أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - باهي صالح - البديل الآن هو إسلام عالمي حداثي..















المزيد.....


البديل الآن هو إسلام عالمي حداثي..


باهي صالح

الحوار المتمدن-العدد: 5213 - 2016 / 7 / 4 - 21:48
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أعظم إختراع إخترعه الإنسان هو الدّين..
الدّين فكرة بشريّة محضة..
عندما يطرق التّفكير باب العقل يهرب الدّين من النّافذة..
عندما يبدأ الإنسان في التّفكير فهو عمليّا ملحد و إن أنكر ذلك..
الثّبات على الإيمان بالله هو الإبقاء على باب التّفكير مغلق..
التّفكير هو الإلحاد و الإلحاد هو التّفكير
الإيمان بالله يناقض التّفكير و هذا يستلزم أنّ الإيمان يناقض الإلحاد
ورد في مجلة الطبيعة (Nature) أن الغالبية العظمى من العلماء والعباقرة ملحدون، وأن نسبة التدين انخفضت بين العلماء من 27% عام 1914 إلى 7% عام 1998...و السّؤال ما دلالة هذه الأرقام..؟
نشأ مصطلح الإلحاد عقب إنتشار الفكر الحر والشكوكيّة العلميّة، و تنامي التيارات الفكريّة في نقد الدين في القرن الثامن عشر خلال عصر التنوير، أنجبت الثورة الفرنسية أول حركة سياسية كبرى في التاريخ للدفاع عن سيادة العقل البشري فضلًا عن تيار من الإلحاد لم يسبق له مثيل....
هناك فرق بالتّأكيد بين حامل فكرة الدّين و بين المؤمن بها و الإختلاف واضح بينهما، الأوّل يمثّله الكهنوت الّي يُنصّب نفسه وكيلا للإله و ناطقا بإسمه، و في الوقت نفسه يمارس صلاحيات و مهامّ (لست أدري من كلّفه و أعطاه تلك الصّلاحيات..؟) تجعله حاميا للفكرة الدينيّة ذاتها و مبشّرا بها و داعيا لها و عاملا على نشرها و توسيع نطاقها بين الأتباع و المريدين..أمّا الثّاني الّذي نسمّيه المؤمن فهو المتلقّي و المستهلك لفكرة الدّين...مع الوقت تتبلور علاقة نمطيّة بين الأوّل و الثّاني جوهرها التحكّم في الجموع و جني المنافع الاقتصاديّة بمبرّر الدّفاع عن أهداف الله و نيّاته..
تطوّر مع الذّكاء البشري عامل الحاجة لقوّة أقوى من الإنسان نفسه، منذ فجر التاريخ صارع الإنسان قوى الطّبيعة و كائناتها و حتّى بني جنسه من أجل البقاء، و رغم ذكاءه المتنامي إلاّ أنّه كان كثيرا ما ينهزم أمام جبروتها و قوّتها القاهرة (الطبيعة) فضلا على أنّه يقف مذهولا و عاجزا بلا حول و لا حيلة عن فهم مظاهر تلك الطّبيعة و فكّ أسرارها..لجأ الإنسان للكواكب و النّجوم و لمظاهر و تجلّيات في الطّبيعة نفسها و حتّى لبعض كائناتها و اتّخذ من بعضها قوى مساندة يلجأ لها كلّما شعر بضعفه و عجزه..لم يعترف الإنسان بحقيقة حجمه المتناهي في الصّغر في هذا الكون الفسيح اللامتناهي و لم يُسلّم بكونه كائن ذو قابلية عالية للتأثّر و الفناء مثله مثل الكائنات الأخرى، بل رأى نفسه كائنا إستثنائيّا لا بل مركزيّا في هذا الكوكب..زاد إنشغال الإنسان عبر تطوّره التّاريخي بالتساؤلات و بالغموض حول سرّ وجوده و حول الكون و لم يجد بديلا أفضل من فكرة الدّين لكي يردّ على التّساؤلات و يفسّر الغموض..تكرّست فكرة الدّين عنده من خلال تمظهرات طقوسيّة و وجوديّة أضفت البعد الروحي عليه و ميّزته عن بقيّة الكائنات الأخرى و جعلته يشعر بأنّه كائن متسامي في وجوده حيّا و ميّتا..و رغم ما جرّته بعض الأديان الأكثر إنتشارا مثل المسيحيّة و الإسلام..رغم ما جرّته تلك الأديات بإسمها و بسببها من شرور و آلام على البشريّة، إلا أنّ فكرة الدّين كفكرة نشأت أيضا لأهداف دنيويّة بحتة..أهمّها تنظيم حياة البشر و تهذيب الأخلاق و الأهمّ السّيطرة على المجتمعات عبر تشكّل طبقة كهنوتيّة (أنبياء..شيوخ..رهبان..إلخ) تتّصف بالجرأة و الذّكاء و تتحالف و تشترك مع الحكّام و أصحاب المال و تسيطر بإسم قوّة عليا قادرة و قاهرة تسمّى الله..
و السّؤال الّذي يطرح نفسه، هل الإنسان لازال في حاجة لفكرة الدّين الّتي إبتدعها بنفسه..يزعم المدافعون عن هذه الفكرة أنّ الإنسانيّة لا زالت بالفعل في حاجة للتديّن كإضافة روحيّة و بعد ميتافيزيقي على الأقل لسببين: أوّلا لأنّ الدّين وسيلة مثلى ترتقي بأحلام الإنسان و تتسامى بوجوده فوق ضعفه و حجمه اللامرئي في هذا الكون، و ثانيّا لأنّ الإنسان يستطيع عن طريق التديّن أن يبرّر أخلاقه و تعايشه مع بني جنسه و الكائنات الأخرى و يجعل لكلّ تلك المعاني أهدافا و غايات سامية..
كلمة إلحاد أو كلمة ملحد و كلّ كلمة أخرى تصبّ في نفس المعنى أو تقترب منه مثل كلمة لآ أدري و كلمة لا ديني دون الإغراق في التّعريفات و التّوصيفات النّظريّة ..كلّها كلمات رسّخت في العقل الجماعي الباطن مفاهيم غير سويّة و شكّلت (لغلبة تيار التديّن عليها) أفكارا مسبقة جاهزة و إنطباعات سيّئة و مسيئة متجنّية و بعيدة عن الحقائق و الموضوعيّة..
ما حقيقة أنّ فكرة إنكار وجود الخالق لا تحضى بقبول كبير من النّاس في كل العصور..؟
يقول المؤرخ الإغريقي بلوتارك: "لقد وجدت في التاريخ مدن بلا حصون، ومدن بلا قصور، ومدن بلا مدارس، ولكن لم توجد أبدا مدن بلا معابد".
على مرّ العصور كبر حجم التّحالف الإنتهازي للكهّان و الحكّام و استقوى وجودهم و استطاعو تعزير الميراث الدّيني و سعوا لنشره و تسويقه كخيار أساسي للأغلبيّة من أجل إستمرار سيطرتهم و تحكّمهم، و عملوا كلّ ما قدروا عليه لمحاربة تيّار التّفكير و إعمال العقل و أصبح كلّ من يجرؤ على نقد الدّين أو مناقشة تعاليمه مضطهدا و ملاحقا و مهدّدا حتّى في حياته... و انزوى الإلحاد في الظّلمة بعيدا عن الأضواء لولا نخبا فكريّة محدودة العدد في كلّ زمان و عصر أبت إلاّ أن تتحرّر بتفكيرها و تسمو بإنسانيتها مهما حاقت بها الأخطار، و خلال العصر الحديث بدأ الإلحاد يلقى قبولا متزايدا خاصّة وسط مجتمعات حقّقت مستوى أفضل من النّضج الإنساني و السياسي و الأخلاقي و بما يكفي خلال مراحل تطوّرها خاصّة بعدما أصبحت تعتمد أكثر فأكثر على الحقائق العلميّة المنجزة بدل الدّين في فهم الكون و الطّبيعة و تفسير الوجود الإنساني..
لذلك نلاحظ أنّ الإلحاد أكثر إنتشارا و قبولا في الدّول المتقدّمة علميّا و إنسانيّا منه في الدّول المتخلّفة، و أكثر فأكثر في فئة المفكّرين من الأدباء و الفلاسفة و علماء الرّياضيات و الفيزياء و الطّب و الإجتماع، و عليه فكلّما زاد التديّن زاد التّخلّف و العكس بالعكس صحيح، فكلّما زاد التخلّف زاد التديّن..و هذا واقع الحال يدلّ عليه و يدعمه..إذا فما حجّة الّذين يصرّون على التمسّك بالقول بأنّ الإنسان لازال في حاجة لفكرة الدّين..خاصّة بالنّسبة للشّعوب التي لا زالت تعيش مراحلها التاريخيّة البدائيّة..أي لا زالت غير مهيّاة ثقافيّا و سياسيّا و علميّا..أي لم تنضج بعد و لم تبلغ ذلك المستوى الّذي تصبح به قادرة على ضبط وجودها و التحكّم في جموعها إلاّ بمنظومة يكون الدّين أحد مكوّناتها الأساسيّة.. يقول سيجمند فرويد أن الدين هو وهم كانت البشرية بحاجة إليه في بداياتها وأن فكرة وجود الإله هو محاولة من اللاوعي لوصول إلى الكمال في شخص مثل أعلى بديل لشخصية الأب، إذ أن الإنسان في طفولته حسب اعتقاد فرويد ينظر إلى والده كشخص متكامل وخارق ولكن بعد فترة يدرك أنه لا وجود للكمال فيحاول اللاوعي إيجاد حل لهذه الأزمة بخلق صورة وهمية لشيء أسمه الكمال...
من حرّر تفكيره و أبى أن يكون واحدا من القطعان فقد ألحد بالضّرورة، لكن هذا لا يجعله غالبا كما تعتقد تلك القطعان (المتديّنون) مارقا أو متمرّدا عن الضّوابط و الأخلاق الـي يضعها و يتّفق عليها مجتمعه، لأنّ الملحد ببساطة لا يحتاج إلى رادع أو قوى فوقيّة تراقبه ليل نهار فتعاقبه إن أساء و تثيبه و تجازيه إن أحسن فمنطلقات تصرّفاته و أخلاقه ذاتيّة و إنسانيّة أي تنبع من داخله و بالتّناغم مع القوانين و الضّوابط السّائدة في مجتمعه..لأنّ الجمال و الأخلاق و حسن التصرّف و كلّ المعاني الجميلة التي عرفها الملحد بذكائه كلّها بالنسبة له أهداف في حدّ ذاتها و طريقة حياة..كما أنّها طريقة للتّناغم و للتّواصل الأمثل مع محيطه و أسلوبا أيضا لتحقيق السّعادة و الرّاحة النّفسيّة له و لبني جنسه أكثر من كونها خاضعة لقانون العقاب و الجزاء ، إذا فالملحد إنسان سويّ بمقاييس العلم و العصر الحديث..على عكس الشّخص المتديّن (المسلم مثالا) فهو محكوم بقوانين القطيع، آلية التّفكير عنده معطّلة و أخلاقه يستمدّها جاهزة و مباشرة من وكلاء و مفوّضون أو وسطاء بينه و بين الله..و تصرّفاته تخضع في هذه الحالة لقانون الجزاء و العقاب..كلّ شيء يفعله أو يقوله يجب أن يطابق و يوافق رغبات و أهداف الله...إن أحسن بالمعيار الكهنوتي يجلب رضى الله و يُجازى بالجنان و الحور العين و..و..و إن أخطأ أو أذنب يُعاقب بالجحيم و العذاب و الطّرد من رحمته سبحانه..
الدّين من أقوى الوسائل الّتي يلجأ لها رجال الكهنوت و الحكّام عادة بهدف السّيطرة و التحكّم في الشّعوب و نلمس ذلك خاصّة في الدّول الأكثر تديّنا و من بينها الدول الإسلامية..
منذ بدايات القرن التاسع عشر و حتّى قبلها بدأت تبرز بوادر تيارات فكرية لم تتورّع عن إعلان إستقلالها عن فكرة وجود الخالق الأعظم..و تجرّأ مفكّرون و علماء مثل داروين، فريديريك نيتشة، ،كارل ماركس و سيجمند فرويد و غيرهم عندما بدأو يفسّرون و يحلّلون الظّواهر الطّبيعيّة و الكونيّة و النّفسيّة و الاقتصاديّة و الإجتماعيّة بطريقة علميّة بعيدة عن تدخّل الخالق الأعظم ، و قد ساهم في هذا التحوّل الميراث الثّقيل لتلك الحروب الدّينيّة المسيحيّة في القرون الوسطى و ما جرّته على أوروبا من ويلات و جرائم و انتهاكات إنسانيّة فظيعة يصعب وصفها...إنظمّ كتّاب و أدباء و شعراء و فلاسفة لمسيرة التّنوير و أعلنوا وفاة فكرة الدّين، و من أبرزهم الشاعر وليم بليك و الفيلسوف الألماني آرثر شوبنهاور و ضربت نظرية تشارلز داروين في النشوء و الإرتقاء فكرة الدين في مقتل حين جاء ما في تلك الأبحاث العلميّة مناقضا لما جاء به الكتاب المقدّس، و أعلن نيتشة موت الخالق الأعظم، و قال أن الدين فكرة عبثية وجريمة ضد الحياة، و قال كارل ماركس أنّ الطّبقة البورجوازيّة تستغلّ الدّين لسحق طبقة البسطاء و أطلق قولته الشّهيرة "الدين أفيون الشّعوب" لأنّه حسبه يجعل الشّعوب كسالى و يقتل فيهم الإرادة و يضعف إيمانهم بقدراتهم...
بعد الثّورة الفرنسية توالت التغييرات السياسيّة و الإجتماعيّة في أوروبا و أدّت إلى أعظم قرار توصّل له العقل البشري على مرّ تاريخه، و هو فصل السّياسة عن الدّين و إلغاء شرعيّة رجالات الكنيسة و كسر الكثير من القيود الّتي كانت مفروضة على التّعامل و التّعبير..
أمّا في العالم الإسلامي فقد قرّر الفقهاء غلق باب الاجتهاد بقولهم "لا اجتهاد مع النص" و بذلك حرموا الأمّة من التطور و التّجديد في دينهم بقصد أو عن غير قصد.. ومنذ منتصف عصر الدولة العباسية عندما تولى المتوكل الخلافة أعلن المسلمون الحرب على المعتزلة وأهل الكلام و الفكر، فسجنوهم وعذبوهم وقتلوا بعضهم، وقد أفتى حجة الإسلام الغزالي بكفر الفلاسفة من أمثال الفارابي وابن سينا. يقول عبد الحي بن أحمد الدمشقي في كتابه "شذرات الذهب، ج2، ص 201 (قال الغزالي في كتابه "المنقذ من الضلال والمفصح عن الأحوال" لا نشك في كفرهما، أي ابن الفارابي وابن سينا.)
رغم إغلاق باب الإجتهاد فإنّ التاريخ الإسلامي لم يخلو ممّن شكّكوا في التراث الديني و في صحّة النبوّة و حتّى في الدّين نفسه، و من أمثلتهم ابن المقفع و ابن الراوندي رغم أن أغلب كتب هذا الأخير ضاعت أو تمّ إتلافها عمدا في إطار الحرب المعلنة عليهم..و أزهى مراحل الإلحاد مثّلها أبوبكر الرازي و من كتبه خوارق الأنبياء ومن مقولاته:
• إنكم تدّعون أن المعجزة قائمة موجودة وهي القرآن: " من أنكر ذلك فليأت بمثله " إن أردتم أن نأتي بمثله في الوجوه التي يتفاضل بها الكلام فعلينا أن نأتيكم بألف مثله من كلام البلغاء والفصحاء والشعراء و ما هو أطلق منه ألفاظا وأشدّ اختصارا في المعاني وأبلغ أداء وعبارة وأشكل سجعا. فإن لم ترضوا بذلك فإنّا نطالبكم بمثل ما نطالبكم به.
• قد والله تعجبنا من قولكم القران معجز وهو مملوء من التناقض , وهو أساطير الأولين ، وهي خرافات.
• وأيم الله لو وجب أن يكون كتاب حجة لكانت كتب أصول الهندسة , والمجسطي الذي يؤدي إلى معرفة حركات الأفلاك والكواكب , ونحو كتب المنطق وكتب الطب الذي فيه علوم مصلحة للأبدان أولى بالحجة مما لا يفيد نفعا ولا ضررا ولا يكشف مستورا.
هؤلاء الثلاثة مثلوا أهم تطورات الإلحاد بمراحله في التاريخ الإسلامي بالإضافة إلى غيرهم من الملحدين أو الزنادقة على حدّ تعبير الفقهاء، فمثلا منهم أبو العلاء المعرّي الذي اعتزل الحياة في اخر حياته، وصام عن اكل اللحوم و أبو نواس وجماعته...إلخ
إنّ ضعف التيار الإلحادي في العالم الإسلامي خاصّة في العصر الحديث ترجع إلى ثلاثة أسباب رئيسية:
1- قلّة أعداد العلماء و المفكّرين و العلماء المتنوّرين على عكس أوروبا..
2- المجتمع الشّرقي مجتمع جماعي تذوب فيه الفرديّة..و عليه فلا حرّية للفرد في أن يعلن قناعات شخصيّة قد تخالف مجتمعه و إلاّ أصبح معزولا حتّى من أقربائه..فما بالك لو أعلن إلحاده..؟
3- ظهور حركات إسلاميّة تجديديّة أوقفت المدّ الإلحادي عبر محاولتها تجديد الروح الإسلاميّة و بعثها من جديد...و هكذا ظهر جمال الدّين الأفغاني و محمد عبده و محمد إقبال و مالك بن نبي و غيرهم..

لو تواصلت جهود الاجتهاد في الإسلام الّذي توقّف قبل مئات السّنين لكان لهذا الدّين دور أكثر إيجابيّة ممّا عليه اليوم...تأخّرت أمّة الإسلام كثيرا في أخذ فكرة مشروع تجديد الفكر الدّيني على محمل الجدّ...و إلى الآن لازال بإمكان مجموعة متنوّرة من العلماء و المختصّين في علوم الدّين و التّاريخ و علوم الاجتماع و النّفس و المفكّرين و الخبراء و غيرهم..لازال بإمكانهم إطلاق مشروع التّجديد إن ملكوا الشجاعة و التصميم..
يعيش المسلمون مرحلة الانتكاسة الكبرى..الأمّة توقّفت عن المراوحة في مكانها و هاهي ذي تحاول أن تعمل إلى الخلف دُر rebound ..لعلّها أيقنت أنّ العودة إلى الخلف هي الخيار المتبقّي الوحيد أمامها لكي تصنع مكانتها و تميّزها بين الأمم..تيّار كبير و قويّ تقوده تشكيلة ضخمة من المشايخ و رجال الدّين يعملون على العودة إلى الدّين بنسخته القديمة و الأصليّة فهي حسبهم الطّريقة الوحيدة الصّالحة لحلّ كلّ المشاكل و هي السّبيل الأمثل لبعث نهضة الأمّة و إعادة أمجادها في كلّ المجالات...علميّة و اقتصاديّة و إبداعيّة و غيرها..
لما لا..و الدّين الإسلامي دين و دنيا و القرآن يصلح لكلّ زمان و مكان و سيرة الرّسول و صحابته و السّلف خير إسوة...
أنظرو مثلا أحد الحلول العبقريّة في دين الإسلام بنسخته الأصليّة the original without modification´-or-updating و الّذي لا يتردّد أحد المشايخ و هو أبو إسحاق الحويني الملقّب بأسد السنّة...لا يتردّد لحظة و لا يخجل من الدّعاية و التّسويق له عبر خطبه أمام محبّيه و مريديه من المسلمين...الحلّ الذي يقدّمه هذا الشّيخ إقتصادي بامتياز..هو حلّ لمشكلة الثّروة و المال في العالم الإسلامي..حلّ ثوري و عجائبي من زمن الرّسول و الصّحابة...حلّ مشكلة المال لا تُحلّ في دولة الإسلام إلا عن طريق التجارة في الغنائم و السّبايا و العبيد من النّساء و الرّجال و الأطفال التي يغنمها المسلمون و هم يؤدّون فريضة الجهاد أي عبر حروبهم و غزواتهم من أجل الدّعوة لدين الله و توسيع أرض الإسلام و الخلافة...
أحكام الإسلام بتقول حسب الشّرع (على لسان الشّيخ و هو صحيح)..إن كل الناس الموجودين في البلد (يقصد البلد المغزوّ) اصبحو غنائم و سبايا..نساء..رجال أطفال..أموال..دور..حقول..مزارع..كل دي بقت ملك الدّولة الإسلامية..تابع مع الرابط https://www.youtube.com/watch?v=snSp1N-XDSU
و في جزء من خطبة أخرى لنفس الشّيخ يقول بالصّريح " فنحن في زمان الجهاد و قد أظلّنا زمان الجهاد و الجهاد في سبيل الله متعة ..الصحابة كانو يتسابقون عليها..هو نحنا الفقر إلذي إحنا فيه إلا بسبب ترك الجهاد..مش كنا لو كل سنة عمّالين نغزو مرة ولا ثنين ولا ثلاثة مش كان حيسلم ناس كثيرون في الأرض و إلي يرفض هذه الدعوة و يحول بيننا و بين دعوة الله نقاتله نغزوه و ناخذوهم أسرى و ناخذو أموالهم و أولادهم و نساءهم و كل ده عبارة عن فلوس..(؟؟)..واصل مع الرابط https://www.youtube.com/watch?v=BOc5gTxL_8E
أبمثل هذا الجنون يمكن أن نحلّ مشاكلنا الإقتصادية و غيرها..؟
لقد أصبح تجديد التراث الإسلامي ضرورة أكثر من أيّ وقت مضى..ينقسم التراث الإسلامي إلى ثلاثة أقسام:
1- النص الإلهي المقدّس المتمثّل في القرآن
2- النص النّبوي المتمثل في أقوال الرّسول
3- سيرة النبي و آله و أصحابه و أتباعه..

بالنسبة للنص القرآني فقد فصل نهائيّا و بلا شكّ بنصوص من داخله تحفظه و تغلق الطّريق تماما و إلى الأبد أمام مجرّد خاطرعابر لتحديث آياته أو التّعديل عليها " إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ" الآية 9 من سورة الحجر.
" لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ ۖ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ" الآية 42 من سورة فصلت.
في الآية الأولى إعلان صريح من الله بتنزيل القرآن على النبي محمد و تعهّده بحفظه مِن أن يُزاد فيه أو يُنْقَص منه، أو يضيع منه شيء...
و في الآية الثانية تأكيد بالصّريح أيضا على أن لا يقرب القرآن شيطان من شياطين الإنس والجن ، لا بسرقة ، ولا بإدخال ما ليس منه به ، ولا بزيادة ولا نقص ، فهو محفوظ في تنزيله ، محفوظة ألفاظه ومعانيه ، قد تكفل من أنزله بحفظه الّذي هو الله جلّ و جلاله...
أكبر عقبة أمام مشروع التّجديد الدّيني هو النص الدّيني المقدّس القرآن..مضت قرون و قرون على البعثة النّبويّة و آيات كثيرة بدأت تبدو في العصور المتخلّفة و كأنّها تخالف العقل السليم، و بدل أن نجد فيها ما يرقى بعقل الإنسان في كل مجال من مجالات الحياة في حدود ما أحله الله، فإنّنا على العكس نجد ما يؤخّره و يعطّله بل ما يعود به إلى عصور قديمة..
بشكل دائم يطرح هذا السؤال نفسه في المجتمع الاسلامي: "هل حقا أن القرآن صالح لكل زمان و مكان؟"
علماء الدّين و مشيخته و أغلب أتباعهم من المسلمين يعتقدون بصلاحية القرآن لكلّ زمان ومكان و يأخذون عقيدتهم كمسلّمة و يرون أنّ هذا لا يحتاج لإثبات و يرفضون نقدها بل حتّى مجرّد طرح موضوعها للنّقاش...و تلك هي معضلة النصّ المقدّس الأبديّة..؟
ما دام الدّين هو الخيار الغالب فإني أقترح إطلاق مشروع إسلامي حداثي عالمي (نسخة حديثة) عبر منطلقين أساسين و هما:
أوّلا إعادة النص المقدّس (القرآن) إلى موضعه في المكان و الزّمان و إعتماد التّفسير التّاريخي له بدل محاولة تطويع آياته و تكييفها على مستجدات العصر أو على العكس محاولة تطويع الحاضر و المستقبل طبقا له..
ثانيا غربلة و تصفية و تنقية ميراث النبوّة خاصّة الحديث و رمي في الزّبالة كل ما يتنافى مع روح الأخلاق و الإنسانية ...



#باهي_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كرة القدم..التّعالي المصري..عرش مبارك..
- الربيع العربي
- مصر..عايزة سوبرمان في زمن الإخوان..!
- إلى أين حال مصر..؟
- ثورة في عَرَبْدَقْ...!
- قلتِ لا أحبّهُ..
- المشكل ثقافي بالأساس...؟!
- ليبيا في مهبّ الرّيح...!
- لأنّي أحببتك...
- المال وفير و لكن أين الإرادة السّياسيّة....؟!
- سبحان اللّه، إنّها نفس المظاهر و نفس العلامات...فحذار يا تون ...
- الثّورة طريق خطيرة فيها مزالق كثيرة فحذار يا شعب ليبيا....؟!
- ماذا بعد ثورة 25 يناير...؟!
- أمّا الآن فأقول أسفي عليك يا تونس الخضراءُ...!
- بعد الزّين إقرأ على تونس السلام...!
- ثمرة الحبّ....!
- طرح مفكّر إسلامي يدفع على التقيّؤ...؟!
- كلمة أفاضتها انتخابات مصر البرلمانيّة...!
- لماذا يخاف المسلمون من حملات التّنصير...؟!
- تفنى الأجيال و لكن بعض الأديان تبقى في مواكبة الأزمان...!


المزيد.....




- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...
- -تصريح الدخول إلى الجنة-.. سائق التاكسي السابق والقتل المغلف ...
- سيون أسيدون.. يهودي مغربي حلم بالانضمام للمقاومة ووهب حياته ...
- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى في ثاني أيام الفصح اليهودي
- المقاومة الإسلامية في لبنان .. 200 يوم من الصمود والبطولة إس ...
- الأرجنتين تطالب الإنتربول بتوقيف وزير إيراني بتهمة ضلوعه بتف ...
- الأرجنتين تطلب توقيف وزير الداخلية الإيراني بتهمة ضلوعه بتفج ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - باهي صالح - البديل الآن هو إسلام عالمي حداثي..