أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الأستاذ بوظرقة عبد العزيز - اللعنة المتوارثة / قراءة في قصة “هو أم هي” للأستاذ ع.المجيد طعام















المزيد.....

اللعنة المتوارثة / قراءة في قصة “هو أم هي” للأستاذ ع.المجيد طعام


الأستاذ بوظرقة عبد العزيز

الحوار المتمدن-العدد: 5218 - 2016 / 7 / 9 - 16:17
المحور: الادب والفن
    


هامش أول….

لا تستطيع الذكورة أن تستكشف الأنوثة إلا باعتبارها المدخل الإيروسي للنهم الجنسي ولإشباع شبق مشتهى لارتواء بهيمي النزوع. ينهش ويتمرغ ويحترق في أثون لذة حسية تنتهي برعشة كبرى لا ترتوي إلا لتشتعل من جديد في دورة انجذاب غريزي لا يتوقف ….الذكورة و الأنوثة وجهان مشوهان لذات العملة الزائفة ..اذ أن كليهما اختزال تغريبي يغيب البعد السامي والجوهر الفلسفي لكينونة الإنسان باعتباره فعالية نفس اجتماعية ثقافية وكمعطى حضاري يضمر و يستدمج طبعا الذكورة والأنوثة دون أن يسمح لهما بالتضخم وصولا إلى إلغاء الجوهر الإنساني الثقافي للذات والقفز عليه .

الإنسان كفعالية ثقافية وكانبناء حضاري وكنشاط اجتماعي هو ارتقاء من المستوى الفيزيولوجي البيو احيائي وتجاوز له وقطع نوعي أي طفرة هائلة نقلت هذا الكائن من البدائية البهيمية الغرائزية إلى المستوى الحضاري المستريح في جوهره المتمدن المتحضر …انتقال من الطبيعي الممنوح إلى الثقافي المكتسب .

هو مدخل أجده أكثر من ضروري لتناول نص الأستاذ عبد المجيد حول شهيدات لعنة الأنوثة..هي رحلة استقصاء ذات لعنة متوارثة متجدرة في الوعي الجمعي وفي الرؤى القيمية السائدة وفي مرجعية توزيع الأحكام وتنميط السلوك العام …هي رحلة انفصام وشرخ ثقافي يعبر الذات مكرسا ازدواجية مرضية راسخة ….البطل وهو يبحث عن آلية تكسير طوق العقم زار عيادة الطبيب وفي نفس الآن تردد على العشابين وصناع الطلاسم ودجالي الرقاة…لم تكن الخلفة ديدنه ومبتغاه،انه تحت نير السائد والتمثل القيمي المهيمن استمات في مناوءة الإرادة الإلهية ونسي في غمرة انسحاقه وهو تحت سيكرة وحجر العائلة والجيران والأصدقاء…وهربا من العار المترصد ..نسي أو أنساه ضغط التيار التقليدي الجاثم أن يفوض أمره لله واهب الذكور والإناث حسب حكمته ومشيئته وهنا نفتح قوسا للإشارة إلى إشكال العلاقة بين سلطة النص الديني التي كثيرا ما تضعف وتتراجع أمام سلطة التقليد والسائد ولو ناوأ الدين وخالف جهارا بعضا من تعاليمه الصريحة ..إذ يحق لنا أن نتساءل عن السبب الذي منع الزوج، وهو المؤمن المصدق المستسلم نظريا على الأقل لمشيئة الإله ،من الرضا بالقسمة والنصيب وترك الذات الإلهية تحسم أمر اختيار جنس المولود ؟!…إنها سياقات تقليدية متوارثة مشكلة لبنية الوعي ومنتجة للتصورات وضابطة للمواقف وهي امتداد ابتروبولوجي لظاهرة الوأد ….المرأة موؤودة إذ لم يحترم الزوج مشاعرها ولم يستحضر رأيها حين قرر أن يناهض القدر والعلم والعالم اجمع ليقهر ما ترسخ لديه من عار يطارده لو اقترف خطيئة إنجاب الأنثى عطاء التي ينبغي أن توأد وتنمحي لتفسح المجال للذكر الوريث ..وريث السر وريث الاسم وحامله…صاحب النصيب المضاعف في الإرث..المعصب عند وفاة الأب …صاحب الشهادة الموثوقة غير القابلة للطعن أمام القضاء الشرعي..المغامر الفحل ..زير النساء المعزز والمثمن غير المدان اجتماعيا …

إن اختيار الاسم للذكر حسام وللأنثى الموؤودة في المتصور الذهني وفي الواقع الماثل ..عطاء، لهما دلالة على صلة وطيدة بالوظيفة والتوظيف الرمزي داخل النص ..حسام سيف صارم بتار حاد وقاطع ومخترق يقطر دما وينز فحولة وهو يضمر ويحيل على القضيب الفاعل العابر الغازي للجسد الأنثوي المستباح المتاح المتقبل المستقبل الوعاء المانح للذة والمتعة …تختفي عطاء قسرا ليتم تسييد الموقع والموقف الذكوري المهيمن الوصي الذي لا يعي انه بالإمعان في ملازمة موقفه ذاك إنما يغسل عارا وهميا يشل قدرته على إنتاج نهج سلوكي يجعله قادرا على تلمس إنسانيته وإنسانية زوجته بما لا يتعارض مع الذكورة والأنوثة ..إن البعد الإنساني المغيب خلف اغتراب الذات عن كنهها الإنساني يكشف تردي العلاقة الاجتماعية بين الرجل والمرأة في مهاوي سحيقة من الاستيلاب الذي يكرس حضور البعد الطبيعي البهيمي كما يعري انتفاء البعد الحضاري الثقافي الكاشف عن الإنسان بقامته وقيمته المتمدنة والقابلة لاستيعاب آليات التطور والارتقاء المنشود…. إن النواة الصلبة للمجتمع ..خليته الأولى والمركزية..الأسرة تغيب الجوهر الإنساني فيها ..تكرس الهيمنة الذكورية المتوارثة منذ قرون .واستدامة تأجيل برامج التنوير وببداغوجيا التحديث الفكري والسلوكي والاشتغال على تطوير العقليات ..إن استمرار نمط سلوك تحكمه عقلية قروسطية يدمن الإبقاء على وضعية نسيج مجتمعي معطوبtissu social en etat de blocageيعيق انعتاق الفرد ويديم انهزامه الداخلي ويصيبه بهشاشة تجعله عاجزا عن انجاز مهام البناء والنهوض وتشييد صرح مجتمعي متدرج في تطوره

ملاحظة لا علاقة لها بما سبق…يقول ماركس.يكفي ان تنظر لوضع المرأة لتقيس مستوى تطور مجتمع ما ….



نص القصة القصيرة

هو أم هي .. ؟؟؟

إهداء : إلى كل شهيدات لعنة الأنوثة في الوطن العربي ….

بقلم عبد المجيد طعام

" أحقا ما أسمع ؟..أعيدي ما قلت..أرجوك …"

جالت في ذهنه الشكوك لأنه عاش تجربة مريرة لبس فيه الكذب لبوس الصدق ، فأمر زوجته بأن تعيد عليه ما قالت و أن تركز في لغتها لأنه فقد القدرة على استيعاب ما يسمع … قالت له للمرة الألف : " نعم أنا حامل و في أسبوعي الرابع… ! ! "

كاد أن يفقد كل أمل في أن يصبح أبا، زار مع زوجته كل أطباء المدينة و جال بين العشابين و الدجالين و سافر إلى مدن أخرى،ابتلع أعشابا مضرة و حمل على جسده طلاسم كثيرة و تناوب عليه الرقاة لكنه كان يسمع دوما من الأطباء نفس الكلام :" ليس لديكما أي مانع للإنجاب …كل التحاليل تؤكد ذلك …ضعوا ثقتكم في الله.."

الانتظار كان قاسيا، متعبا ولذيذا ….. كان يحلق في فضاء أحلام يقظته….. كان يرى ابنه الذكر يكبر و يشتد عوده .. ارتسمت على شفتيه ابتسامة شكر فنظرت إليه الزوجة و قالت له :" بعد تسعة أشهر … أخيرا يتحقق حلمنا ….كم أرجو أن يمنحني الله بنتا جميلة تحمل شكل و لون عينيّ و لها منك الشفـــتين و الأنف…" لم يستسغ حلمها ، نظر إليها بعينين حادتين تعلنان الرفض و أرجآ كل شيء إلى يوم الوضع لتكون المفاجأة أكثر لذة و متعة .

كان مقتنعا أنها تحمل في بطنها ولده "حسام" بينما هي كانت تلمح بكل قوة أنها تحمل في بطنها " عطاء" ذات العينين العسليتين… مرت أشهر الحمل التسعة عادية تصارعت فيها الأحلام المختلفة.. حانت لحظة الحسم، لحظة المخاض، اختار لها أحسن مصحة في المدينة…تركها بين يدي الممرضات و الطبيب و نزل إلى غرفة الانتظار، لا يجد مستقرا …دار دورات كاملة داخل القاعة الفسيحة ، قطعها طولا و عرضا مرات عديدة .. أحس بجسده يرتعد عندما رأى الممرضة متجهة إليه لا تسبقها ابتسامة البشارة قالت له:" كل شيء مر على ما يرام…زوجتك في صحة جيــــــدة و المولود كذلك…لكن الطبيب يريد أن يراك…" ارتبك و ارتجفت شفتاه، تماسك نفسه و سألها:" المولود ذكر ؟ أليس كذلك … ؟ ذكر أليس كذلك.. ؟ ؟ ؟ ؟ " لم تجبه الممرضة و أفهمته أن كل الأجوبة سيجدها عند الطبيب داخل مكتبه.

هنأه الطبيب و هدأ من روعه و قال له :" كل شيء مر في أحسن الظروف، ما يهمّنا الآن هو الوضع الصحي لزوجتك …لقد خلدت للنوم و هذا مؤشر إيجابي…و المولود كذلك …." قاطعه الزوج و سأله :" المولود ذكر … ؟ ذكر.. ؟ أليس كذلك… ؟ لقد ربحت الرهان …زوجتي كانت تريد " عطاء" و أنا أردت "حسام"….الحمد لله…ذكر"

طلب الطبيب من الزوج أن يهدأ و دعاه للجلوس و الإنصات لكلامه، انهار على أريكة، حدق بعينيه المتعبتين في نظارتيّ الطبيب متابعا باهتمام كبير كلامه : " استمع جيدا.. يا سيدي.. لما سأقوله لك…لقد وضعت زوجتك ..لكننا لا نستطيع أن نحدد الآن جنس المولود هل هو ذكر أم أنثى… ! ! " أدرك الطبيب أن الزوج لم يفهم أي شيء فأضاف:" المولود ولد بعضوين تناسليين مختلفين ، عضو ذكر و آخر أنثى … و لا يمكن الآن أن نحدد جنسه إلا بعد أن نجري له عملية جراحية، نبتر عضوا و نترك آخر، و هكذا تنتهي المشكلة." باستعجال غير محسوب قال الزوج :" أنا موافق ..أنزعوا منه عضو الأنثى و أتركوا الذكر… ! ! مستعد أن أوقع لكم على كل الأوراق التي تحتاجونها …الآن…"

أخفى الطبيب ابتسامة مشفقة و قال له:" الأمر ليس بالسهولة التي تتصور…العملية لا يمكن أن تجرى إلا بعد أن يبلغ المولود الخامسة من عمره …حتى يكتمل نمو العضوين الجنسيين و نبتر واحدا منهما." انزوى الزوج في دواخله المضطربة و قد تحولت أحلام يقظته إلى كوابيس مزعجة ، ماذا سيقول للعائلة ، للجيران ، للأصدقاء حتما سيسألونه :" هل ذكر أم أنثى..ٍ؟ " بماذا سيجيب ، هل له القدرة على أن يقول لهم :" وضعت زوجتي مولودا بعضوين تناسليين..و لا يمكن أن نحسم الآن في أمر جنسه.." إنه يدرك أن لا أحد سيفهم ما يقول ولا أحد سيتقبل هذا المولود الذكر و الأنثى في نفس الوقت " يا للعار الذي أصابني ؟! ماذا فعلت من جرم حتى يعاقبني الله هذا العقاب الغريب… ؟! "

اقتحم الطبيب صمته و أوقف تناسل تساؤلاته القاتلة و قال له :" أن يولد مولود بعضوين تناسليين مختلفين ، ليس بالأمر الغريب ..أمر حدث و يحدث و سيحدث مستقبلا ..على الأبوين أن يعرفا كيف يخرجان من هذه التجربة بأقل الأضرار.." شعر الزوج بارتياح مؤقت لكن صدمته كانت أقوى حين عرف أن اختيار جنس المولود بعد خمس سنوات لم يعد من حقه و إنما هو حق يجب أن يمارسه الطفل أو الطفلة " كيف .. ؟ ؟ سؤال كنت أنتظره …عليكما أن تعرضا المولود خلال كل هذه السنوات على طبيب نفسي ليتتبع ميولاته ، هل تستهويه حياة الأنثى فيريد أن يكون أنثى أم العكس…. عليكما أن تقدما له دعما تربويا و نفسيا محايدا و اتركا له حرية الاختيار.."

خرج الزوج منكسرا متعبا من مكتب الطبيب، لم يتوجه إلى الغرفة أين ترقد زوجته ، ذهب مباشرة إلى شقته … جمع كل العرائس التي اشترتها زوجته لتزين بها غرفة حلمها ،ألقى بها في القمامة و علق على الجدار قرب سرير حلمه صورا لحاملي الأثقال و رياضة كمال الأجسام و هم يستعرضون عضلاتهم الرجولية المفتولة و صرخ بأعلى صوته في جنح الليل :" لن نبتر من جسدك يا ولدي إلا العضو التناسلي الأنثوي …أنت حسام و لن تكون أبدا عطاء …"

انتهت

18/06/2016



#الأستاذ_بوظرقة_عبد_العزيز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الأستاذ بوظرقة عبد العزيز - اللعنة المتوارثة / قراءة في قصة “هو أم هي” للأستاذ ع.المجيد طعام