أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نعيم عبد مهلهل - سريالية موت طائر الكناري














المزيد.....

سريالية موت طائر الكناري


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 5218 - 2016 / 7 / 9 - 21:00
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


سريالية موت طائر الكناري
نعيم عبد مهلهل
يوم وطأت قدماي ( لاس بالماس ) أحدى جزر الكناري تساءلت متعجبا كيف تحقق الحلم المستحيل أيام كان الحرمس ينهش في اجسادنا حتى في نشوة احلامنا وامانينا ونحن نسمع ام كلثوم من المذياع في ذلك الليل الذي هو امتداد لأديم قديم يعود الى اللحظة التي قرر فيها نوح ع صناعة سفينته.
أيام كانت تلك الاحلام عند بعض المعلمين الذين يكرهون السفر ويعتبروه بطراً عدا السفر الى مدن الائمة المقدسة وكانوا ايضاً يعتقدون ان جزر الكناري كل سكانها من الطيور .
ويسألني أحدهم : لماذا تحلم بالذهاب الى جزر ليس فيها سوى طيور الكناري وبأمكانكَ رؤيتها هنا في قفص طيور الكناري الذي جلبه المعلم ( جبار ) هنا والذي يحب تربيتها .
ضحكت وقلت :هل تعرف أن هذا المكان بالرغم من جماله إلا أنه بالنسبة لهذه الطيور منفى قاس ، فأن أي يوم شرجي ، ونظرة اللامبالاة التي ترمقها الجواميس في عودتها من مراعيها ، وعدم الاهتمام بها لأنهم يعتبرونها طيور وحشية مدللة لاتحب سوى لب حب الشمس ( الأكراد ) والحنطة المغسولة بماء حلو ، وهذا ما كان يوفره جبار بالرغم من علمه أن طيوره منزعجة جدا من المكان الذي تخلوا فيه النباتات كبيرة الاوارق والواح الورد الأستوائي ، واكتشف هذا حين اقدم احد الطيور على الانتحار بعد ان رفض تناول حب الشمس وشرب الماء.
عاشت الكناري معنا ، وكل صباح اتطلع الى حزنها وتغريدها الهجين ورغبة بعضها بليلتحق مع الطير الذي غادر القفص منتحرا ودفنه صاحبه ( جبار ) على ضفاف طين الاهوار رغبة منه ان يظل جسده باردا في غربته ، والغريب انه وضع في مقدمة قبر الطائر صليبا صغيرا صنعه من تعامد قصبتين ، وقال :لقد جلبوا هذا الطائر المسكين من ارض مسيحية ، ولانه يدفن في منفاه ، علينا ان نضع الصليب شارة بركة لتحمي نومه الهادي هنا .
ذلك المشهد الغريب عن بيئة المكان وذاكرته هو من دفع معلم الرسم في مدرستنا ليرسم على ضوء الفانوس لوحة اسمها ( سريالية موت طائر الكناري ) وقد رسم الطائر يغادر قفص جبار بسلالم على شكل صليب ، فيما جعل شارب سلفادور دالي المقوس القفل الذي كسره الطائر وخرج منتحرا .
فسر المعلم ان السلم هو رحمة يسوع الصاعد مع الطائر الاسباني الى السماء وموته السريالي الذي اقترن بشارب سلفادور دالي الذي هو اسباني ايضا .
الآن وعبر نافذة غرفتي بالفندق الذي يطل على الحديقة الاستوائية واسراب من الطواويس تمشي متخاتلة في صباح تهب عليه نسائم المحيط القادمة من قرى افريقيا البعيدة للمكان الذي تمتلكه اسبانيا بالرغم من ان اغلب سكان جزر الكناري من اصول امازيغية.
أتذكر من هنا ، المكان الذي يسرق من خيال الجنة فينا الكثير من التفاصيل و أظن أن السومريين تخيلوا دلمون بما تمنحه لك فتنة المشاهد في حدائق جزر الكناري ، فأذهب الى حسرة اشتياق غريب الى دموع المعلم جبار عندما احس انه كان سببا في انتحار طائر الكناري في قفصه فحزن وأعتقد أنه اقترف جريمة لا تغتفر وأتذكر قبره الصغير الذي علاه مد مياه الفيضان في الاهوار ذات صيف واختفى القبر والصليب ,
ولكن ذلك المشهد السريالي لشارب سلفادور دالي وهو يصير قفلا للقفص ظل اسير المخيلة حتى عندما اتت الحرب ونالت من وجودنا في المكان عندما تم استدعاء الكثير من المعلمين الى خدمة الاحتياط وكان لي ان اكون ضمن اول المواليد التي دعيت الى الخدمة فأتحول من معلم لغة عربية لصفي السادس والخامس في مدرسة تقع في عمق الاهوار الى جندي مشاة فوق ربيئة عالية في جبل سنجاب المطل على مدينة قصر شيرين الايرانية.
ومن فوق الربيئة كنت أتأمل السفوح والمرتفعات الممتدة على مد النظر الى عيلام وكيلان غرب ، وحين ادور وجهي الى الوراء تمتد امامي سابحة ذات السفوح ولكن في امتداد الجانب العراقي في خانقين وقره تو .وابعد منها تلوح لي قرية الممتدة في افق الماء في تلك الاكمة البعيدة من القصب والعباءات السود المتشحة بخجل السير امام المدرسة خوفا من نظرات المعلمين الخاطفة ، فيلوح في ذلك الافق الاخضر القفص الملون لطيور الكناري ، لكن القبر لايظهر في الصورة ومع متعة التخيل والتأمل في أول يوم لك فوق ربيئة جبل سنجاب يتقدم اليك احد الجنود ليعرف بنفسه :
أنا جبار عودة صيهود من اهالي عفك التي قيم الركاع فيها ، ولكنهم هنا ينادونني بجبار كناري لاني اهوى نربيتها ولدي قفص هنا فيه خمس طيور ملونة من طيور الكناري .
قلت مندهشا :يا الهي حتى هنا يوجد جبار كناري .اي صدفة هذه .
قال :لااظن ان احد في هذا العالم يسمونه جبار كناري غيري.
ضحكت :وسردت له قصة المعلم جبار كاملة .
دمعة سقطت من النائب العريف ابن عفك وقال لو كنت انا من تعرض الى انتحار واحد من طيوره لأقمت مأتما وعزاء لثلاثة ايام.



#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- للرفش عاطفة ايضاً..
- الروح ترتدي ثوبا ابيضا
- نجومٌ خضرٌ في نعشٍ أسود
- شهداء العطر الاخضر
- ناموسيات قُبلاي خان
- الكرادة
- لقالق سمرقند ومنائر الجبايش
- سفرة مدرسية الى التوراة
- مرثية الى بود سبنسر
- شيوعيٌ بثوب أسود ...!
- أحمرْ والحْسِينْ . أخضرْ والعَباسْ
- أسرار الشذر الأزرق
- الأهوار وناي عدنان شنان
- النزول جنوب بابل
- مديح الى حمدية صالح
- الأهوار والقنصل الكهنوتي
- فشافيش اكبادُ الجواميس
- الأهوار ( يوم في فنيسيا )
- الحُب بحروف بيل غيتس
- أور (عواء الثعالب لايُحبُ البساطيل )


المزيد.....




- قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا ...
- أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق ...
- الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي ...
- موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق ...
- الرئاسة الفلسطينية تحمل الإدارة الأمريكية مسؤولية أي اقتحام ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: وعود كييف بعدم استخدام صواريخ ATAC ...
- بعد جولة على الكورنيش.. ملك مصر السابق فؤاد الثاني يزور مقهى ...
- كوريا الشمالية: العقوبات الأمريكية تحولت إلى حبل المشنقة حول ...
- واشنطن تطالب إسرائيل بـ-إجابات- بشأن -المقابر الجماعية- في غ ...
- البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نعيم عبد مهلهل - سريالية موت طائر الكناري