أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - شادي الشماوي - تعميقا لفهم بعض القضايا الحيويّة المتعلّقة بالثورة الثقافية البروليتارية الكبرى – الفصل الثاني من كتاب - الصراع الطبقي و مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتوريّة البروليتاريا : الثورة الثقافيّة البرولتاريّة الكبرى قمّة ما بلغته الإنسانيّة فى تقّدّمها صوب الشيوعيّة















المزيد.....



تعميقا لفهم بعض القضايا الحيويّة المتعلّقة بالثورة الثقافية البروليتارية الكبرى – الفصل الثاني من كتاب - الصراع الطبقي و مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتوريّة البروليتاريا : الثورة الثقافيّة البرولتاريّة الكبرى قمّة ما بلغته الإنسانيّة فى تقّدّمها صوب الشيوعيّة


شادي الشماوي

الحوار المتمدن-العدد: 5263 - 2016 / 8 / 23 - 01:13
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    



بمناسبة الذكرى الخمسين للثورة الثقافيّة البروليتارية الكبرى التى ألهمت و لا تزال تُلهم عبر العالم قاطبة ملايين الشيوعيين الثوريين و الجماهير الشعبيّة التوّاقين لتحرير الإنسانيّة و تشييد عالم آخر ضروري و ممكن ، عالم شيوعي ، و مساهمة منّا فى مزيد التعريف بهذه الثورة و رفع رايتها الحمراء ، أتممنا صياغة فصول أضفناها إلى أخرى سبق نشرها لتأليف هذا الكتاب الذى ننشر اليوم.

فهرس كتاب :

" الصراع الطبقي و مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتوريّة البروليتاريا :
الثورة الثقافيّة البروليتاريا الكبرى قمّة ما بلغته الإنسانيّة فى تقدّمها صوب الشيوعيّة "

تمهيد

الفصل الأوّل :

عشر سنوات من التقدم العاصف ( مجلّة " عالم نربحه " عدد 7 ).

الفصل الثانى :

تعميقا لفهم بعض القضايا الحيوية المتعلّقة بالثورة الثقافية.( شادي الشماوي )

الفصل الثالث :

فهم الخطوط التحريفية التي واجهها الشيوعيون الماويون إبّان الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى

1- لمزيد فهم الخط اللين بياوي كأحد الخطين التحريفيين الذين هزمهما الخط الثوري الماوي أثناء الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى .( شادي الشماوي)

2- من صين ماو الإشتراكية إلى صين دنك الرأسمالية: برنامج دنك الذى طبق فى الصين بعد إنقلاب 1976 يميط اللثام حتى أكثر عن الخطّ التحريفي الذى ناضل ضدّه الشيوعيو ن الماويون.( شادي الشماوي)

الفصل الرابع :

مقتطفات من أقوال الرئيس ماو تسى تونغ بصدد الثورة الثقافية . (شادي الشماوي)
الفصل الخامس :

الثورة الثقافية فى الصين...الفنّ والثقافة...المعارضة والصراع...والمضيّ بالثورة نحو الشيوعية (بوب أفاكيان)
خاتمة الكتاب
ملاحق (3) : 1- قرار ال16 نقطة.
2 - ماو تسى تونغ يحلّل الثورة الثقافية .
3- الرئيس ماو تسى تونغ يناقش مظاهر البيروقراطية.

المراجع الأساسية المعتمد
أدبيات إضافية متوفّرة على الأنترنت
فهارس كتب شادي الشماوي
تمهيد :

فى المجتمع الإشتراكي كمرحلة إنتقالية من الرأسمالية إلى الشيوعية و فى ظل دكتاتورية البروليتاريا و فى ظروف علم خمسينات القرن العشرين و ستيناته و الردّة التحريفية فى الإتحاد السوفياتي و عقب دراسة تجارب دكتاتورية البروليتاريا العالمية ، كان الشيوعيّون الماويون يجتهدون لتجنيب الصين المصير الذى آل إليه الإتحاد السوفياتي و يخطّون طريقا جديدا لبناء الإشتراكية مستفيدين من التجارب السابقة و كانوا يتوقّعون أن : " فى مثل هذه المرحلة ، علينا أن نكون على استعداد لخوض صراعات عظيمة فى جوانب عدّة ستختلف فيها أشكال الصراع عن تلك التى استعملت فى الماضى."( ماو تسى تونغ )

ومثلما شرح ذلك ماو تسى تونغ فى خطاب له أمام البعثة العسكرية الألبانية فى غرّة ماي 1967 ، سعى الشيوعيون الماويون منذ أواخر الخمسينات و بداية الستّينات لإيجاد طريقة و وسيلة فعالة بما فيه الكفاية لمكافحة الجانب الأسود داخل الحزب و الدولة - التحريفيون - و لم يسعفهم فى ذلك تاريخ الحركة الشيوعية العالمية بتجاربه المتنوّعة . و مع تطوّر الصراع الطبقي فى الصين و النهوض الجماهيري للدفاع عن المكاسب الإشتراكية و تطوّر النظرية الماوية لمواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا ، تكشفت و تجلّت الوسيلة و الطريقة الجديدة كلّ الجدّة و المثرية أيّما إثراء لعلم الثورة البروليتارية العالمية : الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى .

و يمكن إجمال أهم ركائز نظرية مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا مثلما طوّرتها الماوية كمرحلة ثالثة فى تطوّر علم الشيوعيّة فى الآتى ذكره : فى المجتمع الإشتراكي بما هو مجتمع طبقي إنتقالي من الرأسمالية إلى الشيوعية و إن تمّ بالأساس تحويل الملكية إلى ملكية إشتراكية يتواصل وجود الطبقات والتناقضات الطبقية و الصراع الطبقي و إمكانيّة حصول ردّة من الداخل واردة حقيقة بإعتبار تواصل صراع الطريقين الرأسمالي و الإشتراكي طوال المرحلة الإشتراكية المديدة فعلا كمرحلة إنتقالية من الرأسمالية إلى الشيوعية ؛ و يتركّز الصراع الطبقي و الصراع بين الطريقين صلب الحزب الشيوعي بإعتباره محور المجتمع الإشتراكي. و يتّخذ شكل صراع خطين رهانه طبيعة الحزب و الدولة و إن ظلّ الخطّ الشيوعي الثوري منتصرا ظلّت طبيعتهما بروليتاريّة و متى إنتصرت التحريفيّة ، حدث تحوّل نوعي و بلغت البرجوازية السلطة و صارا برجوازيين و أعيد تركيز الرأسمالية. و من هنا لزاما على الشيوعيين أن يخوضوا بلا إنقطاع ، كي يبقى الحزب و تبقى الدولة بروليتاريين ، نضالا لا هوادة فيه ضد القاعدة المادية- إنتاج صغير وحق برجوازي و تقسيم العمل قادة / قواعد و التناقض بين العمل الفكري و العمل اليدوي و بين العمّال و الفلاّحين و بين الريف و المدينة...- و البنية الفوقية – و منها التقاليد و الأفكار البرجوازية المنغرسة لقرون- اللّذان يولّدان الرأسمالية بإستمرار و من أجل تثوير علاقات الإنتاج ( الموقع من العمل و الموقع من توزيع الثروة بعد تحويل الملكية ) والبنية الفوقية لتغيير نظرة الناس للعالم حتى تصبح بروليتاريّة شيوعية و للتقدّم صوب العالم الشيوعي .

و الذين يقفون دون تثوير المجتمع بإتّجاه المجتمع الخالي من الطبقات و يسعون لإيقافه و توسيع علاقات الإنتاج و الأفكار البرجوازية جزئيّا ثمّ لإعادة تركيز الرأسمالية عبر البلاد كافة هم فى صفوف الحزب أتباع الطريق الرأسمالي التحريفيين الذين كمهمّة يجب الإطاحة بهم و ذلك بوسيلة جديدة طوّرتها الماويّة هي الثورات الثقافية البروليتارية الكبرى ، من الأسفل عن طريق إستنهاض الجماهيراالشعبية لتستعيد أجزاء السلطة التى إستولى عليها التحريفيّون و لترفع من وعيها الطبقي من خلال الممارسة فتغدو قادرة على كشف التحريفيّين و الإطاحة بهم دون تردد و تغيير العالم بإتجاه بلوغ العالم الشيوعي.

هنا لسائل أن يسأل لماذا لم يتم ببساطة طرد التحريفيّين من الحزب دفعة واحدة و لا حاجة إلى هذه النظرية الماوية و هذا الصراع الدائم ( وهو رأي يشيعه الخوجيّون جميعا ) ؟

و الجواب هو أن تاريخ الصراع الطبقي للبرولياتاريا علمنا أن الطرد ليس الحلّ الأمثل . فمثلا طرد ستالين من طرد و مع ذلك حدث الإنقلاب التحريفي بقيادة من يعتبر من مساعديه المقرّبين و لم يفهم الشعب السوفياتي ما حصل و قطاعات كبيرة منه هلّلت للتغيير . و طرد أنور خوجا من طرد و مع ذلك جاء مساعده و عضده الأيمن راميز عاليا ليقود إعادة تركيز الرأسمالية بفجاجة و سادت البلبلة صفوف العمّال و الفلّاحين و المثقّفين...

هذا من ناحية أمّا من ناحية ثانية فماو ينظر إلى المسألة على أنّها صراع طبقيّ و عليه بالتالي أن يخوض الصراع الطبقي بالأساس و يأتى الطرد كأحد الإجراءات التى لا تعوّض الصراع السياسي و بالفعل طرد من الحزب أو المناصب الحزبيّة و الحكومية خلال الثورة الثقافية ليوتشاوشى – خروتشوف الصين الأوّل – و دنك سياو بينغ لمرتين – خروتشوف الصين الثاني- ضمن ما يناهز ال3 بالمائة من المطرودين و مع ذلك تمكّن التحريفيّون من مختلف المستويات السفلى و المتوسّطة و العليا من الضغط بوسائل متنوّعة و التآمر لإرجاع عدد من المطرودين. و بعد الإنقلاب فى 1976 أعادوا الإعتبار لمن أسموهم ضحايا الثورة الثقافية و وضعوا دنك على رأس الحزب و الدولة .

و من الأكيد أن عملية الصراع ضد التحريفيين لم تكن يسيرة فالأوراق كانت مختلطة و الأوضاع معقّدة بل فى منتهى التعقيد أحيانا فالتحريفيّون أنفسهم ما كانوا ليعلنوا أنّهم معادين صراحة للخطّ الثوري الماوي . بالعكس كانوا يقدّمون برامجهم و أفكارهم على أنّها الأفكار الماويّة و كانوا يعتمدون تكتيكات خبيثة نلمح إلى إثنين منها أمسيا معروفين خلال الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى والأوّل هو توسيع الهدف و الهجوم على الكلّ لحماية مجموعة قليلة و الثاني هو رفع راية الماويّة لإسقاطها أي إدعاء العمل وفق الخطّ الماوي فى حين يمارس نقيضه. و هذه ليست خيالات، هذه وقائع صراع طبقي محتدم مداره من سينتصر الطريق الإشتراكي أم الطريق الرأسمالي وهي معارك كما سنرى شرسة حقيقة .

و فضلا عن ذلك و تأسيسا على كون تناقضات المجتمع الإشتراكي ذاتها تفرز بإستمرار الرأسماليّة و التحريفيّة و كون ما يدور من صراع طبقي يتمحور على هدف السلطة وهل يتظلّ الصين إشتراكية أم سيعاد تركيز الرأسمالية بها مع صعود التحريفية و بالتالي صعود البرجوازية الجديدة للسلطة ،على عادته الثوريّة المنطلقة من الفهم العميق للخط الجماهيري و إعتبار الشعب و الشعب وحده هو صانع تاريخ العالم، إستنهض الخطّ الماوي الذى كان سائدا داخل الحزب الشيوعي الصيني إلى 1976 الجماهير لتصنع التاريخ متصدّية للتحريفيّة وماسكة بزمام المجتمع و سلطة توجيهه على الأصعدة كافة و رافعة وعيها و مغيّرة نظرتها للعالم فيتقدّم المجتمع على الطريق المؤدى للمجتمع العالمي الخالي من الطبقات ، الشيوعية المثل الأعلى المستقبلي .

و فى السجال الذى سنخوض هذه المرّة ضد أصحاب و أنصار التحريفية المعاصرة و الخوجيين وتحديدا بصدد الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى كأحد ركائز نظريّة مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا ، حجر الزاوية فى الماوية ، فى سجالنا هذا سنلجأ الى استشهادات متعدّدة قد تثقل على من لم يتعوّد هذا النوع من المقالات و لكن عذرنا هو أن غايتنا من هذه الاستشهادات مزدوجة فأوّلا ، أقدمنا على ما أقدمنا عليه اجلاءا للحقيقة فى أدق تفاصيلها ( والحقيقة وحدها الثورية) و ثانيا ، توفيرا لمادة وثائقية قد يفتقدها العديد من الرفاق و الرفيقات و من يبحث عن الحقيقة .

و قناعتنا راسخة بأنّه لما ينفض الغبارالذى ذرّه التحريفيّون المعاصرون و الخوجيّون على الماركسية – اللينينية -الماوية ستدرك الثوريّات و يدرك الثوريّون أنّه لن توجد حركة ثورية دون علم الشيوعية و قمم تطوّره المستمرّ و لن تنجز ثورة ديمقراطية جديدة تمهّد للثورة الاشتراكية و تقودها الطبقة العاملة عبر حزبها الشيوعي.

-----------------------------------------

إستخلاص الدروس من التجربة السوفياتية لتشييد تجربة أرقى :

لن نتوسّع هنا فى هذه المسألة و إنّما لنوفّر مادة فهم تمهيدي سنعمد إلى مقتطف طويل نسبيا من واحدة من الوثائق التاريخية ذات الدلالة الفائقة ألا وهي" شيوعية خروشوف المزيّفة و الدروس التاريخية التى تقدمها للعالم " المؤرخ فى 14 تموز 1964 ، قبل سنتين تقريبا من إندلاع الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى. و هذه الوثيقة هي " الجواب " الصيني التاسع على الرسالة السوفياتية التى يعود تاريخها إلى 14 تموز(يوليو) 1963، وهي واحدة من نصوص الجدال الكبير ضد التحريفية السوفياتية / البرجوازية الجديدة التى إنقلبت و على رأسها خروشوف على الخط الثوري للحزب و الدولة السوفياتيّين فحولّتهما من حزب و دولة بروليتاريّين إلى حزب و دولة برجوازيين.

و تجدر الإشارة هنا إلى أن الخوجّيين بجميع أصنافهم ناشري الجهل لم يذكروا هذه الوثائق الماويّة و لم يتعرّضوا لها لا بالتحليل و لا بالنقد ( خوجا يحول وجهته فى 1979 و يهاجم ماو هجوما مسعورا مزوّرا الحقائق ومفتريا على القائد البروليتاري العالمي الإفتراء كلّه قالبا الوقائع رأسا على عقب مدّعيا أنّ ماو لم يناضل ضد التحريفيّة المعاصرة ، كلّ هذا بعد أن كان يرفع ماو إلى السماء ! ) رغم عرضها لبعض النظريّات التى طوّرها ماو و تصريحها بلا لفّ و دوران مثلا أن ماو " أغنى و طوّر النظريّة الماركسية اللينينية حول دكتاتورية البروليتاريا..." كما سنلمس فى الوثيقة التى نضع مقتطفات منها بين أيديكم :

" إن السير إلى الأمام نحو الشيوعية معناه التقدّم نحو إزالة كلّ الطبقات و الفوارق الطبقيّة . و لا يمكن تصوّر مجتمع شيوعي يُبقى على أيّ من الطبقات ناهيك عن طبقات مستغِلّة . و الحال أنّ خروشوف يدعم نوعا جديدا من البرجوازية ، بإعادة نظام الإستغلال و توسيعه و تعجيل الإستقطاب الطبقي فى الإتحاد السوفياتي . و أصبحت الآن شريحة برجوازية منعمة بالإمتيازات فى وضع معارض للشعب السوفياتي تحتلّ مركز السيطرة فى الحزب و الحكومة و فى الدوائر الإقتصادية والثقافية وغيرها. فهل يجد المرء ذرة من الشيوعية فى كلّ هذا ؟ ...

إنّ السير قُدما نحو الشيوعية يعنى العمل على رفع الوعي السياسي الشيوعي لدى الجماهير الشعبية بصورة دائمة. و لا يمكن تصوّر مجتمع شيوعي تطغى فيه الأفكار البرجوازيّة . و الحال أنّ خروشوف يعمل بحمية لإنعاش الإيديولوجيا البرجوازية فى الإتّحاد السوفياتي و يتصرّف تماما كمبشّر بالثقافة الأمريكيّة المتفسّخة.

وهو بترويجه للحافز المادي يحوّل جميع العلاقات بين البشر إلى علاقات ماليّة و ينمّى الفرديّة و الأنانيّة . و أصبح العمل الجسماني نتيجة لفعله محتقرا من جديد ، و أصبحت المتعة و العبث على حساب عمل الآخرين عملا مشرفا . إنّ الأخلاق الإجتماعيّة و العادات التى يشجّعها خروشوف أصبحت بعيدة جدا عن الشيوعيّة...

إنّ " شيوعية " خروشوف هي فى جوهرها لون من ألوان الإشتراكيّة البرجوازيّة . و هو لا يعتبر أنّ الشيوعية هي إزالة الطبقات و الفوارق الطبقيّة تماما ، بل على العكس فهو يصف الشيوعية بأنّها "صحن بمتناول الجميع مليئ بمنتجات العمل الجسماني و الروحي ". و بالنسبة إليه لم يعد نضال الطبقة العاملة من أجل الشيوعية نضالا من أجل التحرّر الكامل للطبقة العاملة نفسها و لجميع البشرية ، بل العكس فهو يصفه بإعتباره نضالا من أجل صحن جيد من " الغولاش " ( البطاطا و اللحم ). لم يبق فى قلب خروشوف من أثر للشيوعية العلمية ، بل لا يوجد فيه إلاّ صورة مجتمع برجوازي سوقي ...

و ليس من شيء عجيب غير مألوف فى شيوعيّة كهذه . إنّها ببساطة إسم جديد للرأسمالية .

فمن السهل إذن أن نفهم لماذا تحظى " شيوعية " خروشوف بتقدير الإمبريالية و الرأسمال الإحتكاري . صرّح وزير الخارجيّة الأمريكيّة دين راسك : "... بقدر ما يحتلّ الغولاش و البنطلون الثانى و ما شابه ذلك من مسائل من مكانة أكثر أهمّية فى الإتحاد السوفياتي بقدر ما تظهر ، على ما أعتقد ، من تأثيرات معتدلة ..."

بودنا أن ننصح السادة الإمبرياليين بألاّ يفرحوا قبل الأوان ! و ذلك لأنّ أيّة خدمة تقدّمها عصابة خروشوف التحريفيّة لن يكون بمقدورها حماية الإمبريالية من نهايتها الحتميّة . إنّ العصابة التحريفية المسيطرة تعاني نفس المرض الذى تعانيه العصابة الإمبريالية المسيطرة ، فهما متعارضتان تعارضا لا لقاء فيه مع الجماهير الشعبية التى تشكل أكثر من 90 بالمائة من سكّان العالم ، لذا فإنّهما ضعيفتان و عاجزتان و نمران من ورق . إنّ عصبة خروشوف التحريفيّة تشبه صنما من الطين لا يمكنها أن تصون نفسها من الذوبان أثناء عبور النهر ، إذن كيف يمكنها أن تمنح الإمبريالية عمرا أطول ؟...

هل مجتمعنا اليوم نظيف لا شائبة فيه ؟ كلاّ ! ما زالت الطبقات موجودة ، وما زال الصراع الطبقي موجودا ، وما زالت هنالك الطبقات الرجعيّة التى أطيح بها عن الحكم و التى تتآمر للعودة ، و ما زالت فى بلادنا نشاطات تمارسها العناصر البرجوازية القديمة و الجديدة ، و هجمات مسعورة يشنّها المختلسون و المرتشون و المتحلّلون. وهنالك أيضا حالات تفسخ فى عدد قليل من المنظمات القاعدية ، و بالإضافة لهذا يبذل هؤلاء المتفسّخون وسعهم لإيجاد حماة و عملاء لهم فى الهيئات القياديّة الأعلى . لهذا علينا ألاّ نقلّل بأيّ قدر كان من يقضتنا إزاء هذه الظواهر ، بل علينا أن نكون منتبهين تماما ...

كيف يمكن تدارك عودة الرأسمالية ؟ لقد وضع الرفيق ماو تسى تونغ حول هذه المسألة مجموعة من النظريّات و السياسات بعد تلخيص الخبرات العمليّة لدكتاتوريّة البروليتاريا فى الصين و بعد دراسة الخبرات الإيجابيّة و السلبيّة للأقطار الأخرى ، لا سيما الإتحاد السوفياتي ، وفقا للمبادئ الأساسية للماركسية - اللينينية ، و هكذا أغنى و طوّر النظرية الماركسية-اللينينية حول دكتاتورية البروليتاريا .

إنّ المحتوى الأساسي للنظريّات و السياسات التى قدمها الرفيق ماو تسى تونغ فى هذا الصدد هو كما يلى :

1- من الضروري تطبيق القانون الماركسي-اللينيني حول وحدة الأضداد على دراسة المجتمع الإشتراكي . إنّ قانون التناقض فى كلّ الأشياء ، أي قانون وحدة الأضداد ،هو القانون الأساسي للديالكتيك المادي . و يعمل هذا القانون فى كلّ مكان سواء فى عالم الطبيعيّات أو فى المجتمع الإنساني أو فى الفكر الإنساني . إنّ الأضداد فى أيّ تناقض ما تتّحد بعضها مع بعض و تتصارع بعضها مع بعض ، و هذا ما يدفع الأشياء إلى الحركة و التغيّر . و المجتمع الإشتراكي لا يشذّ عن هذا ...

2- إنّ المجتمع الإشتراكي يستمرّ لفترة تاريخيّة طويلة جدّا ، و الطبقات و الصراع الطبقي يستمران فى هذا المجتمع ، و الصراع لم يزل يدور بين طريق الإشتراكيّة و طريق الرأسماليّة . إنّ الثورة الإشتراكية فى الجبهة الإقتصاديّة ( فى ملكية وسائل الإنتاج ) وحدها ليست كافية ، و لا يمكن تدعيمها أيضا . لهذا لا بدّ من وجود ثورة إشتراكية شاملة فى الجبهتين السياسية و الإيديولوجية .

وهذا يحتاج إلى فترة طويلة من الزمن لكي يتقرّر أيّ من الإشتراكيّة و الرأسماليّة ستنتصر على الأخرى فى الجبهتين المذكورتين . و سوف لا تكفى عدّة عقود من الزمن ، و النصر يحتاج إلى مدّة تمتدّ من قرن إلى عدّة قرون . و فيما يتعلّق بمسألة الجهود يكون من الأفضل إعتبار المهام أصعب بدلا من إعتبارها سهلة . و التفكير و العمل بهذا الشكل سوف يكونان أكثر نفعا و أقلّ ضررا . و كلّ من يعجز عن رؤية هذا أو عن تقديره تقديرا تاما سوف يرتكب أخطاء عظيمة و هائلة . و من الضروري خلال الفترة التاريخيّة للإشتراكيّة التمسّك بدكتاتورية البروليتاريا و مواصلة الثورة الإشتراكية حتّى النهاية إذا ما أريد سدّ الطريق أمام عودة الرأسمالية ، و دفع البناء الإشتراكي إلى الأمام ، و خلق الظروف للإنتقال إلى الشيوعية .

3- إنّ الطبقة العاملة تقود دكتاتوريّة البروليتاريا على أساس التحالف بين العمّال و الفلاّحين . و هذا يعنى مباشرة دكتاتوريّة البروليتاريا ، بواسطة الطبقة العاملة و الشعب تحت قيادتها ، على الطبقات الرجعيّة و على الأفراد الرجعيّين و العناصر التى تعارض التحويل الإشتراكي و البناء الإشتراكي ، و تمارس المركزيّة الديمقراطيّة بين صفوف الشعب. إنّ ديمقراطيّتنا هي أوسع ديمقراطية ، و يستحيل إيجاد مثلها فى أيّ دولة برجوازية .

4- من الضروري فى الثورة الإشتراكيّة و البناء الإشتراكي معا الإلتزام بخطّ الجماهير ، و إستنهاض الجماهير بشجاعة و تطوير حركة الجماهير على نطاق واسع ...

5- من الضروري ، سواء فى الثورة الإشتراكيّة أو البناء الإشتراكي ، حل مسألة : من يعتمد عليه ، و من يُكسب و من يعارض . وعلى البروليتاريا و طليعتها أن تجريا تحليلا طبقيّا للمجتمع الإشتراكي و أن تعتمدا على القوى المعتمد عليها فعلا و التى تسلك الطريق الإشتراكي بحزم ، و أن تكسبا كلّ الحلفاء الذين يمكن كسبهم ، و أن تتّحدا مع جماهير الشعب التى تشكل أكثر من خمسة و تسعين بالمئة من السكان ، فى نضال مشترك ضد أعداء الإشتراكية ...

قال الرفيق ماو تسى تونغ على ضوء الدروس التاريخية لدكتاتورية البروليتاريا : إنّ النضال الطبقي و النضال من أجل الإنتاج و التجارب العلمية هي الحركات الثورية الثلاث العظمى لبناء بلد إشتراكي قوي ، و هذه الحركات ضمان كاف لأن يتجنّب الشيوعيّون البيروقراطيّة و يتحصّنوا ضد التحريفيّة و الجمود العقائدي ، و أن يظلّوا أقوياء لا يغلبون إلى الأبد إنّها ضمان يعتمد عليه فى أن تصبح البروليتاريا قادرة على الإتّحاد مع الجماهير الواسعة من الشغيلة لتحقيق دكتاتوريّة ديمقراطيّة . و إذا سنح ، فى غياب هذه الحركات ، للملاكين العقاريين و الفلاّحين الأغنياء و المعادين للثورة و العناصر السيّئة و غيرهم من الشياطين بالخروج من مخابئهم و مباشرة نشاطهم بينما تغمض ملاكاتنا أعينها عن كلّ هذا و يعجز كثير منها حتّى عن التمييز بين العدو و بين أنفسنا ، و يتعاون مع العدو و يصبح فاسدا منحط الأخلاق ، و إذا إنجرت ملاكاتنا هكذا إلى معسكر العدو ، أو إذا تمكّن العدوّ من التسلّل إلى صفوفنا ، و إذا تُرك عدد كبير من عمّالنا و فلاّحينا و مثقّفينا بدون قدرة على الدفاع عن نفسه فى وجه التكتيكات الليّنة و الشديدة التى يمارسها العدوّ ، فسوف لا يمضى وقت طويل حتى تحدث بلا شك ّ، بعد عدّة سنوات أو عقد من الزمن أو عدّة عقود على الأكثر ، عودة معادية للثورة على نطاق البلد ، وحتىّ يصبح الحزب الماركسي- اللينيني بالتأكيد حزبا تحريفيا أو حزبا فاشستيا و تغيّر الصين قاطبة لونها ".

لقد أوضح الرفيق ماو تسى تونغ أنّه علينا ، بغرض التأكّد من عدم تغيير حزبنا و بلدنا للونهما ، ألاّ يكون لنا خط صحيح و سياسات صحيحة فحسب ، بل أن ندرّب و نربّي ملايين من الخلف لمواصلة قضية البروليتاريا الثورية.

إنّ مسألة تدريب الخلف لقضية البروليتاريا الثوريّة هي ، فى التحليل النهائي ، مسألة ما إذا كان هناك فى المستقبل من يواصلون العمل للقضيّة الماركسية-اللينينية الثوريّة التى بدأها الجيل القديم من الثوريّين البروليتاريين أم لا ؟ و هل تظلّ قيادة حزبنا و دولتنا فى المستقبل فى أيادي الثوريّين البروليتاريّين أم لا ؟ و هل يواصل خلفنا السير على الطريق الصحيح الذى رسمته الماركسية-اللينينية أم لا ؟ أو بمعنى آخر ، هل يمكننا أن نحول بنجاح دون ظهور تحريفيّة خروشوف فى الصين أم لا ؟ إنّ هذه ، بإختصار ، مسألة بالغة الأهمّية ، مسألة حياة أو موت لحزبنا و بلادنا. إنّها مسألة ذات أهمّية أساسيّة لقضيّة البروليتاريا الثوريّة لمئة أو ألف سنة و حتى لعشرة آلاف سنة . إن المتنبّئين الإمبرياليّين و قد إرتكزوا إلى التغيّرات التى حدثت فى الإتّحاد السوفياتي يعلّقون آمالهم فى " التحوّل السلمي " على الجيل الثالث أو الرابع للحزب الشيوعي الصيني.علينا أن نحطّم و نبدّد هذه التنبّؤات الإمبريالية. وعلينا ، من منظماتنا العليا إلى الدنيا ، أن نعتني دائما فى كلّ مكان بتدريب و تربية الخلف للقضيّة الثوريّة ."

(ستوارد شرام ، " الماركسية - اللينينية أمام مشاكل الثورة فى العالم غير الأوروبي "، دار الحقيقة ، بيروت ، 1988).

" ما هي الشروط اللازمة التى يجب أن تتوفر فى هذا الخلف لقضية البرولتاريا الثورية ؟

يجب أن يكونوا ماركسيين- لينينيين حقيقيّين ، لا محرّفين مثل خروشوف الذى يلتحف فقط بثوب الماركسية اللينينية .

يجب أن يكونوا ثوريّين يخدمون بكلّ أمانة و إخلاص الأغلبيّة الساحقة من الناس فى الصين و فى العالم أجمع ، لا مثل خروشوف الذى يخدم مصالح حفنة من أفراد الفئة البرجوازية صاحبة الإمتيازات فى بلاده ، و يخدم أيضا مصالح الإمبريالية و الرجعيّة على الصعيد الدولي .

يجب أن يكونوا سياسيّين بروليتاريّين قادرين على الإتّحاد مع الأغلبيّة الساحقة من الناس و العمل معها. يجب عليهم ، فضلا عن الإتّحاد مع من يوافقونهم فى الرأي ، أن يحسنوا الإتّحاد مع من يختلفون معهم فى الرأي ، بل و مع الذين عارضوهم فى الماضي و قد برهن الواقع على خطئهم بعد ذلك. و لكن يجب أن يحذروا على وجه الخصوص من أصحاب المطامع الشخصيّة و المتآمرين من أمثال خروشوف و أن يسدّوا الطريق على أمثال هذه العناصر السيّئة من إغتصاب قيادة الحزب و الحكومة من جميع المستويات .

يجب أن يكونوا نماذجا فى تطبيق مركزيّة الحزب الديمقراطيّة ، و أن يُجيدوا أسلوب القيادة القائم على مبدأ " من الجماهير و إلى الجماهير" ، و يجب أن يعوّدوا أنفسهم على الأسلوب الديمقراطي بحيث يحسنون الإستماع إلى آراء الجماهير . و لا يجوز أن يكونوا متجبّرين مثل خروشوف فينقضون مركزيّة الحزب الديمقراطية ، و يشنّون الهجمات المفاجئة على الرفاق أو يتصرّفون بصورة تعسفيّة و دكتاتوريّة .

يجب أن يكونوا متواضعين متروّين و أن يتدرّعوا ضد الغرور و التهوّر ، يجب أن يكونوا مشبعين بروح النقد الذاتي و لديهم الشجاعة على إصلاح النقائص و الأخطاء فى العمل. ولا يجوز لهم أبدا أن يكونوا مثل خروشوف، يتستّرون على أخطائهم فيدّعون أن كلّ الفضل يعود إليهم وحدهم و يعزون كلّ الأخطاء إلى الآخرين.

إنّ الخلف الصالح لقضية البروليتاريا الثوريّة ينشأ فى الكفاح الجماهيري ، و يترعرع و ينصقل فى العواصف العاتية للثورة . فينبغى إختيار الكوادر و الحكم عليهم و إختيار و تربية خلف منهم فى غمرة الكفاح الجماهيري الطويل .

( " حول شيوعية خروشوف المزيّفة و الدّروس التاريخية التى تقدمها للعالم " ، ص 294-296 من " مقتطفات من أقوال الرئيس ماو تسى تونغ " ).


------------------------------------------------------------


التحريفيون المعاصرون السوفيات و الصينيّون و الخوجيّون يلتقون فى الموقف المعادي للثورة الثقافية البروليتارية الكبرى قمّة ما بلغته تجارب دكتاتورية البروليتاريا عالميّا فى سيرها نحو الشيوعية :

وفق التسلسل التاريخي :

1/ إفتراءات تحريفية سوفياتية :

و يوفّر لنا كتاب للتحريفيّين السوفيات فيه يهاجمون بشراسة ما بعدها شراسة الماويّة و ماو تسى تونغ :
" نقد المفاهيم النظرية لماو تسى تونغ "( دار التقدم ، الترجمة الى العربية ، 1974) ، يوفّر لنا مادّة كثيفة فى منتهى الدّلالة لن نقتطف منها سوى هذه الفقرات تجنّبا للاطالة :

- الإيديولوجية الماويّة هي إيديولوجية المغامرة السياسية و الديماغوجية و العنف و الإرهاب الجماعي . و من البديهي أنّه لا معنى لها بدون عبادة الفرد . و عن طريقها نجح أتباع ماوتسي تونغ فى إغتصاب السلطة فى الحزب و الدولة خلال "الثورة الثقافية ". (ص226 )

- قام الماويّون بهجوم حقيقيّ على الحزب الشيوعي الصيني – فقضوا على كلّ الهيئات القياديّة المنتخبة للحزب الشيوعي الصيني من أعلى إلى أسفل ، و حطم كلّ الهيكل التنظيمي للحزب ...و وجهت ضربة قاسية لكلّ القوى السليمة فى الحزب و أبعد عن النشاط السياسي و خضع للتطهير و الإضطهاد و التشهير مجموعات كبيرة من قادة الحزب و الدولة البارزين و الشخصيات العسكرية و المناضلين القدماء فى الثورة الصينية... .فاستبعد من الحزب ليوتشاوتشى... .( ص 222-221)

- أنصار ماو تسى تونغ إضطرّوا أن يقيموا فى كلّ مكان إشرافا عسكريّا و أن يستخدموا الجيش إلى أقصى حدّ لتنظيم الإنتاج . ( المصدر السابق ، ص218)

- و لا ندهش إذا إنتشرت على نطاق واسع الإهانات و التشهير و الإعتقالات و الضرب و الإصابات الجسديّة و غير ذلك من أبشع أساليب العنف ضد ضحايا " الثورة الثقافية " و كثيرا ما يتحوّل إلى قصاص عرفي و قتل و صدامات دموية واسعة النطاق .( ص214)

2 / إعترافات خوجية :

- كان التحريفيّون السوفيات يعلقون آمالا كبيرة على أصحابهم التحريفيّين الصينيّين و الآن و قد تلقى هؤلاء ضربة ، يتّخذ السوفيات بشكل مفتوح الدفاع عنهم و ينادونهم الى الإنتفاض ضد ماو . هذا صراع حد الموت. ( أنور خوجا ، " ملاحظات حول الصين " ج1، ص 341 ، بالفرنسيّة )

- فى هذه المرحلة ، تكتيك الخروتشوفيّين الذين أطاحوا بخروتشوف و الذين يدّعون عدم مناقشتنا ، بهذه الخدع ، هو السعي بالتأكيد الى إعانة أصحابهم التحريفيّين الصينيّين للعمل بهدوء أكبر لتنظيم افتكاك السلطة فى الصين بغية القضاء على ماو أو تحييده و ذلك لأن فى وضع ثوري كان التحريفيّون الصينيّون سيفتضحون كما حصل بالفعل . [ فى الوضع الثوري الذى خلقته الثورة الثقافية البرواليتارية الكبرى تمّ فعلا فضح التحريفيّين و نزع السلطة التى اغتصبوها لوضعها بين يدي شيوعيّين مخلصين وهو ما لم يقع لا فى الاتّحاد السوفياتي و لا فى ألبانيا و من هنا البعد التاريخي العالمي لهذه الثورة . الإضافة لنا ] .

الآن و قد كشف ماوتسى تونغ و الحزب الشيوعي الصيني عندهم الخونة التحريفيّين و مؤامرتهم فإنّ التحريفيّين المعاصرين و على رأسهم السوفيات، مع حلفائهم الأوفياء الامبرياليين الأمريكيين يقومون بحملة معادية للصين ، و معادية للماركسية و معادية للينينية لأن رفاقهم الصينيّون وقع كشفهم و عزلهم فآمالهم فى إفتكاك السلطة فى الصين ذهبت أدراج الرياح . فى مؤتمرهم ذهب التحريفيّون السوفيات و المجريّون الخ حتى الى الدفاع العلني عن أمثالهم الذين سحقوا فى بيكين . يجب اعتبار هذا انتصارا لا فحسب بالنسبة للصين و لكن أيضا بالنسبة لنا و بالنسبة الى الحركة الشيوعية العالمية . (" ملاحظات..." ، ص 336-337)

هذه ليست تخمينات خوجية و إنّما وقائع فرضت ذاتها فهي حملة عالميّة و هي محتويات مداولات مؤتمرات وهي دفاع علني عن التحريفيّين الصينيّين و رمزهم ليوتشاوشى الملقب صينيا ب" خروتشوف الصين ".

3 / تشويهات تحريفيّة صينيّة :

و سنة 1980 يتقدّم دنك سياو بينغ مهندس الانقلاب التحريفي فى الصين سنة 1976 كالطاووس ليفصح عن موقفه الحقيقي من الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى فى كتاب " ماوتسى تونغ : سيرة حياة – تقييم – ذكريات "؛ دار النشر باللغات الأجنبية ، بيكين1989 :
1- " "الثورة الثقافية " ...كانت خطأ "(ص107)
2 - خطأ جسيما (ص109)
3- و خطأ مريعا (ص111) لأنّها " قد وجهت الضربات الى الكوادر القياديين على كافة المستويات الذين قدموا مساهمات للثورة و يتحلون بخبرات عملية و منهم الرفيق ليوتشاوشى ".

و يعيد التحريفيّون الصينيون الاعتبار لليوتشاوشى و يربطوا علاقات صداقة متينة مع التحريفيّين السوفيات منذ إغتصابهم للسلطة وإعادة تركيز الرأسمالية فى الصين.

4 / ردّة خوجية :

و حين إرتدّ أنور خوجا تنكّر لما سبق و أن أكّده و لوقائع و أحداث الصراع الطبقى فى الصين وشروحات ماو للبعثة العسكرية الألبانية منذ 1967 ، شنّ شأنه شأن جميع التحريفيّين المعاصرين هجوما شرسا على الماوية فى كتاب لاحق حمل عنوان " الإمبريالية و الثورة " وضعه أواخر السبعينات ، بعد وفاة ماو و الإنقلاب التحريفي فى الصين سنة 1976 ، و ممّا ورد فيه :

- فى نظرنا بإعتبار أنّ هذه الثورة الثقافية لم تقع قيادتها من طرف الحزب و إنّما كانت بمثابة إنفجار فوضوي ناتج عن نداء وجهه ماو تسى تونغ يسقط عنها طابعها الثوريّ . لقد مكّن نفوذ ماو فى الصين من إثارة ملايين الشبّان غير المنظّمين من طلبة و تلاميذ إتّجهوا نحو بيكين ، نحو لجان الحزب و السلطة و فقاموا بحلّها ، و كان يقال إنّ هؤلاء الشبّان يمثّلون فى الصين " الايديولوجيا البروليتارية " و هم الذين يرسمون للحزب و البروليتاريا الطريق" الصحيح" . ( طبعة باللغة الفرنسية ، ص411) .

- لقد كانت هذه الوضعيّة الخطيرة نتيجة لمفاهيم ماو تسى تونغ القديمة المعادية للماركسية ، فهو كان يقلّل من شأن الدور القيادي للبروليتاريا و يبالغ فى تقدير دورالشبيبة فى الثورة... و هكذا أبقيت الطبقة العاملة جانبا و فى العديد من الحالات وقفت ضد الحرس الأحمر بل وصلت إلى حدّ التصادم معهم . إنّ رفاقنا الذين كانوا وقتئذ فى الصين شاهدوا بأمّ عينهم عمّال المصانع يحاربون ضد الشبان . لقد صار الحزب مفكّكا و تمّت تصفيته . و لم يكن فى أيّ حال من الأحوال حزب الشيوعيّين و لا البروليتاريا . لقد كانت هذه الوضعيّة خطيرة جدّا .

- لقد أكّد سير الأحداث أنّ الثورة الثقافيّة البروليتاريّة لم تكن ثورة و أنّها لم تكن كبرى و لا ثقافيّة و بالخصوص لم تكن بروليتاريّة البتّة ، إنّها لم تكن سوى إنقلاب داخل القصر على المستوى الصينيّ من أجل تصفية حفنة من الرجعيّين الذين كانوا قد إستولوا على السلطة . و بالطبع كانت الثورة مخادعة . إنّها قضت فى نفس الوقت على الحزب الشيوعي الصيني و على التنظيمات الجماهيريّة و أغرقت الصين فى فوضى جديدة . لقد قاد هذه الثورة عناصر غير ماركسيّة ( أو بالتحديد الأربعة ) الذين بدورهم سوف يقضى عليهم عن طريق إنقلاب عسكري من قبل عناصر أخرى معادية للماركسيّة و فاشيّة (ص413) .

5 / ترديد أفكار تحريفيّة سوفياتيّة وخوجيّة :

و قد وقع الردّ على هذه التشويهات التى لا أساس لها من الصحّة من قبل الشيوعيّين الأصيلين عبر العالم وفى الوطن العربي أتت تنظيمات و أحزاب تدعى الشيوعيّة لتكرّر كالببّغاء الأفكار الخوجيّة التى نهلها أنور خوجا من معين التحريفيّة السوفياتيّة و الصينيّة . و نحن نساهم فى التصدّى الآن جزئيّا حسب ما يسمح به المجال للتحريفيّة بأصنافها و تزويرها للحقائق و بالمناسبة ذاتها نعرض قدر الإمكان فى هذا الحيّز التاريخ و الممارسات و التنظيرات الثوريّة للماوية لينال كلّ ذى حقّ حقّه .

-------------------------------------------------

و ينطوى كتابنا الذى يتطرّق لأكثر الثورات فى ظلّ دكتاتوريّة البروليتاريا جماهيريّة و إمتدادا زمنياّ - عشر سنوات - ووعيا بروليتاريا فى تاريخ العالم على أربعة فصول : فصل أوّل يقدّم ترجمة لعرض تاريخي للعشر سنوات التى هزّت الصين و العالم هزّا نهدف من ورائه إعطاء فكرة عامة عن الحدث الجلل لمن لم يطّلع على وثائق تتناول هذه الثورة و توفير تذكير سريع لمن يكون قد درس المسألة سابقا و فصل ثاني يعمّق فهم بعض المسائل الهامّة المتصلة بهذه الثورة و فصل ثالث غايته فهم الخطوط التحريفية التى واجهها الشيوعيّون الماويّون فى خضمّ الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى وفصل رابع جمعنا فيه أهمّ الأقوال التاريخية لماو تسى تونغ خلال تلك الفترة و فصل خامس تشخّص فيه بعض الأخطاء التى إقترفها الماويّون فى خضم تلك الثورة العظيمة على أكثر من مستوى وهو موضوع ما حظي بالبحث مليّا كما ينبغى من طرف شقّ من الماويين ، أنصار الخلاصة الجديدة للشيوعية .

-------------------------------------------------------------------------------------------------------

الفصل الثانى :

تعميقا لفهم بعض القضايا الحيويّة

1- وضع الحزب الشيوعي عند إندلاع الثورة الثقافية البروليتارية

2- إعادة تثقيف المثقفين أثناء الثورة الثقافية

3- دكتاتورية البروليتاريا ، ديمقراطية البروليتاريا

4- البرجوازية الجديدة فى ظلّ الإشتراكية : التحريفية هي التعبير المركّز داخل الحزب عن مصالح البرجوازية الجديدة ( بالأساس) و القديمة

5- التحريفية فى السلطة يعنى البرجوازية فى السلطة – ماو

6- ثورات ثقافية بروليتارية كبرى طوال المرحلة الإشتراكية

=======================================================

- إنّ تطور البروليتاريا يشهد فى أيّ مكان صراعات داخلية...انّ الذين ناضلوا طول حياتهم ، مثلى أنا و ماركس، ضد من يدّعون أنّهم اشتراكيّون أكثر من أيّ كان ( لأنّنا نرى البرجوازية فقط كطبقة و لم نخض أبدا تجاهها معاركا معزولة )، هؤلاء لن يكونوا مستائين من رؤية اندلاع صراع حتمي".

( انجلز من رسالة الى بيبل، 28 أكتوبر 1882)

- - لقد منيت اشتراكية ما قبل الماركسية بالهزيمة . و هي تواصل النضال ، لا فى ميدانها الخاص ،بل فى ميدان الماركسية العام ،بوصفها نزعة تحريفية.

- - ان ما يجعل النزعة التحريفية أمرا محتما ، انما هي جذورها الطبقية فى المجتمع المعاصر . فإن النزعة التحريفية ظاهرة عالمية.

- - ان نضال الماركسية الثورية الفكرى ضد النزعة التحريفية ، فى أواخر القرن التاسع عشر ، ليس سوى مقدمة للمعارك الثورية الكبيرة التى ستخوضها البروليتاريا السائرة الى الأمام ، نحو انتصار قضيتها التام ، رغم كل تردد العناصر البرجوازية الصغيرة و تخاذلها .

- 1908 ) لينين ، الماركسية و النزعة التحريفية )

- التحريفية فى السلطة يعنى البرجوازية فى السلطة.

( ماو تسى تونغ )

==========================================

1) وضع الحزب الشيوعي الصيني عند اندلاع الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى:

إثر الثورة الديمقراطية ، لم يقف العمّال و الفلاّحون الفقراء و المتوسّطون مكتوفي الأيدي حيث كانوا يريدون الثورة . و من جهة أخرى ، لم يكن عديد أعضاء الحزب يريدون المضي قدما . البعض منهم تراجع و عارض الثورة . لماذا ؟ لأنّهم تحوّلوا إلى موظّفين سامين و يودّون الحفاظ على مصالح الموظّفين السامين .

( ماو تسى تونغ / ربيع 1976 )

======================
عند صعود خروتشوف وطغمته الى السلطة فى الاتّحاد السوفياتي السابق اثر وفاة ستالين ، حقّقت التحريفية المعاصرة انتصارا على الماركسيين – اللينينيين فى الحزب الذى بناه لينين و ستالين ذاتهما و تجسّد ذلك بالخصوص فى قرارات المؤتمر العشرين سنة 1956 . فمثّلت هزيمة الماركسيين - اللينينيين السوفيات خسارة فادحة بالنسبة للحركة الشيوعيّة العالميّة التى لم تكن تتوقّع ذلك نظرياّ و عمليّا وبفعل المؤتمر العشرين أخذت تشقّها تناقضات إحتدّت بحيث إنقسمت من جهة الى أتباع للتحريفيين السوفيات و من جهة ثانية أحزاب و منظّمات ماركسية - لينينية كان على رأسها الحزب الشيوعي الصيني يخوض نضالا ضاريا و بلا هوادة ضد أعداء الثورة البروليتارية.

مستنتجا بعد الدراسة و البحث و التمحيص دروسا جمّة وجدّية من تجربة الاتّحاد السوفياتي على الأصعدة كافة و منذ أواسط فأواخر الخمسينات ، أعلن ماو بالصين ثم عالميّا، على عكس ما يدذعى التحريفيذون ، أنّ الطبقات و التناقضات الطبقيّة ، برجوازية – بروليتاريا ، و الصراع الطبقي يستمّروا فى الوجود بل و يصاعد احتدادهم فى ظلّ الاشتراكية و ينعكس و يخاض بضراوة داخل محور المجتمع الاشتراكي ، حزب البروليتاريا الذى يمكن أن يغدو، مثلما حصل فعلا فى الاتّحاد السوفياتي، حزبا تحريفيّا يعيد تركيز الرأسمالية.

قال : " بالرغم من أن التحويل الاشتراكي فى بلادنا ، فيما يتعلق بالملكية ، قد أنجز من حيث الأساس ، و أن الصراع الطبقي الجماهيري العنيف الشبيه بالعاصفة و الواسع النطاق فى المراحل الثورية قد انتهى الآن من حيث الأساس الا أنه ما تزال هناك بقايا من طبقتي ملاك الأراضى و الكمبرادوريين اللتين أطيح بهما ، و ما تزال البرجوازية موجودة ، و البرجوازية الصغيرة فى بداية إعادة تشكيل نفسها. اذن فالصراع الطبقي لم ينته بعد. إن الصراع الطبقي بين البروليتاريا و البرجوازية ، الصراع بين مختلف القوى السياسية ، و الصراع الطبقي بين البروليتاريا و البرجوازية فى الحقل الايديولوجي، كل هذا الصراع سوف يستمر لفترة طويلة و يجرى فى شكل متعرج و يصبح فى بعض الأحيان عنيفا جدا . ان البروليتاريا تسعى لتحويل العالم وفقا لنظرتها الى العالم و هكذا تسعى البرجوازية أيضا. فمسألة أي من الاشتراكية و الرأسمالية ستنتصر على الأخرى فى هذا الميدان لم تجد حلها الحقيقي بعد. "

( ماو تسى توتغ ، " حول المعالجة الصحيحة للتناقضات بين صفوف الشعب" 27 فبراير –شباط 1957)

" إنّ النضال لتدعيم النظام الاشتراكي ، و النضال الذى يتقرّر فيه أي من الاشتراكية و الرأسمالية ستنتصر على الأخرى ، سوف يستمرّ فى بلادنا لفترة تاريخية طويلة ".( " خطاب فى المؤتمر الوطني للحزب الشيوعي الصيني حول أعمال الدعاية " 12 مارس –آذار 1957 / مقتطفات من أقوال الرئيس ماو تسي تونغ ) .

على هذه القاعدة النظريّة الجديدة و أمام وضع معقّد و حرج داخل الحزب الشيوعي الصيني، نتوسع فيه لاحقا ، دعا ماوتسي تونغ الى الثورة الثقافيّة البروليتاريّة الكبرى و نظّمها سعيا للإطاحة بالسائرين فى الطريق الرأسمالي الماسكين بمواقع هامّة فى الحزب و الدولة و المحاولين اعادة تركيز الرأسمالية فى الصين ، ولرفع وعي الكوادر و الجماهير و تربيتها عبر ممارسة الصراع ضد التحريفية و تغيير نظرة الناس للعالم و مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتوريّة البروليتاريا التى ينبغى أن تمارس على الأصعدة كافة.

لقد تمكّن أحد رموز التحريفية ليوتشاوشى - خروتشوف الصين المتحالفين بشكل أو آخر مع خروتشوف و طغمته فالإتّحاد السوفياتي ، من اغتصاب السلطة لا فقط فى مواقع مفاتيح فى الحزب بل و أيضا فى عديد القطاعات الصناعيّة و عديد المدن حتىّ . و كان دنك سياو بينغ حليفه التحريفي آنذاك السكرتير العام للحزب الشيء الذى سمح له بمسك سلطة لا بأس بها و كانت الايديولوجيا التحريفيذة بالفعل مهيمنة على البنية الفوقيّة وخاصة الثقافيّة منها و التعليميّة . و كان الحصار و الخناق يشتدّ شيئا فشيئا على الخطّ الشيوعي الماوي إلى درجة أنّ ماو ذاته لم يستطع نشر مقال نقدي بعث به الى جريدة فى بيكين و قال مثلا إنّه كان عليه أن " ينتظر اللحظة المناسبة للحصول على الأغلبيّة فى اللجنة المركزيّة للإنطلاق فى الثورة الثقافية ".

خلاصة القول ، كان التحريفيّون يمسكون بقسط من مفاصل الحزب و الدولة و يستعدّون لإفتكاكها كلّيا أي كان أتباع الطريق الرأسمالي يمسكون جزءا من السلطة و يسعون إلى إنتزاعها بالكامل بانقلاب تحريفي على النمط الخروتشوفي حيث كما قال ماو : " التحريفية فى السلطة يعنى البرجوازية فى السلطة " ملخّصا التجربة التاريخية لصراع الماركسية اللينينية ضد التحريفية ، صراع الخطين ، داخل الأحزاب الشيوعية فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا.

أمام هذا الوضع هل كان على ماو و الشيوعيّين الثوريّين أن يظلّوا مكتوفي الأيدى ويدعوا التحريفية تنتصر بشكل سلمي نوعا ما مثلما حصل فى الاتّحاد السوفياتي أم كان عليهم أن يقاوموا بما أوتوا من جهد و قدرة على الكفاح البروليتاري نظريّا و عمليّا بطرق جديدة نوعيّا تفاعلا مع تناقضات الوضع الجديد نوعيا ، طرق و وسائل لم يسطّرها لا ماركس و لا لينين و لا انجلز و لا ستالين باعتبار أنّ الصراع الأهمّ ضد التحريفيّة يدور رحاه فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا صلب الحزب الشيوعي ، محور المجتمع الاشتراكي؟

إختار ماو و رفاقه و رفيقاته الثوريّين الطريق الثاني ، طريق المقاومة الشيوعيّة فشمّروا على أذرعهم و نظّموا شيئا فشيئا و أطلقوا الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى كوسيلة و طريقة :

1- للاستعادة قسط السلطة الذى استحوذت عليه التحريفيّة و وضعه بأيدى الثوريّين المخلصين دفعا لممارسة دكتاتوري البروليتاريا على كافة الأصعدة و لبناء مجتمع واقتصاد اشتراكيّين خدمة للثورة البروليتاريّة العالميّة.

2- لرفع وعي الكوادر و الجماهير ليخوضوا باستمرار نضالا بلا هوادة ضد التحريفيّة فى شكل صراع خطّين داخل الحزب وكذلك صراعا جماهيريّا واسعا فى ارتباط بصراع الخطيّن فى المجتمع بأسره – هذا الصراع الذى لا يتوانى عن الظهور موضوعيّا وبصورة متكرّرة طوال المرحلة الانتقاليّة بين الرأسماليّة و الشيوعيّة .

3- و تغيير نظرة الناس للعالم باتّجاه نشر نظرة البروليتاريا العالمية للعالم و تعميقها فى صلب الجماهير الشعبية.

و لم يكن الأمر يسيرا فحتّى ماو وجد صعوبة فى البداية لتجميع أغلبيّة فى اللجنة المركزيّة للحزب لأجل الاندفاع فى الثورة الثقافيّة ( و هذا يذكّرنا بلينين و موقف أعضاء اللجنة المركزية من قرار الشروع فى ثورة أكتوبر حيث وجد نفسه فى البداية أقليذا فى الدعوة للثورة فورا ) و إضطرّ ماو الى إنتظار الفرصة المناسبة ليضغط بثقله و يحقّق " وثيقة ال16 نقطة " التى أعطت التوجّه العام أهدافا و وسائلا الخ للحركة الثوريّة العارمة لتهزّ البلاد هزّا من أقصاها الى أقصاها منذ أواسط الستّينات بعد النضال المناهض للتحريفيّة وكذلك النضال الذى أعدّ للثورة الثقافيّة البروليتارية الكبرى : حركة التربية الاشتراكية...

و خوجا ذاته فى " ملاحظات حول الصين " (ص270 -271) يعترف بمعطيات دامغة تؤكد هذه الحقائق (وهي معطيات كمثالي و دغماتحريفي سينكرها فى " الامبريالية و الثورة ".)

و ننطلق من "وثيقة ال16 نقطة " حسب قراءة خوجا و سنعود لها مع جان دوبيه . و بشأنها خطّ خوجا الأسطر التالية : " يمكننا أن نستخلص أن العدوّ كان قد تسلّل بعمق داخل الحزب باعتبار أنّه وضع يديه على توجّهات بأكملها للجان الحزب . الشيء الذى يؤكده حسب الصينّيين ، الوضع فى لجنة الحزب ببيكين وكذلك الوضع فى لجنة الحزب بالجامعة . لكن فى بيكين عديد اللجان يمكن أن تكون فى ذات الوضع و أيضا لجان الحزب فى مناطق أخرى يجب عدّها بالعشرات و بالمئات و ما بالك بالمنظّمات القاعديّة ".

لقد أمسك التحريفيّون بمواقع نفوذ هامة فى الحزب و اللجنة المركزية فى وثيقتها ذات ال16 نقطة تقرّ بذلك و تعدّ المناضلات و المناضلين الشيوعيّين الثوريّين لخوض غمار معارك ضارية طويلة الأمد و متكرّرة صيانة للطابع الثوري للحزب و الدولة و دحرا للتحريفية و أتباع الطريق الرأسمالي . هذا ما ينطق به الواقع وهو الداعى للموقف الثوري الوحيد الذى كان على ماو و الشيوعيين الحقيقيين اتّخاذه. و بجسارة و روح ثوريّة عالية قاموا بالواجب.

فى 9 ديسمبر 1966 ، كتب خوجا مقالا بعنوان " استنتاجات على أساس المعلومات المتوفرة " (ص336-337) ضمّنه هذه الفقرة : " هنا يبدو أنّه قد انفجر صراع طبقي داخل قيادة الحزب الشيوعي ، بين المدافعين عن خطّ ماو و المجموعة التحريفية لليوتشاوشى و دنك سياو بينغ و بانغ تشان الخ صراع اتّسع شيئا فشيئا و احتدّ وهو متواصل . و فى هذه الفترة برزت كذلك عدّة حركات للتحريفيّين الصينيّين حول "الجبهة المعادية للامبريالية و الشاملة للتحريفيين "الخ" .

ثمّ " يظهر يوما بعد يوم أكثر بداهة أنّ التحريفيّين المعاصرين الصينيّين و على رأسهم ليوتشاوشى و دنك سياو بينغ كانوا يمسكون بسلطة و كانوا سائرين فى الطريق الرأسمالي كما يصفهم الصينيون "(ص340)

و" بالتالي يبدو أن مجموعة ليوتشاوشى إن تجنّبت طوال كلّ هذه السنوات عقد مؤتمر الحزب و اجتماعات مفتوحة للجنة المركزية فذلك لتجنب " تفجير حرب " . كانت القيادة اذا ذات مجموعات و لم تكن جماعيّة ، بغضّ النظر عن توجّه الحزب . هذا ما يمكن أن يفسّر وضع ماو موضع الأقلّى و عزله للحيلولة دون مواجهة صحيحة للأفكار و تحليل خطّ الحزب . لقد كان التحريفيّون يتجنّبون مثل هذا التحليل حسب قواعد الحزب . على ما يبدو كانوا يخشون النتائج التى كان يمكن أن تنجر عن ذلك كما كانوا يخشون هيبة ماو . حسب ما قال لنا كانغ تشان وصلت الأمور الى حدّ أن مقالا نقديّا لماو حول مسرحيّة لم يظهر فى الصحافة رغم أنّه بعثه لبيكين لغاية نشره " (ص 353).

و " اذا نظرنا إلى التوجّهات السياسيّة للثورة الثقافيّة و التى هي موجّهة ضد الامبريالية و ضد الرأسمالية و ضد التحريفيّة المعاصرة و من أجل الدفاع عن الماركسية - اللينينية و الاشتراكية و دكتاتورية البروليتاريا و صراع الطبقات و الخطّ الجماهيري عندئذ تبدو لنا واضحة عداوة هذه المجموعة التى يترأسها ليوتشاوشى ". (ص340)

يتجلّى من هذه الفقرات المبنية على " يظهر بداهة " و " نظرنا " و " فى هذه الفترة برزت " و"حسب ما قال لنا كانغ تشان " ، يتجلّى مدى عمق التناقضات وصراع الخطّين صلب الحزب بين الشيوعيّين الحقيقيّين و التحريفيّين . لقد كان صراعا طبقيّا ضاريا محوره ثوريّة أم تحريفيّة الحزب الشيوعي الصيني و من هنالك طابعه أي هل يبقى بأيدى البروليتاريا أم تفتكّه التحريفيّة و بالتالي البرجوازية الجديدة مثلما حدث الأمر فى الحزب الشيوعي السوفياتي . لقد كان " صراعا طبقيذا داخل قيادة الحزب الشيوعي " ( ولينتفض الخوجيّون لأن هذا كلام خوجا و يذهب ضد التنظيرات الدغمائية التحريفية )هذا ما يعترف به خوجا هنا ليقلب الحقائق رأسا على عقب وينكره بانتهازية فى " الامبريالية و الثورة " و لينكر أيضا أن المتسبّب فى تأخير مؤتمر الحزب هم التحريفيّون فيقتفى و من خلفه و بعده كلّ الخوجيّين بجميع أصنافهم أثر التحريفييّن السوفيات و ما بثّوه من سموم فى كتابهم " نقد المفاهيم النظرية لماو تسى تونغ ". (دار التقدم ، موسكو ؛ نقل إلى العربية سنة 1974 ).

حين خاض الشيوعيون الماويون الصراع الطبقي المحتدم الذى أراد التحريفيون تجنّبه لم يقف هؤلاء الأخيرين موقف المتفرّج بل سعوا فعليا للاطاحة بالخط الماوي بما أوتوا من قوة و إمكانيات مناورة.

آنذاك وهو يتابع الأحداث و يناقشها مع الرفاق الصينيّين " يوما بيوم " ، ممّا ظهر لخوجا "... ظهر أنّ التحريفيّين الصينيّين حتّى قبل انهزام سعيهم عن طريق " مجموعات العمل " ، شرعوا فى إنتهاج أشكال أخرى من الصراع المعادية للثورة تتماشى مع الأوضاع الناشئة . فكانت الأشكال الرئيسيّة منها الدفع نحو تشكيل كتل فى صفوف " الحرس الأحمر " و المواجهات العنيفة و تعريض كوادر قامت ببعض الأخطاء للشبهة ومنها التجاوزات و الأعمال المتطرّفة و الحركات غير العمليّة عموما للدازيباو و المقاومة المفتوحة من قبل الكوادر التحريفيّة و تشنيج العمّال ضد " الحرس الحمر " و ضد الكوادر الثوريّة و وضع اليد على محطّات الإذاعة و الاضرابات العمّالية و الأولويّة المعطاة للمشاكل الاقتصاديّة و توزيع الأسلحة و فى النهاية الهجمات المسلحة " (ص431).

اذا أضفنا الى هذا استشهادا آخر بشأن أحداث شنغاي و نانكين فى جانفى 1967 " كان هدفهم المشترك [يقصد التحريفيين] هو الحيلولة دون قيام الثورة الثقافية داخل الطبقة العاملة و تشويه توجّه هذه الأخيرة و دفعها فى طريق مناقض للاشتراكية ، طريق معاد لماو ، طريق معاد لدكتاتورية البروليتاريا و جعلها وسيلة و سلاحا للثورة المضادة "(ص359-360) و أردفناه بتأكيد ماو ( أفريل 1969 ، ص271 من " ماو يتحدث الى الشعب..." لستوارد شرام ) بأنّ الغالبية الساحقة لادارات المصانع كانت ، قبل الثورة وعدد كبير بعد المؤتمر التاسع، تتّبع " الخطّ القديم لليوتشاوشى . كانوا جميعهم من أنصار الدوافع المادية و يضعون الربح فى القيادة و لم يكونوا يشجّعون على السياسة البروليتاريّة . عوض ذلك كانوا يمارسون نظام المنح الخ..."

اذا دقّقنا فى كلّ ذلك أمكن لنا :

1 - استيعاب مدى تفجّر التناقضات الطبقية التناحرية مع التحريفيّة و الذى وجد ترجمته فى صراع طبقي و صراع خطّين داخل الحزب ،

2- فهم مدى الأهمّية التاريخيّة العالميّة للثورة الثقافية البروليتارية الكبرى كطريقة و وسيلة لمكافحة التحريفية بما هي التعبير المركز داخل الحزب للبرجوازية الجديدة التى تفرزها موضوعيّا الاشتراكية باعتبارها مرحلة انتقالية من الرأسمالية الى الشيوعية و الباحثة ( التحريفية ) عن انتصار الطريق الرأسمالي على الطريق الاشتراكي و بالتالي إفتكاك قيادة الحزب و الدولة و إعادة تركيز الرأسمالية ،

3- إدراك مدى انتهازية جميع " نقاد ماو" التحريفيين .

و الآن لنفترض جدلا أنّ فى الإتّحاد السوفياتي فى بداية الخمسينات تمّ التفطّن للإمكانية الداهمة لإستيلاء التحريفيين على الحزب و الدولة و تغيير طبيعتهما من حزب و دولة بروليتاريّين إلى حزب و دولة برجوازيين، فهل كان على الشيوعييّن الثوريّين قيادة الجماهير الثوريّة فى الإطاحة بالتحريفيّين و إسترجاع اجزاء السلطة التى إستحوذوا عليها أم كان عليهم أن يقفوا مكتوفي الأيدي متفرّجين على الإنقلاب التحريفي يقترب يوما فيوما و يتمّ فى الأخير ؟ و هل أنّه إذا وجد شيوعيّون ثوريّون بادروا منذ صعود خروتشوف للسلطة بإستنهاض الجماهير و نظّموها فى ثورة لإستعادة السلطة السياسية للدولة و الحزب ، هل كان الخوجيوّن سيساندونهم أم لا ؟ الشيوعيّون الثوريّون الماويّون بصرامة سيعاضدونهم و سيقدّمون لهم يد العون أمّا الخوجيّون فلئن طبّقوا المنطق الذى طبقوه على الصين الماويّة إلى النهاية على هذا الوضع المفترض جدلا و لخشيتهم الفوضى و الإضطرابات و حلّ لجان الحزب و المنظّمات الجماهيريّة و لإيمانهم بالإنضباط الحديدي و الوحدة الصمّاء الميتافيزيقيّة المثاليّة و عدم وجود البرجوازية الجديدة أصلا فى المجتمع الإشتراكي، فسيدينونهم كما أدانوا الماويّين و موضوعيّا سيلتقون كما هم ملتقون الآن مع التحريفيّة المعاصرة السوفياتيّة و الصينيّة .

و أثبتت الممارسة ، محك معرفة صحّة النظرية ، صحّة الأطروحات الماويّة الواردة فى" وثيقة ال16 نقطة " :

" 1- مرحلة جديدة فى الثورة الاشتراكية :

ان الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى الجارية ،هي ثورة كبرى تمس ماهو أكثر عمقا عند البشر . و تشكل مرحلة جديدة فى تطور الثورة الاشتراكية فى بلدنا ، مرحلة أعظم اتساعا و عمقا فى آن.

قال الرفيق ماو تسي تونغ فى الدورة العامة العاشرة للجنة المركزية الثامنة للحزب : " لإسقاط سلطة سياسية ، ينبغى دائما و قبل كل شيئ خاق الرأي العام و القيام بالعمل على الصعيد الايديولوجي . يصح هذا بالنسبة للطبقة الثورية كما يصح بالنسبة للطبقة المعادية للثورة . و قد اثبتت الممارسة أن هذه الموضوعة للرفيق ماو تسي تونغ صحيحة تماما.

على الرغم من أن البرجوازية قد أسقطت فإنها ما تزال تحاول استخدام الأفكار و الثقافة و التقاليد و العادات القديمة للطبقات المستغِلة بغية افساد الجماهير و الاستيلاء على عقولها و محاولة القيام بالردة . و على البروليتاريا أن تصنع العكس تماما : يجب أن تجابه كل تحد من جانب البرجوازية على صعيد الايديولوجية مجابهة مقابلة و تستخدم الأفكار و الثقافة و العادات و التقاليد الجديدة للبروليتاريالتغيير السيماء الروحية للمجتمع كله ... و هدفنا فى الوقت الحاضر هو مكافحة و اسقاط أولئك الأشخاص ذوى السلطة الذين يسيرون فى الطريق الراسمالى ، و نقد و اقصاء "الثقات" الأكادميين البرجوازيين الرجعيين و ايديولوجيا البرجوازية و سائر الطبقات المستغِلة و تحويل التربية و الأدب و الفن و سائر أجزاء البناء الفوقى التى لا توافق الساس الاقتصادي الاشتراكي بحيث يسهل توطيد و تطور النظام الاشتراكي ".

"2- التيار الرئيسي و التعرجات :

... و لما كانت الثورة الثقافية ثورة ، فلا بد أن تلاقى مقاومة . و تصدر هذه المقاومة بصورة رئيسية عن ذوى السلطة الذين تسللوا الى داخل الحزب و يسلكون الطريق الرأسمالي . و تصدر أيضا عن قوة العادات الآتية من المجتمع القديم . و ما تزال هذه المقاومة حاليا على جانب من القوة و العناد. الا أن الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى ، فى النهاية ، تيار عام لا يقاوم ، و الدلائل وافرة على أن مثل هذه المقاومة سرعان ما تنهار متى تم استنهاض الجماهير مليا "...

( " تاريخ الثورة الثقافية البروليتارية فى الصين1965-1969 " ، جان دوبيه ؛ ص287-288).

2) إعادة تثقيف المثقّفين أثناء الثورة الثقافيّة :

يتباكى البرجوازيّون و التحريفيّون من كلّ رهط و الرجعيّون عموما مدّعين أنّ الماويّين ، فى خضم الثورة الثقافبة البروليتاريّة الكبرى أساؤوا أيّما إساءة إلى الفناّنين و المثقفّين ببعثهم إلى الرّيف إلى جانب الفلاّحين ليعيشوا و يعملوا معهم و يعلّموهم و يتعلموا منهم . إنّ أعداء الماوية جميعا تقريبا يعتبرون ذلك وصمة عار ألحقها الشيوعيّون الماويون بالفناّنين و المثقّفين و خطل ينم ّعن فكر يسراوي .

و نحن لا نستغرب منهم هكذا تأويلات مغرضة و تزوير للحقائق و نفهم أنّهم يدافعون عن مصالحهم و مصالح البرجوازية و نظرتها للعالم و موقفها و منهجها بيد أنّه من واجبنا أن نبيّن ذلك لمن يعنيه الأمر و نجلي حقيقة الماوية الثوريّة كي تمسك بها الطبقات والشرائح التى لها مصلحة فى تغيير العالم ثوريّا ، هذا العالم الذى يصخر داعيا للثورة و الذى يوفّر إمكانياّت تشييد عالم آخر ، عالم شيوعي .

و نودّ أن يعلم الجميع أن عددا كبيرا من المثقّفين و الفنّانين إستجابوا طواعيّة لنداءات الحزب الشيوعي الصيني للإلتحاق بالجماهير للعيش و العمل معها و تعليمها و التعلّم من تجاربها قصد تغيير نظرتهم للعالم و تبنّى و ممارسة نظرة البروليتاريا للعالم و موقفها و منهجها وهدفهم الأسمى الشيوعية . فمن أهداف الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى معالجة تناقض ريف / مدينة و عمل يدوي / عمل فكري و كان الوضع فى الصين فى الستينات يمتاز بتجمّع و تكدّس الفنّانين و المثقّ فين فى المدن حيث يمضون حياتهم الموسومة بميسم البرجوازية عموما بعيدا عن الجماهير بينما كان سكّان الأرياف يشكون نقصا بل شحّا فى حضور المثقّفين و نشاطهم فى صفوفهم علما وأن سكّان الريف كانوا يعدّون تقريبا 80 بالمائة من سكاّن البلاد .

أشار ماو تسى تونغ إلى أنّ : " الأغلبية أو الأغلبيّة الكبيرة من الذين تعلموا فى المدرسة القديمة يستطيعون الإندماج مع العمّال و الفلاّحين و الجنود ...و لكن – و تحت قيادة الخط الصحيح – يجب أن تقع إعادة تثقيفهم من قبل الفلاّحين و العمّال و الجنود حتى يتخلّصوا تماما من إيديولوجيّتهم القديمة . إنّ العمّال و الفلاّحين و الجنود سوف يستقبلون مثل هؤلاء المثقّفين بصدر رحب ."

( جلبار ميرى ،" من الثورة الثقافية إلى المؤتمر العاشر للحزب الشيوعي الصيني" الجزء الأول ، ص 90).

و كان من المفروض ثوريّا فى هكذا وضع و بإعتبار الأهداف الشيوعيّة ، أن يخدم المثقّفون و الفنّانون و الأطباء و التقنيّون الشعب الكادح و بالخصوص العمّال و الفلاّحين فدعاهم ماو لتطبيق شعار" خدمة الشعب " أينما وجد. فلبى الكثيرون النداء . و من الأدلة على ذلك " الأطباء ذوى الأقدام الحافية " الذين سجّلهم التاريخ بحروف كبيرة و تجربتهم لن تنسى وهم أساسا من الفلاّحين و من الشباب المثقّف الذين تمّ تدريبهم ليلتحقوا بالمزارع أين يعمل الفلاّحون فى حقول الأرز ( وغيرها من الحقول طبعا ) و يقدّموا لهم الخدمات الطبّية اللازمة و هم حفاة الأقدام و من هنا تسميتهم .

و إلى جانب التطوّع و فى سياق التغييرالثوري للمجتمع ، رتّبت إجراءات و وضعت قوانين جديدة تقضى مثلا بأن يمضي الطلبة المتخرّجون على الأقلّ سنتين فى مصانع العمّال أو فى القرى الريفيّة قبل إلتحاقهم بمهنهم . و كانت مدارس7 من ماي تستقبل كوادر الحزب و الدولة ليشاركوا فى عمليّة الإنتاج من فترة إلى أخرى و يدرسوا علم الثورة البروليتارية العالمية .

بالطبع فى هذا إكراه للبعض لأنّه ثمّة من المثقذفين من لم يكونوا على إستعداد للتخلذى عن إمتيازاتهم و الإلتحاق بالفلاّحين .فإعتبر بعضهم أن تلك التجارب التى كانت شديدة عليهم حطّمت حياتهم و مستقبلهم – طبعا البرجوازيين . غير أن تلك الإجراءات و القوانين كانت جزءا من ممارسة دكتاتورية البروليتاريا و التثوير اللازم للمجتمع لتعزيز الطريق الإشتراكي و التقدّم نحو الشيوعية . و من الأكيد أن هذه السياسة الماوية لم تكن لا " إنتقاما " و لا " عقابا " فهي سياسة شيوعيّة إنتهجت للأسباب التى شرحنا و عمل الشيوعيّون الماويذون على تطبيقها على الجميع بمن فيهم أبناءهم و بناتهم .

إلاّ أن هذه السياسة الماويّة كأحد توجّهات الخطّ الإشتراكي الماوي فى نضاله ضد الخطّ الرأسمالي التحريفي لاقت من البرجوازية الجديدة داخل الحزب و الدولة معارضة عنيدة حيث تلاعب هؤلاء بالقانون مجنّبين أفراد عائلاتهم و أقاربهم تكبّد تلك التجارب المفيدة للغاية بروليتاريا بتكرارها فى المساهمة فى معالجة الإختلافات بين الريف و المدينة و العمل اليدوي و العمل الفكري فضلا عن كونها ترسم و تكرّس خطّ تطوّر متوازن بين الجهات و المناطق .

و دنك سياو بينغ ، رمز التحريفية الصينية - البرجوازية الجيددة التى أعادت تركيز الرأسمالية فى الصين بعد إنقلاب 1976 ، لم يغفر للشيوعيين الماويين تجرأهم على تثوير تقسيم العمل و معالجة التناقضات التى ذكرنا و فى فصل لآحق سنلفيه يسرع للتخلّص من تلك السياسة التى على ما يبدو تسببّت له و لبقيّة البرجوازيّين فى كوابيس لن ينسوها مدى حياتهم . و تهجّم لين بياو على السياسات الشيوعيّة الماويّة معتبرا إرسال المثقّفين إلى الريف بمثابة "حكم بالأشغال الشاقة " من جهة و مضيعة للوقت من جهة ثانية . و ينسج التحريفيّون السوفيات على منوال دنك سياو بينغ و لين بياو . و يغرف الخوجيّون أفكارهم المعادية للماوية من معين سابقيهم من التحريفيين .

قال لينين " سيكون من الضروري ، فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا ، إعادة تثقيف الملايين من الفلاّحين ، وصغار أرباب العمل ، و مئات الألوف من المستخدمين و الموظّفين و المثقّفين البورجوازيّين و جعلهم جميعا تابعين للدولة البروليتاريّة و القيادة البروليتاريّة ، و التغلّب على عاداتهم و تقاليدهم البورجوازية ، كما سيكون من الضروري ، "...عن طريق نضال طويل المدى ، على أساس دكتاتورية البروليتاريا ، إعادة تثقيف ... البروليتاريين أنفسهم ، الذين هم أيضا ، لا يتخلّصون من أوهامهم البورجوازية الصغيرة فورا ، بمعجزة من المعجزات تحدّثها إشارة من مريم العذراء ، أو بفعل شعار أو قرار أو مرسوم بل يتخلّصون منها فقط بنضال جماهيري طويل ، شاق ، ضد التأثيرات البورجوازية الصغيرة على الجماهير "

( ذكره ستالين الصفحة 52-53 من " أسس اللينينية و حول مسائل اللينينية " ، دار الينابيع دمشق ،1992).

و من يتفحّص جيّدا هذه الفقرة يستشّف بلا عناء أنّ ماو تسى تونغ و الشيوعيّين الماويّين معترفين بأنّ طريق الإنتقال من الرأسماليّة إلى الشيوعيّة " طريق نضال طويل المدى " إجتهدوا ل" إعادة تثقيف الملايين من الفلاحين ...و الموظفين و المثقفين البرجوازيين " و ما أصدروه من قوانين و طبّقوه يدخل فى باب " جعلهم جميعا تابعين للدولة البروليتارية و القيادة البروليتارية ، و التغلّب على عاداتهم و تقاليدهم البرجوازية " و فى أتون الثورة الثقافيّة البروليتاريّة الكبرى عبّأوا الجماهير و إستنهضوها و فسحوا لها مجال ممارستها للنقد و للتحكّم فى المجتمع فعليّا و فى ذلك " إعادة تثقيف للبروليتاريين أنفسهم " من خلال تجاربهم و " نضال جماهيري طويل " .

و عندئذ جسّد الشيوعيّون الماويّون بواسطة الثورة الثقافيّة البروليتاريّة الكبرى التوجّه اللينيني و طوّروه مجيبين عن سؤال كيف تجرى بالملموس عمليّة إعادة التثقيف و كيف يتمّ النضال الجماهيري الطويل .

3 ) دكتاتورية البروليتاريا / ديمقراطية البروليتاريا :

نحن ماركسيون ، و قد علّمتنا الماركسية أن ننظر إلى الأمور منطلقين من الحقائق الموضوعية القائمة لا من التعاريف المجردة ، و أن نتوصّل إلى مبادئ مرشدة و سياسات و إجراءات عن طريق تحليل تلك الحقائق .

( " مقتطفات من أقوال الرئيس ماو تسى تونغ " ، صفحة 222 -223)
---------------------------------------------------------------

لا ريب ، بعد دراستنا لحقائق سابقة ، أنّ الطبقة العاملة الصينيّة بقيادة حزبها الشيوعي الصيني الماوي مارست دكتاتورية البروليتاريا الشاملة على الأصعدة كافة على أعدائها و على أعداء الشعب عموما فشنّت حملات نقد ضدّهم و صارعتهم و صرعتهم بمعنى صادرت ملكيّتهم و ضيّقت على إمتيازاتهم و أطاحت بتحريفيّين أتباع الطريق الرأسمالي فى الحزب و الدولة و إسترجعت أجزاءا من السلطة التى إستولى عليها ممثّلو البرجوازية الجديدة .

هذا وجه من وجهي دكتاتورية البروليتاريا أمّا الوجه الآخر ( المظهر / الطرف الآخر لوحدة الضدّين / قانون التناقض الشامل لكافة الأشياء و الظواهر و السيرورات ) فهو تكريس الديمقراطية البروليتارية فى صفوف الشعب . و ماركسيّا ، فى المجتمعات الطبقيّة و الإشتراكيّة مجتمع طبقي ، كلّ دكتاتورية هي ديمقراطية و كلّ ديمقراطية هي دكتاتوريّة فالديمقراطيّة البرجوازية مثلا هي هي الدكتاتوريّة البرجوازية أي ديمقراطية بالنسبة للبرجوازية و دكتاتورية على البروليتاريا و الشعب عموما.

و كما مرّ بنا ، تاريخيا ، كان الخط الجماهيري الماوي وراء أعظم ثورة جماهيريّة و وعيا طبقيّا و إمتدادا زمنيّا صنعها الشعب فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا .

و منذ بداية الثورة الثقافيّة البروليتاريّة الكبرى ، تنظيرا و ممارسة ، تجلّت الديمقراطيّة البروليتاريّة فى أروع مظاهرها التى نذكر منها بصورة مقتضبة للغاية :

1/ توجيهات الحزب الشيوعي الصيني وردت فى ميثاق الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى، وثيقة ال16 نقطة :
- " تتوقف نتيجة هذه الثورة الثقافية الكبرى على ما إذا كانت قيادة الحزب تقدم على تعبئة الجماهير دون تحفظ أم لا " .

- " أعطوا الأولوية للإندفاع و عبئوا الجماهير دون تحفظ ".

- " إنّ ما تطلبه لجنة الحزب المركزية من اللجان الحزبية فى كلّ المستويات هو أن تثابر على إسداء القيادة الصحيحة و على إعطاء الأولوية للإقدام و تعبئة الحماهير بجرأة."

2/ تحوّل الجماهير الصينيّة إلى ملايين الناقدين للأوضاع القائمة و للقادة و للأدب و الفنّ و البرامج التعليمية و العلاقات و الأفكار الإجتماعيّة و قد وفّرت لهم القيادة الماويّة الورق و الحبر مجانا للتعبير عن آرائهم دون تحفّظ على جدران الشوارع و المصانع و الجامعات و المطاعم وما إلى ذلك و أثناء التجمّعات التى لا تحصى ( 10 آلاف نوع من الجرائد الحائطية و غيرها و الكراريس و فى بيكين لوحدها 900 جريدة ).

3/ أشكال نضال و تنظيم جديدة أبدعتها الجماهير فى مجرى الصراع الطبقي :
" الجماعات و اللجان و المؤتمرات الثورية الثقافية :
بدأت أشياء جديدة كثيرة تظهر فى الثورة الثقافي البروليتارية الكبرى . فالجماعات و اللجان و الأشكال التنظيمية الأخرى للثورة الثقافية التى خلقتها الجماهير فى كثير من المدارس و الهيئات ، هي شيء جديد و ذو أهمية تاريخية كبرى .

هذه الجماعات و اللجان و المؤتمرات الثورية الثقافية هي أشكال تنظيمية جديدة ممتازة تربى الجماهير نفسها فيها بقيادة الحزب الشيوعي. إنها جسر ممتاز لإبقاء حزبنا على صلة وثيقة بالجماهير. إنها أجهزة سلطة للثورة الثقافية البروليتارية . " (نفس المصدر السابق ).

4/ تجسيد الجماهير الشعبية بالملموس أحد أهمّ المبادئ المستخلصة من كمونة باريس ألا وهو إنتخاب المسؤولين مباشرة من الجماهير مع إمكانية حقيقية لنقدهم و عزلهم كلّما لمست الجماهير أنّ هؤلا ء المسؤولين يحيدون عن خدمتها و خطت خطوات جبارة فى طريق تاريخي لترسيخ وسيلة من وسائل مكافحة التحريفية جماهيريا للمضي قدما فى حلّ التناقض قادة مقودين و بالتالي التقدّم أكثر صوب الشيوعية .

بكلّ وعي ثوريّ قاد الشيوعيّون الماويّون الجماهير فى هذا الدرب الثوري و منذ ميثاق الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى أناروا السبيل للجماهيرو شجعواعلى ممارسة الديمقراطية البروليتارية :

" ينبغى تأسيس نظام إنتخابات عامة ، شبيه بنظام الإنتخاب فى عامية باريس، لإنتخاب أعضاء الجماعات و اللجان الثوريّة الثقافيّة و المندوبين إلى مؤتمرات الثورة الثقافيّة . أمّا قوائم المرشّحين ، فيجب أن تضعها الجماهير الثوريّة بعد إجراء نقاشات مستفيضة ، و ينبغى أن تتمّ الإنتخابات بعد أن تكون الجماهير قد ناقشت القوائم مرارا و تكرارا .

و للجماهير أن تنتقد فى كلّ وقت أعضاء الجماعات : اللجان الثورية الثقافية و المندوبين المنتخبين للمؤتمرات الثورية الثقافية . و إذا ثبتت عدم كفاءة هؤلاء الأعضاء أو المندوبين ، فيمكن إستبدالهم عن طريق الإنتخاب ، أو إقالتهم من قبل الجماهير بعد المناقشة . "

5/ إبداء الجماهير رأيها فى المترشّحين لتمثيل الحزب و الجيش و الجماهير ذاتها فى التحالف الثلاثي و إنتخابها لمن تراهم الأكثر قدرة و تفان فى خدمة كلّ من مصالحها الآنية وقضيّة الشيوعيّة العالميّة إستراتيجيا مع إمكانية سحب الثقة منهم و عزلهم إن تكشف أنّهم يتّبعون الطريق الرأسمالي .

6/ إحترام رأي الأقلّية حيث طبّق ما ورد فى وثيقة ال16 نقطة : الطريقة التى ينبغى إتّباعها فى المناظرات هي عرض الوقائع و محاكمة الأمور بالمنطق و الإقناع من خلال المحاكمة العقليّة . و لا يجوز إستعمال الإكراه لإخضاع أقلّية تحمل آراء مخالفة . يجب حماية الأقلّية لأن الحقيقة تكون أحيانا إلى جانبها . و حتّى لو كانت الأقلية على خطئ فينبغى أن يتاح لها الإحتجاج لقضيّتها و الإحتفاظ بآرائها ."

7/ جعل الماويين حق الإضراب حقاّ دستوريا أكّد عليه ماو فى دستور 1976 و ألغاه لاحقا التحريفيّون لمّا إستولوا على السلطة .

-----------------------------------------------

و نربط المسألة بالواقع العربي فى أيامنا هذه ، فنبادر إلى قول إنّ مقالات ممّن يسمون أنفسهم يساريّون تطرّقت للشرعيّة الإشتراكية فاكّد أصحابها على أنّ السبب الرئيسي فى فشل التجارب الإشتراكيّة السابقة يعزى إلى عدم إحترام الشرعيّة الإشتراكيّة مفهومة حسب وجهة نظرهم على أنّها إنتخاب الجماهير للمسؤولين و سحب الثقة منهم كلّما لم يلتزموا بالبرنامج الذى إنتخبوا على قاعدته ...

بادئ ذى بدء و بمناسبة حديث البعض البرجوازي الليبرالي عن الحرية و " الإنتخابات الحرّة النزيهة " فى جملة توحي بأن لينين إستعمل هذه المفردات ، ندعكم تعلّقون لوحدكم إنطلاقا من فقرة للينين موثقة بالصفحة 89 من كتاب " ماركس ، إنجلز ، لينين :حول المجتمع الشيوعي "( و ص 95 من لينين :" الدولة و الثورة ") :

" و قد أفصح إنجلز عن ذلك بجلاء فى رسالته إلى بيبل إذ قال كما يذكر القارئ : " إن البروليتاريا بحاجة إلى الدولة لا من أجل الحرّية ، بل من أجل قمع خصومها ، و عندما يصبح بالإمكان الحديث عن الحرّية ، عندئذ تزول الدولة .

ديمقراطية من أجل الأكثرية الكبرى من الشعب و قمع بالقوة ، أي إستثناء من الديمقراطية للمستثمرين ، لظالمي الشعب ، - هذا هو التغيير الذى يطرأ على الديمقراطية أثناء الإنتقال من الرأسمالية إلى الشيوعية .

فى المجتمع الشيوعي فقط ، عندما تحطّم مقاومة الرأسماليّين بصورة نهائية ، عندما يتلاشى الرأسماليّون، عندما تنعدم الطبقات (أ ي عندما ينعدم التباين بين أعضاء المجتمع من حيث علاقتهم بوسائل الإنتاج الإجتماعية ) ، عندئذ فقط " تزول الدولة و يصبح بالإمكان الحديث عن الحرية " . عندئذ فقط تصبح فى الإمكان و تتحقّق الديمقراطية الكاملة حقّا ، الديمقراطية الخالية حقّا من كل قيد . و عندئذ فقط تأخذ الديمقراطية بالإضمحلال بحكم ظرف بسيط هو واقع أن الناس عندما يتخلّصون من العبوديّة الرأسماليّة و ممّا لا يحصى من أهوال الإستثمار الرأسمالي و فظاعاته ، و حماقاته و سفالاته يعتادون شيئا فشيئا مراعاة القواعد الأولية للحياة فى المجتمع ، القواعد المعروفة منذ قرون و التى كرّرت ألوف السنين فى جميع الكتب ، يعتادون مراعاتها دون عنف ، دونما قسر ، دونما خضوع ، بدون هذا الجهاز المعد خصيصا للقسر و المسمى بالدولة ".

---------------------------------------

إنّ هؤلاء ممّن يدّعون تبنّى الشيوعيّة يغضّون النظر عن ، لا بل يتجاهلون حقائق و وقائع تاريخيّة من الصراع الطبقي و مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا فى الصين الماوية .

فمنذ الستّينات ، سجّل جان دوبيه مثلما رأينا سالفا فى وثيقة ال16 نقطة و أحداث الصراع الطبقي أن الحزب الشيوعي الصيني وجّه الجماهير نحو إنتخاب المسؤولين الحزبيّين و غير الحزبيين و قاد تلك العملية كجزء من ممارسة الديمقراطية البروليتارية و توسيعها . و يطلّ علينا هؤلاء مدّعى الشيوعية برأسهم فى القرن الواحد و العشرين ليتفوهوا فى خيلاء ، مروّجين المفاهيم الديمقراطية البرجوازية تحت قناع الماركسية ، برأي ينكر بلا خجل و فى مثالية ذاتية فجّة التاريخ بوقائعه الدامغة و كأن شيئا لم يكن فى الصين الماويّة فيعوّلون شأنهم شأن الخوجيّين بألوانهم على الجهل و يروّجون له و لسان حالهم ينطق كالخوجيّين بأن الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى لم تكن ثورة و لم تكن كبرى و لم تكن بالأساس بروليتارية .

فيا لها من قراءة علميّة لتراث الحركة الشيوعية العالمية ، هذه القراءة المثالية الذاتية المنكرة للواقع الموضوعي والتى تعود بنا إلى الوراء نحو كمونة باريس و إحدى دروسها لتنفي بواسطتها ما تمّ تطويره و بلوغه على أساسها ! فعوض إستخلاص الدروس من الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى كما فعل ماركس من كمونة باريس و لينين من ثورة 1905 و ثورة أكتوبر العظيمة ناظرين للمستقبل ينكر هؤلاء الوقائع الماديّة التاريخية و يلوون عنق الثوريّين إلى الوراء ويعزلون درسا واحدا من دروس جمّة من الكمونة و ينفخوا فيه نفخا ليضلّل المناضلين و الجماهير فاسحين المجال لنشر الأفكار و المفاهيم الديمقراطية البرجوازية .

من أين تأتى الأفكار الصحيحة ؟ تساءل ماوتسى تونغ فى أحد مقالاته الفلسفية الخمس الشهيرة و أجاب من الممارسة العملية أي من الصراع الطبقي و الصراع من أجل الإنتاج و التجارب العلمية . و هؤلاء يديرون ظهرهم للمادية الجدلية و للمادية التاريخية ولحقائق الممارسة العملية لطبقتنا البروليتارية العالمية و يتصرّفون كمثاليين لا غير .

" إن المثاليّة هي الشيء الوحيد فى العالم الذى لا يكلّف الإنسان أي جهد ، لأنها تتيح له أن يتشدّق كما يشاء دون أن يستند إلى الواقع الموضوعي و دون أن يعرض أقواله لإختبارات الواقع . أما المادية و الديالكتيك فهي تكلف الإنسان جهدا ، إذ أنها تحتم عليه أن يستند إلى الواقع الموضوعي و أن يختبر أمامه ، فإذا لم يبذل جهدا إنزلق إلى طريق المثالية و الميتافيزيقا .

( " مقتطفات من أقوال الرئيس ماو تسي تونغ " ، مايو – إيار 1955 ، ص 224 ).
---------------------------------------------------------------------------------------------------

و هنا نذكّر ببضعة أمثلة إضافيّة لا غيرلأنّ المجال ضيّق لمن يريد أن يلمس على الأقلّ شطرا من أفضليّة الديمقراطية البروليتارية نسبة للديمقراطية البرجوازية وأن يدرك مدي تقدّم تجربة الصين الماويّة و الثورة الثقافيّة البروليتاريّة الكبرى نسبة لتجارب دكتاتورية البروليتاريا السابقة على هذه الثورة غير المسبوقة و لمن يهتمّ بالبحث عن الحقيقة سبيلا لفهم الواقع من أجل تغييره شيوعيا .

زارت ماريا أنتنيتا ماتشيوشى وهي أستاذة جامعية ( نائبة شيوعية عن نابلى بإيطاليا حين تمّت دعوتها من طرف الحزب الشيوعي الصيني بصفة شخصيّة ) الصين فى مناسبتين إثنتين : فى 1970 و فى 1972 و توفّرت لها كامل الحرّية فى التنقّل و فى لقاء المسؤولين و غيرهم و فى الإتّصال بالعمّال و الفلاّحين و المثقّفين و ما إلى ذلك دون أيّ قيد فتمكّنت من إجراء تحقيقات ميدانية عن الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى فى صفوف القواعد الشعبية بالشوارع و بالأحياء و بالمصانع و المزارع إلخ و عرضت تجربتها المتميّزة فى كتاب يحمل من العناوين "عن الصين " صدر سنة 1974 عن منشورات سوى بالفرنسية و فى هذا الكتاب أمثلة تخص ّالديمقراطية البروليتارية رأينا من المفيد الإطلاع عليها :

1- " ...تتم الموافقة على عناصر اللجنة الثورية [ " الثلاثة فى واحد " المتكوّنة من ثلاث النواب عن الجماهير و ثلث آخر من النواب عن الحزب و ثلث عن الجيش أو المليشيا " ] بالطريقة الأكثر ديمقراطية ممكنة ، إنّهم نتيجة " التعبير الحر للإنتخاب " مثلما كنّا نقول عن كمونة باريس .

- ماذا تريدون القول ؟
- إنّنى أحيلك على قرار أوت 1966 الصادر عن اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني حيث يؤكد أنّه : " ينبغى تأسيس نظام إنتخابات عامة ، شبيه بنظام الإنتخاب فى عامية باريس ".

أتساءل إن كان الفضل التاريخي للكمونة الذى أبرزه إنجلز سيصبح حقا ممارسا فى هذا الجزء من العالم : فالجماهير تمارس الواجبات و الحقوق الثورية فى إنتخاب أعضاء الجماعات و القيادات و فى إعادة نقاش الترشّحات و فى نقد المنتخبين و فى سحب الثقة منهم .

و أتساءل أيضا إذا ما كانت تنظيمات الحزب تنتخب من قبل كافة العماّل ، حتى و إن لم يكونوا منخرطين فيه
- يخضع إنتخاب تنظيمات الحزب إلى الجماهير . و غير المنخرطين هم أيضا بإمكانهم التعبير عن حكمهم . إنتخاب الشيوعيّين ليس مسألة خاصة ، سرّية تدور وراء جدران المصنع . بالعكس ، ما نسعى للقيام به هو أن نجعل الحزب يحيا فى صفوف الجماهير ، حتى فى مرحلة الإنتخابات .

- و لكن قبل الثورة الثقافية كيف كانت تتمّ الإنتخابات الداخلية ؟
- كانت تتمّ تسمية جميع القادة النقابيّين و كذلك قادة الحزب فى المصنع من فوق . حتىّ و إن كان المترشّحون أناس جيّدين ، لم يكن فى وسع الجماهير سوى القبول بتلك الأسماء التى جرى إخيارها فى إجتماعات فى القمّة ، فى المكاتب القياديّة للمؤسسة أو الحزب . فضلا عن ذلك ، فى السابق ، لم يكن القادة ملزمين بالقيام بالعمل اليدوي و كان من الممكن أن ينفصلوا عن نشاطات الجماهير. و حاليا يحصل العكس. كلّ عضو من اللجنة الثوريّة يعمل أيضا فى المصنع ، على الأقلّ ثلاثة أيّام أسبوعيّا و يمكن للجماهير أن تسحب الثقة منهم كلّهم..." (ص 133-134) .

هذه مقتطفات من حوار أجرته الكاتبة الإيطالية مع عاملة بمصنع و لعلّكم لمستم معنا جديد الثورة الثقافية الشيوعي الثوري بصدد الإنتخابات البروليتارية للجان الثورية و لأعضاء الحزب و لعلّكم لمستم أيضا وجها آخر من هذه الديمقراطية ألا وهو عمل القيادات و الكوادر الحزبية عملا يدويا بهدف معالجة جانب من التناقض قيادة / قواعد و التناقض عمل يدوي عمل فكري و التقدّم على الطريق المؤدّية إلى الشيوعيّة .

2- عقدت الكاتبة الإيطالية مائدة مستديرة مع لجنة الحزب فى المصنع رقم 17 بشنغاي و من الحوار الذى دار نقتطف لكم التالي فى علاقة بالمسألة الديمقراطية و الجماهير و الحزب :

" - هل وقع الصراع فى صفوف الحزب فقط ؟

- لا . عرضت التناقضات فى صفوف الحزب ، الناجمة عن صراع الخطين ،على الجماهير فى علاقة بالنضال الملموس ممّا سمح للجماهير بأن تحدد عمليّا السياسة الملموسة و ليس بطريقة مجرّدة . حركة التصحيح التى أجريناها تمّت مفتوحة الأبواب فتمكّن الجميع من المساهمة فيها . لقد أصدر الرئيس ماو هذا التوجيه : " على كلّ خليّة أن تنجز حركة تصحيح فى صلب الجماهير ، يجب أن تساهم الجماهير و ليس فقط بعض أعضاء الحزب فى هذه الحركة . و الجماهير التى لا تنتمى إلى الحزب ستشارك فى الإجتماعات و تقدّم آراءها. " و هكذا بدأت أمام الجميع حركة ستقود إلى نبذ كلّ ما إعتلّ فى جسم الحزب و إلى إستيعاب الجديد حتى يدور دم جديد فى عروق الحزب ." (ص337-338).

3- ضمن تطرّقها لتلخيص ما شاهدته بشأن المركزيّة الديمقراطيّة و صراع الخطّين فى صفوف الحزب ، أفادت الكاتبة الإيطالية بما يلى " تتلخّص قرارات المؤتمر التاسع للحزب الشيوعي الصيني فى البند الخامس من نظامه الداخلي ففيه نجد نوعا من التقنين لحقّ الخلاف فى الرأي وهو أمر جديد مطلق الجدّة فى نظام داخلي لحزب شيوعي . يقول البند الخامس :

" لأعضاء الحزب حقّ ممارسة النقد و تقديم إقتراحات إلى تنظيمات الحزب و إلى القادة على كلّ المستويات . إذا كان لعضو من الحزب آراء مخالفة لقرارات أو توجيهات تنظيمات الحزب ، فمن حقّه أن يحتفظ بتحفّظاته و من حقّه أن يخاطب هيئة أعلى يعود إليها بالنظر و أن يقدّم تقريرا لتنظيمات الحزب الأعلى وصولا إلى اللجنة المركزيّة و إلى رئيس اللجنة المركزيّة . يجب أن نخلق جوّا سياسيّا حيث تسود فى آن معا المركزية و الديمقراطية ، و الإنضباط و الحرّية ، و الإرادة الجماعيّة و الإرادة الفرديّة ، يجب أن نخلق جوّا سياسيّا حيث تسود الحياة " .
--------------------------------------------------------
هذا جانب من المسألة أمّا الجانب الآخر فهو أن إعتبار عدم إحترام إنتخاب المسؤولين و سحب الثقة منهم هو السبب الرئيسي الذى يشرح حدوث الثورات المضادة فى البلدان الإشتراكية السابقة و إعادة تركيز الرأسمالية فيها يجانب الحقيقة و الممارسة التاريخية شاهدة على ذلك . فأوّلا طبّقت الصين الماوية تلك " الشرعية الإشتراكية " بيد أن التحريفية فى 1976 ، بعد وفاة ماو تسى تونغ ، و من خلال إنقلاب حبكته و أحكمت تنظيمه وصلت إلى السلطة و بالتالي وصلت البرجوازية الجديدة السلطة و شرعت فى إعادة تركيز الرأسمالية هناك وهو ما سنفّصلفيه الحديث لاحقا .

و هكذا أثبت التاريخ أن ما تقدّمه هذه المقالات كحلّ سحريّ يمكن على أساس منه مستقبلا تشييد تجارب تاريخية أرقى لدكتاتورية البروليتاريا لم يمنع الردّة التحريفيّة وقد كان ضمن سياسات بروليتاريّة أخرى للخطّ االشيوعي الماوي ، فما بالك إذا إعتمد لوحده و ليس ضمن حزمة كاملة تجسّد الطريق الإشتراكي فى صراعه ضد الطريق الرأسمالي و هما الطريقان اللذان تفرزهما موضوعيّا القاعدة الماديّة و الفكريّة للمجتمع الإشتراكي بما هو مرحلة إنتقاليّة طويلة من الرأسماليّة إلى الشيوعيّة.

فى طيّاتها تحمل الإشتراكية كمرحلة إنتقاليّة من الرأسماليّة إلى الشيوعيّة بقايا المجتمع القديم الرأسمالي و كذلك بذور المجتمع الجديد الشيوعيّ و شكل السلطة خلالها هو دكتاتورية البروليتاريا وهي دولة الحقّ البرجوازي بعبارات ماركس وهي دولة برجوازية دون برجوازية بعبارات لينين فى " الدولة و الثورة " . وعلى إمتداد هذه المرحلة التى بيّنت التجربة أنّها مرحلة مديدة زمنيّا ، يقع على عاتق البروليتاريا بقيادة حزبها الشيوعي أن تتحالف مع بقيّة طبقات و شرائح الشعب فى ممارسة دكتاتوريّتها الشاملة على البرجوازية القديمة منها و الجديدة و بإستمرار و مرارا و تكرارا إلى حدّ بلوغ الشيوعيّة عالميّا ،عليها أن تثوّر موقع الناس من الإنتاج و التوزيع ( إضافة إلى الملكية الإشتراكية كمكّونات ثلاثة لعلاقات الإنتاج ) و العلاقات الإجتماعية و الأفكار و العادات و التقاليد و أن تحاصر الحق البرجوازي و تقسيم العمل و تعيد تثقيف البرجوازية و خاصة البرجوازية الصغيرة و أن تعالج معالجة بروليتارية شيوعية التناقضات بين العمل اليدوي و العمل الفكري و بين الريف و المدينة و بين العمال و الفلاحين.

بإختصار ، المحدّد فى مثابرة المجتمع الإشتراكي على الطريق الثوريّ بإتّجاه الشيوعيّة أو التراجع و إعادة تركيز الرأسمالية ليس أن تجري إنتخابات المسؤولين مع إمكانيّة سحبهم فى أيّ وقت يعنّ ذلك للشعب على قاعدة خدمة الشعب أو خدمة البرجوازية الجديدة و القديمة ، كدرس من شتّى الدروس التى إستخلصها ماركس من كمونة باريس ( و عدّدها لينين فى " الدولة و الثورة " و فى " حول كمونة باريس " ) و إنّما هو الخط الإيديولوجي و السياسي فإنّ كان الخط السائد داخل الحزب و الدولة خطا شيوعيا ماويا يستهدف و يعمل من أجل التقدم قدر الإمكان واقعيا و موضوعيا صوب الشيوعيّة بتحديد الحق البرجوازي و تقسيم العمل و معالجة التناقضات التى أشرنا إليها أعلاه و كذلك تناقض قادة مقودين فى صفوف الحزب و الدولة و يطيح بلا هوادة من الأسفل و جماهيريا بالتحريفيين البرجوازيين الجدد فسيظلّ المجتمع إشتراكيّا على السكّة المؤدية للشيوعية . و بالعكس إذا كسب التحريفيّون صراع الخطّين و أمسوا سائدين فى الحزب و الدولة إنتصر الطريق الرأسمالي و وصلت البرجوازية السلطة و باشرت إعادة تركيز الرأسماليّة .

عندئذ القضية الحيويّة هي قضيّة صراع طبقيّ ، قضيّة تكريس الطبقة العاملة لدكتاتوريّتها الشاملة على البرجوازيّة مواصلة الثورة فى ظلّ هذه الدكتاتوريّة على البرجوازيّة و الديمقراطيّة فى صفوف الشعب . بكلمات
ماوتسى تونغ : صحّة أو عدم صحّة الخطّ الإيديولوجيّ والسياسيّ هي المحدّدة فى كلّ شيء .

على الثوريّين الشرفاء حقّا و الذين يتبنّون الشيوعيّة مثلهم الأسمى و يعملون طاقتهم فى سبيلها أن يستوعبوا قبل غرقهم كلّيا و تماما فى خندق الإصلاحيّة و يصبحوا معادين للثورة البروليتاريّة أنّه بدون نظرية ثورية لا حركة ثورية و عليه بدون علم الثورة البروليتارية العالمية ، علم الشيوعيّة لا ثورة ديمقراطية جديدة و لا ثورة إشتراكية و لا عالم تسوده الشيوعية .


4) البرجوازية الجديدة فى ظل الإشتراكية : التحريفية هي التعبير المركّز داخل الحزب عن مصالح البرجوازية الجديدة ( بالأساس ) و القديمة :

هام هنا أن نستوعب أن طبيعة الصراع الطبقي بين البروليتاريا من جهة و البرجوازيّة من جهة أخرى تختلف فى ظلّ الرأسماليّة عنها فى ظلّ دكتاتوريّة البروليتاريا وهو شيء لا يريد أن يعترف به الخوجيّون و سابقيهم من التحريفيّين السوفيات والتحريفيّين الصينين . فعديد أرهاط التحريفيّين يؤكدون عدم وجوده أو وجوده بشكل غريب حيث بالنسبة لهم فى المرحلة الاشتراكية لا وجود لطبقة برجوازيّة و عندئذ تصارع البروليتاريا ضد طبقة لا وجود لها و تمارس دكتاتوريّتها على طبقة لا وجود لها !

مع إفتكاك البروليتاريا للسلطة السياسيّة و الاقتصاديّة و الثقافيّة ... و هزيمة البرجوازيّة تفقد هذه الأخيرة ميزاتها السابقة فلا تبقى البرجوازية مالكة لوسائل الانتاج و لكن هذا لا يعنى أنّها إندثرت تماما و إمّحت من على وجه التاريخ فالعمّال أيضا لم يعودوا عمّالا بمعنى لم يعودوا أولئك الذين لا يملكون سوى قوّة عملهم اذ يمسون هم مالكى وسائل الانتاج عبر الدولة التى تمارس دكتاتوريّتهم و تعمل للتقدّم نحو الشيوعيّة ومع ذلك لم يتجّرأ أحد وقال إنّهم إضمحلّوا مثلما قالوا إنّ البرجوازية لم تعد موجودة طوال المرحلة الانتقاليّة من الرأسماليذة الى الشيوعية : المرحلة الاشتراكيّة و قالوا توجد فقط طبقة العمّال و طبقة الفلاّحين و المثقّفين الثوريّين . هذا رأي الخوجيين جميعا وهو نفس رأي التحريفيين المعاصرين .

فى الواقع تبقى الطبقتان موجودتان و لكن بأشكال مختلفة عنها فى ظلّ الرأسماليّة و يستمرّ الصراع الطبقي و يحتدم حتّى و حسب التجارب التاريخيّة يكون محور الصراع الحزب الشيوعي الماسك بالسلطة ففى حين تسعى عناصر منه للعودة الى الراسماليّة يعمل الشيوعيوّن الحقيقيّون للمضيّ قدما فى التغييرات الثوريّة و التقدّم بالثورة محليّا و عالميّا صوب الشيوعية . فالاشتراكية كمرحلة انتقالية من الرأسماليّة الى الشيوعيّة كما حدّدها ماركس فى " نقد برنامج غوتا " هي مجتمع طبقي يحمل كلّ الآثار الطبقيّة للرأسماليّة و فى المقابل يحمل بذور الشيوعيّة و فى ظلّ الاشتراكيّة تبقى التناقضات التى ولّدت الطبقية قائمة : تقسيم العمل والتناقضات ريف / مدينة، عمل يدوي /عمل فكرى ، عمال / فلاحين و يبقي توزيع الثروات متفاوتا " كلّ حسب عمله " و هذا التفاوت سماه ماركس - و لاحظوا دلالة التسمية – " الحقّ البرجوازي " . و بوجود الحقّ البرجوازي يوجد انتاج يومي للبرجوازية فى دولة برجوازية دون برجوازية فى السلطة ( لينين ، " الدولة و الثورة " ).

و هو يلخّص تجارب الصراع الطبقي و الصراع بين الخطيّن داخل الحزب فى ظلّ دكتاتوريّة البروليتاريا صرّح ماو سنة 1976 " إنّكم تقومون بالثورة الاشتراكيّة و بعد لا تعرفون أين توجد البرجوازية . إنّها بالضبط داخل الحزب الشيوعي – أولئك فى السلطة السائرين فى الطريق الرأسمالي ".

هذا جزء من حقائق الصراع الطبقي فى ظلّ الاشتراكية كما لخّصه ماو، هذه استنتاجات حركة التاريخ و الصراعات الطبقيّة التى خاضتها الطبقة العاملة العالميّة عبر أحزابها الشيوعيّة فلينكرها من أراد و لكن دون هذه الحقائق وغيرها التى رأينا و سنرى يستحيل على من يريد التقدّم بالحركة الشيوعية أن يخطو و لو خطوة فى تفسير علميّ ماديّ جدليّ ومادي تاريخيّ لما حدث من تحوّل الحزب الشيوعي السوفياتى الى حزب تحريفي برجوازي و لمّا حدث من انقلاب فى الصين على الخطّ الثوريّ الماويّ . و هذا التفسير ضروريّ منتهى الضرورة من أجل تغيير الواقع حاليّا و مستقبليّا بمعنى الردّ على الهجمة الإيديولوجيّة البرجوازية و الرجعيّة عموما على الشيوعية و لإستخلاص الدروس لإعادة البريق و الجاذبية للشيوعية ولمواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا على نحو أرقى مستقبلا.

و نجمل التناقضات التى افرزت هذه البرجوازية الجديدة فى رحم المجتمع الاشتراكي و تحديدا فى رحم الحزب الشيوعي الصيني :

1- موقع المختصّين فى الإنتاج مقابل غير المختصين.

2- الدور الخاص الذى يضطلع به فى الادارة و القيادة مقابل العمل اليدوى المنتج ( تناقض عمل يدويّ عمل /عمل فكرى).
3- الاختلافات فى الأجور و الدّخل عامّة بما فى ذلك الخدمات الاجتماعية ( الحقّ البرجوازي ).

4- التناقض بين المدينة و الريف و العمّال و الفلاّحين .

5- قانون القيمة و الانتاج السلعي و التعامل بالنقد ( تقييد نحو القضاء عليهم أم العمل على أساسهم و توسيع تأثيرهم المولد كل ساعة ، كلّ يوم للرأسمالية ).

6- الأفكار و التقاليد و المنظور البرجوازيين المتغلغلين تاريخيّا و قطع البروليتاريا معها و بناء إنسان شيوعي الثقافة.

7- الطابع المتناقض للحزب الشيوعي فمن ناحية من الضروري توطيده كحزب بروليتاري قائد لدكتاتورية البروليتاريا و من ناحية ثانية من الضروري العمل على رفع وعي الجماهير لتمسك بناصية مصيرها و فى النهاية تقليص دوره الى حدّ اضمحلاله مع بلوغ الشيوعية ( و علاقة هذه النقطة بالنقطة 2 لا تحتاج الى بيان ).

وهكذا تمثّل البرجوازية الجديدة المظاهر البرجوازية الرأسمالية فى المجتمع الاشتراكي و سياسيّا تستمدّ قوّتها و تنظيمها أساسا من مراكز السلطة فى القيادات العليا للحزب و الدولة بما فى ذلك الجيش والمنظّمات الجماهيريّة الخ.

و يأتى التحليل الطبقي الماوي للمجتمع الإشتراكي تطبيقا للماديّة الجدليّة على صراع الطبقات فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا فالتناقض / وحدة الأضداد قانون جدلي شامل و عمومي يشمل كافة الأشياء و الظواهر و السيرورات والتناقض كامن فى هذه الأشياء و الظواهر والسيروات من بدايتها إلى نهايتها (ماو " فى التناقض " ) والمجتمع
الإشتراكي بما هو سيرورة مجتمع طبقي كمرحلة إنتقالية من الرأسمالية إلى الشيوعية يتحرّك بموجب قانون التناقض / وحدة الأضداد أي الصراع الطبقي الذى يدور رئيسيا بين البروليتاريا من جهة و البرجوازية من جهة ثانية . و لا يمكن جدليّا أن توجد بروليتاريا دون أن يوجد نقيضها البرجوازية و إن تغيّر شكل وجودها وموقعها و العكس بالعكس و وجودهما و كذلك صراعهما يمتدّ إلى بلوغ الشيوعيّة المجتمع الخالي من الطبقات .

إنّ الخوجيين الدغمائيين التحريفيين و أشباههم من التحريفيين لا يفقهون شيئا من الماديّة الجدليّة بل هم غارقون إلى النخاع فى الميتافيزيقا المثاليّة و بالنسبة لهم لا وجود لبرجوازية فى المجتمع الإشتراكي ففيه توجد فقط طبقات صديقة . و هنا أيضا تتقاطع أفكارهم مع أفكار و تنظيرات التحريفيّة المعاصرة لا سيما منها السوفياتيّة حيث ينتهى بهم منطقهم غير الجدليّ إلى تبنّى النظرة الخروتشوفيّة وأطروحة " دولة الشعب بأسره " التى لطالما كافح ضدّها الماويّون و فضحوا تحريفيّتها عالميّا .

و نتطرّق لأمثلة ملموسة و دقيقة لمنبع البرجوازية الجديدة فى جزئها الرئيسي فى المجتمع الإشتراكي آخذين طبعا بعين الإعتبار الحقّ البرجوازي و تقسيم العمل و تناقضات عمل يدوي/عمل فكري و عمال / فلاحين ريف / مدينة فنقول إنّ المؤسسات و الصانع و المعامل .. والإقتصاد الإشتراكي بوجه عام يحمل فى عملية تسييره تناقضا نتيجة تقسيم العمل هو تناقض قيادة / جماهير . و من ثمّة إذا كان يقود وحدة إنتاجيّة ما بالفعل و عمليّا و ميدانيّا خطّ بروليتاري شيوعي ثوري فعلاقات الإنتاج ستتجّه نحو أن تكون علاقات رفاقيّة تعاونيّة و ستتّجه نحو جعل الجماهير تتحكّم فى سيرورة العمل و فى الإنتاج و ستتّجه نحو التضييق على عدم المساواة الناجم عن الحقّ البرجوازي فى توزيع الإنتاج ( كلّ حسب عمله ) و على البون الفاصل بين موقع القادة و التقنيّين و الجماهير فى عمليّة الإنتاج . و يكرّس حالئذ الطريق الإشتراكي .

أمّا إذا كان الأمرعلى النقيض من ذلك أي إذا ساد خطّ تحريفي وحدة الإنتاج فإنّ علاقات الإنتاج ستنحو إلى خدمة المحافظة على تقسيم العمل و الحقّ البرجوازي و توسيعهما فتمسى الجماهير غير متحكّمة فى سيرورة العمل والإنتاج و مغتربة عنه و ترزح تحت الإضطهاد و الإستغلال الطبقيّين المتمخّضين عن إنتهاج الطريق الرأسمالي .

حينما لا يتمّ العمل فى سبيل تشريك القيادات و التقنيّين فى العمل المنتج إلى جانب الجماهير و لا تساهم الجماهير فى التخطيط و لا يجرى العمل على محاصرة الإختلافات فى الأجور و حين يغدو الربح هدف عمليّة الإنتاج و التخطيط ، حينها ليس بوسع من يبحث عن الحقيقة العلميّة الملموسة التى وحدها هي الثورية قول إنّ هذه العلاقات علاقات إنتاج إشتراكية إذ هي عمليّا و فعليّا رأسماليّة تماما كتلك العلاقات بين العمّال و الرأسماليّين فى المجتمع الرأسمالي سوى أنّها قبل الإنقلاب العام التحريفيّ تظلّ ضمن المجتمع ذى الطبيعة الإشتراكية و بإمكان الجماهير تغييرها ثورياّ عبر صراع ضار ضد التحريفيّة و إسترجاع جزء السلطة المستولى عليه . و من كوادر الحزب و الدولة و القائمين على تصريف المؤسسات و وحدات الإنتاج الذين يدافعون عن العلاقات الرأسمالية و يوسّعونها للإستفادة منها هم برجوازيّون ، من البرجوازية الجديدة . و أساسا خطّهم الإيديولوجي و السياسي فضلا عن موقعهم فى تقسيم العمل هو الذى يحدّد طبيعتهم البرجوازية الجديدة هذه .

و الموظّفون السامون من قادة الحزب و الدولة العاملين بالوزارات و الماليّة و التجارة و ما إلى ذلك متى لم يلتحموا بالجماهير فى العمل الإنتاجي و دافعوا عن الطريق الرأسمالي و علاقات الإنتاج الرأسمالية و إستغلّوا مواقعهم و نفوذهم للغرض نفسه يغدون هم أيضا من البرجوازية الجديدة .

و عليه نلمس أنّ التحريفيّين ممثّلى الطريق الرأسمالي و البرجوازية الجديدة واقعيّا يستولون حتّى داخل القطاع الإشتراكي على أجزاء من السلطة على البروليتاريا إعادة إفتكاكها من أيديهم . و طريقة و وسيلة إستعادة هذه الأقساط من السلطة - تثوير المجتمع ككلّ و تغيير النظرة إلى العالم تكريسا لدكتاتورية البروليتاريا على الأصعدة كافة بلا إستثناء فى البنية التحتيّة و البنية الفوقيّة أيضا - و من الأسفل و على مستوى قاعدي فضلا عن المستويات الأخرى التى طوّرها الماويّون ، هي الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى . و إن لم تتم إستعادة هذه الأجزاء بل حصل العكس و إكتسحت البرجوازية الجديدة مواقعا أخرى سيحصل بفعل التراكم الكميّ تحوّل نوعي : شيئا فشيئا سيتّسع نطاق سلطة البرجوازية الجديدة و تشرع فى توحيد قوّتها لتخوض صراعات ضارية ضد الخطّ و السلطة البروليتاريّين و إن توصّلت إلى قلبهما و وصل التحريفيون إلى السلطة و إفتكّوها عبر البلاد بأسرها تكون البرجوازية وصلت إلى السلطة و تأخذ فى إعادة تركيز الرأسمالية من موقع الهيمنة و السيطرة على الحزب و الدولة كليهما فتتغيّر طبيعة كلّ من الحزب و الدولة من بروليتاريّين إلى برجوازيّين.

و الحديث عن البرجوازيّة الجديدة فى الحزب الشيوعي لا يقصد به أنّ كافة عناصرها فى الحزب و إنّما يقصد به أن لبّ القيادة التى ستنظّم هذه الأجزاء من السلطة فى جبهة مناهضة لمواصلة الثورة صوب الشيوعية و تعمل على إعادة تركيز الرأسمالية و إعداد و تنفيذ الإستيلاء على سلطة الحزب و الدولة عبر البلاد برمّتها تكون متكوّنة من قيادات عليا فى الحزب و الدولة تعبّر عن الخطّ التحريفي الذى سيوحّد أتباع الطريق الرأسمالي مستغلّة فى ذلك مواقعها و نفوذها و إمكانيّة مغالطتها الجماهير بلبسها قناعا ماركسيّا .

و هذا بالضبط ما أراد ماو الإشارة إليه لمّا أدلى بتصريحه الشهيرالملخّص لهذه الحقيقة سنة 1976 : " إنّكم تقومون بالثورة الاشتراكية و بعد لا تعرفون أين توجد البرجوازية . إنّها بالضبط داخل الحزب الشيوعي –أولئك فى السلطة السائرين فى الطريق الرأسمالي ".

و لأنّ الشيوعيّين الماويّين يفسّرون العالم من أجل تغييره فإنّهم لم يدّخروا جهدا لفضح هذه البرجوازية الجديدة و الإطاحة بها و رفع وعي الجماهير لتتمكّن من التعرّف عليها و الإطاحة بها قاعديّا حيثما وجدت و ليس مرّة واحدة فقط بل مرارا و تكرارا ذلك أنّ هذه العناصر البرجوازية الجديدة ما تفتأ تولد طوال المرحلة الإشتراكية، تولّدها القاعدة الماديّة الإشتراكيّة ذاتها كمرحلة إنتقالية مديدة زمنيا تحمل بقايا الرأسماليّة و بذور الشيوعيّة . فقاد الشيوعيون الماويون الجماهير فى تكريس دكتاتورية البروليتاريا الشاملة ، على الأصعدة كافة ساعين للقضاء على الأرضية المادية و الفكرية التى تجعل التحريفية و البرجوازية الجديدة تنشأ بإستمرار و للقضاء شيئا فشيئا ، قدر الإمكان واقعيا ، على الإختلافات الطبقيّة كلّها و على علاقات الإنتاج التى ترتكز عليها و لتثوير جميع الأفكار الناجمة عن العلاقات الإجتماعية البرجوازية المعيقة للتقدّم صوب الشيوعية .

و فى سياق سعينا لعرض أعمق و أوضح تعبيرات للرفاق الماويين الصينيين عن ذلك عثرنا على مقالين منهما سنقتطف لكم بعض الفقرات .

" طوال كافة المرحلة التاريخية الاشتراكية ، يظلّ التناقض الرئيسي بين البروليتاريا و البرجوازية . حين يتغيّر ميزان القوى يتّسع الصراع الطبقي بينهما داخل الحزب . "

و عن سبب إعتبار المسؤولين السائرين فى الطريق الرأسمالي برجوازيين نجد :

" خطّهم التحريفي هو عصارة مصالح البرجوازية ، القديمة و كذلك الجديدة و مصالح كلّ الطبقات المستغِلّة الأخرى ، خطّهم هذا هو الذى يحدّد الطبيعة البرجوازية للمسؤولين فى الحزب السائرين فى الطريق الرأسمالي ...لئن اعتبرنا المسؤولين فى الحزب السائرين فى الطريق الرأسمالي برجوازيّين فذلك لأنّهم يمثلّون من زاوية الاقتصاد ، علاقات الانتاج الرأسمالية . طوال المرحلة الاشتراكية تسعى البروليتاريا من جهتها باستمرار الى تغييرالبنية الفوقيّة و علاقات الانتاج التى لا تتماشى مع القاعدة الاقتصاديّة و لا مع قوى الانتاج الاشتراكيّة و تسعى الى دفع الثورة الاشتراكيّة الى النهاية . بينما يجهد هؤلاء المسؤولين فى الحزب أنفسهم للابقاء على البنية الفوقيّة و على علاقات الانتاج التى تعرقل تطوّر القاعدة الاقتصاديّة و تطوّر قوى الانتاج الاشتراكيّة و يعملون كذلك على اعادة تركيز الرأسمالية... "

هذا بعض ما ورد فى مقال نشر ب" أنباء بيكين " عدد25 سنة 1976 من قبل فانغ كانغ تحت عنوان " المسؤولون السائرون فى الطريق الرأسمالي برجوازية فى صفوف الحزب " .

و فى السنة نفسها و ضمن " حملة نقد دنك و الرد على الانحراف اليميني " كُتب مقال آخر نشر بمجلة " دراسة و نقد " بشنغاي اليكم فقرات منه :

" حين تكون قيادة قسم أو وحدة تحت سيطرة المسؤولين السائرين فى الطريق الرأسمالي الذين يدفعون بقوّة الخطّ التحريفي فإنّ الانتاج الاشتراكي يصبح حركة لمضاعفة قيمة رأس المال لغاية وحيدة هي تحقيق الربح الأقصى : بصيغة أخرى نظاما رأسماليّا للعمل المأجور. إنّ نظام الملكيّة الاشتراكية المعتمد هكذا " مظهرا فقط " يغدو فعليّا نظام ملكيّة رأسماليّة تحت قيادة المسؤولين السائرين فى الطريق الرأسمالي و بالفعل فإنّ البروليتاريا و الشعب العامل سيخسرون هذا الجزء من وسائل الانتاج.

لو أخذنا بعين الاعتبار العلاقات المتبادلة بين أناس يعيشون فى ظلّ نظام اشتراكي ، نظام غير مرتكز على استغلال الانسان للانسان ، نعلم أنّ العلاقات بين الكوادر و الجماهير و بين الدرجات السفلى لصفوف الثوريّين يجب أن تكون علاقات مساواة رفاقيّة . و مع ذلك ، فإنّ الاختلافات الأساسيّة [ بين العمّال و الفلاحين ، و المدينة والريف، و العمل اليدوى و العمل الفكرى ] لا تزال موجودة بعدُ كما لا تزال موجودة الممارسة القديمة لتقسيم العمل و نظام الأجور المتدرّجة ، بالتالي الحقّ البرجوازي موجود دائما الى درجة هامّة جدّا . حتّى هذه الحقوق البرجوازية فى العلاقات المتبادلة بين الناس مثل التدرّج الصارم [ للأجور ] علاقات ينبغى القضاء عليها من الآن. و فرض المرء ارادته على الجماهير و بُعده عنها و المعاملة غير المتساوية للبعض تعيد الظهور بعد القضاء عليها .

لو اغتصب المسؤولون السائرون فى الطريق الرأسمالي ادارة بعض الأقسام فإنّهم سيسعون الى تعزيز الحقوق البرجوازيّة فى العلاقات بين الناس والى توسيعها واضعين العمّال تحت "مراقبة و تحقيق و اضطهاد " ، محوّلين العلاقات الاشتراكية بين الناس الى علاقات قرصنة رأسماليّة و فارضين الدكتاتوريّة البرجوازيّة . هذا الوضع بيّن جدّا فى الاتّحاد السوفياتي اليوم ".

و يسترسل المقال :

" ظهور المسؤولين فى الحزب السائرين فى الطريق الرأسمالي خلال المرحلة الاشتراكية ليس أمرا غريبا بالمرّة . كل شيء ينقسم الى إثنين [ ازدواج الواحد] . الحزب السياسي للبروليتاريا لا يشكّل إستثناءا بهذا الصدد. طالما وُجدت طبقات و تناقضات طبقيّة و صراع طبقيّ فإنّ مثل هذه الصراعات ستنعكس حتما فى صفوف الحزب . " إن المسؤولين السائرين فى الطريق الرأسمالي لم يكفّوا عن اتّباع هذا الطريق [ ماو] سيبقى هذا ظاهرة تاريخيّة طويلة الأمد . و الماركسيّة تختلف عن التحريفيّة بكون هذه الأخيرة تخاف من الاعتراف بوجود صراع طبقي فى المجتمع الاشتراكي و بالخصوص ظهور البرجوازية داخل الحزب . خروتشوف و بريجناف و أمثالهم حاولوا أن يخدعوا أنفسهم و يخدعوا الآخرين بسفسطات مثل "حزب الشعب بأسره " و " دولة الشعب بأسره " . و دنك سياو بينغ يخاف من سماع الحديث عن القذارة فوق رأسه. لأنّ الاعتراف بهذا الأمر بالنسبة لهم يعنى الاعتراف بأنّ البرجوازيّة فى الحزب هي هم أنفسهم و يعنى بالتالي سحقهم . هذا شاق عليهم و فى الآن نفسه لا يمكن تصوّره.

إنّ الحزب البروليتاري الثوري و الماركسيّين يتجرؤون أيضا على خوض الثورة الثقافيّة البروليتاريّة الكبرى و يتجرؤون على دعوة الجماهير لتعبّر عن آرائها و لتلصق معلّقات ذات حروف كبيرة و لتعقد نقاشات جماهيريّة واسعة فى النضال الصارم ضد المسؤولين السائرين فى الطريق الرأسمالي . ذلك أنّه على هذا النحو فقط يمكننا تعزيز دكتاتورية البروليتاريا و الحيلولة دون اعادة تركيز الرأسمالية لأجل البعث النهائي للبرجوازية نحو حتفها الجميل و تحقيق الشيوعية. إنّ الثورة الاشتراكية ثورة عظيمة تهدف الى دفن آخر طبقة مستغِلة منذ بداية وجود الانسان . " فى مثل هذه المرحلة ، علينا أن نكون على استعداد لخوض صراعات عظيمة فى جوانب عدّة ستختلف فيها أشكال الصراع عن تلك التى استعملت فى الماضى"[ماو] . يتعيّن علينا اذن أن نطبّق طريقة التحليل الطبقي للفهم الكامل لخصوصياّت الصراع الطبقي و التغيّرات فى العلاقات بين الطبقات بغية توضيح هذه المسألة الهامة ألا وهي مسألة البرجوازية فى الحزب و مواصلة ممارسة دكتاتورية البروليتاريا الشاملة على البرجوازية و الاستمرار هكذا فى الثورة الاشتراكية الى النهاية."

5) التحريفية فى السلطة يعنى البرجوازية فى السلطة - ماو :

إستطاع الشيوعيون و الشيوعيات فى أكثر من بلد عبر العالم التوصّل الى إفتكاك السلطة السياسيّة للدولة – تحطيم دول قديمة و إنشاء دول جديدة - عبر البلاد كافة و تحويل المجتمع الى هذه الدرجة أو تلك الى مجتمع اشتراكي بيد أنّ كلّ التجارب السابقة منيت بالإخفاق المؤقت من وجهة نظر تاريخيّة حيث أعيد تركيز الرأسمالية فى كلّ البلدان التى كانت سابقا اشتراكية ، كلّها دون استثناء . فلا الاتّحاد السوفياتي و قد بناه حزب لينين وستالين بقي ثوريّا و لا ألبانيا الخوجيّة الى النخاع والتى كانت مرجعا لدى البعض ممّن يدّعون الشيوعيّة تمكّنت من الحيلولة دون السقوط المدوّى رغم حديث خوجا و الخوجيين عن " النقاوة " و" عن الحزب ذى الوحدة الصماء " و لا الصين إستمرّت على الطريق الاشتراكي رغم ما بُذل من جهود ثوريّة و التصدّى للخطر الداهم لإنقلاب تحريفي لعقد من الزمن.

بيد أنّ تجربة واحدة فى العالم شهدت طريقا و وسيلة فذّين فى التصدّى الواعى للتحريفيّة و رفع وعي الجماهير و المضيّ فى المهام الشيوعيّة تثويرا للبناء التحتيّ و البناء الفوقي و تغييرا لنظرة الناس الى العالم هي التجربة الصينيّة التى صارت تمثّل اكثر التجارب تقدّما فى طريق الشيوعية مستفيدة طبعا من التجارب السابقة عليها و مضيفة تجاربا جديدة إستجابة للأوضاع الجديدة و تفاعلا معها . فمنذ أواسط الخمسينات و الحزب الشيوعي الصيني يخوض صراعا طبقيّا فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا اتّخذ منذ 1966 طريقة و وسيلة جديدة هي الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى تجسيدا واعيا و مخطّطا لصراع الخطّ الشيوعيّ الماويّ ضد الخطّ التحريفي داخل الحزب ولصراع الطريق الاشتراكي ضد الطريق الرأسمالي . من التجربة السوفياتيّة إستنتج ماو تواصل الطبقات و الصراع الطبقي وإستنتج ضرورة خوض صراع ضد التحريفيّة حتّى لا يتحوّل الحزب الشيوعي الصيني من حزب بربوليتاري ثوري الى حزب تحريفي برجوازي رجعيّ و هذا الصراع ضد التحريفيّة يتّخذ شكل صراع الخطّين داخل الحزب محور المجتمع الاشتراكي . و مع إنتصار الخطّ البروليتاري يظلّ الحزب على الطريق الاشتراكي و مع إنتصار التحريفيّة تصل البرجوازيّة الى السلطة فيمضى الحزب على الطريق الرأسمالى معيدا تركيز الرأسمالية.

هذه الأطروحات المستقات من دراسة التجربة السوفياتية أساسا لخصها ماو فى جملته الشهيرة " التحريفية فى السلطة يعنى البرجوازية فى السلطة " و عمل على نشر هذا المكسب النظريّ الجديد و الاضافة الخالدة، ضمن إضافات أخرى لماو لعلم الثورة البروليتارية العالمية ، بين صفوف الحزب و الجماهير فى الصين و عالميّا كسلاح لا بدّ منه لمواجهة التحريفيّة ولإستيعاب و ممارسة مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتوريّة البروليتاريا.

لا تجربة كتجربة الصين الماوية حدّدت بالوضوح اللازم تحليلا طبقيّا علميّا ملموسا للصراع الطبقيّ فى ظلّ دكتاتوريّة البروليتاريا و حدّدت كيفيّة خوضه لصالح الشيوعيّة . و هذه الطريقة و الوسيلة هي الثورة الثقافيّة البروليتاريّة الكبرى التى من خلالها تمّ خوض نضال لا هوادة فيه ضد نواة البرجوازية الجديدة : التحريفيّين السائرين فى الطريق الرأسمالى و هم قادة فى الحزب و الدولة ، على جميع الجبهات السياسيّة و النظريّة و الاقتصاديّة و الثقافيّة للمضيّ فى تثوير الحزب و المجتمع الاشتراكى و نشر النظرة البروليتاريّة للعالم بين الكوادر و الجماهير العريضة.

ستالين ، الماركسي العظيم ، أخطأ فى فهم الصراع الطبقيّ فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا حيث كان يتحدّث عن الانتصار النهائيّ للاشتراكية مع تحويل وسائل الانتاج الى وسائل على ملك الدولة الاشتراكية و ذهب فى دستور 1936 حتّى إلى إعلان إنتهاء الصراع الطبقيّ معتبرا أنّ المجتمع الاشتراكى متكوّن فقط من طبقات ثلاث صديقة هي العمّال و الفلاّحون و المثقّفون الثوريّون و لم يبدأ ستالين فى تحسّس أَوّليّ لخطئه ولمسألة إستمرار الصراع الطبقي الاّ فى آخر كتاباته و منها " القضايا الاقتصادية للاشتراكية فى الاتحاد السوفياتي " و حين توفّي وإغتصب التحريفيّون الحزب و الدولة بقي الشيوعيّون مشدوهين و لم تفهم غالبيّتهم شيئا ممّا سهّل على التحريفيّين مخادعتهم و جرّهم إلى حيث خطّطوا و نفّذوا .

و الحزب الشيوعي الصيني هو أوّل من أدرك الخطر التحريفيّ الداهم و تصدّى للتحريفيّة فى الصين و عالميّا.
و خوجا الذى ما انفكّ يتشدّق بنقاوة حزبه يورّث القيادة إلى راميز عالية الذى دون تأخير وضع قطار الطريق الرأسمالي على السكّة و لم يفقه الشعب ما كان يحصل و الباقي تاريخ كما يقولون .

فى التجربة السوفياتيّة بعد ستالين إرتقى الى أعلى مراتب السلطة التحريفي خروتشوف و طغمته و الشعب السوفياتي لم يبد أيّ مقاومة هامّة تذكر و لم يكتشف طابعهم التحريفي البرجوازي و داخل الاتّحاد السوفياتي و كذلك داخل الحركة الشيوعية العالمية ساد لسنوات شعور المفاجأة و الذهول و لم تستطع الاّ قلّة من الأحزاب التصدّى الى الخطّ و المقولات و الممارسات التحريفيّة و كان على رأسهم و أوضحهم الحزب الشيوعي الصيني .

و فى ألبانيا ، عوض الإستفادة ممّا تحقّق من نقلة نوعية فى فهم الصراع الطبقي فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا و من دروس الثورة الثقافيّة البروليتاريّة الكبرى ، من منطلقات غير شيوعيّة ، اندفع خوجا يهاجم أرقى ما توصّلت إليه تجارب دكتاتوريّة البروايتاريا العالميّة فتسبّب فى بثّ الضبابيّة و التعمية الفكريّة. و النتيجة المهينة للبروليتاريا والشعب الألبانيّين تشهد على ما زرعه خوجا. و إن كان للخوجيّين تفسيرا صحيحا آخرغير التفسير الماوي لما حدث بألبانيا فليمدونا به لعلّنا منهم نستفيد وقراءتنا نعيد و على حدّ علمنا لم ينتج الخوجيّون بألوانهم المتباينة فى البلدان العربية دراسة مستفيضة و تحليلا علميّا لأحداث ألبانيا فى سيرورة الصراع الطبقي التاريخيّة.

لإنقلاب طابع الحزب و الدولة فى التجربتين السوفياتيّة و الألبانيّة ، لم يتوقّع الثوريّون و الشعب و لم يتفطّنوا عموما بصعود التحريفيّة للسلطة بينما توفّر لنا التجربة الصينيّة فهما علميّا ماديّا جدليّا و ماديّا تاريخيّا للطبقات والصراع الطبقي فى ظلّ دكتاتوريّة البروليتاريا على ضوئه تفهم أصول التحريفيّة و كيفيّة النضال ضدّها . وهو يحذر من صعود التحريفيّة الى السلطة ، ناضل ماو بصرامة و نظّم الصراع بشكل واضح و جماهيري لإسترجاع أجزاء السلطة المغتصبة و لتربية الكوادر و الجماهير الشعبية و رفع وعيها عبر الممارسة العمليّة كي تقف بقوّتها كصانعة للتاريخ لتسوس التحريفيّة كلّما رفعت هذه الحيّة رأسها. و لم يستبعد حتّى بعد انتصارات الثورة الثقافيّة و المؤتمرين التاسع و العاشر الامكانيّة الواقعيّة لإنتصار الطريق الرأسمالي على الطريق الاشتراكي خلال الصراع الطبقي والصراع بين الخطّين فى الحزب بفعل ميزان القوى الطبقي المحلى و العالمى.

و كان ماو وهو يناضل و يحقّق الانتصارات يحذّر من خفض اليقظة حيث : " من المحتمل أن تتمّ إعادة تركيز الرأسماليّة فى أيّ وقت اذا لم ننجز عملنا على أفضل وجه ". (ماو)

و من إفرازات جهود الثوريّين الماويّين فى مقاومة التحريفيّة إضافة الى الحيلولة دون وصولها السلطة لأكثر من عقد من الزمن و تطوير التجربة الاشتراكيّة العمليّة و النظريّة و من مظاهر المقاومة التى لقيتها التحريفية فى الصين نذكر مقاومة لا يستهان بها فى الحزب و محاكمة " مجموعة الأربعة " و قتل آلاف الشيوعيّين الذين عارضوا من منظور بروليتاري دنك و هواو مع انتفاضات فى صفوف فيالق الجيش الخ إثر الانقلاب الذى جدّ فى 1976. و عالميّا ، أساسا بفضل النضال الماويّ ضد التحريفيّة العالميّة ، تشكلت فى البداية حركة ماركسية –لينينية أخذت فى التعمّق و الاتّساع لكن ارتداد خوجا جعلها تتخبّط فى الضبابيّة و تنحلّ نوعا ما لتترك مكانها بصور جوهريّة من جهة لخوجيّين لم يفهموا ما حصل بالصين و صبّوا جام غضبهم على ماو و من جهة ثانية، لماويّين سرعان ما أدركوا ما حدث من انقلاب فى الصين فتصدّوا عالميّا للتحرفيّين الصينيّين و فضحوا طابعهم الرجعيّ ثم انتقلوا لبناء منظّمات حزبيّة ماويّة حيث لم تكن موجودة و إلى تعزيز الموجودة و دراسة التجربة التاريخيّة للبروليتاريا لمزيد استخلاص الدروس مع الدفاع عن علم الشيوعية و رفع رايتها و تطبيقها و تطويرها و فى أيّامنا هذه تقود بعض الأحزاب الشيوعية الثورية الموجة الجديدة للثورة البروليتارية العالميّة التى تتراءى فى الأفق.

6) ثورات ثقافية بروليتارية كبرى طوال المرحلة الاشتراكية :

بحكم وجود الحزب الشيوعي الشيوعي كأداة قيادة طبقيّة بروليتاريّة ( تسعى من ناحية إلى تعزيز نفسها و من ناحية أخرى عليها أن تسعى للإضمحلال مع حلول المجتمع الشيوعي ) فى مجتمع إشتراكي طبقيّ يتواصل فيه وجود الطبقات و الصراع الطبقي و التناحرات الطبقيّة و فيه كلّ من بقايا الرأسمالية و نواتات الشيوعيّة و فيه يولد الإنتاج الصغير بإستمرار و كلّ ساعة الرأسماليّة و فيه القوّة الهائلة للأفكار الرجعيّة و العادات و التقاليد و فيه تناقضات و قاعدة ماديّة متناقضة – تناقض عمل يدوي / عمل فكري – الحق البرجوازي / كلّ حسب عمله – و تناقض عمال / فلاحين – تناقض مدينة / ريف ، لن تستطيع البروليتاريا البقاء فى الحكم و العمل فى سبيل بلوغ الشيوعيذة عالميّا إلاّ بخوض النضال بإستمرار ضد الطريق الرأسماليّ و توسيع و تعميق الطريق الإشتراكي بلا هوادة . و ما لم تبلغ الشيوعيّة عالميّا يظّل خطر الردّة قائما و أثبتت التجربة أنّ مأتاه رئيسيّا داخل الحزب و ليس هجوم إمبريالي خارجي وهو ما لم يكشفه المنظّرون الشيوعيّون السابقون و كشفه ماو تسى تونغ بفضل دراسة النضال العمليّ و خوض التجارب و صاغه فى نظريّة مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتوريّة البروليتاريا و طريقتها و وسيلتها هي الثورة الثقافيّة البروليتاريّة الكبرى . و اليوم تعدّ هذه النظريّة حجر الزاوية فى تطوير علم الثورة البروليتاريّة العالميّة من الماركسية – اللينينية إلى مرحلة جديدة ، ثالثة و أرقى هي الماركسية – اللينينية – الماوية .

منذ البدايات الأولى للثورة الثقافية البروليتاريّة الكبرى ، فى رسالة وجّهها ماو إلى زوجته فى 8 جويلية 1966 ( جريدة " لومند " الفرنسية ، 2 ديسمبر 1972 ) ، أوضح ماو : " بعد سبع أو ثمان سنوات ، ستتجدّد الفوضى [ المقصود هنا الثورة ضد التحريفيين ] . الشياطين المسعورة تظهر عفويّا ، محدّدة بطبيعتها الطبقية."

و فى أوج الثورة ، أعلن ماو أنّ : " الثورة الثقافية الكبرى الحاليّة ليست سوى الأولى من نوعها و علينا فى المستقبل أن نخوض عديد الثورات الأخرى . فإنتصار ثورة لا يمكن أن يتحدّد الاّ بعد فترة تاريخيّة طويلة . و من المحتمل أن تتمّ إعادة تركيز الرأسمالية فى أيّ وقت اذا لم ننجز عملنا على أفضل وجه. على كافة عناصر الحزب و الشعب فى البلاد بأسرها ، ألاّ يعتقدوا أنّ ثلاث أو أربع ثورات ثقافيّة كبرى كافية لتوفير السلام للأمة .
ينبغى عليكم أن تكونوا على الدوام حذرين و لا تخفضوا و لو للحظة من يقظتكم ".

و حتّى عقب إنتصار هام على الخطّ التحريفي لليوتشاوشى ، جاء فى تقرير المؤتمر التاسع للحزب الشيوعي الصيني ، النقطة الخامسة المعنونة بالانتصار النهائي للثورة فى بلادنا " :

" إن انتصار ثورتنا الثقافية البروليتاريّة الكبرى بالتأكيد انتصار عظيم . الاّ أنّه لا ينبغى علينا بأيّ حال من الأحوال أن نعتقد بأنّه بإمكاننا من هنا فصاعدا أن ننام مطمئنيّن . أثناء حديث له فى أكتوبر 1968 ، أشار الرئيس ماو : " لقد أحرزنا بعد انتصارات عظيمة . لكن الطبقة المهزومة ستظلّ تصارع . هؤلاء الناس ما زالوا هنا و هذه الطبقة كذلك . لذا ، لا يمكننا الحديث عن انتصار نهائي حتى بالنسبة للعشريّات القادمة . لا ينبغى أن نخفض من يقظتنا . من منظور لينيني ، يتطلّب الانتصار النهائي لبلد اشتراكي لا جهود البروليتاريا و الجماهير الشعبيّة الواسعة لهذا البلد فقط بل إنّه مرتهن كذلك بإنتصار الثورة العالمية و القضاء كونيّا على نظام استغلال الانسان للانسان ممّا سينجر عنه تحرّر الانسانيّة جمعاء . بالتالى الحديث ببساطة عن الانتصار النهائي لثورتنا أمر خاطئ و مضاد للينينية و أكثر من ذلك ، لا يتطابق مع الواقع ".

و قد قال سنة 1971: " إنّنا نغنّى النشيد الأممي منذ خمسين عاما وقد وجد فى حزبنا أناس حاولوا عشر مرّات زرع الإنشقاق، فى رأيى أنّ هذا يمكن أن يتكرّر عشر مرّات ، عشرين مرّة و ثلاثين مرّة أخرى . ألا تعتقدون ذلك؟ لا يمكن لكم أن تعتقدوه ، أمّا أنا فأعتقد ذلك على كلّ حال . إنّ الصراعات ستنتهى بإدراك الشيوعية ...

إنّ صراع الطبقات يعرف مدّا و جزرا . و لا يجب أن ننسى أبدا الصراع الطبقي و دكتاتورية البروليتاريا . فى الوقت الراهن ، فى تطبيق المبادئ السياسيّة ، لا يزال صراع الخطين متواصلا و كذلك لا تزال موجودة تداخلات منبعها " اليسار" أو اليمين . علينا أن نبذل مزيدا من الجهد الجهيد كي ننهض على أحسن وجه بمهامنا فى مختلف مراحل الصراع - النقد - التحويل. و علينا أن نتبع عن كثب الرئيس ماو و أن نستند بصورة وثيقة على الجماهير الثورية الواسعة حتى نتخطى الصعوبات و العراقيل فى سيرنا الى الأمام و نقتلع انتصارات كبيرة لفائدة القضية الاشتراكية " .

( جلبار موري ، " من الثورة الثقافية الى المؤتمر العاشرللحزب الشيوعي الصيني " ، تقرير المؤتمر التاسع للحزب الشيوعي الصيني ).

و بالفعل ، أملى الخطّ التحريفي اليسراوى للين بياو و من لفّ لفّه صراعا جديدا منذ 1970 انتصر فيه أيضا الخطّ الثوري الماويّ و لكن بعد وفاة ماو سنة 1976، تحقّق ما توقّعه اذ وصلت التحريفيّة الى السلطة يعنى البرجوازية الجديدة الى السلطة عن طريق انقلاب على الشيوعيّين الماويّين و تمّت اعادة تركيز الرأسمالية فى الصين .

فى ظلّ دكتاتوريّة البروليتاريا ، بات خوض الثورات الثقافية البروليتاريّة الكبرى كطريقة و وسيلة لمواصلة الثورة حتّى تحقيق الشيوعية عالمياّ مكسبا له بعدَ تاريخيّ عالميّ بالنسبة للثورة البروليتاريّة العالميّة لا ينبغى التفريط فيه أبدا لأنّ التفريط فيه تفريط فى قمّة ما توصّلت إليه تجارب الطبقة العاملة العالميّة التى دُفع ثمنها باهضا للغاية و تفريط فى الحقيقة و ما أثبتت الممارسة العمليّة صحّته. دون هذه المساهمة الخالدة لماو تسى تونغ: نظرية مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا و التى تمثّل حجر الزاوية فى الماويّة لن يقدر الشيوعيّون على تفسير العالم (ت جارب البروليتاريا العالميّة السابقة و الصراعات الطبقيّة الراهنة و المستقبليّة ) من أجل تغييره ثوريا صوب الشيوعية الهدف النهائي الذى يتعيّن وضعه نصب أعيننا على الدوام فى كلّ ممارساتنا و تنظيراتنا.

-------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------



#شادي_الشماوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عشرسنوات من التقدّم العاصف – الفصل الأوّل من كتاب - الصراع ا ...
- إضطهاد النساء فى أفغانستان و النظام الذى ركّزه الغرب
- قتل بالسيف فى بنغلاداش : حملة الأصوليين الإسلاميين لإستعباد ...
- خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي ( بريكسيت ) صدمة للنظام ال ...
- الإنتخابات الأمريكية 2 : ترامب و كلينتون وجهان لسياسة برجواز ...
- لكن كيف نعرف من الذى يقول الحقيقة بشأن الشيوعية ؟ - من ملاحق ...
- الخلاصة الجديدة للشيوعية : التوّجه و المنهج و المقاربة الجوه ...
- بستّ طُرق يحاولون خداعكم فى ما يتّصل بالثورة الثقافية فى الص ...
- تمهيد الكتاب 24-الصراع الطبقي و مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتور ...
- حاجة ملحّة : رفع راية الخلاصة الجديدة للشيوعية لبوب أفاكيان ...
- هذا نداء إستعجالي لغرّة ماي ! لا وقت نضيّعه ! عالم مغاير جذر ...
- نحو مرحلة جديدة من الثورة الشيوعية - الفصل الخامس من كتاب -. ...
- الثورة الثقافيّة : أعمق تقدّم فى السير نحو تحرير الإنسان إلى ...
- الإنتخابات الأمريكية : مزيد الإضطهاد والجرائم ضد الإنسانيّة ...
- الثورة الصينية بقيادة ماو تسى تونغ : ربع الإنسانيّة يتسلّق م ...
- ثورة أكتوبر 1917 : المكاسب و الأخطاء - الفصل الثالث من كتاب ...
- بناء النضال من أجل تحريرالنساء - بيان لمجموعة الشيوعيين الثو ...
- 8 مارس اليوم العالمي للمرأة : تنظيم النساء ضد الإضطهاد و الإ ...
- 8 مارس 2016 : - هل يمكن لهذا النظام أن يتخلّص من أو يسير دون ...
- لا غرابة فى كونهم يشوّهون الشيوعية + تلخيص مكاسب كمونة باريس ...


المزيد.....




- مباشر: مهرجان تضامني مع المعتقلين السياسيين
- نيويورك.. الناجون من حصار لينينغراد يدينون توجه واشنطن لإحيا ...
- محتجون في كينيا يدعون لاتخاذ إجراءات بشأن تغير المناخ
- التنظيمات الليبراليةَّ على ضوء موقفها من تعديل مدونة الأسرة ...
- غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب
- الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني في حوار ...
- يونس سراج ضيف برنامج “شباب في الواجهة” – حلقة 16 أبريل 2024 ...
- مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب ...
- فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - شادي الشماوي - تعميقا لفهم بعض القضايا الحيويّة المتعلّقة بالثورة الثقافية البروليتارية الكبرى – الفصل الثاني من كتاب - الصراع الطبقي و مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتوريّة البروليتاريا : الثورة الثقافيّة البرولتاريّة الكبرى قمّة ما بلغته الإنسانيّة فى تقّدّمها صوب الشيوعيّة