أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - ابراهيم الحريري - ليلة 14تموز 1958 - ذلك الرجل ... تلك الليلة *














المزيد.....

ليلة 14تموز 1958 - ذلك الرجل ... تلك الليلة *


ابراهيم الحريري

الحوار المتمدن-العدد: 5222 - 2016 / 7 / 13 - 00:43
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


]اندفعت قيادة الحزب الشيوعي العراقي، وبشكل خاص الشهيد سلام عادل، كما اشرت في الحلقة السابقة، الى المساهمة النشيطة، مع قوى واحزاب المعارضة الأخرى، في اسقاط النظام الملكي الذي سحق، طيلة عقود، كل النشاطات السلمية من اجل التغيير، بالحديد والنار. ومع انه كُتب الكثير، عن مراحل الأِعداد لأِسقاط النظام الملكي، ودور هذا الحزب او تلك القوى، بما فيها الحزب الشيوعي، إلا انه ما يزال يراودني هاجس ان الدور الفعلي للحزب ولسكرتيره لم يوفَّ حقه، وانه ما تزال هناك الكثير من التفاصيل لم يكشف عنها. ومن المؤسف، بل المحزن، ان اكثر من كان بامكانه الاِضافة اما غاب، اوغُيّب. وما ازال اعتقد ان نشاط الشيوعيين في القوات المسلحة، منذ تأسيس الحزب، لم تجر الأحاطة به بشكل تفصيلي وواف. لعل باحثا ممن يتوفر لديه الوقت والأدوات والهمة، يعكف على تحقيق ذلك. لقد كان في بالي، كما اخبرت احد الرفاق- لعله ما يزال يتذكر- ان اقوم بهذه المهمة، حتى مرّت السنوات، وتوالت الأعباء والأرزاء، فأدركت ان الأمر فات، وبات فوق طاقتي، خصوصا اني لا امتلك لا المنهج ولا الأدوات...فقط!] أ.ح

*****************
كان كمال عمر نظمي يتهيأ للاندساس في فراشه، عندما انتبه الى جرس الباب الخارجي يقرع قرعا خفيفا. لم يكن، خصوصا في ذلك الوقت المتأخر، يتوقع احدا.
وضع كمال الروب دي شامبر، وكان يرتدي البيجاما، واتجه الى الباب.عندما فتحه كان في مواجهته ذلك الرجل الناحل، الأقرب الى الطول، وقد بدا الشيب يخط شعره الأسود الكث، يعتلي وجها ناحلا، رقيق القسمات، يميزه فم يفصح، بالكاد، عن نصف ابتسامة، يبين من خلالها سن اوسنان مذهبان، يعلوهما شارب خفيف رفيع وعينان لامعتان ذكيتان يهمي منهما، كما البرق، ذلك الشرّر المتوقد، يفصح عن توقد روحه وتوترها...
دعاه كمال، وكان قد اعتاد على زياراته المفاجئة، الى الدخول، إلا ان الرجل سأله وهويتجاوز العتبة: "هل في سيارتك ما يكفي من البنزين"؟
كان كمال، لحسن الحظ، ملأ ذلك اليوم خزان السيارة، فرد بالإيجاب.
-اذن" قال الرجل وقد ازدادت عيناه أِتقادا "غير ملابسك ولنقم بجولة في بغداد"!
عندما جلس كمال خلف المقود، بعد ان غير ملابسه ودسّ بينهما مسدسا كان اعتاد حمله في المهمات الخطرة، خاصة عندما يكون الى جانبه رجل على مثل هذا القدر من الخطورة، طلب منه الرجل التوجه الى وزارة الدفاع. عندما حاذاها، كان ثمة جلبة عند الباب: جنود ومراتب يفدون وآخرون يغادرون. لم يستطع الرجل ان يخفي قلقه.
طلبَ من كمال التوجه الى الحي الذي يقيم فيه نوري السعيد في كرادة مريم. لعل كمال لم يستطع ان يخفي وجيب قلبه؛ بيت نوري السعيد؟ في هذا الوقت المتأخر وبحانبه ذلك الرجل، بل تلك الشحنة المتفجرة؟ لم يجزع كمال على نفسه فقط، بل بالأساس، على مرافقه. الا انه توجه بالسيارة الى كرادة مريم. اقترب بها من دار نوري السعيد، كانت الأنوار مطفأة، او تكاد، عدا مصباح اواثنان فوق الباب الخارجية التي يجلس عندها شرطي يغالب النعاس.
كل شيء، اذن، اعتيادي، ليس ثمة ما يبعث على القلق.
عطفا على بوابة معسكر الرشيد. طلب الرجل من كمال، وقد اطمأن، العودة.
"الى اين؟ الى البيت؟" قال كمال متلهفا.
"لا! الى وزارة الدفاع ثانية". ردّ الرجل. طلب من كمال ان يترجل امام محل لبيع "الحريرة" (نوع من الحلوى) اعتاد ان يبقى حتى ساعة متاخرة. طلب منه ان يستفسر عن سبب الجلبة امام باب الوزارة لدى مرورهما بها اول مرة.
ترجّل كمال. طلب كاسة حريرة، وهو يتذوقها متمهلا مبديا للبائع اعجابه بحسن الصنعة دس السؤال. فهم من البائع انها الجلبة التي ترافق تبديل وجبات الحراسة عند منتصف الليل. ازدرد كمال ما تبقى من كاسته وهرع الى الرجل يطمئنه.
في طريق العودة الى البيت التفت الرجل الى كمال. قال وكانه يزف خبرا عاديا:
"غدا الثورة!"
كاد قلب كمال يتوقف. مع انه كان يتوقع احداثا جساما كان شارك هو، شخصيا، في الإعداد لها، إلا انه لم يكن يتوقع ان يتم الأمر بهذه السرعة.
...............................................
دخلا. قبل ان يتوجه الرجل الى سريره طلب ايقاظه لدى سماع "الخبر" من الإذاعة، ثم نام.
**********
* كتبت هذه الخاطرة لـ"طريق الشعب". أعيد نشرها في الكتيب المعنون " فتى السبعين" المكرس للعيد السبعين لتأسيس الحزب. وهي تعتمد على ما رواه الراحل كمال (ابو فارس) لأخ الشهيد سلام عادل، المناضل مهدي (ابوصلاح)، مد الله في عمره، وقد التقيا بعد انقلاب شباط البعثي الدموي عام 1963، في سجن نقرة السلمان.



#ابراهيم_الحريري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عشية 14 تموز 1958 (2)
- عشية 14 تموز 1958 (1)
- عبدالرزاق عبدالواحد كما عرفته (3)
- عبدالرزاق عبدالواحد كما عرفته
- -التحالف الرباعي -ما له و ما عليه(8)التغيير؟ام التحرير؟
- -التحالف الراعي-:ما له و ما عليه-مصالح المتحالفين(7)
- -التحالف الرباعي-:ما له و ما عليه(6)
- -التحالف الرباعي-ما له و ما عليه(5)
- -التحالف الرباعي-ما له وما عليه(4)
- مواقف متحركة ... رمال متحركة -3-
- -التحالف الرباعي-ماله و ما عليه(2)-موقف نكاية!
- -التحالف الرباعي-:ماله و ماعليه(1)
- وليد جمعة / الصبي المشاكس الشقي...وداعا
- حوار هادئ مع السيد المالكي/الموقف النفعي من الدين ورموزه ورح ...
- حوار هادئ مع السيد المالكي/ الحراك الشعبي، الشعارات و الشيوع ...
- حوار هاديء مع السيد المالكي/ من يسيء للدين ورموزه ورجاله؟
- مأساة اللاجئين والمهاجرين تتفاقم... نحن نتّهم !
- من يضعف الحشد الشعبي؟من يضعف مجابهة داعش؟
- من هي مرجعية السيد العامري و هيئة الحشد الشعبي؟(1)
- هيا نسد الطريق على اعداء الآصلاح و التغيير...هيا الى الساحات ...


المزيد.....




- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري
- باي باي كهربا.. ساعات الفقدان في الجمهورية الجديدة والمقامة ...
- للمرة الخامسة.. تجديد حبس عاملي غزل المحلة لمدة 15 يوما


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - ابراهيم الحريري - ليلة 14تموز 1958 - ذلك الرجل ... تلك الليلة *