أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عباس علي العلي - من أفسد نواب الشعب














المزيد.....

من أفسد نواب الشعب


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5242 - 2016 / 8 / 2 - 01:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



من الحقائق التي أفرزتها التجربة السياسية في مجتمعاتنا اللا مستقرة سياسيا ولا أجتماعيا أو ما يسمى بالدول والمجتمعات النامية هي حالة الفساد المضمر والمعلن، فساد لا يمكن مقارنته بأي شكل من أشكال الفساد الظاهر في دول ومجتمعات أخرى نقرأ عنها ونسمع الكثير، لا بطريقة الفساد والإفساد ولا بالنتائج التي ينتهي إليها الفاسدون والمفسدون، غالبا ما تكون عمليات الفساد في مجتمعاتنا هي نتاج ثقافة أجتماعية تنمو وتترعرع داخل مفصليات الكيان الأجتماعي، وحتى دون علاج مهم يحد من أنتشار المرض ولا إدانة واضحة تكافح هذا الفايروس الذي يحطم المناعة الأخلاقية لكل المجتمع، والأخطر من هذا أن المنظومة القانونية والدستورية في صياغاتها العمومية تحمي وتتستر على الفساد الأكبر وتغض النظر عنه، لكنها تصب جام غضبتها وقسوتها للمخالفات والجنح البسيطة التي ترتكب كتحصيل حاصل لحالة عدم الأستقرار والأهتزاز القيمي عند البعض من البسطاء.
الحقيقة لا بد من قراءة علمية لهذه الظاهرة الاجتماعية الملفتة للنظر بشقيها النفسي التربوي والأجتماعي المعرفي، البعض يرى أن الطبيعة العاطفية للمجتمع وعدم نضج مفهوم المسئولية الوطنية في العقل المجموعي وغياب الوعي الناقد، يمنح الفرصة لهذا الوباء أن ينتشر في المجتمعات المتخلفة نتيجة الأطمئنان بوجود حاضنة غوغائية يمكن للفاسد أن يحتمي بها بمواجهة القانون والمحاسبة، قال الإمام علي عليه السلام سابقا (من أمن العقوبة أساء الأدب)، الثقة التي يمتلكها الفاسد بغياب سيف العدالة وعمي القانون والمؤسسة القضائية عن ملاحقة الفساد هي التي منحت الفاسدين هذا النشاط التخريبي وتصاعده وأمتداده لأدق المفاصل في المجتمع.
أيضا يلحق بهذا سكوت القوى القادرة والفاعلة في تحريك الوعي الجماعي وإعادة صياغة مفهوم أخلاقي وعرفي ومعرفي، يكشف لحقيقة أن الفساد أيضا يمر عبر بوابات هذه القوى أو أنها شريكة فيه أو تحصل من خلاله على مصدر قوة بجعل المجتمع قطعان من المستحمرين الذين ينتظرون العبث منها، فهي بالتأكيد جزء من منظومة فاسدة وراعية للفساد وأوراقها مخترقة تخاف بسكوتها على الفساد من أن تكشف هي الأخرى، فتحاول النأي بنفسها عن دائرة الإثارة لتضمن سكوت الأخرين عن فسادها إفسادها، وهنا يكتمل المشهد الكبير الذي يحكي معاناة هذه الشعوب من تصرفات وحركة القوى القادرة والمقتدرة والتي عليها واجب أخلاقي أن تدافع عن مصلحة الشعب والوطن.
في المحور الأخر البعض يرى أن الذات الفاسدة لا تحتاج إلى جو مناسب فهي تفسد لأنها مهيأة بالقوة الذاتية لذلك، فلا نتهم المجتمع وأخلاقياته ولا القيم والقوانين الرأسية فيه ولا نتعلل بقضايا أخرى، هذه النظرية تعود إلى ذاتيات الفرد وتقارن بين نماذج إيجابية تقاوم الفساد وتعاديه وهي ضمن منظومة متهمة أساسا بكونها وباء والأمثلة كثيرة على صحة النظرية، المهم في القضية أننا نبحث عن دوافع وأسباب وعلل قد تتشارك وتتفاعل فيما بينها لتشكل واقعا سلبيا أهدر حقوق المجتمع، ونأى بنفسه عن القيم الوطنية والأخلاقية والقوانين والأعتبارات الأجتماعية من أجل مصالح فردية وقضايا شخصية، لا تخدم ولا تتلاءم مع الوطنية والإنسانية التي هي عماد الشخصية السياسية والنيابية.
إن المتتبع لهذه الظاهرة يمكن تشخيص الكثير من الأسباب والعلل التي ساهمت وساعدت في أنتشار الفساد وتحوله من سلوكيات فردية إلى ظاهرة أجتماعية خطيرة وثقافة ممنهجة تعصف بالكيان الاجتماعي وتشتت مصادر قوته ووحدته، أبتدأ من الطريقة التي يفكر بها التيار السياسي الحاكم المبني على الأنانية الحزبية التب تبعد الفرد الحزبي والأخر المختلف من الأصطفاف خلف المشروع الوطني الموحد، وثانيا غياب المنهج التقويمي والقضائي الذي يعتمد على الشفافية والعمومية والتجريد، وثالثا غياب المعارضة الوطنية من ضمن مشروع سياسي متكامل على أساس الديمقراطية التفاعلية وليس الديمقراطية التوافقية بين الشركاء، وأخيرا غياب الصوت المدني وغياي حركة الشارع المنظمة والحريصة على مصالحها والتي لم تشكل للآن رأي عام ضاغط وفاعل ومؤثر على العملية السياسية المنحرفة.
إذن ظاهرة الفساد هي عيب أجتماعي وتنظيمي وخلل في العمل الديمقراطي وفي النظرية السياسية برمتها القائمة على التجزئة والمحاصصة والتوافقات البينية، كما أنه يكشف عن أنحرافات وطنية مهمة تتعلق بالدستور والقوانين الحاكمة ويؤشر على عجز المنظومة القضائية عن أداء دورها الوظيفي، كما يؤشر تعاظم ظاهرة الفساد إلى أن الجماهير صاحبة المصلحة الحقيقية في مكافحة الفساد والحفاظ على مصالحها أما مغيبة أو غائبة، نتيجة الإنقسام والتشظي الذي تقوده الأطراف السياسية تحت عناوين مذهبية وعنصرية وفئوية، ما لم يفهم المجتمع أن مصيره ووجوده متعلق بمكافحة الفساد والمفسدين وعليه أن يتحرك على ضوء مصالحه الوطنية العليا، لا نتوقع منه أن يساهم في بناء وطن ينشده ولا مستقبل يقصده، ويبقى الفساد يصول ويجول ويتعاظم أثره لنتحول إلى مجتمعات طفيلية فاشلة، لا نستحق أدنى مرتبة من مرتبات الأحترام وليس لنا حق في أن نتشكى من أمراضنا وإشكالاتنا لأننا تركنا الحبل على الغارب للفاسدين.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأيديولوجيا القذرة
- النقد الديني بين ضرورة المعيارية النقدية ووحدة الهدف من المم ...
- غضب .... ليس على وقع الجمر _ قصة قصيرة
- الدين الأجتماعي وقضية الحرية في المجتمع الإسلامي
- حروف للقاء ..... لقاء أخر بيننا
- العمامة والزي الديني توظيف للأنا المتضخمة وخداع للمؤمنين بأن ...
- هلوسات رجل مهزوم ..... لكنه يحلم
- أحلام الوطن البديل
- عوامل التغير وطريق الثورة
- العصر مفردة الزمن في دلالات النص الديني
- يوميات عاشق .... مسافر مع الحروف
- صندوق جدتي وسفينة نوح
- قوة الأصالة الأجتماعية ونجاحها في مواجهة التغيرات الفكرية وا ...
- مكة والمدينة وجوهر الصراع الأجتماعي الأول في المجتمع الإسلام ...
- مكة والمدينة وجوهر الصراع الأجتماعي الأول في المجتمع الإسلام ...
- مفهوم النسقية الأجتماعية والنمطية الاجتماعي ودورهما في بلورة ...
- الحقيقة الضائعة بين الناسخ والمنسوخ _ح3
- الحقيقة الضائعة بين الناسخ والمنسوخ _ح2
- الحقيقة الضائعة بين الناسخ والمنسوخ _ح1
- أول الخطوات .... أخر الكلام


المزيد.....




- شاهد رد مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي عن مقتل أطفال ...
- مصادر تكشف لـCNN كيف وجد بايدن حليفا -جمهوريا- غير متوقع خلا ...
- إيطاليا تحذر من تفشي فيروس قاتل في أوروبا وتطالب بخطة لمكافح ...
- في اليوم العالمي للملاريا، خبراء يحذرون من زيادة انتشارالمرض ...
- لماذا تحتفظ قطر بمكتب حماس على أراضيها؟
- 3 قتلى على الأقل في غارة إسرائيلية استهدفت منزلًا في رفح
- الولايات المتحدة تبحث مسألة انسحاب قواتها من النيجر
- مدينة إيطالية شهيرة تعتزم حظر المثلجات والبيتزا بعد منتصف ال ...
- كيف نحمي أنفسنا من الإصابة بسرطانات الجلد؟
- واشنطن ترسل وفدا إلى النيجر لإجراء مباحثات مباشرة بشأن انسحا ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عباس علي العلي - من أفسد نواب الشعب