أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - فدوى أحمد التكموتي - حرب عالمية ثالثة قائمة على العلم التكنولوجي تأثير الإعلام على المتلقي العربي















المزيد.....

حرب عالمية ثالثة قائمة على العلم التكنولوجي تأثير الإعلام على المتلقي العربي


فدوى أحمد التكموتي
شاعرة و كاتبة


الحوار المتمدن-العدد: 5234 - 2016 / 7 / 25 - 22:16
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


إن الصورة بألف كلمة , في عالم تجاوز فيه المواطن العربي خصائصه وهويته , وأصبح العالم قرية صغيرة , بفعل التقدم التكنولوجي سواء منه العلمي أو التقني , حيث أضحت العولمة هي صانعة ذاك المواطن العربي الجديد , الذي ما فتأ أن كان العقل قائده في مركب الحياة , فأصبح راكبا فيه , وأي راكب ؟؟؟
لا يعي ما يدور حوله , وإن رياح العاصفة قوية , أدت إلى إتلاف ماهو جوهري لديه , وهو العقل ولعل أن أخطر تهديد يهدد وجوده القائم , بوصفه عقلا , هو سيطرة الشيء فيه , وهذا ما ذهب إليه نيتشه الذي قال أن الشيء أصبح قيمة في حد ذاته , و أن جوهر الإنسان العقل أصبح يخضع للشيء ,
ومن هذا كان الإستيلاب الذي يرافقه , بمجرد أن خضع لدوامة الخضوع للشيء وإن العالم اليوم كمايقول الشاعر والروائي ليور : تسعة أعشار حياتنا نعيشها في هذا الزمان مرتبطة بماضٍ بلا مستقبل،وإنما هي حالات تجعلنا نتوهم ونعيش أحلاما و أوهاما.
ولعل أبرز ما يطبق على هذه القولة , هي تلك الآلة التي تحمي نفسها من الضياع وتقيم قانونا زجريا لها , بناءا لبقائها المطلق , وهي التكنولوجيا الحديثة عبر أجهزتها ( الحاسوب ـ شبكات التواصل الاجتماعي ـ الهاتف الذكي... ),تلك الآلة التي جمعت كل أنواع البشر باختلاف ثقافتهم وهواياتهم وجنسياتهم , وجعلتهم ينظمون تحت لواء الجمهور أو الملتقي عربي – غربي.
وتلك الفئة ( المتلقي العربي ) التي لا تخضع لأي شكل من أشكال حمل الهوية إلا هوية المجتمع الفردي الذي يرتكز على ثقافة الإستهلاك, حيث يحقق اللذة والمتعة واللهو للحظة الآنية , هنا يحضر في هذا المقام الفيلسوف الذي نَـظـّرَ رؤية عميقة لهكذا ثقافة , ورأى فيها أنها موت للواقع مع جون بودريار الذي برؤيته هذه , حلل ظاهرة كيفية موت الواقع لدى الإنسان وارتباطه بكلما وهمي وصناعي مصنع , وهذا ما قاله في كتابه الصانع والمصطنع , وقبله بزمن ليس بقليل ذهب جاك دريدا وبول ريكور في نفس المنحى.
إن بودريار حلل ظاهرة موت الواقع , انطلاقا من الحياة التي يعيشها الإنسان المعاصر , وكيفية أنه أصبح يعيش بلا عقل , وتطغى ثقافة الإستهلاك بلا مقص رقيب.وقد وظف بودريار ثقافة الصورة وكيفية تأثيرها على المتلقي من خلال مقالتين بارزتين الأولى حول أحداث 11 من أيلول عالج فيها الصورة التي رافقت انهيار مبنى التجارة العالمية وكيفية تأثيرها على الجمهور الغربي عامة والأمريكي خاصة , ومقالة ثانية برنوغرافيا الحرب التي جعل من صور السجون الأمريكية و العراقية بالعراق وخاصة سجن أبو غريب وغواتانامو , حيث جعل من صور سجن أبو غريب نموذجا واضحا للتأثير صناع القرار في المتلقي العربي الذي يأخذ الجاهز دون التفكير فيما وراء نشر تلك الصور.
إن المتلقي العربي فاقد لخصوصيته , وفاقد للعقل الذي يجعله يقيم بناءا وإعادة البناء لكل الأفكار ولا يقبل بالأفكار الجاهزة , هذا التفكيك لما وراء ما يقدم للمواطن العربي من الأفكار إستيلابه الذي يرافقه الآن يحول دون الاستخدام الجيد للعقل , وبالتالي يكون مستهلكا بامتياز لثقافة وأفكار لا يعرضها للعقل.
وطبيعة التقدم التكنولوجي سواء عبر الشبكة في العالم الإفتراضي أو عبر التلفزيون أو الهواتف الذكية, يقوم على إبراز الأوهام والأحلام وإرسالها للجمهور المتلقي العربي , حتى يأخذها بقبول سطحي الرؤى , لا بتفكيك ذاك الشيء المقدم وإعطاء إنتاج جديد له , عبر إثارة النقد و إنتاج قناعة معينة هل بالإمكان أخذ ذاك الشيء أم لا ؟ وهنا يرد هابرماس في تصوره لإعادة بناء الشيء المقدم عن طريق نقد ذاك الشيء نفسه, بمعنى لابد ووجود ثقافة النقد الذي يجزأ كل شيء و يخضعه للعقل.
إنما يميز تلك الآلة البسيطة في التركيب التقني ( الحاسوب ـ التلفزيون ـ الهواتف الذكية ) تحمل أشياءا منها ما هو حقيقي ومنها ما هو مزيف في نقاط مشتركة كيف ؟
إن الصورة الحقيقية التي يقدمها كل من ( الحاسوب ـ التلفزيون ـ الهواتف الذكية) تضفي طابعا إغرائيا , استهوائيا , يجعل الجمهور المتلقي العربي فاقد الوعي , ويضفي على الصورة الحقيقية الألوان الجذابة التي تجعله منبهرا فيها , وأيضا كبر و صغر من حجم الصورة حسب ما يريده المريدون من إيصاله للجمهور المتلقي العربي , وهنا تكمن الصورة الحقيقية التي وضعت في الأجهزة الإلكترونية الرقمية منها و الذكية على السواء لم تعد حقيقية , صافية , ثابتة , بل تدخلت فيها عناصر الجاذبية و الإغراء , والتضخيم أو التصغير , ولعل أبرز الصور على سبيل المثال لا الحصر صور مبنى التجارة العالمي وهو آيل للسقوط , وتمثال صدام حسين وقتله، وقتل القذافي ... كيف صورها الإعلام و كيف سوقها صناع القرار في العالم لتسويق إيديولوجياتهم. أما الصورة المزيفة , فهي تكون واضحة المعالم , زيف وكذب وخداع , وتقيم عليه التقنية إبراز الإغراء فيها بشتى الصور والألوان، والتي تجعل من المتلقي العربي , يذهب وراءها في استيلاب مطلق , أبعد من الواقع المعاش وهذا ما ذهب إليه بورديار في كتاب عن موت الواقع، الذي يفقد الإنسان وعيه كإنسان عاقل , يخترق حدود الواقع ويعيشه في أحلام زيف وكذب،وبهذا المقام يكون دور الإعلام الغربي الموجه بالتخطيط للإعلام العربي لنقله للمتلقي العربي تغبين المواطن العربي , وجعله يدخل في عقد يعرف مسبقا أنه متعرض لحالة الغُـبْـنْ والغش , فتقيم هذه الأجهزة المريدة في العالم و الموجهة للمواطن العربي، عدة أشياء ولا تقيم لأخلاقيات التواصل أي معنى , وهنا تأتي نظرية ميكيافيلي في الغاية تبرر الوسيلة , وتستعمل الإشاعة الإجتماعية , التي تجعل من المتلقي العربي يعيش في قلق مستمر، هل صحيح وقع هذا الشيء ؟ولا يسأل لماذا وقع هذا الشيء ؟ وكيف وقع هذا الشيء؟ ولماذا في هذا الوقت بالذات وقع هذا الشيء ؟ ( الربيع العربي- حرب طائفية - التكثل العربي ضد اليمن- تقسيم العراق-حرب أهلية في ليبيا- تسليح المعارضة السورية- الإسلام السياسي -جبهة النصرة - خلق داعش على أنقاض تنظيم القاعدة ...).
إن الإعلام بصفة عامة و التقدم التكنولوجي التقني بصفة خاصة , جزء لا يتجزأ من جعل الموطن العربي المعاصر مستهلكا بامتياز , والصورة فيه تجعل المتلقي العربي بعدما تم إغراؤه بتلك الصور من ألوان جذابة , و الصور الحالمة الخيالية , يبتعد عن عالمه الواقعي ويعيش في كوكب آخر ليس موجودا إلا في الخيال , وهنا يتفق التقني والتكنولوجي والإعلامي بالشاعر والكاتب في الخيال الواسع الذي يحتويهم .
بهكذا صورة يكون المواطن العربي بسهولة قوية جذبه وتخابره وعمالته و تجييشه في إطار ايديولوجيا مرسلة إليه، ويكون مقتادا إليها بكل إرادته.
في الماضي القريب كان شبه مستحيل السيطرة في المتلقي العربي إلا في حالات نادرة استخباراتية معينة ومحددة و موجهة لفئة معينة بالذات، لكن بفضل التقدم التكنولوجي والتقني أصبح من السهل جدا خلق فئة شاسعة من الناس يحملون فكرا إيديولوجيا معينا ولا يعرفون لماذا يحملونه و لا يعرف المغزى و الهدف من هذا التوجه الايديولوجي.
وهكذا تصبح ثقافة الصور عبر الإعلام في أجهزته التقنية التكنولوجيا عبر القنوات الفضائية و شبكات التواصل الاجتماعي و الهواتف الذكية بتطبيقاتها ...., أكثر تأثيرا من الكلمة ولها حضور قوي في ثقافة المتلقي العربي , ثقافة إستهلاكية سطحية بامتياز , وهذا ما يجعل إلى ترويج بنى ثقافية جديدة وتصنع ملتقي عربي جديد فاقد لخصوصيته وهويته , التي ماتت وسط الإغتراب الذي يحكمه عبر التكنولوجيا المتقدمة , إغتراب في الواقع أدى إلى إغتراب مع الذات وإغتراب مع العقل .
ولعل السمات الأساسية التي تبنى عليها ثقافة الإستيلاب للمتلقي العربي عبر التكنولوجيا الحديثة بتعدد الأشياء المستعملة فيها كالصورة والإشهار والدعاية , والإشاعة،الرقص، الغناء ... تستخدم في كل مجالات حياة المواطن العربي، لتسويق إيديولوجيا معينة وهذا هو مكمن الخطر الذي تقوم عليه التكنولوجيا الحديثة, حرب عالمية ثالثة قائمة على العلم التكنولوجي في المجال الإعلامي , الذي أصبح أكثر تأثيرا من أي مجال حتى الأكاديمي منه , لفرض الكثير من المفاهيم واختزال العديد من القيم والأخلاقيات وسط العالم العربي , وفرض وثيرة معينة للحدث بصور شتى ... لا يستدعي للملتلقي العربي إلا أن يتقبلها كما قُـدِّمَـتْ له و لا يعيد النظر فيها ولا بتفكيكها ولا بتحليلها ولا بنقدها, كما أن الكلمات والإيماءات التي تصاحب الإعلام عبر أجهزته الإلكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية بتطبيقاتها و الفضائيات... , تكون بذلك الأقوى تأثيرا وانجذابا للمتلقي العربي , وتغيب عليه لحظة الوعي وعمق التفكير .
إن الإعلام بصفة عامة والصورة جزء لا يتجزأ منه بخاصة , هي ذاتها شيء , وهذا الشيء لا يعدو وأن يصير عقلا , فهو رمز , وهذا الرمز يستدعي دائما الإغراء والجاذبية المغرية التي تؤدي إلى استرخاء العقل وجعله ينام ولا يصحو من سباته , إلا إذا قام بتفكيك تلك الرموز وتحليلها ونقدها , وبهكذا يصبح المتلقي العربي غير خاضع للإستيلاب و لثقافة الإستهلاك , وإلا أصبح بلا خصوصية ولا هوية وهذا هو الرهان الذي تتراهن عليه إيديولوجيات الغرب على عالم العَرب .



#فدوى_أحمد_التكموتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- داعش ، الإخوان و السلفيين ... تبا لإلهكم ...
- اللقاء الإعلامي مع الدكتورة الشاعرة فدوى أحمد الكنعاني التكم ...
- فشل ... أم قرصة أُذُن أردوغان .... ؟؟؟؟
- تركيا و الربيع ... نفس الكأس تتجرعه ...
- ما بعد أردوغان ؟؟؟؟؟
- العقل التنويري المتحرر
- متى تفهم أيها الإنسان ... أنكَ أنتَ الله
- أنا الله
- عنعنة حديث صحيح
- الدولة العلية و معاوية آل سلول
- صناع القرار
- قراءة بسيطة في مسلسل الناس في كفر عسكر للأستاذ أحمد الشيخ بق ...
- النوتة الأخيرة
- ق. ق معاوية ابن سلول
- العَلمانية بين جدلية العقل والدين في الفضاء العام العربي (تو ...
- أحداث تونس وما نتج عنها من آثار دستورية وسياسة
- الفرد ... الدولة ... وتحديات القرن 21
- هُزْبُرٌ نَكِرة صوتية عن دار الأدباء الثقافية
- أنين طفولة مغتصبة بصوت وقلم تعلم , تأمل ثم تألم للأسف كلمة إ ...
- ردا على قصيدة الشاعر السعودي عبد الإله بن محمد الشمري* أنحن ...


المزيد.....




- مشهد صادم.. رجل يتجول أمام منزل ويوجه المسدس نحو كاميرا البا ...
- داخلية الكويت تعلن ضبط سوداني متهم بالقتل العمد خلال أقل من ...
- مدمن مخدرات يشكو للشرطة غش تاجر مخدرات في الكويت
- صابرين جودة.. إنقاذ الرضيعة الغزية من رحم أمها التي قتلت بال ...
- هل اقتصر تعطيل إسرائيل لنظام تحديد المواقع على -تحييد التهدي ...
- بعد تقارير عن عزم الدوحة ترحيلهم.. الخارجية القطرية: -لا يوج ...
- دوروف يعلّق على حذف -تليغرام- من متجر App Store في الصين
- أبو عبيدة: رد إيران بحجمه وطبيعته أربك حسابات إسرائيل
- الرئاسة الأوكرانية تتحدث عن اندلاع حرب عالمية ثالثة وتحدد أط ...
- حدث مذهل والثالث من نوعه في تاريخ البشرية.. اندماج كائنين في ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - فدوى أحمد التكموتي - حرب عالمية ثالثة قائمة على العلم التكنولوجي تأثير الإعلام على المتلقي العربي