أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مازن كم الماز - من مقدمة كتاب السيكولوجيا الجماهيرية للفاشية لفيلهلم رايتش















المزيد.....

من مقدمة كتاب السيكولوجيا الجماهيرية للفاشية لفيلهلم رايتش


مازن كم الماز

الحوار المتمدن-العدد: 5242 - 2016 / 8 / 2 - 20:30
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


ترجمة مازن كم الماز

مقدمة المترجم - تعود البداية مع هذا النص إلى وقت ليس بالبعيد جدا عندما ناقشني بعض أصدقائي , الإسلاميين غالبا و أيضا بعض الليبراليين و الأناركيين , عن ضرورة أن يقبل العلمانيون و دعاة الحرية , أو مدعيها , بنتائج صناديق الانتخابات التي جاءت وقتها بالإسلاميين إلى السلطة ... قال أحدهم في نوبة انفعال : حتى لو جاء هتلر بصندوق الاقتراع عليكم القبول به .. تكرر ذكر هتلر على لسان "أخ" آخر و خلال أيام فقط , هذا التوارد في الخواطر و استخدام هتلر تحديدا كرمز شعوري كان مثيرا للاستغراب , قد يعبر عن حالة نفسية أو شعورية عامة بين أنصار هذا التيار , هل فعلا يجب القبول بانتصار هتلر عبر صناديق الاقتراع , لقد وصل هتلر إلى السلطة بالفعل عبر صناديق الاقتراع و استسلم خصومه السياسيون بالفعل "لإرادة الجماهير" , أو بالأحرى لألاعيب هتلر السياسية و الخطابية و لقبضته القمعية , و دفع الألمان و العالم ثمن ذلك باهظا جدا فيما بعد كما نعرف جميعا ... لكن مع ذلك يبقى هناك شيئا حقيقيا في كلام هؤلاء عن هتلر و صناديق الاقتراع , فرفض صعود هتلر إلى السلطة عبر صناديق الاقتراع لا يعني أي شيء أكثر من وجود خصومة سياسية مع هتلر , يمكن أن يكون ذلك مجرد استخفاف نخبوي بالجماهير و رغبة علنية أو خفية بوضعها تحت الوصاية , لا أكثر .. لكن كل هذا لا يحل شيئا , لماذا استخدم الإسلاميون هتلر و لم يستخدموا الشنكليشي الحنكليشي كما فعل فيصل القاسم , الأكثر ذكاءا , و كوميدية بالطبع , و السؤال الآخر المهم هو لماذا تختار الجماهير شخصا مثل هتلر في الأساس .. كنت في ذلك الوقت أعيش شبه عزلة داخل سوريا و في تلك العزلة الإجبارية كان من بين المشاهد التي تركت في أثرا لا يمحى فض رابعة و النهضة , كنت أقف بكل عفوية و دون أي تردد ضد رجال شرطة و عسكر السيسي , لكن شيئا ما لم يكن على ما يرام .... كان يصدمني الشبه الهائل بين ميدان رابعة و النهضة و ميادين ما بعد 30 يونيو , على ما يفترض بينها من اختلاف أو تناقض ... كان الفارق بينهما و بين ميدان التحرير - 25 يناير صادما و واضحا لي يومها و ربما ساعدني في رؤية ذلك بوضوح ابتعادي القسري عن الإعلام اليومي المسيس لطرفي المعركة ... كان ميداني رابعة و النهضة يشبهان ميدان العباسية و روكسي و مصطفى محمود ثم ميادين ما بعد 30 يونيو , كلها ميادين تتألف من حشود جاءت لتنصر سيدها المفترض , كانت الشرعية أو الديمقراطية مجرد حجة أو شعارا ثانويا في الحالتين .. فكرة الشرعية نفسها لم تكن أبدا مركزية في رابعة أو النهضة , و لا الديمقراطية في ميادين 30 يونيو , بل كان الحضور المركزي و الطاغي هو لفكرة و صورة المخلص ( الفوهرر - الزعيم ) أمام الوجود الثانوي جدا و التافه جدا للناس نفسها , كان الناس في كلا الميدانين ينتظرون ظهور المخلص أو الفوهرر , أن يتجلى لهم , و كان سحر هذا المخلص - الفوهرر هو الذي سيكمل ما تبقى بعد ذلك .. كان ذلك مختلف جدا عن التحرير 25 يناير حيث كان الجميع يبحث عن الخلاص في الميدان نفسه ... حيث الميدان , الناس في الميدان , هي نفسها المخلص و الساحر الذي سيصنع المعجزة في نهاية المطاف , في التحرير 25 يناير لم ينتظر أحدا أي مخلص و لم يكن أحدا على استعداد للسجود لأي كان , العكس كان هو الصحيح ... لذلك ليس غريبا أن يحضر السحر و الخرافات بقوة في ميادين رابعة و النهضة و 30 يونيو , سحر الفوهرر - المخلص , من نزول جبريل في مسجد رابعة و سيل الرؤى و الأحلام و الوعود التي بشرت بانتصار إلهي ساحق إلى هستيريا وطنية و مدائح و تمجيد و تفخيم فرعوني في ميادين 30 يونيو ... هذا مرة أخرى يتناقض جدا مع ميادين 25 يناير .. قاومت الناس في يناير بكل شجاعة لكن بوعي كامل بكل تفاصيل المعركة و احتمالاتها , لم تحتج إلى أي نبي أو مخلص أو فرعون أو جبريل .... لكن هذا لا يعني , مرة أخرى , عدم تسمية الأشياء بمسمياتها : لقد ارتكب السيسي جريمة شديدة الوحشية و الدموية ضد معتصمي رابعة و النهضة ... بعد ذلك ببعض الوقت و قبل خروجي من سوريا دار نقاش محصور لكنه شديد السخونة مع مجموعة محدودة جدا من الأصدقاء عما كنا نعيشه و نراه هناك .. كان أبو حاتم و الساروت قد بايعا داعش , و الموت غيب أبو فرات و حتى حسن جزرة , كان الوضع يبدو غامضا و العقول و كأنها أصبحت عاجزة عن التفكير المنطقي أمام كم الجرائم اليومية و تهافت الخطابات السائدة و انحطاطها إلى مستوى تحت عقلاني شديد السلطوية و الابتذال , كان ارتكاب أشياء مثل النقاش و التفكير و النقد تبدو فجأة و كأنها تحتاج إلى معجزة حقيقية لا تقل غرائبية و بعدا عن المعجزة التي يفترض أن تأتي بالنصر أو تنهي الحرب الخ .. بدأ النقاش بأطروحة تقول أن ما شاهدناه من الإسلاميين و أغلب قادة الجيش الحر كانت عبارة عن حالة استثنائية أو جديدة , على الأقل بالنسبة لواقعنا السوري ما قبل الثورة قد تحتاج منا إلى ابتكار مصطلحات و تفسيرات جديدة لوصفها , تقول الأطروحة التي انطلقنا منها في نقاشنا أننا أمام ثوار ليسوا كالثوار , أسديين ليسوا كالأسديين , كان الاستنتاج المرعب الذي وافق عليه أكثرنا في نهاية النقاش هو أننا أمام ثوار أسديين ... كان هذا هو ما قاله رايتش بطريقته و هو يصف الفاشيست الألمان , كان هؤلاء ثوارا , بالفعل , لكنها كانت ثورة الرجل الضئيل , ثورة الشخص المقموع جنسيا و فكريا و اجتماعيا و روحيا .. سأترك رايتش يشرح ذلك بنفسه في ما تبقى من سطور ... أجمل شيء في نقد رايتش هو أن لا ينتهي كما قد يفترض البعض بدعوة لوضع الجماهير المسؤولة عن صعود الفاشية , كما قال , تحت وصاية نخبة ما , بل بتصور شبه فوضوي , أناركي , عن ديمقراطية جديدة للعمل يتحكم فيها الناس أنفسهم بحياتهم , هذا الهدف الذي يبدو اليوم معقدا جدا و بسيطا جدا في نفس الوقت , طوباويا جدا و واقعيا جدا في نفس الوقت .. ما يهمني هنا ليس وصم الإسلاميين بالفاشية , رغم أهمية أن نشخص علاقتهم بالفاشية .. الأهم برأيي هو فهم هذا النوع الخاص جدا من الثوار , من الخميني إلى أبو محمد الجولاني ... ما قد لا يعرفه الكثيرون أن أبو الأعلى المودودي , أبو الإسلام السياسي , قد تحدث عن "الثورة الإسلامية" في أربعينيات القرن العشرين أي قبل الخميني بعقود .. من المثير أن نتذكر هنا كيف عرف المودودي ثورته "الإسلامية" ... فهم المودودي أن الثورة الإسلامية هي تغيير عقول و قلوب الناس من خلال عملية تثقيف دعوية , طويلة .. تحدث المودودي عن الإسلام كإيديولوجيا و ممارسة ثوريتين يهدف لتدمير النظام الاجتماعي العالمي و إعادة بنائه من الصفر , لكنه عارض بكل قوة التغييرات المفاجئة و العنيفة أو الفعل غير الدستوري , و لم يعبر عن أي اهتمام بتنظيم قواعد المجتمع أو مشاكلها الاقتصادية الاجتماعية ... كان يريد القيام بثورته خطوة خطوة , ببطء و "صبر" .. كان يرفض المشاعر المنفلتة للمظاهرات و الخطب و الشعارات الحماسية , و وقف ضد التحريض , كان يرى أن المجتمعات تحكم من الأعلى لا من الأسفل , و أن الثورة يجب أن تقوم على يد دعاة مخلصين و مؤمنين لقيادة تلك الثورة , و كان ملتزما بتلك التكتيكات "اللاعنفية" حتى لو أخذت قرنا لتؤتي ثمارها , و حتى عندما حظرت حكومة أيوب خان جماعته الإسلامية عام 1972 منع استخدام العنف ضد تلك الحكومة و لم تبدأ جماعته الإسلامية بالتوسع في استخدام العنف ضد خصومها إلا بعد موته ... لكن كل هذا لا شيء أمام أبي قتادة الفلسطيني , الذي رفع شعار : اقتلوا آخر حاكم مرتد بأمعاء آخر قسيس خبيث !! الفارق مع شعار الثوار الفرنسيين عامي 1789 و 1968 واضح جدا , أبو قتادة يريد حاكما غير مرتد و قساوسة غير خبثاء , على العكس من الثوار الباريسيين الذين أرادوا التخلص من الحكام و القساوسة في نفس الوقت و بكل أشكالهم ... كان فهم هذا النوع من "الثوار" هو الشيء الأثمن الذي قدمه لنا فيلهلم رايتش .. أما بالنسبة لفاشيتهم فإني أعتقد أن هذا متروك لتصرفات الإسلاميين أنفسهم و ليس لأحكامنا ... أنا شخصيا لا أعرف هل نظلم داعش إذا قلنا أن هتلر أمامها أشبه بتلميذ مبتدئ و أن الفرق بينهما هو بالقدرات و ليس بالرغبات أو النوايا .. إذا كان هتلر قد أراد إبادة الشيوعيين و الفوضويين و المثليين جنسيا و اليهود و ذوي الإعاقات الجسدية و المرضى النفسيين أو المجانين و السلاف و الغجر و إنشاء رايخه الثالث فإن داعش تستهدف كل البشرية عمليا ما عدا طائفة محدودة جدا جدا من المسلمين السنة ( المودودي نفسه يقول أن واحد بالألف بالمائة من المسلمين هم المسلمون الحقيقيون , الذين يفقهون الإسلام على حقيقته ) ... لا أدري هل صحيح أن داعش إذا امتلكت إمكانيات هتلر , و هذا مستبعد اليوم و ربما حتى في المستقبل , لكان الثمن الذي يجب على المسلمين و البشرية أن يدفعوه كبيرا جدا , ربما أكبر مما دفعته عام 1945 ... أما بقية الإسلاميين , الذين تكفرهم داعش أيضا ربما بإصرار و عدوانية أكثر مما تمارسه ضدنا , فإن سلوكهم هو من سيحكم عليهم , و أعتقد أن أقصى محكمة سيقفون أمامها عاجلا أو آجلا هي محكمة التاريخ أو البشر أو ما يسميه الليبراليون و الستالينيون بمحكمة الشعوب , تلك التي حكمت على ماركس و يسوع و على امبراطوريات و أفكار "كبرى" بمغادرة التاريخ إلى الأبد

من مقدمة كتاب السيكولوجيا الجماهيرية للفاشية لفيلهلم رايتش


... منذ انهيار الشكل البدائي من ديمقراطية العمل للتنظيم الاجتماعي أصبح الأصل البيولوجي للإنسان دون أي تمثيل اجتماعي . ما هو "طبيعي" و "سامي" في الإنسان , الذي يربطه بعالمه , وجد التعبير الحقيقي فقط في أعمال الفن العظمى , خاصة في الموسيقا و الرسم . لكنه حتى الآن لم يمارس أي تأثير جدي في تشكيل المجتمع الإنساني , إذا كنا نقصد بالمجتمع : المجتمع البشري و ليس ثقافة الطبقة العليا الغنية و المحدودة . في المثل العليا الأخلاقية و الاجتماعية لليبرالية نجد خصائص الطبقة الخارجية من الشخصية ( الإنسانية ) , أي الرغبة في السيطرة على الذات و التعايش . تمارس هذه الليبرالية الضغط على أخلاقها بغرض أن تبقي "ما هو وحشي داخل الإنسان" مقموعا , طبقة "دوافعنا الثانوية" * , أو "اللاوعي" الفرويدي . النزعة الاجتماعية الطبيعية لأعماق الطبقة الثالثة من الشخصية ( الهو حسب فرويد - المترجم ) , هذه الطبقة المركزية , غريبة عن الليبرالي . إنه يسعى لإصلاح الانحرافات في الشخصية الإنسانية و التغلب عليها عن طريق القواعد الأخلاقية , لكن الكوارث الاجتماعية للقرن العشرين تكشف أنه لم ينجح كثيرا في هذا . كل شيء ثوري حقا , كل فن و علم ثوري , ينبع من مركز الإنسان البيولوجي الطبيعي .... حالة الفاشية , على العكس من الليبرالية و الثورة الحقيقية , مختلفة تماما . لا يوجد مركزها لا في السطح و لا في الأعماق , بل في الطبقة الثانية , الوسيطة , من الدوافع الثانوية . عندما كتب هذا الكتاب كان ينظر إلى الفاشية عموما على أنها "حزب سياسي" , يدعو مثل بقية "المجموعات الاجتماعية" إلى "فكرة سياسية منظمة" . وفق هذا التقييم "كان الحزب الفاشي يسعى لإقامة الفاشية عن طريق العنف أو من خلال المناورات السياسية" . لكن خلافا لذلك , فإن خبرتي الطبية مع رجال و نساء من طبقات و أعراق و شعوب و أديان مختلفة , الخ , علمتني أن "الفاشية" هي التعبير السياسي المنظم لبنية شخصية الرجل العادي , بنية لا تقتصر على عرق أو شعب بعينه و لا على حزب بعينه , بل هي عامة و عالمية . عندما نراها من خلال شخصية الإنسان , فإن "الفاشية" هي النزوع الشعوري الأساسي للإنسان المقموع من الماكينة السلطوية لحضارتنا و مفهومه الميكانيكي الغامض ( الصوفي ) عن الحياة . إن الشخصية المكانيكية الصوفية للإنسان المعاصر هي التي تنتج الأحزاب الفاشية لا العكس .... تجاربي في تحليل الشخصيات أقنعتني بأنه لا يوجد فرد لا يحمل عناصر من الشعور و التفكير الفاشي في بنيته . كحركة سياسية تختلف الفاشية عن الأحزاب السياسية الرجعية الأخرى .. في أنها ولدت و اكتسبت شعبية بين جماهير الشعب . أنا واع تماما للمسؤولية الكبرى في التصريح بمثل هذا الكلام . و لمصلحة هذا العالم الممزق أريد كذلك من الجماهير الكادحة أن تكون واضحة بنفس الدرجة فيما يتعلق بمسؤوليتها عن ظهور الفاشية . ( أيضا ) يجب أن نفرق جيدا بين النزعة العسكرية العادية و بين الفاشية . كانت ألمانيا الفايمارية ( جمهورية فايمار هي النظام السياسي نصف الليبرالي نصف العسكرياتي في ألمانيا بعد الحرب العالمية الأولى حتى سقوطها مع وصول هتلر للحكم عام 1933 - المترجم ) لكنها لم تكن فاشية . لأن الفاشية حيثما و أينما ظهرت هي حركة ولدت من الجماهير , إنها تقوم على كل الخصائص و التناقضات في بنية شخصية فرد الجماهير . إنها ليست , كما يعتقد الكثيرون , حركة رجعية بحتة - إنها تمثل اندماجا بين مشاعر الثورة و بين الأفكار الاجتماعية الرجعية . إذا اعتبرنا أن الثورية تعني الثورة العقلانية ضد الظروف التي لا تطاق في المجتمع الإنساني , الإرادة العقلانية "للوصول إلى أصول الأشياء" ( الراديكالي = راديكال = أصل ) و تحسينها , إذن فإن الفاشية ليست ثورية أبدا . صحيح أنها قد تأخذ شكل مشاعر ثورية , لكنها ليست الطبيب الذي يواجه المرض بمشاعر متهورة قد نسميها ثورية , بل الذي يفحص أسباب المرض بهدوء و جرأة و صبر و يحاربها . تظهر الروح الثورية الفاشية دائما عندما يتعرض الشعور الثوري للتشويه , بسبب الخوف من الحقيقة , و يتحول إلى وهم . في شكلها النقي تكون الفاشية هي المجموع الكامل للاعقلانية الشخصية الإنسانية العادية . بالنسبة لعالم الاجتماع المتبلد الذي تعوزه القدرة على إدراك الدور الرئيسي الذي تلعبه اللاعقلانية في تاريخ الإنسان , تبدو النظرية العرقية الفاشية مجرد مصلحة إمبريالية , أو إذا تحدثنا بشكل أكثر اعتدالا : مجرد "فكرة مسبقة مشوهة" . و نفس الشيء يصح على السياسي طليق اللسان غير المسؤول . إن الانتشار الواسع لتلك "الأفكار العنصرية المسبقة" هو برهان على أنها تصدر عن الجانب اللاعقلاني في الشخصية الإنسانية . ليست النظرية العرقية هي نتاج الفاشية . على العكس : الفاشية هي نتاج الكراهية العنصرية , و هي تعبيرها السياسي المنظم . ينتج عن هذا أن هناك فاشية ألمانية , و إيطالية , إسبانية , أنغلو ساكسونية , يهودية و عربية . الإيديولوجيا العرقية هي تعبير حياتي محض عن بنية شخصية الإنسان العاجز عن الوصول إلى قمة المتعة ( القذف ) . الطبيعة المنحرفة السادية للإيديولوجيا العرقية تخدعنا مرة أخرى في موقفها من الدين . يفترض من الفاشية أن تكون عودة إلى الوثنية و أن تكون العدو الأول للدين . لكنها أبعد من ذلك - فالفاشية هي التعبير الأعلى عن الصوفية الدينية ... تثبت الفاشية أن النزعة الدينية تنشأ من الانحرافات الجنسية , و أنها تحول الشخصية المازوخية لدين المعاناة البطريركي القديم إلى دين سادي . بكلمة , إنها تنقل الدين من "العالم الآخر" لفلسفة المعاناة إلى هذا "العالم" من القتل السادي . العقلية الفاشية هي عقلية "الرجل الضئيل" , الذي تستعبده السلطة و الذي يتعطش لها , و الثائر عليها في نفس الوقت . ليست مصادفة أن يأتي كل ديكتاتوريي الفاشية من الوسط الرجعي للرجل الضئيل .. في الفاشية تحصد الحضارة الميكانيكية السلطوية من الرجل الضئيل المقموع كل ما زرعته في جماهير الكائنات البشرية الخاضعة بشكل النزعة الدينية الصوفية , النزعة العسكرية , النزعة الآلية ( التصرف الآلي ) , عبر قرون . لقد درس الرجل الضئيل سلوك الرجل "الكبير" بشكل جيد جدا , و هو يعيد إنتاجه بشكل مشوه و متناقض . الفاشي هو الرقيب المتدرب في الجيش الجبار لحضارتنا المريضة جدا و المتقدمة صناعيا ... لقد تفوق الرقيب الضئيل على جنرال الجيش الإمبريالي في كل شيء : في المسير العسكري , في إصدار الأوامر و في الطاعة , في تردده أمام الأفكار , في الدبلوماسية , في الاستراتيجية و التكتيك , في ملابسه و استعراضاته ... القيصر ويلهلم ليس إلا تافه في كل هذه الأشياء مقارنة بابن الموظف الحكومي الجائع , هتلر . عندما يزين الجنرال "البروليتاري" صدره بالميداليات بالكامل فإنه يظهر جيدا كيف أن الجنرال الكبير "الأصيل" لم يعد بإمكانه أن "يتفوق" على الجنرال "البروليتاري" ... في ثورة تلك الأعداد الغفيرة من الكائنات الإنسانية المظلومة ضد الكياسة الفارغة لليبرالية المزيفة ... تكشف هذه الثورة عن تلك الطبقة من الشخصية , التي تتألف من الدوافع الثانوية ......

* الدوافع الأساسية هي الحاجات البيولوجية الداخلية كالجوع و العطش و الرغبة الجنسية أما الدوافع الثانوية فهي ليست ضرورية للبقاء و هي ترتبط غالبا بالعوامل الاجتماعية و مسألة الهوية , و هي ترتبط بالدوافع الأساسية بشكل غير مباشر لأن إشباعها يؤدي لإشباع الحاجات الأساسية نفسها بشكل غير مباشر



#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عندما برأ ابن تيمية بشار الأسد
- إلى الأخت عبير النحاس : الأخت التي قدمت أول شهيد من أجل سوري ...
- الزحف المقدس
- تعليق على مقال ياسين الحاج صالح : سورية في العالم , العالم ف ...
- الشتيمة في الثورة السورية
- انتصار الثورة المضادة
- إسلامية إسلامية لا شرقية و لا غربية
- حوار مع مقال أسعد أبو خليل الأخير , عن إسرائيل الأخرى , و ال ...
- تعقيب مهم على تعقيب الرفيق الماركسي يوسف الحبال
- عندما خطب نصر الله
- مواطنون لا أقليات
- عشرة نقاط عن المقاومة ما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأورو ...
- الفصام المعاصر للهوية * الإسلامية
- لا دولة ديكتاتورية علمانية أو دينية ! بل مجتمع حر دون دولة ! ...
- الخميني و -أولوية الروح- لمكسيم رودنسون
- الكذب
- تسقط مكونات الشعب السوري , تسقط طوائف الشعب السوري , يسقط ال ...
- أسطورة الفاتح أو المنتصر - ماكسيم رودونسون
- رسالة مفتوحة إلى الرفاق الاشتراكيين الأممين * - 27 سبتمبر 19 ...
- قبر لينين - بوريس غرويس ( 1986 )


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مازن كم الماز - من مقدمة كتاب السيكولوجيا الجماهيرية للفاشية لفيلهلم رايتش