|
مرحى شيوعيي الناصرية !
سهر العامري
الحوار المتمدن-العدد: 1402 - 2005 / 12 / 17 - 11:28
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
أمس ِ وقف شيوعيو مدينة الناصرية العراقية الجنوبية وقفة بطولية بوجه أنصار الفاشية الدينية الجديدة المجندين من قبل المتلبسين بالدين في إيران ، وبعد أن فرقت عليهم مخابرات الولي الفقيه ، وعن طريق فيلقهم المرابط على حدود الشلامجة من مدينة البصرة ، والمسمى نفاقا بفيلق القدس ، مبلغا من المال عده ثلاثمئة ألف دولار أمريكي كافر بلغتهم ، فراح الفاشسست الجدد هؤلاء يهتفون لولي الفقيه بعد أن كانوا للأمس القريب يهتفون : بروح بالدم نفديك يا صدام ! حمل هؤلاء هذا التاريخ الأسود ، وبدافع الدولارات ، وأكياس طحين القمح ، والبطانيات القادمة من إيران ، وراحوا يصبون نيران حقدهم على مواطني المدينة ، فأحرقوا مقر الحزب الشيوعي العراقي فيها ، ومقر حركة الوفاق الوطني كذلك ، ودونما سبب يذكر ، ولكنها نيران الفاشية الدينية الجديدة ، وليس الفاشية البعثية القديمة ، هذه النيران التي عادت تجتاح مدن العراق هذه الأيام . ورغم أن هؤلاء الفاشيون يعلمون علم اليقين أن أمريكا ، التي نفخت في صورهم ، وصور قادتهم ، مثلما نفخت بصورة صدام من قبل ، قادرة على فش انتفاخ صورهم تلك ، وفي أية لحظة تريدها ، فهم لولا الدبابة الأمريكية لما استطاعوا أن يضعوا أقدامهم على أرض المنصب في العراق ، وهذه المنقصة التي ارتضوها لأنفسهم أصبحت حقيقة تاريخية سيقرؤها الجيل العراقي القادم رغم أنوف الدجالين هؤلاء ، مثلما نقرأ نحن الآن عن الموقف المتخاذل لرئيس وزراء العراق الأول ، عبد الرحمن النقيب ، في ظل حكومة الانتداب البريطانية في مطلع القرن المنصرم ، ومثلما نقرأ عن الموقف المتخاذل للمرجع الأعلى ، كاظم اليزدي ، في النجف الاشرف ، وذلك حين خذل ثوار المدينة ، وباعهم بحفنة من المال هي أخماس أموال شيعة الهند التي كانت تسلم له من قبل القوات البريطانية المحتلة للعراق ، وحاكمة الهند في الوقت نفسه ، مثلما كتب الكاتب العراقي المعروف حسن العلوي . التاريخ لا يرحم أحد ! هكذا كان يردد ابنك - أيتها المدينة – الدكتور عبد الله الفياض في أروقة جامعة بغداد ، حين كنا فيها طلابا نرضع من ثديها حليب الثقافة والمعرفة . لقد كان ابنك هذا المتشيع حتى النخاع يقول : كان الإمام علي عليه السلام يتمنى أن يستبدل عشرة من جنوده ، وهم عراقيون ، بجندي واحد من جنود معاوية ، وهم شوام ، فحملة مشاعل الفاشية الدينية الجديدة في العراق هم مثل أولئك الجنود الذين ملئوا قلب الإمام علي قيحا ، وحالهم حال ما قال فيهم الشاعر مظفر النواب ، وهو يخاطب الإمام نفسه ، فيما لو قدر له أن يعود الى الحياة ثانية ، بقوله : لحاربك الداعون إليك وسموك شيوعيا !! أنت - أيتها المدينة الباسلة – ما غاب عنك طلب الحقيقة أبدا ، فأنت أول المدن في الكون بحثتِ عنها ، وذلك حين سار ابنك المقدام كلكجامش في طريق الشمس باحثا عنها . لقد قطع الصحارى والغابات ، وقتل رمز فاشية ذاك الزمان ، الوحش ( خمبابا ) ، هناك في غابة ألأرز ، وحين لم يجدها عبر البحار العراض من أجلها ، بعدها التقى اتونابشتم ، أو ( نوحا ) كما سمي فيما بعد ، فأهدها الى مكان وجود أكسير الحياة ، هناك في أعماق البحر ، فغاص أبنك يريد ذلك العشب ( الحقيقة ) ، فسبقته الأفعى إليه ، فحالت دون تحقيق أمنيته ، ولكنه ما عاد خائبا ، لقد أكتشف من خلال رحلته العظيمة هذه أنه كان يبحث عن الوهم ، وأن الحقيقة هي الذكر الحميد ، هي ما سيسطره التاريخ الذي لا يرحم أحدا ، فكان أن علق كلكجامش ، ابنك ، صورة تلك الأفعى على وجه كل صيدلية من صيدليات عالمنا الفسيح هذا ، فعاش خالدا أبدا ، يشير الى أن ديالكتيك الحياة هو التجدد دوما ، تماما مثلما تجدد الأفعى جلدها بين الحين والحين . ملحمة ابنك ، كلكامش ، هذه يقرأها طلاب البلدان المتقدمة في أوربا ، وفي المقدمة من كتبهم الأدبية المعدة لمرحلة السنة الأولى من الثانوية ، ينتفعون بمادتها الغزيرة ، ويعتزون بأفكارها ، وحصافة ديالكتيكها ، هذا الديالكتيك الذي وقف عليه ابن آخر لك ، تعرفه محلة ( الصبة ) منك ، هو العامل فهد ، مؤسس الحزب الشيوعي العراقي ، هناك حيث ينساب الفرات رخيا بين شطآن نخيلك ، فهد هذا الذي قطع الصحارى ، وعبر والبحار ، متطوعا في الفيلق الأممي ، جنديا ، أمينا ، محاربا لمرض الفاشية الذي تفشى وباؤه في الأراضي الإسبانية ، حين صعد الفاشست بقيادة فرانكو الى كراسي الحكم فيها ، وأبادوا الجمهورية الاسبانية الفتية . لقد محض ابنك ، فهد ، الفكر بالنضال ، وقدم نفسه فداء في معارك الفقراء ، هناك في اسبانيا ، أو هنا في العراق ، فلا عجب أن يكتب عنه شاعرنا الكبير ، محمد مهدي الجواهري قصيدته الرائعة ، وهو يرى بأم عينيه كيف كان جند بريطانيا زمن نوري السعيد ينقلونه من سجن الى سجن في بغداد ، مقيد اليدين والرجلين بما ثقل من الحديد ، فيقول : سلام على مثقل بالحديد ( م ) ويشمخ كالقائد الظافر ِ سلام على جاعلين الحتوف ( م ) جسرا الى الموكب العابر ِ ما تعودت الناصرية ، ولا أهلها الحنين الى المتخلف من الأيام ، كانوا أبدا يطمحون الى التجدد ، وما استطاعت غلاة الفاشيين في العراق أن يمنعوا الناس فيها من حب التعلم ، وقول الشعر ، والركض وراء الكتب ، ولن يستطع فاشيو هذه الساعات أن يحجبوا عنهم هذا الحب الآن ، ومهما بذلوا من زيف ودجل ، فالناس في المدينة التي ألفتها أنا يعشقون الحرية في الفعل والقول ، والى الحد الذي يهجو شاعر فيها نفسه ، وصديقه ، وحكومته ، والشعر كذلك ، وهذا قيس لفته مراد ، عامل من عمال الكهرباء فيها ، وهو شاعر في الوقت نفسه يقول : تسافل الشعر حتى صار ينظمه ..... قيس بن لفتةَ وعنايهْ إلحسيناوي* ! وفي لحظة صوفيه ، وبخطرات نؤاسية ، وحين يكرع الشاعر هذا كاسا من الخمرة أمام باب حانوتها من يد سليمان الوسيم ، ابن داود ابو العرق كما تسميه المدينة ، والذي يعاون والده في بيع الخمر فيه ، ينشد متغزلا بأجفان ذاك الفتى المسيحي اليافع : فدى جفنيكَ أجفانُ العذرى .... وكلُّ المسلمين مع النصارى للرفيق أبي ربيع المقدام ، مسؤول التنظيم في الناصرية ، ولكل الرفاق في هيئة تنظيم المحافظة ، وأخص بالذكر منهم الرفاق ، والرفيقات الجدد ، أقدم أحرف مقالتي المتواضعة هذه بمناسبة تصديهم الباسل حين لأنصار الفاشية الدينية الجديدة ، وأنا ، بعد ذلك ، تملأني ثقة بأن موقفكم البطولي هذا سيزيد حقد هؤلاء عليكم ، ولكن كونوا على ثقة كذلك أن فاشية انقلاب 1963م ، ومحاكم الحاكم العسكري شمس الدين عبد الله سيئة الصيت ، ما استطاعت ثني عزائم شيوعيي مدينتكم الذين سبقوكم الى سوح النضال ، ورغم ثقل الأحكام التي أصدروها بحقهم . تذكروا هتاف ابن مدينتكم ، فهد ، والشيوعي الأول في العراق ، وهو يصعد نحن المنشقة التي نصبتها له بريطانيا العظمى ! وخادمها الذليل نوري السعيد ، حين صرخ بوجه جلاديه : الشيوعية أقوى من الموت ، وأعلى من أعواد المشانق ! - - - - - - - - - - - - - - - - * عناية الحسيناوي ، معلم من معلمي مدينة الناصرية ، اسمر اللون ، ضخم الجثة ، طويل القامة ، عريض الصدر ، ادعى قول الشعر ، لكن رجلا بهذه المواصفات لا يمكن أن يكون شاعرا ، مثلما كان يرى الشاعر قيس لفتة مراد !
#سهر_العامري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
البصرة تحت ظلال صدام !
-
أهداف إيران من احتلال البصرة !
-
الشيوعيون ضمير الشعب !
-
عملاء ايران والحزب الشيوعي العراقي !
-
اطلاعات تقتل العراقيين وتعذبهم في عقر دارهم !
-
كوندليزا في الموصل وسترو في البصرة !
-
ما يجمع الجلبي بالطوشي !
-
عملاء إيران والقائمة العراقية الوطنية 731 !
-
أبو نؤاس في مصر 3
-
أبو نؤاس في مصر 2
-
أبو نؤاس في مصر 1
-
محكمة الشعب !
-
عصا علاوي !
-
العشائر العراقية والحوزة الإيرانية !
-
مظاهرة المخابرات الإيرانية في البصرة !
-
فسوة صولاغ !
-
في الجمهورية الخضراء الكشميري يطارد الحلفي !
-
ما وراء الدستور !
-
انتظروا نكبة البرامكة الجدد !
-
دواقنة هذا الزمان !
المزيد.....
-
هل قررت قطر إغلاق مكتب حماس في الدوحة؟ المتحدث باسم الخارجية
...
-
لبنان - 49 عاما بعد اندلاع الحرب الأهلية: هل من سلم أهلي في
...
-
القضاء الفرنسي يستدعي مجموعة من النواب الداعمين لفلسطين بتهم
...
-
رئيسي من باكستان: إذا هاجمت إسرائيل أراضينا فلن يتبقى منها ش
...
-
-تهجرت عام 1948، ولن أتهجر مرة أخرى-
-
بعد سلسلة من الزلازل.. استمرار عمليات إزالة الأنقاض في تايوا
...
-
الجيش الإسرائيلي ينفي ادعاءات بدفن جثث فلسطينيين في غزة
-
علييف: باكو ويريفان أقرب من أي وقت مضى إلى اتفاق السلام
-
-تجارة باسم الدين-.. حقوقيات مغربيات ينتقدن تطبيق -الزواج ال
...
-
لأول مرة.. الجيش الروسي يدمر نظام صواريخ مضادة للطائرات MIM-
...
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|