أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعيم عبد مهلهل - ( محمد الجاسم ..تدوين الشعر ومراثيه بلغةٍ ساحرة )














المزيد.....

( محمد الجاسم ..تدوين الشعر ومراثيه بلغةٍ ساحرة )


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 5233 - 2016 / 7 / 24 - 19:21
المحور: الادب والفن
    


( محمد الجاسم ..تدوين الشعر ومراثيه بلغةٍ ساحرة )

الملائكةُ يستعدّونَ للسفرْ: من شارع الكرادة داخل
نعيم عبد مهلهل

يُظهر الشعر في مرئياته ومخفياته طاقة الروح في رغبتها لتتحول الى غيمة تصنع مطرا لأيقاظ الحس والدمعة والصمت ، عندما تجتاحنا موجة العزاء أو عصف مصيبة على شكل انتحاري أرعن أو سيارة مفخخة .وتلك الاشكالية المبهمة سيكون يكون الشعر حلا لها ، ولكنه الوجه الخفي لواحد من تلك الحلول التي لم نزل حتى اللحظة نبحث عنها في ثنايا اسئلتنا ودموعنا وشاشات حواسيبنا ، وفي وجوه الذكريات التي نشخصها مسماة في داخل النص كي نعيَّ معها مفهوم أن يكون الشاعر حتى في عذوبة موسيقى النص ، هو صوت للمقاومة والاحتجاج لكل ما حدث ويحدث وسيحدث.
هذه مقدمة لرؤية ما يمنحه لي النص الملفت للنظر والذي كتبه الشاعر العراقي المغترب ( محمد الجاسم ) وبعنوان (الملائكةُ يستعدّونَ للسفرْ: من شارع الكرادة داخل).
هذا النص المكثف بطاقة السر والبوح ونشيج عزاء لايستطيع أن يكتم َدمعته في صور النص المتتلالية عن ملائكةٍ يذبحون في ليل الكرادة ، فهو لم يكتب بأستعجال حماسي مع فورة الحدث والمأساة ، بل كتبه ( محمد الجاسم ) على سلم موسيقي اسكنه لروح الميتافيزيقيا المؤمنة من خلال ارواح ملائكة استذكرَ معها فوضى المشهد وتبعثر الاجساد وتداخل معه استرجاع ذكي لاصدقاء ماتوا والبعض ما زالوا احياء ليخلط بين الوجوه سريالية مشهد غريب لذلك الاسى الذي مزق في ليل الكرادة براءة التسوق والمرح ومواعيد الغرام.
لقد حول الشاعر الضحايا الى ملائكة وحقائب ، وتلك صورة قد تكون معادة لمئات المرات في نصوص الفواجع القديمة على مر العصور ، لكنه هنا البس الصور شيئا من لذة المعاناة والمناغاة وعولمة هبوط الملائكة ليبدلوا ملابس الريش البيضاء بقمصان شهداء المكان الملطخة بدماء الفجيعة ، في محاولة منه لجعل الملائكة لايستخدمون طاقتهم الربانية في لملمت الارواح والاشلاء المذبوحة بل استعان بأصدقاء له ، بخصوصياتهم وتفردهم بشيء يمكن ان يعينوا فيه الملائكة لتكمل عملية صعود الارواح الى السماوات السابعة حيث المستقر الاخير لكل جسد شهيد. (وهم مُرجَؤون الى يومٍ تشخصُ فيهِ الأبصارْ)
أظهر النص في باطنة طاقة من موسيقى كبيرة في تحسس هول الفاجعة ، وتعامل الشاعر مع الصور تعاملا يؤسطر الحدث من خلال امنيات وصور ومناجاة.
نص محمد الجاسم (الملائكةُ يستعدّونَ للسفرْ: من شارع الكرادة داخل) مرثية كتبتها الشاعر في لحظة تجلي واحباط ، وفي النهاية نجد ان اللغة وطاقتها وصورها وموسيقاها تختلف تماما عن تلك المهادنات الجميلة التي كان ينشئها الشاعر بينهُ وبين العالم من خلال قصائده.
كان ( محمد ) هنا ، مفزوعا ، وتخلى عن كل الجهود التي عليها انقاذ الضحايا واخلائهم واستعان بالملائكة ووجوه من يعتقد انهم ظل ذكرياته والتشابه معه في التجربة والعيش والطبع ، فأتوا معه داخل النص يشاركون الملائكة عملية اخلاء اجساد ربما لم يبق من بعضها سوى خواتم الخطوبة.
حفل النص بغرام خفي بين الضحية والملاك ، ثم حوله بطاقة الشعر أن حالة تلبس بين الأثنين ، من خلال تصور الشاعر وهو في المكان البعيد ، وبالرغم من هذا هو يناجيه بحضور قوي.
الشاعر العراقي ( محمد الجاسم ) في نصه الاخير هذا (الملائكةُ يستعدّونَ للسفرْ: من شارع الكرادة داخل ) يُحلينا الى مدونة مميزة بين مئات التدوينات التي كتبت عن جريمة الكرادة ، فهو هنا يكتب نصا متساميا ومتصالحا مع دمعته فقط من اجل ان يهيء حقائب سفر ، لملائكة ذبحتهم شظايا السيارة المفخخة من الوريد الى الوريد.

دوسلدورف 22 تموز 2016



النص (الملائكةُ يستعدّونَ للسفرْ: من شارع الكرادة داخل )

الشاعر العراقي : محد الجاسم / دورتموند / المانيا

الملائكةُ يستعدّونَ للسفرْ
وحدُهم يرسمون لوحةَ الوداعْ
الملائكةُ يستعدّونَ للسفرْ
بعد أن قرروا مغادرةَ الزمنْ
الملائكةُ يستعدّونَ للسفرْ
بعد أنْ إستبدلوا ثيابَ العيدِ بالأكفانْ
الملائكةُ يستعدّونَ للسفرْ
بعد أن تخلَّوْا عن جلودِ البشرْ

***
الملائكة لايستطيعونَ السفرَ لوحدِهمْ
خشيةَ أن تَغتالَ رغبتَهم مفخخةٌ غريبةْ
لذا صنعوا لأنفسِهم تأريخاً مفضَّضاً
ومرصَّعاً بالحُبِّ والمرحْ
ونسجَ لهمْ (سامر كشيِّش)
أجنحةً من ريشِ وطنٍ ذبيحْ
***
حينَ إمتطى الشبّانُ صهوةَ (العُلُوّ)
وهم يتمتمونَ بنوتاتِ حزن (عقيل علي)
ودموعِ (أحمد الجاسم) المزركشةْ
كانتْ في جيبِ كلِّ واحدٍ منهم أغنيةٌ
وطيَّ أجفانِهِمْ
صكٌّ بملامحِ مَنْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ
وهم مُرجَؤون الى يومٍ تشخصُ فيهِ الأبصارْ
***
الأرائك الحزينةُ غيُر قادرةٍ على إجترارِ ماءِ العيونْ
فقدْ جفَّفَ مآقيها هولُ الإنفجارْ
ها هي ” دمعةُ القصيدةْ ”
وقد صلبَها (نعيم مهلهل) على ارصفةِ الجفونْ
غبّ الغيابِ المُريعْ
الملائكةُ يستعدّونَ للسفرْ
ومعَ قلّةِ الزادْ
وبُعْدِ المُرادْ
يرسمونَ لأطفالِهمْ نقاوةَ الوداعْ
ويُوصونَ زوجاتِهمْ إدمانَ الإرتيابْ
مَنْ يستطِع بعدَ الملائكةِ
أن يكسرَ شوكةَ الموتْ
فَلْيَخِطْ
الأكفانَ دونَ ضِيقْ
الملائكةُ يستعدّونَ للسفرْ
ويطلبونَ المساعدةْ
!



#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدمعة من أور الى الكرادة
- الناصرية ( المترفون ، الشاي وبوذا )
- الناصرية 51 مئوية
- هايكو الأهوار ، وهايكو اديث بياف
- أور وموبايل اوردغان
- النبي نوح في طفولة الناصرية
- جاموسة الليدي غاغا
- أبراج الحظ
- آثار دمُكَ على النعش
- سريالية موت طائر الكناري
- للرفش عاطفة ايضاً..
- الروح ترتدي ثوبا ابيضا
- نجومٌ خضرٌ في نعشٍ أسود
- شهداء العطر الاخضر
- ناموسيات قُبلاي خان
- الكرادة
- لقالق سمرقند ومنائر الجبايش
- سفرة مدرسية الى التوراة
- مرثية الى بود سبنسر
- شيوعيٌ بثوب أسود ...!


المزيد.....




- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعيم عبد مهلهل - ( محمد الجاسم ..تدوين الشعر ومراثيه بلغةٍ ساحرة )