أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد لفته محل - انطباعات عن تفجير الكرادة














المزيد.....

انطباعات عن تفجير الكرادة


محمد لفته محل

الحوار المتمدن-العدد: 5247 - 2016 / 8 / 7 - 01:28
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


رأيت كثير من الفيديوهات والصور على التلفاز والفيس بوك التي تخص تفجير الكرادة ولم أشعر بهول الجريمة والكارثة إلا حين زرت مكان الحدث بنفسي ورأيت بأم عيني الدمار والجلل، بعد سبعة أيام من الجريمة (الجمعة 2016/7/8). فمن لحظة دخولي للشارع كنت انوي أن اسأل عن مكان التفجير فتفاجئت أن المكان هو من يدل على نفسه لان العمارتان السوداء من الاحتراق كانت شاخصتان متقابلتان كعلامة من بين جميع البنايات يزيدها سوادا اللافتات السوداء عليها أسماء وصور الضحايا التي غطت واجهة البنايتين كجلبابين اسودين لأمين تبكيان على أولادها، بحيث لم يعد يُعرف الشبابيك والطوابق إلا بصعوبة حتى أن بعض اللافتات غطت بعضها البعض من الزحام. يضاف إلى ذلك حشود الناس بالآلاف تسير باتجاه البنايتين بشكل مجاميع عزاء (مواكب) متحركة تغني بالمكبرات التي تعتلي منصة متحركة يدفعها جمع من الشباب ويتبعها جمع آخر يلطم خلف المنشد كإيقاع مستعملين الطبل.
لحظة اقترابي من المكان بدأ التفتيش المتوالي للزائرين، سيطرة خلف سيطرة، وعلى جانب الطريق يوزع الماء والعصير مجاناً كثواب للضحايا. وعند الدخول لمنطقة التفجير، كانت المواكب من جميع المحافظات يستقبلها صوت بالمكبرة ب(أهلا وسهلا اهالى محافظة ...) والشباب والنساء تبكي على إيقاع النعي وآخرون يفترشون الأرض يقرأون القرآن. الشموع تملأ الأرصفة والغرف الأرضية للبناية، دخلت إحدى الغرف وأوقدت الشموع، وجدت السيراميك متساقط من النار، الحديد مقوس من الحرارة! و(الكبنك) منكمش مسود ملتف على البكرة! عندها أدركت لماذا تفحمت الجثث. الطوابق العليا ممنوعة من الصعود تحرسها قوات أمنية. في البناية المقابلة لها يبدوا أن عمليات التفتيش لازالت مستمرة حتى يوم الجمعة لان أشخاص يلبسون الكمامات ويدخلون للطوابق العليا على ضوء مولد، ورائحة التفحم تملئ الأنف. وبعض الأشخاص تكلم بألم وحرقة وغضب وصوت عالي وسط الجموع وكاميرات الهواتف تصوره وبعضهم يقبل المتكلم.
التضامن كان واضحا بين الجميع وبصراحة لأول مرة يتأثر الرأي العام ويتكاتف في إدانة جريمة بهذه القوة، أكثر من جريمة سبايكر. وعندما حدث التفجير ظننت أنه مثل كل التفجيرات السابقة وكان لدي مجرد خبر، والرأي العام هو من جعلني أتأثر به، ولن أسارع إلى القول أن هذا التضامن العابر للطائفية سيستمر وإنما معرض للزوال بانتهاء العزاء مثله مثل التضامن في كرة القدم الذي ينتهي بانتهاء المباراة. وتسيس الفاجعة هي أول خطوة في فك هذا التضامن فالصور المرفوعة إلى جانب صور الضحايا لرموز طائفية سياسية مسلحة غايتها ذلك.
في حوار مع صديقي الذي زار معي الحدث
قال_لافائدة من هذا التضامن إذا بقى مجرد عزاء، يجب على هذه الآلاف أن تتوجه للخضراء للاعتصام، وهذه الوفود من المحافظات يجب أن تطالب بحقوق الضحايا لا أن تلطم عليهم.
قلت_إن اللطم هو أسلوب العراقي بالعزاء، ولا يمكن أن نطلب منه أن يقدم باقة ورود على الطريقة الغربية. ثم أن حقوق الضحايا من وظيفة القانون الحكومي، وما دام هذا العزاء يجذب الرأي العام فهو صحيح اجتماعيا.
الناس لأول مرة وبقوة تحّمل الحكومة مسؤولية التفجير سنة وشيعة، حتى مع إعلان داعش مسؤوليته عن الجريمة، وراحت الإشاعات تتحدث عن مواد إسرائيلية الصنع كالفسفور والنابال (وهي أسلحة محظورة ولا تملكها إلا دول متقدمة) كانت بالسيارة، والبعض تحدث عن أن القتلى كانوا مقيدين ومعدمين بإطلاق رصاص بالرأس، والبعض قال دخلت علب (كراتين) إلى العمارة قبيل التفجير، وان الأبواب العليا للسطح أقفلت بنفس الوقت، وهناك من قال أن بعض الضحايا قد خطف بحجة أن هواتفهم مازالت غير مغلقة وحساباتهم مفتوحة على وسائل التواصل!. وكثرة الإشاعات تأتي كهروب من صدمة إجرام بعضنا ضد بعضنا وعليه رحنا نحمل إسرائيل والعرب مسؤولية الجريمة لتبرئة أنفسنا كما فعلنا في الحرب الأهلية الطائفية.
هناك سؤال ضاع وسط زحام العزاء طرحه بعض الناس، لماذا أثارت تفجيرات الكرادة الرأي العام الشعبي والإعلام المحلي والغربي؟ وهناك تفجيرات متكررة أسبوعيا لا تقل هولا عن هذه الجريمة؟ البعض فسره طائفياً قائلا إن سوق (عريبة) في مدينة الثورة حصد الكثير من الضحايا فلم يلتفت أحد!. أعتقد أن السبب ليس عدد الضحايا الكبير كما يتبادر للبعض، إنما لأنه جرى ليلاً على غير عادة التفجيرات التي تتم بالنهار، وفي هذا الوقت لم يكن الناس بالعمل بل كانوا في نزهة وسمر، وعند حدوث التفجير تمكن الناس من رؤية وسماع استغاثة الضحايا وتصوير النيران وتأخر فرق الإنقاذ أمام عينهم، ونشر هذه الصور والفيديوهات للنار والجثث المتفحمة على الفيس مباشرة فشكل صدمة للرأي العام على فداحة الجريمة، وساعد على ذلك أن كثير من الضحايا كانوا من الطلاب نشر زملائهم صورهم بالفيس وطبعوها على لافتات العزاء فزاد من التعاطف لهؤلاء الشباب.
وأخيرا عندي تعليق على صور الضحايا المتفحمة التي نشرت بكثرة على وسائل التواصل والتي ربما كان الغاية منها جلب التعاطف أو تحريك الرأي العام، دون انتباه لحرمة الميت. فقد نشرت صور الضحايا وهم عراة و مشوهين الأطراف! أو ملقين على الأرض في الطب العدلي! هل يقبل أي واحد منا أن يصور نفسه في وضعية مزرية؟ وهم شباب كانوا في قمة الأناقة؟ وهل نسينا أن من حقوق الميت هي التسجية (تغطية الوجه)؟ وهل نسينا الآثار النفسية المدمرة لهذه الصور على المشاهد؟ كان يكفي أن يظهر الجزء العلوي من الجسد أو الوجوه فقط بالصور لإيصال بشاعة الجريمة، أما تصويرهم بهذا الحال ففيه انتهاك لحرمة الضحايا وإكمال للجريمة دون أن ندري.



#محمد_لفته_محل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انطباعات عن اعتصامات الصدريين
- قراءة في ديوان (أوراق وكلمات)
- قراءة في كتاب (لمن يجرؤ على العقلانية)
- العراقي والمال
- إناسة البيت العراقي
- أمريكا وداعش والسنة والشيعة بالعراق
- العراقيون والطعام
- الحرام النوعي للحارس والسجين
- العراقي والمثقف
- رؤية اجتماعية للصعود للقمر
- العراقي والشيوعية
- التحليل الثقافي لكلمات السخرية
- ما هو الحرام النوعي؟
- العراقي والنظافة
- القاموس العامي للمجتمع العراقي 1
- رؤية إناسية لرأس السنة
- من تعليقات الفيس بوك
- النظرية الشجرية للبشر في المجتمع العراقي
- المفهوم الاجتماعي للمدنية
- العرقي والخمر


المزيد.....




- نقار خشب يقرع جرس منزل أحد الأشخاص بسرعة ودون توقف.. شاهد ال ...
- طلبت الشرطة إيقاف التصوير.. شاهد ما حدث لفيل ضلّ طريقه خلال ...
- اجتياج مرتقب لرفح.. أكسيوس تكشف عن لقاء في القاهرة مع رئيس أ ...
- مسؤول: الجيش الإسرائيلي ينتظر الضوء الأخضر لاجتياح رفح
- -سي إن إن- تكشف تفاصيل مكالمة الـ5 دقائق بين ترامب وبن سلمان ...
- بعد تعاونها مع كلينتون.. ملالا يوسف زاي تؤكد دعمها لفلسطين
- السيسي يوجه رسالة للمصريين حول سيناء وتحركات إسرائيل
- مستشار سابق في -الناتو-: زيلينسكي يدفع أوكرانيا نحو -الدمار ...
- محامو الكونغو لشركة -آبل-: منتجاتكم ملوثة بدماء الشعب الكونغ ...
- -إيكونوميست-: المساعدات الأمريكية الجديدة لن تساعد أوكرانيا ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد لفته محل - انطباعات عن تفجير الكرادة