|
التنجيم المانوي.. والأبراج
عضيد جواد الخميسي
الحوار المتمدن-العدد: 5252 - 2016 / 8 / 12 - 09:52
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
اقر ماني التعاليم التنجيمية مثلما اقرها العديد من معاصريه . علاوة على انه نشأ في بلاد الرافدين ، وهي بلاد تبجيل النجوم ، وتم اظهار آرائه بطرق متعددة ، وكانت قانونا لاتباعه . وكما عدّ ماني الشمس والقمر كائنين طيبين كانا الفعل الأداتين الرئيسيتين لاستعادة ذرات النور ، فقد عدّ بقية الكواكب ومنازل البروج على انها قوى شريرة وخبيثة . هذا وقد تبنى المندائيون المنحى ذاته بأستمرار ، عدا عن انهم عدّوا الشمس والقمر بمثابة جزء من بقية الكواكب واشاروا لهذا السبب الى " السبعة ، والأثني عشر " على انها القوى المدمرة للوجود . وكان موقف الزورانية حول هذه النقطة اكثر ترجيحا ، اذ شغلت الآراء التنجيمية والتأملات دورا هاما فيها . كما كان التنجيم وتبجيل النجوم عاملاً ثابتاً في الثقافة الهلنستية المتاخرة ، ولهذه الاسباب مجتمعة ليس من السهل تمييز المصدر الرئيسي لماني ، ومن ناحية اخرى يمكن ان يكون هناك شك خفيف في أن الحرانيين الذين وجدت العقيدة التنجيمية البابلية القديمة ملاذاً في ديارهم ، وقد أدلو بدلوهم واسهموا بعض المساهمة . وهناك العديد من الامثلة في تعاليم ماني تم تدوينها في القفالايا ( الفصول) التي تعالج علامات منازل البروج ، وتهتم اولى هذه الاشارات بتوزيع الأثني عشر منزلاً بين عوالم الظلام الخمسة ، ومن ناحية ثانية فأن المخلوقات الخاصة بمنازل البروج لاتوجد داخل هذه الكواكب ، لكنها مسحوبة ومربوطة بالكرة السماوية او الدولاب . وهكذا علينا ان ندرك انها مسحوبة من عوالم الظلام الخمسة ومربوطة بالكرة السماوية ، وانه قد خصص مخلوقين لكل عالم . ويقول ماني نفسه ، انه هناك مخلوقان لكل عالم من العوالم خاصين بمنازل البروج ، ومع ذلك بما ان هناك اثني عشر برجاً وخمسة عوالم فعلى التنسيق يتبع هذا النمط: 1. القوس والجوزاء ينتميان لعالم الدخان 2.الحمل والأسد ينتميان لعالم النار 3.الثور والدلو والميزان تنتمي لعالم الريح 4.السرطان والعذراء والحوت تنتمي لعالم الماء 5.الجدي والعقرب ينتميان لعالم الظلام وهؤلاء هم " حكام الشر الأثني عشر " ( القفالايا ــ الفصل 69 ) ورسم " و. ستكمن " المتخصص في علم التنجيم للعصور القديمة ، الابراج المذكورة وفق الترتيب السالف بشكل دائري ، متوخيا من هذا ان يوضح المعنى ، ويبدو انه قد نجح عندما قال ( من الواضح ان هذه لعبة بالمظاهر القطرية والثلاثية والتربيعية والسداسية ، كما ان التصنيف متناسق ) . هذه هي نتائج التتابع للمظاهر التي نحن بصددها : 1. دخان قوس + جوزاء قطري ايجابي 2. نار أسد + حمل ثلاثي 3. ريح ميزان + دلو + ثور رباعي 4. ماء حوت + عذراء + سرطان سداسي 5. ظلام الجدي + العقرب قطري سلبي
واعتبر التنجيم المعاصر ان القطري والرباعي من بين هذه المظاهر سلبيان ، بينما الثلاثي والسداسي ايجابيين ، ويقع بالتالي الثلاثي والقطري الايجابي وراء القطري السلبي ، ثم تاتي الدائرة السلبية التي تنتج بدورها الثلاثي والسداسي الايجابيين ، والتنافر ناشيء عن التفاوت بين الرقمين " 12 و 5 " . ويلحق بترتيب متناسب بالقطري السلبي والسداسي الايجابي ، اذ ان الاخير متقابل مع الاول السلبي ، وتؤكد هذه المعادلة المعكوسة للمظاهر المختلفة تشديد ماني على مايتعلق بالأبراج حيث يقول ( انها جميعا متعادية ومتخاصمة بعضها من بعض ) . واستخدم ماني في المقطع الثاني من مقاطع القفالايا ( الفصل 68 ) نظاماً قسّم العالم بموجبه الى اربعة اقسام : انقسم كل منها الى مثلثين متجاورين ، وتم توزيع الشارات الخاصة بدوائر البروج حسب التقسيم الثلاثي التالي : المثلث الأول الحمل والاسد والقوس غرب/ شمال المثلث الثاني الثور والعذراء والجدي غرب/ جنوب المثلث الثالث الجوزاء والميزان والدلو شرق/ شمال المثلث الرابع السرطان والعقرب والحوت شرق/ جنوب واعطى ماني ملاحظة حول مختلف التكهنات المشؤومة ، لكن الغريب هنا انه تم تحويل النظام الفضائي الكوني الى نظام زمني ، فالمثلثات المشار الى توزيعها المشؤوم في دائرة البروج يصبح تأثيرها نافذ المفعول في بعض المدد الزمنية ، ومن المحتمل ان هذا قد يجلب الخير للعالم اجمع ..! وهناك قوائم في الاصول التنجيمية تقوم بخلط الشارات المتعلقة بدائرة البروج مع التكهنات بحصول كارثة ما ، ويبدو ان ماني قد تبنى قائمة من هذا القبيل بالنسبة للمثلثات ، واضاف نظاما زمنيا الى النظام الفضائي ليس منطقيا تماما .
ويتم بيان الغموض الذي ظهر في تنجيم ماني في تقسيمه للزمن الى مدد ايضا ، فقد حرف المخطط الى حد ما ، ومع ذلك فان ( هنغ ) الذي عرض المسائل بشكل واضح وصحيح ، وقد صرح بدقة تامة قائلاً : ( لاتوجد دعوة لإنقاذ ماني لهذا التحريف الثانوي ، فقد قرره هو بالنسبة لعلم عصره وللافكار العلمية بشكل عام ، ولم تكن لديه اية رغبة ليكون رجل علم . بل مجرد كاهن ) ....
#عضيد_جواد_الخميسي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الايمان بالآخرة والجنة الموعودة في العقيدة المانوية
-
عيد الوليمة المقدسة والعشاء الربّاني في المانوية
-
التعميد عند المانويين
-
التنظيم اللاهوتي والعقيدة المانوية ( الحلال والحرام )
-
ترتيلة الروح (اللؤلؤة ) الرافدينية
-
أمراء الكورد البوتانيين في طور عبدين
-
الآراميون والوطن الأم ( الرّها )
-
ملحمة نيوما ايليش البابلية ( اسطورة الخلق )
-
كنيسة القيامة.. خربت ثم قامت
-
عراقيون منسيّون .. الأقليّة السوداء في العراق
-
الطب الإغريقي وأثره عند المسلمين العرب
-
الثورة العراقية 1958 برؤية برفيسور أمريكي
-
أحكام الإعدام للمرأة الايرانية في الجمهورية الإسلامية
-
المرأة الايرانية ..بين عنف الدولة وعنف المنزل
-
المرأة الايرانية..عقل نيّر، وحق مهضوم
-
نبوخذنصر.. لم يكن مجنونا !
-
الرؤية الفلسفية لكلكامش
-
ممالك الأخلامو الآراميين
-
موطن السومريين في بلاد مابين النهرين
-
من أسرار حضارة قرطاج وعبادة بعل هامان
المزيد.....
-
هل قررت قطر إغلاق مكتب حماس في الدوحة؟ المتحدث باسم الخارجية
...
-
لبنان - 49 عاما بعد اندلاع الحرب الأهلية: هل من سلم أهلي في
...
-
القضاء الفرنسي يستدعي مجموعة من النواب الداعمين لفلسطين بتهم
...
-
رئيسي من باكستان: إذا هاجمت إسرائيل أراضينا فلن يتبقى منها ش
...
-
-تهجرت عام 1948، ولن أتهجر مرة أخرى-
-
بعد سلسلة من الزلازل.. استمرار عمليات إزالة الأنقاض في تايوا
...
-
الجيش الإسرائيلي ينفي ادعاءات بدفن جثث فلسطينيين في غزة
-
علييف: باكو ويريفان أقرب من أي وقت مضى إلى اتفاق السلام
-
-تجارة باسم الدين-.. حقوقيات مغربيات ينتقدن تطبيق -الزواج ال
...
-
لأول مرة.. الجيش الروسي يدمر نظام صواريخ مضادة للطائرات MIM-
...
المزيد.....
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
-
آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس
...
/ سجاد حسن عواد
-
معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة
/ حسني البشبيشي
-
علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|