أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - بوابة التمدن - فاطمة ناعوت - على شط القناة: الصمتُ في حرم العمل... عملٌ














المزيد.....

على شط القناة: الصمتُ في حرم العمل... عملٌ


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 5250 - 2016 / 8 / 10 - 01:52
المحور: بوابة التمدن
    


==========================
مرَّ عامٌ كاملٌ على حيازتي هاتين الصخرتين الثمينتين. عام قد مضى على هذا الحدث الفريد، الذي يُعدُ علامةً في حياة كلّ من حضره من الشخصيات العامة. جئنا لكي نشهد بزوغ شريان مائي جديد يتشكّل في رُسغ مصر الطيبة، ليكون جسرًا مائيًّا عالميًّا ينقل الدواءَ لمريض، والطعامَ لجائع، واللعبةَ لطفل، والكتابَ لمثقف، والزهرة لحبيبة، والسلاح لجندي. ينقل الحياة، بين البقاع والأصقاع في أرض الله الواسعة. مرَّ عامٌ على افتتاح قناة السويس الجديدة بمصر، في السادس من أغسطس الماضي 2015. والآن، فإن الصخرتين الصغيرتين اللتين جلبتهما من أرض القناة مع بداية الحفر في سبتمبر 2014 ، أصبحتا الآن أثرًا تاريخيًّا ثمينًا. أحتفظ بهما مثل كنز في صندوق من الكريستال على أحد رفوف مكتبة بيتي التي تحمل النفائس والأوسمة ودروع التكريم، إلى جوار قنينة البلور الصغيرة التي تحتوي على قطرات من أول مياه ظهرت في أرض القناة بعد بداية الحفر بشهر وعدة أيام.
يوم الحفل، حدثت واقعةٌ عابرة، استوقفتني، رغم مرورها على كثيرين، لكنها كانت بمثابة عصفور صغير همس في أذني: “علّ الخيرَ قادمٌ بإذن الله لمصر الحزينة".
كنّا جالسين أمام ضفّة القناة تحت قيظ الظهيرة ننصتُ إلى كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى جموع المصريين والعالم. وفجأة، مرّت من أمامنا، وخلف ظهر الرئيس، سفينةُ بضائع عملاقة، تشقُّ صفحة المياه الوليدة التي جئنا نحتفل بميلادها في عرض القناة الجديدة. أطلقتِ السفينةُ أبواقَها صادحةً عالية، كأنما تُقدّم التحيةَ لمصرَ، ورئيسها وشعبِها وللعالم الذي ينتظر القناة التي ستنقل الخير من العالم وإليه. قاطع صوتُ بوق السفينة صوتَ الرئيس وهو يُلقي كلمتَه، فما كان من الرئيس إلا أن صمت وقطع خطبته، ثم استدار ووجّه بصرَه، مثلنا، صوبَ السفينة التي تمرُّ لأول مرة في حياتها عبر هذا الممر الملاحي الجديد. صمتَ الرئيسُ ونحّى الأوراق جانبًا وصفّق للسفينة مع المصفقين، فكأنما يردُّ التحية بأحسن منها، كما علّمنا اللهُ.
وقتها لم أكن أدري إن كانت تلك الواقعةُ الطريفة مقصودةً، أم عفوية غير مرتّبة. وقلتُ لنفسي إن كانت مقصودةً فقد صنعتْ رسالةً عبقرية غُزِلت دراماها بذكاء وإبداع. وإن كانت عفوَ مصادفةٍ، فقد قدّمتْ رسالةً قدريةً بليغة.
توقفتُ كثيرًا عند هذه الواقعة التي رأيتها حاشدة بالمعاني. كأنما يود الرئيس أن يقول إن: "صوتَ العمل" أهمُّ من "صوت الكلام". العملُ يكسرُ الكلام. وهل نحتاج سوى العمل من أجل الارتقاء بمصر وإعلاء شأنها في هذه اللحظة الصعبة من تاريخها؟ الرئيس عبد الفتاح السيسي، صمت حين تكلمتِ السفينةُ. فكأنما بصمته يقول: “أنا رئيسُ مصر، أحترمُ هذه اللحظة التاريخية التي تمرُّ فيها أول سفينة تجارية في المجرى الملاحي الجديد. هذه اللحظة هي ناقوسُ بدء العمل وتشغيل القناة رسميًّا، فوجب معها الصمتُ، لأن الصمتَ في حرم العملِ... عملٌ، مثلما: “الصمتُ في حرم الجمال جمالٌ”، كما قال الشاعر. يتحتمُ الصمتُ عن أي كلام حين يبدأ العمل، حتى وإن كان الكلامُ هو خطبة الرئيس التاريخية للعالم وللمصريين في لحظة تدشين القناة الجديدة. كتبتُ مقالا حول الواقعة ووضعتُ سؤالي في نهايته: “هل الواقعة عفوية قدرية، أم مرتّبة؟
إن كانت عفوية فقد كان بوسع مُنظّمي الحفل إبلاغ قبطان السفينة أن يؤجل وصول سفينته إلى حيث مواجهة المنصّة، حتى يُنهي الرئيسُ كلمتَه. وكان بوسع القبطان، وقد وجد الرئيس يتحدث، أن يمرَّ في صمت فلا يُطلق نفيرَه الذي قطع كلمة الرئيس. كلا السيناريوهين كانا منطقيين وأكثر قبولا، لكنهما لم يكونا الأجمل. الأجملُ هو السيناريو الثالث الذي حدث بالفعل. كلٌّ سار في طريقه يؤدي عمله وفق برنامجه. الرئيس يفتتح القناة الجديدة ويقول كلمته للعالم، وقبطانُ السفينة يقود سفينته في طريقها لنقل البضائع إلى العالم. فإن تقاطعت اللحظتان، احترم الرئيسُ لحظة العمل وقدّمها على كلمته، وإن كانت تاريخية وينتظرها العالم.
ثم سافرتُ إلى أمريكا في اليوم التالي لحضور مؤتمر أدبي. وجاءتني مكالمة من د. سامي عبد العزيز، يخبرني بإجابة الرئاسة على سؤالي: “الواقعة مقصودةٌ ومرتبة، والمعنى الذي وصلني هو المقصود بالضبط: "العمل قبل الكلام.”
ازدادت بهجتي لأنني تأكدت من معدن هذا الرجل الذي قال والشعبُ يناديه للترشّح: “لو قبلتُ الترشّح للرئاسة لن تناموا. سنستيقظ في السادسة صباحًا لنبدأ العمل.” وقبلنا شرطَه الصعب. ولكن ما حدث أنه ألزم نفسَه بما قال. فبدأ يومَه في السادسة وجعل الوزراء يذهبون إلى أعمالهم في السادسة صباحًا. بينما لم نلتزم نحن، للأسف، بالشرط الذي قبلناه، راضين مرضيين. فمازلتُ أرى الكسلَ والفوضى والتراخي ينهشُ في خاصرة مصر. فيا ليتنا لا نقف عند لحظة الفرح بافتتاح قناة السويس الجديدة، بل نعمل بكامل طاقتنا على استكمال مشوار الحلم الصعب والطويل الذي بدأت أولى خطواته الألف، في ذلك النهار الجميل. يومها تأكدتُ أن العمل لن يتوقف في القناة مع افتتاحها، بل ستتبعه مشاريعُ ومشاريع.
يومها قال الرئيسُ في كلمته: “سننتصرُ على الإرهاب بالحياة، وعلى الكراهية بالحب.” وأقول لنفسي ولشعب مصر الطيب: “ولن ننتصر على الفوضى والفقر والفساد والقمامة والترهّل والكساد، إلا بالعمل. دعونا نصمتُ عن الكلام، كما صمت الرئيس عبد الفتاح السيسي لحظة مرور سفينة البضائع، حتى نسمح لسفينة "العمل" أن تمرّ.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زورق
- على شط القناة: الصمتُ في حرم العمل... عمل
- خنجر في ظهر مصر
- ماذا لو ظهر ابن رشد اليوم؟
- الشيخ كريمة وخفّة ظِل المصريين
- جميلةٌ من صبايا مصر
- ماذا تفعل لو كنت البابا؟
- فاتحةُ القرآن، والصلاةُ الربانية
- كل سنة وأنت طيب يا أبا زيد
- جيشُ مصرَ شعبُ مصرَ
- البجعة
- قلادتك
- الماكينة بتطلع قماش!
- وكرُ الأشرار
- المسجد النبوي .... هل غادرَ الإرهابُ من مُتردَّم؟
- هل احترام حقوق الأقباط عداءٌ للإسلام؟
- شيءٌ من العبث لن يفسد العالم
- حقلُ الألغام
- مصرُ التي نشتاق إليها
- يومٌ من عمري، وشموعٌ كثيرة بعد لم تُقَد


المزيد.....




- شاهد..قرية تبتلعها الرمال بعد أن -تخلى- عنها سكانها في سلطنة ...
- الأمن الروسي يعتقل 143 متورطا في تصنيع الأسلحة والاتجار بها ...
- وزارة الخارجية الروسية تصر على تحميل أوكرانيا مسؤولية هجوم م ...
- الحرب على غزة| وضع صحي كارثي في غزة وأيرلندا تنظم إلى دعوى ا ...
- ضغوط برلمانية على الحكومة البريطانية لحظر بيع الأسلحة لإسرائ ...
- استمرار الغارات على غزة وتبادل للقصف على الحدود بين لبنان وإ ...
- تسونامي سياسي يجتاح السنغال!!
- سيمونيان لمراسل غربي: ببساطة.. نحن لسنا أنتم ولا نكن لكم قدر ...
- قائد الجيش اللبناني يعزّي السفير الروسي بضحايا هجوم -كروكوس- ...
- مصر تعلن موعد تشغيل المفاعلات النووية


المزيد.....

- خط زوال / رمضان بوشارب
- عينُ الاختلاف - نصوص شعرية / محمد الهلالي
- مذكرات فاروق الشرع - الرواية المفقودة / فاروق الشرع
- صحيفة الحب وجود والوجود معرفة , العدد 9 / ريبر هبون
- صحيفة الحب وجود والوجود معرفة ,, العدد 8 / ريبر هبون
- صحيفة الحب وجود والوجود معرفة العدد 7 / ريبر هبون
- صحيفة الحب وجود والوجود معرفة الالكترونية , العدد 6 / ريبر هبون
- صحيفة الحب وجود والوجود معرفة , العدد 5 / ريبر هبون
- صحيفة الحب وجود والوجود معرفة العدد 4 / ريبر هبون
- صحيفة الحب وجود والوجود معرفة , العدد 2 / ريبر هبون


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - بوابة التمدن - فاطمة ناعوت - على شط القناة: الصمتُ في حرم العمل... عملٌ