أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - سمير عادل - عصابات العشائر وعشائر العصابات














المزيد.....

عصابات العشائر وعشائر العصابات


سمير عادل

الحوار المتمدن-العدد: 5261 - 2016 / 8 / 21 - 23:30
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


عندما يحتمي وزير الدفاع خالد العبيدي، الذي تحول بين ليلة وضحاها الى بطل قومي من ورق، بعشيرته لأنه كشف ملفات الفساد في البرلمان حسب ادعاءاته، واذ لم يكن اكثر من عملية تبادل الاتهامات واستخدام استراتيجية الهجوم بدل من الدفاع بعد ان استجوب في البرلمان، وعندما يرد سليم الجبوري رئيس البرلمان ومحمد الكربولي عضو البرلمان بالدفاع عن انفسهما من خلال الاحتماء الى عشيرتهما بسبب تطاولات العبيدي، فيجب ان يعرف حتى المبتدئ بتعلم السياسة، بأن البرلمان والقضاء والحكومة في العراق ليس اكثر من ديكور واشكال كاريكاتيرية لتجميل تداعيات غزو العراق، وان المطالبة من خلال هذه المؤسسات بالإصلاح وكشف الفاسدين، ليس اكثر من صب الماء في برميل مثقوب.
ان الفارق بين الديناصورات والعشائر، هي ان الاولى انقرضت بايلوجيا وليس بالإمكان احيائها، اما الثانية فيعاد انتاجها مثلما تحضر ارواح الموتى إذا ما اقتضتها ضرورة المصالح الاقتصادية والسياسية. ان حماية العشائر اليوم للعصابات الفاسدة في العملية السياسية، لم تكن وليدة اللحظة، فهي تعود الى تاريخ العشائر في العراق، والتي كانت زعامتها تضرب بالسوط على ظهور الفلاحين وتعاملهم كعبيد في اقطاعياتها. والسر في عدم انقراضها، اي انقراض العشائر، ليس لأنها تكيفت مع الظروف البيئية واكتسبت مناعة قوية مثل الفيروسات وانواع من البكتريا، بل ان سر استمرارها هي في حاجة الطبقة البرجوازية الحاكمة لها في العراق. فنظام البعث الذي قاده صدام حسين، استخدم العشائر كمرتزقة في ملاحقة المعارضين السياسيين والفارين من الخدمة الاجبارية العسكرية بعد انتفاضة اذار ١٩٩١، وسلطة الاسلام السياسي الشيعي بزعامة حزب الدعوة الذي قادها نوري المالكي، وزع الهبات والهدايا والرشاوى على زعماء العشائر لشراء ولائهم بعد ان فشل في مساره لبناء الدولة. واليوم احتلت العشيرة في العراق مكان في المجتمع لتزاحم الدولة، فأما ان تتصالح معها وتتحول الى مؤسسة قمعية رسمية ضمن مكانة الدولة او تحل محلها، ولتكون هي الاخرى الى جانب عصابات المليشيات جزءا حيا وفاعلا في المشهد السياسي العراقي.
ان المفارقة المؤلمة هي عندما تحاول عصابة لسلب البيوت ونهبها والتي ازدادت بشكل مطرد هذه الايام وخاصة في مدينة البصرة، وعندما تدافع عن نفسك بأرداء أحد افراد العصابة قتيلا، تجد في اليوم الثاني عشيرة عضو العصابة فوق راسك يطالبونك بالدية. ان هذه المفارقة لا تدل على انهيار الاوضاع الامنية في العراق بقدر ما تدل على تفسخ القيم الاجتماعية، واتساع مديات الظلم، والغياب الكلي لأبسط القوانيين الرادعة لحماية الامن الاهلي.
لقد حلت اليوم عناصر جديدة في المشهد السياسي والامني في العراق، فالعشائر والمليشيات واحزاب اسلامية تمسك بالسلطة السياسية. فلذلك ان استهتار الاحزاب الاسلامية في عقد مؤتمر في مدينة الكوت قبل شهرين تحت مسمى مؤتمر العشائر واصدار قرار في هدر دم اي متظاهر ضد فساد الاحزاب الاسلامية، وتحت مرأى ومسمع حكومة العبادي، توضح دون اي لبس الى تداخل وتشابك المصالح بين الاحزاب الاسلامية واعادة انتاج مفهوم العشيرة. وتوضح ايضا ان الدستور والقانون عندما يفشلان في ردع المعارضين لفساد السلطة السياسية فهناك ادوات قمعية اخرى وهي العشيرة لكسر شوكة المعارضة السياسية. وهكذا نجد الادوار تتبدل بين المليشيات وبين العشائر، فعلى سبيل المثال وليس الحصر، تهجم مقتدى الصدر عبر بيان له على اهالي قرى في مدينة السماوة وسماهم بأعداء الجهاد، لان اهاليها طلبوا ابعاد ميدان الرمي لمليشيا سرايا السلام التابع للصدر عن قراهم، وخاصة بعد سقوط ضحايا لاستخدامهم العتاد الحي. هذا المثال ايضا يوضح كيف ان المليشيات مستهترة بحياة الاهالي، ولا تبالي لأي شيء يردعها. ولا نستبعد ابدا بتطور العشائر والمليشيات في العراق وتوافق المصالح بينهما للاندماج الاثنين معا لتتحول الى ماكنة قمعية واحدة تستخدمها الاحزاب الاسلامية لحسم السلطة السياسية في العراق.
ان دور العشائر في العراق ليس اقل من دور المليشيات، وان احياء الاثنين معا يعني غياب الدولة والقانون بالمعنى الذي يحمي حياة الانسان والامن والامان في المجتمع. ان الاحزاب والقوى الاسلامية بالدرجة الاولى، تحاول وضع هالة وقدسية عظيمة على مفهوم العشيرة المنقرضة، مثلما تفعل مع الدين، ولذلك اهتزت عندما امطرت الجماهير مسامعها بوابل الشعار "باسم الدين باكونا الحرامية". لانها تدرك جر البشر الى الولاءات العشائرية والبطريكية وفرض قيمها المتخلفة بالانصياع وعدم المناقشة، مستفيد من انهيار الاوضاع الامنية، فبقدر ما تكون حياة الانسان مهددة في الشارع والعمل والسكن، فبفس القدر تتقوى الاسس المادية للعشيرة التي توفر الحماية لها شرط الانصياع وتنفيذ كل خزعبلات وترهات زعامات العشائر الذين يتقاسمون حصة الفساد مع الاحزاب الاسلامية في السلطة السياسية في العراق.
ان مواجهة العشيرة لا تختلف عن مواجهة المليشيات، بيد ان الفارق والذي يضاف الى المواجهة الاولى، هي شن حملة دعائية وسياسية واجتماعية ضد محاولات الاحزاب الاسلامية وقوى السلطة السياسية في العراق في احياء العشيرة وعصاباتها. ان ارساء القيم المدنية والحضارة هي البيئة التي تموت فيها فيروسات العشيرة والاحزاب الاسلامية، وهذا سر محاربة الاخيرة لها.



#سمير_عادل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دفاعا عن ناهض حتر..في الدفاع عن حق الرأي والتعبير
- عام على مهزلة اصلاحات العبادي.. عام من نشر الاوهام
- ترامب لم يقفز من السماء
- العامل وعضو البرلمان
- التعليم الجامعي وابناء العمال والكادحين هدية صندوق النقد الد ...
- ما وراء الاستعراض العسكري في ساحة التحرير
- التراجيدي البريطاني والكوميديا العراقي في تقرير تشيلكوت
- الكلاب المسعورة المنافقة ....العنصرية الحقيرة بين أدانة تفجي ...
- دولة المليشيات والمشروع الاسلامي والسيلان الطائفي
- انهم يغيرون اسماء المدن
- نحو دولة الافقار وهيئة الامر بالمعروف والتخلف العشائري
- على مذبح اهالي الفلوجة
- حريق الفلوجة، حصان طروادة للعبادي - الجبوري
- مشهدان هزليان لزعيمين فاشلين
- منطق اللامنطق في برلمان حميد الكفائي
- لا مشيئة فوق مشيئة الادارة الامريكية وملالي قم على سماسرة ال ...
- الصدر يورط مؤيديه في قلب الفوضى
- السلطة الثورية المباشرة للجماهير هي الحل
- رائحة نتنة تفوح من اعتصام مجلس النواب
- في ذكرى سقوط بغداد


المزيد.....




- نيابة مصر تكشف تفاصيل -صادمة-عن قضية -طفل شبرا-: -نقل عملية ...
- شاهد: القبض على أهم شبكة تزوير عملات معدنية في إسبانيا
- دول -بريكس- تبحث الوضع في غزة وضرورة وقف إطلاق النار
- نيويورك تايمز: الولايات المتحدة تسحب العشرات من قواتها الخاص ...
- اليونان: لن نسلم -باتريوت- و-إس 300- لأوكرانيا
- رئيس أركان الجيش الجزائري: القوة العسكرية ستبقى الخيار الرئي ...
- الجيش الإسرائيلي: حدث صعب في الشمال.. وحزب الله يعلن إيقاع ق ...
- شاهد.. باريس تفقد أحد رموزها الأسطورية إثر حادث ليلي
- ماكرون يحذر.. أوروبا قد تموت ويجب ألا تكون تابعة لواشنطن
- وزن كل منها 340 طنا.. -روساتوم- ترسل 3 مولدات بخار لمحطة -أك ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - سمير عادل - عصابات العشائر وعشائر العصابات