أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - نايف سلوم - في المسألة الوطنية السورية















المزيد.....

في المسألة الوطنية السورية


نايف سلوم
كاتب وباحث وناقد وطبيب سوري

(Nayf Saloom)


الحوار المتمدن-العدد: 1404 - 2005 / 12 / 19 - 10:01
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


1- تتكون الخطة الأميركية تجاه سوريا من مستويين ، الأول إجمالي بما يخص "الشرق الأوسط الكبير" والذي غرضه تحويل النظام السياسي في كل بلد من هذه البلدان من نظام علماني تلفيقي إلى نظام طائفي . وطائفي هنا تعني نظاماً كولونيالياً تابعاً تبعية مباشرة للإمبريالية الأميركية ، كما تعني تحول في الحزب السياسي من الحزب الحديث المنبثق من المؤسسات الحديثة كالمعمل والمؤسسة الاقتصادية والجامعة والمدرسة الخ.. إلى الحزب الطائفي القائم على تحول ثقافة الفرقة الدينية إلى أيديولوجية سياسية ، أي إقحام الثقافة الدينية والفروق الثقافية بين الفرق الدينية في الصراع الاجتماعي / السياسي ، وبالتالي انبثاق الحزب الطائفي من الجامع والكنيسة والحوزة والكنيس الخ ..، أي نكوص نحو المؤسسات الديني التقليدية . وقد سهل هذه المهمة الإمبريالية فشل محاولات التحديث البور جوازي العربي الليبرالية منها والقوموية .
المستوى الثاني ، مستوى جزئي إذا جاز القول وهو محاولات الضغط على النظام السوري بما فيه التهديد باقتلاعه في سبيل دعم خطة إعادة تشكيل النظام السياسي الجديد في العراق ولبنان وفلسطين . والإمبريالية الأميركية تعلم جيداً أن تغيير سلوك النظام السوري وتكييفه أساسي في إعادة إنتاج الطائفية السياسية ؛ أي إعادة إنتاج النظام الكولونيالي في البلدان الثلاثة (العراق وفلسطين- السلطة ، ولبنان ) وبإعادة إنتاج الطائفية السياسية ونظامها الكولونيالي المرهون للإمبريالية تكون فكرة الشرق الأوسط الكبير الأميركية قد رأت النور لتشمل دولة إسرائيل الطائفية كون هذه الأخيرة مرهونة لصالح الامبريالية وهي تقحم الدين اليهودي في السياسة والصراع الاجتماعي/ السياسي. أما النظام الإيراني فهو هنا من تحصيل الحاصل كونه يمثل نظاماً بورجوازياً "قومياً" ذو شكل ديني . فبنظامها البورجوازي الطرفي ذو الشكل الديني تصب الماء في طاحونة "مشروع الشرق الأوسط الكبير " الأميركي مع نوايا حسنة . وهذه النوايا تجد أصلها في التشكل التاريخي لطبقة البازار الإيرانية المسيطرة عبر مثقفيها العضويين من رجال الدين الشيعة . ونجد هنا تفسير سلوك هذه الطبقة المعادي للغرب ولدولة إسرائيل. حيث تم تهميشها بشكل كبير في "التحديث" الذي أنجزه الشاه برعاية أميركية .
تفرض هذه الأجندة الأميركية على الديمقراطيين السوريين من "وطنيين- انتخابيين" وماركسيين وعلمانيين تحركاً متعقلاً وصبوراً طويل النفس بما يخص مشروع تفكيك الاستبداد السياسي كشكل لحكم البورجوازية "القومية" في سوريا ، والابتعاد عن التحريض والإقصاء(ونحن نرى إقصاء يمارس تحت شعار محاربة الإقصاء) ، وعدم حفر الخنادق السياسية والاجتماعية وتعميقها ومحاولة خلق تقليد سياسي للمشاركة بما يخص جميع أشكال النشاط الوطني العام . في سبيل إعادة إحياء التقليد السياسي الحديث في سوريا بالتضاد مع العوامل الدافعة للطائفية السياسية .
2- لدى السلطة في سوريا هوامش متواضعة بما يخص القدرة على المناورة في الداخل ، والقدرة على تعميق وتوسيع المشاركة في السلطة السياسية . وهذا التوسيع سوف يكون بطيئاً ويحتاج إلى وقت للإنضاج . يحتاج إلى وقت وصبر حتى نستطيع ردم التشققات في المجتمع السوري ، وخلق أرضية صالحة لخطاب سياسي معارض متعقل ولديه خطة عمل ، خطاب بعيد عن التحريض وعقلية المجابهة وعقلية الخنادق . ما يعني الحاجة الملحة إلى تحديث مؤسسات الدولة السورية التي علاها الصدأ وبعثرها الإهمال . وهو ما يحتاج أكثر إلى جهود الديمقراطيين السوريين على اختلافهم ، مع ضرورة إبقاء مسافة توتر مع السلطة السياسية القائمة حتى يتمكن هؤلاء الديمقراطيون من إنجاز مهمتهم في الضغط الداخلي على السلطة السياسية بغرض إنجاز تحديث الدولة السورية . وكما أن انتظار قيام ثورات أوربا أدى إلى إهمال التأمل والتدقيق في تشريعات الدولة السوفيتية عشرينات القرن العشرين كذلك فعل شعار الدولة القومية في هذا الإهمال على مستوى الدولة السورية . مع أن الأمر ليس بهذه المقابلة بل بالعكس تماماً ، حيث يشير الاهتمام الجدي والفعال بتحديث مؤسسات الدولة السورية إلى الجدية في التعاطي مع المهمة القومية العربية الديمقراطية.
إن مقابلة بين خطورة الأجندة الأميركية من جهة وبين خطورة أجندة السلطة السياسية مقابلة غير مفيدة في التحليل وخاطئة لجهة الفهم الميكانيكي والتجاوريّ الكامن في أساس تبنيها.
المجدي في التحليل أن نرى أن كلا الأجندتين : مشروع التحكم والسيطرة الأميركيّ وقيامة النظام على احتكار السلطة السياسية والثروة كلاهما يقود إلى الطائفية السياسية من حيث هي نظام كولونياليّ تابع يقود إلى إقحام الثقافة الدينية في العمل السياسي ، أي يحول ثقافة الفرقة الدينية إلى عقيدة سياسية . وحتى نواجه هذا الوضع المركّب لابد من تضافر جهود جميع الديمقراطيين على اختلاف أشكالهم والغيورين لإنجاز تحديث الدولة السورية ، وإعادة إحياء الحياة السياسية بشكلها الحديث لقطع الطريق على كلا الأجندتين اللتين تميلان للالتقاء بحكم آلية عمل تجمعهما في المحصلة تحت سقف الاندماج في السوق العالمية الامبريالية الرأسمالية. وحتى نرد على مفارقة الداعين إلى اقتلاع النظام ومهادنة المشروع الأميركي أو ملاقاته في الحدود القصوى.
3- انتقال ما يسمى بالمعارضة السورية الوطنية من برنامج الإصلاح التدريجي والسلمي الآمن إلى برنامج تغيير جذري يتضمن تفكيك النظام القائم دليل واضح على عدم وجود ما يسمى بـ نظرية للتغيير لدى هذه المعارضة الوطنية ، ودليل على ارتهانها لمصالح وحصص في كعكة "الوطن" وهذا يعني أنها معارضة متشيعة لمصالحها وليس لديها مشروع وطن . ويتجلى ذلك في انفعاليتها السياسية وارتجالها غير المحسوب العواقب وغياب فاعليتها التي يفترض أن تقوم على وجود خطة أو نظرية للتغيير الديمقراطي في سوريا والمنطقة العربية والعالم. وإذا نظرنا إلى هذه المعارضة الوطنية نرى أن غالبيتها تنحدر من سلالة الاشتراكية- البيروقراطية (الستالينية) وقد ورثت معظم عيوبها من النهج الميكانيكي إلى العقل الانفعالي والأحادي التفكير إلى غياب أي مرونة جدلية في مواقفها ، والانتقال المفاجئ من الضفة إلى الضفة النقيض والهجوم على العقائدية والأدلجة وهي متخمة بالعقائدية والتشيع لفكرتها "المحدثة" من "ديمقراطية انتخابية" و"حقوق إنسان" وخاصة "الإنسان" الليبرالي و حقوق رجل الأعمال .
لذلك فهي تفتقر إلى وجود نظرية تدير العمل السياسي والصراع مع السلطة من خلالها ، بالتالي تسيطر التجريبية بالمعنى المبتذل والارتجال والانفعالية وضيق الأفق وأحادية التفكير في ممارساتها السياسية . فإذا انتقدت السلطة السياسية غاب نقد مشروع التحكم والسيطرة الأميركي ، وإذا ذكرت المقاومة العراقية تم تناسي المقاومة اللبنانية. وإذا هوجم استبداد السلطة السورية تم تناسي نقد الديمقراطية الطائفية في العراق ولبنان أي تم تناسي نقد النظام الكولونيالي الطائفي اللبناني القائم وهكذا دواليك..
قد يقود التقلب في شكل التحرك السياسي من قبل معارضة كهذه إلى الوقوع في وهم ما يسمى بـ "الديمقراطية الإمبريالية" الأميركية الوافدة كالريح الصفراء . وهذا طبيعي فالانفعالية والارتجال يجعلان الوقوع في الوهم أمراً سهلاً .
إن برنامج للتغيير الجذري وتفكيك النظام القائم في سوريا ليس برنامجاً إنقاذياً ، بل هو مشروع حرب أهلية في سوريا ، وهو يقود بالضرورة في الظروف العالمية الراهنة إلى نظام كولونياليّ طائفي ، أي أنه يحقق من حيث لا يدري مشروع التحكم والسيطرة الأميركي مع وجود نوايا طيبة "وطنية" ، وهو مشروع تعميق لتشققات المجتمع السوري.
البقاء في دوامة الثنائية الاستبداد أو الاستعمار أمر في غاية الخطورة ، وهو يشير إلى عقل سياسي ميكانيكي أحادي بدائي و كارثيّ وربما انتقامي. الحل الممكن هو في الضغط باتجاه تحديث مؤسسات الدولة السورية التي تبدأ بطرح مشروع قانون الأحزاب للنقاش العام وإقراره فيما بعد في سبيل إعادة إقلاع الحياة السياسية السورية في شكلها الحديث. المدخل الإجرائي والحقيقي هو في إقدام النظام القائم وبجرأة على فتح ملف الحزب السياسي في سوريا للنقاش السياسي العام في سبيل إشراك جميع فعاليات المجتمع السوري . وذلك للخروج من احتكار السلطة السياسية والثروة ، ولقطع الطريق على مشروع التحكم والسيطرة الأميركي. والتأسيس للخروج من شرك الاستبداد السياسي بأقل الخسائر .
أمام السوريين خياران : الأول، خيار ديمقراطي – تحديثيّ يتطلب فتح ملف الحزب السياسي للنقاش العام وإعادة السياسة الحديثة إلى المجتمع وتحديث مؤسسات الدولة القائمة وهذا يفترض ميلاً يسارياً شعبياً بما يشبه الخيار الفنزوليّ بما يخص السياسات الاقتصادية والتعليمية . والثاني، خيار ليبرالي يسرّع في اندماج الاقتصاد السوري في الاقتصاد العالمي الإمبريالي سواء أتى عن طريق الغزو الأميركي أو بدونه ، يقود إلى إعادة إنتاج الكولونيالية السياسية والاقتصادية كنظام كولونياليّ – طائفي بورجوازيّ رثّ تابع ومرهون للمشروع الإمبريالي الأميركي ومعمِّق للفوارق الاجتماعية ومولد للفقر والبؤس و للأزمات بكل أشكالها .



#نايف_سلوم (هاشتاغ)       Nayf_Saloom#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحية وامتنان للحوار المتمدن
- إعلان رأي بخصوص المسألة الوطنية السورية
- -مشروع الوثيقة الوطنية- ك-إعلان دمشق- تأسيس ل- مواجهة بين -ا ...
- الهجوم المضاد للخروج من الدوامة الأميركية
- -ملاحظات أساسية على -إعلان دمشق للتغيير الديمقراطي
- إسهام في مُشكل الأقليات
- رسالة في الجنون
- الكتاب اللامعقول أو -كتاب الرمل ل بورخيس-
- تصدير الديمقراطية الغربية
- حياة سَيّد محمود القمْني - إعلان براءة صريحة وتوبة
- أجوبة على أسئلة موقع الحوار المتمدن-الماركسية وأفق البديل ال ...
- في مخاطر المواجهة بين الديمقراطية والحريات السياسية
- الحركة الشيوعية في المشرق العربي-خصوصية النشأة
- الازدهار القطري للرأسمالية بعد الحرب العالمية الثانية
- الحادي عشر من أيلول/سبتمبر اللبناني
- شبح الليبرالي العائد، قراءة نقدية في مشروع البرنامج السياسي ...
- المطلق والنسبي-نهاية النضال النظري
- قراءة نقدية لـ مشروع ميثاق العمل الاسلامي لـ الدكتور محمد شح ...
- خطوة تالية أم إعلان نوايا
- من الشيوعية الستالينية إلى المنتدى الاجتماعي


المزيد.....




- -صدق-.. تداول فيديو تنبؤات ميشال حايك عن إيران وإسرائيل
- تحذيرات في الأردن من موجة غبار قادمة من مصر
- الدنمارك تكرم كاتبتها الشهيرة بنصب برونزي في يوم ميلادها
- عام على الحرب في السودان.. -20 ألف سوداني ينزحون من بيوتهم ك ...
- خشية حدوث تسونامي.. السلطات الإندونيسية تجلي آلاف السكان وتغ ...
- متحدث باسم الخارجية الأمريكية يتهرب من الرد على سؤال حول -أك ...
- تركيا توجه تحذيرا إلى رعاياها في لبنان
- الشرق الأوسط وبرميل البارود (3).. القواعد الأمريكية
- إيلون ماسك يعلق على الهجوم على مؤسس -تليغرام- في سان فرانسيس ...
- بوتين يوبخ مسؤولا وصف الرافضين للإجلاء من مناطق الفيضانات بـ ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - نايف سلوم - في المسألة الوطنية السورية