أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - حسين الجوهرى - قصة الأنسان, النسخه المُعَدَّله العقلانيه.......... الكشف العلمى (التنظير) الذى سوف يحدد مسار الأنسان.















المزيد.....


قصة الأنسان, النسخه المُعَدَّله العقلانيه.......... الكشف العلمى (التنظير) الذى سوف يحدد مسار الأنسان.


حسين الجوهرى
باحث

(Hussein Elgohary)


الحوار المتمدن-العدد: 5218 - 2016 / 7 / 9 - 21:03
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


قصة الأنسان, النسخه المُعَدَّله العقلانيه
الكشف العلمى (التنظير) الذى سوف يحدد مسار الأنسان.
حسين الجوهرى................
-----------------------------------------------------
تقديم
===
فى نظرية التطور البيولوجى كانت ملاحظات داروين لما يحيط به هى التى أدت الى نتائجه التى اقنعت الكثيرين. فى العمل التالى عرضه (كشف خبايا التطور الحضارى للانسان), كان حرث وأعادة ترتيب قطعا كثيره متناثره داخل فروع عديده من المعرفه هى التى أدت الى أنتاج هذا التنظير. يلزم هنا التنويه بأن أعتباراتنا كلها منصبّه فقط على بضع آلاف السنين الماضيه. وهى فتره تقارب اللحظه نسبة الى أزمنه التغيّرات البيولوجيه المقدره بمئات ملايين السنين.
مكونات التنظير هى:
...تحديد وأثبات أن مقوّمات الحياه الأربعه الاساسيه والفاعله فى حياة الأنسان هى ("الأدوات", "اللغه", "النظام الأجتماعى" و"النظره الكونيه").
...كشف العلاقه (الغامضه والخفيه) الحاكمه لتداخل المقومات الاربعه مع بعضها البعض.
.....تحديد وأغلاق المنفذ التى تخللت منه "منظومات المعتقدات" على اختلاف انواعها وتركيباتها.
...الاخلاق؛ استخلاص الموقف الفكرى الامثل للانسان الفرد بناء على المعرفه الجديده. الموقف الذى تتعاظم من جرّائه المنفعه لنفسه وللآخرين.
------------------------------------------------------------------------------------------ تمهيدا للدخول فى صلب الموضوع ولتسهيل المتابعه والأستيعاب, هناك علامتين فكريتين بارزتين على طريق البحث يلزم للقارىء معرفتهما:
العلامه الأولى تتعلق بنوعين من القوانين. النوع الاول هو مجموعة القوانين الحاكمه لعلاقات الكميات الطبيعيه, الفيزياء وما شاكلها. نعلم جميعا وبصلابه بأنها قوانين مثبته ومتكرره ونتائجها حتميه. أما النوع الثانى من القوانين فمجالها هو الاعداد الكبيره من الكائنات ذات الأراده وعلى رأسها الانسان. مثل؛ العرض والطلب - من جد وجد - الكاذب لاينجح - الناجح لا يكذب - أذا تحسّنت الرعايه الصحيه زاد متوسط الأعمار....الخ. كل هذه القوانين مثبته ومتكرره أى على قدر نفس صلابة النوع الاول. الفارق الوحيد هو أن الاول نتائجه "تاكيديه" اما النوع الثانى فنتائجه "أحتماليه" أو "احصائيه".
أما العلامه البارزه الثانيه فجاءت نتيجة قراءتى ل"تاريخ الحضاره" لمؤلفه ويل ديورانت وأحتضانى الفورى لما ساقه بشأن "العلم" و"الفلسفه". قال ديورانت "الفلسفه مثل الجيش الزاحف والغازى باستمرار. أما العلم فهو بمثابة الأرض التى يحتلها هذا الجيش لتصير محدده ومعرّفه يرفرف فوقها العلم". معنى ذلك ان أى موضوع تختلف عليه الآراء يظل تحت لواء الفلسفه. اما أذا جاء أحدنا ووجد أثباتا قطعيا, ينتقل الامر من تلك اللحظه الى مجال العلم. اذن فنقطة الأكتشافات محدده وفاصله بين "قبل" و "بعد". ولنا فى أرشميدس وحسن ابن الهيثم وجاليليو ونيوتن أمثلة حيّه وواضحه على ما نعنيه.
-----------------------------------------------------------------------------------------
النظريه
====
بيقين, لاتشوبه شائبه, يمكننا القول بأن هناك اعداد كبيره من أصناف الموجودات الحيه ( أى الأنواع التى تكرر نفسها) تتعامل وتتفاعل مع بعضها البعض بطرق ثابته ومستقره ومستمرّه (أسماك, طيور, زواحف, حشرات, نباتات,...الخ). وفى نفس الوقت, وأيضا بيقين لاتشوبه شائبه, نعلم أن كل مجموعه من هذه المجموعات تتكون, فى حد ذاتها, من أعداد كبيره من الافراد كلهم متماثلون فى الصفات "من كافة النواحى الفعليه والعمليه". و لا جدال ايضا فى ان كل فرد من أى مجموعه يتصرف و يتفاعل مع كل ما يحيط به تبعا لصفات ذاتيه وآنيه داخل تكوينه. هناك صفات مشتركه بين مجموعه هنا وأخرى هناك, ولكن فى نهاية الامر يمكننا تحديد "حزمه" من الصفات لكل مجموعه بذاتها تحدد أفرادها وتميزهم عن افراد باقى المجموعات الأخرى.
---------------------------------
نحن الان بصدد تحديد "حزمة" صفات الأنسان والتى سنطلق عليها "مقوماته الحياتيه".
للتوصل لهدفنا سنبدا بتقسيم كافة المجموعات "التى نعرفها" الى قسمين, المتحرك منها والثابت. القسم المتحرك هو كل ما يمتلك افراده آليّّه تمكّنهم عند استخدامها "أراديا (أى عن قصد) وتحقيقا لهدف" من الأنتقال من مكان الى آخر. أما القسم الثابت فهو ما لا يتملك أفراده نظيرا لهذه الآليه.
يعيش افراد القسم الثابت معتمدين على كميات طبيعيه فيزيائيه (ماء - ضوء - حراره - ضغط - مواد مغذّيّه..الخ). نعلم من كل مشاهادتنا بأنه ليس للفرد المنتمى لهذه المجموعات القدره على تعديل الداخل له من الكميات المذكوره الا فى حدود ضئيلة لا تذكر ويمكن اهمالها.
أما الفرد فى المجموعه المتحركه فهو يعيش معتمدا على نفس الكميات الطبيعيه التى يعيش عليها افراد القسم الثابت. علاوة على ذلك, يمتلك كل فرد منهم صفة مميزه وهى خاصية "الاستشعار". فمثلا عندما يحس/يستشعر الفرد منهم بالخطر أو بالجوع يقوم باستخدام آليّته الحركيه لدرأ الخطر او لايجاد الطعام.
ثم نأتى للانسان. هو متحرّك يعيش على ذات الكميات الطبيعيه و أيضا يستشعر. فوق ذلك فهو يمتلك خاصية فريدة فى نوعها وهى "الاستنباط". قد تكون هناك كائنات اخرى تستنبط ولكن لايمكن - باى مقياس - ان ترقى أو حتى تقترب مما يمتلكه الأنسان.
ولتوضيح طبيعة خاصية الأستنباط عند الانسان والاثار المترتبة عليها اسوق لكم القصه القصيره الافتراضيه الرمزيه التاليه:
((( فى يوم ما كان هناك انسان وقرد فى غابه يستشعر كل منهما الجوع. وجدوا شجره يتدلّى منها تفاح لكنه خارج نطاق الوصول اليه باليد. بدأ القرد يبحث عن عصا ذات طول مناسب ليتوصل بها الى التفاح. بعد محاولات عديده كُلِّل جُهْده بالنجاح ووجد ضالته وأسقط بها التفاحه محقّقا الهدف. سار الأنسان على نفس النهج الا انه قرّر بعد قليل أن يُخْضع الامر برمتّه الى تحكّمٍ أقضل. انتقى من على الأرض عصاتين قصيرين وقام بربطهما سويّا لاحداث الطول المطلوب. استخدم فى تحقيق ماارتآه صفاته الذاتيه والانيه ذات الصله والدّاخله فى تكوينه))). الى هنا وتنتهى القصه.
سوف يتّضح لنا بعد قليل ان هذا الحدث "الغير ذو قيمه ظاهريا باى معيار" صار له آثار وتبعات يعجز عن وصفها الخيال فيما يتعلق بالأنسان الفرد و بمجموعته و"حرفيا" بباقى كائنات الارض. مرحى..مرحى. لقد استنبط الانسان الاداه, كمنتج ارادى لتحقيق أغراض محدده مستخدما المتاح له من أشياء وكيانات طبيعيه. استمرت الادوات (المقومه الاولى لحياة الانسان) فى تطوّر مستمر لم يتوقّف. من السنّاره لصيد السمك الى مركبات غزو الفضاء كلها أدوات مصمّمه خصّيصا لانجاز أغراض محدّده. الكيف واحد والاختلاف فقط فى الكم. النتيجه هى ان هذه المقدره المتناميه والمتراكمه على انتاج الأدوات وتطويرها احدثت بدورها تغييرا نوعيا فى مجموعة الانسان حيث اصبح كل أنسان فرد قادرا على اطعام اكثر من نفسه بخلاف كل افراد المجموعات الأخرى. اصبحت هذه الخاصيه المكتسبه (القدره على اطعام اكثر من النفس) هى العمود الفقرى والمحرك الاساسى لوجود مجموعة الأنسان.
بدايةً وحتى يتسنّى الاستفاده من الخاصيّه الجديده والمكتسبه, كان منطقيا ان يعيش الانسان داخل تجمّعات. استتبع هذا التجمّع ضرورة وجود اللغه (المقومه الثانيه) وذلك للاشارة بها الى الأشياء والأفعال لتحقيق الاغراض.
تواكب مع اللغه حتميّة الوصول الى نظام أجتماعى (المقوّمه الثّالثه) وذلك لتحديد الحقوق والواجبات.
والآن الى المقومة الرابعه والأخيره وهى"النظره الكونيه". أنها ناتج مجمل معرفة وادراك وفهم الانسان لنفسه ولكل ما يحيط به. نهذا التعريف تكون مقومة النظره الكونيه الشريان الاساسى لتغذية وتفعيل أستنباطات الأنسان. أى أنها حاضنة وجامعه وشامله لكل مناحى حياته. سنعود فيما بعد الى توضيح تفصيلى لهذه المقومه. يكفينا الآن الاشاره الى أنه فى كل لحظه من حياته, يعيش الانسان الفرد بنظرته الكونيه المكونه من شقّين. فعلى جانب هناك المعرفه والعلم بكل ماهو مثبت ومتكرر و لا جدال فيه (أمور العلم). وعلى الجانب الآخر هناك كل ماهو غير مثبت وتختلف عليه الآراء (امور الفلسفه) وعلى راسها شان "الدين او المعتقد"..
وكما سبق بيانه, ان المقوّمات الحياتيه الأربعه (كَتَوْليفه) تنبع وتنبثق وترتكز وعلى علاقة وثيقه بكم واحد وهو "ملكة الأستنباط" التى يتميّز بها الانسان. لهذا فلا بد وبالضروره ان يكونوا جميعا متداخلين ومتّصلين.
هذا هو نحديدا ما أكّدّته الدراسات المستفيضه لكافة المعارف ذات الصله (فلسفات - لغات - اديان - علوم - تاريخ أحداث....الخ). وتبيّن أن العلاقه الحاكمه هى أن كل من المقومات الأربعه يؤثر وفى نفس الوقت يتأثر بالثلاثه الأخر. بخلاف العلاقه المباشره بين السبب والنتيجه, وجميعنا على دراية كافية بها, فالعلاقه المذكوره بين المقومات الأربعه خافية تماما عن العقل والعين. والسبب الرئيسى هو الوجود الدائم فى هذه العلاقه لعنصر الزمن - طال أم قصر -كعامل مساعد فى عمليات التغيير.
للتأكيد على ما توصلنا اليه؛ "العلاقه التى تحكم مقوّمات الأنسان الحياتيّه الأربعه هى: أن أى تغيير يحدث فى أحداها سوف يُحدثْ (بطريقة أو بأخرى و بسرعة او ببطء) تغييرات فى الثلاث الأخر. وفى هذا "تصحيح" للفكر السائد والذى ينظر ألى ما عرّفناه بالمقوّمات باعتبارها "عوامل" مستقله عن بعضها البعض. وهذه هى القيمه المضافه لهذا التنظير.
---------------------------------
والآن نسوق بعض الشواهد على صحة وسلامة هذه العلاقه المستخلصه.
دعونا نتتبّع التطوّر الذى حدث فى أداة معيّنه "الألكترونيّات". فى اوائل القرن الماضى اسْتُحْدث الراديو على المستوى الشعبى وبدأ فى الانتشار. كانت فى بدايتها تكنولوجبا أحادية الأتّجاه (بالنسبه لمستخدميها من عامة الناس) وأيضا محدودة المجال. النتيجه كانت انبثاق نظم أجتماعيه دكتاتوريه شموليه على طول الأرض وعرضها. باستخدام الاداه الجديده (الراديو) تمكن قراصنة السلطه من أحكام القبضه على عقول الناس. ودارت الأيام. تمدد مجال الراديو بخطوات متسارعه وبدا استخدام الفضاء الخارجى لبث الاشارات الالكترونيه مما احدث شللا فى الأيادى المتحكّمه فى الفكر. وفى سرعة مضاهية للمح البصر تقوّضت الأسوار الحديديه وتبخّرت الديكتاتوريات.
.
مثال آخر. اسهل لغات الأرض وأكثرها دقة ومرونه هى الانجليزيه. نرى أمامنا اليوم ان "كل" المجتمعات الناطقه بالأنجليزيه هى أكثرها ديموقراطيه وأيضا أكثرها انتاجا للأدوات والاكثر تحكّما فى تطويرها. وأذا رجعنا الى الماضى نجد أن البريطانيون (ناطقى الأنجليزيه) كانوا اول من طوروا النظام الأجتماعى فى اتجاه الديموقراطيه و أول من أحدثوا أصلاحا جذريا فى الخطاب الدينى وفصل الدين عن الدوله. كما كانوا ايضا راس الحربه فى أحداث الثوره الصناعيّه (الأدوات) التى غيّرت شكل الحياة على الأرض ومكّنت بريطاتيا من سيادة العالم لقرون تلت.
نكتفى بهذين المثلين ونترك تجميع المزيد من البراهين الى آخرين فيما بعد.
----------------------------------------------
ننتقل الان الى تناول مقومات الانسان الحياتيه الأربعه كل على حده.
-- لاجدال فى ان هناك أدوات افضل من أدوات لتحقيق نفس الغرض.
-- هناك لغات أدق تعبيرا واسهل تطبيقا واكثر مرونة من غيرها. حقيقة قد تخفى على عموم الناس الذين لايتعاملون ألا بلغة واحده. اما المتخصصون فى اللغات المقارنه فلن يتردد اى منهم من التوقيع بالموافقه على صحة وسلامة هذه الملاحظه.
-- أما عن النظم الأجتماعيه فأغلبنا شهود وعلى درايه بأن منها ما ينمّى ملكات وقدرات أفراده ومنها أيضا ما يقمعها ويحجّمها.
-- وعن مقومّة النظره الكونيه فهى بطبيعتها ليست محدده أو مباشره مثل الثلاث الأخر. عرّفناها سابقا بانها ناتج مجمل ما يعرفه الفرد عن نفسه وعن كل ما يحيط به. وبالتالى فهى تمثل الشريان المفذّى لتفعيل خاصية الاستنباط, الخاصيه المميزه لصنف الانسان. بيّنا سابقا ايضا ان مقومة النظره الكونيه مكونه من شقين, الأول هو شئون العلم والشق الثانى هو الدين أو المعتقد. يلزم التنويه بأن كل ما يعنينا "هنا" هو التوصل الى أجابه مقنعه على السؤال " هل هناك نظرة كونيه أفضل من نظرة كونية أخرى أسوة بما بيناه فى حالات الثلاثة مقومات الأخر؟ وحيث ان الشق الأول (العلم) ثابت يصير السؤال "هل هناك دين/معتقد افضل من دين/معتقد آخر؟
الاجابه هى "نعم" وقاطعه بناءا على دراساتنا المقارنه بين قدرات مجموعات الانسان المختلفه المصنفه تبعا لمعتقدها السائد. امامنا مجتمعات معتقداتها تنمى وتعضدد الشق الأول من مقومة النظره الكونيه ومجتمعات أخرى معتقداتها تعرقل وتعوّق هذا الشق الأول. حكمنا هنا مستخلص من تقييم قدرات المجتمعات المختلفه على تحقيق الرخاء العام لافرادهل من عدمه.
.
أما عن كيفية نشأة المعتقدات فأذا ما دقّقّنا النظر فى التاريخ الأنسانى ككل سنجد ان هناك أتجاه مستمر لدخول ماهو غير معلوم الى خانة المثبت والمتكرر والذى يصير لاجدال فيه (أى ان بعض ما كان فلسفة صار علما). وفى هذا تاكيد على الوجود الدائم لقطبى مقومة النظره الكونيه, المثبت على جانب وكل ما عداه على الجانب المقابل. وهذا هو المنفذ الذى تسلل منه العديد (فى مختلف الأزمنه والأمكنه) بتفسيراتهم الخاصه (أديان/معتقدات) للشّق الغير مثبت من النظره الكونيه. ولتوضيح الأمر اليكم قصة افتراضية رمزية أخرى.
.
(((فى مكان ما وفى زمن ما كان هناك رجل فقير يدعى "هيو". كان الرجل يعيش على بضع شجرات من الزيتون. نزلت صاعقه احرقت اشجاره من دون كل أشجار المنطقه. جلس هيو مهموما ينعى حظه العاثر عندما مر عليه رجل غريب.
الغريب: الا تعلم يا عزيزى هيو بان ما حدث لك كان من الممكن تفاديه؟ لتحقيق ذلك يلزمك التواصل مع القوه صاحبة الأمر والنهى فى كل ما يجدث فى الوجود. يجب عليك, وفورا, أحداث هذا التواصل وحتى لاتتكرر مأساتك أو أى أضرار أخرى فى المستقبل. أقدم لك خدماتى فى هذا الشان لأنى "متصل" وسأدلك على الطريقه.
هيو :شكرا يا سيدى. لكن ما أدرانى بان ما تقوله صحيح. هل يمكن ان تقدم لى الدليل؟
الغريب: تحديدا يا عزيزى هيو هذا المجال "بالذات" لا تنطبق عليه أى قواعد أو اسس من النوع الذى تسير بها كل شئون حياتنا اليوميه والتى يمكن أثباتها وبرهنتها. ليس للاتصال بالقوة العظمى والمسيطره الا "الأعتقاد" و"الأيمان" بها. وكما ترى فالأمر خطير والعواقب وخيمه. اسرع وقرّر يا سيد هيو, مستقبلك كله على المحّك.
ارتعد هيو ولم يجد ما يستطيع الرد به فاستسلم خاصة فى ضوء المزايا المرتقبه والموعوده. استقطع هيو جزءا مما يملكه واعطاه للرجل الغريب تقديرا وعرفانا منه بالجميل.
خرج الغريب فرحا بنجاحه وبالذات بالنفع المادى الذى عاد عليه. قام بتحضير مكان مزيّنا ومزركشا تصدح فيه الموسيقى ليجتمع فيه بالناس. كان الغريب يجلس على منصة عاليه مرتديا زيا مميزا مشاركا الناس في تفاصيل الدعوه الموكل له أيلاغهم بها. تحدّث عن أصل الحياه وما سيحدث لهم بعد الموت و الثواب والعقاب وامور أخرى متعلقة بما يجب ان يفعلوه أو الا يفعلوه. كما كان داءم التذكير والتأكيد على الأهوال التى ستحيق بأى منهم لو خرج عن الطريق المرسوم. كانت الهدايا والقرابين تنهال على الرجل مما مكّنه من رغد فى العيش كما صارت كلمته مسموعه فى كافة شئون القريه.
ثم مات الغريب.
كان طبيعيا لورثته الاستمرار فى بيزنيسهم الناجح والمربح. فتحوا فروعا فى القرى المجاوره وانتشرت الدعوه. كان طبيعيا ايضا ظهور منافسين جدد يقدمون نفس المنتج ولكن بتغييرات تميزهم عما كان يقدمه الغريب))).....وانتهت القصه.
ظهر لنا الان بكل وضوح طبيعة المنفذ (قطبى مقومة النظره الكونيه) الذى تسلل منه الرجل الغريب وأمثاله لتحقيق مصالحهم الشخصيه.
والى هنا ينتهى التنظير.
------------------------
بحث توليفة المقومات لبعض المجموعات الانسانيه.
===========================
أنها الأدوات, أنتاجا وسيطره على تطويرها, التى تشكل معيار تقدم مجتمعات الأنسان. بناء عليه فامامنا أمما وشعوبا عديده فى موقع القياده من ممارسة شئون حياتها. بينما هناك آخرون متعثّرون وساخطون. الأدوات هى اساس التمكين والتغعيل للقدرات الجماعيه للناس على "اطعام أكثر من أتفسهم اى تحقيق الرخاء العام".
دعونا ألان نتخيّل سلما حضاريا تبعا لمعيار الأدوات. ولنبدأ ببحث أحوال من هم فى اعلى السلم. نجد أن توليفة باقى مقومات حياتيهم متناسقه مع احكام التاثير والتاثر الذى كشفه التنظير.
لغة بسيطه, دقيقه, معبّره و مرنه.
نظام اجتماعى ترتكز قواعده على حرية الفرد وعلى مبدأ المساواة بين الجميع. يعلم الفرد منهم بان حريته مرهونة ومرتبطه بحريات كل الآخرين. وهذا مايحدث تماسك افرادهم ويمكّنهم من انجاز الأعمال الجماعيه المثمره وطويلة الامد.
نظرة كونيه دائمة التغيير والتطوير فى اتجاه الفصل الكامل بين منظومات الاعتقاد وبين أدارة شئونهم العامه.
ننتقل الآن لدراسة أحدى الحالات من القابعين على الدرجات السفلى من السلم الحضارى. سنجد أن توليفة رباعيتهم الحياتيه, كما هو متوقع, معرقلة ومشلّه.
لغة صعبه, معقده وجامدة بحكم قدسيتها.
نظام اجتماعى اساسه القمع وكبت حرية أفراده فى اساسيات صور التعبير. فساد مستشرى فى كل أركان المجتمع. تاريخ كتبه المتسلطون عليهم على مر الزمن, انتقوا فيه وطمسوا بلا رقيب أو حسيب.
أما عن النظره الكونيه فالأعتقاد والأيمان السائد يحرم الاتباع من أى سيطرة حقيقيه على شئون حياتهم. وايضا, تدفع كل الممارسات والطقوس والأفكار الى توجيه ولاء الفرد فقط الى أعلى, بعيدا عن وجهنه الطبيعيه (الولاء للتفس وبقدر مساو للآخرين) مما هلهل نسيجهم الاجتماعى. وبلا صمغ وغراء يلحم افرادهم تضاءلت قدرتهم على انجاز الأعمال الجماعيه, فى كافة مناحيها. كما تفشى بينهم الفساد والعشوائيه.
---------------------------------------
الاخلاق بمنظور جديد
============
كأفراد اى مجموعة اخرى فأفراد مجموعة الأنسان متماثلون فى الصفات مع بعضهم البعض. ينعكس هذا التماثل داخل أى مجتمع على المساواة بين الناس فى الحقوق والواجبات. وهذا يعنى "حريات" متساوية القدر لكل أنسان فى فعل مايره صالحا لحياته. أما عن (القدره المتناميه على أطعام أكثر من النفس) فتحقيق وتفعيل هذه الصفه المكتسبه الى أقصاها, يقتضى أن يكون ولاء القرد لنفسه وبقدر مساو للآخرين. ولاء الفرد لنفسه (المصلحه الذاتيه) هو امر طبيعى وصفة انيه داخله فى التكوين. اما ان يكون ولاء الأنسان لنفسه مساويا لولاءه للآخرين فهذا ينبع من معرفة الفرد وأدراكه "للمصلحه الذاتيه المتنوره". وهى التى تمكّن الفرد دوما, كعضو فى مجتمع, من ان يكون فى موقع القياده فى تسيير شئون حياته.
.
ماهى اذن المواصفات العامه لتلك المصلحه الذاتيه المتنوره والتى قلنا انها نابعة من الوعى والادراك:
....بالنسبه للعالم المادى المحيط به. يعلم ان افعاله واقواله هى التى تحدد ما سوف يحدث له. وأنّ هذا صحيح فى ضوء قوانين "الحادثه" وهى قوانين محدده ومعرّفه وثابته بنتائجها الاحتماليه.
.... بالنسبه للآخرين. يلتزم, ودائم التعميق والترسيخ لمبدأ أستخدام العقل وليس القوه فى كافة تعاملاته. يعلم بان قوة الاخر هى امتدا لقوته وان ضعفه فيه تقليل لقدراته. وهذا امر يتخطّى كل الفوارق الشكليه من جنس أو لون و عقيده او اصول أجتماعيه. هويعى تماما بأن جاره الجائع يشكل خطرا على امنه وسلامته. لهذا فهو ياخذ بمنتهى الجدّيه مطالب العداله الأجتماعيه والتوزيع العادل للثروه. وكمثيل ومساو لكل الاخرين فهو على يقين بان ما يحدث لاى منهم قابل الحدوث له ولذريته. بناء عليه, فهو يمارس ويدفع داءما الى اعلاء شان المساعده وقت الحاجه.
مما تقدم, يصير جليا بان ممارسة الحياه فى هُدَى "المصلحه الذاتيه المتنوره" امر يخرج عما تعودنا تسميته "بالأخلاق" ويصير بدلا عن ذلك اداة لا غنى لعاقل عنها للتمكين من تحقيق ما يختاره الانسان لنفسه من اهداف.
وفى النهايه, لقد أصبح علما ذلك الامر الفلسفى الأساسى والذى تصارعت, وما زالت تتصارع, يشانه اعداد كثيره من الناس. وعندما تغدو نتائج التنظير جزءا اساسيا من وعىه وأدراكه سيعيش الانسان بادواته ولغته ونظامه الاجتماعى و"معرفته" الكونيه.
=============================================



#حسين_الجوهرى (هاشتاغ)       Hussein_Elgohary#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عريظة أتهام صادره من الشعب ..( ضد )..من سلبوا عقوله وفككوا ل ...
- نظرية -مقومات حياة الأنسان الأربعه والحقائق الغائبه-...... ا ...
- رُمْحٌ فى قلب محظور.....وخيبيتنا اللى ما خابهاش حد.
- كيف نفذوا الى عقولنا فى طفولتنا وعاثوا فيها فسادا.
- سؤال المليار جنيه (بل وأكثر بكثير) وأجابته الشافيه.
- لانهائية الزمان والمكان....الأثبات الذى يقوض فرضية -الخلق-.
- مربط الفرس فى المسأله المصريه.
- قصتنا وقصة الأديان -السماويه- فى سطور.
- السيسى...... -5 سنوات أقرأ وأبحث للتأكد من حسن أختيارى لدينى ...
- لكى نوقفهم عن -الأستهزاء بعقولنا-.


المزيد.....




- شاهد ما حدث على الهواء لحظة تفريق مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين ف ...
- احتجاجات الجامعات المؤيدة للفلسطينيين تمتد لجميع أنحاء الولا ...
- تشافي هيرنانديز يتراجع عن استقالته وسيبقى مدربًا لبرشلونة لم ...
- الفلسطينيون يواصلون البحث في المقابر الجماعية في خان يونس وا ...
- حملة تطالب نادي الأهلي المصري لمقاطعة رعاية كوكا كولا
- 3.5 مليار دولار.. ما تفاصيل الاستثمارات القطرية بالحليب الجز ...
- جموح خيول ملكية وسط لندن يؤدي لإصابة 4 أشخاص وحالة هلع بين ا ...
- الكاف يعتبر اتحاد العاصمة الجزائري خاسرا أمام نهضة بركان الم ...
- الكويت توقف منح المصريين تأشيرات العمل إلى إشعار آخر.. ما ال ...
- مهمة بلينكن في الصين ليست سهلة


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - حسين الجوهرى - قصة الأنسان, النسخه المُعَدَّله العقلانيه.......... الكشف العلمى (التنظير) الذى سوف يحدد مسار الأنسان.