أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد عبد المنعم عرفة - تجربة العلمانية في تركيا















المزيد.....


تجربة العلمانية في تركيا


محمد عبد المنعم عرفة

الحوار المتمدن-العدد: 5212 - 2016 / 7 / 3 - 10:53
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يهود الدونمة في تركية
الدونمة: كلمة تركية تعني العودة أو الرجوع، وقد أطلقت هذه الكلمة على فئة من الناس سكنوا المناطق القريبة من الإمبراطورية العثمانية ولعبوا دورا هاما ورئيسيا في إضعاف الإمبراطورية،وزاد نشاطهم بعد الانقلاب العثماني عام 1909م الذي تحقق على أيدي الاتحاديين - اليهود - حتى دخلت تركيا الحرب العالمية الأولى، ثم اشتركوا في تأسيس الدولة العلمانية التركية وبرعوا في المجال الاقتصادي والثقافي والصحفي، ولا يزالون يتحكمون في جيش وحكومات وصحافة تركيا حتى الآن.
وللدونمة اسمان آخران: الرجعيون أو السباتائيون نسبة إلى (سباتاي سيفي) الذي أنشأ هذا المذهب.
ولد سباتاي سيفي عام 1626 بأزمير من أبوين يهوديين من أصل أسباني، قدم أبوه موردخاي سيفي المعروف بين الأتراك باسم (مفتش الأسود) إلى أزمير من مورة، وسباتاي هو أصغر أبنائه الثلاثة. شغف سباتاي منذ الصغر أبنائه الثلاثة. شغف سباتاي منذ الصغر بمطالعة الكتب الدينية، لذلك صار يتردد على دروس الحاخام (إسحق دالبا) ولما بلغ الخامسة عشرة من عمره، قرأ سباتاي التوراة وبرع في التفسير الإشاري، وكان ذكيا مثقفا وسيما.
وفي القرن السابع عشر وخلال الصراع المذهبي في أوربا تعرض اليهود لخطر الزوال الجماعي من قبل محاكم التفتيش التي شكلتها الكنسية الكاثوليكية، وأصبح يهود العالم في وضع سيء جدا،ولم يبق لهم أمل بالبقاء سوى أن يأتي المسيح إنقاذهم - المسيح كلمة عبرانية معناها المطهر أو المنقذ - أما الكهنة فقالوا: إن المسيح سيظهر عام 1648، حتى إن من النصارى من بات يؤمن بأن عام 1666هو عام المسيح المنتظر، أي أن مسيح القرن الأول الميلادي ليس بمسيح.
وأمام هذه الظروف والأحداث وفي عام 1648 أبلغ سباتاي سيفي أصحابه المقربين بنوبته فصدقوه بعد أن كانوا قد هيئوا نفسيا لهذا التصديق، وانتشر الخبر بين اليهود في أزمير فثارت ضجة كبيرة، وقام رئيس الحاخاميين (جوزيف إيسكابا) ورجال الدين الآخرون وحكموا عيه بالإعدام.
أيقن سباتاي بأن التوفيق لن يحالفه في أزمير فرحل عام 1650 إلى استانبول ومنها إلى أثينا ثم إلى أثينا ثم إلى أزمير فاستانبول، وظل يرقب حلول عام 1666م، لكن ما لبث أن رحل عام 1663 إلى القاهرة فالقدس، إلا أنه خشي على نفسه ولم يبشر أحدا هناك بدعوته.
وفي بولونيا ظهرت فتاة يهودية جميلة اسمها (سارا) اختلقت رؤيا نشرتها بين اليهود، تقول هذه الرؤيا: نوراً سيسطع عليها عدم 1666 وستنزوج من المسيح الذي سيظهر في ذلك العام، وسمع سباتاي ذلك فعمد إلي استغلاله واختلق هو بدوره رؤيا بأنه أوحي إليه بالزواج من فتاة بولونية، وأرسل سباتاي في طلب ساراً فجـئ بها وتزوجا في القاهـرة.
وفي عام 1666 نصب سباتاي نفسه مسيحاً وقسم العالم إلي ثمان وثلاثين منطقة عين لكل منطقة منها ملكاً، وغير بعض العادات اليهودية وصار يوجـه رسائله ويذيلها بتوقيع: أبن الله الأول والوحيـد سباتاي سيفي.
واستغل المسيح الزيف التسامح الديني وحرية الاعتقاد في الدولة العثمانية التي كان علي رأسها السلطان محمد الرابع، وكان رئيس وزرائـه فاضل أحمد باشا مشغولاً بحرب كريت، وبعد أن تجاوز أمر سباتاي اليهود إلي فئـات أخري أمر باعتقاله وسيق إلي سجن زندان قابي، ومنه إلي سجن جناق قلعة، فظهر يهودي أخري يدعي (ناحيم كوهيـن) وزعـم أنه مسيح جديد وتقدم بشكوى إلي الحكومة ادعي فيها أن سباتاي يسعي إلي إنشاء دولة داخل الدولة العثمانية، فنقلت الحكومة سباتاي إلي قصر أدرنه، وفي القصر كان يجلس مصطفي باشا القائم بأعمال رئيس الوزراء، والشيخ يحيي أفندي منقري زادة، وإمام القصر محمد أفندي وانلي، والسلطان في حجرة مجاورة يسمح ما يقـال.
وبواسطـة الترجمان قيل لسباتاي: تدعي أنك المسيح فأرنا معجزتك، سنجردك من ثيابك ونجعلك هدفا لسهام المهرة من رجالنا، فإن لم تغرز السهام في جسمك فسيقبل السلطان أدعاءك.
فأنكر سباتاي ما أسند إليه وقال: إنهم تقولوا عليه، فعرض عليه السلطان محمد الرابع الإسلام، فما كان منـه إلا أن تبرأ من شخصية المسيح المزيف، ودخل في شخصية المسلم المزيف محمد عزيز أفندي، وخلال عشر سنوات من الزمان دخل كثير من أتباعه في الإسلام ظاهراً (ذكرت هذه الحادثة في تاريخ نشانجـي عبدي باشا المسمي بكتاب الوقائع، وفي تاريخ محمد أفندي السلحدار، وفي تاريخ راشـد افندي، وكذلك في كتاب التاريخ السياسي لمؤلفـة كامل باشـا).

المذهـب الجديـد للدونمـة
أراد سباتاي جمع مريدية تحت كسوة جديدة، لذلك تقدم إلي المفتي يطلب السماح له بدعوة اليهود إلي الإسلام، ولما حصل علي ما أراد استأنف دعوته السابقة وأستهدف هذه المرة تأسيس مذهبه المسلم في الظاهر، السباتائي في الباطـن.
وهكذا جاء أتباع المزيف من كل مكان ولبسوا العمائم والحبيب فأطلق الأتراك علي أتباع هذا المذهب الجديـد (الدونمــة).
وبعد أن أسلم أنصار سباتاي (الدونمـة) كلهـم في الظاهـر تركت الدولة له حرية التجوال، وبهذا ضمن لنفسه حرية العمل، فأنصرف إلي تنظيم عقائد أنصاره وعباداتهم وجمع هذه الأمور كلها في 18 مادة وعين أيام أعيادهم، والمادتان السادسة عشرة والسابعة عشرة أهم خواص الدونمة وإليكم نص المادتين.
المادة 16 يجب أن تطبق عادات الأتراك بدقة لصرف أنظارهم عنكم، ويجب أن لا يشعر أحد من الأتباع تضايفه من صيام رمضان ومن الأضحية، وأن ينفذ كل شئ يجب تنفيذ أمام المـلأ.
وكانوا يعرفون بين الناس بحللهم، فنساؤهـم يلبسن أحذية صفراء، أما الرجال فيضعون علي رؤوسهـم قبعات صوفية بيضاء لفت عليها عمائـم خضر، ولا يصلون إلا في الأعياد فقط، وإلا يصومـون، ولا يهتمون بالأغتسال.
المادة 17: إن مناكحتهم - يعني المسلمين - ممنوعة قطعاً وعلمت الدولة بأن سباتاي يجمع أنصاره حيث يقوم بأداء طقوس خاصة، فنفتـه إلي (قصبة برأت) في ألبانيا مع عدد قليل من رجاله فبقي هناك خمس سنوات، وكانت زوجتـه ساراً قد توفيت فتزوج بأمرأة يهودية أسمها (يوهيفيـد) من سلانيك فسماها عائشة، وأخيراً مات الحاخام، المسيح المزيف سباتاي سيفي، أو المسلم المزيف محمد أفندي عزيز في 30 ابري 1675 عن عمر يناهـز 49 عاماً، ودفن علي ضفـة نهر هناك.
وبعد وفاة ساباتي انقسم السباتائيون عام 1689 إلي فئتين:-
1- فئـة يعقوب جلبي (جوزيف كبريدو - أخو زوجته) باسم اليعقوبيين أو حزب حمـدي بك
2- فئـة مصطفي جلبي باسم القرة قاش أو المؤمنون أو حزب عثمان بابا، وفي عام 1720 أنفصلت عن حـزب القرة قاش جماعـة سمت نفسها (البابو أو حزب إبراهيم أغاً) وبذلك أصبح للسباتائية ثلاث طوائف مختلفـة.

الدونمـة وتخريب أخلاق المسلميـن
كان للدونمـة أثر كبير في الإضرار بالإسلام والمسلمين، وقد أسهمو إسهاماً مباشراً في ما من شأنه هدم القيم الإسلامية لدي المجتمع، وتخريب الخلق والسلوك لدي المسلمين، كما أن ميل الشباب المسلم إلي التخلق بالأخلاق الغربية، واعتبارهم الإلحاد واعتناق الأفكار الغربية موضـة عصريـة، وانتشار الماسونية والفوضوية واستصغار الشعور الوطني، كل ذلك كان من عمل هؤلاء الدونمـة.
إنهم أول من هاجموا حجاب المرآة المسلمة، ودعوا إلي التحرر والسفور، كما أن الصحافة التركية آلت إلي هذه الحالة المذرية بسبب هؤلاء الدونمة لأنهم يملكونها وقد عاش الدونمة في سلانيك في العهد العثماني، وفي استانبول في العهد الجمهوري عيشة رخاء وترف، والآن فالشعب التركي المسلم - كله وياللأسف - يرزح تحت رحمـة الدونمة ومن أجل خدمتهـم.
وفي مقال نشر بمجلة (سبيل الرشاد) في عددها الصادر في 18 من فبراير عام 1919 ترى أن الدونمة يسعون إلي هتك حجاب المرأة المسلمة ، يقول الكاتب: (رأيتها المرأة المسلمة المسكينة: ما أكثر أعدائك: إن عفتك وعصمتك قد أصبحتا شوكـه في أعين فاقدي هاتين النعمتين، لذلك فهم لا يتوقفون لخظة عن تهجمهم عليك، بارك الله فيك فما أمتنك من إنسانـه.
من الطبيعي أن يناصبوك هذا العداء لأنهم غرباء عن مجتمعك، يختل توازنهم بصمودك فيفتشون عن سبل الراحة معك، ولن يتأتي لهم هذا إلا بجعلك تتشبهين بهـم.
أيتها المرأة المسلمة المسكينـة: تخطئين وتظنين أن كل من يحمل أسم مسلم هو مسلم، فما أكثر المنافقين منهم وما أكثر اللامذهبيين، وما أكثر من يحمل في طيات قلبة دينا أخر
أنهم يظهرون الإسلام حتي يضمنوا بقاءهم بين المسلمين ويحصلوا به علي مكاسب ضخمة، يلقبون أولادهـم ألقاباً إسلامية وليست لهم أية علاقة بالإسلام، بل ملأت قلوبهم الأحقاد، يتخذون كافة التدابير الخفية لهدم الشعائر الإسلامية، فإن وجدوا فرصة سانحة انتقموا من الإسلام وفلعوا كل شئ من شأنه إفساد الحياة الاجتماعيـة الإسلامية.
وبعـد أن توقفت الحرب العالمي الأول 1918 وأعلنت الهدنـة، صار الدونمة يشددون في مقالاتهم في الصحف والمجلات علي التدريس للشباب والبنات بشكل مختلط في الجامعات، فالبدرس المختلط سيزول الحياة من وجـه الشباب، فما كان من الأسر المتدينـة إلا أن أمتنعت عن إرسال أبنائها وبناتها إلي جامعات يكون فيها التدريس مختلطاً، وأنضم إلي هؤلاء الدونمة في سعيهـم هذا بعض المثقفين، ضد الإسلام - الذين لا ينتمون إلي الإسلام إلا عن طريق أسمائهم الإسلامية عبر المجلة (الجديدة) ومجلـة (الأجتهـاد) لصاحبها الملحـد عبدالله جـودت.
وقد أغترت فئـة من النساء في أول الأمر فصرن يترددن علي محافلهم ومجتمعاتهم حتي وصلن أخيراً إلي الهاويـة والسقوط، ولم يجرؤ أحـد من الناس في هذه الفترة العصبية على التعرض لهؤلاء في أية صحيفة أو مجلة، إذا سرعان ما يقوم أصحاب المجلة الجديدة (يهودية) بتقديم شكوي لدي أقطاب الدولة - الاتحاديـون برئاسة اليهودي مصطفي كمال إيتاتورك - فيأمرون بمصادرة الصحف والمجلات التي تعترض سبيل الدونمة، والتنكيل بأصحابهـا.

الاتحــاديون والدونمــة
من المعروف أن كبار رجال جمعيـة (الاتحاد والترقي) كانوا علي علاقات متينة بالدونمة في سلانيك حيث يعقدون أجتماعاتهم المشتركة في المحافل الماسونية هناك، واستطاع اليهود والدونمـة والماسونيـة وأخرون لهم مطامع في البلاد العثمانية، أن يؤثروا في عقول الشباب المسلم ويسخرونهم لخدمة أغراضهم علي علم أو غير علم.
إنه موضوع يحتاج إلي دراسة وتحقيق واسعيـن، وسنكتفي بإيراد ما كتبه أثنان من الأتحادين وواحـد من الأجانب.
1- نبدأ بما نشرته مجلة (المحراب) في عددها الصادر بتاريخ 15 يناير عام 1924 للكاتب الفرنسي (جان برون) يقول (أصحاب المصيدة هم أذكي الأقوام والأجيال التي تعيش في مدينة سلانيك ، أنتسب معظهـم إلي منظمة الاتحاد والترقي وخلاصة القول: أنهم قادوا الجانب الأكبر من ثورة تركيا الفتاة - علي يد مدحت باشا ورفاقه ضد السلطان العثماني - هذه الثورة قام بها من حيث الأساس اليهود الدونمة الذين أظهوراً إسلامهم ولكنهم ظلوا في الحقيقة يصارعون الإسلام، وبقيت علاقاتهم تقتصر علي الأفعال الظاهرية فقط، هؤلاء الذين لبسوا حلل المسلمين زوراً وظلوا يهوداً في الحقيقة ومسلمين في الظاهر، كان لهم نصيب كبير في مقدرات الشعب التركي وتطوره إلي الوضع الحالي)
2- أما ما كتبه الاتحاديون في مذكرات رجل أتحادي أسمه (غالب باشا) الذي كان المفتش لقوات الدرك في استانبول وقد نشرت مذكراته مجلة (الحياة) في عدديها رقم 6،8 عـام 1966، فحول الحوادث التي سبقت خلع السلطان عبد الحميد يذكر غالب باشا أنه خشي أنه يناله سوء من العصاة فأعتصم بداره، وفي اليوم الرابع من بدء العصيان - ضد السلطان _ يمم وجهـة شطر مخازل آل إيبكجـي السلانكي، وآل إيبكحي أسرة من الدونمة لها باع طويل في مجال الإعلام بتركيا وخصوصاً جريدة (ملليت) أي القومية، وكان المدير العام السابق للإذاعـة والتليفزيون بتركيـا إسماعيل جسم إيبكجـي هو أحد أفراد هذه العائلـة.
3- أم المقال الثاني على لسان الاتحاديين فأخترناه من كتاب (محمد رءوف ليسكوفيكلي) الذي كان عضواً في جمعيـة الاتحاد والترقي، وقد عاش في سلانيك برعاية الدونمة، وفي عام 1911 نشر مذكرات عن كفاحـة من أجل الحرب وجمعها في كتاب واحـد أسماه: (كيف كانت جمعيـة الاتحاد والترقي) لكتابـة القائم مقام الإداري محمد رءوف ليسكوفيكلي يقول في ص 79: (والغريب أن الدونمة الذين يقيمون حصراً في تلك المدينـة - سلانيك - ويتهمون بالطمع الشديد لاشتغال أكثرهم بالتجارة هؤلاء كانوا أشد صراعاً من أجل الحرية من غيرهم من المسلمين.
وبعد كيل المديح لعلم وذكاء الدونمة وبيان أنهم أصحاب اليد الطولي في المجال التجاري في سلانيك وحتي أستانبول يقول: (وجملة القول أن الدونمة عنصر خير في بلادنا من كل الوجوه لا شك في ذلك.
ولعلنا بعد هذه المعلومات الموجزة، عن يهود الدونمة نجـد معلماً آخر من معالم اليهودية في فكرهم وهو دفن الأموات في مقابر خاصة بهـم، حيث يفضلون دفن موتاهـم في مقبرة (وادي بلبل) الكائنـة في القسم الأسيوي من استانبول، والذي يسترعي الانتباه علي أحجار الشواهـد أنه مكتوب علي أكثرها: (يرجـي عدم قراءة الفاتحـة).

تركيــا والعلمانيـــة
يلاحظ أن تركيـا هي الدولة الإسلامية الأولي في الشرق التي أعلنت العلمانية الغربية، كأساس لسياستها الجديدة، منذ تولي اليهودي مصطفي كمال إيتاتورك السلطة فيما بعد الحرب العالمية الأولي فطبق الأنموذج الغربي في الحياة كلها، في السياسة، والاقتصاد، والاجتماع، والتعليم، والثقافة، وسلخـه من تراثـه، وقيمة، وتقاليده، كما تسلخ الشاة من جلدهـا، وأقـام دستوراً لا دينياً، يعزل الدين عن الحياة عزلاً كاملاً، قامت - علي أساسه _ قوانين مجافية للإسلام كل المجافاة، حتي في شئون الأسرة والأحوال الشخصية، لهذا حرم الطلاق ـ، وتعدد الزوجـات وسوى بين الأبناء والبنات في الميراث، مخالفاً بذلك ما علم من الدين بالضرورة، ولكن يزول العجب إن كان الفاعل في كل هذا يهودي باسم إسلامـي.
لقد وقف مصطفي كمال مرة يفتتح جلسة البرلمان التركي بعد فصله للسلطنة عن الخلافة، وقبيل أنقضاضـه نهائياً علي الخلافة نفسها فقال (نحن الآن في القرن العشرين، لا نستطيع أن نسير وراء كتاب تشريع يبحث عن التين والزيتون - أي القرآن الكريم) ويصفق له أنصاره من الماسون والدونمة وعملاء الإنجليز، ويقول قائلهم: سلمنا البلاد لأيدي أتاتورك الأمنيه، وتركيـا الكعبـة للعرب، وتأخذه النشوة فيقول: (سنطيح برأس كل خليفة يحاول أن يدخل أنفه في أمور الدولـة).
ولقد أعترفت الماسونية بجميل صنع مصطفي كمال أتاتورك، فجاء في دائرة المعارف الماسونية ما يلي: (إن الإنقلاب التركي الذي قام به الأخ العظيم كمال أتاتورك أفاد الأمـة، فقد أبطل السلطنة وألغي الخلافـة، وأبطل المحاكم الشرعية، وألغي دين الدولة الإسلامية، أليس هذا الإصطلاع هو ما تبغية الماسونية في كل أمـة ناهضـة، فمن يماثل أتاتورك من رجالات الماسـون سابقاً ولاحقـاً).
والسياسيون في الغرب علي الخصوص، ومعهم المستشرقون في بحوثهـم وكتاباتهم - يشيدون بتقدم صناعي علمي في تركيـا، ويعودون بأسبابه إلي دخولها مجال الغرب بدون إسلام، ففصلها بين الإسلام - كديـن - والدولة، هو العامل في نظرهـم الذي قربها من الدولة المتطورة، ولكن ما هو قصدهم الحقيقي من وراء هذا الادعاء ؟.
إن قصد الغرب المتصهين من إعلان تركيا العلمانية، وفصل الإسلام عن الدولة - وهي مركز الخلافة الإسلامية - أمريـن.
الأمـر الأول: إلغـاء الخلافة الإسلامية، كأداة تجميع للمسلمين عرب وعجم علي السواء في آسيا وأفريقياً، إذ سيترتب علي إلغـاء الخلافة إمكان تمزيق المسلمين إلي عرب ينطقون بالعربية، وغير عرب ينطقون بلغاتهم الوطنية، وعندئـذ يمكن التبشير بالقومية العربية لتوسيع الهـوة بين المسلمين.
ثم لكي لا تكون للقومية العربية فاعلية بعد عزل العرب عن غير العرب من المسلمين - ويتضح ذلك بقيام (جامعة دول عربية) لتؤكـد سيادة كل دولة عربية في مواجهة دولة عربية أخري وبذلك يضعف الترابط علي أساس اللغة العربيه والتي أعتبرت وحدها - دون الإسلام - حجز الزاوية في مفهوم القومية العربية، وشأن العرب الآن بعد قيام الجامعة العربية بساوي شأن غير العرب من المسلمين في تفرقهـم علي أساس من لغاتهم الوطنيـة العديدة.
ويلاحظ أن هذا كله كان مقدمه ضرورية لعزل فلسطين عن قوة المسلمين مجتمعين، وعن قوة العرب - وحدهم - مجتمعين كذلك - وكان هذا تمهيـداً لقيام دولة إسرائيل.
وموقف تركيا منذ انقلاب إيتاتورك تجاه العرب واليهود، لا يفسره إلا نفوذ اليهود في تركيا، فلو بقيت الخلافة - رغم ضعفها - قائمة ما أمكن قيام وطن قومي يهودي في فلسطين، فنكب اليهود في تركيا لذلك بتسليط بريطانيا عليها أثناء الحرب العالمية الأولي، وكادت بريطانيا تعقد الصلح مع تركيا أثناءها، ولكن اليهود عطلوه بزعامة وايزمان - كما ذكر هو في مذكراته - وبمساعدة بعض النساء، وكان لهم نصيب كبير في إلغـاء الخلافة وكان أحـد الثلاثة الذين سلموا الخليفة قرار العزل يهوديـاً.
وكان يهود الدونمة بزعامة مصطفي كمال إيتاتورك هم الداعون إلي الجامعة الطورانية للتخلص من الإسلام واللغة العربية وصلة الترك بالعرب.
وكان حاخام لليهود في تركيا (حاييم ناحـوم) أفندي، هو الذي فتح اليهود يؤمئذ باب الهجرة إلي تركيا ليكونوا بالقرب من فلسطين، ثم صار مبعوث مصطفي كمال إلي مؤتمر لوزان في 24/7/1923 ثم عينه ليكون سفيراً لتركيا في أمريكا، ولم يتم ذلك لأنه فصل أن يكون حاخاماً لليهود في مصـر.
وأي خلاف يحدث بين العرب وإسرائيل كانت تركيا مع إسرائيل، فهي من أوائل الدول التي اعترفت بها، وتصوت معها في هيئة الأمم، وتمدها بالأسلحة وتجمع لها الأقوات، ويزول العجب إذا كانت هذه هي معامل يهود مع يهـودي.
الأمر الثاني: عزل تركيا عن التراث الإسلامي، لتكون أجياله القادمة في بعد عن الصلة بالإسلام وعن العرب معاً، وبذلك تصبح تركيا المسلمة قريبة إلي الغرب في ميوله واتجاهاته، بالرغم من عدم موافقتهم في أورباً حتى الآن لانضمامها إلي حلف الأطلنطي، أو السوق الأوربيـة المشتركـة.
أما التقدم العلمي والصناعي في تركيا فكان مكافأة من الغرب - أمريكا - والشرق - الأتحاد السوفيتي - علي السواء لتركيا علي إبعادها للإسلام وتقديمها علي أنها أنموذج للدولة التي تخلت عن الإسلام حتي تخذو باقي الدول الإسلامية حذوهـا

نتائـج العلمانيـة في تركيــا
هل إستطاع إيتاتورك وخلفاؤه من بعده، ومعهم الدستور والقوانين، والتعليم والإعلام ، والجيش والشرطة، ومن ورائهم الغرب يجتثوا جبروته وقوته أن يجتثوا جذور الأفكار الإسلامية، والمشاعر الإسلامية، والتطلعات الإسلامية، والقيم الإسلامية، من حياة الشعب التركي المسلم ؟.
الواقع الذي نشهده في السنين الأخيرة، أن الإسلام مشرق حيث المساجد مزدحمة بالمصلين من كل الأجيال، وتشهد به المدارس القرآنية، التي تعهد بالآلاف، وتشهد به معاهد الأئمة والخطباء، ويشهد به أنتشار الكتب الإسلامية، ويشهد به حال الأتراك الذين يعيشون في ألمانياً وغيرها من بلاد أوربا، هذا الواقع يقول: لا، وألف لا.
إن حماس الجماهير التركية للرموز الإسلامية، لا يرجع فقط إلي نشاط جمعيتي (النقشبندي) و (القادري) الصوفيتين وغيرهما، أو لكون الحكم معادياً للدين، بل يرجع إلي رفض المجتمع التركي لأي نموذج أجتماع يخرج عن الإطار الثقافي الإسلامي.
إن نسبة الأصوات التي حصل عليها حزب (الرفاة الإسلامي) بزعامـة (نجم الدين أربكان) ووصوله إلي منصب رئيس الوزراء في تركيـا، ليؤكـد مدي قوة الصوت الإسلامي فيها، وإن كانت قيادات الجيش العلمانية قد أجبرته علي الاستقالة، فهذا مؤشر علي قرب تهاوي هذا النظام الهش، وما هي إلا فترة بسيطة ويتخلص هذا الشعب من هؤلاء اليهود المتأسلمين أمثال مسعود يلمظ وسليمان ديميريل وأجاويـد وغيرهم، لو كانوا مسلمين حقاً كما يزعمون فيقطعـوا صلتهم ومعاملاتهم بإسرائيل إن كانوا صادقين.
إن قرارات الحكومة العلمانية اليهوديـة في تركيا أخيرا بمنع ليس الحجاب في الأماكن العامة وتعريض المحجبات لعقوبة السجن والغرامـة المالية، وإلغاء مؤسسات التعليم الديني، وكل من يدعم هذه المؤسسات ماليا أو فكرياً يعاقب بالسجن بين خمس سنوات وثماني سنوات، ومعاقبة الطال أو ولي أمره بالسجن ما بين سنة واحدة وثلاث سنوات، ومصادرة دور الطباعة التي تطبع كتب واحـد وثلاث سنوات، ومصادرة دور الطباعـة التي تطبع كتب هذه المؤسسات الدينية، هذه القرارات تبين مدي الخوف والرعب الذي يملا قلوب هؤلاء اليهود من الصحـوة الإسلامية الكبري في تركيـا.
وقد كشفت جريدة (المسلمون) في عددها رقم (711) الصادر في 28 جمادى الأولي 1411هـ الموافق 19 سبتمبـر 1998 عن وثيقة تركية إسرائيلية شارك جهاز الموساد الإسرائيلي في صياغتها، وتتضمن مطالبات بإعادة استخدام ما يعرف بالنهج الكمالي، الذي طبقة إيتاتورك،، بعد نهاية الحكم العثماني، وكشفت الوثيقة إن هذا النهج الكمالي،، ارتكز علي عدة قضايا منها تدمير أقتصاد القوي الإسلامية، وأعادت الوثيقة إلي الأذهان الفكرة التي أعتمدت آنذاك، من خلال القضاء علي الأوقاف والمدارس الإسلامية في استانبول، هذا الأسلوب أدي إلي القضاء علي أكثر من 260 مسجـداً.
والمحور الثاني للخطة: يقوم علي إغلاق الأبواب أمام الطلاب الأتراك للدراسة في البلاد الإسلاميـة.
والمحور الثالث: يقوم علي إفراغ التعليم من مضامينه الإسلامية، الأمر الذي جعل أجيالاً كثيرة تتخرج دون أن تعرف عن الإسلام شيئا.
المحور الرابع: يعتمد علي تبني أطروحات علمانية، تختلف عن الأطروحات الغربية، وتضع الظرف التركي في ذهنها وتتعامل من خلالها مع الدين بأسلوب أكثر حزمـا.
المحور الخامس: دعم بعض الحركات البدعية التي تهدم عقيدة الإسلام.
المحور السادس: اشتراك النساء في صلاة الجمعة مع الرجال في مكان واحـد. وأيد هذه الدعوة ياسر نوري أوزتوك عميـد كلية الفقـه في جامعـة استانبـول.
بعد كل هذه القرارات يتعين علي الشعب التركي المسلم أن يتخلص من هذه الشرذمـة اليهوديـة الحاقدة التي تعمل لحساب أعداد الله، لأنهم كالجرثومـة في الجسد الصحيح، يريدون أن يمرضوا المجتمعات المسلمة بعلمانيتهم العفنـة، وخصوصاً بعد إبادتهم الأخيرة للمسلمين الأكـراد - أحفاد صلاح الدين الأيوبي - في شمال العراق.

السيد محمد علاء الدين أبو العزائم
شيخ الطريقة العزمية
ورئيس الإتحاد العالمي للطرق الصوفية



#محمد_عبد_المنعم_عرفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإسلام دين الله وفطرته التي فطر الناس عليها [10]
- الإسلام دين الله وفطرته التي فطر الناس عليها [9]
- الله وأنبيائه ورسله في التوراة وفي الفكر السلفي
- العلمانية الوجه الآخر لليهودية [2]
- العلمانية الوجه الآخر لليهودية [1]
- الأمة الإسلامية.. عوامل الضعف وأسباب النهوض [4] السيد محمد ع ...
- رسائل إلى الشيخ حسن فرحان المالكي [2]
- رسول الله ص يتنبأ بظهور الجماعات المتأسلمة ويخبرنا بأنهم مشر ...
- رسائل إلى الشيخ حسن فرحان المالكي [1]
- الأمة الإسلامية.. عوامل الضعف وأسباب النهوض [3] السيد محمد ع ...
- الأمة الإسلامية.. عوامل الضعف وأسباب النهوض [2] السيد محمد ع ...
- الأمة الإسلامية.. عوامل الضعف وأسباب النهوض
- الإسلام دين الله وفطرته التي فطر الناس عليها [8]
- عبادة الملائكة الروحانيين.. [2] الصوم كما يراه الإمام أبو ال ...
- يهود أم حنابلة ؟!! [5] السيد محمد علاء الدين أبو العزائم
- يهود أم حنابلة ؟!! [4] السيد محمد علاء الدين أبو العزائم
- يهود أم حنابلة ؟!! [3] السيد محمد علاء الدين أبو العزائم
- يهود أم حنابلة ؟!! [2] السيد محمد علاء الدين أبو العزائم
- يهود أم حنابلة ؟!! [1] السيد محمد علاء الدين أبو العزائم
- أدعية الغفران في شهر القرآن للإمام أبي العزائم - الجزء الثان ...


المزيد.....




- “العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج ...
- الأوقاف الإسلامية في فلسطين: 219 مستوطنا اقتحموا المسجد الأق ...
- أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم ...
- رغم تملقها اللوبي اليهودي.. رئيسة جامعة كولومبيا مطالبة بالا ...
- مستوطنون يقتحمون باحات الأقصى بأول أيام عيد الفصح اليهودي
- مصادر فلسطينية: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى في أول أيام ع ...
- ماذا نعرف عن كتيبة نيتسح يهودا العسكرية الإسرائيلية المُهددة ...
- تهريب بالأكياس.. محاولات محمومة لذبح -قربان الفصح- اليهودي ب ...
- ماما جابت بيبي أجمل أغاني قناة طيور الجنة اضبطها الآن على تر ...
- اسلامي: المراكز النووية في البلاد محصنة امنيا مائة بالمائة


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد عبد المنعم عرفة - تجربة العلمانية في تركيا