أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - محمد مجدى عبدالهادى - حقيقة الأزمة الفنية فى مصر - التحليل الاقتصادى لأزمتنا الفنية















المزيد.....

حقيقة الأزمة الفنية فى مصر - التحليل الاقتصادى لأزمتنا الفنية


محمد مجدى عبدالهادى

الحوار المتمدن-العدد: 1401 - 2005 / 12 / 16 - 07:26
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


تحدث الكثيرون ،و لا زالوا يتحدثون عن ازمة فنية فى مصر ،من هبوط مستويات الاعمال و مضامينها ،سواء كانت مسلسلات او افلام او حتى اغانى ،كذلك تحدثوا كثيرا عن ظاهرة انفصال الفن عن المجتمع ومشكلاته ،و اهم من هذا قيمه و تقاليده ،و كيف اصبح تقليدا اعمى للغرب
و لكنهم لم يحاولوا ان يقدموا اى تفسير لأى من هذه الظواهر ، او بالأحرى تفسيرا علميا لها ،و من لمسوا الحقيقة ،لم يتعمقوها ،و يتفحصوا مضمونها ؛ليصلوا الى لبها ،بل بقى اغلبهم عند مستوى سطحى من التحليل
و فى هذه المقالة نحاول ان نقدم تفسيرا علميا لسر الأزمة يتناول اسبابها الأكثر اهمية و جوهرية من وجهة نظر كاتب السطور
،فهذاليس تحيلا جامعا مانعا ،بل هو يركز اساسا على جانب واحد من المسألة ،يراه الجانب الأساسى ،كما يتجاهل ما يراه ثانويا من جهة ،و ما يراه استثنائيا من جهة اخرى
تتلخص الأزمة الفنية فى مصر فيما يلى :
1-هبوط مستويات الأعمال فنيا ،و تفاهة و فراغة مضامينها
2-انفصال الفن عن المجتمع و مشكلاته و قيمه و تقاليده
3-التقليد الاعمى للغرب
و لأن هذه الظواهر متقاربة من ناحية المضمون ،فان اسبابها فى اصولهامتشابهة ايضا ،و تكاد تكون واحدة ، و لهذا فلن نتناول اسباب كل مشكلة على حدة ؛منعا للتكرار ،بل سنتناول هذه الاسباب مجموعة مرتبة باعتبارها اسبابا لأزمة واحدة
و فيما يخص المنهج الذى سنتبناه فى التحليل ،فهو منهج التحليل المادى الذى يركز على الأسباب المادية /الأقتصادية تحديدا للمشكلة ،و معها-فى اشارات سريعة-انعكاساتها السياسية و الأجتماعية و الثقافية الغير مباشرة على واقعنا بالشكل الذى خلق المشكلة ،و بما شكل جذورا للأزمة التى نعيشها
و الآن لنبدأ فى تبيان الأسباب التى خلقت الأزمة :
1-نمط الانتاج السائد ، فنمط النتاج السائد فى مصر ،و الذى ليس انتاجا اصلآ ،له دور اكيد ، ينعكس على شتى النواحى الثقافية ،و هذا العامل ليس جديدا ، بلقديم و معروف ،و كثير من مفكرينا و مؤرخينا -العلميين وحدهم بالطبع-يعترفون بدور نمط الانتاج فى تشكيل كثير من مكونات البنية الفوقية ،و قد أكد الدكتور محمود اسماعيل مثلا على انه فى فترة الستينات ازدهرت الاعمال الفنية ؛نتيجة لتحديث نمط الانتاج ،بخلاف وضعنا الراهن ،الذى تراجع فيه المبدعون الحقيقيون و اعتزلوا العمل ،تاركينه للترزية!
2-نمط توزيع الدخل ،و البنية و القيم الطبقية،فلدراسة اى شئ يخضع للبيع و الشراء -و هى السمة السائدة فى النظام الرأسمالى-لابد من دراسة اقتصاديات الانتاج و التوزيع لهذا الشئ،اى دراسة خصائص و سمات جانب الانتاج ،و كذلك جانب الاستهلاك ، فاذا درسنا جانب الانتاج وجدنا ان برجوازيتنا التابعة غير المنتجة ،المشوهة و العميلة ، تميل الى استثمار اموالها فى مجالات سريعة العائد ،عالية الربح، قليلة المخاطر ،رغم التناقض بين ارتفاع الارباح و انخفاض المخاطر ،كذلك تميل الى الصناعلت الخفيفة ؛أولا ،لأنها لا تكلف كثيرا ، ثانيا لأنها تتناسب مع ما تراه البرجوازية الخائفة من عدم وجود استقرار سياسى او اقتصادى او اجتماعى ،و هو ما يدفعها الى هذه الصناعات الخفيفة التى يمكنها تفكيكها بسهولة ،و تهريب روؤس اموالها الى الخارج ،و هذه السمات و الخصائص التى تتسم بها برجوازيتنا هى التى تفسر لنا ذلك السيل من الأعمال الفنية ، خصوصا الأعمال الغنائية ،مما فتح الباب الفنى امام انصاف المواهب ،و ربما من لا يملكون اى مواهب على الاطلاق!!! ،حيث اندفعت البرجوازية الى الاستثمار فى هذه المجالات ،باعتبارها تنتمى للصناعات الخفيفة التى اشرنا الى سماتها آنفا ،و يكفى ان نعرف ان عدد المغنين مثلا وصل الى 500 مغنى تقريبا!!!
اما عن جانب الاستهلاك ، فلفهمه جيدا يجب فهم و دراسة التركيب الطبقى للمجتمع ، ألا يقول المنتجون دائما الجمهور عايز كده" ،فهذا يعكس دائما اولوية جانب الاستهلاك أو الطلب فى تحديد ما ينتج ،و اهمية دراسة التركيب الطبقى هنا ،هى تحديد سوق الطلب ،اى ذلك السوق الذى يتوجه اليه المنتجون ،فلكى يضمن المنتجون المكسب ،فانهم يتجهون الى انتاج ما يثقون بامكانية تسويقه ،و هذا هو سر انتشار تلك الموجة من الاعمال الخسيسة التى تستثير الغرائز الدنيا ،فهى اعمال تكاد تكون مباعة مقدما ،كذلك يتجهون الى انتاج ما يعبر عن حياة و قيم الطبقة الأكثر اهمية فى سوق الطلب ،و التى تقوم بتمويل الاعمال الفنية ،سواء انتاجا او استهلاكا ،و هى غالبا ما تكون طبقة الاثرياء الضئيلة العدد-و ربما لهذا لا يكون غريبا انتشار تلك الموجة من الاعمال التى نرى فيها الفيلات و القصور الشامخة و السيارات الفارهة الى آخر مظاهر الترف المستفز-،و اعتقد ان هذا يشكل سببا رئيسيا لانفصال الفن عن المجتمع ، فكلما زاد التمزق الأجتماعى ،كلما كان الفن السائد اكثر انفصالا عن المجتمع ،و العكس صحيح ، ،او بعبارة اخرى ـكلما تضاءلت الطبقة الوسطى ، كلما زاد انفصال الفن عن المجتمع و قيمه ،و هذا لسببين ، الأول ،و هو الوارد اعلاه ، و هو زيادة اهمية الطبقة العليا فى تمويل الاعمال الفنية ،انتاجا و استهلاكا ،و الثانى ،هو طبيعة الطبقة الوسطى ، من حيث هى الطبقة الممزقة بين الفقراء و الاغنياء ،كذك باعتبارها الطبقة حافظة القيم
و اذا كانت البرجوازية الأوربية قد حملت معها فى فترة نهوضها اعمال بيتهوفن و موتسارت و اضرابهما من عظماء الفنانين ،فهذا لأنها كانت برجوازية اصيلة نشأت على العمل و الكفاح و العصامية فى مواجهة الأرومة النقية الاقطاعية
اما برجوازيتنا التى نشأت هجينة و مشوهة ،باعتبارها احدى منجزات العصر الامبريالى ،و كذلك جناحها القيادى فى عصرنا ،و الذى نشأ فى عصر الأنفتاح الاستهلاكى ،الذى صعد فيه الطفيليون من كل لون و جنس ،و الذين جاؤا من حثالة فئات المجتمع ،من لصوص و مغامرين و أفاقين ، ليتكون من هذا الخليط التعس ذلك القطاع الذى شاء حظنا العاثر ان يحكم بلادنا و يقودها و يحدد مستقبلها ،و يفرض قيمه عليها ،قيم النهب و اللصوصية و الشطارة ..الخ من اكثر قيم البرجوازية انحطاطا
كذلك ظاهرة وجود فنيين ، احدهما السائد ،و الآخر يسمى الشعبى ،و الذى يمكن ان نقول انه يوجد منه فنيين ،يسميان فنا شعبيا ،احدهما الفن الشعبى الرسمى ،و هو الذى تعتمده الطبقة الحاكمة ،و الفن الشعبى الغير رسمى ،و هو الذى يهتم به أنصار الشعب ،باعتباره معبرا عن روح و قيم الشعب الحقيقية ،و كذلك ثقافته الطليعية فى مواجهة الثقافة السائدة ، نقول ان وجود فنيين هو دليل آخر على التمزق الاجتماعى و ناتج عنه ،و هى ظاهرة عامة فى كل النظم الاستغلالية،و لأن هذا ليس موضوعنا ،فلن نسهب فيه
3-البنية الفوقية العالمية،و هى التى أنسأتها ثورة الأتصالات ،و الحق انها بدأت فى التكون مع بداية عصر الآمبريالية ،و بداية التقارب بين دول العالم و كثرة الانتقالات و سهولة الاتصالات ،و اهم من هذا كله تكون الاقتصاد الامبريالى الذى يميل الى التوسع بحكم طبيعة النظام الرأسمالى ،باعتباه نظاما عالميا
و مع ثورة المعلومات و العولمة تتزايد أهمية هذه البنية الفوقيةالعالمية ،و التى ستتدعم اكثر فأكثر ،و تقترب بخطوات حثيثة من التكامل و التوحد ، بعد استكمال عمليات التوحيد الانتاجى ، التى تمثل احدى السمات الرئيسية للعولمة فى جانبها الأهم ،و هو جانبها الاقتصادى ،و تتكون هذه البية الفوقية من محصلة البنى الفوقية لكل مجتمعات العالم ، او بالأحرى المجتمعات الأكثر فاعلية ،حيث تسود البنى الفوقية الأكثر تقدما ،و ذلك باعتبار ان الاحدث ينسخ الاقدم ، كذلك -و هو الاهم- باعتبارها البنى الخاصة بالدول الاكثر قوة و تقدما ، اضافة الى دور قاعدة "تقليد المغلوب للغالب" ، و كما تسود ثقافة الطبقة الحاكمة ،تسود ثقافة الدولة المهيمنة ،و من هنا يأتى ذلك التقليد الأعمى للغرب ،و الامريكى على وجه الخصوص
و لهذا فالتهديد بفقدان الهوية ليس وهما من اوهام بعض المتهوسين الخائفين ، بل هو حقيقة؛ لأن البنية الفوقية السائدة ضمن البنى الفوقية المكونة للبنية الفوقية العالمية ،تميل الى التصارع مع البنى الفوقية المنافسة ،و الى تحطيم البنى الفوقية الأضعف ، و لا يتطلب هذا منا التقوقع و الرفض كما يفعل أعداء العصر ، فهذا رغم انه رد فعل طبيعى ،الا انه خاطئ كليا ، بل ان المطلوب هو الاستفادة من العناصر الأكثر تقدما ،و صيانة المفيد من ثقافتنا ،و كذلك و هو الأهم تدعيم ثقافتنا-و بنيتنا الفوقية عموما-عن طريق التقدم ببنيتنا التحتية ، باعتبارها الأساس المتين للحفاظ على وجودنا المادى و المعنوى
هذه اشارات عامة حول بعض الأسباب التى نراها لأزمتنا الفنية ،و الثقافية بعامة، و هى الأسباب الأكثر اهمية و حاكمية فيما يخص هذه الأزمة ،و منها نتبين ان فننا و ثقافتنا لن تزدهر الا على يد الطليعة الثورية للشعب ، القادرة على قيادة و انجاز ثورتنا اليموقراطية و الاجتماعية ،و بالتالى الخروج بمجتمعنا من واقعه الكئيب ،و الدخول به الى التاريخ من جديد بدلا من تركه ممزقا و محطما بين مطرقة من يشدونه الى التخلف عبر التبعية بادماجه فى الآخر ،و سندان من يشدونه ايضا الى التخلف عبر جره الى الخلف ،الى خارج العصر و التاريخ بمجمله



#محمد_مجدى_عبدالهادى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- و اذا قرأنا ، فماذا نقرأ؟
- متى يقبل الاشتراكيون الارهاب الفردى؟
- عن التقارب الأخير بين الحكومة و الاخوان
- أسطورة الحزب الاشتراكى العام
- الديموقراطية التى تريدها اميركا
- الاصلاح السياسى:ضرورته،ممكناته،مخاطره


المزيد.....




- -أباريق الشاي- و-أسطول الظل-.. كيف تهرب الصين النفط الروسي و ...
- الحذاء الذهبي.. ترتيب هدافي الدوريات الأوروبية الخمسة الكبرى ...
- واتساب عمر الذهبي “تحديث جديد + نسخة مجانية ” .. مميزات مذهل ...
- روسيا تستثمر 1.8 تريليون روبل في مشروع -البحار الخمسة- الاق ...
- يوتيوب الذهبي تنزيل اخر اصدار بميزة جديدة احصل عليها انت فقط ...
- مقطع فيديو يظهر لحظة وقوع انفجار بمسجد في إيران (فيديو)
- السجن 25 عاما لمؤسس بورصة FTX للعملات المشفرة في الولايات ال ...
- يباع بنحو ألف دولار.. باحثون: أوزمبيك يمكن إنتاجه بكلفة 5 دو ...
- عباس يصادق على حكومة فلسطينية جديدة من 23 وزيرا برئاسة الاقت ...
- بلومبيرغ: انحسار جاذبية دبي لأثرياء روسيا


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - محمد مجدى عبدالهادى - حقيقة الأزمة الفنية فى مصر - التحليل الاقتصادى لأزمتنا الفنية