أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - محمد المناعي - في الذكرى الستين لإصدار مجلة الأحوال الشخصية ،حقوق المرأة العاملة في القطاع الفلاحي : الحلقة المنسية















المزيد.....

في الذكرى الستين لإصدار مجلة الأحوال الشخصية ،حقوق المرأة العاملة في القطاع الفلاحي : الحلقة المنسية


محمد المناعي
باحث

(Manai Mohamed)


الحوار المتمدن-العدد: 5253 - 2016 / 8 / 13 - 10:42
المحور: حقوق الانسان
    


ستون سنة مرت على إصدار مجلة الأحوال الشخصية ، ستون سنة مرت على بداية حلم الحرية و الانعتاق الذين حلمت بهما المرأة التونسية و كل من آمن بالمرأة حرة مساوية للرجل تمام المساواة ، ستون سنة و لا تزال المرأة التونسية في نضال و صراع متواصلين ضد الاستعباد و الاستغلال و الحيف و التهميش و التمييز ، في مواجهة ثقافة أبوية ذكورية مهيمنة و موروث عرفي و ديني و حضاري ثقيل يكبلها ،و في مواجهة استغلال اقتصادي يجعل منها مجرد سلعة للعرض و التداول .
هذا الوضع الحرج للمرأة ينسحب على النساء على اختلاف مواقعهن في المجتمع تلميذة و طالبة و معطلة و موظفة و عاملة ، أمية و متعلمة ، ريفية و حضرية ، عزباء و متزوجة غير أن فئة من نساء تونس لا تزلن في صدارة المعاناة بعيدا عن اهتمام المهتمين بالشأن النسوي و الحقوقي ليس في تونس فقط بل على مستوى عالمي انها المرأة الريفية و تحديدا المرأة العاملة في القطاع الفلاحي .
المرأة العاملة في القطاع الفلاحي هي تلك المرأة التي تحمل عبء توفير القوت للشعب بأسره دون أن تنال في المقابل أدنى حقوقها كانسان أولا و كعاملة ثانيا رغم ترسانة التشريعات التي تضمن نظريا حقوقها انطلاقا من مجلة الأحوال الشخصية التي نحيي ذكرى اصدارها رقم 60 والدستور التونسي و مجلة الشغل و الاتفاقيات الاطارية بين أطراف الإنتاج إضافة الى المواثيق والاتفاقيات الدولية في مقدمتها معاهدة سيداو و اتفاقيات منظمة العمل الدولية .
وقد بينت دراسة قامت بها أكاديمية شباب راصد لانتهاكات حقوق الانسان التابعة للجمعية التونسية للحراك الثقافي بالشراكة مع الاتحاد العام التونسي للشغل و الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان و الشبكة الأورومتوسطية لحقوق الانسان ، وشملت حوالي 1000 امرأة عاملة في القطاع الفلاحي بولاية سيدي بوزيد بالجنوب التونسي وهي أول دراسة في هذا المجال مقارنة بين الحقوق التي تضمنها التشريعات للمرأة العاملة في القطاع الفلاحي و حجم الانتهاكات في واقعها اليومي في الأجر و العطل و التغطية الصحية و الاجتماعية و الحق النقابي و الحرمة الجسدية و النقل و غيره.
بينت هذه الدراسة أن سلسلة الانتهاك المسلط على المرأة العاملة في القطاع الفلاحي تنطلق منذ انتدابها للعمل خارج أي اطار من الأطر الرسمية أو المنظمة وعادة ما يكون عبر القرابة أو بشكل من الأشكال البدائية الأقرب لتجارة البشر حيث يعمد بعض ممتهني نقل العاملات الى المناولة فيكون الناقل هو المؤجر وهو الوسيط دون أدنى علاقة شغلية مثبتة لا بين المرأة وهذا المناول ولا بين العاملة و الفلاح . ورغم استراتيجية القطاع الفلاحي فانه لا يمثل مصدر دخل مستقر ويغلب عليه الطابع الموسمي والظرفي و غياب الاستقرار بنسبة 72 ℅ ، فهذه المرأة التي تكابد حر الصيف و برد الشتاء دون تغطية صحية و دون ضمان اجتماعي و دون أدنى شروط السلامة المهنية ، حتى عملها الهش الذي تكسب منه قوتها و قوت أسرتها غير مضمون وهي مهددة بالبطالة متى أراد المشغل ذلك و متى أراد الناقل المناول ذلك و يكفي المطالبة بحق من الحقوق أو مجرد التذمر من ظروف العمل لتجد نفسها مقصية من العمل دون أدنى حق و يتم تعويضها بأخرى في نفس الظروف لتستمر دائرة الانتهاك والاستعباد .
المرأة العاملة في القطاع الفلاحي التي تشتغل في حدود 8 ساعات يوميا و أحيانا (21℅ ) أكثر من ذلك علاوة على الصرامة في التعامل معها واقتصار فترات الراحة على أقل من ساعة للغداء و تحجير استعمال الهاتف مما يجعلها تحت ضغط نفسي بين عملها المضني و التزاماتها تجاه أبنائها في المنزل و المدرسة فان أكثر من نصف العاملات الاتي يشتغلن ساعات اضافية لا يتحصلن على مقابل اضافي و أن الأجر الأدنى الفلاحي المقدر ب13 د هو أمنية أكثر من 95 ℅ بالعاملات و التمييز واضح بين النساء و الرجال العاملين في نفس الخطة و القائمين بنفس النشاط حيث يتقاضى الرجل أجرا أكثر من المرأة وفق تقاليد وعرف ولا علاقة للمجهود البدني و لا المردود بهذا التمييز بل ان مردود المرأة يكون في أغلب الحالات أفضل من الرجل بالنسبة للمشغل والتزامها أكثر رغم الظروف القاسية التي تعيشها .
وتضل المرأة العاملة في الفلاحة عرضة لشتى المخاطر التي تعترضها أثناء عملها و خاصة استعمال المواد الكيميائية و السامة والمبيدات في عدة مغروسات و مزروعات دون أن يوفر صاحب الضيعة اللباس و الحماية الكافية للعاملات الاتي يتم تكليفهن برش المبيدات والتعاطي معها حيث صرحت 9 نساء فقط من بين 996 امرأة مستجوبة أنهن تحصلن على وسائل حماية و هي في غالب الاحيان قفازين و كمامة غازات لا غير و تضل عرضة لشتى الأمراض المتعلقة بطول فترة التعرض لأشعة الشمس وطول العمل في أماكن رطبة ...وفي حالة المرض يتم التخلص من العاملة نهائيا في غالب الحالات ، بل حتى في حالات الحمل و الولادة يتم تعويض العاملة قبل مدة من الانجاب و عدم التكفل بأدنى مصاريف لا من المشغل و لا من أي جهة أخرى نظرا لغياب التغطية الصحية و الضمان الاجتماعي بشكل كلي و غياب الوعي بالحقوق و عصا التهديد بالطرد المسلطة على رقاب النساء العاملات في القطاع الفلاحي.
نقل العاملات نحو مكان عملهن قضية تتجاوز القضايا الشغلية و المهنية لتمثل قضية استعباد بأتم معاني الكلمة ، فعلاوة على السلطة التي للناقل على العاملات فهو المسؤول عن تشغيلهن و هو المؤجر في أغلب الاحيان وهذه السلطة احدى ابواب التحرش و المضايقات ذات الطابع الجنسي ..فعملية النقل تتم في عربات غير مهيئة حتى لنقل الدواب يتم حشر على متنها العاملات بعدد يتجاوز طاقة تحملها فيقوم الناقل بسكب المياه على ارضية العربة لضمان بقاء العاملات في وضعية الوقوف وليتمكن من نقل أكثر عدد ممكن من العاملات حيث صرحت 85 ℅ من العاملات أن ظروف نقلهن رديئة و رديئة جدا وتفتقد لأدنى ظروف السلامة و الكرامة ولعل اقتران قضية حقوق المرأة العاملة في القطاع الفلاحي بمسألة نقلهن دون غيره من باقي الحقوق يعود الى تكرر الحوادث المرورية القاتلة التي تذهب ضحيتها عاملات فلاحيات في طريقهن الى العمل، هذا الانتهاك يتم على مرأى من السلط الأمنية التي تتواطؤ مع الناقلين و تمثل الرشوة الوسيلة التي يتم بها غض النظر عن هؤلاء الناقلين الذين يجوبون الطرقات و المسالك الفلاحية يوميا دون أدنى ردع .
ككل القطاعات التي تستقطب العاملات تنتشر ظاهرة العنف المسلط على المرأة بجميع أشكاله فنظرا لظروف عملها الهشة فهي ضحية العنف و المضايقات من طرف جميع المتدخلين في العملية الشغلية انطلاقا من الناقل الى الفلاح المشغل و المشرف و المستثمر و التجار المترددين على الضيعات ...فقد صرحت 13℅ من العاملات أن معاملتهن من طرف المشغل سيئة 17 ℅ صرحن أنهن تعرضن للعنف سواء اللفظي أو المادي و تروي العاملات تفاصيل تعرض العاملات للضرب و الشتم و يمثل التحرش الجنسي الجريمة المسكوت عنها من طرف الجميع و رغم ذلك فقد صرحت 8,2 ℅ من العاملات الفلاحيات أنهن تعرضن لمضايقات ذات طابع جنسي في مكان العمل وهذه النسبة في الواقع تتجاوز ضعف ماهو مصرح به نظرا لثقافة الصمت التي تطبع المجتمع الريفي تجاه مثل هذه القضايا فتخير العاملة الصمت على التبليغ و فقدان عملها خاصة في ظل غياب نقابات للعاملات الفلاحيات و النشاط المحتشم للمنظمات الحقوقية التي يمكن أن ترشد المرأة المعتدى عليها وتتابع قضيتها دون أن تفقد شغلها .
المرأة العاملة في القطاع الفلاحي في تونس مثال لحجم الانتهاكات المسلطة على المرأة العاملة عموما و على المرأة بشكل أعم فهي تختصر كل المعاناة و التضحيات و عرضة لكل أصناف الانتهاكات و في ذات الوقت الأبعد عن اهتمامات المنظمات الحقوقية و النقابية و النسوية والحلقة الأضعف في النضال النسوي من أجل تكريس الحقوق المكتسبة على المستوى التشريعي .
في الذكرى الستين لاصدار مجلة الأحوال الشخصية وبعد نصف قرن من اصدار مجلة الشغل و سنة على امضاء الاتفاقية الاطارية المشتركة بين طرفي الانتاج في القطاع الفلاحي لا تزال المرأة العاملة في القطاع الفلاحي الحلقة المنسية التي على الدولة و النقابات و الأحزاب الاجتماعية و المنظمات الحقوقية و النسائية الاهتمام بها لا بالدراسة فحسب بل بالضغط من أجل تحسين الأوضاع غير الانسانية التي تميز عملها لكي نرد جزء من جميل هذه الأم التي تطعم شعبا ولا تنال منه سوى التجاهل والسكوت على معاناتها .
http://atac.tn/2016/03/24/etude-de-terrain-sur-la-femme-ouvriere-dans-le-secteur-agricole-a-sidi-bouzid-entre-droit-et-violation-mars-2016-pdf/



#محمد_المناعي (هاشتاغ)       Manai_Mohamed#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من أجل تنسيقية وطنية للقوى الديمقراطية و التقدمية .
- اليسار التونسي : المسارات المختلفة و الفرص الضائعة
- الفضاء الثقافي-مانديلا- زهرة تقدمية في رمال متحركة
- داعش : الامبريالية حين تستثمر في الجهل و الدين و الدم
- الاتحاد العام التونسي للشغل : حركة نقابية صنعت مجد شعب
- في اليوم العالمي للعمل اللائق : واقع من العمل المهين في المن ...
- حملة نقابية عربية مساندة للنساء الموريتانيات ضحايا الاتجار ب ...
- الحراك الشعبي وقود المسار الثوري التونسي
- أي خطاب ديني ممكن في مواجهة التطرف و الارهاب؟
- دورالنقابات في مناهضة الهيمنة الامبريالية


المزيد.....




- احتجاجات أمام سجن محلي في تكساس للإفراج عن طلبة تظاهروا دعما ...
- بالصور..اعتقال عشرات الطلاب في تكساس بسبب مشاركتهم في مظاهرا ...
- تأييدًا لغزة.. طلاب وأساتذة يتظاهرون في جامعة سيدني
- شبح المجاعة لا يغيب.. غزيون يشتكون شح السلع وغلاءها
- الحكم على مغنٍ إيراني بالإعدام على خلفية احتجاجات مهسا
- الإعدام لـ11 شخصا في العراق أدينوا -بجرائم إرهابية-
- تخوف إسرائيلي من صدور أوامر اعتقال بحق نتنياهو وغالانت ورئيس ...
-  البيت الأبيض: بايدن يدعم حرية التعبير في الجامعات الأميركية ...
- احتجاجات أمام مقر إقامة نتنياهو.. وبن غفير يهرب من سخط المطا ...
- الخارجية الروسية: واشنطن ترفض منح تأشيرات دخول لمقر الأمم ال ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - محمد المناعي - في الذكرى الستين لإصدار مجلة الأحوال الشخصية ،حقوق المرأة العاملة في القطاع الفلاحي : الحلقة المنسية