أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - كمال الجزولي - ومَا أدْرَاكَ ما الآىْ سِىْ سِىْ!















المزيد.....

ومَا أدْرَاكَ ما الآىْ سِىْ سِىْ!


كمال الجزولي

الحوار المتمدن-العدد: 1399 - 2005 / 12 / 14 - 11:13
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


(1) أشرنا ، فى شأن الأزمة الناشبة بين السودان والمؤسَّسات الدوليَّة المعنيَّة بإحالة ملف دارفور من مجلس الأمن إلى المحكمة الجنائيَّة الدوليَّة بلاهاى (ICC) تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة ، إلى أن ما يقلق بحق ليس هو تحفظ حكومة السودان على القرار ، وإنما ارتباك خطابها فى خلط المفاهيم الذى أفضى بها إلى المراوحة بين الاعتراض على القرار وبين الرفض (للآى سى سى) نفسها. ولمقاربة هذا الخلط عرضنا لعمليات الانتقال من حقوق الدول إلى حقوق الأفراد والشعوب ، كخلفيَّة لنشأة (الآى سى سى) ، وكنتيجة لإعادة فحص الأسس السياسيَّة والاجتماعيَّة للتغيُّرات الهائلة فى بنية العلاقات الدوليَّة. لقد جرى هذا التطوُّر أولاً باتجاه التحوُّلات الديموقراطيَّة العميقة فى بنية العلاقات الوطنيَّة حتى اندرجت العلاقات الدوليَّة ضمن أجندة الصراع الدستورى الداخلى ، بحيث لم يعُد الامتياز الحكومى مطلقاً ، بل مقيَّداً بدساتير يصدرها ممثلو الشعب ، فأصبحت العلاقات الدوليَّة موضوعاً مشاعاً للفلسفات والأيديولوجيَّات المتصارعة حول السلطة وحقوق الشعوب والأفراد فى المشاركة بقضايا الاقتصاد ، والملكيَّة ، وحريَّة النشاط النقابى المستقل ، وسائر الحقوق المدنيَّة والسياسيَّة والاقتصاديَّة والاجتماعيَّة والثقافيَّة ، وشكل ذلك معبراً أفضى ليس ، فحسب ، للمزيد من انفتاح هذه العلاقات على مسائل التعاون الدولى لدرء الحرب ، والتعايش السلمى ، وبرامج التنمية ، وصون البيئة ، وحقوق الانسان وما إلى ذلك ، بل وعلى الاهتمام أيضاً بتعميق مفاهيم التنظيم الدولى لهذا التعاون. كما أشرنا إلى أن الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة أصبح يشكل أحد أهم آليات سَنِّ وإنفاذ التدابير الجزائيَّة الدوليَّة الوضعيَّة ، رغم المطاعن (السياسيَّة) التى كثيراً ما تبرز عند التطبيق لصالح الدول الكبرى على حساب الدول الصغرى.
(2) وإذن فإن أحد أهم الآثار المترتبة على تلك التطورات هو هذا التنامى المضطرد فى الاهتمام بمسائل لم تكن فى العادة محل نظر القانون الدولى القديم ، كقضايا السلم ، وتقرير المصير ، ورفاهية الشعوب ، ومحاربة الفقر ، وحماية البيئة ، والتنمية المستدامة ، وحقوق الأفراد ، ليس فى أزمنة السلم فقط ، بل وفى ظروف الحرب أيضاً، أو ما يعرف (بالقانون الدولى الانسانى) وما إلى ذلك. فالقانون الدولى التقليدى لم يكن يتدخل ، كما سلفت الاشارة ، فى كيفية معاملة الدولة لرعاياها ، معتبراً ذلك ضمن اختصاصها الداخلى. غير أن الدول درجت ، فى إثر تلك التطورات الهائلة ، على تضمين دساتيرها لائحة بالحريات والحقوق bill of rights. لكن ، ولأن الخبرة التاريخية أثبتت أن ذلك الاجراء التشريعى الداخلى لا يضمن وحده تمتع الانسان فعلياً بهذه الحريات والحقوق ، فقد كان لا بد من إيجاد ضمانات إضافية ذات طابع دولى هذه المرة (علوان ، 1989م).
(3) ذلك هو السياق الذى نشأ وتطوَّر فيه المفهوم المعاصر (لحقوق الانسان) و(قوانين الحرب) و(القانون الدولى الانسانى) ، وفق الصياغات الجماعيَّة الدوليَّة للقواعد القانونيَّة والمعايير وأنظمة الجزاءات التى استقرت بها هذه الحقوق كأبواب فى علم القانون الدولى الحديث ما بين عهدى (عصبة الأمم) و(الأمم المتحدة) ، ثم انطلاقتها الكبرى فى أجواء ما بعد الحرب الثانية ، بطابعها الديموقراطى العام الذى هيَّأ لتصفية النظام الاستعمارى القديم ، وبروز المعسكر الاشتراكى ، وتمكين المستعمرات السابقة من نيل استقلالها السياسى ، وإنشاء (الأمم المتحدة) تحت رايات التحرر الوطنى والسلام العالمى.
(4) كان لا بد أن يفرز ذلك الاهتمام الذى صار القانون الدولى يوليه لمصالح الأفراد والشعوب ، لا الدول فحسب ، الحاجة الملحة للقضاء الجنائى الدولى. فبالمقارنة مع القضاء (المدنى) الدولى ، كمحكمة العدل الدولية التى تختص بالفصل فى المنازعات المدنية بين الدول حول الحدود مثلاً وما إلى ذلك ، تعيَّن على البشرية أن تقطع مشواراً يُقاس بالقرون فى اتجاه العدالة (الجنائية) الدولية ممثلة فى مؤسسة (المحكمة الجنائية الدولية) التى لا تحاكم الدول ، وإنما الأشخاص الطبيعيين ، بصرف النظر عن المناصب التى يتبوَّأونها فى دولهم الوطنية المستقلة ، على ما يرتكبون من أفعال تشكل "أشد الجرائم خطورة (فى) موضع الاهتمام الدولى the most serious crimes of international concern”" ، وفق التعبير المستخدم فى نص المادة/1 من (نظام روما).
(5) ولعل (اتفاقية جنيف للصليب الأحمر الدولى لسنة 1864م) ، والتى أبرمت بمبادرة من الحكومة السويسرية ، هى التى شكلت أقدم المحطات المهمة فى ذلك المشوار ، بل نقطة الانطلاق الأولى للقانون الدولى الانسانى والجنائى ، فقد أسهمت بدور مقدر فى تحديد (جرائم الحرب) والحد منها ، كما حاولت معالجة نطاق المسئولية الجنائية الدولية (أ. الرفاعى ، 2005م). ثم جاءت (اتفاقيات لاهاى لسنة 1899م و1907م) لتقدم دفعة أخرى باتجاه تطوير القانون الجنائى الدولى ، وبالتحديد فى مجال المسئولية الجنائية الدولية عن تجاوزات الحرب وانتهاك قواعدها. وكشفت مشاركة سبع وسبعين دولة فى المؤتمر الدولى الثانى بالذات ، والذى انعقد بلاهاى عام 1907م ، عن الاهتمام المتنامى ، آنذاك ، بهذا الفرع الجديد من القانون الدولى لدى غالبية دول العالم ، حيث يتضح من ملحق الاتفاقية الرابعة التى تمخض عنها ذلك المؤتمر الميل الدولى الواضح نحو إعادة تنظيم قوانين وأعراف الحرب بما يسيِّجها بأصول إنسانية تستوجب مخالفتها المساءلة الجنائية. كما نصت المادة/50 من الاتفاقية على عدم جواز توقيع عقوبات (جماعية) على السكان بسبب أفعال (فردية) ، إذ لا يمكن القول بأن السكان متضامنون فى المسئولية الجنائية الدولية ، فلا بد من تحديد المتسبب ومعاقبته شخصياً (المصدر).
(6) لكن نشوب الحرب العالمية الأولى (1914 ـ 1918م) حال دون انعقاد المؤتمر الدولى الثالث بلاهاى سنة 1914م كما كان مقرراً. ومع ذلك فإن الجرائم ذات الطابع الدولى التى ارتكبت خلال تلك الحرب ، والتى اعتبرت ، آنذاك ، الأسوأ من حيث البشاعة والاتساع فى تاريخ البشرية ، وما شهدته الكثير من الشعوب ، كالشعبين الفرنسى والبلجيكى ، من سلوكيات العسكرية الألمانية المخالفة لكل القوانين والأعراف، أعطت دفعة أقوى للجهود السياسية والفقهية المدفوعة بآمال وطموحات ومطالبات المجتمعات المدنيَّة فى سائر أرجاء المعمورة ، والداعية لإقرار وتعميق أسس ومبادئ السلام العالمى ، عبر إقرار وتعميق أسس ومبادئ العدالة الجنائيَّة الدوليَّة.
(نواصل)



#كمال_الجزولي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وَمَا أَدْرَاكَ مَا الآىْ سِىْ سِىْ مِنْ حُقوقِ الدُّوَلِ إل ...
- السُّودَانْ والآىْ سِىْ سِىْ: بَيْنَ المَبْدَئِى وَالعَارِضْ ...
- القَابِليَّةُ للقَمْعْْ!
- الكِتَابَةُ: شِفَاءٌ أَمْ .. تَشَفِّى؟!
- وَسائِلُ خَسِيسَةْ 66
- كَوَابيسُ السَّلام!
- وَسائِلُ خَسِيسَةْ 4ـ6
- وَسائِلُ خَسِيسَةْ 5ـ6
- وَسائِلُ خَسِيسَةْ 3
- وَسائِلُ خَسِيسَةْ - 2
- التَّجَمُّعْ: هَلْ يَنسَدلُ السِّتارُ؟
- وَسِيلَةٌ خَسِيسَةْ 1
- مَحْجُوبٌ .. الذَّهَبِىْ!
- شَيْطَانُ الخَديعَةْ3ـ3
- شَيْطَانُ الخَديعَةْ 2ـ3
- شَيْطَانُ الخَديعَةْ 1ـ2
- جَنَازَةُ البَحْرْ!
- وعَلَى الأقْبَاطِ .. السَّلامْ 2ـ2
- وعَلَى الأقْبَاطِ .. السَّلامْ 1ـ2
- الحَرَكَةْ: مِن الثَّوْرَةِ إلى .. الدَّوْلَةْ!


المزيد.....




- السعودية.. أحدث صور -الأمير النائم- بعد غيبوبة 20 عاما
- الإمارات.. فيديو أسلوب استماع محمد بن زايد لفتاة تونسية خلال ...
- السعودية.. فيديو لشخصين يعتديان على سائق سيارة.. والداخلية ت ...
- سليل عائلة نابليون يحذر من خطر الانزلاق إلى نزاع مع روسيا
- عملية احتيال أوروبية
- الولايات المتحدة تنفي شن ضربات على قاعدة عسكرية في العراق
- -بلومبرغ-: إسرائيل طلبت من الولايات المتحدة المزيد من القذائ ...
- مسؤولون أمريكيون: الولايات المتحدة وافقت على سحب قواتها من ا ...
- عدد من الضحايا بقصف على قاعدة عسكرية في العراق
- إسرائيل- إيران.. المواجهة المباشرة علقت، فهل تستعر حرب الوكا ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - كمال الجزولي - ومَا أدْرَاكَ ما الآىْ سِىْ سِىْ!