أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - رشيد العالم - ويسألونك عن الروح














المزيد.....

ويسألونك عن الروح


رشيد العالم

الحوار المتمدن-العدد: 5250 - 2016 / 8 / 10 - 16:29
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


ويسألونك عن الروح.

كتبَ الكثيرُ عَن الرُّوح، من قبل فلاسفة اليُونان من أمثال سُقراط وأفلاطون وأرسطو.. كما خاض فيهَا فلاسفة الإسلام من أمثال الفرابي وابن سينـَا وابن رُشد والغزالي..وغيرهم غير أنَّ مَوضوع الرُّوح سَيظلُّ مهْمَا تعمَقَ أهلُ الرَأي والنظر (المتكلمون) وأهل المنطق والبرهان (الفلاسفة) وأهل المشاهدة والمكاشفة (الصوفية) وأهل التعليم والمخصوصون بالاقتباس من الإمام المعصوم (الباطنية).. في الإحاطة بهَذا الجنس اللطـِـيف، الذي قال عنه أبو حامد الغزالي في كتابه : "المنقد من الظلال"، بأنه مِن عَالم الغيب، وأنه جَوهرٌ عَزيز مِن جنس جَوهر المَلائكة ، فحتى الكتب المقدسة لم تقدم إشارَات أو أجوبة ترشدُ العقل الإنساني إلى مَاهية الرُّوح وجَوهرهَا وسِرِّها الذي تنطوي عليه، بما في ذلك القرآن الكريم الذي قال فيهِ عز مِن قائل في سُورة الاسراء " ويسألونك عن الرُّوح، قل الرُّوح مِن أمر ربِّي وما أتيتم من العِلم إلا قلِيلا "
فأي علم ذلك الذي أشار إليه الله سبحانه وتعالى في سِيَاق الآية الكريمة، فربطه بالروح، فهل يا ترَى يُقصد مِنهُ العلم الدُنيوي الذي يشمل علم الأجنة والفيزياء وعِلم الفلك والأحيَاء والجيُولوجيَا الفيزيولوجيا...إلخ أم أن العلم الذي أشارَ إليه الله سبحانه وتعالى علمٌ ربَّانيٌّ، لدُنيٌّ، ذوقيٌّ، عِرفاني، شبيه بالعلم الذي أوتي إيَّاه الخضرُ عليه السلام، الذي قال فيه سبحانه وتعالى " وآتيناه رَحمَة من عِندنـَا وعلـَّـمناهُ مِن لدُنــَّا عِلمَا "
فبعضُ المفسرين أورَد أن المَقصُودَ مِن العلم في هذه الآية هو العلم الذي يُرشدُ إلى معرفة الله سبحانه وتعَالى وهُوَ أعلى مَرَاتِبِ العلوم وأشرفها وأجلهَا، وبالتالي فالعلمُ الذِي يرشدُ الإنسان إلى معرفة الرُّوحُ، هو العلم الذي يرشدُهُ إلى مَعرفةِ الله عز وجل وهُوَ حَسَب الآية، العلم الذِي لم نؤت مِنهُ إلا القليل القليـــل.
فلا يخفــَى على الإنسان أنَّ ما توصل إليه العلم الحَديثُ، بشقيه التقني والنظري. ليس بأمر هين، فقد استطاع الإنسان أن يسخر الطبيعة ويطلق الصَّوَاريخ، ويتنبأ بطقس الشهر القادِم أو قل العَام القادم.. ويَضع حَدًّا للكوارث قبل وُقوعِهَا ويتنبأ بالزلازل.. فضْلا عن العِلاج بالخـَلايا الجذعية التي أثبتت فاعليَّة كبيرة في نموّ الأوعية الدموية التي تحدُ من ضرر الفوري للنوبَات القلبية، وزراعة القلب والكلى وتخصِيب اليُورَانيُــوم وصِناعة الأقمار الاصطناعية التي تراقب بشكل دقيق نشاط الطبيعة والإنسان...إلخ
فالأشياءُ التي كانت في المَاضي ضربًا من الخرَافاتِ التي لن تتحَقق، صارت أمرا بديهيـًا لا ينظرُ إليهِ أبدًا على أنه أعْجُوبَة الزَّمَان والعَصر.
فالسبيلُ إذن إلى المَعرفة القلبية ( مَعرفة أهْل الخَوَاص) لا تتم عن طريق العِلم الدُنيوي، علم الذرَّات والمَوجَات الكهرُومغناطيسيَّة وأشعة أكس وفوق البنفسجية..ولا عن طريق نظريَاتِ إنشتـَاين ولا ستيفينْ هُوكينز، وإنما عَبر العِلم اللدني، الذي يَختصُّ به أهلُ الصُّوفية الذين يَجدُّونَ ويجتهدون في سبيل تحصِيل القِيم الرُّوحية العَارجَة التي تمكنهم من سَبر عَوَالم لا تصلُ إليهَا أجهزة العلم الحَدِيث ولا تعرفهَا بل وتنكرُهَا، وبالتالي فالصوفية يَعتبرونَ القلب وَسيلة تحصِيلَ المَعرفة، والرُّوح وَسيلة الاتصَال بالله تعالى، لأنها أعلى وأسمى وأقدس الهبَات التِي وَهَبهَا الله للإنسَان، لأنها نفخة منه كما قال تعَالى " ونفخـْـنـَا فيهِ من رُوحِنـَا "
أي أن الله سُبحَانه وتعالى نفخَ فِي الجَسَدِ الفاني روحًا أزلية أبدية سَرمَديَّة، وبالتالي فهم يحتقرُون الجسد لأنه حَامل للشهَوَات والنزَواتِ التي تقيدُ الحسَّ والعقل وتشغلهم بالدنيا..
فالعَقل والحَوَاس والإدراك وَسلية وآلية لتحصيل العلم الدنيوي الذي يخضعُ لنظرية التجريبِ والتطبيق..بينما العلم اللدنِيّ أو العلم العِرفـَاني البَاطِنِي، يقتضي في المقام الأول القطيعة مع الحس والعقل والإدرَاك، وأن تغيب الرُّوحُ فِي حَضرَة الحق سُبحَانه، حتى يتجرَّد ظـَاهرًا وباطنـًا ويَفنى في المَعَانِي العليَّة الأقدسيَّة.
فالعلم حَسب الآية من سورة الإسراء على وَجهين اثنـَــين:
أن الإنسان لم يُؤتـَى من العلم الدُّنيويّ إلا القليل مَهْمَا حَاز من اختراعاتٍ وابتكاراتٍ في شتى المَجَالات، فالمعرفة العِلمية في العصْر الحالي، تتطور في كل دقيقة وثانية، بعدما كانت في القرون المَاضية تتطور بعد شهور وسَنواتٍ وذلك من خلال مَا توفر من آلاتِ وأجهزة بسيطـَة..ففِي كلِّ يوم نقرأ في الجَرَائد والمجلات والمواقع عَن اختراعاتٍ وهَوَاتف ذكية جديدة وأقمار اصطناعية وأمصال وأدوية ...إلخ
ونفهم مِنها أيضًا أنَّ الإنسان لم يؤتَ من العلم الدُّنيوي واللدني إلا القليل. بحيثُ أن المَرءَ مُنشغل بظاهِر الدنيَا وظاهِر الأشياء لا بباطنهَا، فالإنسَان مهمَا ارتقى فِي مَدَارج الصَفـَاء والتزكية الرُّوحية، يظل محتاجًا إلى طلبِ مَقامات أعلى وأجَلَّ وأشبع لنهَمِه الرُّوحي الذي يشبعه إلا الحُضُور من الحق سبحانه في كل وقت وحين، وكذلك الرُّوحُ تبقى عَصيَّة على الإحاطة بكنههَا وسرِّهَا، غير أن الإنسان مُكلف بمعرفة رُوحهِ ونفسه التي هي شرْط في مَعرفة الله، لأن الله سبحانه وتعالى قال: "ومَا خلقتُ الجنَّ والإنسَ إلا ليعبدون"
أورَدَ القاضِي عياض اليحصبي في كتاب الشفا الملجد الثاني أن السمرقندي قال في شرحِهِ لهذه الآية: وما خلقتُ الجن والإنسَ إلا ليعرفــُون.
فلا مَعرفة بدُون علم، كما أنهُ لا عِبَادة عَن جَهل.

Facebook. Rachid elaalem



#رشيد_العالم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما عاد يحلو لقلبي التمني
- صوفية الوصل
- حوار الفنان الكاريكاتوري نزار عطاف
- كأسٌ أنا بَيْنَ يَديك
- سكرة الوصل
- حوار مع الشاعر والفنان التشكيلي نورالدين برحمة، حاوره الشاعر ...
- كرسي الإعتراف (5)
- كرسي الإعتراف (4)
- كرسي الإعتراف (3) - هايكو -
- كرسي الإعتراف (2)
- كرسي الإعتراف (1)
- لم أكن ملاكا ولا شيطانا
- حوار مع الأديب عبد الواحد العرجوني
- في ذكرى رحيل جبران خليل جبران
- حوار مع الروائي محمد العرجوني.
- عيون جبران خليل جبران
- لم يعد للنبوة صوت
- عن الزهد وإبقاع العصر
- قصص قصيرة جدا ً
- وكذلك سولت نفس الخرافة


المزيد.....




- إزالة واتساب وثريدز من متجر التطبيقات في الصين.. وأبل توضح ل ...
- -التصعيد الإسرائيلي الإيراني يُظهر أن البلدين لا يقرآن بعضهم ...
- أسطول الحرية يستعد لاختراق الحصار الإسرائيلي على غزة
- ما مصير الحج السنوي لكنيس الغريبة في تونس في ظل حرب غزة؟
- -حزب الله- يكشف تفاصيل جديدة حول العملية المزدوجة في عرب الع ...
- زاخاروفا: عسكرة الاتحاد الأوروبي ستضعف موقعه في عالم متعدد ا ...
- تفكيك شبكة إجرامية ومصادرة كميات من المخدرات غرب الجزائر
- ماكرون يؤكد سعيه -لتجنب التصعيد بين لبنان واسرائيل-
- زيلينسكي يلوم أعضاء حلف -الناتو- ويوجز تذمره بخمس نقاط
- -بلومبيرغ-: برلين تقدم شكوى بعد تسريب تقرير الخلاف بين رئيس ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - رشيد العالم - ويسألونك عن الروح