أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - عماد صلاح الدين - تشوّه فلسطيني عام بعد أوسلو















المزيد.....

تشوّه فلسطيني عام بعد أوسلو


عماد صلاح الدين

الحوار المتمدن-العدد: 5213 - 2016 / 7 / 4 - 02:11
المحور: القضية الفلسطينية
    


تشوّه فلسطيني عام بعد أوسلو

عماد صلاح الدين

قلبت الاتفاقيات مع إسرائيل عام 1993، السياسي منها والأمني والمالي الأوضاع الفلسطينية رأسا على عقب؛ ذلك الانقلاب حدث تدريجيا رغم التحذير منه مرارا وتكرارا عبر السنوات العشرين الأخيرة، لم يكن هناك في الحقيقة أي علاج لا تكتيكي فضلا عن الاستراتيجي لموضوع الانقلاب هذا؛ بل كان الصمت القاتل سواء شعبيا أو رسميا أو حزبيا هو السائد في مواجهة ذلك.

حتى مواقف حركة حماس لم تكن سواء كان ذلك بحسن نية أو بسوء نية لغاية المعالجة الجذرية؛ بتصوري كانت مواقف حماس السياسية وحتى العسكرية المقاومة في مواجهة إسرائيل تقع في سياق المنافسة مع حركة فتح والسلطة ومنظمة التحرير، التي كانت الطرف الأساسي في تلك الاتفاقيات الفلسطينية الإسرائيلية، والدليل على ذلك أن حماس رفضت المشاركة في انتخابات 1996 الأولى، وفعّلت نشاطها العسكري خصوصا العمليات الاستشهادية في الفترة التي تلت أوسلو ليس لإفشال أوسلو نفسها بل لإفشال غريمها السياسي فتح ومنظومة السلطة الفلسطينية. هذا واجهته السلطة وأجهزتها الأمنية – وبعنف- فيما عرف في عامي 1997 و1998 بالقضاء على بنى حماس التنظيمية وقواعدها الضاربة في الأراضي المحتلة عام 1967، ثم وجدنا حماس في عامي 2005،2006 وبعد الانتفاضة الثانية "الأقصى" تبدي استعدادها للمشاركة في الانتخابات المحلية والتشريعية، بل وساهمت جزئيا في انتخابات الرئاسة في التصويت لصالح الدكتور مصطفى البرغوثي في مواجهة الرئيس محمود عباس الذي فاز بتلك الانتخابات؛ هذا مع أن منظومة أوسلو ازدادت تشوها واعوجاجا في بناها كاملة وفي فلسفتها التي قامت عليها من أصلها، وعلى رغم كل تبرير ساقته حماس للمشاركة الثانية في منع التنازلات المجانية لإسرائيل على صعيد الحقوق الوطنية وفي المقدم منها حق العودة.

ازدادت مسارية الاعوجاج والتشوه الحاصل فلسطينيا سواء على مستوى الحقوق الوطنية أو الإنسان الفلسطيني أو على مستوى الأرض ووحدتها في الأراضي المحتلة عام 67؛ توج ذلك عمليا بالانقسام الشامل والداخل فيه ليس فتح وحماس بل وجميع الفصائل الفلسطينية الأخرى؛ سواء منها من كان تحت مظلة منظمة التحرير أو من كان خارجها بنتيجة الاستقطاب الحاصل – اقله- بين فتح وحماس وجماعة-و أو جماعات كل منهما سواء في قطاع غزة أو في الضفة الغربية. وقد انبنى على ذلك كله تحقق الانقسام الكامل سياسيا وشعبيا وامنيا وتنظيميا وحكومة ووزاراتها وإداراتها المختلفة، هذا فضلا عن الانقسام الجغرافي في المقدم من كل ذلك، وتحقق نتيجة ذلك كله مبدأ الاستفراد الإسرائيلي بكل من فتح وحماس ومجموعتيهما المستقطبتين وكذلك بالشعب وأرضه وحقوقه؛ سواء في العدوان المتكرر والمستمر على غزة بالحصار والإغلاق أو بالحرب المُشنة عليه والتي لا طاقة لدول عليها فما بالنا بمدينة غزة إحدى المدن الفلسطينية؛ هذه الحروب الإسرائيلية التي قال بشأنها أمين عام حزب الله حسن نصر الله مع نهاية حرب تموز 2006 على لبنان: لو كنت اعرف أن اسر الجنود الإسرائيليين الثلاثة ستؤدي إلى هذا الجنون الإسرائيلي لما قمنا بأسر هؤلاء الجنود. وهنا الأمر يتعلق بلبنان كامله وليس بغزة المدينة الصغيرة وذات الشريط الساحلي الضيق، أو في استهداف الضفة الغربية، والاستفراد بها إسرائيليا بمصادرة مزيد من الأراضي فيها، وإقامة المستوطنات وتوسيعها، والعمل على ضم القدس، والسير نحو الفصل الأحادي، وابتزاز السلطة الفلسطينية حتى في تحركاتها السياسية والديبلوماسية المحدودة جدا، والتي ينحصر تأثيرها السلبي على إسرائيل من ناحية أخلاقية وإعلامية ورأي عام غربي غير رسمي. وحتى هذا التأثير لم يعد له حضوره الفاعل بعد التحولات في المنطقة العربية لصالح إسرائيل، مما انعكس ايجابيا لصالحها على المستوى الدولي؛ وقد أصبحت إسرائيل ترأس لجنة مهمة، وهي اللجنة القانونية في هيئة الأمم المتحدة، من بين ست لجان، صوتت ثلاث دول عربية لصالح إسرائيل بخصوصها.

هذا التشوه العام في البنية والحال الفلسطينية صار له منحيان: الأول؛ هو في جدلية العلاقة مع الاحتلال، حيث أصبح حال المقاومة الفلسطينية مع إسرائيل موسمية، وتحت تأثير الفعل الإسرائيلي، ودون نتائج سياسية ايجابية تكاد تذكر بالنسبة للفلسطينيين، كما هو حاصل مع قطاع غزة، وفي حالة فصل تفاعلي شعبي مع الضفة الغربية إلا كما كنا نفرح بسقوط بعض الصواريخ العراقية على إسرائيل في عام 91 من القرن المنصرم، أو بالنسبة للضفة الغربية بانحصار مواجهتها لإسرائيل ومشاريعها الاستيطانية ضد الفلسطيني وأرضه، من خلال ردة الفعل أو ما يسمى بالمبادرة الفردية العفوية وغير المنظمة مطلقا لا من السلطة ولا من الفصائل ولا من القاعدة الشعبية والمدنية. والثاني؛ هو في جدلية العلاقة الداخلية الفلسطينية، في التشوه الحاصل في العلاقات البينية ما بين فتح وحماس وجماعة كل واحدة منها، أو في العلاقة الشعبية مع السلطة الفلسطينية. ولست أبالغ أن هناك حالة من التشوه في العلاقة التي يُنظر على أنها تخلي الضفة عن غزة في حصارها والحروب التي تشن عليها، في مقابل إقامة الدولة في غزة ونسيان وحدة الضفة معها. وفي سياق العلاقة والجدلية الداخلية صرنا نتحدث عن علاقة مشبوهة للقطاع أو حتى إمكانية لقيام جماعات متمردة؛ قد تكون تابعة للجماعات المتطرفة كداعش أو شبيهة بها، أو عن علاقة التناحر والتربص لجماعة دحلان في مواجهة جماعة عباس هناك. وفي الضفة عيون تنظر وتخطط للإطاحة بعباس ليس من دحلان وحده بل ومن منافسين آخرين أو منافسين لمن يرى أبا مازن وجماعته أنهم أحق وأكثر شرعية بالخلافة الرئاسية. وفي كل هذا نجد الفساد ينمو أكثر والشللية إلى درجة المسمى المافياوي تزدهر أكثر، وتحدث صراعات يريد البعض التغطية عليها من باب العائلية أو من باب مواجهة أطراف هاربة من العدالة، ولا أراها كمراقب إلا ترتيبا للفوضى؛ لترتيب مشهد الحلول المستقبلي في الساحة الفلسطينية في قيادة الحالة الفلسطينية الرسمية في السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير. وإذا ما تحدثنا عن الاجتماع وشيء من ملمح الاقتصاد، نجد الساحة في فراغ لصالح المصالح الخاصة والفئوية وبكل البل، سواء في تكريس الحالة الاستهلاكية البغيضة ورفع الأسعار والرسوم والضرائب وثبات الرواتب؛ حتى لم يعد هناك طبقة تسمى بالوسطى.
إنني لا أبالغ إذا ما قلت أن الناس الفقراء الذين كانوا يتلقون إعانات من الشؤون الاجتماعية ولجان الزكاة وأهل الخير في ثمانينيات القرن الماضي، كانت لديهم القدرة على الادخار وبناء بيت وتدبير أمور عائلاتهم بل وتدريس أولادهم في الجامعات، بينما اليوم تجد القطاعات المفترض أنها من الطبقة الوسطى؛ وتشمل معلمين ومحامين ومهندسين وموظفين حاصلين على درجات علمية، تجدهم بالكاد يستطيعون تدبير أمورهم وأمور أسرهم المعيشية، مع حضور لازمة الاستدانة المديونية والقرضية الربوية – وباستمرار- لشراء السيارة والشقة وتعليم الأولاد، بل ولشراء النقال الحديث والحاسوب المحمول وشاشة أل 3D، هذا بالإضافة إلى انتشار تجارة المخدرات وتعاطيها، وتجارة الأغذية الفاسدة واستيرادها من المستوطنات الإسرائيلية، بل وانتشار قطعان المتسولين في مدن الضفة الغربية، ومن كل الفئات العمرية، وحتى من العجائز، ولا اعرف من يرعاهم، ولصالح من يعملون، في ظل أن الوطن كله أصبح مقاولة من الباطن، لصالح المنتفعين ولصالح إسرائيل في نهاية المطاف، بنتيجة هذا التشوه الحاصل في الجانب القيمي والأخلاقي والسلوكي..
الوضع خطير جدا في الأراضي المحتلة عام 67، والمؤلم جدا أن بعض المثقفين بل والنخب الحزبية والسياسية والمجتمعية يبشرونك بزوال إسرائيل القريب، أما ما نحن فيه من كل هذا الخراب والتشوه، فلا يوجد بشأنه التفات حقيقي أو عدم إنكار لما آلت إليه أوضاعنا؛ علنا نفهم حقيقتنا، ونبدأ ببعض شيء لصالحنا وصالح قضيتنا الوطنية العادلة.



#عماد_صلاح_الدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ضياع هيبة السلطة والثقة بها !
- في عاجلية ضرورة إيقاف زوال قضية فلسطين؟
- أعيدوا الاعتبار لوحدة القضية الفلسطينية
- فلسطين بحاجة إلى أبنائها أحياء....ماذا بعد!!.
- مسائل يجب البدء فيها فلسطينيا
- الدين والسياسة... هل هو الفصل أم التمييز بينهما أم ماذا؟
- افيجدور ليبرمان ما بين صورة السخرية وتوظيف الأسطورة
- التطبيع الرسمي مع إسرائيل قريبا!!
- هل وجود الدستور وإجراء الانتخابات كفيلان بمواجهة الاستبداد و ...
- ما هي فلسفة الموقف السياسي للرئيس أبو مازن؟
- ألأننا لازلنا نقاوم فلسطينيا وعربيا ؟؟
- في معنى غياب الوعي والرؤية والاستراتيجيا
- النهضة المُكلفة جدا في المجتمعات المتخلفة
- منطقة (ج) مضمومة عمليا لإسرائيل
- لا تجهضوا حماسَ حماسٍ وحماسَنا بحماس
- عوامل تطّول مدى المواجهة مع العنصرية الإسرائيلية
- وهم الانتصارات ووهم القادة العظام
- تحطيم عبادة الأصنام العربية في الحالة المعاصرة
- يا وطني
- فلسطين: هل هي مشكلة الخيانة والفساد وتكفير الآخرين... أم ماذ ...


المزيد.....




- مصدر عراقي لـCNN: -انفجار ضخم- في قاعدة لـ-الحشد الشعبي-
- الدفاعات الجوية الروسية تسقط 5 مسيّرات أوكرانية في مقاطعة كو ...
- مسؤول أمريكي منتقدا إسرائيل: واشنطن مستاءة وبايدن لا يزال مخ ...
- انفجار ضخم يهز قاعدة عسكرية تستخدمها قوات الحشد الشعبي جنوبي ...
- هنية في تركيا لبحث تطورات الأوضاع في قطاع غزة مع أردوغان
- وسائل إعلام: الولايات المتحدة تنشر سرا صواريخ قادرة على تدمي ...
- عقوبات أمريكية على شركات صينية ومصنع بيلاروسي لدعم برنامج با ...
- وزير خارجية الأردن لـCNN: نتنياهو -أكثر المستفيدين- من التصع ...
- تقدم روسي بمحور دونيتسك.. وإقرار أمريكي بانهيار قوات كييف
- السلطات الأوكرانية: إصابة مواقع في ميناء -الجنوبي- قرب أوديس ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - عماد صلاح الدين - تشوّه فلسطيني عام بعد أوسلو