أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - يوسف أحمد إسماعيل - الانتصار للحرية














المزيد.....

الانتصار للحرية


يوسف أحمد إسماعيل

الحوار المتمدن-العدد: 5254 - 2016 / 8 / 14 - 10:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في البدء أريد ان أذكِّر أن " الانتصار للحرية " لا يلغي أو يتناقض مع " الانتصار للوطن " ،ولا يمكن أن نقول أيضاً : بوجود خيارات مرحلية ، بمعنى أن الوطن أولاً ، مهما كانت الظروف أو ماهية حضوره ، ومن ثم يأتي " الانتصار للحرية " !
فالعلاقة بين " الانتصار للحرية " و " الانتصار للوطن " جدلية ، فلا وطن من دون حرية ولا حرية من دون وطن ، وفكرة الفصل بينهما بحجة الظروف الموضوعية والآنية ، هي ليست أكثر من مبرر للاستبداد والهيمنة والإقصاء والاستحواذ .
ومدلول الحرية ، في تلك العلاقة الجدلية تعني بالدرجة الأولى الحرية السياسية والتعبير عن الرأي وحمايته ، وذلك قبل الأشكال الأخرى للحرية ، كالحرية الاجتماعية والدينية والعقدية والاقتصادية وما إلى ذلك . فالحرية السياسية ترتبط بشكل مباشر بالانتماء إلى المشترك العام بين أبناء البلد الواحد ، أي إلى الوطن . و ينضج الحس الجمعي للمواطن ويرتقي شعوره بالمسؤولية الوطنية حين يلمس قدرته على المشاركة بالشأن العام المشترك . ولذلك لا يوجد وطن في ظل الاستبداد ، حيث يفتقر المواطن إلى الحرية ، وبالتالي ينعدم شعوره بالمسؤولية تجاه الوطن .بل يصاب بانفصام من خلال إحساسه بالذنب في محاولة البحث عن صيغة تصالحية بين نزوعه الأخلاقي والواقع الذي يعيشه . فالاستبداد يحوّل الوطن إلى جغرافية يجتمع فيها أبناؤها تحت إدارته وفق مصالح محددة اقتصادية أواجتماعية أو دينية . وبالتالي فإن إخلاصهم لهذه الجغرافية هو إخلاص ضيق مرتبط بحجم تلك المصالح وماهيتها ، وحين تظهر للفرد فرصة ما للانعتاق من ذلك يغادر الجغرافية ، وحين يعود إليها يعود لانتمائه الاجتماعي ليس أكثر .
حين يقوم الاستبداد بخنق الحرية السياسية للمواطن يحوِّله إلى كائن يعيش ليأكل ؛ إذ يصبح همّه اليومي تحسين ظروفه الحياتية الفردية ، وفي إطارها ينمو الشعور بالتنافس مع الآخرين ، وهذا بدوره ، على إيجابيه الضيقة ، يعزز نمو الأمراض الاجتماعية أخلاقياً وسلوكياً . كما يفتح الباب واسعاً للفساد الإداري في مؤسسات الاستبداد ، حيث يرتع النفاق وتنتشر الرشوة ويباح نهب المال العام ، لأن إحساس المواطن بالمسؤولية تجاهه غير حاصل ، فهو في البدء لم يكن مسموحا له بالمشاركة في إدارته ، وهذا الإحساس يفضي إلى قناعة بالانفصال المطلق بينه وبين حكومة الاستبداد التي تهيمن على المال العام ،وهذا يبرر له نهب ذلك المال ، مما يؤدي إلى وضع المواطن في مشكلة أخلاقية ووطنية في الوقت نفسه ، وسببها الاستبداد .
الافتقار إلى حرية التعبير في إدارة الوطن ، تُفقد المواطن القدرة على الدفاع عنه حين يتعرّض للعدوان الخارجي ، وإذا شارك في الدفاع عنه فسيكون تحت ضغط شعوره العاطفي تجاه فكرة الوطن الراسخة في ضميره الأخلاقي الآتية من وعيه الجمعي ، وليس من صورة الحياة التي يعيشها في وطنه . أما إذا تعرض الوطن لهزات داخلية ، فالحرب الأهلية هي السمة التي ستهيمن على الصورة الكلية للمشهد ، ولن تؤدي حينها الشعارات وظيفتها الأخلاقية الوطنية مهما كانت براقة ، لأن تجييرها لصالح هذا الطرف أو ذاك سيكون ديدنها ، كما نلاحظ في الأزمة السورية الراهنة .
فجميع الأطراف الداخلية والخارجية تقاتل في الجغرافية السورية تحت شعار الدفاع عن الوطن السوري ، ولكن الواقع على الأرض يكشف حجم التناحرات غير النبيلة المحرِّضة على تدمير الوطن حجرا وبشرا وحضارة . وإلا كيف يمكن القول : إن هول الحرب وحده كاف للهجرة الجماعية للشعب السوري ، أم أن افتقاره منذ فترة طويلة للحرية السياسية في إدارة وطنه شكَّل صياغة أخرى لوجوده في تلك الجغرافية التي تسمّى " سورية " خاصة أن الأطراف المتصارعة الأخرى المعارضة للنظام لم تطرح بديلا آخر للاستبداد ، وإنما طرحت بديلا ظلاميا لا يمكن وصفه بالاستبداد فقط بل لابد من توصيفات أخرى مضافة كالتخلف والهمجية والإقصائية والطائفية والدموية ، على الرغم من أن الحراك الشعبي في بدايته كان شعاره " بدنا حرية " .



#يوسف_أحمد_إسماعيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطابور الوطني الساذج
- النظام الجمهوري العربي
- الوطنية شراكة إنسانية
- حلب تحترق 2
- حلب تحترق
- البوكر والعيش المشترك
- مواطن بأوراق ناقصة
- وطن بلا حرافيش
- سرود قصرة (10 )
- سرود قصيرة (9)
- سرود قصيرة(8)
- سرود قصيرة (7 )
- مفارقات
- سرود قصيرة (6)
- سرود قصيرة (5)
- سرود قصيرة (4)
- المعارضة السلمية (3)
- المعارضة السلمية (2)
- المعارضة السلمية(1)
- الشارع السوري - توصيف في الحالة السورية -


المزيد.....




- هل تصريح نتنياهو ضد الاحتجاجات في الجامعات يعتبر -تدخلا-؟.. ...
- شاهد: نازحون يعيشون في أروقة المستشفيات في خان يونس
- الصين تطلق رحلة فضائية مأهولة ترافقها أسماك الزرد
- -مساع- جديدة لهدنة في غزة واستعداد إسرائيلي لانتشار محتمل في ...
- البنتاغون: بدأنا بالفعل بنقل الأسلحة إلى أوكرانيا من حزمة ال ...
- جامعات أميركية جديدة تنضم للمظاهرات المؤيدة لغزة
- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - يوسف أحمد إسماعيل - الانتصار للحرية