أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شاهين - لواعج النفس الإنسانية بين قدرين !














المزيد.....

لواعج النفس الإنسانية بين قدرين !


محمود شاهين
روائي

(Mahmoud Shahin)


الحوار المتمدن-العدد: 5265 - 2016 / 8 / 25 - 20:38
المحور: الادب والفن
    


شرفة الفردوس :
لواعج النفس الإنسانيىة بين قدَرَين !
منذ زمن طويل لم أجد نفسي منقادا إلى قراءتين لرواية ، إحداهما واقعية والثانية رمزية . حدث ذلك مع " رجال في الشمس " لغسان كنفاني ، و" أولاد حارتنا " لنجيب محفوظ . فرواية " شرفة الفردوس " لإبراهيم نصر الله ، وضعتني من عنوانها أمام هذا الإحتمال ، غير أنني تجاهلته وشرعت في القراءة .
من الصفحة الأولى أعاد ابراهيم الشك إلي حين اختار لبطلته اسم ( حياة ) وأراد لها أن تسكن أعلى طابق في بناء عال تطل منه على العالم ، وكأنها تريد أن تسكن السماء نفسها ! كما أن الحوار بينها وبين رضوان (عفوا ادريس وكيل البناء !) وضعني في قلب الشك حين أكد أنه يعرف حياة تمام المعرفة . زاد شكي حين عرفت أن اسم زميلة حياة في العمل هو ( دنيا ) . وقطعت كل هذه الشكوك باليقين حين التقت حياة بخطيبها (أنس) في الشقة العالية المطلة على الكون ، مرتكبة بذلك الخطيئة ، التي استوجبت طردها منها من قبل المالك ، لتسكن طابقا سفليا لا تحبه . اتضحت الصورة لي ، وأسفرت الرموز عن دلالاتها . وأنا أتساءل في نفسي عما إذا كنت أمام الربة إنانا وقد هبطت إلى العالم السفلي؟ أم أنه هبوط عشتار ؟ أم أنني أمام حواء وآدم وقد طردا من الجنة ؟ ورحت أجزم أن ابراهيم علقني أو علق بطلته ( حياة ) بين قدرين لا فكاك منهما : قدر السماء وقدرالأرض ( الدنيا ) وأن الفكاك منهما أو التعايش معهما يتطلب معجزة ، فلكل منهما شروطه ، الشقاء في الدنيا والقلق والرعب مما يخفي القدر .
على ضوء هذه القراءة المبدئية ( التي تنبهت الدكتورة رزان ابراهيم لبعض رموزها، في مقالة لها في الاهرام ) رحت أتابع الصفحات بمتعة ، جاهدا قدر الإمكان الإفلات من سطوة الرمز ودلالته لأتمتع بالنص الواقعي تاركا التأويل والتحليل إلى وقته . فواقعية النص مشحونة بالمؤثرات والوقائع الدرامية المشوقة . فالمالك ( قاسم ) يجزم بأن حياة لن تكون إلا له ، وله وحده ، مهما حاولت الرفض ، ففي رسائله المدسوسة من تحت باب شقتها ، يؤكد لها " لم توجدي لسواي " وهذا ما يدفعه إلى تدبير أمر سفرلأنس إلى جده ، ليقتل هناك في حادث سير مدبر يُعزى إلى عاصفة مطرية . عدا عن توعده لحياة بالندم .. ثم إن غموض شخصيته يعمق من دلالات رمزيتها بعلاقتها بالسماء ! وهناك ( دنيا ) دنيا القبيحة بالبثور التي تنتشر على وجهها ، والحزن الدائم الذي يلفها ، والبكاء عند معظم لقاءاتها بحياة . والعلاقة الخفية التي تربطها بالمالك ، ووجودها كثيرا في شقته . تكاد تكون رمزا للدنيا ولقبح العالم . وإذا ما أضفنا إلى ذلك الكوابيس التي تتراءى لحياة في صحوها ونومها ، نجد أن ابراهيم وظف الكثير من المؤثرات التي تجعل القارىء يتابع الرواية بشغف وشوق . عدا أن ابراهيم الذي عرف بشاعريته وتوسعه ، وخاصة في النص التاريخي ، ابتعد في هذا العمل عن الإثنين ( وإن كان هناك بعض العبارات الشاعرية العابرة ) وحافظ على إيقاع خاطف وهادف وسريع ، دون أن يلجأ كثيرا ،حتى إلى التلاعب بالزمن تقديما وتأخيرا .. فالوقائع تجري بشكل تصاعدي في معظم الفصول ، مستفيدة قدر الإمكان من ثقافة سينمائية يوظفها ابراهيم في رسم المشهد الأدبي ، متوغلا في لواعج النفس الإنسانية وآلامها .
يأتي الجزء الثاني من الرواية بعد مقتل أنس مشحونا بالكوابيس التي تدهم حياة باستمرار. والأدهى من ذلك أنها بدأت ترى نفسها في شخص دنيا ، وترى دنيا في شخصها . لقد بدت حياة وقد هزمت أمام القدرين قدر السماء وقدر الدنيا ، ولم تعد قادرة على رؤية نفسها إلا كذلك . ورغم ذلك لا نرى دنيا تتباهى بهذا الجمال الذي يفترض أنها اكتسبته ، فالحالة نفسية لدى حياة لا تستشعرها دنيا ، ونظرا لأنه لا يوجد هناك إنسان أقرب إلى حياة من دنيا ، فقد تأثرت بشخصيتها سلبا ، ولو لم تكن حياة ذات إرادة قوية لغرقت في نوع من الشيزوفرينيا ( انفصام الشخصية ) لم تجد فكاكا منه .
جاء الأمل على يد الشاب الدكتور حين اتخذت حياة قرارا بأنها ستحبه رغم القبح الذي يكتنفها .. وما بدالي هو أن الدكتور طبيب نفساني قد كلف من قبل دنيا بمعالجة حياة من مرضها النفسي . فقدومه إلى سهرة في مقهى وترك مقعد له في مواجهة حياة لم يكن صدفة . كما أن كل سلوكه معها وتطرقه إلى جمالها الباهر ، يشير إلى أنه طبيب نفساني وليس طبيب عيون كما قدم نفسه . وإذا لم يكن طبيبا نفسانيا فقد كان ذا ثقافة رفيعة ساعدت حياة على الخروج من حالتها وأزمتها . معلنا لها عن حبه ، لتبدأ الحياة من جديد ..
القواسم ( جمع قاسم ) بين ما يرسمه القدران : قدرالسماء وقدر الدنيا ، كثيرة .. وقد وجد الإنسان ليكافح ،مراوحا بين الهزائم والإنكسارات ، وتحقيق الآمال ، والسير قدما في الحياة إلى نهايتها بخيرها وشرها ، فرحها وحزنها .. فالشخصيات التي رسمها المؤلف انتهت إلى ما أراده المؤلف ، وإن بدا لنا الأمر عكس ذلك ، حتى قاسم نفسه عاد إلى وحدته ..
******



#محمود_شاهين (هاشتاغ)       Mahmoud_Shahin#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحطيم العقل ! إشكالية النص الروائي بين اللغة والفكر!
- شاهينيات: في الزندقة والأحلام والمحبة والعار .
- وحين التقينا يا إلهي ..!!
- البطل الروائي والحلول في الألوهة !
- ابتسامة يخالجها الحزن على بصيص شمعة في الظلام !
- أبحاث وأشعار!
- * لن تخرسوا أصواتنا مهما فعلتم !
- حملة التضامن مع الشاعرة والكاتبة التنويرية الأردنية زليخة أب ...
- أديب في الجنة . ملحمة أدبية فلسفية . الجزء الثاني.
- أديب في الجنة (93) ( الفصل الأخير) * الملك لقمان يذهب في الم ...
- أديب في الجنة (92) * ألآلهة بلا ألوهة !
- أديب في الجنة (91) * حرب الآلهة الكونية !
- * ترقبوا - حرب الآلهة الكونية -!
- أديب في الجنة (90) * المحبة المطلقة في إله مطلق المحبة !
- أديب في الجنة (89) * حرب الآلهة على الأبواب !
- أديب في الجنة (88) * صرخة الربة عشتار في ذروة الوصال !!
- أديب في الجنة (87) * ثمة أمل في نجاة سحب السماوات من براثن ا ...
- أديب في الجنة (86) * خطف سحب السموات !!
- أديب في الجنة (85) * حديث الروح في بوح الملك إلى الأمير!
- محنة العقل العربي ونفايات القمامة !!


المزيد.....




- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شاهين - لواعج النفس الإنسانية بين قدرين !