أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الجليم مهورباشة - الثورة العرابية وثورات الربيع العربي: تشابه المقدمات (الاستبداد السياسي) وتطابق النتائج (الاحتلال الأجنبي) (قراءة في موقف محمد عبده من الثورة العرابية)















المزيد.....

الثورة العرابية وثورات الربيع العربي: تشابه المقدمات (الاستبداد السياسي) وتطابق النتائج (الاحتلال الأجنبي) (قراءة في موقف محمد عبده من الثورة العرابية)


عبد الجليم مهورباشة

الحوار المتمدن-العدد: 5249 - 2016 / 8 / 9 - 19:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يبدو أن الأمة العربية تعاني من ثقوب في ذاكرتها التاريخية، أو تعاني بلغة النفسانين من انقطاع متوالية في ترتيب مشاهد ذاكرتها التاريخية، فيسري النسيان إليها ويصبح مستحكما في قراءتها للحوادث التاريخية الجديدة، فتقبل على ارتكاب نفس الأخطاء التاريخية، وتعيد إنتاج نفس العوامل المفضية إلى توالد الأزمات. فكيف لم تنظر إلى أرشيفها التاريخي القريب ولم نقل البعيد، وهي مقبلة على انجاز ما يسمى تواطؤا إعلاميا بثورات الربيع العربي، ونقصد بالحدث التاريخي الأقرب إليها الثورة العرابية، التي حدثت في البلاد المصرية في مطلع القرن العشرين، وكيف انتهت تلك الثورة إلى الإفلاس والشعور بالخيبة، مثلما حدث راهنا مع نتائج ثورات الربيع العربي.
لأن الناظر إلى هذه الثورة بعقل حصيف مسددا بالمنهج التاريخي المقارن، يتبين له أن الثورة العربية وثورات الربيع العربي تشابهتا في المقدمات، وبلغة أدق التشابه في الفواعل والمسببات؛ الشعور بالظلم والاستبداد السياسي، رغم الفاصل الزمني بينهما، وتطابقتا من حيث النتائج؛ انتهيا بجلب الاحتلال والغزو الخارجي، فاحتل الانجليز مصر بعد الثورة العرابية مباشرة، واحتل الناتو وأذنابه دول عربية بعد ثورات الربيع العربي.
إلا أن الغاية التي نروم إليها من كتابة هذه المقالة العلمية، ليس توصيف هذا الحدث التاريخي، بقدر رغبتنا في أن نتعرف على موقف المثقف العربي من الثورة في كلتا الحالتين، ومن ثم الكشف عن معقولية مقاربته الفكرية للحدث لحظة وقوعه، وهنا، نحاول أن نستجلي موقف الإمام محمد عبده من الثورة العرابية، ومعرفة الأسباب والخلفيات التي تركته يتخذ منها موقفا نقديا في البداية، وينخرط في افقها وصيرورتها في النهاية، وبالتوازي، معرفة موقف المثقفين العرب من ثورات الربيع العربي، لنقف على موقفيين متباينين؛ رفض محمد عبده للثورة رغم انه كان فاعلا إصلاحيا تنويريا بارزا في مصر، في المقابل، التحق المثقفين العرب متأخرين بقطار الثورات الربيع العربي، ثم قفزوا منه بعد غرق أوطانهم.
إن التفسير الذي نقدمه لهذا التباين بين الموقفين؛ يرجع في تصورنا إلى دور وفعالية المثقف الحقيقي في مجتمعه، فتشير العديد من الكتابات التاريخية التي تناولت مسيرة محمد عبده، إلا أن الرجل كان منخرط في الحركة الإصلاحية قبل الثورة العرابية، لذلك كان على دراية تامة بالأوضاع السياسية والاقتصادية التي تعاني مها الدولة المصرية، حيث لاحظ أن الاستبداد السياسي يخنق المجتمع المصري ويدمر قدراته ومقدراته، فرفع إسماعيل باشا الحاكم السياسي في تلك المرحلة من الضرائب والمكوس والخراج، فأرهق كاهل الرعية، واغرق الدولة المصرية في المديونية إلى الدول الغربية. لكن رغم ما هال عبده من حالة الانحطاط الذي بلغته البلاد المصرية، إلا انه كان يؤمن بالمنهج الإصلاحي السلمي في إحداث التغيير المنشود، لذلك اتخذ موقفا نقديا من الثورة العرابية، بينما الملاحظ، أن الغالبية العظمى من المثقفين العرب، يعيشون في عزلة عن مجتمعاتهم، ولا يرون واقعهم إلا من خلال أجهزة مفهومية ولدتها عقول تنتمي إلى فضاءات حضارية بعيدة عنهم(الديمقراطية، الحرية...)، ساهمت بلغة علماء الاجتماع من اغترابهم الاجتماعي الذي انعكس سلبا على مقاربتهم الفكرية للحدث التاريخي، لهذا فاجئهم حدث ثورة الربيع العربي كما فاجئ عوام الناس، ومن ثم طبعت الازدواجية والتناقض مواقفهم من الثورات الربيع العربي؛ من سرعة قبولها إلى سرعة رفضها. أما المبررات التي قدمها محمد عبده لرفضه الثورة العرابية فنوجزها في النقاط التالية:
1- اتفق محمد عبده مع زعماء الثورة العرابية في أن التغير والإصلاح لابد منه، ويأتي في مقدمة هذا الإصلاح المنشود إحداث تغيير سياسي ينهي حالة الاستبداد السياسي، ومن ثم القضاء على الفساد المالي والضريبي الذي عم أجهزة الدولة المصرية. وهو نفس العامل، الاستبداد السياسي الذي أدى إلى حدوث ثورات الربيع العربي، فطالبت العديد من الشعوب العربية بإسقاط النظم السياسية الاستبدادية وتغييرها، واعتبرتها السبب الرئيسي في تخلف المجتمعات العربية. واختلف محمد عبده مع العرابين في طريقة التغير السياسي، حيث رفض مطلقا وسيلة الانقلاب العسكري، أو استخدام السلاح في الإطاحة بنظام الحكم السياسي، وهو نفس الموقف الذي اتخذه بعض المثقفين العرب، عندما دعوا إلى عدم استخدام العنف في التغيير السياسي، في حين، انخرط البعض وشرعن لهذا العنف، كبعض النخب الدينية أو المدنية(الإسلاميين والعلمانيين).
2- وانسجاما مع الطرح الإصلاحي الذي كان محمد عبده يدعو له، فانه دعى إلى استخدام الوسيلة التعليمية والتربوية في عملية التغيير والإصلاح المنشود، ومنطلقا من فكرة مفادها أن زيادة معدلات الوعي المدني والحضاري لدى الإنسان العربي تسهم بطريقة غير مباشرة في التغيير السياسي، وبالتالي، لا داعي للثورات العسكرية أو الحراك الاحتجاجي العنيف. وبرأيه يستحيل أن تنجح ثورة دونما تنوير معرفي مسبق، وذهب إلى اعتبار أن القيام بثورة ما من خلال الإطاحة بنظام الحكم السياسي ومنحه للشعب، بمثابة منح المال إلى قاصر قبل رشده، فتكون النتيجة عبثه بالمال وتضييعه. وهو ما لاحظناه في المجتمعات التي عرفت ثورات الربيع العربي، حيث صعدت تيارات لا تحمل أدنى تصور عن كيفية إدارة شؤون الدولة، فأرجعت المجتمع بممارستها إلى القرون الوسطى، وطفت على السطح سلوكيات سياسية، توحي أن فاعليها لا يزالوا في مرحلة المراهقة الفكرية والسياسية، فأرادوا إقامة دول بمجموعة من رعاء القوم، ولا أريد أن أعطي الشواهد واقعية، بل اترك للقارئ أن يستنج بنفسه منهم المستهدفين من هذا الكلام.
3- رأى محمد عبده أن الفاعلين الحقيقيين في الثورة العرابية، هم مجموعة من الضباط العسكريين، وتساءل كيف يقوم هؤلاء بثورة لصالح المجتمع المصري، أين يتنازلوا عن امتيازاتهم، ويتقاسموا ما يغنمون مع الطبقات الدنيا في البلاد المصرية، واعتبر محمد عبده أن الأمر بمثابة خرق لقوانين ونواميس التغيير الإنساني، وهنا، الرجل يؤسس لمبدأ في غاية الأهمية؛ إذا أردت فهم الثورات فعليك بفهم من يستفيد من هذا التغيير السياسي الثوري. وعليه طرح الرجل التساؤلات التالية: منهم الفاعلون الحقيقيون في التغيير السياسي؟ وهل هدفهم الإطاحة بالنظام السياسي الاستبدادي لصالح المجتمع؟ أم الطمع في الامتيازات التي سيحصلون عليها من خلال هذا التغير؟، وهو نفس الأمر الذي حدث مع ثورات الربيع العربي، هل الطبقة الوسطى هي التي قامت بهذا التغيير؟ أم هي الجماعات الضاغطة التي تشكلت في رحم النظم السياسية العربية، استخدمت الشباب المهمش في الإطاحة بنظام الحكم، لتعظيم مكاسبها المادية؟ ولعل التجربة المصرية اقرب إلى هذا الطرح؟ وهو ما يفسر بقوة عودة ما يسمى بالدولة العميقة لتحكم في هذه الدولة التي عرفت الربيع العربي(تونس ومصر)، وخرج المثقفون العرب منها بغير زاد ولا امتياز، وأصبحوا يلعنون ثورات الربيع العربي ليل ونهار.
- في الأخير، استشرف محمد عبده مآلات الثورة العرابية، فكان على قناعة تامة أن؛ الثورة العرابية ستكون مجلبة لا محال للغزو والاحتلال الأجنبي، فنبه زعيمها محمد عرابي وأعوانه إلى التريث وعدم التلاعب بمصير البلد، ونهاهم عن القيام بمغامرة غير محسوبة العواقب. ومن البداية رفض برلمان نيابي مشكل من القادة العسكريين. و ما خشاه الرجل هو ما وقع بالفعل، فالنتيجة التي آلت إليها ثورة العرابية؛ احتلال الانجليز لقطر مصر. وهو نفس الأمر الذي حدث في البلدان العربية التي عرفت ثورات الربيع العربي(اليمن، ليبيا، وسوريا، مصر بطريقة غير مباشرة). وبعد الغزو الانجليزي لمصر، وجد محمد عبده نفسه مضطرا إلى اتخاذ موقف مساند لثورة العرابية. لذلك يجد العديد من المثقفين العرب اليوم، أنهم مجبرون على مساندة الأنظمة التي ثاروا ضدها لصد العدوان الخارجي على بلدانهم؛ سوريا والعراق كنموذجين، أما الغالبية العظمى من المثقفين فلم تعد تسعفهم أقلامهم ومفاهيم في تفسير ما حدث، سوى اتفاقهم على أن هذا الحدث التاريخي الربيعي يذكرهم باتفاقية سايكس بيكو.
بناء على ما تقدم، نرى أن الموقف النقدي الذي اتخذه محمد عبده من الثورة العرابية؛ موقف فيه الكثير من المعقولية، ويدل على ووعي عميق بشروط التغيير السياسي والحضاري للأمم والمجتمعات الإنسانية، فلا يمكن لأمة لم تتنور معرفيا أن تغير من أحوالها وأوضاعها بمجرد إسقاط نظام سياسي. وهنا، هذا الموقف يقلب رأسا على عقب العديد من المقاربات الفكرية التي تجعل العامل السياسي مدخلا رئيسيا في الإصلاح والتغيير الحضاري، وتكشف نتائج الثورة العرابية وثورات الربيع العربي أن المدخل الإصلاحي (التعليم والتربية والمعرفة) هو الأداة المثلى في علمية التغيير الحضاري والسياسي والثقافي في العالم العربي، وفي الختم، يقول محمد عبده في إحدى خطبه:"إن المعهود في السير الأمم وسنن الاجتماع القيام على الحكومات الاستبدادية وتقييد سلطتها وإلزامها بالشورى والمساواة بين الرعية، إنما يكون من الطبقات الوسطى والدنيا إذا فشى فيهم التعليم الصحيح والتربية النافعة وصار لهم رأي عام، وانه لم يعهد في امة من الأمم إن الخواص والأغنياء ورجال الحكومة يطلبون مساواة أنفسهم بسائر الناس وإزالة امتيازاتهم واستئثارهم بالجاه والوظائف بمشاركة الطبقات الدنيا لهم في ذلك، فكيف حصل هذه المرة ومن آهل هذا المجتمع؟ (رشيد رضا، تاريخ الأستاذ الإمام، ج1، القاهرة: دار الفضيلة للنشر والتوزيع، ط2، 2006، ص148)




#عبد_الجليم_مهورباشة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- روسيا تعلن احتجاز نائب وزير الدفاع تيمور ايفانوف وتكشف السبب ...
- مظهر أبو عبيدة وما قاله عن ضربة إيران لإسرائيل بآخر فيديو يث ...
- -نوفوستي-: عميلة الأمن الأوكراني زارت بريطانيا قبيل تفجير سي ...
- إصابة 9 أوكرانيين بينهم 4 أطفال في قصف روسي على مدينة أوديسا ...
- ما تفاصيل خطة بريطانيا لترحيل طالبي لجوء إلى رواندا؟
- هدية أردنية -رفيعة- لأمير الكويت
- واشنطن تفرض عقوبات جديدة على أفراد وكيانات مرتبطة بالحرس الث ...
- شقيقة الزعيم الكوري الشمالي تنتقد التدريبات المشتركة بين كور ...
- الصين تدعو الولايات المتحدة إلى وقف تسليح تايوان
- هل يؤثر الفيتو الأميركي على مساعي إسبانيا للاعتراف بفلسطين؟ ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الجليم مهورباشة - الثورة العرابية وثورات الربيع العربي: تشابه المقدمات (الاستبداد السياسي) وتطابق النتائج (الاحتلال الأجنبي) (قراءة في موقف محمد عبده من الثورة العرابية)