أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - سيرَة أُخرى 36














المزيد.....

سيرَة أُخرى 36


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 5218 - 2016 / 7 / 9 - 04:28
المحور: الادب والفن
    


1
دعاني الأصدقاء إلى وليمة " الطنجية "؛ وهيَ أشهر أكلة شعبية مراكشية. هذه الأكلة، كما يبدو في الصورة، تحضّر في إناء فحاري يوضع به اللحم بعد تتبيله. ثمّ يُحمل الإناء إلى فرن حمّام السوق كي ينضج على رماد الجمر. وإذاً، تستغرق عملية النضوج حوالي خمس ساعات. المغاربة، أثناء رمضان، يفطرون عادةً على الحواضر وأنواع الحساء، ثم يتعشّون وجبة شبيهة بالغداء أساسها اللحوم. على ذلك، يجب وضع الطنجية في الفرن قبل مدفع الإفطار مباشرةً لكي تكون جاهزة على العشاء.
وللصدفة، فأمس نزلت درجة الحرارة عشرين درجة دفعة واحدة. الأهل هنا، نصحوني قبل أن أخرج بارتداء سترة خفيفة. ولكني أبديتُ استهانتي، طالما أنني في الشتاء المراكشي أرتدي نفس ملابس الصيف. بحدود العاشرة والنصف مساء، أتصل بي الأصدقاء لموافاتهم إلى مدخل مول المنارة. فأخذت تكسي من حيّ غيليز عبرَ شارع محمد السادس. ثمة، على مدخل المول كانت النوافير الساحرة تتراقص على أنغام أغاني أم كلثوم. حشود الناس، ما لبثت ان تعاظمت وأغلبهم أتى على متن الدراجات النارية. وهكذا كان حال أصدقائي أيضاً. أخترنا بقعة في مقابل المول، فافترشناها بملاءة خفيفة ثم وضعنا إناء الطنجية فوقه مع الخبز وأقداح الشراب. كنا إذاك نجلس في الإفريز الأوسط من شارع محمد السادس، المحتفي بالورود والنوافير والأضواء، وكانت أم كلثوم تغني عندئذٍ إحدى أغانيها الأثيرة لديّ؛ " فكّروني ".

2
ظهراً، خرجتُ من المنزل لبضع ساعات بما أن درجات الحرارة قد انخفضت خلال الأيام الأخيرة. ما زال هناك الكثير من السياح في المدينة، على الرغم من موسم رمضان. إلا أن ساحة جامع الفنا، في المقابل، كانت مقفرة منهم كونها مكشوفة للشمس تماماً. ما أن هممتُ بولوج مدخل سوق السمارين، حتى وقعَ حادثٌ أمامي مباشرةً. سائحة مسنّة، صدمتها دراجة نارية وطرحتها أرضاً. سائق الموتور، وكان رجلاً ضخماً بلحية شمطاء، لم يتحرك من مكانه حينما انحنى زوج المرأة ليساعدها على النهوض. الأخ صائم، ولا يريد أن يَنقض وضوءه بلمس المرأة أو حتى بالإعتذار اليها.
وإذاً، دلفتُ إلى ذلك السوق ذي السقف المشغول بجريد النخل، لأنتعش فوراً بما يشيع فيه من الرطوبة. مداخل عديدة تتوالى، وكلّ منها يؤدي إلى سوق أصغر وأكثر تخصصاً. ألِجُ عبرَ أحد المداخل، التي تنفتح على الرحبة الكبيرة. ما أن تمشيتُ بضع خطوات ثمة، حتى هفّتْ في أنفي الروائحُ العَبِقَة لمحلات العطارة، المتراصفة على الجانبين. ثم أسيرُ باتجاه مدخلٍ آخر، ليقودني إلى سوق الزرابي ( السجاد ). الأبسط البربرية الكبيرة الحجم، الرائعة النقوش والألوان، تتدلى على الجدران الخارجية للمحلات. أدورُ لدقائق في متاهة دروب هذا السوق، لأراني مجدداً في الرحبة الكبيرة. في وسطها، تتكوّم المشغولات التقليدية وبالأخص قبعات الرأس العديدة الأنواع، وجميع الباعة هنا من النساء. عند خروجي من الرحبة، أتلقى تحية معتادة من أحد البائعين: صديق لي، يقيم قريباً من مدينتي السويدية، كان قد تموّن من هذا المحلّ بخلطة من الأعشاب المُطيّبة للشاي، علاوة على أنواع من الأصبنة للحمّام. إلا أنّ العشبة، التي زعمَ البائعُ أن مفعولها أقوى من الفياغرا، خيّبتْ أملَ صديقنا تماماً.

3
اليوم ظهراً، شاءَ ابني الصغير ( ستة أعوام ) أن يُرافقني إلى المدينة. ما أن أنزلنا التكسي عند مدخل شارع البرنس، إلا ويُذكّرني بأن ثمة محلاً قريباً لبيع ألعاب الأطفال. ثمّ لم يلبث أن قادني بنفسه إليه، يداً بيد. بعدما انتقى لعبته ( تراكتور كبير نوعاً ) وسددنا ثمنها، تابعنا مشينا باتجاه حديقة منارة الكتبية. هناك، أضحى الأفندي خبيراً بالأشجار والأزهار وصار يسمّي بعضها كيفما اتفقَ وجرى على لسانه. فمثلاً، أشارَ إلى الصبّار ( الكاكتوس ) قائلاً بالسويدية وقد أختلط عليه الاسم الحقيقي : " هذا كوكوس نوتّر !".
كان الجوّ شديد الحرارة، مُقارنةً بالأيام القليلة السابقة. على ذلك، اتجهنا هذه المرة إلى حديقة مولاي عبد السلام. كان ثمة كشك عند مدخل الحديقة، اشتريتُ منه آيس كريم لصديقي الصغير. وكالعادة، كان المكانُ مزدحماً بالمتنزهين وخصوصاً الشباب والصبايا. جلسنا في بقعة ظليلة، تحت الأشجار الهائلة الارتفاع. مقابل مجلسنا، كان يوجد بركة مياه كبيرة ذات نوافير عديدة، ينبثق في كلّ من أركانها الأربعة شجرة برتقال. بعد ذلك، تمشينا قليلاً في ممرات الحديقة. حاذيتُ أشجار الرمان، فرحتُ أمدّ يدي للمس ثمارها. كانت الثمار خضراً بعدُ، محتفظةً ببتلاتها الحمراء. شجرة تين كبيرة، طالعتنا على الأثر وكان يجلس في فيئها عددٌ من السيّاح. أبني، راحَ يقلّدني فيشمّ رائحة أوراق التين. وإذا به يعثر على ثمرة ناضجة بين أخواتها الخضر. حينما هممتُ بقطف الثمرة، فإنه هتفَ بي مُحذراً: " الحارس هنا، وممكن يستدعي البوليس!! ".



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفصل الأول: 7
- الفصل الأول: 6
- الفصل الأول: 5
- الفصل الأول: 4
- الفصل الأول: 3
- الفصل الأول: 2
- الرواية: الفصل الأول
- سيرَة أُخرى 35
- تخلَّ عن الأمل: 7
- تخلَّ عن الأمل: 6
- تخلَّ عن الأمل: 5
- تخلَّ عن الأمل: 4
- تخلَّ عن الأمل: 3
- تخلَّ عن الأمل: 2
- تخلَّ عن الأمل: 1
- الرواية: استهلال
- سيرَة أُخرى 34
- احتضار الرواية
- فاتن حمامة والزمن الجميل
- أقوال غير مأثورة 6


المزيد.....




- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - سيرَة أُخرى 36