أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد محسن عامر - عن سؤال ماذا بعد؟














المزيد.....

عن سؤال ماذا بعد؟


محمد محسن عامر

الحوار المتمدن-العدد: 5220 - 2016 / 7 / 11 - 23:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


منطق التاريخ الإجتماعي للشعوب يتحرك ضمن ضدية صراع القديم و الجديد , من داخل القديم تتكون قوى التغير إلى حين نضجها و تحولها إلى حالة هيمنية . إذ ذاك تقوم بعملية الدحض التاريخي للقوى الإجتماعية السابقة التي فقدت شروط بقائها التاريخي و ما ارتبط بها من بنى ثقافية و أيديولوجية . إنه قانون عام يحدد حركة الصراع الإجتماعي بين القوى الإجتماعية الصاعدة و الافلة في العالم العربي منذ شورى عثمان حتى الثورات العربية. السمة الأساسية التي ميزت الثورات العربية في كل الأقطار أنها عجزت ضمن فعلها المنتفض على إسقاط النظام بوجهه القمعي الغير ديمقراطي و العميل و تطهير الدولة كجهاز إداري من لوبيات النظام سواءا كانت طعما عسكرية أو تكوينات مافيوزية سرطانية ووجدت نفسها بعد مرور أكثر من خمس سنوات داخل دوام السؤال نفسه حول مهام الصيرورة الثورية التي ترتد يوما بعد يوم إلى الوراء.
إنها حقيقة مأساوية مريرة يمر بها النضال التحرري في العالم العربي . كيفية إسقاط النظام و المحافظة على الدولة , الدولة بمعناها الإداري لا القمعي . نحن امام ثلاث صور لنتائج الفعل الثوري على مدى خمس سنوات و كأنها نظمت بانتقائية ضمن مشهد هوليودي متتالي يبين سيناريوهات ثلاث لنتيجة الثورات العربية . المثال التونسي الذي كان الأكثر نعومة و سلمية حد توصيفه بثورة الياسمين التي ما فتئ النظام القديم أمام عجز الإسلاميين الفادح يلتقط أنفاسه من جديد ليطرح نفسه لاعبا أساسيا فرض على الإسلاميين الإقرار بالأمر الواقع و اقتسام السلطة على قاعدة إنتاج نفس سياسات النظام السابق . و المثال المصري المشابه للمثال التونسي عدى سيناريو عودة النظام القديم المشوبة قليل من العنف الإجتثاثي تجاه الإخوان , و الإنتفاضة السورية التي تحولت إلى حرب أهلية دمرت كل سوريا داخل شعاريا فقد مشروعية وجودهما من الناحية الاخلاقية و التاريحية : شعار الله و سورية و بشار و بس و شعار الشعب يريد إسقاط النظام , و لا واقعية الثانية مرتبطة بالأولى عضويا من خلال لا منطقية البديل الذي ترنو إليه .
في تونس لم تنتج الثورة تغييرا حقيقيا و سريعا تم إعادة الجماهير المنتفضة إلى بيوتها مطمئني البال عن مستقبل ثورتهم بعد أن وضعوها في أيدي الباجي قايد السبسي , و فهم السياسيون أن ما حدث ضمن ما سمي الإنتقال الديمقراطي هو الأحسن ضمن الممكن السياسي و موازين القوى الموجودة على الأرض . وصل الإسلاميون إلى السلطة و أدخلوا البلاد في أزمة متوقعة و ما فتئوا حتى تنازلوا طوعا عن جزأ منها لصالح النظام القديم أو ما تعارف القوم السياسي على تسميته إحياءا لسنة حميدة لدى الإسلاميين تبيح لهم التعاطي و التحالف العلني و السري مع النظام في احلك لحظات الديكتاتورية من السودان حتى الأردن و المغرب و كل العالم العربي.
ماذا بعد ؟ الحكومة الجديدة التحالفية بين مشروع حداثة بورقيبة المزعومة و حركة النهضة مهمته الوحيدة لا حل الأزمة الإقتصادية و الإجتماعية و لكن محاولة إدارتها سلميا و بعنف إن لزم الأمر من أجل إبقاء واقع النظام و مهامه و ما عليها , و طبعا بمباركات إقليمية و دعم دولية قوية.
لا معنى سياسيا لما قدمته رئاسة الحكومة كورقة و نتيجة لنقاشات مضنية مع الفاعليين السياسيين البرلمانيين عدى القول أننا نحاول توريط الجميع في ما أنجزنا من كوارث اقتصادية و اجتماعية أمنية ناتجة عن جشع السلطة حتى و لو على حساب خبز التونسيين و أمنهم الإجتماعي . بين تصريحات متناقضة و ضبابية بين كل الفاعليين يمكن استنتاج شيئين : أن الحكومة القادمة من منطلق تكوينها السياسي ستكون مكافئة لحركة النهضة على صبرها الجميل على نداء تونس المفتت و أخذ حقها الكامل في السلطة بعد نعومة أكثر من اللازم أبدتها في السابق , و هذا حسب رأيها يمكن أن يمر حتى و لو بقي الحبيب الصيد كما صرح راشد الغنوشي , أما من ناحية مهامها في إدارة البلاد لا تبدو هذه الحكومة سوى حكومة تصريف لرزمة جديدة كارثية ملحوقة بقرض ضخم من البنك الدولي .
من ناحية قوى المجابهة السياسية لحكم الإسلاميين , نقف أمام كاريكاتور فكاهي من معارضات سابقة تنتمي للحقل الديمقراطي الإجتماعي أو اليساري التي تطمح بجدية إما للمشاركة بوزراء أو لم لا اختيار رئيس حكومة من منها . اما الكتلة الأجتماعية الأكثر جذريا في مواقفها و الأكثر تمثيلا في البرلمان ألا و هي الجبهة الشعبية فاكتفت بمقاطعة مفاجئة سريعة جدا و ضعها في موضع المعارض العدمي أضافت لقطع الحوار مع الاحزاب المشاركة في الحوار مع السلطة بعد ماراطون طويل و مرهق من محاولة تقريب وجهات النظر بين مكونات المشهد الإجتماعي و هذا ما كانت قررته الجبهة الشعبية بعد ندوتها المركيزة الأخيرة .
ملخص القول أن الوضع السياسي لن يتجه نحو حل الأزمة و هذا محسوم و حتمي مهما تمت محاولات إحلال توازن سياسي معزول عن بركان اجتماعي متفجر . لن يفيد الوزن الكبير و المحدد لاتحاد الشغل و لا منظمة الأعراف ووزنها الإقتصادي في تثبيت هذا الواقع طويلا مهما كانت المحاولات و مهمى كانت غايات كل طرف . مقولة النظام القديم مقولة أيديولوجية استعملها الإسلاميون من أجل الدلالة على خصومهم في الحكم لا على نقيضهم السياسي و الإجتماعي و كما كان متوقعا لأنهم في حكم الحتمي و الضروري تحول التنافس الذي قارب الدموية إلى تحالف صميمي .
سؤال ماذا بعد سؤال لا معنى له في حكم الوضع السياسي الراهن و ضمن شروطها و موازين القوى الحالية . بل لا نماري القول أن نقول أن هناك الكثير من الماذا بعد , هناك ماذا بعد سياسي هو مواصلة احتراب سياسي و محاولات يائسة لإدامة واقع مأزوم مع قوى سياسية مجابهة عاجزة على تحويل معارضتها إلى مهمات سياسية تمكن و لو في المدى البعيد نسبيا خلق الفارق النوعي , و هناك ماذا بعد الإجتماعية التي تحوي في طياتها إمكانات التفجر الدائم التي بدون إنتاج معبر سياسي عنها ستجهض دائما . ما يمكن أن يقال في إجمال تعميمي عاجز على توقع القادم اقتباس تحريفي لمقولة المفكر الإيطالي أنطونيو غرامشي : قديم لم يمت و جديد لم يولد بعد ...



#محمد_محسن_عامر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عندما يطبّع العرب ..تحيا الجزائر
- حكومة السيدة كرستين لاجارد
- مبادرة حكومة الوحدة الوطنية و كرنفال توزيع الفشل الحكومي
- ملاحظات حول تأسيس الجبهة العربية التقدمية
- نحو إعادة النظر في الموقف من الطائفة اليهودية في تونس
- القلم على منصة المشنقة : تضامنا مع الكتاب الموريتاني محمد ال ...
- تعويذات الصحراء : التسامي الموسيقي الزنجي
- خلّوا سبيل ناقة -الباجي قايد السبسي- فإنها مأمورة
- قانون منع النقاب في تونس: القانون والخلفيات السياسية
- النزوع العرباني و عشق النكوص نحو المستنقعات
- الوهابية تأكل نفسها من جديد: التحالف الدولي في مواجهة داعش ا ...
- موسيقى الشارع في تونس : نحو تنظّمات ثقافية مقاومة
- من إبن المفروزة محسن عامر إلى كبير فارزي جمهورية الواي أوف ل ...
- التراجيديا الندائية : محسن مرزوق زعيما لخوارج نداء تونس
- في صناعة المظلومية الامازيغية : من الظالم و من المظلوم
- أطياف أسامة من بن لادن : حول الانبعاث الجديد -للاممية الإسلا ...
- محمد محسن عامر: اليعقوبية الفرنسية في مواجهة سؤال تهرم حداثت ...
- ليسوا عليا و ليسوا معاوية : آليات الإنهاك في صراع النهضة و ن ...
- داعش ما بعد الإستشراقية
- إدارة التوحش و إدارة البكاء


المزيد.....




- ماذا قالت إسرائيل و-حماس-عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين ف ...
- صنع في روسيا.. منتدى تحتضنه دبي
- -الاتحاد الأوروبي وسيادة القانون-.. 7 مرشحين يتنافسون في انت ...
- روسيا: تقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة مستحيل في ظل استم ...
- -بوليتيكو-: البيت الأبيض يشكك بعد تسلم حزمة المساعدات في قدر ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من رمايات صاروخية ضد أهداف إسرائيلية م ...
- تونس.. سجن نائب سابق وآخر نقابي أمني معزول
- البيت الأبيض يزعم أن روسيا تطور قمرا صناعيا قادرا على حمل رأ ...
- -بلومبرغ-: فرنسا تطلب من الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات جديدة ض ...
- علماء: 25% من المصابين بعدم انتظام ضربات القلب أعمارهم تقل ع ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد محسن عامر - عن سؤال ماذا بعد؟