أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميشيل زهرة - الملفّ ..!















المزيد.....

الملفّ ..!


ميشيل زهرة

الحوار المتمدن-العدد: 5259 - 2016 / 8 / 19 - 18:32
المحور: الادب والفن
    


( الملف ) ..!!

قصة من الخيال العلمي ..!


عندما دخل ابن خالتي سعدو ، مكتب شركته للنقل الجوي ، و البحري ، كانت تبدو على ملامحه علائم توتر و قلق ..فلم يمازحني كعادته قائلا : كيفك يا عبدو الأجدب ..؟ و لا أظن أنه كان يمزح ، بقدر ما هو جاد في شتيمته ، ليظهر دونيتي ، و تفوقه . و لكني كنت أتقبل ذلك بابتسامة شبه بلهاء ، حتى ليظن الزبون أني أجدب فعلا ، لا لأني وضيع في أعماقي ، إنما لكي لا أخسر شغلي الذي أعيل به أمي ، خالته ، المريضة بالقلب ، و أبي المريض بالسكري ..! و لأنه ابن خالتي ..! كان ذلك يساعدني على امتصاص الإهانة ، فأعتبرها من قريب ، يكبرني سنا ، فاغلف نفسي بأدب مفتعل : تمون على رقبتي يا أستاذ سعدو ..تبقى ابن خالتي الوحيدة لأمي ..! لكن توتره لهذا اليوم ، لا أخفيكم ، لقد شغل بالي ..! فأول ما خطر في بالي ، أنه سيفتعل سببا ليقول لي : لا تلزمني بعد الآن يا عبدو ..! لكن هذا الخوف تبدد عندما طلب مني ( ركوة قهوة سادا ) نهضت على الفور ، و أنا اشكر كل القوى الكامنة في هذا العالم ألا أخسر شغلي ..! و قد اطمأن قلبي أكثر عندما شعرت أنه يجاملني في حوار :
_ هل تفتح على غوغل يا عبودي ، أعرف أنك فتحت حسابا على الفيس ..!!؟؟
لقد ازدادت طمأنينتي ، عندما ناداني ( عبودي ) و لم يتبعها بالأجدب ..فعلمت أن حوارا ، قد يكون هادئا ، و حميما ، بيننا ..! و خاصة عندما أتبعه بسؤال يعترف بي ، و بأنسانيتي : ( هل قرأت مقالا في غوغل ، عن تطور وسائط النقل في المستقبل يا عبدو..؟؟) ذلك السؤال جعلني أشعر بأني ندّ لسعدو ، حتى لو أني أجبته : بلا ..!! و إننا في هذه اللحظة ، على الأقل ، في ذات المستوى . و إلا لما حاورني ، و أنا شغّيل في مكتب شركة عملاقة ، هو صاحبها ..! و حمدت الله ، أنه لم يمازحني ببعض الشتائم ، و الإهانات ، أمام السكرتيرات الجميلات ، اللواتي يتطايرن كالفراشات في المكاتب ..هذا الشيء الوحيد الذي اشكره عليه ..! و عندما حاولت الاستفسار عن التطور الذي سيحصل لوسائط النقل في المستقبل ، كانت السكرتيرات قد اجتمعن في مكتبه ، مع الموظفين ، و الموظفات . و جلس الجميع كما لو أننا في اجتماعنا الدوري للشركة ..و راح سعدو يستعد ليشرح عن تطور وسائط النقل المستقبلية :
( أشعل سعدو البايب ، و تهيأ لكلام ، كان يبدو هاما جدا ، بعد أن قدمت له أجمل السكرتيرات فنجان قهوته الرابع.. فقال : يا عزيزاتي ، و أعزائي ..العالم قادم على تغيير لم يكن في حساب أحد ..و لا حتى خطر لنا على بال . نحن الذين نفكر بشكل تقليدي ..أتدرون كيف سيكون شكل واسطة النقل في المستقبل ، و نحن أصحاب أكبر شركة نقل في البلد ..؟؟ لا يا عزيزتي لن يكون كما تتخيلين ..و أنا استغرب ألا يجمح بك الخيال ، أبعد من ذلك ، و أنت تدرسين الهندسة المدنية ..أعني ، هههههههههه يخجل ابن خالتي عبدو أن يتخيل : إن واسطة نقل المستقبل ستكون كسفينة الفضاء..! ضحكت بصوت عالي لكي أغطي الإساءة التي و جهت لي ..ضحكت بهستيريا كي أمتص سخريات الآخرين ، و لأشعرهم أني لم أهتم للإساءة ، و أني قريب الأستاذ سعدو صاحب الملك ، و المهندس المعلوماتي الشهير بالبلد ..و هذا مدعاة فخر لي أن يكون ابن خالتي في هذا الموقع حتى لو سخر مني ..فنحن من عائلة واحدة ، و هذا مايقرب بيني و بينه في المستوى ، و إن كان يشعر هو بغير ذلك ، و أنا أشاطره الشعور باني مجرد صانع المشروبات في مكتبه ، و إن أي ( روبوت ) يمكنه القيام بمهمتي ، كما يقول سعدو دائما ..و أجلس أفكر بالأمر : هل تستطيع آلة أن تقوم بما أقوم به ..؟؟ و كيف سيكون شكلها ..؟؟ وهل الروبوت يستطيع أن يغازل تلك الفتاة الجميلة التي ، التي لا أجرؤ على النظر في وجهها مليا ، و التي يوصلها سعدو بسيارته إلي بيتها..يقول سعدو أن هذا الكائن، الروبوت ، يفكر أفضل مني ..!! فهل يحلق ذقنه يوميا ، و يقود مكنة الحلاقة بهدوء دون أن يجرح و جهه ..؟؟ آآآ ..هو ليس في جسده دم ..!! أيسرح شعره ..؟ أيتعطر ، و يراقب الفتيات في المكاتب ، مثلي ، دون أن تكترث بي إحداهن ..؟؟
لا أحد من الحاضرين عرف كيف ستكون وسائط نقل المستقبل سوى الرجل الثاني في الشركة . و هو مهندس ، و خبير ، أنترنت معروف جدا ..حيث قال :
_ وسائط نقل المستقبل ستكون ( ملفا ) أيتها السيدات و السادة ..أعرف أن هذا أمر غريب ، و محير .. لكنه في طور الممكن ، و الواقع ..!!
و عندما سألت إحداهن عن معنى أن تكون الواسطة ملفا نرحل به إلى بلدان ، و راء المحيطات ..و جدتني أنا عبدو الأجدب ، كما يصفني سعدو ، أنتفض لأسأل بعض الأسئلة التي تعيد لي بعضا من كرامتي ، التي داسها ابن خالتي أمام كل العاملين في الشركة : و هل تقصد بالملف يا أستاذ ، الذي نرسله إلى أحد ما في مكان ما ..عبر الأنترنت ..؟؟
أراحني أن الأستاذ ، ذراع سعدو اليمنى ، قد أجابني بجدية ، دون سخرية : نعم يا عبودي ..هو كذلك تماما ..!!
و انفض الاجتماع غير المقرر ، و الذي حدث دون سابق تبليغ ، و كل ذهب إلى عمله ، و لست أدري إذا كان قد شغلهم الموضوع كما شغلني ..!! ملف ..!! يا إلهي أنا سأتحول إلى ملف ..؟؟ و عدت إلى السيد غوغل ، و بحثت عن المقال الذي يتحدث عن هذه النقطة بالذات ..و أعدت قراءته مرارا ، حتى طننت أني فهمته بالقلب ، و ليس بالعقل ..يعني لو طلب مني أن أحاضر فيه لفشلت ..فهمته بكل كياني ..بقلبي ، و بدمي ..و أدركت مراميه و أخطاره ..و خاصة عندما أكد المقال : إن التجربة التي أجراها علماء الفيزياء على الجزيء قد نجحت ..حيث تم إعداده في ملف ، و تم إرساله إلى عشرات الكيلومترات ..بقي دراسة جزيئات الإنسان ، و تفكيكها ، و إعادة ربطها ، ثم إرسالها إلى المكان المطلوب قبل أن يرتد إليك طرفك ..يا إلهي ..ماهذا..؟؟ تماما مثلما أفعل بكتاب ، أحوله إلى ملف ، و أرسله إلى صديق لي في موسكو ، او نيويورك ..أو أوستراليا ..و ربما مستقبلا إلى المريخ ..و في لحظة تفوق سرعة الضوء ربما...!!
تخيلت نفسي في جهاز كمبيوتر عملاق ، أدخلني فيه ابن خالتي سعدو ، لأنه صاحب شركة النقل ..! مع محفظتين . و أمامي شاشة عملاقة ، على جانبها الأيسر بعض الأسئلة باللغة الإنكليزية ، التي أضحت لغة العالم ..و أهم هذه الأسئلة : هل تريد الاحتفاظ بالنسخة الأصلية لك ..؟؟ يا إلهي ارتفع ضغط دمي ..ما هذه الخيالات التي أعرض قلبي لها ..؟؟ لا شك أنها سوف ترهقني عصبيا ..و تجعلني في خوف دائم من هذا القادم المرعب ..!! ماذا لو كبست على : لا أريد بقاء النسخة الأصلية ..؟؟ ما الذي يحصل ..؟؟ أنا أتحول إلى نسخة ..إلى روح ضالة في ماكينة الشيطان ..! أنا سأتحول إلى نسخة من ذاك الكائن الحقيقي الذي كان ..كل البشر ستتحول إلى نسخ ..! ما ذا لو فكر سعدو أن يتخلص مني ذات يوم ، عندما يحول العمل في شركته إلى الروبوت ..هل يحتاجني عندئذ..؟؟ من يدري أنه سيفتح رحلات ، كاذبة ، إلى المريخ . و ينسخ النسخ و يرسلها في رحلة اللاعودة ..و يصور عالما كالخيال هناك يغري بالسياحة ..فيقبض من أصحاب المصانع الذين حولوا مصانعهم إلى اسلوب الاستغناء عن الطاقة البشرية ..و لكي يتخلصوا من هذه الأفواه التي تبتلع ، و التي أصبحت عبئا ثقيلا على صاحب المصنع ..و لكي يتخلصوا منها يقترحون لها رحلات ترفيهية على الكواكب الأخرى ..و ربما يرسلون لأهل الراحل رسالة ، على أنها منه ، مفادها : لقد سررت في الإقامة هنا يا أمي ، و لا أريد العودة ..!! أما الحقيقة فيكون الملف قد ذهب إلى سلة المهملات بكبسة زر ..! هل يحدث لي ذلك ذات يوم ..بكبسة زر .. و في تلك الغرفة الكمبيوترية ، أقف لأتحول إلى ملف ..؟؟ من سيبقى كبشري حقيقي في هذا العالم ، و لم يتحول إلى ملف منسوخ ، وممسوخ ..؟؟ لا بد أنهم من يحولون الناس إلى ملفات تلغى بكبسة زر ..يا إلهي ..!!!! في المستقبل لا داعي للحروب ، و الدماء ..شعوب كاملة تلغى بكبسة زر ..يا للزر كم هو مرعب ..يستطيع أن يشطب أمة ..أن يشطب قارة ..أن يشطب البشرية عن ظهر هذا الكوكب بكبة زر ، بعد تحويلها إلى ملفات فيرمي بها إلى المجهول الغامض ... أنا عبدو الأجدب ، كما يصفني ابن خالتي سعدو المجرم ، لا أرغب بالتحول إلى ملف ..!!



#ميشيل_زهرة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأميران : السياسي و الديني ، و خصوصية الحكم العربي ..!
- قبل الفيس بوك ..!
- السقوط ..!
- قصة قصيرة
- عندما تضيق أمة بسؤال بريء ..!
- تساقط الرموز ..سقوط الأمة ..!
- الرموز ...و تساقط الأمة ..!!


المزيد.....




- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميشيل زهرة - الملفّ ..!