أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - شذى احمد - خرق الذاكرة














المزيد.....

خرق الذاكرة


شذى احمد

الحوار المتمدن-العدد: 5251 - 2016 / 8 / 11 - 17:16
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


المسافات بعيدة. والطرق وعرة. الحواجز بينهما صارت اكثر حدة ،واشد قساوة. في بيتها القديم حيث النخلة العالية، والعصافير الصاخبة. بركة الماء العذب. ورائحة الطين التي ترطب القلب في ايام اللهيب باعذب المشاعر وتمدها بالقوة

ذلك الحنين الذي صار يوجع كجرح ندي. يجر في اثره الف جرح يتعاونون لانهاك جلدها فتنهمر الدموع من عينيها كحجارة تفتت الى حبات رمل حارقة

جلست على المقعد الخشبي بعدما ضاعت بين الشوارع والاسماء والطرقات. هكذا بكل بساطة رغم سهولة الاستدلال على كل عنوان بحسن التنظيم والترتيب .والنظام الصارم والمتقن لتقسيم المدن والشوارع والعناوين في البلد المضيف

انتصف النهار وهي ما زالت تبحث. تتحشرج الكلمات في حلقها عندما تعيها الحجة وهي تستدل على العنوان الذي تنشده. لكنها لا تصل لنتيجة . ربما لسوء فهمها لللغة ام بسبب ارتباكها الذي راح يزداد كلما فشلت في الاستدلال عنه

جلست على المقعد الخشبي في احدى الحدائق العامة التي تزخر بها المدينة ، عيناها المنهكتان كادتا تذرفان دموع الغضب والخذلان.., والاحساس بقلة الحيلة . وحيدة الا من بعض اللازم الذي لا تملك سواه لكي تواصل . اجالت بنظرها محاولة ترتيب ذاكرتها فوقعت عينيها على نصب عجيب يزين المتنزه … هذه الحدائق العامة لحالها قصة. كم فكرت بها وتمنت لو قصت بعض تفاصيلها للاهل هناك

ذلك النصب لم يكن الا حيوان وحيد القرن صنع على الاغلب من النحاس لكن ليس ذلك ما اثار دهشتها بل تلك الخرق التي غلفته . هذه الموضة سارية المفعول هنا في كثير من المدن. ينجزها شباب متطوع يأتي من دول اوربية متعددة لتزين هذه المدينة وتلك. بلا مقابل مادي ولا حتى تكاليف سفر. فقط هكذا من اجل اوربا اجمل
نسيت للحظة كل شيء وراحت تطلق العنان لذكرياتها. هذه الخرقة تشبه فستاني الذي اشتريته ذات مرة في العيد الكبير. وهذا اللون والنقشة كانتا المفضلتين لأختها. كم احب زوجها اللون هذا ، واغرقها بالقبل يوم جعلت كل ستائر البيت تزدان به. احس وقتها وعيناه تنطقان بالحب بانه حظي باحب واخلص زوجة . وتلك القطع المبعثرة كانت الاقمشة التي صنعت منها ملابس صغارها يوم كانوا لا يعترضون ،ويفرحون بما تلبسهم اياه!!. كان كل شيء جميل .. سبحت بذكرياتها في بحور الذكريات وغرد لها عصافير الحديقة المهملة في بيتها القديم. وتسلل خنجر الذكريات لقلبها بغتة وهي تتذكر كيف مضى كل هذا. كيف تهدمت جدران البيت بالقذائف ،وتعرى من سقفه بعد سطحه الذي كان يردد احلى اغاني الصيف ولياليه

تذكرت كيف داهموا البيت بعد خرابه . وكل الالوان عفرها التراب والبارود. كيف وقفت حائرة عاجزة عن اطفاء حرائق ثياب البيت وستائره والوانه التي كانت يوما ما زاهية كطلتها

تذكرت كيف احرقوا ما تبقى ومسحوا به الغبار عن بنادقهم . ثم انحدروا اكثر ليزيلوا الغبار من على بساطيلهم المعفرة بالدم والتراب ..بالرماد
..والبارود

كانت حرائق الخرق المعفرة بغطرسة المتسللين من المحتلين والمليشيات والدخلاء كلهم على السواء تقض مضجعها ،وتخيفها من مجرد النظر في مرآة الذاكرة

لكنها هاهنا كل خرق الذاكرة منسقة ، منظمة مصفوفة ..خيطت بعناية على جسد وحيد القرن الصامت هذا

لكن الفرق بينهما ان تلك كان لها الف وتر ووتر. تعزف كلما شاءت الحانها الموجعة. اما هذه فلها قلب من رخام , ظهر من نحاس. وحكايا شابة تفرح الخضرة قبل الزائرين وتملأهم بذكرى واحدة.. بهجتها



#شذى_احمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وصايا للعاشق
- الاسيرة الجميلة
- ولست دميتك
- حياة المفخذة
- الاميرة البابلية
- قناع الشمع
- البث الناقص
- رايح على الجنة
- صمت الوداع
- خريف المواسم
- وشكرا
- عطر الموعد
- د..أ..ع..ش
- تاشيرة مرور
- اعترافات مهاجر
- القرار ذكر
- الأصنام
- الخزف المطحون
- مغرور
- ملفها الثقيل -1-


المزيد.....




- بي بي سي عربي تزور عائلة الطفلة السودانية التي اغتصبت في مصر ...
- هذه الدول العربية تتصدر نسبة تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوي ...
- “لولو العيوطة” تردد قناة وناسة نايل سات الجديد 2024 للاستماع ...
- شرطة الكويت تضبط امرأة هندية بعد سنوات من التخفي
- “800 دينار جزائري فورية في محفظتك“ كيفية التسجيل في منحة الم ...
- البرلمان الأوروبي يتبنى أول قانون لمكافحة العنف ضد المرأة
- مصر: الإفراج عن 18 شخصا معظمهم من النساء بعد مشاركتهم بوقفة ...
- “سجلي بسرعة”.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالبيت ف ...
- إيران - حظر دخول النساء الملاعب بعد احتضان مشجعة لحارس مرمى ...
- هل تؤثر صحة قلب المرأة على الإدراك في منتصف العمر؟


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - شذى احمد - خرق الذاكرة