أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - معتز حيسو - إلى اليمين دُرْ














المزيد.....

إلى اليمين دُرْ


معتز حيسو

الحوار المتمدن-العدد: 5215 - 2016 / 7 / 6 - 15:19
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



قبل نحو قرن من الآن، ربط زعيم الثورة البلشفية فلاديمير لينين انتصار الثورة الاشتراكية وتجاوز الأطر القومية بنهوض العمال في الدول الأوروبية الأكثر تطوراً، وبشكل خاص بريطانيا وألمانيا. لكن ذلك لم يحصل، فانتصرت الرأسمالية مقابل انحسار الاشتراكية المحققة في دول معينة، قبل أن تتداعى مطلع التسعينيات من القرن المنصرم. قبل ذلك رأى كارل ماركس أن الميول العامة الأساسية والكلية لرأس المال، التوسعية منها والاحتكارية، سوف تساهم في توحيد الكيانات السياسية، وتحطيم الحدود الجغرافية وتجاوز الأطر القومية وصولاً إلى صهرها ضمن اتحادات اقتصادية كوزموبوليتية.
وبالفعل نشأت اتحادات دولية تجاوزت، بأشكال مختلفة، كثيراً من القضايا المتعلقة بالقومية. وبفعل الثورة الصناعية وفي سياقها التراكمي، نشأت كيانات واتحادات اقتصادية تجاوزت الحدود الجغرافية القائمة على أسس قومية («منظمة التجارة العالمية»، «بريكس»، «آسيان»، اتحاد «اليورو»، «النافتا»..)، إضافة إلى شركات عملاقة عابرة للحدود والقوميات. وقد تعاظمت التحولات المذكورة مع تحوّل رأس المال الإنتاجي إلى رأس مال مالي، فكانت تعبيراً عن سعي رأس المال المعولم لاختراق الحدود والجنسيات بأشكال اشتغال ومستويات متعددة ومختلفة، وأحياناً متناقضة، نظراً لبنيته الداخلية القائمة على التناقض.
ويلاحظ المتابع أن ظاهرة إنعاش دور الدولة القومية تجلّى بوضوح العام 1929 على أثر أزمة الكساد العظيم. لكن بعد العام 1970، تمّ الاشتغال على تمكين سياسات اقتصادية نيوليبرالية قطعت مع السياسات الكنزية وتموضعات الدولة القومية. ثم، مرة أخرى، تمّ استنهاض دور الدولة لمواجهة تداعيات الأزمة المالية العام 2008.
وفي المحصّلة، لم تتمكّن التجارب السابقة، وكذلك التجربة السوفياتية، وأيضاً الممارسات القبيحة لرأس المال العابر للحدود والجنسيات، من إخماد جذوة الأيديولوجيا القومية والعرقية والدينية. فكانت بين فترة وأخرى تظهر حركات تدعو إلى إعادة إنتاج الدولة القومية سياسياً (انفصال بعض الجمهوريات عن الاتحاد السوفياتي مثلاً). أما تجليات ذلك اقتصادياً، فقد عُرفت بالاقتصاد المتمحور حول الذات، وأقرب مثال على ذلك التجربة الصينية، إضافة إلى نشوء تكتلات اقتصادية تحمل ملمحاً قومياً. أما على المستوى الديني، فقد ظهرت تجليات متعددة ومختلفة في أفغانستان وإيران والجزائر وحالات أخرى، أوروبية وعربية.
من حيث المبدأ، يتقاطع خروج بريطانيا سياسياً من الاتحاد الأوروبي مع بعض التجارب المذكورة. لكن على المستوى الاقتصادي، يبدو أن التحوّلات اللاحقة لهذا الخروج ستكون مختلفة نسبياً. علماً أن القيام حالياً بدراسة منهجية لأسباب وتداعيات قرار عودة البريطانيين الشكلاني إلى جزيرتهم المعزولة، فيه صعوبة كبيرة، ويحتاج إلى مراكز بحثية متخصصة. ومن المعلوم أن بريطانيا كانت على الدوام رمزاً للسياسات الاستعمارية والإمبريالية التوسّعية. وكان ذلك يُعبِّر عن ميول رأس المال الصناعي بداية والمالي لاحقاً. وذلك يحمل دلالة تفيد بأن البريطانيين يمتلكون المقدّرة، بناء على إرثهم السابق، على إعادة ترتيب قضاياهم الاقتصادية وسياساتهم النقدية والمالية، فضلاً عما يتعلّق بالاستثمارات بأشكالها كافة. أما سياسياً، فإن خروج بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي يمكن أن يُكسب البريطانيين مزيداً من الاستقلالية في السياستين الخارجية والداخلية.
وفي هذا السياق، يشكل القرار البريطاني بالنسبة إلى أنصار العولمة مخالفة صريحة للسياسات التي دأبت على تحويل العالم إلى قرية كونية تخدم مصالح كبار المستثمرين والشركات العملاقة، فضلاً عن صندوق النقد والبنك الدوليَين. وجميعها كان له دور في إفقار الشعوب، وتهديم دول ومجتمعات. ومن المرجّح أن تتأثر بالقرار البريطاني دول أوروبية وغير أوروبية. بمعنى أن القرار سيفتح الأبواب أمام حكومات وأحزاب وشخصيات يمينية، لإنعاش خطاب قومي يمهّد طريق العودة إلى كنف الأطر القومية. ومن المرجّح أن يدعو كل من أيرلندا الشمالية واسكتلندا إلى استفتاء للانفصال عن بريطانيا، علماً أن المقاطعتين تعتزمان الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي في حال حصولهما على الاستقلال. وثمة من لا يستبعد أن يحذو حذو بريطانيا مستقبلاً كل من هولندا، اليونان والبرتغال وإيطاليا، خصوصاً في حال عانت من أزمات اقتصادية ناتجة عن تفشي مظاهر البيروقراطية وتغوّل أصحاب الرساميل والشركات، إضافة إلى سياسات جائرة تفرضها الدول الأكثر تطوراً ضمن الاتحاد، وجميعها حوّلت أعداداً كبيرة من الأوروبيين فقراء، لكن ليس بمقياس الفقر العربي.
أخيراً، من المتوقع أن يساهم القرار البريطاني وتداعياته المرتقبة، في تحجيم المدافعين عن قدرة رأس المال المعولم على تذويب الأطر القومية وإلغاء الحدود الجغرافية. ما يعني أننا سنشهد في الأعوام المقبلة تحولات سياسية واقتصادية ومالية على درجة من الأهمية. ولن تكون تأثيراتها مقتصرة على الدول والحكومات الغربية، لكن ستطال بلداننا بأشكال وآليات مختلفة، ولذلك علاقة مباشرة بطبيعة أنظمتنا السياسية ومستوى تخلفنا.



#معتز_حيسو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تصعيد الحرب السورية
- ... عن مصير السوريين وشكل دولتهم المستقبلية
- سوريا على عتبة انهيار الدولة
- السوريون أمام أبواب الجحيم
- الصحافة وتحديات التغيير: هل تختفي النسخة الورقية كلياً؟
- في تحوّلات طبيعة الطبقة العاملة السورية وتركيبتها
- مقدمات انهيار الدولة المركزية في سوريا
- من تداعيات الأزمة السورية
- بحث في الهويات: العدميات القاتلة
- سوريا: مقاربات ودلالات
- المعارضة السورية وإشكالية التمثيل السياسي
- نهايات مأزومة
- فقراء سوريا: ضحايا معارك صامتة
- في رثاء الشرق الأوسط
- في نقد السلطة الأبوية
- سوريا والمعادلة الصفرية
- في سياق تحويل الشعب إلى جمهور
- سوريا: مفارقات وتحولات
- عتبة الخيارات القسرية
- في سوريا: جحيم من نوع آخر


المزيد.....




- ماذا قال الجيش الأمريكي والتحالف الدولي عن -الانفجار- في قاع ...
- هل يؤيد الإسرائيليون الرد على هجوم إيران الأسبوع الماضي؟
- كوريا الشمالية تختبر -رأسا حربيا كبيرا جدا-
- مصدر إسرائيلي يعلق لـCNN على -الانفجار- في قاعدة عسكرية عراق ...
- بيان من هيئة الحشد الشعبي بعد انفجار ضخم استهدف مقرا لها بقا ...
- الحكومة المصرية توضح موقف التغيير الوزاري وحركة المحافظين
- -وفا-: إسرائيل تفجر مخزنا وسط مخيم نور شمس شرق مدينة طولكرم ...
- بوريل يدين عنف المستوطنين المتطرفين في إسرائيل ويدعو إلى محا ...
- عبد اللهيان: ما حدث الليلة الماضية لم يكن هجوما.. ونحن لن نر ...
- خبير عسكري مصري: اقتحام إسرائيل لرفح بات أمرا حتميا


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - معتز حيسو - إلى اليمين دُرْ