أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - الإعلان الأساسي .. يا للي عطشان وناسي !














المزيد.....

الإعلان الأساسي .. يا للي عطشان وناسي !


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 5216 - 2016 / 7 / 7 - 19:30
المحور: الادب والفن
    


في 1960 بدأ التلفزيون المصري بث برامجه. في حينه كان ذلك اختراعا مذهلا، أن تكون" السينما" في بيتك، وأنت جالس، ومجانا! قبل التلفزيون كنا نتردد على سينما الشرق المجاورة لبيتنا بالسيدة زينب، وكانت تمتاز بأن رائحة مراحيضها تهب وتغطي الشرقين زاحفة إلي الغرب الاستعماري فلا يفكر مجرد التفكير في غزو بلادنا التي تنبعث من قاعات الفن والحضارة فيها هذا العطر. ما بالك بالأماكن الأخرى؟! بظهور التلفزيون قل ترددنا على "الشرق" الفواح، وصرنا نجلس مع أمي على الأرض في صالة بيتنا ونبحلق في الجهاز الذي بدا في عليائه على التسريحة معبودا مقدسا. كنا نغطيه بقماشة، وننفض التراب عنه في ذهابنا ورجوعنا من المطبخ، ثم نبتهل إلي الله قبل النوم أن يحفظه ويصونه. حينذاك كانت ساعات الإرسال محدودة، ولم يكن هناك من إعلانات سوى واحد مازلت أذكره عن سوء استخدام المياه وفيه تتهادى كالبطة سيدة بدينة تخارج من المطبخ على إيقاع راقص"ست سنية .. سايبة المية .. ترخ .. ترخ .. من الحنفية"! وكان هناك إعلان آخر عن التأمين على الحياة، ومسلسلان واحد أجنبي، والثاني مصري هو" هارب من الأيام" ظهر في 1962بطولة عبد الله غيث الذي كان يهرب من الأيام – لا أدري ولا أذكر إلي أين أو لماذا- يهرب بالشهور فلا يقطع عليه هروبه الطويل الملل إعلان واحد. كانت الاعلانات قليلة، مهذبة من حيث الفكرة و اللغة والتجسيد. لم نر الاعلانات الصارخة التي تقدس الثروة وتمجد المال والقدرة على شراء الفيلات والتنعم بالمنتجعات وما شابه. كانت الاعلانات بشكل أو بآخر جزءا من سياسة نظام يسعى للتنمية وينفر من الكماليات. ثم أخذت الاعلانات تصبح حرفة ومصدر ثروة للتلفزيون والشركات والأفراد. هذا العام قدر الخبراء حجم الاعلانات الاقتصادي في شهر رمضان بنحو مليار جنيه! وبلغ سعر دقيقة الاعلان في القنوات ستين ألف جنيه وأكثر! معظم الاعلانات ألحت بسماجة وقلة ذوق على شراء الفيلات ذوات الحديقة والحديقتين والمسابح وهلم جرا، وذلك في مجتمع يعيش نحو ثلاثين بالمئة منه تحت خط الفقر، ولا يسع إلا القلة القليلة جدا الترفيه عن نفسها بالنعيم المعلن عنه. وتضع الاعلانات المشاهد في وضع الانسان الغبي الذي لا يدرك مزايا الفيلات بأسئلة سخيفة من نوع:"ولماذا لا تشتري فيلا بحديقتين؟ ألم تخطر الفكرة ببالك؟! ألم تكن تعلم؟". كأن مشكلة الفقرء أنهم أغبياء لا تخطر على عقولهم الأفكار الذكية! وتذكرني تلك الاعلانات بترسو سينما الشرق، حيث كنا نجلس على دكة طويلة غارقين في الحر ورائحة المراحيض والجوع، فيمر في تلك الأثناء بائع " كوكاكولا" مثلجة ينادي:"ياللي عطشان وناسي"! كأنما مشكلتنا أننا ننسى! وليس أننا مفلسون! لماذا لا يفكر أصحاب الاعلانات الصارخة في طريقة أخرى: انشاء مدارس ومستشفيات بهذا المليار جنيه ونقش أسماء شركاتكهم ومنتجعاتهم على جدرانها؟ هذا أيضا إعلان لكنه مفيد لكم وأيضا للناس. يبقى الاعلان الأساسي الموحد خلف كل الاعلانات الجارية: إعلان ضخم عن دولة الفوارق الطبقية الصارخة! حيث انعدم ضمير القلة عديمة الضمير والثقافة واللباقة والتي لم تعد تخجل بعد أن نهبت الثروة من التباهي بمتعها أمام الفقراء والجوعى وأطفال الشوارع. وقديما قال على بن أبي طالب رضي الله عنه " ما جاع فقير إلا بما تمتع به غني"!
د. أحمد الخميسي. كاتب مصري



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لن أكتب هذا المقال !
- جو كوكس .. اقتلاع الزهرة
- كله جايز .. في ثقافة الجوايز !
- عن العلم والأدب مجددا
- جراحة - قصة قصيرة
- رحلة للحكومة للتعرف إلي الشعب
- لغة الجرائد
- تفاصيل الموت والحياة
- - اتصال - قصة قصيرة
- تيران وصنافير .. وحرية التعبير
- صحافتنا المصرية تاريخ من الحرية
- صياد الأرواح
- عدمية وخراب الأدب الصهيوني
- لحظات لن يغغر فيها الوطن الصمت .. حول جزيرتي صنافير وتيران
- تمثال للأم الشجاعة
- علاء الديب .. شجن الوحدة والاغتراب
- طوب علينا يارب
- حاكموا الوزير أو أفرجوا عن أطفال المسيحيين
- من تنوير العقل إلي تنوير الشعور
- يهدمون بيت أحمد رامي في القاهرة!


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - الإعلان الأساسي .. يا للي عطشان وناسي !