أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كامل حسن الدليمي - الاغتراب في شعر حسين حسان الجنابي















المزيد.....

الاغتراب في شعر حسين حسان الجنابي


كامل حسن الدليمي

الحوار المتمدن-العدد: 5216 - 2016 / 7 / 7 - 05:54
المحور: الادب والفن
    


الاغتراب في شعر حسين حسان الجنابي
قراءة في مجموعتة الشعرية (إلى أين)
من الأغراض الشعرية التي تناولها الشعراء عموما ( الاغتراب الروحي ) الناجم عن تردي الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية مما يثير الشجن في نفس الشاعر فيحول قصائده لبكائية مرّة تستثير تعاطف المتلقي خصوصا على المستوى المحلي ، فإذا كان الشاعر معبرا عن لسان حال الطيف الأكبر ممن يعانون ذات الغربة لكنهم غير قادرين عن التعبير عنها فيتحول إلى جزء منهم بالشكل الذي يخوله الحديث بلسانهم فيوظف الشعر في خدمة قضايا المجتمع وتعقب همومه ، والشعراء عبروا عن عواطف أضناها الحزن على مصير الوطن وشيوع الظلم والاضطهاد بين طبقات المجتمع (طبقة متسيدة حاكمة ، وطبقة مدقعة الفقر محكومة)، وما أقسى الاغتراب داخل الوطن.
وقد أملت هذا اللون من الشعر على مدار تاريخ الأدب العربي عوامل كثيرة، من أهمها شعور المواطن بالاستلاب ماديا ومعنويا من قبل ثلة حاكمة وشيوع الجور والاضطهاد والإقصاء ومجهولية المصير ووجد الشعراء أن أقسى اغتراب ما يشعر به المرء وهو في وطنه فمن جيوش غازية محطمة للنسيج الاجتماعي والقيم الأخلاقية إلى مشاهد الخراب السائدة في ظل سلطات لاتهمها من أمر الوطن شيء .
وقد عرفت هذه الموضوعات عند أدباء العربية بشعر الحنين إلى الوطن في الحالتين معا ( البعد عنه والغربة ، أو الشعور بالاغتراب في داخله )، وللجاحظ رسالة فيه معروفة، نشرت ضمن ما نشر من رسائله.
إن التوجع على وطن كالعراق هو نزف روحي دائم والبكاء على بغداد حاضرة العرب وجمجمة الإبداع يعني الكثير عند الشعراء وحسين حسان الجنابي لا يجد اللذة في القصيد إلا حين يواسي الوطن ويبكيه بمرارة ويسجل للتاريخ حقائق من واقع الحياة اليومية ومن مشهدية الظلم والقسوة التي اوغلت في كل مجالات العيش قسوة على التاريخ والإرث والحضارة التي كانت بغداد ولم تزل منبعها عبر العصور يقول في نص (درة الزمان) مخاطبا :

لا لن يموت اللحن والإنشاد
ومداده عبر المدى بغداد
بلد الحجا والنور ملء ربوعها
وعلى ثراها كم سمت أمجاد...ص20
ينفتح النص على دلالات مختلفة (لن يموت اللحن والإنشاد) هو حكي مباشر في معناه الأول واضح الدلالة ليس بحاجة لأي تأويل .
أما البحث عن الدلالة الحقيقية التي استهدفها الشاعر (حسب لغة بورس) تأتي على مظهرين مباشر مرئي من خلال الواقعة التي تنفي موت اللحن والإنشاد وهذا ما شكله- المعنى الظاهر للواقعة .
والمظهر المضمر قد يكون( الوطن ، البهجة والسعادة ، الأمن والسلام ، الشعر ،الفن ...) أي من خلال الواقعة المباشرة إنتاج دلالة جديدة تلبس الواقعة ثوبا جديدا وتظهرها بمظهر اشمل على أن تكون لها امتدادات للواقعة المباشرة غير مقطوعة عنها ، وهنا يجب إرساء قاعدة يتم وفقها التحيين وبناء كيان الواقعة من جديد. وعلى اية حال فان التأويل باعتباره نشاطا يتكفل بإعادة تنظيم العناصر وفق منطلقات دلالية خاصة - هو العودة بالعناصر إلى أصلها الأول والبحث داخلها عما يخلق فهما مؤولا آخر للحدث يتعقب المعاني التي تختبئ وراء المباشر .
وبناءً على ما تقدم فان القراءة المباشرة ( لن يموت اللحن والإنشاد) لن تتوقف الحياة في بغداد كما تريد لها قوى الشر والظلام، وإذا ما بحثنا في المفردات عن دوال جديدة أخرى فستتوالد التأويلات وفقا للسياق العام الذي جاء عليه النص .
ويمكن قراءة النص قراءة جديدة انطلاقا من حملات التجهيل والتخلف القصدي الذي تعرضت له بغداد بما تحمل المدينة من رمزية ، ومحاولات الإساءة إلى تراثها الأدبي والفني من أدعياء حاولوا جاهدين طمس معالم الجمال من خلال فرض القيود على النشاط الحياتي الطبيعي للانسان وإلغاء التنوع الفكري والثقافي وتحويل اهتمام المجموع لما يحقق أهدافهم ، ويبقي فضاء الجهل مخيما على العقول حتى تتحول القلوب بمرور الزمن الى بلقع لا تنبض بالمحبة عروقها.
لكن الشاعر يبشر بأن بغداد لن تقهر ولا تتقهقر بهذه السهولة وتظل قبلة للجمال ورأسا للإبداع مثلما كانت من قبل وستبقى والذي سيزول حتما تلك الثقافات المتطرفة والهجينة ، وليس من الإنصاف أن تتحول العاصمة لمعبد كبير لكهنة العصر.
ويتضح هذا المعنى جليا ويعطي المزيد من الدلالات ويؤكد ما ذهبنا اليه بشكل أكثر جلاء فيقول:
ماهمًّ واحدهم أن يرتمي وطن
بين المجاهيل في شح وتقتير
رباه لا نرتجي منهم ولا بهم
خيرا وقد أسفروا عن طبع مسعور
شادوا المقاصير من دمع ونازفة
والشعب في حالك يحيا وديجور...ص66
البعد الزمني في نصوص الجنابي :
اشتغل الشاعر على الزمن وفقا للثنائية التي تألف منها وهي :
1- الزمن ( ماض وحاضر ومستقبل) .
2- الزمن ( ساعات وأيام وأسابيع وشهور وفصول وسنين) .
ووفقا لهذا التقسيم لابد من البحث عن زمن الشاعر الذي عمد على توظيفه في النص لنتمكن من إدراك ماهية الزمن المقصود ومنه نحدد الإطار العام للنص فيما لو كان استعادة واستحضارا للتاريخ وهذا ما تشير إليه الأفعال الماضية الواردة في المتن الشعري (يرتمي ، نرتجي ، أسفروا ،شادوا،يحيا) ان العودة للماضي واستحضاره يعبر عن سوداوية الحاضر والتباسه وقد جاء استخدام الزمن الماضي مرتين ، أما المضارعة فقد وردت ثلاثة مرات وهي تعبير عن بقاء حالة الفوضى والاضطراب واستمرارها .
أصبحت قضية الزمن لعبة هذا العصر وأساس حضارته وتفسيرا لما فيه من مظاهر متناقضة كما يذهب لذلك الصائغ في كتابه الزمن عند الشعراء والذي عول عليه كثيرا في عملية التأويل ومحاولة التحليل الموضوعي لاستخداماته .
وإذا كان من أهمية للزمن الشعري فإنها تشكل ركنا من اركان الروي مهما كان نوعه ، ومن غير الممكن إهمال الزمن الذي يتحرك من خلاله النص الشعري لما يشكله من أهمية في فهم النص الشعري.
ويتضح ( الزمكان ) جليا في نصوص الجنابي في قصيدة ( الدستور) لان هذا النص يشير صراحة للمكان والزمان معرجا على ما خلفه من مأساة لا تنتهي إلا برفضه جملة وتفصيلا يقول:
ما حلّ ويل بيننا وثبور
إلا وشرع فعله الدستور
وهم وسوقه الغلاة لغاية
مشبوهة وأجازه الجمهور
أس البلاء بنوده ونقاطه
وبه أُضِيعَ الخيط والعصفور..ص89
ولا أجلى من ذلك هي إشارات واضحة لما جلبه دستور عام(2005) من ويل وثبور على العراق وأهله وانه قد شكل خيبة كبيرة وصار عقبة في طريق أي تقدم إلى الأمام بفعل ما أورده من عراقيل .
ولو بحثنا عن ثنائية الزمان والمكان لما كلفنا ذلك المزيد من العناء فالمكان هو العراق والزمان بعد عام 2003م والحالة التي يتحدث عنها الشاعر فساد هذا الدستور واعتباره احد الأسباب المعطلة لأي عمل من شأنه الارتقاء بالحياة .
وليس بالإمكان استعراض المجموعة بكل نصوصها ولا من اليسير القراءة الشاملة لما ورد فيها من جماليات تعبر عن قدرة الشاعر في إعطاء المزيد مما هو ابلغ ليس في الغرض الذي جاءت عليه المجموعة، بل بجميع الأغراض الشعرية لأنه يمتلك الأدوات المؤهلة والمستلزمات التي لا غنى عنها لأي شاعر .



#كامل_حسن_الدليمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طفل البحر
- شرائع الوجاء
- محمد كاظم ومنى يقظان وعالم الطفولة
- عالم الواسطي وسرية البوح
- يوميات مريض
- عين على داغستان وقلب في بغداد
- رحلة مع شاعر
- الدين بين الشعبوية والنخبوية
- معلم النزاهه
- دريد الوسخ
- سكينه أم الكيمر
- بغدادية بلا زيف
- قراءة في كتابالهيرمينوطيقيا ...
- مواسم المطر
- معارك اللسان
- ذياب شاهين بين المرأة والوطن
- إمارة البنفسج
- قراءة في مجموعة صادق الطريحي
- مصائد المغفلين
- قتل أباه وكبّر


المزيد.....




- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كامل حسن الدليمي - الاغتراب في شعر حسين حسان الجنابي