أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامح عسكر - أسباب الأزمة الاقتصادية في مصر















المزيد.....

أسباب الأزمة الاقتصادية في مصر


سامح عسكر
كاتب ليبرالي حر وباحث تاريخي وفلسفي


الحوار المتمدن-العدد: 5240 - 2016 / 7 / 31 - 22:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا قلة الموارد ولا ضعف السياحة ولا قناة السويس ولا أي من ذلك، مصر مرت بفترات كانت فيها السياحة-أيام مبارك- ضعيفة بل شبه معدومة خصوصا بعد أحداث الأقصر وشرم الشيخ الإرهابية، كذلك مصر من يومها وهي قليلة الموارد..فما الجديد؟

صحيح هذه أسباب لكن ليست جوهرية..وفي ظني أنها أصبحت سبب (أو حُجة) لتبرير الفشل الاقتصادي الذي ساد مصر منذ زمن السادات..

هناك ثلاثة أسباب لأزمة مصر جميعها جوهرية:

السبب الجوهري الأول :هو.."الاستبداد"..وإدارة مصر بعقلية الأب والحاكم العسكري اعتمادا على مبدأ السمع والطاعة، بما ينتج عنها (قتل الكفاءات) وهي نفس عقلية نظام مبارك لكن بشكل أكثر توحش، فمبارك مع عسكريته إلا إنه كان (تقدمي) أي يدعو للتطور ومواكبة العصر، ولا يفرض إطار أخلاقي معين على نظامه، بل السيسي يفعل ذلك إما بوضع قيود أخلاقية تحد من قدرة المسئول عن التفكير..وإما يفرط في استخدام نظامه العسكري فيشيع الخوف بين المرؤوسين..وهو ما تسبب في فقدان مصر (الإدارة المالية الناجحة) بما يشبه توصيف الحالة المصرية الآن (بالأمية المالية) ومن كثرة تخبط هذه الإدارة وضعت هيكل الدولة كله تحت التهديد ..سواء بالمحاكمة أو التخوين.. أسوةً بما حدث لهشام جنينة الذي كان أحد أعضاء هذه الإدارة وتم سجنه لسبب وحيد وهو (جرأته) على التصريح بقناعاته..!

ولتوضيح ما سبق أكثر

الأخلاق هي نتاج عوامل اجتماعية تفاعلت حتى ظهرت بالشكل التي عليها الآن، وتعتمد في تطبيقها على مفهوم.."الواجب"..أي ما يجب أن يكون، وفي تقديري أن الواجب له مفهومين الأول (ديني) والآخر (لاديني) فالواجب الديني هو ما يجري تطبيقه في مصر الآن وتسبب في شيوع الاستبداد باسم الأخلاق، أي أن معارضة الرئيس-في ظل الحرب على الإرهاب- عمل غير أخلاقي نابع من وجدان ديني بالأساس، كذلك اتخاذ قرار بغير مشورته عمل غير أخلاقي، حتى سادت في مصر حالة من (الأبوية) دخلت في كل مفاصل الدولة، فالوزير أو النائب أو المحافظ يحرم عليه التفكير خارج الإطار الأخلاقي الموضوع له من الرئيس..وبسبب كثرة حديث السيسي بالعواطف والأخلاق أصبح الخروج عليه ليس فقط حرام بل عمل يقترب من الكفر أو الخيانة..

بالمناسبة مفهوم.."الواجب اللاديني"..هو الأساس في فهم وتطبيق السلوك البشري، ذلك لأن الأخلاق ليست دينيه بالأصل بل إنسانية تتأثر بعوامل البيئة والمجتمع..ولها ضابط واحد هو (العقل) أي بالعقل يمكن معرفة الأخلاق، وفي ذلك يقول.."إيمانويل كانط"..في تفسير الواجب أنه القيام بعمل يحترم القانون وله مصدرين العقل والإرادة، كذلك يقول جان جاك روسو أن الأخلاق إحساس داخلي موطنه الوجدان، وعن طريقه نميز بين الخير والشر، بين الحسن والقبيح..وهذا يعني أن كانط وروسو اتفقا على أن الفعل الأخلاقي هو بشري في النهاية ليس دينيا..

فإذا ما حاولنا فهم الأزمة الاقتصادية في مصر سنرى أنها حدثت بفعل عوامل أخلاقية دينية أشاعها السيسي، والسبب أنها لم تحتكم للعقل الذي نادى به كانط..ذلك العقل الذي كان سيضع السيسي في موضعه الحقيقي دون تزييف، ولتمثيل ذلك أن العقل يفرض أن السيسي يخطئ.. بل يفرض كذلك أنه يتعمد الخطأ، ويفرض كذلك ضرورة الثورة عليه..وهذه خطوط حمراء الآن لا يشعر بها- ولا يقترب منها- أي مسئول في مصر، فالسيسي الذي أنقذهم من الإخوان صائب دائما ويملك من الحكمة ما لا يملكه هذا المسئول، ومعارضته كفر بهذا (الجَميل) والثورة عليه خيانة مع سبق الإصرار والترصد..وفي تقديري أن هذا الشعور سائد الآن في مؤسسات الدولة الحيوية كالجيش والشرطة والقضاء والإعلام والنوّاب..

إن الاستبداد لا يعني في مضمونه فقط أنه الانفراد بالرأي، بل يعني أيضاً خوف المسئولين من التفكير..وبالتالي قد يكون الرئيس مستبد وهو لا يعلم..فقط بقراراته وأسلوبه يخلق هذه الشخصية..وهذه آفة عظيمة من آفات حكم الفرد..وهي السبب الأصيل لنشوء الدكتاتوريات..

أما السبب الجوهري الثاني: هو عدم وجود برنامج اقتصادي أو خطة تنموية حقيقية على غرار التي كان يمتلكها عبدالناصر، فنظام عبدالناصر عانى من سلبيات الاستبداد كسبب جوهري لقتل الكفاءات وتحجيم العقول..لكن بوجود خطة طموحة للعدالة الاجتماعية ورؤية في الاستقلال نجح اقتصاديا..حتى وُصف عهده بأنه عهد الرخاء والصناعة المصرية ، كذلك بلغ النمو الاقتصادي في عهده حداً لم يسبق له مثيل وهو 8% سنويا، كذلك حقق فائض لأول مرة في الميزان التجاري، وانخفضت الأعباء على الفقير بنسبة ملحوطة..وزادت الرقعة الزراعية والصناعية، وبلغت في عهده سمعة المنتج المحلي درجة عالية من الثقة محليا ودوليا..

أما نظام السيسي حدث ولا حرج..

عجز في الميزان التجاري يرتفع كل عام عن سابقه، وتضخم في الأسعار وارتفاع في المديوينة ..وانخفاض في الرقعة الزراعية والصناعية..مما ينتج عنها طوابير من البطالة..كذلك زادت الأعباء على الفقراء ونال المنتج المحلي أسوأ سمعة لم تحدث في التاريخ..كل ذلك لأن الرجل لا يملك مشروعا اقتصاديا ولا خطة طموحة..ولا حتى مشروع للاستقلال..بل زاد الطين بأن يلجأ لصندوق النقد الدولي لحل الأزمة، وهو ما يعني زيادة أكبر في الديون والأعباء على الفقراء وانهيار سعر صرف العملة المحلية..

أما السبب الجوهري الثالث: هو عدم الشفافية وغياب المحاسبة، وبالتالي انعدام الثقة بين المستثمر والحكومة، كل أو أغلب مشروعات وقرارات الدولة في عهد السيسي تحدث في الخفاء دون أي اطلاع للرأي العام علىها أو على مجرياتها، بل ويصر السيسي على تجاوز الرأي العام كما حدث في أزمة تيران وصنافير، وقد أدى ذلك لإشاعة (الخوف) الكافي جدا لهروب أي مستثمر وبالتالي وأد أي تنمية اقتصادية ..فتحدث عمليات البيع والادخار والاحتكار خارج ما تقرره الدولة..أي يلجأ المواطن أو المستثمر لحيل غير مشروعة من فرط شعوره بالخوف..

الإنسان بطبيعته يخشى من فقدان المال أو الطعام..فهما لديه مصدر حياه وكرامة معا، ويفهم أن ما يجب القيام به هو إما أن يحافظ على هذا المال أو يزيده أضعافا وهو ما يتعارف عليه البشر (بالربح) أي أن الإنسان إذا ما طلب منه أن يخسر فسيكون ذلك ضد طبيعته وسيقاوم هذه المطالب..ولو اضطر لذلك بالقوة سيخاف ويلجأ لحيل غير مشروعة كالسرقة أو الاحتكار أو التهريب..أو الإتجار بطرق ملتوية كغسيل الأموال مثلا، وهذا يعني أنه كلما زادت هذه الجرائم في مجتمع فاعلم فورا أن حكومة هذا البلد غير شفافة، وبسياستها الغامضة أشاعت الخوف عند البشر حتى أجبرتهم لسلوك هذا الطريق..

وضح جدا تأثير هذا العامل في أزمة الدولار..فلجأ المواطن المصري لادخار هذه العملة بأرقام مبالغ فيها، يعني حدث احتكار حقيقي لها أدى لزيادة سعرها، كذلك في السلع البديلة والتكميلية..

أفهم أن العقلية العسكرية الحاكمة قد تفطن لمخاطر الأمن القومي، لكن لا يمكنها أن تدرك مخاطر الأمن الاقتصادي.. إلا إذا كانت تمتلك مشروع وخطة نهضوية حقيقية ،أو حتى شفافية وتواصل مع الرأي العام، وأزمة مصر في عهد السيسي تجاوزت كل هذه المحطات، فكل العوامل المحبطة في حكم الفرد يمتلكها كالاستبداد وغياب الشفافية، بل زاد عليها افتقاره للمشروع وللاستقلال وللعُزلة أيضا، حتى أن الرجل من فرط تبعيته رهن الجيش المصري في اليمن وباع جزر مصرية كأول حاكم مصري في التاريخ يفعلها، وهذا يطرح تساؤل مهم..

ما قدرة وأهلية السيسي لحكم مصر؟..وما البديل؟..وما مستقبل مصر تحت إدارته؟..وما الذي يجب فعله قبل أن تحدث الكارثة؟

صديق عزيز قال لي: أن الميزة الوحيدة لعهد السيسي أنه قضى تماما على (قدسية) الحاكم العسكري في وجدان المصريين، وأصدقه القول على ذلك وأضيف فقدان الثقة في أي بديل..بما يعني ضعف الانتماء والشعور الوطني في الأخير..وهذه أكثر خطورة من فشل السيسي نفسه..وكأن الرجل يجبرنا أن نساعده على النجاح كي لا يقتل أي بديل ولا تنهار بسببه سمعة الجيش التي أصبحت الآن في الحضيض من كثرة الأعباء والضرائب التي يتفنن الرجل في حملها على الشعب دون وازع من ضمير..



#سامح_عسكر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في قمة موريتانيا العربية (اجتماع الشمبانزي)
- الإنسانية بين الوهم والدين
- الأزهر واضطهاد المسيحيين في مصر
- الدروز.. مجمع الأديان
- داعش ليست خوارج بل انعكاس للسلفية المعاصرة
- أكذوبة فضائل السور
- الانغلاق العربي بين التأمل والواقعية
- أبعاد الانسحاب البريطاني من الاتحاد الأوروبي
- جلالة دكتاتور مصر..
- ويسألونك عن الأقصى..وفي السلام ختام
- جامع المحاريب في ما اخترعه الأمويون للأقصى من أكاذيب
- بالأدلة..المسجد الأقصى ليس في فلسطين
- تسمح لي أخدعك؟..اتفضل
- عن أثيوبيا وعلاقتها مع السعودية
- مصر على خطى كوريا الشمالية
- يازوجتي العزيزة..أنا متشائم..
- العلمانية في البوسنة والهرسك
- محاكمة السيسي
- الثورة المضادة..إلى أين؟
- نهاية نظام ما بعد الحرب الباردة


المزيد.....




- -بأول خطاب متلفز منذ 6 أسابيع-.. هذا ما قاله -أبو عبيدة- عن ...
- قرار تنظيم دخول وإقامة الأجانب في ليبيا يقلق مخالفي قوانين ا ...
- سوناك يعلن عزم بريطانيا نشر مقاتلاتها في بولندا عام 2025
- بعد حديثه عن -لقاءات بين الحين والآخر- مع الولايات المتحدة.. ...
- قمة تونس والجزائر وليبيا.. تعاون جديد يواجه الهجرة غير الشر ...
- مواجهة حزب البديل قانونيا.. مهام وصلاحيات مكتب حماية الدستور ...
- ستولتنبرغ: ليس لدى -الناتو- أي خطط لنشر أسلحة نووية إضافية ف ...
- رويترز: أمريكا تعد حزمة مساعدات عسكرية بقيمة مليار دولار لأو ...
- سوناك: لا يمكننا أن نغفل عن الوضع في أوكرانيا بسبب ما يجري ف ...
- -بلومبرغ-: الاتحاد الأوروبي يعتزم فرض عقوبات على 10 شركات تت ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامح عسكر - أسباب الأزمة الاقتصادية في مصر