أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - حمدى عبد العزيز - ندبة في يدي














المزيد.....

ندبة في يدي


حمدى عبد العزيز

الحوار المتمدن-العدد: 5230 - 2016 / 7 / 21 - 01:31
المحور: سيرة ذاتية
    


سرد من وحي تلك الصورة

كانت لي في طفولتي علاقة بمياه مبهجة وحنونة وغير مغرقة ظللت مولعا بها حتي مقتبل صباي ..
هى مياه الترعة ..

... كنت اقضي اجازة نهاية العام في مسقط رأس امي والذي اصبح مستقرنا الأخير بعد ان انتقلنا اليه نهائيا عام 1974 في نزوح كان مختلفا بشكل حاد عن النزوح التقليدي للمصريين الذين كانوا يزحفون من الريف والصحراء الي القاهرة في موجات هادرة بحثا عن الوسعة في الرزق ،
او جريا وراء امل التحقق ، أو الوظيفة المرموقة ، أو في حالات كثيرة جريا وراء لقمة عيش غير متاحة من الاصل ، أو لمطرودية من ريف بدأ يشح الرزق فيه وتختنق الطموحات في ضيق رقعته وقلة منشآته الصناعية وسوء خدماته الحياتية والتعليمية ...

اما ابي - رحمة الله عليه - فقد لملمنا مع عفش المسكن الذي كان في امبابة واجلسنا في قطار المناشي الذي كان يقف امام مسكننا بحي امبابه في رحلة نهائية من العاصمة الي المحمودية مسقط رأس امي ومستقر عائلة ابي القادمة من الصعيد في اوائل ستينيات القرن الماضي في نزوح من الصعيد سبق نزوحنا من القاهرة بزمن بعد ان باعت ماتملك من ( نخلات) في بلدة نزلة المحزمين - التابعة لمركز طهطا بسوهاج لتشتري به من شركة مساهمة البحيرة مساحة من الطين المستصلح في قرية من قري المحمودية لتزرعها وتعيش وتتناسل علي ناتج زرعها..

كان أبى فى هجرته الخاصة فى اتجاه القبر .. فقط كان يريد أن يموت قريبا من قبره الذى بناه جدى فى إحدى قرى المحمودية ..

نقل نفسه من عمله فى القاهرة وتنازل عن شقتنا للجيران ومقلنا أنا واخوتى من مدارسنا ...

- أنا لا أريد أن أموت فى هذه البلد ..
هكذا كان يردد عند اقتراب نزوحنا عكس تيار النزوح العام ..

كانت طفولتي وصباي حتي مستهل رجولتي في امبابة
لكن أكثر ذكريات الطفولة والصبا حيوية كانت في المحمودية التي سأعلم فيما بعد انها مسقط رأس حسن البنا واحمد السكري مؤسسا جماعة الاخوان المسلمين المشئومة

كنت اقضي اجازة اخر العام بكاملها في القرية التي يقيم بها جدي لوالدتي ( عزبة دويدار)
كنت اقضي اليوم بطوله في الترعة التي تمر امام القرية
اما عاريا سابحا في مياهها...
او مطاردا لإسماكها عبر كل طرق الصيد من السنارة الي استخدام ( الشلف) او نصب ( الجوابي) مرورا باقامة الحواجز الطينية ( العجال) انا ومجموعة من الصبية في مساحة من المياه وممارسة عملية ( النطل) اي تجفيف مياه الترعة مابين الحاجزين الطينيين لتبدأ بعدها عملية الإمساك بالاسماك التي تتعطل حركتها في وحل ارضية الترعة ( المياه الطينية المعكرة التي تختنق فيها االاسماك فتقفز في عصبية الي جنبات الترعة ليسهل الامساك بها )

طبعا دفعت ثمن ذلك جيدا بوافر الوخزات من حقن الطرطير الشهيرة كعلاج للبلهارسيا اللعينة التي قضت علي مايقرب من70% من اصدقاء طفولتي في القرية ، وكنت انا ابن المدينة الأسعد حظا بينهم فنجوت من الموت بجراء ماماتوا هم به ، كما انني تأكدت عبر تحاليل قمت مرات عديدة من خلو دمائي من اي اثر للعنة البلهارسيا وكذلك خلو كبدي من فيرس سي او فيرس بي ، ومن المؤكد ان هذا يندرج تحت باب الصدفة البحتة ولايندرج تحت باب الشطارة والحرص وإلا كنت مدعيا وكاذبا كبيرا

وربما تحدثت سابقاً عن وجود ندبتين علي أثر جرحين عميقين في كلتا يداي
الأولي في حادث الإقتسام الساذج للبلون الممتلئ بالهواء

والثانية الأعمق كانت حين بدأت أقلد الكبار في فن العوم وأنا الصغير الذي كنت استحم في الجانب الضحل من الترع
فكنت آخذ في ضرب المياه بذراعي وساقي مقنعاً نفسي ومن يراني من أترابي أنني الأمهر في فن العوم ولكنني في الحقيقة أكون مرتكزاً علي ركبتي في ذلك القاع الطيني الذي تعلوه المياه بحوالي مالايزيد عن النصف متر بجوار شاطئ الترعة
وفي أحدي المرات وأنا أطوح ذراعي اليمني إلي الأعلي هويت بها علي قعر لدورق زجاجي سميك كان قابعاً في ذلك القاع الذي تحدثت عنه فضرب قعر الدورق المدبب كلوة يدي اليمني وتألمت لبرهة ثم لم أدر إلا والدماء الحمراء تصبغ المياه أمامي فصرخت صرخة لكم أن تتخيلوا قوتها وحضر خالي صبحي الذي تعب من تحذيري من النزول إلي مياه الترع والمصارف والتقط فانلتي الداخلية التي كانت ملقاة بجانب الجسر ومزقها ولفها حول الجرح وحملني وذهب بي مسرعاً إلي المدينة فوق حماره الأبيض حيث تمت خياطة الجرح
وسط توسلاتي له بأن يخفي خبر ماحدث عن والدي ووالدتي في القاهرة وألا يبعث لهم خطاباً يفيد ذلك مع غليظ الأيمانات بأنني لن أكررها ثانيةً
واعترف بأنني فيما بعد قد حنثت بكل هذه الأيمانات لدرجة أنه ضرب فيما بعد كفاً علي كف قائلاً
- مافيش فايده
أنت انسخطت قرموط مابيطلعش م الميه
أنت حر
خللي البلهارسيا تاكلك
هو خالي الأصغر في وسط خيلاني ويحبني وأحبه جداً وكنت أسمع كلامه في كل شئ
إلا علاقتي بالترعة والمياه

كانت سعادتي لاتوصف وانا اركب ( طست) جدتي كقارب متوغلا هو بي مع تيار المياه في مجري الترعة...
تماما كهذا الطفل الذي في الصورة
ولكنني كنت اجلس في ( الطست) عاريا بلا ملابس تحسبا للحظة سينقلب بي حتما في مياه الترعة ولو بعد حين



#حمدى_عبد_العزيز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طائفية تحت ذقن الدولة
- محاولة فاشلة وخطأ في القراءة
- وماذا بعد تشيلكوت ؟
- دماء علي أعتاب عيد الفطر
- محاولة لقراءة الموقف التركي
- حديث المراجعات مرة أخري
- ياله من عالم ثري
- فهل أنا مخطئ ؟
- ياسيد نيوتن.. كان غيرك أشطر
- حديث السلام الدافئ
- مبادرة تأسيس فاشية جديدة
- في المشمش
- خطوات عاجلة لمعالجة مشكلات الإنتاج الزراعى
- في ذكرى ضحايا الفاشية التركية
- تدوينة 24 إبريل 2016
- هيكل أسطورة الصحافة وثعلبها السياسي
- قيمة ابن إياس الهائلة
- فى مديح طبق الفول الصباحى
- ملاحظات شخصية فى مسألة الجزيرتين
- أوراق بنما وعصا المايسترو


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - حمدى عبد العزيز - ندبة في يدي