أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جورج حداد - الفاشية التركية الى مزبلة التاريخ















المزيد.....

الفاشية التركية الى مزبلة التاريخ


جورج حداد

الحوار المتمدن-العدد: 5214 - 2016 / 7 / 5 - 00:10
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يوما بعد يوم تتكشف اكثر فأكثر خطورة الدور التركي في الاحداث المصيرية الجارية خصوصا في منطقة الشرق الأوسط، والتي بدأت مع ما سمي "الربيع العربي".
ولا يغير شيئا في جوهر هذا الدور اضطرار الرئاسة التركية أخيرا الى الاعتذار المتأخر عن الاسقاط الغادر للطائرة الحربية الروسية قرب الحدود التركية وقتل الضابط الطيار الروسي الذي هبط سالما بالمظلة وكان من سوء حظه ان وقع في ايدي بعض الإرهابيين عملاء اردوغان من التركمان السوريين، فقتلوه غيلة وغدرا عملا بمشيئة السلطان التي هي والداعشية صنوان متشابهان كقرني الشيطان.
بل ان هذا الاعتذار المتأخر ليس سوى محاولة يائسة وبائسة للتظاهر ان القيادة "الفاشية العثمانية الجديدة" لتركيا ستغير سياستها. والقيادة الروسية ليست من السذاجة انها "صدقت" المسرحية الاردوغانية الجديدة، القائمة على الكذب، بل هي تظاهرت بتصديقها وتقوم بمسايرتها شكليا لابتزازها وفضح ديماغوجيتها وكذبها في نهاية المطاف.
الغباء السياسي والخيانة الوطنية
وللأسف ان بعض الشخصيات والتنظيمات المعارضة للأنظمة التي تم استهدافها بـ"الفوضى البناءة" الأميركية حتى الان، وهي شخصيات وتنظيمات كانت معروفة بالليبيرالية والقومية واليسارية وحتى الشيوعية، قد اضطلعت بدور الغطاء السياسي للنظام التركي الاردوغاني، الذي قـُدم للرأي العام العربي والعالمي على انه نظام "إسلامي" تقدمي منفتح داعم للقضية الفلسطينية وصديق للشعوب العربية وحركة "التغيير" الجارية تحت يافطة "الربيع العربي". وهذا يدل على ان هذه الشخصيات والتنظيمات ليست غبية وحسب، بل هي غارقة حتى قمة رأسها في الخيانة الوطنية وخيانة المبادئ التحررية التي كانت تنادي شكليا بها.
النباح ضد روسيا والمدائح لتركيا واميركا
وبلغت المهزلة حدا ان الذين كانوا يتسابقون لكسب رضا الباب العالي الاردوغاني، او حتى الذين كانوا يصمتون عن دوره في دعم الإرهاب "الاسلاموي" الداعشي، يتسابقون الان في رفع عقيرتهم ضد الاحتلال (!!!) الروسي لسوريا، ولا يجدون كلمة سلبية واحدة يقولونها عن تركيا الاردوغانية واميركا.
التدخل الروسي يفضح كل مستور
ولكن مع بداية التدخل العسكري الجوي الروسي ضد التنظيمات الإرهابية في سوريا، في 30 أيلول 2015، بطلب من السلطة الشرعية السورية، بدأ الدور التخريبي، الإرهابي والعدواني، التركي، ينفضح تماما. فقد رأى العالم اجمع الصور التي بثتها أجهزة المراقبة الجوية والفضائية الروسية التي كشفت حشود الإرهابيين الداعشيين والنصراويين وحتى الصبراويين (نسبة الى جورج صبرا) الذين كانوا يتجمعون على الحدود التركية، لينطلقوا منها لنهش سوريا والعراق. كما رأى العالم صور ارتال الصهاريج التي كانت تنهب النفط السوري والعراقي وتذهب للتفريغ في تركيا، والتي كانت تمتد بخطوط لا تنتهي من عمق الأراضي السورية والعراقية الى داخل الأراضي التركية، وهو ما لم تكن تره أجهزة الرصد الأميركية واخواتها. ولكن امام الوقائع التي لا يمكن لاحد نكرانها تأكدت الحقائق التالية:
تركيا المقر والممر الرئيسي لداعش واخواتها
ـ1ـ ان تركيا اضطلعت بدور القاعدة الأساسية لتجميع وحشد العناصر الإرهابية من مختلف البلدان العربية والبلدان الإسلامية "السوفياتية" السابقة وجميع بلدان العالم الأخرى. وعلى الأرض التركية تم تمويل وتدريب وتسليح وتنظيم صفوف مختلف المنظمات الإرهابية وبناء هيكلياتها العسكرية والسياسية و"الاجتماعية" والإعلامية، وضبطها وربطها بقيادتها العليا الفعلية المتمثلة بالقيادة التركية بزعامة رجب طيب اردوغان شخصيا.
السلطان رجب طيب ردوغان
ـ2ـ ان الهجوم واسع النطاق الذي شنته جحافل المنظمات الإرهابية منذ اكثر من سنتين على سوريا والعراق وليبيا والذي أعلنت على اثره "الخلافة" وتشكيل "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش)، انما انطلق من الأراضي التركية بالذات. واشرف على قيادة هذا الهجوم وإعلان "الدولة الإسلامية" رجب طيب اردوغان شخصيا، مما دفع رئيس الوزراء السابق محمد داود اوغلو (صاحب شعار: "صفر مشاكل مع دول الجوار") الى تقديم استقالته، بعد ان تدخل الطيران الروسي، واتضح تماما الأفق المسدود لمشروع "داعش" الذي كانت تدعمه اميركا سرا وعلنا، وأخيرا اضطرت الى التخلي عنه، دون التخلي عن العلاقات المميزة مع تركيا ودون التخلي عن المنظمات الإرهابية، بل التخلي فقط عن عنوان "داعش" والايعاز لعناصر داعش بالانضمام الى المنظمات الإرهابية الأخرى "المعتدلة".
فشل خطة إقامة "المنطقة العازلة" لحماية المنظمات الارهابية
ـ3ـ لقد استخدمت تركيا حدودها البرية الطويلة مع سوريا والعراق، لاطلاق الهجمة "الداعشية" المستمرة الى الان، تحت اسم شتى المنظمات الإرهابية "القديمة" والجديدة. وبذلت تركيا كل جهدها لاجل شرعنة وجود "منطقة عازلة" (منطقة امان) من الأراضي السورية على الحدود مع تركيا، بحجة تجميع وحماية اللاجئين، والواقع انه كان يراد تحويل المنطقة العازلة الى معسكر كبير للمنظمات الإرهابية التي تتخذ اللاجئين المدنيين كدروع بشرية تحتمي بها من ضربات الطيران الحربي الروسي والسوري. ومع ان اميركا وكتلتها كانتا تؤيدان هذا الاقتراح التركي، الا انه اجهض قبل عرضه على مجلس الامن الدولي، بفعل الموقف المعارض، المنطقي والحازم، من قبل روسيا وحلفائها.
العدوان على ليبيا ومصر انطلاقا من تركيا
ـ4ـ وبتنسيق كامل مع إسرائيل والاسطول السادس الأميركي، استخدمت تركيا شواطئها وقواعد الجيش التركي الذي يحتل شمال قبرص، من اجل نقل الاف المقاتلين من "داعش" مع كامل أسلحتهم ومعداتهم ودباباتهم ومدفعيتهم والاف سيارات الدفع الرباعي، وانزالهم على الشواطئ الليبية الطويلة، بهدف السيطرة على منابع النفط ايضا. وتم كذلك انزال "وحدات خاصة" إرهابية في سيناء للتصدي للجيش المصري ومنعه من الاستقرار في شبه جزيرة سيناء، وكذلك تسريب الإرهابيين ولا سيما الانتحاريين الى داخل الأراضي المصرية، لإشغال الجيش المصري وزعزعة الاستقرار في مصر وتعطيل دورها القيادي العربي.
عائلة اردوغان شريكة في نهب النفط
ـ5ـ بتوجيه واشراف مباشر من الرئيس رجب طيب اردوغان، تم تنظيم العملية واسعة النطاق التي استمرت شهورا طويلة لنهب النفط من سوريا والعراق ونقله الى تركيا، التي كانت تتولى تسويقه دوليا. وقد اكدت وسائل الاعلام ضلوع عائلة رجب طيب اردوغان بالذات في تجارة النفط المنهوب. وقد وفر نهب النفط أموالا طائلة لدولة داعش وبقية المنظمات الإرهابية وجميع العملاء والمرتزقة الذين تاجروا بدماء وارواح الشعب السوري. وهذا ما يفسر لنا انه حتى السيدة مرح البقاعي وامثالها من المثقفين السوريين الديمقراطيين المزيفين ظلوا يتشدقون بالحديث عما يسمى "الثورة السورية" و"فساد نظام الأسد" الذي، حسب زعمهم، هو الذي أوجد "داعش"، دون ان يقولوا لنا: اذا كان النظام السوري هو الذي اوجد داعش، فلماذا هم لا يحاربونها، بل ينضوون تحت لوائها ويقبضون منها ويتسلحون منها ويحتمون بها وتحتمي بهم. وعلى امتداد اشهر طويلة، عشيت ابصار أجهزة الرقابة والرصد التابعة لما سمي "التحالف الدولي" بزعامة اميركا عن رؤية قوافل الصهاريج التي تنقل النفط المنهوب. ولم تجد ابواق "الثورة السورية" ما تتحدث عنه بهذا الخصوص.
الغدر التركي بالطائرة الروسية
ولكن حينما كشف الطيران الحربي الروسي هذه العملية وضربها، بدأ على الفور يتعالى النباح ضد "الاحتلال" الروسي والادعاء بأن الطيران الروسي يقصف المدنيين السوريين. كما قام الطيران الحربي التركي، بالتواطؤ مع الاميركيين، بالغدر بإحدى الطائرات الروسية والقتل الخسيس للضابط الطيار الذي هبط سالما بالمظلة، من قبل الإرهابيين التركمان الذين وقع بين أيديهم. وهو ما وضع الجيشين الروسي والتركي على حافة الحرب المباشرة والمكشوفة بينهما. ولكن القيادة الروسية أبدت من ضبط النفس ما مكنها من تفويت الفرصة على قيادة اردوغان من التباكي والتظاهر بالدفاع عن النفس وعما يسمى "العالم الإسلامي".
الغضب الروسي آتٍ
الا ان الرد الروسي على العدوان التركي بدأ بالقطيعة الاقتصادية مع تركيا. وهو ما ستتبعه خطوات متتالية، بالتعاون مع جميع أعداء الفاشية التركية التاريخيين وأصحاب الحقوق المشروعة لدى تركيا، من ضمن مخطط "طويل النفس" لإفقار وإضعاف وتفكيك الدولة التركية قبل توجيه الضربة القاضية عسكريا لهذه الدولة الفاشية التي كان اعتراف روسيا والعالم بها بعد الحرب العالمية الأولى، كالاعتراف بإسرائيل بعد الحرب العالمية الثانية، خطأ تاريخيا ينبغي تصحيحه.
XXX
ان هذه الحقائق المثبتة بالوقائع تدفع الى طرح السؤال المفصلي التالي:
تركيا تحضّر للحرب على روسيا
ـ ما هو الدور الأساسي الذي تضطلع به تركيا وقيادتها الاردوغانية في الاحداث الإقليمية والعالمية، راهنا وفي المستقبل؟
ونجيب بما يلي:
أ ـ للأسف ان الباحثين العرب في الشؤون التركية، الذين نجل ونحترم، كالاستاذ محمد نورالدين وغيره، كانوا ينقلون لنا صورة سطحية و"مفوفشة" عن تركيا، تماما كالباحثين في الشؤون اللبنانية الذين يلهّون ويتلهون بانتخاب او عدم انتخاب رئيس، باستقالة او عدم استقالة وزير او رئيس وزراء، دون ان يغوصوا في عمق الازمة الكيانية للدولة اللبنانية.
وحتى الكتاب والباحثين السوريين كانوا، وحتى عشية العدوان الوحشي الداعشي واسع النطاق ضد سوريا، قد اتخمونا حتى الاسهال بالاحاديث الفارغة والمملة عن "حسن الجوار والصداقة والاخوة" مع تركيا، وعن المسلسلات التلفزيونية التركية الجميلة، التي اصبح بعض نجومها نجوما "عربية" بامتياز، يتابعهم الاعلام العربي حتى غرف نومهم، في الوقت الذي كانت فيه داعش واخواتها تشحذ السكاكين على الحدود التركية استعدادا للعدوان "المفاجئ!".
ب ـ أثبتت الادلة القاطعة ان تركيا قدمت أراضيها ودعمها اللوجستي والتنظيمي والمعنوي (الديني) كي تضطلع بنجاح بدور مقر وممر لجيوش المنظمات الإرهابية (داعش واخواتها) للعدوان على الأراضي العربية. وطبعا ان ذلك كان يتم بموافقة ودعم من قبل الولايات المتحدة الأميركية وحلف الناتو وإسرائيل الذين يملكون وجودا عسكريا وتجسسيا قديما في تركيا. ولكن مهما يكن من أهمية هذا الدور (مقر وممر للعدوان "الداعشي") فإنه يبقى دورا ثانويا. وفي رأينا المتواضع ان دور تركيا هو اخطر من ذلك بكثير.
تركيا تبقى دولة تابعة للامبريالية الأميركية والصهيونية العالمية
ج ـ ان تركيا لا تستطيع ( لو ارادت) ان تخرج من ارتباطها الأساسي بالغرب كدولة تابعة للامبريالية الأميركية والصهيونية العالمية. ولكن تحت هذا "السقف العام" فإن تركيا الاردوغانية "تلعب لحسابها".
العثمانية الجديدة
وتحت نظر الدوائر الامبريالية والصهيونية ودعمها، طورت الاردوغانية فاشية جديدة تطمح الى استعادة طبعة جديدة من الإمبراطورية العثمانية البائدة. وضمن هذا المفهوم يمكن القول ان تركيا الاردوغانية كانت مبادرة في تأسيس "الداعشية" واستخدامها لصالحها مباشرة.
د ـ ان الاردوغانية وصعودها في تركيا هما نسخة معدلة عن الهتلرية وصعودها في المانيا في ثلاثينات القرن الماضي.
وصعود حزب "العدالة والتنمية" التركي هو نسخة معدلة عن صعود الحزب القومي الاشتراكي (النازي N.Z.) في المانيا.
وقد اعتمد الحزب النازي، لتعبئة الجماهير الألمانية المضللة، على أيديولوجية تفوق الجنس الآري الألماني. وجعل العالم "مدى حيويا" لألمانيا. وكان النشيد الوطني النازي يقول "المانيا فوق الجميع".
وبالمثل، ففي المهرجانات التعبوية الدائمة التي يقيمها حزب العدالة والتنمية يكرر اردوغان شخصيا التأكيد انه "ينبغي ان نستعيد أراضي اجدادنا"، أي أراضي الإمبراطورية العثمانية البائدة. ويتسابق الخطباء، بحضور اردوغان، لكيل المدائح الشخصية له والهتاف "نحن احفاد السلاجقة والعثمانيين... نحن اسياد العالم". وحينما عاد اردوغان من مؤتمر دافوس، بعد ان قام بتمثيليته مع بيريز، نظم له استقبال حاشد في المطار ورفعت يافطات تقول "اهلا بزعيم العالم"!
هـ ـ ولكسب الجيش التركي الى جانبها وتضليل العالم الخارجي، تدعي الاردوغانية انها تحافظ على أسس الحداثة التي ارستها الاتاتوركية ولكن ضمن "القيم الإسلامية".
المحركات الايديولوجية للفاشية التركية
و ـ وتتحرك الاردوغانية ضمن ثلاث دوائر أيديولوجية مترابطة هي:
الأولى ـ دائرة "الوطنية التركية"، التي يراد عبرها اخضاع القوميات والاتنيات، المظلومة عبر التاريخ العثماني والتركي، لسيادة "الدولة التركية".
الثانية ـ دائرة الهوية العنصرية الطورانية، التي يتم بواسطتها العمل على تعبئة وتحريض الشعوب ذات الاصول الطورانية كليا او جزئيا، خصوصا في اسيا الوسطى، لشن الحرب التي تحضّرها تركيا ضد روسيا بواسطة الاعمال الإرهابية والأسلحة غير النووية.
والثالثة هي الدائرة "الاسلاموية"، التي تستخدم لمحاولة حشد العالم الإسلامي خلف تركيا. ولعله من المفيد ان نذكر هنا انه من اجل تلميع رجب طيب اردوغان سبق له ان اعتقل في تركيا "العلمانية" وحكم بالسجن سنة 1998، بتهمة التحريض على الكراهية الدينية، بسبب اقتباسه ابياتا شعرية تركية اثناء احتفال جماهيري. وتقول تلك الابيات:
مساجدنا ثكناتنا
قبابنا خوذاتنا
مآذننا حرابنا
والمصلون جنودنا
وتحاول الفاشية الاردوغانية ان تضفي الطابع المقدس على الإمبراطورية العثمانية، بوصفها كانت تمثل "الخلافة الإسلامية".
الاسلامويون يريدون إعادة الاعتبار للخلافة العثمانية
ويقول جميع الاسلامويين انه لو لم تسقط "الخلافة الإسلامية" بسقوط الامبراطورية العثمانية، لما "ضاعت فلسطين". وهم يكررون دائما، ومنهم الكاتب المتأسلم (الشيوعي سابقا) منير شفيق، ان السلطان عبدالحميد سبق له، قبل صدور وعد بلفور، ان رفض عرض وايزمان وبن غوريون بتسديد ديون السلطنة مقابل منح فلسطين لليهود. ولا شك ان السلطان عبدالحميد "دشن" سياسة المتاجرة بالقضية الفلسطينية التي سار عليها الحكام العرب فيما بعد. ولكن الاسلامويين جميعا يتناسون ان الكاتب النهضوي اللبناني نجيب عازوري، الذي كان يعمل موظفا في الإدارة العثمانية في القدس في مطلع القرن العشرين، قد فضح تماما تواطؤ الباشوات ورجال الإدارة العثمانية لبيع الأراضي والعقارات في القدس وفلسطين لليهود. ولهذا السبب طرد نجيب عازوري من وظيفته وطورد وحوكم وحكم بالاعدام وفر الى مصر ومنها الى باريس حيث اصدر كتابه "يقظة الامة العربية" سنة 1904، والذي تنبأ فيه ان مصير المنطقة والعالم يتوقف على الصراع بين الحركتين الصاعدتين: الحركة الصهيونية والحركة القومية العربية.
مشروع الحرب الاستنزافية ضد روسيا
ز ـ ان الفاشية التركية تحضّر لحرب عدوانية استنزافية طويلة الأمد ضد روسيا، نيابة عن الكتلة الغربية والعربية و"الإسلامية" المعادية تقليديا لروسيا. وفي تصور اميركا وحلفائها ان هذا يتيح لهم "غسل أيديهم" والتظاهر بالحياد بين تركيا وروسيا.
تكفير الجميع
ح ـ وبموجب المفاهيم الأيديولوجية للفاشية التركية، فإن الاسرة الهاشمية، التي أعلنت "الثورة العربية الكبرى" ضد الامبراطورية العثمانية، هي خائنة للاسلام والخلافة الإسلامية التي تقع في بني عثمان، والاسرة السعودية هي مغتصبة للديار الإسلامية المقدسة (مكة المكرمة والمدينة المنورة) بغير إرادة الخلافة "الإسلامية" العثمانية، وحكام جميع البلدان العربية والإسلامية الذين لا يدخلون طوعا تحت الالوية التركية هم خونة ويجوز "شرعا" محاربتهم بمختلف الاشكال خصوصا بواسطة المفخخات والاحزمة الناسفة لـ"المجاهدين الاستشهاديين".
العالم غير الإسلامي كله هو "دار حرب"
طـ ـ وبموجب هذه المفاهيم ذاتها، فإن كل العالم غير الإسلامي، على اختلاف بلدانه، هو "دار حرب" بما في ذلك اميركا وبلدان أوروبا الغربية والشرقية. وتستخدم الفاشية التركية "الجوازية الدينية!" للحرب ضد جميع البلدان ذات العقائد والنظم "الأخرى!"، الدينية او المدنية، من اجل ضرب تلك البلدان بالعمليات الإرهابية، بهدف ترهيبها وابتزازها سياسيا واعلاميا وماليا وعسكريا، لدعم تركيا ضد روسيا.
مشروع اغلاق البوسفور بوجه روسيا
ي ـ بمعزل عن نتائج الحرب في سوريا والعراق وليبيا واليمن وأوكرانيا، فإن الدلائل تشير ان الحرب التركية ـ الروسية قادمة لا محالة. والأرجح ان تكون مسألة حرية الملاحة في البحر الأسود والعبور في البوسفور نقطة الاحتكاك الرئيسية في هذه الحرب. وبمباركة ودعم من اميركا والناتو شكلت مؤخرا تركيا وبلغاريا ورومانيا اسطولا مشتركا من اجل "الامن المتبادل" في البحر الأسود. ويدخل تشكيل هذا الاسطول ضمن الاستعدادات للحرب ضد روسيا. وقد عبر رئيس الوزراء البلغاري بويكو بوريسوف عن استيائه من فرض مشاركة بلاده في هذا الاسطول حتى لا تفقد العضوية في حلف الناتو بالقول "ليس لدينا نية في محاربة تركيا".
حتمية خنق وتفكيك الدولة التركية
ك ـ سواء بدأت الحرب الساخنة (عسكريا) بين تركيا وروسيا ام لا، فإن "الحرب الباردة" التي بدأت طلائعها منذ الان بين روسيا وتركيا سيكون لها نتيجة واحدة لا غير: خنق اسطمبول خنقا تاما بين بحر ايجه والبحر الأسود، كمقدمة لتفكيك تركيا وازالتها من الخريطة كدولة.
روسيا لن "تلعب" بالحرب
ل ـ اما اذا اندلعت الحرب الساخنة الاستنزافية (بالعمليات الإرهابية والأسلحة الكلاسيكية)، فيبرز سؤالان:
الأول ـ كم يمكن ان تصمد الفاشية التركية في مثل هذه الحرب ضد روسيا؟ وألن تأتي لحظة تقرر فيها الفاشية التركية استخدام الأسلحة الكيماوية والجرثومية وحتى النووية التي زودتها بها اميركا والناتو منذ زمن طويل، لضرب روسيا. وحينئذ سترد روسيا بما يلزم وتذهب تركيا في خبر كان؟
والثاني ـ كم من الوقت ستتحمل القيادة الروسية الحكيمة والحازمة التظاهر بتصديق كذبة "حياد" اميركا وحلفائها في الحرب التركية ـ الروسية؟ وألن تأتي لحظة تقرر فيه تلك القيادة "إهداء" اميركا والناتو والسعودية وتركيا بعض الأبوكاليبسيسات النووية او الكيماوية او الليزرية او التفريغ ــ هوائية او الصقيعية او الإعصارية او الحرارية؟ وكان الله يحب المحسنين!



#جورج_حداد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اميركا ستخسر في كازاخستان أيضا
- روسيا تحاصر اميركا نوويا وتحقق التفوق العسكري في الحروب الاق ...
- ناغورني كارباخ: مشروع حرب داعشية جديدة لالهاء روسيا
- روسيا السلافية الاورثوذوكسية تقلب الجيوستراتيجيا العالمية
- ازمة مالية جديدة تدق أبواب اميركا
- الداعشية العثمانية ستسحق كما سحقت النازية
- العلاقات الروسية التركية على خلفية الصراع في سوريا
- روسيا ضمانة لعدم تدمير العالم العربي والاسلامي
- السعودية تغرق في الازمات ولن ينقذها الا روسيا
- الحرب العالمية الاسلاموية الأميركية ضد روسيا ...ستنقلب على ...
- صعود الدولة الروسية وأفول الدولة الاوكرانية
- القيادة البوتينية تتجه نحو العسكرة الكاملة للدولة الروسية
- روسيا تقلب المواجهة تماما ضد داعش واسيادها
- كيسينجر ينعى النظام العالمي لاميركا
- حذار من الغضب الروسي الآتي
- تحطيم الداعشية وكسر نظام الآحادية القطبية العالمية لاميركا
- فشل خطة شرعنة الدولة الداعشية
- الحرب الجوية الروسية في سوريا ستقلب ستراتيجية الحروب الإقليم ...
- بدأ العد العكسي للانهيار الداخلي لاوكرانيا
- الحرب الاهلية الأوكرانية تتجه نحو الغرب


المزيد.....




- السعودية الأولى عربيا والخامسة عالميا في الإنفاق العسكري لعا ...
- بنوك صينية -تدعم- روسيا بحرب أوكرانيا.. ماذا ستفعل واشنطن؟
- إردوغان يصف نتنياهو بـ-هتلر العصر- ويتوعد بمحاسبته
- هل قضت إسرائيل على حماس؟ بعد 200 يوم من الحرب أبو عبيدة يردّ ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن قتل عضوين في حزب الله واعتراض هجومين
- باتروشيف يبحث مع رئيس جهاز المخابرات العامة الفلسطينية الوضع ...
- قطر: مكتب حماس باق في الدوحة طالما كان -مفيدا وإيجابيا- للوس ...
- Lava تدخل عالم الساعات الذكية
- -ICAN-: الناتو سينتهك المعاهدات الدولية حال نشر أسلحة نووية ...
- قتلى وجرحى بغارة إسرائيلية استهدفت منزلا في بلدة حانين جنوب ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جورج حداد - الفاشية التركية الى مزبلة التاريخ