أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء عبد الرزاق -د.باسم علي خريسان - علم السياسة والنظرة النقدية لاتجاهات مابعد الحداثة حول العلم وامكانيات هيمنته على الحياة















المزيد.....



علم السياسة والنظرة النقدية لاتجاهات مابعد الحداثة حول العلم وامكانيات هيمنته على الحياة


علاء عبد الرزاق -د.باسم علي خريسان

الحوار المتمدن-العدد: 5229 - 2016 / 7 / 20 - 00:32
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


Herbert G. Reid and Ernest J. Yanarella
ترجمة ومراجعة
د.علاء عبد الرزاق د.باسم علي خريسان

يكاد يجمع عدد كبير من علماء السياسية الامريكان على الرغبة في اعادة هيكلية الاسس التي يقوم عليها البحث السياسي. ولقد تجلت هذه الرغبة بشكل كبير في الكتاب الذي وضعه توماس كوهن والذي كان بعنوان ((بنية الثورة العلمية)). ولقد تم التعليق على عمل كوهن هذا من لدن كل من غابريل الموند وترومان وعدد من الباحثين الذين ينتمون الى المدرسة السلوكية ولقد كان الهدف في هذه التعليقات ابراز الصورة المعاصرة للعلم والذي يمكن ان يلعبه في حياة المجتمعات البشرية ان الفكرة الاساسية التي ينطلق منها كوهن في كتابه انما تهدف بشكل رئيسي الى استخلاص مفهوم العلم من التطورات التاريخية التي مر بها العلم ، وتم الاستناد في هذا المجال على اسس فلسفة العلم (الوضعية المنطقية) والامبريقية ومن المعروف ان السلوكيين كانوا قد تبنوا اتجاهات المدرسة الوضعية المنطقية. ولقد كانت النتيجة التي تمخضت عن اتجاه علماء السياسية نحو وجود نظرة احادية او رؤية أحادية للكيفية التي يعمل بها العلم او تنجز بها اهدافه. وقد تجلى معنى جديد للعلم بالبرهنة على وجود اتجاهات نقدية سلوكية للاتجاهات السائدة في العلوم الاجتماعية والاتجاهات المعارضة التي تبناها السلوكيون.وهذا التعارض بين النظريتين قد شجعنا كما ذهب الى القول (جون كونل) بالقول بان مفهوم العلم سوف يؤدي بشكل من الاشكال الى اعادة صياغة مفاهيمنا الفكرية. ولقد كان رد الفعل حول دعوة (كونل) الى بروز نوع من الاهتمام لدى علماء السياسية بالموضوعة والتي عرفه باسم ازمة الهوية. ولعل اشهر من اشارة الى هذه الازمة هم الباحثون الذين ينتمون الى المدارس ما بعد السلوكية ، والذين نجحوا والى حد ما في اثارة الجدل حول العلاقة الموجودة بين المنطقية الايجابية وبين السلوكية ، وكان عنوان اندماجهم هذا قد تجلى في بحثهم حول ازمة الهوية. والواقع دل على ان كل من السلوكيين والمنطقيين قد فشلوا في ايجاد صورة مشتركة بينهما ، وتجلى ذلك في الانفصال بين الاتجاهيين بعد فترة وجيزة من اندماجهما ، وقد تتشظى الاتجاهات الى عدد كبير من الاتجاهات منها المدرسة الفلسفية التحليلية، والمدرسة الماركسية العلمية ( والتي قادها التوسير)، في حين توسل اخرون بالتراث الفلسفي القديم لافلاطون وارسطو. ولكن وعلى الرغم من ان هنالك ردود افعال مختلفة قد نجمت عن عدم الاتفاق بين المدارس الفلسفية السائدة حول دور العلم السياسي السلوكي او علم السياسة السلوكي وذلك كان يبدو بسبب تعدد ردود الفعل حول هذا الموضوع ويبدو ان الاتجاهات ما بعد السلوكية اليوم ( في ذلك الوقت اي عام 1975) تبدو منغلقة على نفسها وغير قادرة على تقديم خيار متماسك لمعنى والدور الذي يلعبه علم السياسية.ان الهدف الاساسي الذي تسعى لابرازه هذه الورقة هو تبيان المكانة التي تجد فيها الحركة ما بعد السلوكية نفسها.ويبدو ان الاتجاهات ما بعد السلوكية لم تستطيع ان تذهب ابعد من الاتجاهات التي قدمتها المدارس الابستيمولوجية (المعرفية) والمدارس الانطولوجية لعلم السياسية. وما هو اكثر من ذلك كان الاتجاهات ما بعد السلوكية قد اكدت على الروح العلمية الصارمة كما فعلت المدرسة الكلاسيكية الفلسفية، ولقد اشار (ديفيد ايستون) الى ان الاتجاهات ما بعد السلوكية قد فعلت ما فعلت الاتجاهات السلوكية والتي كانت قائمة على اساس النقد السياسي لمؤسسات الدستورية القائمة في الولايات المتحدة.وكانت رددو الفعل اصحاب الاتجاه ما بعد السلوكي هو تحولهم الى اناس ايديولوجين وسياسيين.وكان هذا من جانب اما الجانب الاخر فلقد تجلى في سعي الاتجاه ما بعد السلوكي نحو اعادة هيكلية وتجديد الاتجاهات التي تتبناها جمعية علم السياسية الامريكية، وفي الدور السياسي الذي تلعبه هذه الجمعية والاكاديميات المختصة بعلم السياسة في السياسة الامريكية بشكل عام .ولقد كانت كتاباتهم قد تحولت الى تبني نوع من الاتجاهات المحافظة او التي تسعى للحفاظ على الوضع الراهن.
ولقد كانت النتيجة الاساسية التي تمخضت عن تمرد الاتجاهات ما بعد السلوكية على الاتجاهات العلمية السائدة هي مجرد محاولة اعطاء شرعية للاتجاهات ما بعد السلوكية في البنية التنظيمية و المؤسساتية للعلوم السياسية في الولايات المتحدة والتي تغلب عليها الاتجاهات الليبرالية والامبريقية . ولقد كان المؤتمر الذي عقد حول كيفية الوصول الى علوم سياسية ذات طابع جديد ومعاصر في الميدان الذي برزت فيه الاتجاهات ما بعد السلوكية بشكل علمي ومباشر. ان هدف هذه الورقة قد يكون في مجمله غير متعاطف مع الاتجاهات ما بعد السلوكية والتي يبدو ايضا فشلت في ان تبني اتجاهات اكثر راديكالية في معالجة قضايا العلوم السياسية في الولايات المتحدة . فلقد كان انتقاد السلوكيون الجدد للاتجاهات السلوكية القديمة قد تجلى في محاولة الاستفادة من الثورة االانطولوجية في الفلسف و والتي كان لها اتجاهات لما بعد الحداثة، وثانياً استفادت من النقد التاريخي العميق للتقاليد السياسية التي سعت المدرسة السلوكية لتفنيدها . وبالنسبة الى النقطة الاولى ، اشارت الورقة الى النقد الذي قدمه ماركسيو القرن العشرين والمدرسة الظواهرية (الفينولوجيا )، باتجاه تطور النقد الموجه الى العلم في حقبة ما بعد الحداثة ومدى هيمنته على الحياة المعاصرة . واما بالنسبة للنقطة الثانية ، فهي تاتي كمحاولة لاعادة بناء خطوط النقد الاساسية الموجهة الى التقاليد السياسية الامريكية والتي تبنتها بشكل حاسم الاتجاهات التي نبثقت من مدرسة (بيركلي) للعلوم السياسية. ولهذا وجب علينا التعرف على هاتين النقطتين بالتفصيل:
الاسس الظواهرية (الفينولوجية) الانتقادية : مخطط الاتجاهات النظرية السياسية في حقبة ما بعد الحداثة:
يجب علينا وكخطوة مهمة في فهم الابعاد الابيستمولوجية (المعرفية) والخاصة بالبحث السياسي تبيان خطوط النقد التي وجهت الى اتباع الروح العلمية والموضوعية الصارمة في العلوم السلوكية والتي ادت الى ظهور النظريات السياسية الظواهرية (الفينولوجية في الفترة الاخيرة). وهذا النقد الموجه الى الروح العلمية يبدو مهماً بمكان ذلك ان هذا الانتقاد سوف يؤدي حتماً الى انتقاد الروح العلمية والتي ابرزها منظرون سياسيون مثل( توما سبرغان وواليس ساندوز). ولقد كانت بداية المدرسة الظواهرية قد تجلت في قيام عدد من الباحثين بتوجيه سهام النقد الى المدرسة السلوكية السياسية والتي كانت مبادئها مستمدة من فلاسفة حقبة ما بعد الحداثة ومفاهيم الفلسفة المعاصرة. ولقد كانت اهم النقاط التي تمسك بها الظواهريون هي :
1-تزايد التاكيد على اهمية الحقيقة الاجتماعية والتي تقدمها المدرسة السلوكية ، كنوع من محاولة لتاطير هذا المفهوم وادخاله في الحيز النظري.
2-كانت الجهود التي ترمي الى جعل علم السياسية اكثر عملية وتجريبية من قبل قد تجلت في قيام الدوائر العلمية بتبني هذا الاتجاه والسعي الى توظيفه في البحث السياسي المعاصر.
3- لقد كانت الخاصية الثنائية للاتجاه السلوكي الانطولوجي (الماهوي) بعد محاولة تقسيم العالم الى اغلبية تحاول توظيف الابعاد الخاصة بالوجود الانساني باعتبار الانسان وجد منفصل الواحد عن الاخر.
4- كان الضياع الاساسي الذي قدمه العامل السياسي للمنهج السلوكي هو المجال الذي تجلت فيه دراسة علم السياسية والسياسة من زاوية جديدة.
ان الاسسس الانطولوجية التي عززت النقد لعلم الظواهر السياسية قد حاول بطريقة او باخرى الرجوع او الاستناد الى افكار عدد كبير من المفكرين الاجتماعيين مثل ماكس فيبر، وجورج لوكاتش، وادموند هوسرل ، ومارتن هيدغر، وتيودور ادورنو وماكس هوركيماير. ولقد كانت الاتجاهات المشتركة بين هذه النظريات الاجتماعية الرائدة في ميدان العلم الظواهري هي محاولة استشفاف روحية جديدة في مفهوم الفلسفة ولم تكن بشكل عام ايجابية في محتواها الفلسفي، ومن خلال ملاحظة البنية الاجتماعية الثقافية لاوروبا القرن العشرين والتي تجلت في الانتقال ضمن الثقافة اوروبة الغربية ، وكذلك في الازمة المعاصرة والتي تعيشها الايديولوجيات المهيمنة خلال القرن التاسع عشر. وقد يبدو مهماً بمكان بالنسبة لعلماء القرن العشرين الاستفادة بشكل كبير من التطورات العلمية المتلاحقة التي حصلت في هذا القرن ولاسيما التطورات التنكولوجية المتلاحقة والتي خلقت المجتمع الصناعي المتكامل في هذا العصر (1975). ولقد سعى عدد من الفلاسفة بملاحظتهم هذه عن دور العلم وامكانيات هيمنته على الحياة بملاحظة واعادة قراءة الماركسية باعين جديدة ولاسيما تلك الخاصة بالمجتمعات البرجوازية والتقاليد التي نبثقت من هذه المجتمعات.
ان اسس النظرة النقدية التي تبتنها اتجاهات ما بعد الحداثة انما تجلت في اتباع النظرة الانطولوجية الماهوية المعاصرة، ولقد اتبع هذا المنهج عدد كبير من علماء السياسية الامريكيين والتي كانت مرجعياتهم القارية تستند على الفلسفة التقليدية التي شيدها ديكارت وعمانويل كانت . ولقد اثمرت هذه الاتجاهات عن سيادة الروح العلمية المهينة والتي تجلت في ابعاد فكرية مختلفة كان منها:
1-سيادة روح العقلانية والالية والتي تجسدت في كتابات ماركس وماكس فيبر وامتدت حتى كتابات جورج لوكاتش والخاصة بالعلم الاجتماعي البرجوازي.
2- قيام ادمون هوسرل بتأسيس ماعرف باسم العلم الظواهري (الفينولوجي)والذي كان انعكاساً لانغلاق العالم عن العلم وسيادة الروح الرياضية (الحاسبية) والتي ابتدات مع غاليلو.
3-قيام هيدغر باسشفاف اسس الميتافيزيقيا الغربية من اليونان و العلم الحديث وانتقاده للمفكرين المعاصرين وللعالم التكنولوجي.
4- قيام كل من هوركيمر وادرنو بالكشف عن الطبيعة الديالتكيكية لعصر الاستنارة الفكرية وسيادة الفكر الغربي على العالم. ان استكشاف هذه الافكار الاساسية سوف يوضح الكيفية التي تم بها انتقاد الروح العلمية وبناء على الاسس الطبيعية والاجتماعية والتي تبناها مفكروا عصر ما بعد الحداثة والتي بينت الروح الانطولوجية (الماهوية) والتي يستند عليها الفكر الغربي المعاصر. وهذا التقليد الانطولوجي، كما أشار اليه (كورنواليس فان بيرس)كان مبنياً على القيم وبناء الكينونة المحايدة وبناء بنية قوية قائمة على اسس العالم الموضوعي وبناء روح فعالة ، كانت قائمة على اساس التبادل بين الذات والموضوع.
ان المفكري الظواهرين الرئيسين مثل هوسرل وهيدغر والماركسين الذين تبنوا روح انتقادية مثل هربرت ماركوز وهوركايمر وادرنوا ساعدوا على احياء التقاليد الانطولوجية :ولاسيما الافكار الخاصة بالتفاعل بين الذات والموضوع وسيادة الروح الموضوعية والتي اضحت اساساً للانطولوجيا، ولهذا اضحى العقل والوح الشخصية او العامل الشخصس قد وجد له معنى او امل في التاريخ والذي اعطى ونوعاً من الفاعلية لهذه االحدود ، ان الثورة الانطولوجية ما بعد الحداثوية مبنية عل روح الجدل الانطولوجي، والذي يؤكد في جملة ما يؤكد عليه على الهيمنة الانسانية ، كاساس للانطولوجيا الانتقادية ،والتي اضحت تعرف لدينا باسم مدرسة ما بعد السلوكية. ونحن ندرك والى حد كبير طبيعة الصراع الموجود بين هولاء المفكرين والعلاقات المعقدة بين هوسرت وهيدغر وقيام ادورنوا بانتقادهما سوية، ومن المعروف ان ماركوز كان متأثراً في البداية بظواهرية هيدغرفي حين اضحى وفي الفترة ثانية اكثر تأثيراً بالفلسفة الانتقادية الظواهرية لكل من هيدغر وهوسرل على حد سواء. ولكن عند انتقاد الفلاسفة الذين شكلوا نوعاً من الهيمنة على التراث الفلسفي الحالي فضلاً عن الاتجاهات الثقافية لهولاء المفكرين والذين تبوا التقاليد الامبريقية- الايجابية والتي سار عليها الفكر الانكلوامريكي خلال حقب طويلة وارست هذه التقاليد مفهوم العلم والمجتمع في بلدانها،وادت مفاهيمهم تلك الى بروز الاتجاهات ما بعد الحداثوية والقائمة على اسس راديكالية للعلوم الاجتماعية.والى جانب هذه الاسس القائمة، سوف نلاحظ ان النظريات السياسية الانتقادية سوف تبرز عند جيل جديد من الفلاسفة الاوربيين الشباب،من ضمنهم مارلوبوني،واينزوباسي،وبول ريكو ،وبسير الدورروناكي،ولقد سعى هؤلاء المفكرين الشباب الى بناء الاسس التي قام عليها الفكر ما بعد الحداثي والخاص بالعلم السياسة الاوربية.وخلال هذا التطور ،كان الظواهريون المنتقدون للفكر وللفلسفة الاوربية يحاولون قدر الامكان تسييد الهيكلية للازمة للعلم الظواهري.فلقد سعى مثلا كل من مارلوبيني وانيزباس الى اعطاء الظواهرية الانتقادية معنى ما بعد الانتقادية ومعنى مابعد حداثي وكذلك بناء انطولوجيا او علم للماهية قائماً على الاسس ما بعد الحداثية ولقد قامت اعمالهم على اساس محاولة الربط بين جدل الحياة وبين المحتوى التاريخي-الاجتماعي للحياة الاوربية .ولقد كان بروز مارلوبوني كابرز فيلسوف للمدرسة الظواهرية والذي حاول المزج بين الفلسفة والسياسة ولقد كان بذلك اول فيلسوف فرنسي ان لم يكن اول فيلسوف اوربي حاول اقامة الصلة بين السياسية والعلوم الاجتماعية مع تبني منهجاً ماركسياً في التحليل ممزوجاً بالفلسفة الظواهرية.ولقد حاول مارلوبوني التجرد او على الاقل التحرر من ثنائية الفكر الغربي والارث الامبريالي (الاستعمارية) ومفاهيم العقل عند الغربيين ، وحاول الرجوع الى تراث هوسرل الظواهري خاصة ذلك الموجود في كتابه (ازمة العلوم الاوربية).وحاول بذلك اكمال ما كان قد بداه هوسرل .وفي نفس الوقت سعى الى تجديد اعمال هوسرل، وسعى الى تبيئة او محاولة التوفيق بين الفلسفة الظواهرية والماركسية ما امكن له ذلك. وسواء بالاستناد الى اعمال ماركس او لينين او لوكاتش ولقد حاول مارلوبوني ايضاً اختيار الافكار الرئيسية التي تسود المجتمع الغربي، ولقد رفض المادية التاريخية التي جاءت بها الماركسية او الحرية السياسية التي تبشر بها الليبرالية باعتبارهما وجهان لعملة واحدة.
محاولة كشف زيف الافكار السائدة في المجتمع الغربي
ان المساهمة الرئيسة التي قدمها (باسي) والتي ترقى الى محاولة ربط الفلسفة الظواهرية بالديالكتيك قد جسدها في كتابه الموسوم (( وظيفة العلوم ومعنى الانسان)). ان هذا العمل الفكري الذي قدمه باسي انما ينص على محاولة اعادة قراءة للنصوص اتي تركها هوسرل . وباعتباره عالماً ظواهرياً ايطالياً سعى باسي الى تكملة العمل الذي قام به هوسرل وماركوبوني ولقد حاول دراسة مواضيع حيوية مثل العمل والتكنولوجيا والعلم . ولقد حاول ايضا الاستناد الى اعمال ماركس ولقد اسهب في شرح الازمة التي يعاني منها العلم في المجتمعات الغربية ، وكذلك التنكولوجيا والاقتصاد ومحاولة تبيئة هذه التغييرات في هذه المجالات مع التاريخ والعادت والتقاليد.
ان تأثير هذين الفيلسوفين وغيرهما قد ساعد الى حد كبير في قيام ثورة على صعيد الاسس الابستيمولوجية والانطولوجية-المعرفية والماهوية للفسلفة الاوربية والتي غدت سائدة في العلوم السياسية في الولايات المتحدة الامريكية.
ولقد اشرت جملة من التطورات على الصعيد الاكاديمي الامريكي عن رغبة في تحقيق انفصال بين الاتجاهات الفلسفية الامريكية ونظيراتها في القارة الاوربية .ولكن وكنتيجة للثورة الفلسفية الموجودة في اوربا والتي اشعلها الانتكاسة التي تمخضت عن ازمات المجتمع الصناعي في القرن العشرين ، فلقد كان متوقعاً ان تكون ردود الافعال الفكرية وعلى صعيد العلوم السياسية اكثر بروز في الولايات المتحدة وهي البلاد التي برزت فيها ازمات المجتمع الصناعي اكثر وضوحاً وهذا مابرز خلال قيام المدرسة الليبرالية او الاتجاه الليبرالي داخل كلية بيركلي للعلوم السياسية وبروز اتجاهات فلسفية جديدة في الولايات المتحدة سوف نحاول التعرض لها لاحقاً.
لقد شهدت الحقبة الممتدة بين الاعوام 1960-1970 قيام نوع من التجمع الفكري الغربي كان ميدنة قسم العلوم السياسية جامعة بيركلي –كاليفورنيا ولقد تمحور هذا الاتجاه حول الكتابات التي قدمها (شيلدون ولسن، وجون شار، ونورمان جاكويسون ).ولقد كانت الاسس التي انطلق منها هولاء الطلاب والباحثون هي ايجاد فلسفة تعرف بالفلسفة الامريكية تكون مستقلة عن التيارات الفكرية السائد في المجتمع الغربي ولقد تمت ايضاً مراجعة افكار المفكرين الاوربيين من امثال جون كالفن ،هوبس ،ولوك وتم التعاطف مع الافكار التي قدمتها (حنا ارنت) والتي كانت والى حد ما ذات محتوى ظواهري (فينومينولوجي).ولقد تم انتقاد اسس الفلسفة الاوربية ابتداء القرنين السادس عشر والسابع عشر والتأثير الذي مارستة الفلسفة الاوربية على الثقافة السياسية الامريكية وعلى الدستور الامريكية والسياسة الامريكية بشكل عام . وهكذا كان المحتوى الاساسي لهذا العمل هو محاولة لتعزيز العمل الذي يهدف الى تعزيز النظرة الانتقادية للسياسية الامريكية .
وللفكر السياسي والذي غدا ضرورياً لفهم علم السياسة المبني على الاتجاهات الفلسفية لما بعد السلوكية. ان نظرة خاطفة على محتوى الافكار التي قدمتها جماعة بيركلي حول دور العلم في المجتمعات الغربية وحول الليبرالية الغربية والعلوم السلوكية.ويجب علينا ان نلاحظ ان رائد الاتجاه وهو (ولسن) قد بدا اعماله بانتقاد مفهوم كوهن والخاصة المجتمع والذي قد يكون نوعاً من التكتيك اللازم باعتباره مصدراً للمشاكل البحثية والسياسية والتي بحاجة اللازمة الى نوع من التنظير . ان مما هو بارز في اعمال ولسن وغيره من مجموعة بيركلي انما يتجلى في التأثير الذي تركته ليبرالية لوك على تطور المجتمع الامريكي. واذا ما اخذنا تأثير لويس هارتز وقيامه بتفسير والتعليق على التأثير الليبرالي الذي تركه لوك على التقاليد السياسية في امريكا.
ولقد كان ولسن وغيره من جماعة بيركلي قد اقتنعوا بان الايديولوجية الليبرالية الحديثة قد اتت او جاءت او ولدت عن طريق نظام ثقافي ،او جملة من المفاهيم والمصطلحات ، بالنسبة للفكر الامريكي والتجربة السياسية الامريكية ،وبالطبع تتمحور الفعاليات السياسية الامريكية حول الروح الفردية والذرائعية باعتبارها تبريراً للسلطة ، والعدوانية كمظهر من مظاهر السلطة.
وبالنسبة للخاصية الاولى ، قام (باسكن) بالتدليل على ان هناك رابطة او صلة تاريخية بين مفاهيم البيورتان حول (مصلحة النفس) ومفهوم جون لوك حول المصلحة القائمة على اساس الملكية والتي ادت الى بروز النماذج الفكرية التي قامت على اساس تمجيد الحرية الانسانية وضرورة عدم تفسيرها وخضوعها لاي فرد او شخص اخر،كما ان الحرية في ذات الوقت مرتبطة ارتباطاً كبيراً بالحفاظ على الملكية وعلى اساس هذه الافكار ظهرت الفلسفة السياسية الامريكية كما ظهر النظام السياسي الامريكي والذي عكس افكار البروتستانت والفردية الليبرالية ،وايضا المبادئ الرياضية التي جاء بها اسحق نيوتن . ومن خلال هذه المصادر التاريخية تم بناء الثقافة السياسية الامريكية وادت الى بروز ماعرف الديالكتيك او الجدل بين الذات والموضوع في العالم التكنولوجي المعاصر. وبقيى مهم تبيان الاسس التاريخية التي تقوم عليها كل من الثقافة الامريكية والسياسة الامريكية، سعت جماعة بيركلي الى ايجاد منظور يفسر ثنائية العلاقة الموجودة بين الفكر السياسي الامريكي وبين العقل السياسي الامريكي وكان تبيان هذه العلاقة بين السياسة والواقع قد افرز ما عرف بنظرية ما بعد الحداثة . وكان وولسن على سبيل المثال قد لاحظ بان هنالك ثلاث افكار رئيسية تسود التقاليد الليبرالية وهذه الافكار هي تؤام الحكومة مع نظام الحتمية التطبيقة ،وظهور المجتمع كوحدة جوهرية ذات وجود مستقل ، وثانياً الرغبة في قبول الالتزامات التي تكون ذات طابع اجتماعي غير شخصي. وفي المجال الامريكي او في المحيط الامريكي ، كان هنالك تزايد لقوة الثقافة التي تجسد ابعاد عصر ما بعد الحداثة. وكان هنالك رغبة في تاسيس نظام امن اقتصادي وسياسي من خلال السياسة المحترفة يعني فيما يعنيه ايجاد مجتمع تكون له حدود منفصلة عن الممارسة السياسية . ولقد سعى كل من (سيشلر وولسن وجاكوبسون) والذي عملوا على زيادة الفهم للمعطيات التي ادت من جملة ما ادت الى بروز المفاهيم التي عرفت باسم الابستيمولوجيا البيروقراطية هذا من جانب ،فضلاً من محاولة تحييد الابعاد الخاصة بمفهوم التثقيف السياسي من جانب اخر.وكان هنالك كما هو معروف نوع من التركيز على السياسية الامريكية حول مواضيع مثل الشرعية ، النظام الخاص وغيرها من المفاهيم. ولكن بالنسبة لهدفنا من هذا البحث فسوف نجد ان مدرسة بيركلي قد حققت فائدة كبيرة في تقديم مفاهيم عقلانية وسائلية بالنسبة للمحتوى الاكاديمي الامريكي وكانعكاس لاعمال الفيدراليين الساعين الى ايجاد نظام دسوري جديد، فقد سعى كل من ولسن وجاكوبسون وتومسون الى ابراز مصالح اساسية ترمي الى تطوير البنية الدستورية والنظرية الدستورية الموجودة في الولايات المتحدة. وبالطيع هذه الرغبة في تفسير النظام الدستوري تأتي مقرونة بتحليل منطقي او عقلاني مبنية على اساس وسائلي .ولقد تم طرح مفهوم ((عقلنة الاسس) والتي طرحها تحديدا جاكوبسون ولقد اعتمد على مفهوم القياسات والموازين لتبيان مدى الفضلية في الانظمة السياسية ولقد تم اللجوء الى افكار توماس بين صاحب كتاب حقوق الانسان والحس المشترك وهو احد منظري الثورة الامريكية 1776، وكانت افكاره ترتكز على اولوية العقل وحتمية انتصاره. وباختصار فعلى الرغم من هنالك تأكيد على الطابع العقلاني للحضارة لغربية فهذا لايستبعد ابداً الصيغ غير العقلانية الموجودة فيها. وعلى الرغم من ان البيركليين قد شددوا على العودة الى تراث توماس بين الفكري فان التركيز كان على الفكر السياسي والدستوري والذي انتقل الى الامريكيين من جيل الى جيل.
وكان ماكس هوركماير قد لاحظ قبل خمس وعشرون سنة مضت بان الظروف السياسية التي ادت الى بروز تقليد ليبرالي مبكر والذي توائم الانفصال بين الثقافة العملية والثقافة التقنية ،والذي ادى بالعلم الى ان يكون غربياً وبرز مع ذلك مفهوم الملكية التنكولوجية. وما هو اكثر معاصرة، تم التطرق الى مفاهيم خاصة بالمجتمع قبل الصناعي مثل المفاهيم السياسية مثل المساواة والمجتمع والشؤون العامة والنخب الامريكية التي تضم رجال الاعمال البارزين وكانت جملة من التطورات في المجتمع الامريكي قد ادت الى ايجاد مصادر مفاهيمية جديدة كانت قادرة على تحدي ايديولوجيات العصر الصناعي ، والكفاءة التي رافقت التطورات التكنولوجية الحالية والتي ادت الى وجود بلاغة سياسية او خطاب سياسي جديد ترافق مع سياسة التصنيع التي شهدتها الولايات المتحدة بعد منتصف القرن السابع عشر.
ولقد ادرك البركليون حساسية المجتمع الغربي بشكل عام والامريكي بشكل خاص في حالة انتقاد الكالفنية وافكار لوك وغيرهم من الذين وضعوا اسس العقلانية التقنية والمجتمع الموسساتي الذي برز فيه البناء السياسي الامريكي.ولقد كان كل من وولسن وسيشار في كتابها (ثورة بيركلي والحلقات التي تلتها)، قد توصل الى استناجات انتقادية خاصة بنظرة تشاؤمية حول افكار ماكس فيبر والخاصة بالمجتمع التكنولوجي والخاصة بالربط بين المنطق والصورة الرمزية المرتبطة به.ان الثنائية التي جاء بها ماكس فيبر قد اعطت تعبير اساسي في المناقشة التي ابرزها جون سبنسر حول ازمة الشرعية التي تعاني منها الدولة الحديثة في الغرب على الرغم من ان سبنسر قد اشار الى افكار ماكس فيبر الخاصة بالاستجابات الثنائية حول السلطة العقلانية والمادية والكاريزما او السلطة الملهمة. ولقد سعى سوسير الى ايجاد نوع من سلطة او القيادة ،التي تسعى الى جعل المجتمع اكثر اتجاهاتً نحو المادية . ولكن مفهوم سوسير حول مادية المجتمع او جعله مادياً تجد اسساً لها في الافكار التالية: ان مفاهيمه حول مادية المجتمع والعقلانية ينقصها العمق الفكري الذي جسدته مدرسة فرانكفورات في انتقادها للعقلانية والتحليل باي حال من الاحوال على المصالح الفينومولوجية ،الظواهرية المتقاطعة في العالم وكذلك تأكيد الماركسية عل الحتمية المادية المطلقة.
ان ذلك كان يعني وجود تفكير يقوم على نفي المسلمات السابقة والاساطير التي تجعل المجتمع مجتمعاً زائفاً. وكذلك فان سوسير كان قد اعتبر الانسان عبارة عن موضوع تاريخي حقيقي، في حين تحاول الحتمية الاجتماعية نفي وجوده لصالح المجموع. وفيما يتعلق بهذا الموضوع كان المنظور النظري الذي قدمه هربرت ماركوز وجاركوش والذي هدف الى ايجاد مفهوم وحدوي لمفاهيم ماكس فيبر .
وكان هنالك نوع من العقلنة والسعي لبرهنة افكار ماكس فيبر في كتابات اساسية صدرت له بهذا الشأن. ولقد كانت هنالك عدة من المشاكل الاساسية التي برزت اثناء بروز مدرسة بيركلي والخاصة بالنقاط التالية:1- فلقد كان هنالك اتجاهات معادية لتوسيع مفاهيم الاقتصاد السياسي والثقافة السائدة.2-كانت هنالك سلسلة من التطورات التاريخية المقارنة والتي حصلت في المجتمع الامريكي وهي خاصة بالثقافة وعدم وجود شرعية للراسمالية . وهنالك اسس عميقة للاستراتجية التكنوقراطية والايديولوجية في امريكا والخاصة بالايديولوجية الليبرالية –الراسمالية والفكر السياسي.ان اولوية النظرية المتقاطعة الخاصة باعمال فيبر. والتي كان هنالك من حاول مزجها مع الافكار الليبرالية ذات الصيغة الجماعية والتي كان الهدف منها استلهام افكار فيبر حول المجتمع الصناعي الحديث.
وكان بول روجن في كتابه المشهور(المفكرون ومكارثي)،ويقصد به السيناتور جوزيف مكارثي الذي قدم توصية الى مجلس الشيوخ ومن ثم الى الادارة الامريكية المختصة بمعاقبة ومتابعة الكتاب الذين يشتبه بميولهم اليسارية والاشتراكية . ولقد كشف هذا الكاتب على ان النظرية الجمعية للتاريخ بالنسبة للمجتمع الصناعي الامريكي تظهر لنا صورة جديدة من الفهم الذي قدمه ماكس فيبر حول مفهوم النظام يقول: (( لن المنظور الذي يمكن من خلاله فهم طبيعة الاخلاق الصناعية وبالتالي يفهم الثوابت الليبرالية الامريكية تبدو من محاولة الانفصال عن المعاني البراغماتية . فضلاً عن ان اعباء التصنيع لاتكون وسائلية داخلية بشكل مختصر بل خاصة بالمجتمع الامريكي. وكلاهما يشاركان من الاخلاق التي نوه بها جون لوك ،وايضا كان بسبب الرغبة في تعريف هذه المواقع في السلطة،وهولاء الناس هم ليسوا اقل اخلاقية من اعدائهم.
ومع هذا المنظور العقلي، سون نلاحظ ان المنظرين الانتقاديين الامريكيين يجب ان لاينظروا الى الامور بعين واحدة وخاصة في المسائل الخاصة بالطبيعة الليبرالية والمسائل الخاصة بتصنيع المجتمع الامريكي وجعله اكثر مادية من ذي قبل واعتبار المادية نوعاً من الطبيعة الثانية في تحقيق نوع من الصلات التاريخية التي تحكم الطابع الجدل الغربي منذ عصر الاستنارة الفكرية وفكرة اولوية العلم ووصوله المجتمع الامريكي الى درجة المجتمع الرأسمالي وهذا يعني وجود منهج عام للعقلانية الوسائلية.
تصنيع العقل في علم السياسة الامريكي:
واما على جانب اخر، فان المشاكل التي اثارتها مدرسة بيركلي حول انتقاد التقاليد السياسية الامريكية والذي ادى بشكل او بأخر الى انتقاد المنهجية السلوكية التي تبعتها الاكاديميات الامريكية . وفيما يخص موضوعنا فان هنالك عدة خصائص الثقافية في السياسية الامريكية بما في ضمنها سيادة الروح الموضوعية والذاتية في نفس الوقت وسيادة المفاهيم الخاصة بالتطور التنكنولوجي ،وروح العقلانية والتي ادت الى شيوع مفاهيم السلوكية السياسية.وهكذا كان العلماء المختصون بالاجتماع والاجتماع السياسي قد افترضوا ان هنالك((موقف طبيعي)) قد ادى الى وجود كيان بيروقراطي قد قسم بشكل قاطع الحقائق الى قسمين قسم منها قد تم تحديده في وحدات او اشياء، وكل فرع او قسم موجود في العقل. وفي هذا المحيط ، كان علماء الاجتماع قد وضعوا نوعا من الاسس الايديولوجية ، فكل مجموعة من الحقائق مركزية، وبدون مسافة انتقادية للاستقصاء الفينولوجي والتقييم السياسي، وهنالك حقائق اضحت مادية او تم جعلها مادية بشكل يكاد يكون مختصراً. وهكذا الزم علماء الاجتماع انفسهم باخطاء النظريات المادية وابتداء بذلك نوعا من المادية ما قبل النظرية في الثقافة السياسية الامريكية.
ان المنظور الذي قدمه بشكل انتقادي السلوكيون المنهجيون ولاسيما وولسن وتلامذته وخاصة في المسائل الخاصة بصياغة النظريات ،ذات التعابير الفينولوجية ومن ثم تطوير التعابير الانتقادية لمدرسة فرانكفورت . ولهذا كانت اهداف هذا الاتجاه. هو تبيان ظاهرة اي حدث او اي شي في سياسة العالم. وهذا يؤخذ كضمان للوصول الى اهداف محددة او حقائق ما قبل تكوين المحتوى السياسي لاي نظام من الانظمة. ان التنظيم التقني سوف يؤدي الى استخدام خطاب يستند على منهجية علمية ويفتقد الى ايمان اصلي او اعتقاد اصلي في الهدف ((الكمية) ان البحوث والمنهجيات العلمية والوسائل التي تعتمد على مصادر من اللغات والمعاني والتي تؤدي الى خدمة المناهج العقلانية والتي تقوم بربط الحياة الاجتماعية في العالم. والتي اضحت تستجيب الى نوع متشابه من المشاكل او المسائل التي اضحت تهم البشرية جمعا ، ان قدرة او امكانية علم السياسية على تأسيس صحف او مجلات تقوم بتوضيح العمليات التكوينية للفعل السياسي والصحف والدوريات السياسية قد اضحت تعمل شساً فشسا على تكوين عالم خاص ذو افكار مغلقة لاتكاد يفهمها الا نخب قليلة من المثقفين .وفيما يخصنا هنا سوف نلاحظ ان الاتجاه النقدي الذي تبناه قبل خمس سنوت مضت اي في عام 1970، جعل عدداً من علماء السياسة يدورون حوله انفسهم في حلقة مفرغة: فمنهجيته في دراسة الافتراضات والاحتمالات وتعميق الثقافة السياسية ولكن منهجياته قد ادت الى تحطيم المعرفة.فمثلاً كان اعطاء نوع من الشرعية للخصخصة قد تطور مع تطور النظام التقني ،كما ان الخيال العلمي وتطور المعرفة السياسية.وباتباع الخطى التي رسمها هوسرل وجوزيف كوكلامانس قد اظهروا روحاً نقدية علمية وتطورها قد ادى الى التأثير على قسم من فروع علم النفس وكانت التسهيلات التي قدمها المثقفون حول الاطر المفاهيمية لدور علم السياسة في ازمة الثقافة التي تعيشها المجتمعات الغربية. ونحن نفترض بانه يجب ان يكون هنالك اهتمام كبير بالاختصاصات او المجالات التي كانت قد تطورت وتمت على اساس استخدام التحليلات التي يقدمها علم التحليلات التي يقدمها علم التحليا النفسي. وعلى سبيل المثال كان كل من ( اوليرخ سونمان وتيودور ودورنو ، في عام 1951 وفي مقالة نشرتها مجلة البحوث الاجتماعية وكانت بعنوان ((التخصص في العلوم النفسية ، اظهر فيه تأثره بمنهجيات علم التحليل النفسي)).
ولكن وشي مختلف مع الطروحات التي اتى بها سونمان قام عدد من المؤلفين بعمل ملاحظات والوصول الى استناجات مخالفة لما وصل اليه، اذ ان هنالك بنية اولية يستند عليها علماء السياسة من الذين يستندون الى المنهجيات السلوكية والذين ركزوا على اوليات الحس او الشعور وتكامله مع الهوية الشخصية باعتبارها مظهراً من مظاهر البنية الاجتماعية، وكانت كلا الاتجاهات قد نحت منحا عقلانياً بزيادة الاعتماد على الروح العقلانية والعلمية وبتوظيف منهجيات العلوم الاجتماعية . وكل واحدة من هذه الاستناجات سوف تؤدي الى وجود تجارب انعكاسية افرزها وجود نوع من التوتر بين الطروحات الفكرية للمفكرين وبين واجبات الوظيفية وهذا سوف يؤدي الى وجود محتوى قائم على اساس التحدي الذي تقميه العلوم ما بعد السلوكية للنظرية السياسية التي تقوم على الاساس الابيستمولوجي والانطولوجي ((الماهوي)) او الوجودي. وبشكل عام. كان هذا التوتر والافتراق بين المنهجين قد اضحى برهاناً على وجود انعكاس لنوعية جديدة من المناهج. وكان هولاء العلماء السياسين قد تناسوا مختلف انواع الطروحات التي قد تلجاء اليها الميكانيكية العلمية. وبمنظور مدرسة فرانكفورات كان هنالك اتجاه في العلوم السياسية قد عكس وجود رغبة في الاتجاه نحو نوع من التخصص وتشكل نظام عقلاني متكامل ونظام وظيفي يحدد علاقات السلطة مع ظهور النظام التكنولوجي باوسع مدى يمكن ان يظهر عليه. وكانت هنالك عدة من الشواهد قد ادت الى وجود اسس موضوعية جلبت مع الاستخدام الواسع النظام الكبيوتر والاستناد الى الاعمال الفكرية العقلانية الصارمة التي التي جاء بها ماكس هوركماير والذي كان قد قرأ بعمق وانتقد كتابات المفكر الفرنسي توكفيل صاحب كتاب ((الديمقراطية في امريكا)). ان جدلية العلم والموضوعية والذاتية في الثقافة السياسية الامريكية، لم يكن ليخطى بعناية ذوي الاتجاه السلوكي من الاكاديميين .وضمن هذه الصورة كان مارتن جاي قد اشر او اشار الى جوهر افكار هوركماير والخاصة بالعقلانية النقدية فيها قوله:(ان الاستناد على الارث الديكارتي العقلاني والذي ادى الى تقليل الاعتماد على العقل باعتباره بعداً موضوعيا وهذه كانت الخطوة الاولى نحو هجر المنهج العقلاني من العالم.
ولقد ادى انفصال بين الجوهر والموضوع، وأثمر عن قبول غير نقدي اي غير شاك بالوضع الحالي ((اي سيادة روح المحافظة)).وكنتيجة لذلك كانت العقلانية قد بدأت بالتماهي مع المعنى المعطى لكلمة مثل الحس المشترك وكان جون فيل قد لاحظ ان الجهود الفينومينولوجية نحو فهم اكثر للعلوم الاجتماعية قد افرزت عن وجودية جديدة وانثروبولوجيا فلسفية،ولقد بدا ان علم الاجتماع المعاصر اساس العقلانية التقنية ،وهذه النتائج،قد قللت والى حد ما من الطابع العقلاني للمصالح والقيم والتي ادت الى وجود هيمنة للتكنولوجيا باعتبارها سلوك حياتي يومي.وكان وولسن قد اشار ايضاً الى القضايا الخاصة بنقد المنهجية الخاصة بعلم السياسة، وبدلاً من استبعاد المنهجية التقليدية من مناهج البحث السياسي اعتبر وولسن هذا الاجراء بكونه يقود الى عدم بناء الكلانية التاريخية –الاجتماعية والتي تكون ذات اسس وقتية او مرحلية في الحياة الموضوعية . ان العالم يعد عبارة عن طريقة للتغلب على الاسس الموضوعية والتي لازالت مستمرة في الفكر السياسي الامريكي . ان المنظور الظواهري الانتقادي قد يقود ايضا الى نتائج ليس اقلها وجود نزعات استرجاعية في هذا الطرح الذي يؤدي الى تأسيس بنية تربط بين الانسان وبين الاخرين وتقتح لن الطريق لتحديد العالم ككل.وهذا يتضمن اي تجديد اعادة النظر في القيمة الانسانية والوجود الانساني كوحدة منفصلة وفي الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي تعيشها المجتمعات الانسانية.
وكان مارلوبوتي قد اشار كما اشار جون نيل الى مفهوم الانعكاس الموجود في بنية المؤسسات السياسية القائمة والتبادل الموجود داخل كل بنية على حدة. ويمكنن القول ان الحلول تقدمها المناهج الديكارتية والسارترية ((نسبة الى جان بول سارتر 1908-1980)) ، حول عدم توائم او تناغم المنظمات السلوكية الخاصة بالبحث السياسي ، والتي ادت الى بروز نظرية سياسية ادت فيما ادت اليه الى وجود التزامات تقضي بايجاد عالم سياسي حقيقي. ان الاتجاه الذي قدمه اعضاء مدرسة بيركلي قد ساهم مساهمة كبيرة في اصلاح المؤسسات العلمية المتخصصة بالعلوم السياسية في الولايات المتحدة الامريكية،وايضاً قامت بتعزيز البنية الثقافية السياسية. وكان كل كشف يقوم به ارباب الاتجاه السلوكي يؤدي فيما يودي الى تعزيز البنية المفاهيمية للعلوم السياسية.وهنالك نماذج قام بتطويرها عدد كبير من الباحثين هدفت الى ايجاد نوع من الفهم الحديث للدور الذي يلعبه رجل السياسة في المجتمع الامريكي. ولقد كانت قضايا مثل الاغتراب ، وكذلك الحرية الشغل الشاغل للبحوث السياسية التي صدرت في تلك الحقبة. دون المعروف ان الحرية والاغتراب هي المواضيع الاساسية التي شغلت المدرسة الوجودية .وبالطبع كانت هذه الاتجاهات الجديدة قد أستبدلت الاتجاهات القديمة في دراسة العلوم السياسية، والتي كانت ترتكز الى حد ما على موضوعة الاقتصاد السياسي. ان زعماء الاتجاه السلوكي ، قد ركزوا خلال هذه الحقبة ايضا على مسألة الهوية والمبنية على التخيل المغلوط والذي وصفه العلماء والخاصة بوضع اسس للحياة العالمية حول العارف وموضوعة المعرفي. وموضوعة الهوية كانت قد تطورات على الاسس التي تطورت عليها نظرية النظام نفسها، وكان هنالك تصور خاطئ حول فكرة العلم ، وهو الامر الذي جعل الاكاديميات العلمية تتجه نحو اتجاهات اكثر مادية من ذي قبل ولاسيما مع وجود فكرة الكلانية المجتمعية وبالتالي اضحى البناء الانساني الذي يرتكز على الفرد اقل ظهوراً عند الباحثين في هذه الفترة. وهذا الاتجاه قد ترافق ايضاً مع مستويات نظيمة مع ظهور مفهوم ازمة الهوية وكان هذا المفهوم قد ظهر كرد فعل. من لدن الاتجاهات التي تتبنى الذاتية على الاتجاهات التي تتبنى الموضوعية . ولقد اضحى مفهوماً بان هنالك سلسلة من العمليات الالية والمادية قادت فيما قادت اليه الى جعل الحضارات الراسمالية منفصلة عن الاصل الانساني الذي نبتت فيه اذ تحول الانسان الى ما يشبه السلعة واضحى قانون العرض والطلب وهو احد القوانين الاساسية في السوق هو السائد في الحياة الاجتماعية الغربية . ان الاصول التاريخية للملامح الرئيسة التي شكلت علم السياسة المعاصر قد وجدت من خلال استلهام المنظور الذي شكل بدايات لعمل نظرية سياسية تتلائم وعصر ما بعد الحداثة وكان هذا يستلزم مهمات جديدة في التثقيف السياسي والتغييرات الهيكلية المرافقة لهذا التجديد في البنية المعرفية التي نشأت فيها العلوم السياسية . ولقد كان هنالك رغبة في استعارة بعض المناهج الفينومينولوجية وتوظيفها في ابعاد البحث السياسي.ومن المعروف ان عدداً كبيراً من علماء السياسة الامريكيان لايدركون ان كارل ماركس وماكس فيبر كانا قد انتقدا الايديولوجية الليبرالية باعتبارها ايديولوجية برجوازية . ولقد كان الجزء التاسع من كتاب شيلدون دوكنا (السياسة والخيال ) قد نوه فيه ببعض القيم العظيمة، التي كان من المفروض ان يتم التاكيد عليها على ظهور المناهج النقدية الفينومينولوجية والتأويلية. ووجود مثل هذه المناهج يعني فيما يعنيه اعادة بناء النظام الذي شيده علماء السياسية من اتباع المنهجية السلوكية.ويوشر على وجود بناء هيكلي نظري يضم بشكل منظم ومنهجي مجموعة من مفاهيم (الحس المشرك) وقد تحولت الى مفاهيم مادية. واضحت الفلسفة الذاتية للعلم كبناء تعز الصورة التي تقود الى اولية وكلانية المجتمع كهدف للمنهج النظمي. ولقد كان ماكس هوركماير قد اشار الى نوع من الاحتكار لمفهوم الحقيقة ذاتها ( وبالفعل كان هذا المفهوم غير جدلي للمعرفة بشكل عام ولقد تم توضيح هذه الفكرة بالعبارات التالية: (( ان العلم الحديث كمفهوم وصفي يشير بشكل جوهري الى اوليات الحقيقة،ومن ثم الى وجود افتراضات مبداية حول جعل الحياة مادية بشكل عام. وهي تأخذ العالم باعتباره عالم من الحقائق والاشياء، وتفشل في اقامة صلة او ارتباط بين العالم والحقائق التي تمليها العمليات لاجتماعية. ان مفهوم ((الحقيقة)) هو حصيلة اساسية لمفهوم الاغتراب الاجتماعي ، كما ان الهدف المستخلص من التغييروتبادل الافكار سوف يؤدي الى وجود تجربة ذاتية تعتمد على اساس المناهج الكمية ، والتي رغب اتباع الفلسفة الوضعية في اعتبارها كمنهج علمي وحيد، يعمل على استخلاص الحقيقة.وهذا المفهوم لايمكن ان يقبل باعتباره قياساً للحقيقة اذا ما كان، انموذج الحقيقة ذاتة مبنياً على سلسلة من العمليات الاجتماعية والتي لايمكن ان تقبل باعتبارها نوعاً من التعميمات المطلقة. وهذا الانقسام الميكانيكي في الاصل والشيء او المادة يقود الى نوع من التفكير العقائدي الاعمى. ومعالجة هذا الوضع هو واحد من المهمات او الواجبات التي تقع على عاتق الفلسفة وبالتالي لايمكن ان يهمل الشكل المعقد للواقع باعتباره قانون الحقيقة.
ان هذه المقولة تكمن اصلاً في نظرية ماركس ومقولاته الاساسية حول التوضيح المادي للتقليل من المنهجية اللازمة او التي كانت مستخدمة في النظريات العلمية والمستندة بشكل اساسي على نمط انتاج الحياة المادية. (ماركس) وفي ذات الوقت ، كان هنالك نوع من قلة التركيز على النظرية الظواهرية ((الفنومينولوجية)) المعاصرة والخاصة بنقد المنهجية الماركسية والخاصة بالاستناد على قواعد المجتمع الصناعي كدليل على فهم كثير من الجوانب الفلسفية والفكرية الموجودة في هذا المجتمع. وان الارتكاز على هذا المنهج كان يعني ان هنالك قدرة على فضح زيف المنهج الليبرالي و المستند على عمليات الفهم السياسي. للعلاقة غير الايديولوجية بين اسس الحياة التي يعيشها العالم وبين الانماط الفكرية المختلفة التي يظهرها علم الاجتماع وعلم السياسة.ولقد كانت واحدة من النتائج التي ترتبت على هذه الفكرة زيادة المناقشة والجدل الفكري بين علماء السياسة حول فكرة مادية المجتمع واكد وا على الدور الذي يمكن ان يلعبه التطور العلمي في هذه الناحية.ولقد كان الكتاب الذي اصدره الان بكوم والمعنون بـ((التنظير)) والصادر في لندن عام 1974 والذي اظهر المتطلبات الخاصة بفهم البعد الخطابي غير القابل للدحض للتنظير. ومثل هذه التحديات المفاهيمية والقائمة على بحث طوباوي يعمل على تجاوز النص الخطابي في الايديولوجية الحدية للعلم ، كهدف مترابط مع هدف اخر الا وهو لاشخصانية المعرفة والعمل على تحقيق نظام متكامل من المعرفة تستند على النظرة النقدية لما بعد الحداثة. وعلما اية حال ، فقد بدا ان تأثير البحث في الثقافة السياسية قد بدأ الان (1975) يعطي ثماره.وبالنسبة لعلم السياسية ، كانت التربية السياسية قد استمرت في تعزيز المواقع التي يلعبها المختصصون في العلوم التقنية في انجاز تربية سياسية قائمة على البراهيين العلمية والمنطقية التي يوفرها المختصون في العلوم التطبيقة .ان هذه المسالة توضح لما اخفق معظم علماء السياسة الامريكان في فهم المسألة المتعلقة بوجود ازمة في العلوم الاجتماعية باعتبار ان وجود مثل هذه المشكلة امر لامعنى له في موضوعة الاسس التي تقوم عليها المنفعة ، ان توسع النظرية النقدية الفينومينولوجية لديالكتيك اللغة سوف تشكل محتوى موضوعياً للطبيعة باعتبارها العنصر الاساسي للانسان.
جدلية اللغة والنظرية السياسية النقدية للهيئة السياسية
يشهد الوقت الحاضر ويقصد به عام 1975 ، نوعين من النظريات السياسية تتركز في محاولة فهم الكيفية التي يساهم بها العلم وبالذات علم السياسية في اضمحلال او ضعف المخاطرات العامة المتخصصة في مجال علم السياسية، ولقد اضحى ذلك جزاً من ازمة اوسع هي أزمة الشرعية والتي اضحت أزمة عامة كان مداها التكامل مع الاتجاهات السياسية المعاصرة. ان عدداً كبيراً من المؤلفين قد سعى الى ايجاد نوع من التجديد في اللغة السياسية المستخدمة في البحث باظهار التفاصيل الخاصة بعدم ملائمة اللغة السياسية مع التطورات المعاصرة في علم السياسة . ان هذا الاتجاه قد تم التعبير عنه في الكلمات التالية.
((ان علم السياسي الاصولي قد اظهر تزايد اً في الاتجاه الذي جعل ذاته مقيداً من لغة اقرب الى ما تكون لغة ادبية ، جامدة، وغير ملائمة مع اتجاهات العلم الموضوعي. لقد بدا ان الهدف من ذلك ايجاد نوع من البلاغة السياسية المرتكزة على اسس تقليدية للفهم الموضوعي للعلم . ولقد وجد ان هنالك نوع من العوائق الموجودة في طريق استكشاف افاق اكثر حداثة للمعرفة . ولكن كل مجالات التجربة السياسية قد اظهرت بانها كانت غير ذات فائدة (اي اللغة السياسية)) للعلم والبحث السياسي.
ولقد كشف ((انزو باسي) في كتابه ((وظيفة العلم )) بان مشكلة التكنولوجيا والعلم والمشاكل المترتبة على هيمنتها على الحياة قد ظهرت ذات صلة كبيرة بمشكلة اللغة والتي تحولت بمرور الوقت الى مشكلة ترسيب لغوي(( اي وجود الفاظ ومصطلحات قديمة غير ذات جدوى في البحث السياسي. ولكن النظريات السياسية قد التمست المنهج الذي وصفه هوسرل والخاصة بالتدريب اللغوي والذي اضحى معتمدا على الكتابات الفينومينولوجية (الظواهرية) لمارلو بوني وباسي وريكوار.
ومن خلال هذه الورقة سوف نلاحظ ان نظرية او فكرة الترسيب اللغوي قد شكلت نوعاً من التطور في الثقافة السياسة الامريكية وسيطرة البرجوازية الليبرالي على مجتمعنا الراسمالي وسيادة العقلانية التكنولوجية ، والثقافة السياسية المادية ، والتي اضحى لها مريدون الى درجة العبادة.ونحن نأمل في ان هذه العمليات تساهم في ايجاد نوع من التحليل للغة السياسة، والتي يجب ان تكون ملائمة اكثر ما يكون للحفاظ على التوجه العلمي والانساني التاريخي للعلم وللتكنولوجيا والتي من الممكن ان تؤدي الى تحرير وتطوير وتنمية الحياة البشرية بشكل عام . وذلك يعني وجود مشروع لاعادة تأهيل اللغة السياسية ،وفي اتجاه متقاطع ، مع مسألة التحليل اللغوي وهو ما يناسب والى حد كبير الاتجاهات الموجودة لدى علماء وباحثي الاتجاه ما بعد السلوكي. ولقد كان ذلك بالضد من التحول الذي ابداه المجتمع العالمي في الاشارة الى الحقائق والاشياء كما وصفها هوركماير وانيرز وباس في تفسير وشرح جدلية اللغة وربطها بالعلم الموضوعي والتسهيلات المقدمة لفهم التحولات والتعقيدات التي تجري في العالم وفقاً للمعنى المفاهيمي.ووفقاً للمنظور الذي قدمه باسي ، كانت النظرية السياسية والتي يجب ان تلائم ديالمتيك او جدل (الروح الحية للغة)) ولقد كانت هنالك جهود علمية تبذل من اجل فهم اعمق واوسع للعلم وللتكنولوجيا ووظيفتها في مساندة ومساعدة ايجاد نماذج جديدة من الزمن السياسي ، والنظرية ، والتي وضعت بناءً على اسس المجتمع والموضوعية التي يجب ان يخدم العلاقات الموضوعية في العلم.
ان الفهم الذي قدمه بايس لبحوث هوسرا حول اصل الهندسة واللغة باعتبارها عناصر اساسية للاسس التاريخية لهذه المشاكل.
ان مشكلة ترسيب اللغة تتجلى في العلاقة بين الموضوعات في الزمان والمكان، ومشكلة الاتصالات الموجودة من المواضيع التاريخية ،فاللغة هي عبارة عن بعد ترسيبي يتطلب نوعاً من رد الفعل الممكن .ان اعادة اكتشاف المعنى لايتجلى في وجود مشكلة المادة بل الطبيعة المادية ،والتكنولوجيا والعمل.وهذا يتجلى في مشكلة وجود الهياكل الاقتصادية ،ومشكلة تشغيل القوى الاقتصادية وفقاً للبنية الاساسية التي جاء بها هوسرل.
ان ارار باسي قد تجلت او تجسدت في الرغبة في اعادة هيكلية للصناعات والثوابت ومجوع الهياكل والبنى التي تشكل او تؤلف عالم اليوم والتي اصبحت مفتاحاً للنقد السياسي حول موضوعة مادية المجتمع ومادية الزمن كمظهر للاغتراب التنكولوجي واغتراب العمل والمجتمع الصناعي.ولقد وضح ذلك هيربرت ريد هذه الفكرة بالقوة التالي: (( عندما قام بايس بالبحث والكتابة حول تحول وتغير النماذج الخاصة والتي لايمكن ان تعلب في المعنى ، ولقد اشار الى الديالكتيك او الجدل الاجتماعي حول تصنيع المجتمع وجعله اكثر مادية هو مسألة جوهرية وحساسة لسياسة الزمن، والعمل والطبيعة والتي تتجسد في الرغبة في ايجاد مجتمع لايضغط تحت شعار الموضوعية على افراده . ان المشكلة السياسية تعني وجود تغيير في المعنى الاجتماعي للبنية المؤقته عن طريق الاعتماد افكار مفاهيم جديدة وقواعد جديدة وهذا يقتضي نوعاً من الموضوعية في تداول المواضيع السياسية. ولابد من الاشارة الى ان المنهج الراديكالي يشير الى سياسة الزمن تؤشر الى احتمالات اعادة تكامل جديدة بين التنكولوجيا في البنية المفاهيمية للحياة الموضوعية.
ولعل واحد من مظاهر الصعوبة في فهم التحليلات النظرية التي جاء بها باسي تكمن في امكانية او مدى امكانية فهم الديكالتيك التاريخي –الاجتماعي للغة باعتبارها محتوى موضوعي في الحياة وبالتالي لايمكن باي حال من الاحوال عزلها عن تطور الحياة كما انها في ذات الوقت تكمن في الطبيعة الانسانية المتنافرة اي القائمة على توافر او تواجد عنصرين غير منسجمين في وجودهما.ان الفهم الراديكالي الجديدة لمشكلة المادية تتطلب فهم ما وصفه باسي حول مفهوم ديالكتيك اللغة ودور اللغة في عالم تسيطر عليه التكنولوجيا (تغلغل التكنولوجيا في الحياة) وكذلك في المحتوى الموضوعي للطبيعة وفي ذات الوقت التكوين غير العضوي للانسان. ان مما يجب علينا ان نفهمه هنا هو بروز المنهج الفينومينولوجية ودور هذا المنهج في تأسيس نظرية سياسية نقدية قائمة على نقد الدور الذي يقوم به العلم في الحياة. وفي هذه المقالة، وضح روفاتي بان هنالك نوعاً من التناقض بين الفيومينولوجيا او الجدل القائم عليها الديالكتيك الظواهري وبين الماركسية يتضمن وجود نظرية نقدية قدمتها مدرسة فرانكفورت الفلسفية ولقد قال :
(( ان الحاجة لوجود تحديد مفاهيمي وتاريخي ، يتطلب نوعاً من تحديد المفاهيم بشكل موضوعي . ومن ثم وجود نوع من تحديد المفاهيم يكون ضرورياً حتى نجد مستوى موثوقاً به في علم الانثربولوجي ( تحديد النموذج والحاجة) في مقابل سيطرة ايديولوجية اقتصادية:
ان محاولة تجنب تقيم الحاجبات الموضوعية الى قسمين هما الحاجات والافراد يشكل نوعاً من التكوين السلبي والذي قد يعطي نوعاً من الاشارة النقدية على غياب نوع من الحوار بين عدد من المفكرين والمصلحين حول مسألة النوعية والكمية والليبرالية، وهذه الاسس الفيوميتولوجية في النظرية السياسية النقدية تكمن في محاولة فهم الحياة بكونها ليست مشروعاً قائماً على اليوتوبيا والتي يسعى المفكرون لتحقيقها في المستقبل، ولكنها نوع من الانجاز الوظيفي في الحاضر لمستوى من الفعاليات الخاصة بمواضيع مختلفة مع وجود نظام ايديولوجي محدد.
وهذا المستوى المعقد والفعال من النظام الجدلي شديد العمق يعتمد بشكل رئيسي على التاريخ ذاته باعتباره حركة حية متبادلة التطور وبشكل اصلي للمفاهيم او على نحو يوصل المفاهيم ان النقدية كاتجاه وحركة اذا ماتبنت المنهج الفينومينولوجي تكون مقترنه الى حد ما بالليبرالية التكنوقراطية والتي تعمل على ما من شأنه تقليل او الحد من العقل السياسي والكيان السياسي على اعتبار ان النظام يعمل وفقاً لمصطلحات العقلانية الوسائلية وايضاً هنالك نوع من الارتباط بالمنهج القائم على النقد الثقافي المتعارض ((الليبرالية التكنوقراطية))علماً انه يبقى كجزء من التحليل ضمن ثنائية الذات والموضوع وصولاً الى حالة مادية متكاملة تؤثر في البنية السياسية الموجودة في المجتمعات الغربية اليوم.ان محاولة فتح الباب على التقاليد الليبرالية الامريكية سوف يكشف لنا مسألة وجود الحوار والذي سوف يجلب مفاهيم وادراكات راديكالية تعمل على جعل الحياة في هذا العالم اكثر مساواة ومشاركة من كل الاجناس.ان البنية المفاهيمية المتماسكة للسياسة النقدية قد انتقلت من مدرستي بيركلي وفرانكفورت مع امكانية شرح بشكل افقي للديالكتيك(الزمكاني) اي المبني على التوافق بين الزمان والمكان للحياة العالمية والمحتوى التاريخي الاجتماعي للفينومينولوجيا النقدية.
وفقاً للماركسية المطعمة بنوع من الافكار الهوسرلية (اي الظواهرية)، فان العلم والفن يجب ان ينفضا عنهما قداسة اللغة. ويعيدان صياغة التعابيير اللغوية على نحو اكثر توائماً مع الروح العلمية الحديثة، ولكن يجب علينا ان لاننسى ان باسي قد اكد على ان مثل هذا النزع للقدسة عن اللغة يجد جذوره واصوله دوما في البني الهيكلية والمادية للعالم .وهذه المهمة تغدو من الاهمية بمكان اذ انها تعمل على مكافحة ومقاومة اغتراب الانسان في العلوم، ويعني ايضا اعادة تأهيل للتكنولوجيا ، ومنح وسائل الاتصال والتبادل ، ومثل هذه الحاجة سوف تبدو وكانها حاجت مقدسة لايجوز ابداً التازل عنهما.
ان السؤال يتركز حول اذا ما كان العلم والتكنولوجيا يجب ان يكونا جزء حيوي من الموضوعات التي يعيشها الانسان المعاصر وتعمل على ان تكون وسيلة من وسائل تحرير وتطوير وتنمية الانسان سواء كان هذا الانسان عاملاً ام كان من طبقة اخرى. ولعل تعقيداتها واحدة من العوامل التي تدفع الى وجود حالة من الاغتراب وبالتالي فان وجود اصطلاحات لغوية ومنطقية في البني اللغوية تكون مترادفة مع اي تطور علمي وتقني حاصل.
وسوف نتناول هنا الروح البيروقراطية والمتجسدة في المجتمع الامريكي المعاصرة من خلال منظور ظواهري ، وسوف يظهر لنا كيف تستطيع البنية الامريكية والخاصة باللغة التعبير عن العلم والتكنولوجيا من خلال البنية التاريخية والوصول الى نتائج سياسية محددة.ولقد فصل كل من فيرخ وبنيام كيف ساهم الخطاب الذي جاء به جيفرسون.(ويقصد به الرئيس الامريكي الثالث توماس جيفرسون وجاكسون –الرئيس الامريكي الرابع)في ايجاد انموذج ثقافي متميز وذو محتوى رفيع الثقافة ومن ثم عمل هذا الانموذج على استمرار وديمومته من خلال النظام البيروقراطي والنظام الهرمي الوظيفي،وعدم وجود مساواة في الفرص والملامح السلطوية للنظام الراسمالي . ان البيروقراطية، مثلها مثل اي مؤسسة مسيطرة اخرى، تعمل على تطوير بنية من اللغة المعقدة والتي يتم عادة محاولة تلطيفها بوسائل عديدة، منها اشاعة خطابات عن المساواة والايديولوجية الشخصية الاخوية في حين كان من المعروف ان السلطوية قد سحقت تحت اعقاب البيروقراطية .ويمكن القول ان هنالك نوع من الثورة اللغوية في القطاعات البيروقراطية في المجتمع الامريكي.وهذه النماذج اللغوية للاتصال تعد الى حد ما سياسية ، كما ان السلطة السياسية والتسهيلات التي يقدمها للعالم الاجتماعي والتي تعمل من خلالها على مطابقة الاشياء وتزايد القنوات الهرمية والمفاهيم التي تعمل على تشغيل الاجراءات . ان اللغة في التقليد الليبرالي الامريكي قد اصبحت نوعاً من الترسيب اللغوي والذي نجم عم وجود التسهيلات التي تقدمها البيروقراطية التقنية وعمل النخب الفنية تعمل متأزرة في النظام السياسي الراسمالي: وهنا برزت مسألة اضمحلال او تراخي دور العامة لمواجهة البنية المادية التصنيعية للدولة وللمجتمع واعتبار هذه الاستراتيجيات نوعاً من الدور الفاعل والتي يسعى الافراد من خلالها الى التأثير في البنية والانضمام الى وحدة او كينونة اجتماعية بحيث يتم التخلص او على الاقل تقليل شعور الضياع او الالية .
واخيراً يجب علينا ان نتناول هنا التحليلات التي اتى بها ماركوس روسكين في كتابه ((الكينونة والفعل )) والصادرة في نيويورك عام 1971 ،حول نفسية او سايكولوجية الكولينالية والانتقال من الكولينالية الى معادة الكولينالية ومن ثم التأسيس لهذه المرحلة. ان النماذج اللغوية التي تعمل على تقنين الصيغ المادية للحياة قد نوقشت من لدن روسكين في كتابه حول (( سيكولوجية الجانب النفسي ووظائف النظام والاشارة الثابته الى هرمية الاخر والمترادف مع السلطة البيروقراطية . ان هذه الانماط من السلطة او السلطات قد خلقت عند الانسان نوعاً من الخوف المستمر وهذا الخوف تجسد في الخوف من عدم الامان والاستقرار والهزات الاقتصادية .ان هذا الشعور بالخوف لدى الفرد قد دفعه الى البحث عن قوى تاريخية او عامة للالتجاء اليها. ولذلك فان سيادة مفاهيم لايديولوجية الخاصة حول((الفرص))،فان الفرد قد يرتدي قناع الموضوعية اللازم في مجتمع السوق.وعلى ضوء الفلسفة الظواهرية النقدية ومحاولة الفهم الذي تسوقه لجدل الذات، والمجتمع وعناصر الطبيعة فقد ظهر ان هنالك علاقة تاريخية خاصة قد شكلت وكونت المجتمع الراسمالي.فهنالك نوع من الاستحواذ الفردي والذي ناقشناه في العقلانية كمفهوم قد قدمه باسي باعتباره اسس للضياع الموضوعي فمطالب العالم الموضوعي هو امتلاك الاخرين من خلال شعورهم بالحاجة من اجل اشباعها .ان سيكولوجية الدولة الهرمية على اساس الموضوعية الجدلية للذات والموضوع تجسد في الاقتصاد السياسي، والاقتصاد الاجتماي وثنائية الذات والموضوع في العالم اليوم والذي تسوده قوانين الحياة التكنولوجية . واذا ما كان ماركس قد هاجم المجتمع الصناعي في القرن التاسع عشر وهاجم الاشكال المؤسساتي للنظام فهنالك حتى اشكال اخرى للنقد تجسدت في النظرية السياسية النقدية الحديثة.
الاستناجات
ان هذه الورقة قد ساهمت في توضيح الاهمية التي تقدمها النظرية الظواهرية النقدية في فضح كثير من الجوانب السلبية لمجتمعات الصناعية وما بعد الصناعية وتناولت ايضا المشاكل الناجمة عن وظائف العلم ومعنى الانسان كمعطى افقي ومحاولة اعطاء نوع من التكامل ونبذ فكرة تجاهل المادة كمعطى موضوعي ، ان الارض الخضراء والوظيفة الجوهرية المعطاة للفلسفة وعلم السياسة السلوكي او القائم على المناهج السلوكية قد نقصه المنظور اللازم لحفظ نظرية للعيش في عالم قائم على اساس المادة هي الموضوع.
ان النظريات السياسية النقدية قد اكتشفت نوعاً من اسس الحياة العملية وجسدت الابعاد الزمنية والموضوعية والذاتية لوجود الانسان ومحاولة تقييد التجليات التي برزت في التأثير التاريخي للسياسة . ان النظرية السياسية النقدية والتي هي قائمة على اسس ما بعد الحداثة قد نوقشت في هذا البحث واظهرت ظل العلم في العصر الحديث واسطورة السطوة الحديدة للمادة ولكن كان هذا كله جزء من خيارات عديدة.



#علاء_عبد_الرزاق_-د.باسم_علي_خريسان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- علم السياسة والنظرة النقدية لاتجاهات مابعد الحداثة حول العل ...


المزيد.....




- اتهام 4 إيرانيين بالتخطيط لاختراق وزارات وشركات أمريكية
- حزب الله يقصف موقعين إسرائيليين قرب عكا
- بالصلاة والخشوع والألعاب النارية.. البرازيليون في ريو يحتفلو ...
- بعد 200 يوم من الحرب.. الفلسطينيون في القطاع يرزحون تحت القص ...
- فرنسا.. مطار شارل ديغول يكشف عن نظام أمني جديد للأمتعة قبل ا ...
- السعودية تدين استمرار القوات الإسرائيلية في انتهاكات جسيمة د ...
- ضربة روسية غير مسبوقة.. تدمير قاذفة صواريخ أمريكية بأوكرانيا ...
- العاهل الأردني يستقبل أمير الكويت في عمان
- اقتحام الأقصى تزامنا مع 200 يوم من الحرب
- موقع أميركي: يجب فضح الأيديولوجيا الصهيونية وإسقاطها


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء عبد الرزاق -د.باسم علي خريسان - علم السياسة والنظرة النقدية لاتجاهات مابعد الحداثة حول العلم وامكانيات هيمنته على الحياة