أخرى، هنا نقول ليس الدين تلك العصا السحري التي يمكنها أن تعمل في كل الأحوال بغض النظر عن وجود عقل مفكر أو عقل مستسلم، وننتظر منها نجاحا مرموقا أقل ما يقال عنه أنه قادر على حل إشكاليات الإنسان الوجودية، الدين بلا عقل مجرد عصا من خشب لا تضر ولا تنفع، والعقل بلا دين يمكنه وبالضرورة أن يصل لدين ما أو لفكرة دينية ما.
إذن الدين مجموعة قيم مثالية مثلها مثل أي قيم أخرى أخلاقية أو معرفية بصورة عامة، بل هي تنتمي للإثنين معا ولا تتعارض معهما وتشترك بأس واحد أنها دلالات أو آيات وجودية تمثل الأفضل أو الأحسن في مجموعة عديدة من خيارات الإنسان، وهي بذلك لا تعني أبدا خطوط سير قهرية وكذلك لا يمكن أفتراضها أو فرضها على نحو الجبر والقهر ولو تحت عنوان المصلحة أو الضرورة أو الحاجة، لأنها بذلك تتحول إلى أوامر وأفعال خارجة تتعارض مع كونها فعل عقلي ذاتي بالطبع، الدين كما عرفته لا يرضى أن ينسلخ من دائرة المعارف العقلية ليكون مفردة مادية داخل المنظومة البينية البشرية تربط وترتبط مع شبكة مصالح ومتعارضات ومتناقضات حتى نؤمن بأنها الحلقة المفقودة والضرورية لتنتظم هذا الكم المختلف في أطار صورة ما، ستكون هذه الصورة خادعة ومزيفة وتتحلل سريعا لتتحول إلى مشهد بشع حتى العقل ينفر من التألف معها لأنها فوضوية وعبثية عقيمة لا تنتج إلا الأنحراف والزلل.
وأخيرا نجد أن الدين يتمتع بقابلية على الأنتقال من بيئة إلى أخرى ومن زمن إلى أخر ليس بناء على ما عرف عنه من قابلية ليكون متواجدا كحلول جاهزة وهو ليس كذلك، ولكن لحقيقة أن الدين في علاقته مع الإنسان هي علاقة تلاقي طبيعي وسبق إن قلنا أن العقل بلا دين يمكنه أن ينمو ويتفاعل ويخترع له صيغة دينية ما، فهو مجبول أي العقل على بحثه الدائم والتمسك بالمثل والقيم الإيجابية والمنطقية كالمعرفة والأخلاق، لا يمكن للعقل العامل أن يبتعد عن دائرة المثل بالرغم من أنه علمي في طبيعته ومنطقي في معادلاته، لكنه لا يمكنه التخلي عن المثاليات الإيجابية لأنها تشكل الجناح الأخر لقيمته الوجودية.
أما الديانة وهي المصطلح الأخر الذي يختلط على الكثير من القراء والباحثين ويتخالط مع مفهوم الدين، فهو الوجه السلوكي المادي للإنسان والمجسد لحقيقة منظومة الحس في تعبيرها وتعاملها مع الدين، فالديانات متعددة بتعدد الطرق التي يترجم بها العقل حين يجبر للتخلي عن مثاليته المحضة عن فكرة الدين، أو هي الطريقة المادية التي يفهمها ويدركها الإنسان خارج العقل ليجعل من الدين وظيفة أجتماعية تستجيب لضرورياته وتتعامل مع حاجياته، فهي تعكس رؤية الإنسان فرد أو جماعة وتبلور مفهومه الخاص لدور القيم ونتيجة وجودها في حياته، لذا تعددت الديانات وبقي الدين واحد وتنوعت الأفكار مع بقاء واحدية المصدر، الديانة فعل ونتاج وسلوك ومعرفة بشرية خالصة لا يمكننا مثلا أن ننسبها لغير الإنسان سواء أمنا بالدين كمنتج معرفي بشري أو أمنا أنه خارجي المصدر.
الفرق واضح جدا بين الدين والديانة وواضح أيضا الفرق بين الديانة والتدين، والتي هي مجموعة الأشكال الحسية والمعنوية التي ترتبط بالديانة وتأخذ عنوان الدين لها، ليعبر بها المتدين عن طريقة أنتماءه للدين ويترجم إيمانه بها خارجا وقد لا يكون لهذه الترجمة نفس القدر المؤثر في الذات وفي الإيمان الباطن، وهو أيضا كيف خارجي يمكنه أن يعلن هذا الإيمان أو يجسده مع الأخر وللأخر، فلا الديانة هي تمثيل حقيقي وكامل للدين كفكرة لا التدين يصلح أن يكون مصداق لفكرة الدين، من خلال هذا الطرح يمكننا أن نقول أن الدين وحده عبارة عن قمة معرفية مجردة مثالية الطابع وتبقى كذلك حتى لو نجح الإنسان في قولبتها كديانة أو جسدها كتدين، وهذا لا يقدح بالفكرة أصلا ولكن القدح والانحراف دوما يكون بالديانة والتدين المادي الحسي.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصص شعريه
- حوار حاد في خرم الرأس _ قصة قصيرة
- قراءة نقدية فقهية وقانونية في محتويات قانون العفو الذي تم ال ...
- قراءة نقدية فقهية وقانونية في محتويات قانون العفو الذي تم ال ...
- الواقع العربي اليوم وقبل ربيعه الأسود ح2
- الواقع العربي اليوم وقبل ربيعه الأسود ح1
- ظهور الإسلام السياسي هو أزمة دين أم أزمة سياسة؟.ح2
- ظهور الإسلام السياسي هو أزمة دين أم أزمة سياسة؟.ح1
- مدخل نظري لمفهوم إعادة تدعيم المجتمع
- نظرية الدولة الدينية بين حكم النص وبين دور الوعي الديني
- من قضايا التنوير الفكري وأصول العمل فيها
- الخوف والقسوة والإرهاب الفكري والسياسي ودوره في بسط ثقافة ال ...
- مقهى عبد ننه ... قراءة في تأريخ مدينة يسكنها وهج السياسة ويت ...
- الحاكمية السياسية في الإسلام ... وهم القراءة وتخريج بلا مخرج ...
- الحاكمية السياسية في الإسلام ... وهم القراءة وتخريج بلا مخرج ...
- الحاكمية السياسية في الإسلام ... وهم القراءة وتخريج بلا مخرج ...
- قالها ومضى
- الحق بين الله ورجل الدين
- المعرفة الدينية وإشكالياتها التأريخية وأثرها في فشل الإنسان ...
- العرب والأعراب وتاريخهم المتناقض


المزيد.....




- تحويل الرحلات القادمة إلى مطار دبي مؤقتًا بعد تعليق العمليات ...
- مجلة فورين بوليسي تستعرض ثلاث طرق يمكن لإسرائيل من خلالها ال ...
- محققون أمميون يتهمون إسرائيل -بعرقلة- الوصول إلى ضحايا هجوم ...
- الرئيس الإيراني: أقل عمل ضد مصالح إيران سيقابل برد هائل وواس ...
- RT ترصد الدمار في جامعة الأقصى بغزة
- زيلنسكي: أوكرانيا لم تعد تملك صواريخ للدفاع عن محطة أساسية ل ...
- زخاروفا تعليقا على قانون التعبئة الأوكراني: زيلينسكي سيبيد ا ...
- -حزب الله- يشن عمليات بمسيرات انقضاضية وصواريخ مختلفة وأسلحة ...
- تحذير هام من ظاهرة تضرب مصر خلال ساعات وتهدد الصحة
- الدنمارك تعلن أنها ستغلق سفارتها في العراق


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - مفهوم الدين وحقيقة الديانة