أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - وائل بنجدو - تونس: أتمنّى أن يفشل رئيس الحكومة














المزيد.....

تونس: أتمنّى أن يفشل رئيس الحكومة


وائل بنجدو

الحوار المتمدن-العدد: 5263 - 2016 / 8 / 23 - 21:07
المحور: كتابات ساخرة
    


لكلّ مواطن يحسن التفكير والتخطيط والجمع والطرح أولويّاته الخاصة. فإذا كنتَ تعتبر إنهاء زواج أختك على خير أو شراء مكيّف أو قضاء عطلة صيفية مريحة للظهر ومتعبة للجيب في إحدى المناطق الساحلية، من إحدى أولوياتك في هذه الفترة، فذلك لأنك لا تفكر في مستقبل بلدك، ولست من أولئك الذين يجيدون ترتيب أولوياتهم ويخافون على البلد.

لكننا يجب أن لا نصاب بعذاب الضمير بسبب هذه المسألة، لأن الخبر السعيد هو أن رئيس الحكومة الجديد قد حدّد أولويات حكومته الكبرى بناء على وثيقة قرطاج حتى يتسنى لك إتمام ترتيبات زواج أختك وأنت مرتاح البال. هو الذي سيسهر على مقاومة الإرهاب وعلى إنعاش الاقتصاد ومحاربة الفساد بينما نكون نحن نيام. لذلك فليتذكر كل مواطن قبل خُلوده للنوم أن هناك رئيس حكومة مازال «سهراناً»، وليدعو له بالتوفيق.
كل الرؤساء السابقين وعدوا بـ«العمل على» التقليص من نسب البطالة، و«العمل على» إنقاذ الاقتصاد الذي يقف على حافة الإفلاس. لاحظوا معي جيداً أن هذه الوعود تتضمن كلمة «العمل على...»، وقد تعوّدنا دائماً أن كل حكوماتنا «تعمل على...» لكنها لا تبلغ أبداً ما تعمل عليه، بمعنى أننا نحن أصحاب الأولويات الصغرى لا يجب أن نُحس، في حياتنا، بما بعد الـ«على...»، لأنه وفي تلك اللحظة ستتوقف حكومتنا عن العمل. هذا يعني أنهم يتقاضون رواتبهم مقابل «عملهم على...»
وهذا أمر منطقي فمادام هناك مجهود مبذول فالأجر نظير ذلك المجهود هو واجب علينا نحن أصحاب الأولويات الصغيرة. لكن المأزق الكبير الذي سنجد أنفسنا فيه هو يوم ينجح أحدهم فعلاً بعد أن «يعمل على...» في بلوغ تلك الأهداف. هل سندفع راتب وزير لا «يعمل على...»، ولا «يسهر على...»؟
لهذه الأسباب لا أخفيكم سراً أنني منذ سمعت رئيس الحكومة يتحدّث بتلك النبرة الجادة والصارمة أقلعت عن عادة الدعوة لرئيس الحكومة «السهران» وتمنّيت، من كل قلبي، أن ينام الرجل مثلنا وأن لا يُرهق نفسه في السهر. السبب وراء ذلك أنني تنبهتُ لمسألة في غاية الخطورة: يبدو رئيس الحكومة الجديد عازماً فعلاً على تحقيق تلك الأولويات، فإذا أضفنا لعزمه هذا دعواتنا فإن فرضية نجاحه قد تكون فعلاً حقيقية. عندها سنكون أمام مأزق كبير: سنجد أنفسنا مضطرّين لدفع راتب رئيس حكومة لا يفعل شيئاً لأن كل الأمور على ما يرام. وممّا يزيد هذه الفرضية فداحة وخطورة أن رئيس الحكومة الذي سيخلفه لن يجد ما يقوم به، وتفقد رئاسة الحكومة معنى وجودها، وينتهي دور المؤسسات التي كانت «تعمل على...» ولم يعُد هناك ما تعمل عليه. ونعيش من دون مسؤولين «يسهرون على...».
قد يُجادلني أحدكم قائلاً إنه وفي حال تحسّنت الأوضاع الاقتصادية وجرى القضاء على الإرهاب والبطالة، فلا مانع من دفع رواتب أعضاء الحكومة لأننا سنكون في «بحبوحة» من العيش، ولن تؤثر تلك الرواتب في وضعنا المالي.
إذا فكرتم بهذه الطريقة فأجدني مضطراً لتذكيركم بمثل شعبي يقول «الإبل تمشي على كبارها». فمن يضمن أننا سنواصل العمل ولن تتوقف دورة الإنتاج إذا كانت حكومتنا لا «تسهر على...»، ولا «تعمل على...»؟ حينها، سيسير الناس على خطى الحكومة العاطلة وسيعم التوكل ويسود الكسل، فنعود إلى النقطة الصفر وربما لما تحت الصفر.
أضف إلى ذلك أنه، وفي حال نجح رئيس الحكومة الجديد، فإن الجميع سيجد نفسه مطالباً بإيجاد أولويات جديدة عوض الأولويات القديمة (الإرهاب، الفساد، الاقتصاد، البطالة) التي ظلّت ثابتة تراوح مكانها، منذ ما يزيد عن خمس سنوات.
وهذا من شأنه أن يُدخل حالة من الفوضى والضبابيّة بعد حالة الاستقرار ووضوح الأولويات. وقد تجد نفسك مُطالباً بترك ترتيبات زواج أختك الأخرى لتفكر معنا في أولويات جديدة. فمن غير المعقول أن نعيش دون أولويات.
إذن فإنّه، ومن مُنطلق الدفاع عن قيمة العمل والاستقرار ووضوح الرؤية والأوليات، أتمنى أن يفشل رئيس الحكومة الجديد.



#وائل_بنجدو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دفاعاً عن كرامتنا
- مُبادرات الحياة
- الإنتفاضة الطّلابية 5 فيفري 1972 :الظّروف، الأسباب، النّتائج
- تونس : عن الصراع داخل الحزب الحاكم و تداعياته
- التّدخّل الرّوسي: جولة الضّرورة قبل تسوية الضّرورة
- تونس: المواجهة الكاذبة للإرهاب
- تونس في قبضة اليمين
- مات عبد الله بن عبد العزيز وبقي آل سعود
- القنيطرة: عَيْنٌ على سوريا وعلى فلسطين
- قراءة في نتائج الإنتخابات التشريعية و الرئاسية التونسية
- الانتخابات الرئاسية التونسية بعيون حركة «النهضة»
- حركة «النهضة» خطر في الحكم وفي المعارضة
- فوضى الإعلام التونسي
- تونس : الإنتخابات ليست حلاًّ
- عن مواجهة الإرهاب
- رؤوس أقلام
- لحظة الإنحياز
- حملة إنتخابية
- الإمبريالية و الإنتفاضات العربية
- الإسلاميون و تخريب الحركة الطلابية


المزيد.....




- أزمة الفن والثقافة على الشاشة وتأثيرها على الوعي المواطني ال ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - وائل بنجدو - تونس: أتمنّى أن يفشل رئيس الحكومة