عن روسيا والصراع في سوريا

مالك الحافظ
كاتب وباحث

الحوار المتمدن-العدد: 5211 - 2016 / 7 / 2 - 20:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

ان الانخراط الروسي المباشر في القضية السورية وبخاصة بعد شهر سبتمبر من العام 2015 يمكن تحديده بثلاث عوامل، اولها النزاع بين روسيا والغرب؛ وثانيها الضرورة في التأثير على الرأي العام في روسيا وخاصة بعد العام 2012 حيث تم التركيز على زيادة دور روسيا في المنطقة.
والعامل الثالث والابرز هو القلق من زيادة الجهاد في المنطقة وبالتالي فإن هذا قد رأه الروس ما يؤثر ويشكل تهديداً على امنها والذي تراه موسكو موضوع غاية في الاهمية بالنسبة اليها؛ ولكن هذا التهديد كان مختلفاً عن ذلك الموجود عند اوروبا والولايات المتحدة الامريكية حيث لم يجد الروس بأن مصدر التهديد فقط يأتي من قبل النصرة وداعش.
وقد ظهر ذلك من خلال استراتيجية روسيا منذ الانخراط العسكري في النزاع السوري؛ فتصور الروس أنهم اتوا ليعيدوا الاستقرار الى النظام السوري وهذه المرحلة استمرت حتى نهاية ديسمبر 2015 عندما بدأ الروس بتنفيذ المرحلة الثانية والذي حددها مفهومهم بأنه من الصعب اعادة السلطة الكاملة للنظام السوري من خلال الوسائل العسكرية فحسب ولذلك كان الروس مهتمون بالمفاوضات وبعمليات التفاوض وكان ذلك من خلال شروط معينة ولتحقيق ذلك يطبق الروس الآن مجموعة من التدابير بأنهم يضغطون عسكرياً على المعارضة وذلك لتعزيز موقف السلطة في دمشق وخط المفاوضات ايضاً اضافة الى اتخاذهم بعض التدابير لتصنيف القوات العسكرية المعتدلة من خلال؛ اولاً-وقف اطلاق اتفاق وقف اطلاق النار واعتبار المجموعات التي لا توافق على الانضمام والالتزام بوقف اطلاق النار واعلانهم كمجموعات متطرفة بالاضافة الى خطوات معززة يتم الموافقة عليها من الكرملين.
وبالتالي هذا تحدٍ كبير وفي الوقت ذاته على الجبهة العسكرية كان يحرص الروس على ابقاء الولايات المتحدة والغرب منخرطين في مواجهة من تصنفهم روسيا بالمتطرفين لكي يبقى الجميع ضمن نفس اطار القتال اي في مخيم واحد اذا جاز التعبير.
وبالتالي فمن المهم أن يتماشى ذلك مع التطلعات المعلنة للامم المتحدة؛ لكن يمكنني ان اقول انه حتى الآن بأن هذه التطورات تسير حسب المخطط له من الطرف الروسي؛ فالنظام يستعيد بعض من قوته ولدى النظام امل لاستعادة حلب وإبعاد تركيا عن صلب المشكلة السورية.
وبالطبع هذا ايضاً سيترافق مع الانتخابات الرئاسية في اميركا؛ ومن وجهة النظر هذه فالسؤال الاساسي ما هو التالي؛ هل الروس مهتمون بتحقيق نوع من النتائج في هذه العلاقة الروسية الامريكية؟
هنا لدينا عدد من الخطوات وعلى الارجح سيحاول الروس أن يضعوا خطة عمل خاصة بهم من دون اي نوع من الضغط وهم سيطلقون عملية المفاوضات بين دمشق والمعارضة السورية ذلك بشرط أن تكون قوات النظام بأكثر عافية ممكنة لها وبالتالي يكون على وفد السلطة في دمشق القدرة الامتن في خوض هذه المفاوضات وهذا هو للاسف المعضلة الاساسية في الحل السوري؛ بالطبع ستكون هناك بعض الخطوات المشتركة مع الولايات المتحدة الامريكية فقد نجد بعض المطالبة للاسد بالتنحي عن النظام لما فيه النجاح للمرحلة الانتقالية ومابعدها وبالطبع يجب ان يكون لذلك عدة خطوات تتخذ في هذا المجال.
فالروس ايضاً لديهم خطة اخرى يتخذونها هي ان الروس يريدون ان يتأكدوا كيف ستكون خطوات العمل خصوصاً في مرحلة ما بعد ايقاف الصراع الدائر في سوريا؛ وهل ستزيد الولايات المتحدة من انخراطها في هذه المواجهة بعد الانتخابات الرئاسية وماستفرزه تلك الانتخابات.
إن الروس يعتمدون في خطابهم الموجه ضمن المسار السوري بمحافظتهم على مؤسسات الدولة وعدم انهيارها وليس على الرئيس بحد ذاته وبالتالي ينظرون للاسد على انه رئيس لهذه المؤسسات وبالتالي فهناك كثير من الامور التي ستحدد كيف ستكون علاقة روسيا مع سوريا المستقبل؛ وبالتالي بما أنه لم تطرح اي بدائل وازنة ومعقولة من ناحية العمل الادراكي تجاه المصالح السورية العامة من قبل قوى سورية متعددة.
وتقديراتي أن بوتين لم يفضل الاسد كشخص اساء ادراة الازمة منذ بداية الحراك في سوريا ولا يحبه للآن ولكن الروس قاموا بعدة خطوات ليضعوا حداً لهذا النزاع ولكن الاسد لم يكن مرتاحاً لهذا الموضوع ولم يريد للروس أن يحققوا جل اهدافهم، وبالتالي إذا كنا نتحدث عن أن روسيا لديها ضغط على الاسد يمكننا القول أن ذلك فعلي الى حد معين وهذا الضغط سيعتمد على الوضع الراهن.
خلاصة القول لا اعتقد بأنه توجد حالياً حجج او شروط مسبقة لكيفية سير الامور في المنطقة على الاقل خلال السنة القادمة وبالتالي يمكن الضغط باتجاه مسار تفاوضي سوري سوري اذا قُدمت الرؤى العملية المناسبة ضمن المسار السياسي وتوافقت الآراء الوطنية الديمقراطية عليها.

* مالك الحافظ - صحفي سوري مقيم في الاردن
Email: [email protected]

#مالك_الحافظ (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات